ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | موقف السيستاني يقوض ثنائية ‘الدولة- الميليشيا’ الإيرانية
|
علي الأمين | العرب |
موقف السيستاني الرافض لتشريع الثنائيات الأمنية والعسكرية خارج سلطة الدولة ومرجعيتها، يوجه الضربة العميقة للمشروع الأيديولوجي الإيراني في المنطقة العربية من خلال التأكيد على مرجعية الدولة.
شكل موقف المرجع الديني السيد علي السيستاني خطوة مهمة على صعيد رفع الغطاء عن ثنائية الدولة والميليشيا في العراق، فقد دعا السيستاني خلال استقباله الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش قبل أيام، إلى تنفيذ قانون الحشد الشعبي في العراق، أي حصر السلاح في سلطة الدولة. وفي خطوة مكملة لهذا الموقف، طلب السيستاني عدم ترشح أيّ من أعضاء الحشد في الانتخابات النيابية المزمعة خلال العام المقبل في العراق.
هي خطوة إستراتيجية ومهمة في سياق إعادة بناء الدولة العراقية، تكتسب أهميتها انطلاقا من محاولة بعض الميليشيات العراقية التي يتشكل الحشد الشعبي منها ومن سواها من أفراد وجماعات حزبية، خلق بنية عسكرية أمنية وسياسية، لها خصوصيتها المذهبية والطائفية مستقلة عن قرار الحكومة، وتتبع في ولائها لمرجعية دينية وفي الجوهر للتوجهات الإيرانية، أسوة بظاهرة الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان. موقف السيستاني قطع الطريق على هذا الطموح، لا سيما أن ما اقتضته ظروف نشأة الحشد الشعبي، انتهت مع دحر تنظيم داعش من العراق، علما أن الحرس الثوري الإيراني الذي يمسك بمفاصل أساسية في الحشد الشعبي، استثمر فتوى السيستاني التي شرعت نشوء هذا الحشد، وعمل على فرض ثنائية الجيش-الحشد التي باتت تنذر بتحويل الحشد إلى مشروع منفصل في أهدافه عن المشروع الوطني العراقي، وضمن حسابات إيرانية تتصل بمشروعها على مستوى المنطقة العربية.
“احتكار العنف المشروع″ هو أول مفهوم للدولة، وهو ما يتناقض مع كل مشاريع السيطرة والنفوذ الإيرانيين في المنطقة العربية، وهو تناقض يمس الدولة بل أصل وجودها، فالثنائيات التي يروج لها المشروع الإيراني في لبنان واليمن والعراق وحتى في سوريا، هي مشاريع تهدف إلى منع وجود سلطة الدولة بالمعنى المتعارف عليه في كل دول العالم، وهذه الثنائيات التي تستبطن إيجاد قوة عسكرية وأمنية سياسية، توالي إيران، تستهدف المزيد من إضعاف الدولة عبر تعزيز الفساد في مؤسساتها، وإفقادها صفة الرعاية للمواطنين، وتظهيرها باعتبارها عنوانا للفشل وللنهب، فيما تطلق يد أتباعها في نهب قدراتها واستثمارها في سياق المشروع الإيراني، أي إظهار أهمية وجود كيان مواز للدولة، عبر الإيغال في سلوك إضعاف الدولة وتقديمها باعتبارها منجزا فاشلا وعاجزا.
إفشال مشروع الدولة هو الحصيلة التي يخلص إليها أي متابع لسياق المشروع الإيراني في الدول العربية، وهذا لا يختلف بين دولة يشكل فيها الشيعة أقلية أو كانوا في دولة أخرى يشكلون الأكثرية
لذا عملية إفشال الدولة الوطنية في مناطق تسعى إيران لتحقيق نفوذ لها فيها، هي هدف استراتيجي، فالقيادة الإيرانية التي يشكل الحرس الثوري النموذج شبه الوحيد الذي تقدمه إيران للشعوب العربية، هو النموذج الذي لا يعد ولا يعمل إلا على إبقاء الصراع محتدما على الأراضي العربية، عبر المحافظة أو خلق الثنائية بين جهة موالية (الميليشيا) وأخرى مسيطر عليها (سلطة الدولة) أو متحكم بسلوكها دون تحمل تبعات أفعالها.
ليس من مشروع آخر تقترحه إيران على العرب، إلا الغرق في صراعات أهلية أو التسليم بمعادلات سلطة منافية للدولة ولوحدة الشعب. ودائما ثمة قيمة أخلاقية عالية أو شعار أيديولوجي يشكل المدخل لتحقيق أهداف السيطرة والنفوذ، المقاومة، مواجهة الاستكبار الغربي والصهيوني، حماية الشيعة، هي عناوين أيديولوجية فضفاضة استخدمها الحرس الثوري في سياق تفجير المجتمعات العربية من داخلها للتحكم وللنفاذ ولتحقيق النفوذ والسيطرة.
إفشال مشروع الدولة هو الحصيلة التي يخلص إليها أي متابع لسياق المشروع الإيراني في الدول العربية، وهذا لا يختلف بين دولة يشكل فيها الشيعة أقلية أو كانوا في دولة أخرى يشكلون الأكثرية. تختلف العناوين ولكن الغاية واحدة، ففي ملاحظة الدور الإيراني في العراق على سبيل المثال، يمكن القول إنه أتيح للدور الإيراني في العراق لا سيما مع الانسحاب الأميركي عام 2010 أن تعمل طهران على الدفع بمشروع الدولة في العراق، خاصة وأن الذين أمسكوا بالسلطة كانوا من المؤيدين لها، ولعل رئيس الحكومة السابق نوري المالكي هو أكثر رئيس حكومة كان ولا يزال من الذين لا يشك بتأييدهم للسياسة الإيرانية، ولكن كان الأكثر فسادا وفي عهده شهد العراق أكبر عملية نهب لموارده، بل في عهده تم ترسيخ السلطة على قاعدة تدمير شروط الدولة أو ما تبقى منها. المالكي هو من تحميه إيران من كل الملاحقات عن التورط بالفساد وسوء الإدارة والحكم.
النموذج الذي تريده إيران في المنطقة العربية، ولدى الشيعة على وجه الخصوص في العراق هو نموذج المالكي، لكن مع حرص خبيث على تظهير مسؤوليها ولا سيما رموزها في الميدان كالجنرال قاسم سليماني، على أنهم أتقياء أنقياء لا يلوثهم الفساد بل نماذج للاستقامة والإخلاص والنزاهة والورع والإيمان، وهذا إن كان ينجح في الشكل أو في صناعة الصورة للجمهور إلا أن خلف هذه الصورة ما يصنف في خانة الجرائم الكبرى أو جرائم الدول، فالسياسة الإيرانية في العراق أدارت عملية فساد كبرى، وتم استخدام المال العام العراقي في تمويل مشاريع إيران في المنطقة، لذا كان التشجيع على الفساد عنصرا ضروريا لتغطية الأموال التي نهبت في سبيل دعم إيران عبر سرقة النفط، أو تمويل حزب الله في لبنان، وتمويل النظام السوري في السنوات الأولى من الثورة السورية. فيما لم يسع العراق الذي حكمه محور المقاومة أو الممانعة بقيادة إيران، لتقديم نموذج إيجابي لدولة فيها الحد الأدنى من الخدمات والإدارة، رغم الثروات التي يمتلكها.
لبنان ليس مختلفا عما سبق من النموذج العراقي، هو بالنسبة للمشروع الإيراني قاعدة انطلاق أمني وعسكري في كل الاتجاهات. قاعدة يتطلب قيامها بمتطلبات المشروع الإيراني ترسيخ ثنائية الدولة- الدويلة. ليس في حوزة حزب الله أو المشروع الإيراني ليقدمه للبنان إلا هذه الثنائية، التي استنزفت اللبنانيين وجعلتهم أسرى معادلة إما الحرب الأهلية وإما التسليم بسطوة السلاح غير الشرعي، وبالتالي التسليم بالاستنزاف الذي يطال الدولة في علاقاتها الخارجية وفي أوضاعها المالية، وفي تدهور الأوضاع الاقتصادية، بل حتى في تقويض الهوية اللبنانية التي طالما كانت تعبر عن قدرة لبنان على أن يشكل مساحة تفاعل سياسي وحضاري، وعنصر استقطاب بسبب الحرية التي كان يتيحها، والتي باتت أثرا بعد عين بعدما فقد لبنان جاذبية التنوع لحساب الهوية السياسية الأحادية التي تسللت تحت عنوان الممانعة والمقاومة، ولكن هذه المرة بالنكهة والأسلوب الإيرانيين.
العراق من خلال موقف السيستاني الرافض لتشريع الثنائيات الأمنية والعسكرية خارج سلطة الدولة ومرجعيتها، يوجه الضربة العميقة للمشروع الأيديولوجي الإيراني في المنطقة العربية من خلال التأكيد على مرجعية الدولة، وهو موقف يكتسب أهميته لكونه يصدر من أعلى مرجعية دينية شيعية في المنطقة العربية وفي العراق تحديدا وخارج إيران، مرجعية تعيد الاعتبار للدولة وللهوية الوطنية، وهذا موقف لن تقتصر آثاره على العراق فحسب بل سيجد صداه عربيا، طالما أنّ خيار ولاية الفقيه الذي تبشر إيران به كان وبالا على المنطقة العربية عموما وعلى الشيعة على وجه الخصوص. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | أمريكا وإيران في العراق.. «توم آند جيري»!
|
عبدالمنعم ابراهيم
|
اخبار الخليج البحرينية |
قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (مايك بومبيو) يوم السبت الماضي إنه بعث رسالة إلى الجنرال الإيراني (قاسم سليماني) وقادة إيرانيين للتعبير عن قلقه بشأن سلوك إيران الذي ينطوي على تهديد بشكل متزايد في العراق، بعد أن أشار قائد عسكري إيراني كبير إلى أن القوات التي تحت إمرته قد تهاجم القوات الأمريكية في العراق.. ويقال إن (قاسم سليماني) رفض فتح الرسالة عندما كان في بلدة (البوكمال) السورية في نوفمبر الماضي، وقال: «لن أتسلم رسالتكم ولن أقرأها وليس لدي ما أقوله لهؤلاء الناس»!
هذا الخبر يظهر لنا نوعية العلاقة السياسية بين أمريكا وإيران التي تشبه قصة فيلم الكارتون (توم وجيري)، التي دائما ما نشاهد فيها المكائد المتبادلة بين القط والفأر داخل المنزل، ولكنهما يتفقان في النهاية على بقائهما معا في المنزل! رغم أن المنزل لا يملكانه وإنما هو منزل عربي مستأجر هو (العراق)!
ويمكن أن نفهم من رسالة مدير المخابرات الأمريكية (مايك بومبيو) إلى الجنرال الإيراني (قاسم سليماني) معنى واضحا جدا، هو أن أمريكا تحذر إيران من التعرض للقوات الأمريكية في العراق، وفي مقابل ذلك عدم استهدافها هي أيضا المليشيات الإيرانية في العراق!.. بتعبير آخر، فإن أمريكا تقبل الوجود الإيراني في العراق، شريطة عدم ضرب قواتها هناك!
لكن الكل يتحدث الآن بصراحة أكثر حول التوجهات السياسية والعسكرية الإيرانية، وهو فتح ممر بري تحت سيطرتها المباشرة أو غير المباشرة يوصل (طهران) وعرباتها العسكرية وصواريخها وجنودها ومرتزقتها إلى الأراضي العراقية ومن ثم (السورية) ومن ثم (لبنان) وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط.. هذه الخطة الإيرانية التي تعبث بأراضٍ عربية وتعتبرها جسرا يوصلها إلى (المتوسط) يعرفها جيدا (البيت الأبيض) في واشنطن، ويعرفها العراق وتعرفها سوريا ويعرفها لبنان والأردن، وتعرفها مصر والسعودية وبقية دول الخليج العربي.. وتعرفها إسرائيل التي صارت قلقة جدا من إنشاء قاعدة عسكرية إيرانية في سوريا قرب حدودها، ولذلك قامت مؤخرا بضربها بصواريخ إسرائيلية.
ويبقى السؤال: هل سيقتصر الرد الأمريكي على إيران بكتابة رسائل من (مايك بومبيو) ولا يفتحها (قاسم سليماني)؟ أم أن هناك مفاجآت مغايرة سيتخذها الرئيس ترامب؟ |