3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاحد

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 الإصلاح يبدأ أولا من إنقاذ العراق من كارثة الاحتلال حامد الكيلاني العرب
 

المحصلة في المناورة هي توصيل قادة الميليشيات إلى البرلمان في دورته المقبلة رغم أن العبادي في مؤتمراته الصحافية الأسبوعية يقارع الميليشيات بيده اليمنى، ويمررها خلف ظهره بالحسنى بينه وبين المالكي، أو بين أميركا وإيران.

الولايات المتحدة الأميركية منذ إدارة الرئيس جورج دبليو بوش الابن وقرارها باحتلال العراق مرورا بفترة الرئيس باراك أوباما إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب، كانت تدعم الحكومات المتعاقبة ومازالت تعلن أنها مع وحدة العراق والعملية السياسية الديمقراطية على علاتها وانتماءات أحزابها، ولم تلتفت عمليا إلى مخاطر التغلغل الإيراني ومجابهته أو إيقاف الانزلاق إلى الحرب الأهلية الطائفية، رغم أنها على يقين أن مصادر تلك الحرب أو ذلك المأزق بعائدية سياسية ومفاتيح حل خاضعة لها.

 

لماذا انسحبت أميركا من العراق؟ وهل أميركا انسحبت فعلا من العراق؟ الرئيس ترامب في حملته الانتخابية قال إن احتلال العراق كان خطأ والانسحاب منه خطأ أكبر. هل كان الانسحاب وثيق الصلة فقط بتحقيق الهدف الأساس في تغيير النظام العراقي، أم أن القيادة الأميركية تعرضت إلى ضغوط داخلية لإعادة قواتها تخفيضا للنفقات ولتلافي الخسائر الإضافية بين مقاتليها التي تكبدتها بعمليات المقاومة؟

 

روح الاحتلال الأميركي لم تنسحب من العراق، وسياسة حرق المراحل تولتها إدارة بوش وإدارة أوباما بإنشاء مقاطعة متخصصة وبإمكانات فنية إستخباراتية ودبلوماسية تجسدت في بناء أكبر سفارة أميركية في العالم على الإطلاق.

 

ظاهريا وبعد سنوات الاحتلال الأولى لعبت أميركا دور شبكة العنكبوت بين الفرقاء كوسيط أو جهة اتصال، وأحيانا للاطلاع والملاحظة والتشاور؛ وهذا لا يتناسب أبدا مع حجم كارثة احتلال العراق ولا ينسجم أبدا ومحتوى سفارتها أو بالأحرى قاعدتها في بغداد.

 

أميركا تعود إلى العراق وبحوزتها عمليتها السياسية القديمة وتجارب الحكومات الفاشلة وبقواعد عسكرية ونهاية حقبة حرب هجينة من الإرهاب وعلى الإرهاب، وبيدها أوراق من ملفات المنطقة بما يسمح لنا بالقول إن بغداد عاصمة أميركا في الشرق الأوسط وبرؤية واضحة وإستراتيجية بخرائط دقيقة لمساقط التحركات المقبلة على الأرض وفي السياسة، والأهم الاقتصاد في عودة كما البراءة الأولى في عيون أهل بغداد ورؤيتهم لأهداف المشروع الأميركي التي تطلعت إلى خراب وحرائق البنايات والوزارات والمؤسسات باستثناء وزارتي الدفاع والنفط.

 

قوات التحالف وفي مقدمتها القوات الأميركية لم تخسر في حرب القضاء على داعش سوى ما يعادل أصابع اليد الواحدة من جنودها وفي أحداث معظمها غير قتالية؛ بما يدعونا إلى التساؤل عن مغزى العودة الأميركية إلى العراق أو بداية قطف ثمار الاحتلال في سلة عملية سياسية ارتكبت أفدح الأخطاء وبإصرار وتعمد على عدم الإصلاح لأنها برنامج سياسي كما هي العادة بتجارب الحكم في بلدان العالم بالدرجة الثالثة.

 

رحلة الإصلاح هي إصلاح أخطاء الاحتلال الأميركي لتعويض الإنفاق الهائل على حرب احتلال العراق وبشعارات أميركا أولا وكذلك العراق أولا بعد استهلاك المشروع الإيراني المتخلف وأدواته الحاكمة التي تحاول تحت مسميات جديدة أن تهرب من استحقاقات المساءلة عن جرائمها في العراق.

 

المجتمع الدولي وحصرا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا عليهما الإقرار بأقل تقدير بخطأ احتلال العراق، والخطأ هنا وصف مخفف لجريمة كبرى، يراد منه الاعتراف كما في تقرير تشيلكوت لإدانة المشاركة البريطانية في غزو العراق والتي تأسف عليها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير؛ أي أن أميركا وبريطانيا عليهما المساهمة الجادة بإنقاذ العراق من الحفرة الإيرانية التي دفع إليها بالاحتلال الأميركي البريطاني في أبريل عام 2003.

 

زيارة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي للعراق وفي هذا التوقيت بعد مرحلة داعش وحديثها عن دعم الأمن ومشاريع البنى التحتية والخدمات والتدريب، تتزامن مع رؤية جديدة للعراق والمنطقة وبتواصل داخلي مشترك مع أميركا تعطي انطباعا بمعالجات ومواقف مستدامة، رغم أن حضور تيريزا ماي ينظر له في إطار رسم العلاقات البريطانية مع دول العالم بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

 

ما يلفت الانتباه أثناء مراسم الاستقبال هو تقاليد الحرس في الأزياء وهي إشارة إلى علاقة بريطانيا القديمة واحتلالها الاستعماري للعراق، وهي تقاليد ظلت سارية المفعول تحت كل العهود، وذلك من طبيعة التعود على ممارسات أو شعائر أو طقوس دون تفحص في مصادرها الوطنية ربما إعجابا بها أو كسياق متعارف عليه دوليا دون ضرورة التبني، ومن تعايش مع الجيش العراقي لاحظ تأثير النمط العسكري البريطاني في الملبس أو طرق التدريب والأرزاق وغيرها. حصلت بعض التغييرات في فترة الثمانينات، لكن التقاليد العسكرية حافظت على جذرها البريطاني حتى احتلال العراق من قبل أزياء وسلوكيات المارينز الأميركي.

 

المغزى أن تيريزا ماي كانت سعيدة بكل تأكيد بالمظاهر البريطانية، لكن ما لم نتوقعه هو عزف الفرقة العسكرية بعد المراسم الرسمية موسيقى نشيد الوطن الأكبر للموسيقار محمد عبدالوهاب الذي يمجد الوطن العربي وانتصاراته على الأعداء، وحقيقة ليست لدي معلومة مؤكدة إن كان اختيار هذه الموسيقى مقصودا في إشارة ورسالة ما، أو أنه مجرد تذوق جمالي، وإن كنا نميل إلى أنه تلميح دون إفصاح بعراق قريب من أمته ووطنه الأكبر.

 

لماذا الخشية من عراق عربي؟ متى كان العراق بعيدا عن عروبته وقضايا أمته؟ وهذا يجرنا إلى سنوات طويلة من المراوغة في تعديل فقرات الدستور، هل تعديل الدستور يحتاج إلى فتوى من مرجعية مذهبية أو موافقة من المرشد الإيراني أو تحشيد شعبي أو حرب، كما يرددون، أصعب من الحرب على داعش للقضاء على الفساد الذي استهلك شعب وخزائن العراق.

 

على طاولة البرلمان مشروع قانون “من أين لك هذا” في خطوة مهمة للكشف عن الذمم المالية، وهو ليس جديدا، بل إن الفاسدين تمرسوا على الإفلات منها لأنها شبكة أحزاب حاكمة ونظام ميليشياوي ومنافذ حدودية ومصارف وحصص وزارات ومشاريع إعمار وهمية أو ناقصة.

 

السؤال يتوجه ابتداء إلى القوات الأميركية المحتلة وإلى الإدارة المدنية للكشف عن قوائم المشاريع وأسماء المتلاعبين بها وكميات الأموال وأين صرفت وكيف؟ فالعديد من منتسبي الجيش الأميركي والمتعاقدين معه من الأميركان متهمون بالفساد من خلال إثراء مواطنين عراقيين بعقود مسرفة في قيمتها وهي يوميات متداولة في العراق. الغاية تتبع منابع الفساد كما منابع الإرهاب، وتكفي الأصوات القادمة من الرفوف العالية المركونة خارج المحاسبة والعقاب والتي بدأت تتبرع بنضالها وكفاحها المسلح على الفساد ضمن حملاتها الانتخابية.

 

يجري الحديث عن حيدر العبادي رئيس وزراء العراق على أنه ممثل الإرادة الأميركية، ونوري المالكي رئيس وزراء العراق لدورتين انتخابيتين كممثل للإرادة الإيرانية، بمعنى أن صراعا سياسيا بين أطراف الحزب الحاكم قد يتحول إلى صراع بين أجهزة الدولة الأمنية والميليشيات التابعة لإيران بقيادة عرابها السياسي نوري المالكي.

 

لكن بوصلة الحقائق تشير إلى أنهما من حزب واحد، وحتى إن تخلى العبادي عن حزب الدعوة كعنوان، فهو سيظل كوزير الخارجية إبراهيم الجعفري جزءا من المشروع الإيراني وبثقافة حزب الدعوة الطائفية. الفرق بين المالكي والعبادي أن أحدهما في موقع المسؤولية والمنصب الحكومي والآخر خارجه.

 

المحصلة في المناورة هي توصيل قادة الميليشيات إلى البرلمان في دورته المقبلة رغم أن العبادي في مؤتمراته الصحافية الأسبوعية يقارع الميليشيات بيده اليمنى، ويمررها خلف ظهره بالحسنى بينه وبين المالكي، أو بين أميركا وإيران.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 ماذا ينتظر العراق بعد «داعش»؟

 

عبدالله الأيوبي

 

 

 اخبار الخليج البحرينية
  

جاءت الانتصارات المتلاحقة التي يحققها العراق في حربه ضد ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» لتمثل أحد أهم الإنجازات التي يحققها هذا البلد منذ وقوعه فريسة الغزو الأمريكي في مارس من عام 2003 حيث تحول العراق بعد هذه الجريمة إلى واحدة من أخطر وأكبر الساحات التي تعج بمختلف الجماعات الإرهابية ومر خلال تلك السنوات بحالة من الفوضى وسفك الدماء حتى تحولت أرواح المواطنين العراقيين إلى ما يشبه الوجبات اليومية للمفخخات والعمليات الانتحارية، لكن ورغم أهمية انتصار العراق في حربه ضد «داعش» والتي توشك على وضع أوزارها بعد تمكن قوات الجيش العراقي من تخليص العديد من المدن والبلدان من قبضة إرهابيي هذه المنظمة الدموية، فإن الاستحقاق الذي ينتظر العراقيين هو أكبر وأهم من الانتصار على هذه العصابات الإرهابية.

 

الجميع يعرف أنه وقبل استفحال وانتشار الأعمال الإرهابية في العراق وصعود نجم «داعش» وتمكنها من الاستيلاء على مناطق شاسعة بما في ذلك مدن كبيرة ومهمة مثل مدينة الموصل، فإن العراق وبعد جريمة الغزو الأمريكي تعرض إلى عملية خلخلة اجتماعية ارتكزت على التفتيت الطائفي المدروس والمخطط له ضمن مشروع خطير جدا كان يستهدف بالدرجة الأولى إدخال أبناء العراق في حروب داخلية على مرتكزات طائفية وعرقية، وقد حقق هذا المشروع جزءا خطيرا من فصوله لكن يقظة القوى العراقية الحية وغير الطائفية شكلت صدا منيعا استطاع من خلالها العراق أن يصمد في وجه الأعمال الخطيرة التي استهدفت إشعال الفتنة الداخلية.

 

لم تكن الجماعات الإرهابية ذات التوجهات الطائفية هي وحدها من عمل على إشعال نار الفتنة الداخلية في العراق، بل إن بعض القوى السياسية العراقية ذات التوجهات الطائفية هي الأخرى أسهمت من خلال ممارساتها التمييزية في تأجيج الوضع الاجتماعي في البلاد وخلق حالة من عدم الثقة، أو بعبارة أصح أضعفت من الثقة بين المكونات الدينية والمذهبية والعرقية داخل المجتمع العراقي، ما مكَّن الجماعات الإرهابية من إيجاد أرضية تقف عليها وثغرات كبيرة نفذت عبرها إلى الداخل العراقي، وهي من الأسباب التي أطالت من عمر التصدي لعمل ومشاريع هذه الجماعات إضافة إلى مخططي مشروع تقسيم وتفتيت العراق.

 

ملف «داعش» في العراق يطوي صفحاته الأخيرة بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العراقي، وليس هناك من شك في أن الجماعات الإرهابية التي عاثت في أرض العراق قتلا وتدميرا على مدى سنوات تلت جريمة الغزو الأمريكي، أسهم في تعطيل بناء عراق مستقل استقلالا حقيقيا، عراق قادر على تحديد مساراته السياسية والاقتصادية وفق المصالح الوطنية العراقية وبعيدا عن أية تدخلات خارجية أو وصايات من هذا الطرف أو ذلك، هذا الهدف بإمكان العراق تحقيقه بشرط أن يتحرر العراق تحررا صادقا وحقيقيا من هيمنة النزعة الإقصائية والتمييزية، العرقية أو الدينية والطائفية، فالعراق هو ملك لجميع العراقيين بغض النظر عن أي انتماءات، أيا كان مصدرها أو حتى ثقلها المجتمعي.

 

فخلال السنوات التي تلت الغزو الأمريكي شهد العراق حالة من عدم الاستقلال والثقة المجتمعية بين مختلف المكونات العرقية والدينية والمذهبية، جزء من أسباب ذلك تعود إلى الهيكلية السياسية التي خطط لها ونفذها الحاكم العسكري الأمريكي في العراق بول بريمر التي قامت على التوزيع الطائفي للسلطة السياسية في هذا البلد الأمر الذي فتح الباب أمام ممارسات إقصائية تمييزية أضعفت من اللحمة الوطنية العراقية وكادت أن تجر العراق إلى أتون اقتتال داخلي خطير، الأمر الذي تطلب تعاضد جهود مختلف المخلصين من أبناء العراق للحيلولة دون الانزلاق في هذا المطب الخطير، لكن العراق حتى الآن لم يستطع مغادرة دائرة هذا الخطر لأن الأمر باختصار يحتاج إلى تصحيح الوضع السياسي القائم.

 

العراق بحاجة مباشرة إلى مثل هذا التصحيح، خاصة بعد قفل ملف التنظيم الإرهابي الأخطر في العراق، وهو ما يعرف بــ«داعش»، من دون الارتكاز على مبدأ المواطنة الحقيقية كمعيار فيصل لجميع مكونات المجتمع العراقي أيا كانت انتماءاتها، فإن هذا المجتمع لن يرى العافية وأن العراق سيبقى تحت تهديد الانزلاق نحو هاوية عدم الاستقرار المجتمعي والتي يمكن أن تؤدي إلى ما هو أخطر من حالة عدم الاستقرار السياسي، فأي مكون من مكونات المجتمع يشعر بالتهميش والإقصاء وانتقاص في حقوقه، فلن يصبر ولن يسكت عن ذلك، بل يمكن أن يتحول هذا المكون إلى ما يشبه الثغرة الخطيرة في جسم العراق.

 

من دون تطبيق حقيقي لمبدأ المواطنة وجعلها سقفا تستظل تحته جميع مكونات المجتمع العراقي، فإن الانتصار على «داعش» لن يعني سوى الخروج من معركة والدخول في معركة أخرى، قد تكون أخطر على مستقبل العراق من المعركة التي خاضها ضد تنظيم «داعش»، هذا ما يجب أن تضعه القيادة العراقية نصب أعينها وهي تستعد لطي صفحة «داعش»، فمهمة تعزيز الثقة بين أبناء جميع مكونات الشعب العراقي وطي صفحة الممارسات السابقة الخاطئة التي شابها التمييز والإقصاء السياسي، تعد من أهم المهمات التي تنتظر القيادة العراقية، بل تعتبر واحدا من أهم وأثقل الامتحانات التي تواجهها بعد التخلص من «داعش»، والطريق إلى تحقيقها يمر عبر مغادرة سياسة التمييز والإقصاء والتمسك بالاستقلال السياسي التام.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   المسؤولية عن الكارثة الإنسانية في الموصل والرقة تقع على عاتق الولايات المتحدة

 

 أحمد صلاح

 

  راي اليوم بريطانيا
  

أصبحت إجراءات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة أحد الأسباب المباشرة للكارثة الإنسانية في مدينتي الموصل والرقة. نظرا لأخطاء متكررة من جانب الطيران الأمريكي استهدفت الضربات الجوية ليس أماكن تحشد إرهابيي داعش فحسب بل الأغراض المدنية والتي أسفرت عن مقتل المدنيين.

تجدر الإشارة إلى أن جرت العمليات العسكرية في الموصل والرقة دون تنظيم الممرات الإنسانية لإخلاء الجرحى. بهذا السبب آلاف المدنيين كانوا محتجزين كرهائن واستخدمهم إرهابيو داعش كدروع بشرية.

وعلاوة على ذلك حُرم سكان في كلتا المدينتين من فرصة مغادرة منازلهم قبل بدء هجوم قوات التحالف. وأعلنت القيادة الأمريكية أن الأهالي المقيمون داخل المدن فيعتبرون أنهم “شركاء الإرهابيين”.

في الواقع كانت الخسائر البشرية وحجم تدمير البنية التحتية للموصل مروعة حقا. ويبلغ عدد الضحايا بين المدنيين أكثر من 40 ألف شخص. أكدت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق ليز غراند أن منذ بدء عملية تحرير الموصل فر أكثر من 930 ألف شخص من المدينة. من جهته قال مسؤول “يونيسف” في العراق مولد وارفا إن حجم الدمار بالموصل هائل. تم تدمير العديد من المنازل ويعاني أهالي المدينة وضواحيها نقص الضروريات الأساسية فيما بينها الأكل والشراب. قدرت الأمم المتحدة تكلفة الأضرار، التي قام بها التحالف الدولي، لإعادة إعمار المدينة العراقية القديمة بـ 700 مليون دولار.

مع ذلك أكدت منظمة العفو الدولية أن أسفرت عمليات التحالف عن مقتل أكثر من 5.8 ألف مدني في الموصل خلال فترة من 19 فبراير إلى 19 يونيو.

أجرت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية تحقيقها الخاصة وتشير فيه إلى أن أدت قصفات طيران التحالف الدولي على الموصل إلى استشهاد 3500 مدني على الأقل. من جانبها قدرت منظمة “إيروورز″ البريطانية غير الحكومية أن عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا جراء غارات التحالف الدولي حوالي 4 ألاف شخص.

يتواجد التحالف الدولي في أراضي سورية منذ أغسطس 2014 بشكل غير قانوني ودون موافقة من جانب الحكومة السورية. لكن هذا العامل لم يمنع قوات التحالف لتنفيذ عملياته في سورية وفقا لسيناريو مماثل. لكن يشبه هجوم الأمريكيين  بتعاون مع الأكراد ليس مكافحة الإرهاب فحسب بل حرب ضد المدنيين.

وانتهكت قوات التحالف القانون الدولي الإنساني مرارا وتكرارا خلال عملية تحرير مدينة الرقة من الإرهابيين. جاء ذلك في تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المكلفة بالتحقيق في الجرائم والانتهاكات الحقوقية بسورية. وفي الفترة من مارس إلى يوليو 2017 أُجبر 190 ألف شخص على مغادرة منازلهم بسبب الغارات الجوية الأمريكية، ولا يزال مصير 20 ألف شخص مجهولا.

بالإضافة إلى ذلك أدت ضربات طيران التحالف الدولي إلى تدمير العدد الكبير من المستشفيات والمدارس والأسواق وعناصر نظام إمدادات المياه.

يمكن القول إن حجم الدمار في الرقة لم أقل مما كان في الموصل. نشرت قناة “سي إن إن” الأمريكية في أواخر أغسطس شريط فيديو يظهر أحياء المدينة حيث جرت الأعمال القتالية. فيمكن أن نرى المنازل التي قد دمرت بنفس الشكل كـ”المدينة القديمة” في الموصل حيث كانت المعارك العنيفة.

وأُضطر معظم أهالي الموصل والرقة للعيش في مخيمات اللاجئين في حالة الكارثة الإنسانية حيث يعانون اشد المصاعب في ظروف عدم توفر مياه الشرب والغذاء والأدوية.

من الواضح أن لا يوجد الأموال الكافية لإعادة جعل مدينة الموصل صالحة للعيش من الجديد. وحسب تقديرات المحللين سيطلب إصلاح أنظمة المياه والكهرباء واستعادة البنية التحتية الأساسية الأخرى في المدينة حوالي مليار دولار.

وفقا لمعلومات الأمم المتحدة أصبح نحو 80% من أراضيها الرقة غير صالحة للعيش تماما بعد هجوم قوات التحالف الدولي على المدينة. وستستغرق هذه العملية عدة سنوات وستطلب الموارد المالية الكبيرة لإعادة الإعمار.

بهذا الصدد لا تهتم الولايات المتحدة بحل المسائل المتعلقة بالوضع الإنساني المتدهور في مدينتي الموصل والرقة. من غير المرجح أن تشارك واشنطن في تمويل عملية استعادة البنية التحتية التي دمرها التحالف الدولي وتقديم المساعدة والدعم الشامل لللاجئين والنازحين.

نظرا لذلك يجب على الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن مقتل مدنيين في الموصل والرقة والتدمير المتعمد للبنية التحتية والكارثة الإنسانية في هاتين المدينتين لأن طيران التحالف نفذ عشرات ألاف الضربات الجوية في سورية والعراق تحت ذريعة محاربة الإرهاب.