ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | حزب الدعوة العراقي.. النسخة الشيعية لجماعة الإخوان المسلمين (4 – 13)
|
محمد المرباطي
|
الايام البحرينية |
الصراعات الفكرية:
شهد حزب الدعوة صراعات فكرية سياسية حسب توجهات وتصورات مراجعه الدينية والفكرية، ولم يثبت على قاعدة فقهية وسياسية واحدة، وكان الحزب يخضع لتوجهات وافكار قيادته المتناقضة، ونذكر منهم السيد محمد باقر الصدر الذي قاد الحزب في مراحله الأولى نحو التأصيل الفقهي لمبدأ الشورى في الفقه الإسلامي كبديل عن الديمقراطية، كما شهد حزب الدعوة صراعات بين تيار الصدري المحافظ وتيار الانفتاح المذهبي بقيادة محمد هادي السبيتي، ولكن هذا التوجه لقى رفضًا من التيار الإيراني، حيث برزت مجموعة ايرانية داخل حزب الدعوة، الى جانب مجموعة آية الخميني، وكان يقودها الشيخ محمد آصفي الذي عزز تبني مبدأ ولاية الفقيه داخل حزب الدعوة. حزب الدعوة يمارس السلطة:
مع الاحتلال الأمريكي بدأت قيادة الدكتور إبراهيم الجعفري، وكانت بداية ممارسة حزب الدعوة للسلطة وهيمنة نوري المالكي على مفاصل تنظيم حزب الدعوة. أهداف حزب الدعوة الإسلامية:
إن أهداف حزب الدعوة الإسلامية هي ذاتها أهداف الإخوان المسلمين، مثل إحلال الشريعة الإسلامية محل القوانين الوضعية تحقيقًا لإرادة الله، ويعتبر حزب الدعوة الإسلامية أن تحقيق هذا الهدف يمكن من خلال:
1ـ تغيير الفرد المسلم وإعداد وبناء الطليعة المؤمنة الواعية المجاهدة القادرة على إحداث التغيير الإسلامي الشامل في النفس والمجتمع.
2ـ بعث الفكر الإسلامي الأصيل من جديد وتنقيته من الأفكار والمفاهيم الغريبة التي علقت به.
3ـ تهيئة وتعبئة الأمة فكريًا وروحيًا وسلوكيًا حتى تتغير معالم المجتمع بالتدريج.
4ـ تحرير البلاد الإسلامية من السيطرة الاستعمارية الكافرة.
5ـ دعم وبناء الدولة الإسلامية، لتكون نواة لقيام الدولة الإسلامية الكبرى.
6ـ دعوة العالم الى الإسلام.
الهيكل التنظيمي لحزب الدعوة:
الهيكل التنظيمي لحزب الدعوة شبيهًا لحد كبير لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين، التي تبدأ من الخلية ثم الأسرة، والشعبة، ومكتب إداري، ومكتب الإرشاد، وتعد الحلقة اصغر وحدة في بناء حزب الدعوة العراقي والذي يتكون هيكله من التالي:
ـ الحلقة: وهي أصغر وحدة في بناء الهيكل التنظيمي للدعوة، وتتكون من مشرف لجنة المنطقة: وهي حلقة تنظيمية تشرف على عمل الدعوة في دائرة جغرافية محددة، يرتبط بها عدد من الحلقات.
ـ لجنة المنطقة: حلقة تنظيمية تشرف على عمل الدعوة في دائرة تحددها لجنة الإقليم، ويرتبط بها عدد من لجان المنطقة.
ـ قيادة الإقليم: حلقة تنظيمية تشرف على عمل الدعوة في إقليم معين، ترتبط تنظيميا بالقيادة العامة، وتكون مسؤولة تنظيميًا أمام القيادة، وأمام مؤتمر الدعوة الإقليمي في تقييم مسيرتها. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | أكراد العراق في عزلتهم |
فاروق يوسف |
العرب |
لم يكن مسعود البارزاني يتوقع أن يتركه الأميركان وحيدا في مواجهة أصدقاء إيران الذين فرضهم عليه مشروع الاحتلال الأميركي. يحاول أكراد العراق فك طوق العزلة الذي فرض عليهم عالميا من خلال عودتهم إلى حكومة بغداد التي رفضوا في وقت سابق التفاوض معها إلا إذا كان انفصالهم عن العراق هو أساس ذلك التفاوض.
بغداد التي وجدت نفسها فجأة مدعومة من قبل العالم في مواجهة طرف كان إلى وقت قريب لا يُرد له طلب من قبل الولايات المتحدة ودول غربية كثيرة، نجحت في أن تفرض شرطها على الأكراد وهو شرط يعيد الأكراد إلى المربع الأول من قضيتهم.
في لحظة يأس لخص مسعود البارزاني المسألة بعبارة بليغة هي “ليس للكردي سوى الجبل”. الخطر الذي استشعره البارزاني ليس من صنع خياله، بل هو وليد تجربة مريرة عاصرها البارزاني نفسه وكان من أهم صناع القرار فيها.
وإذا ما كان البعض يلقي باللائمة على الزعيم الكردي، كونه لم يحسب لكل شيء حسابه فجاءت تقديراته على قدر كبير من الخطأ، فإن ذلك اللوم ينبغي أن لا يجعلنا نغمض عيوننا عن حقيقة الوضع الملتبس الذي يعيشه العراق منذ أن فرض عليه المحتل الأميركي نظام المحاصصة العرقية والطائفية، بدلا من أن يساعد العراقيين على بناء دولة حديثة بنظام سياسي ديمقراطي.
الأكراد هم ضحايا ذلك النظام السياسي مثلما هو حال العرب، سنة وشيعة.
فإضافة إلى تخلفه ورثاثته وأحاديته واستبداده وروح الريبة وعدم الثقة والتمترس والانعزالية التي تتحكم بأفراده، فإن ذلك النظام هو من أكثر الأنظمة التي شهدها التاريخ المعاصر فسادا.
ما فعله الإقليم الكردي حين قام بتصدير النفط وتوقيع عقود مع الشركات النفطية العالمية والاستيلاء على المعابر الحدودية، وقبل كل هذا حين فرض على العراقيين القادمين من وسط وجنوب العراق أن يكون لهم كفيل كردي، إنما يشير بشكل جلي إلى انتهاج سياسة وضعت القانون العراقي على الرف واتبعت هوى الفاسدين من أجل جني المال على حساب الشراكة الوطنية.
كان الأكراد دائما شركاء في ما يسمى بالعملية السياسية وهو ما يعني بالضرورة أن يكونوا شركاء في الفساد.
لقد اعترف غير طرف كردي بأن إيرادات النفط المسروق من العراق كانت تذهب إلى حسابات شخصية وبقي الشعب الكردي في عامته محروما منها.
غير أن الفساد لم يكن السبب الرئيس لانهيار مشروع قيام الدولة الكردية الذي اعتقد مسعود البارزاني أنه قابل للتحقق في لحظة، كان سياسيو بغداد قد استرجعوا فيها أنفاسهم بعد هزيمة داعش في الموصل.
لم تحدث تلك الهزيمة لولا أن الولايات المتحدة كانت قد قررت ذلك. وهو ما كان على البارزاني أن يدرك مغزاه وهو العارف بأسرار الطبخة الأميركية في العراق.
فكل شيء في العراق، وإن أخذ طابعا إيرانيا، هو من صنع السياسة الأميركية التي رتبت الأوراق في العراق الجديد.
وقد يكون مستغربا أن الزعيم الكردي بكل دهائه لم يستشر السفير الأميركي في بغداد في شأن مشروع الانفصال. بل والأدهى من ذلك أنه لم يستمع إلى النصيحة الأميركية بتأجيل الاستفتاء.
لم يكن البارزاني يتوقع أن يتركه الأميركان وحيدا في مواجهة أصدقاء إيران الذين فرضهم عليه مشروع الاحتلال الأميركي.
وكما يبدو فإن الإدارة الأميركية وقد أنجزت ما كانت تروم إليه في العراق لم تعد معنية بشؤون أتباعها الصغار، غير أنها في الوقت نفسه تدرك أن مشروع دولة كردية في العراق هو لغم لم يحن بعد وقت تفجيره.
اليوم وبعد أن هجرتهم الولايات المتحدة يحاول الأكراد أن يستميلوها من خلال اللجوء إلى سفيرها ليكون وسيطا وحكما في نزاعهم مع بغداد.
لقد انخفض سقف مطالبهم حين تذكروا فجأة أن الدستور الجديد ينص على الحفاظ على وحدة العراق أرضا وإن كان ذلك الدستور لا ينص على وحدة شعبه.
غير أن الأكراد الذين لا يثقون بشكل مطلق بحكومة بغداد صاروا على علم بأن الوصول إلى أبواب واشنطن لا يتم إلا عن طريق بغداد. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | الدولة واللادولة في العراق | أسعد البصري | العرب |
الدولة العراقية اليوم في حالة تحدّ مصيري مع “أعداء الدولة” من ميليشيات وإرهابيين، وعلى جميع القوى الأساسية التي هزمت الإرهاب من قبل، أن تعمل على هزيمة الأفكار المخربة للدولة، وأولاها الميليشيات المسلحة والمشاريع الدينية. أعتقد أن الفكرة الجوهرية الآن ليست مستقبل العراق فقط، بل مستقبل الشراكة السياسية بين العراقيين.
إذا كان العراقيون حقا، تحت سقف الدستور والدولة والقانون، قد استطاعوا الدفاع عن بلادهم معا وبمساعدة مباشرة من الولايات المتحدة ضد أكبر هجمة إرهابية في التاريخ الحديث، وإذا كان العراقيون حقا قد استطاعوا وبشكل ما إعادة إنتاج خطاب وطني مقبول، فلا يمكن أن تكون البداية الصحيحة إلا بالتساؤل الصادق عن مستقبل الشراكة السياسية.
لا نقصد الشراكة بين المكونات فقط، بل داخل كل مكون أيضا. فكما لا توجد فائدة من الشقاق داخل المكون السني، كذلك لا توجد فائدة من الشقاق داخل المكونات الأخرى. فلا فائدة للوطن من تناحر كردي داخلي، أو اقتتال شيعي داخلي.
إن الشراكة كلمة سحرية. فهي سر نجاح العائلة وسعادتها، وهي ضوء المساء في البيت وكركرات الأطفال، وهي أيضا تعاسة البيوت وخرابها. علينا أن نفكر من جديد كيف نتحرر من العادات السيئة. أقصد طريقتنا القديمة بالتفكير المتطرف، كيف ننتج طاقة تدعم الشراكة السياسية الصحيحة؟
ومهما يكن من أمر فإن السنة شريك أساسي في الوطن وكذلك الشيعة والأكراد. فاحترام الشراكة والرغبة في نجاح الدولة هما الشيء الذي يجب أن يكون مركز اهتمامنا.
إن فكرة “اللادولة” قضية مدمرة، ولأن الهدم أسهل من البناء، ولأن الفكر أيضا يمكن أن يكون هداما، فالهدم في النهاية فكرة، أليس كذلك؟ لهذا لا يمكن لنا اليوم إنتاج الهدم داخليا وتوقع البناء جاهزا يأتي من الخارج.
نريد عودة الدولة وقداسة الوطن والشعب، ونريد للجيش العراقي أن يحمي الحدود ويرتاح من محاربة المدن والقرى والهدامين المحليين.
لنفترض أن هناك بعض الأكراد يريدون الخلاص من الوطن والعلم العراقي والهوية العراقية، السؤال هل المطلوب إقناعهم بجمال الوطن أم المطلوب ذبحهم؟
ولنفترض أن هناك سنة كانوا يريدون تركيا والإخوان المسلمين، هل المطلوب إقناعهم بفشل الحزب الديني أم المطلوب ذبحهم؟ ولنفترض أن هناك شيعة يريدون ولاية الفقيه ودولة خمينية فهل المطلوب إقناعهم بالعروبة والوطنية أم المطلوب ذبحهم؟
ولنفترض أن هناك عراقيين يحبون حزب البعث وصدام حسين، هل المطلوب إقناعهم بفشل الماضي أم المطلوب ذبحهم؟
إذا كنت ترى أن الحل بالطرد والذبح دائما فإنك تريد طرد وذبح جميع العراقيين. نحتاج حوارا من نوع جديد وعيونا غير العيون التي رأينا فيها العراق ميتا، نريد الحياة للعراق وللعراقيين جميعا.
الدولة العراقية تستطيع إلغـاء الميليشيات والاحتفاظ بالمحاربين العراقيين في المؤسسة العسكرية. كذلك التجار والسياسيون الذين انخدعوا بالإخوان المسلمين أليسوا كفاءات عراقية مهمة؟ أليس الأفضل استثمارهم في إطار مدني جديد بعيد عن المشروع الديني؟
لماذا نقول إن الميليشياوي يبقى ولاؤه لإيران حتى لو صار في القوات المسلحة الوطنية؟ ولماذا نقول إن الإخواني يبقى إخوانيا حتى لو انتمى لمشروع الدولة المدنية؟
لماذا نقول إن البعثي يبقى بعثيا والانفصالي يبقى انفصاليا؟
هل تريدون الاستمرار بتخريب بلادكم حقا؟ العراق ليس جمهورية من جمهوريات الموز فبلاد النهرين مليئة بالخيرات، فلماذا لا نتعاون على الخير؟
سياسي عراقي يقول إنه لا يستطيع التنافس مع قادة أنانيين ولئام في سبيل الانتخابات. ربما يخاطبون غرائز التطرف والثأر لكسب الأصوات على حساب السلم الأهلي.
لا بد من خطاب عقلاني يقوده المثقفون بعد كل الذي حدث. نحتاج أن نفكر بمصالحنا كعراقيين. هل نريد بيوتنا عامرة ومدارسنا مزدحمة ومدننا مضاءة بالقناديل أم لا؟
الميليشيات مجبرة على الرضوخ للدولة فإذا رفضت فلا حل سوى حروب مع أميركا والسعودية وتخريب العراق.
هناك فرصة بحل الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة، خصوصا وأن الولايات المتحدة الأميركية جادة في هذا الموضوع والكونغرس الأميركي أعلن “حركة النجباء” العراقية إرهابية ويطلب حظرها خلال 90 يوما.
من جهة أخرى شاب عراقي يقول: لا يمكن حل الميليشيات سلميا لأن إيران ربطتها بالموازنة المالية العراقية وصارت كيانات موازية للدولة؛ تملك شركات واستثمارات ويجري منحها الأراضي وتمليكها ومصالح تشبه مصالح الحرس الثوري في إيران. بل نرى الجنود العراقيين يتركون الخدمة في الجيش ويلتحقون بالميليشيات لما فيها من امتيازات وسلطة أقوى من سلطة الدولة نفسها.
إن الدولة العراقية اليوم في حالة تحدّ مصيري مع “أعداء الدولة” من ميليشيات وإرهابيين، وعلى جميع القوى الأساسية التي هزمت الإرهاب من قبل، أن تعمل على هزيمة الأفكار المخربة للدولة، وأولاها الميليشيات المسلحة والمشاريع الدينية. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | تراجع العلاقات الكردية الأميركية
|
د. محمد عاكف جمال
|
البيان الاماراتية |
العلاقات الخارجية الاستراتيجية الواسعة والمعقدة للولايات المتحدة، تضعها في أحيان كثيرة في مواقف محرجة، حين يكون بعض حلفائها في خلافات مع بعضهم، قد تصل حد التصادم، كما هو الحال بين تركيا واليونان العضوين في حلف الناتو، وكما هو الحال بين الكرد وتركيا في سوريا، وكما يحدث في العراق بين حلفائها الكرد والحليف المحتمل، رئيس الوزراء العبادي.
الولايات المتحدة اعتادت على مواجهة ذلك، وأصبح لديها خبرات متنوعة في التعامل مع هذا النوع من التحالفات، طالما تحرص على إبقاء الطرفين في علاقة جيدة معها.
وطالما بقي هؤلاء الحلفاء بحاجة إليها، فهي تعمد إلى الدبلوماسية الهادئة بقفاز حريري، يخفي قبضتها الفولاذية. إلا أن الطريق لمقاربة هذا النوع من الخلافات، قد لا يكون سالكاً بشكل آمن وخالٍ من مطبات خطيرة، خاصة مع تركيا الحليف الآسيوي الأكثر أهمية لها ولحلف الناتو.
وصل كرد العراق في شراكتهم مع الولايات المتحدة إلى منعطف حاسم، فقد تعرضت علاقاتهم معها في الآونة الأخيرة إلى اختبار صعب، بسبب قصور القيادات الكردية عن تفهم السياسات الأميركية وتعقيداتها ومصالحها المتشعبة ومتغيراتها في المنطقة وخارجها.
فرئيس الإقليم السابق، مسعود بارزاني، والرأي العام الكردي بشكل عام، يشعرون بخيبة كبيرة من الموقف الأميركي ضد الاستفتاء، ويعتبرونه من شجع خصوم أربيل، بغداد وأنقرة وطهران، على ممارسة ضغوط هائلة على الإقليم، وتجريده من معظم مكاسبه، وإضعافه إلى الحد الذي يعرضه لمخاطر التفكيك.
فالكرد لم ينتظروا من الولايات المتحدة موقفاً كهذا، مقابل ما أثبتوه من إخلاص في التحالف معها في الحرب على الإرهاب ومناصبة النظام السابق العداء.
والحقيقة أن ما أثار الدهشة والجزع لدى القيادات الكردية، هو الرفض غير العادي للاستفتاء على الاستقلال من قبل الدول الأقوى في العالم، إضافة إلى دول المنطقة والمنظمات ذات الطابع الإقليمي، كالجامعة العربية والاتحاد الأوربي، ما وضع أمام الإقليم مهمة مراجعة استراتيجياته وإعادة صياغتها على الأمدين القريب والبعيد.
فالكرد قد أصبحوا بأمس الحاجة لحليف قوي لمواجهة طموحات بغداد، وضغوط كل من أنقرة وطهران، الساعية لتجريد إقليمهم من الكثير من مكاسبه، فالمفاوضات بين أربيل وبغداد، ستكون أقرب إلى مفاوضات بين خصوم، وليس بين شركاء.
الكرد في أشد حالات القلق، فمع أن وزارة الخارجية الأميركية، أكدت أن علاقاتها مع الشعب الكردي لم تتغير، إلا أن القيادات الكردية لا تخفي خشيتها من أن تلجأ الولايات المتحدة إلى إلغاء مذكرة التفاهم الموقعة مع الإقليم في يوليو 2016، والتي تعهدت بموجبها بدفع رواتب قوات البيشمركة، خاصة أن هذه القوات لم تعد في وضع قتالي مع تنظيم داعش، وتقدر هذه المنحة الأميركية بنحو 450 مليون دولار.
أما بالنسبة لعلاقة الولايات المتحدة مع الكرد في سوريا، حلفائها الأساسيين في قتال داعش، فأياً كانت الطريقة التي تتحرك بها سياساتها، فمن الواضح أنه لن تكون هناك تغييرات في موقفها منهم، خاصة أنها لا تكن تعاطفاً مع النظام القائم، إلا أنها من جانب آخر، لا تستطيع تجاهل الدور الروسي في رسم ملامح سوريا في المرحلة القادمة، وتداعياته على طموحات الكرد.
ولا تستطيع كذلك تجاهل ردة فعل كرد سوريا إزاء الموقف الأميركي، الذي خذل كرد العراق، بعد أن سمحت بهزيمتهم بهذه الطريقة.
وكما هو الحال عند التعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط، ومنها القضية الكردية، فإن المصلحة الذاتية للدول الفاعلة إقليمياً ودولياً تُطمس في أحيان كثيرة الرؤى المستقبلية لشعوبها، وينصب جل اهتمامها على القضايا التي تعرض نفسها على الأمد القريب، وهي في المرحلة الراهنة، الحرب على الإرهاب.
إلا أن مصالحها على الأمد البعيد، وخاصة الولايات الأميركية وروسيا، فهي تتمثل في إقامة توازنات في اللعبة الجيوسياسية، تصبح فيها أفكار الكرد أو أفكار أي شعب آخر عن الدولة، مصدر إزعاج يقلق هذا التوازن، ولا يدعو للتعاطف معه.
الولايات المتحدة أمام مهمة حفظ توازن دقيق في موقفها بين بغداد وأربيل، مع تفاقم الأزمة بينهما، فالكرد يتهمونها بالانحياز لبغداد، وليس من المستبعد في ضوء ذلك، أن تراود فكرة البحث عن حلفاء جدد، مخيلة قادتهم، وقد خبروا عن كثب الهوة بين الخطاب المتعلق بسياسات الإدارة الأميركية، وحقيقة هذه السياسات على أرض الواقع، ما يعزز ما سبق أن اتهمت به الإدارة الأميركية منذ مجيء باراك أوباما، بالافتقار إلى استراتيجية لسياساتها في منطقة الشرق الأوسط.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 |
سكاكين أميركية في ظهر كردستان
|
إبراهيم اليوسف
|
الحياة السعودية |
يصور كثيرون أن مسعود بارزاني الذي أصرَّ على تنفيذ الاستفتاء كان يعلق الآمال على أميركا بأنها ستقف إلى جانبه، إلا أنه فوجئ بخذلانها له، ولشعبه. وهؤلاء لا يعرفون كنه أمرين، أولهما: أن السيد بارزاني، لم يتحمس لإجراء الاستفتاء إلا لأنه يعرف مدى أهميته كأول وثيقة تاريخية لشعبه على مدى التاريخ المعاصر، والدليل حالة الذعر التي أصابت الجوار في تركيا وإيران، إضافة إلى موقفي بغداد ودمشق، ناهيك بمواقف دول المنطقة والعالم التي ترتبط بهذه الدول الإقليمية بمصالح معروفة للقاصي والداني. وثانيهما أن ما دفعه إلى الإصرار بهذه الدرجة، على الاستفتاء، هو سعيه لتثبيت حقوق شعبه، وسط المعادلة السياسية التي تتغير، والتي باتت إيران خلالها لاعباً مقلقاً – ولو موقتاً – في سياسات المنطقة، وخطراً داهماً عليها، بل عاملاً متحكماً بالشأن العراقي وبالمنطقة، نتيجة جملة التواطؤات الأميركية.
لم يكن بارزاني ليثق يوماً واحداً بأميركا في ضوء قراءته لتاريخ سياسات «البيت الأبيض» تجاه شعبه، حتى في لحظات بلوغها أوج التفاهمات بعيد الهجرة المليونية في 1991، وعشية سقوط بغداد 2003، إذ إن أميركا وقفت عائقاً أمام ضم كركوك إلى الإقليم، وهي ذاتها تتحمل الآن وزر ما يحدث من خلاف على هذه المنطقة التي عدها الراحل الملا مصطفى بارزاني قلب كردستان، وكانت سبباً في عدم توصله وبغداد إلى اتفاق نهائي. كما أن أميركا ذاتها حاولت تهميش البيشمركة حتى في شنكال وغيرها من المناطق التي سميت بـ «المتنازع عليها»، بعيد سقوط صدام حسين، حتى وإن بدت للوهلة الأولى متفهمة الكرد، متبنية قضيتهم، كمحاولة تكفير عن الخطيئة الغربية تجاههم بتقسيم خريطتهم، وكانت أمـــيركا ضالعة في ذلك، لا سيما بعد امتناعها عن تـــوقيع معاهدة فرساي في 1919 التي جاءت امتداداً واستـــجابة للمبادئ الأربعة عشر التي نادى بها ويلســـون في 1918، وكانت المادة الثانية عشرة منها تنص على منح الشــعوب غير التركية – ومنها الكرد – حقوقها في تقرير مصائرها، كما أنها لم تنخرط في أي مشروع لترســـيخ السلام في المنطقة، وموقفها من ثورة أيلول (سبتمبر) التي قادها الراحل الملا مصطفى بارزاني كان سلبياً، عقب نكسة الثورة في 1975 بعيد توقيع الاتفاقية بين صدام حسين وشاه إيران في رعاية الرئيس الجزائري، مع أنها سمحت له باللجوء إلى أميركا، ليسكن في ولاية فرجينيا إلى أواخر حياته.
يروي مدير الدراسات الاستخبارية في معهد بروكنغز والمسؤول السابق عن الشؤون الكندية وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي بروس ريدل، أن بارزاني عندما زار أميركا مع قادة المعارضة العراقية الستة للمرة الأولى في 1992 كان الأكثر جدارة بالثقة وكان صعب الإقناع، وطوال الزيارة كان ينظر، وفي ضوء إرث خذلان أميركا الكردَ، بعين الريبة إلى النيات الأميركية، وقد بدا له وهو في مكتب روزفلت متوتراً قلقاً. ويبين ريدل أن عدم ثقته بأميركا ظل يهيمن عليه.
مسعود بارزاني، ومن خلال رفضه الوصاية الأميركية التي تدخلت للحيلولة دون تنفيذ الاستفتاء، أكد على الملأ أنه لا يتسلح إلا باعتماده على إرادة شعبه، لا سيما بعد وثيقة الاتفاق بين مجمل الأحزاب الكردستانية، وهو ما استفز مطبخ السياسات الأميركية الذي أراد إدارة ظهر المجن للكرد.
في المقابل، أكدت بيشمركة كردستان بعدما التقطت أنفاسها، بعيد نكسة كركوك في 26 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أنه لم يكن في إمكان الحشد الشعبي دخول كركوك لولا عامل الخيانة، من قبل بعض من هم جزء من البيت الداخلي، وأن هذا الجيش الذي تديره إيران وتدعمه، وبتنسيق تركي صرف، وبموافقة أميركية، وبسلاح أميركي، لم يكن ليستطيع الصمود مجرد ساعات لولا تلك الخيانة.
ثمة محاولات ميؤوسة لتقديم رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، في مظهر المنتصر، وهو ما كان لينجح إلا بفعل «الضوء الأخضر الأميركي»، وذلك لدواع تكتيكية، أو حتى استراتيجية، من ضمن سياسات واشنطن المتعبة. وهو ما التقطته أربيل بوصفه رسالة واضحة، في اللحظة الأخيرة، وراحت تنسحب، وتغير خطتها بعيد تمكن إيران من اختراق خط المقاومة الكردستاني عبر بعض الذين تم استغلال هشاشة رؤيتهم، ودوافعهم الفردية، على خلفية إرث من خلافات البيت الكردستاني، والتي نشأت، أصلاً، بسبب الدور الإيراني، وأنظمة الدول التي تتوزع عليها خريطة كردستان.
وهذا جميعاً ما يجعل أربيل منتصرة في نهاية المطاف، بعد أن حصلت على وثيقة حق تقرير مصيرها فيما سلمت بغداد مفاتيحها لإيران، وقبلت الإذعان لما يملى عليها.
|