ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | صناديق الموت الفارسية
|
فريد احمد | الوطن البحرينية |
لو أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي كرر القول بأن «بلاده تعتبر أمن واستقرار جيرانها من أمن إيران واستقرارها» ألف مرة في الساعة وبأعلى صوته وبكل اللغات وليس بالفارسية فقط فإن البحرين والإمارات والسعودية على وجه الخصوص لن تصدقه، والسبب هو أنها ترى أثر فأس إيران في كل مكان. إيران هي خلاصة الشر، وتوجيه أصابع الاتهام لها والقول بأن الانفجار الذي حدث ليلة السبت في البحرين وغيره من أعمال تخريب هو من ترتيبها وتوجيهها ليس زوراً لأنها ببساطة متورطة في هذه الأفعال.
البحرين لا تتهم إيران بعد كل حادث كما ادعى قاسمي وإنما بعد كل حادث يتبين لها بالدليل القاطع أنها متورطة فيه، فالأعمال الصبيانية تقوم بها إيران وليس البحرين. ما قالته البحرين عن انفجار أنبوب النفط وعلاقة إيران به ليس مزاعم وكله صحيح، المزاعم «شغل إيران» التي تردد ليل نهار بأن أمن واستقرار جيرانها من أمنها بينما تعمل ليلاً ونهاراً على زعزعة أمن واستقرار هذه الدول. يكفي ما شهده العالم من دورها في البحرين على مدى السنوات السبع الأخيرة فهو نموذج ومثال لا يقبل التشكيك.
الأعمال الإرهابية في البحرين تتم باتصالات وتوجيهات من إيران، والذين يقومون بتنفيذ تلك الأعمال يحصلون على التدريب في إيران ودول أخرى عديدة مثل سوريا ولبنان والعراق وهي التي تمولهم وتدعمهم بقوة، وسبق للبحرين أن أعلنت عن كشفها خلايا إرهابية تورطت في هذه الأفعال واعترف عناصرها بأن إيران هي التي رتبت لهم كل شيء. إيران حاولت تهريب الأسلحة إلى البحرين والأكيد أنها نجحت في بعض المرات. لعل الجميع يتذكر ما قاله أمين عام حزب إيران في لبنان عن أنه حتى الجن الأزرق لا يستطيع أن يعرف الطريقة التي تصل بها الأموال والأسلحة من إيران إلى لبنان وأنه لو كان الحزب يريد تهريب الأسلحة إلى البحرين لما عدم وسيلة.
إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية منذ أربعة عقود، وإيران تصنع الصواريخ وتوفرها لكل من تزعم أنه مظلوماً وتدعم بالسلاح وبالمال كل من تقرر أنه يحتاج إلى عونها، وإيران تتدخل في شؤون جيرانها وتعمل على السيطرة على كامل المنطقة وتهدد الجميع في كل حين، ومع هذا تنفي كل هذا وتنكره ولا تكتفي بقول ما قاله قاسمي في رده على الاتهام الأخير المتعلق بانفجار أنبوب النفط بل تقول بصوت عالٍ إن من يتهمها بمثل تلك الأمور إنما هو (……)! فإيران ظلت تروج لنفسها منذ سيطرة الملالي على السلطة فيها وتدعي أنها إنما ترمي إلى إبادة الصهاينة وتحرير فلسطين، رغم أن العالم لم يشهد بعد، ولن يشهد، إطلاق إيران صاروخاً ولو من ورق على إسرائيل.
تدخل إيران في اليمن عقد مشكلتها وأدخل اليمنيين في دهاليز مظلمة، ولولاها لانتهت المشكلة اليمنية منذ زمن ولما حصل كل هذا الذي حصل ويحصل في هذا البلد العربي الأصيل. تدخل إيران في العراق وسوريا ولبنان وغيرها عقد مشكلات هذه الدول وكلفها آلاف الضحايا، ولولا إيران لانتهت مشكلاتها منذ زمن. إيران هي الجارة الضارة التي من المؤسف أنه لا يمكن طردها من المكان فالجغرافيا تحكم.
من يقول إن الصواريخ التي يطلقها الحوثيون من اليمن على السعودية لم يتم تهريبها من إيران يغالط نفسه، ومن يقول إن إيران لا تدرب الحوثيين على القتال ولا تدعمهم ولا تمولهم يضحك علينا. ظلت إيران تنفي علاقتها بما يجري في سوريا والعراق، ثم عندما انكشف أمرها قالت إنها إنما تشارك بمستشارين، وعندما صار جنودها يعودون في صناديق صمتت. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | أين المقاومة العراقية للاحتلال الإيراني | حامد الكيلاني
|
العرب |
هل سنشهد ثورة كردية على ما يعتبره الأكراد احتلالا إيرانيا لكركوك إثر سنوات من بسط نفوذهم عليها بعد هزيمة القوات العسكرية واحتلال داعش للموصل؟ مقاومة كردية بإمكانها أن تكون قدوة لمقاومة عراقية للمشروع الإيراني. العراقيون واللبنانيون والسوريون واليمنيون أصبحوا يتبارون ويتسابقون في إطلاق مصطلحاتهم الوطنية لتعميم توقعات المصائب والمآسي القادمة على بلدانهم، فكثيرا ما طالعتنا بفترات الانزلاق التدريجي نحو هاوية الشحن الطائفي والحرب الأهلية تحذيرات من إعادة السيناريو اللبناني في العراق وكأن “اللبننة” عصا مستلة من دروس الحرب القاسية ترفع بوجه العراقيين أو غيرهم من شعوب المنطقة، ليعودوا إلى رشدهم وبصيرتهم في التراجع إلى خط التعايش بين المجموعات البشرية داخل الوطن الواحد.
المشروع الإيراني وزع صادراته إلى دولنا وشعوبنا وما عاد بالإمكان لأي عاقل أن يحذر من مصير أكثر ظلاما وقتامة للعراقيين أو السوريين مما هم فيه، فالتجارب الإيرانية لم تستثنِ دولة دون أخرى أو شعبا دون آخر بميليشياتها وأحزابها وسياساتها وإرهابها.
مهما تعددت الوسائل واختلفت إلا أن الحرب المذهبية تظل العنوان الأبرز لتنظيم دولة إيران الإسلامية وبه تحقق أهدافها العنصرية في تخريب العنصر الأهم من الإخاء المجتمعي الذي غاب تماما أو يكاد بامتداد الأدوات والمناهج الخاصة لهذا العنوان لما فيه من إغراءات عقائدية ونفسية عابرة عند بعضهم على الحدود الوطنية.
وحدة الموضوع في صادرات الإسلام السياسي لولاية الفقيه تلتقي مع نماذجها في المنطقة بما يوفر لها دعامات أخرى تقفز من خلالها إلى بيئات مذهبية واجتماعية مختلفة باستغلال المواقف أو بشراء الذمم اعتمادا على القاعدة الاستعمارية القديمة “فرق تسد” ولذلك يفاجأ النظام الإيراني أحيانا بأي ردة فعل صادمة، خاصة إذا كانت تعبيرا عن تضامن مجموعة دول أو منظمات أو شخصيات ضد مشروع ولايته.
غياب الموقف الدولي الفاعل والموحد تجاه النظام الإيراني لم تعد أسبابه خافية منذ بدء الأزمات الجوهرية بعد احتلال العراق. تتعدد الإستراتيجيات الدولية في منطقتنا لغايات جيوسياسية ولتضارب المصالح في صراع النفوذ على مناطق واسعة من العالم.
حلقات احتلال إيران للعراق اكتملت وتعدت إلى أداء الواجبات كجزء حيوي من أهداف الحرس الثوري وفيلق القدس، بعملية سياسية تبناها المحتل الأميركي، وتطورت إلى إبادة سياسية ساهمت في تدمير العراق وارتهان شعبه إلى أجندة إيرانية صارت عبئا عليه وعلى جيرانه العرب.
ذاكرة الانتخابات وحدها في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي تزرع الرعب في نفوس العراقيين وتزيد من إحباطهم، فالعنف والمزايدات الطائفية احتكار لأصوات الناخبين لكتل متنفذة غالبيتها بتوجهات إيرانية. الانتخابات المقبلة في يونيو 2018 مفتوحة على مصراعيها للطائفية وبجرعات لا تقبل المجاملة أبدا، فالوجه المعلن للاستبداد الطائفي تم إشهاره كبطاقة حمراء لطرد كل القوى السياسية العلمانية والليبرالية والوطنية خارج المعادلة في تهميش مبكر بالإيحاء أو بالإعلان أعقب الهيمنة المطلقة بإزاحة عرب العراق بالموت والإقصاء أو بالتدجين والترويع من مصير مماثل لما جرى لإخوتهم في الوطن والعروبة.
الأكراد بعد الاستفتاء وأحداث كركوك والتدخل الإيراني أصبحوا تلقائيا طرفا ثانويا وبعض أحزابهم استسلمت بإرادتها لعراق تابع للإرادة الإيرانية، وباتت تتصرف من منطلق إدامة حياة الناس في الإقليم وطوي صفحة الكبرياء والاعتزاز القومي، لكن رغم ذلك ثمة مقاومة سرية في إقليم كردستان ضد المشروع الإيراني قد تتبلور وتسفر عن عمليات قتالية لفصائل كردية مسلحة تستهدف الحشد الشعبي باعتباره ذراعا إيرانية أو قطعات عسكرية أخرى لتقارب مهماتها في المدن التي كانت ضمن ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها بما فيها كركوك.
هل سنشهد ثورة كردية على ما يعتبره الأكراد احتلالا إيرانيا لكركوك إثر سنوات من بسط نفوذهم عليها بعد هزيمة القوات العسكرية واحتلال تنظيم داعش للموصل؟ مقاومة كردية بإمكانها أن تكون قدوة لمقاومة عراقية على كافة الأصعدة ضد المشروع الإيراني في العراق والمنطقة.
تراجع القيم الإنسانية والوطنية عند الأحزاب الدينية الطائفية المعروفة بمناهجها حولت الإنسان إلى سلعة انتخابية في سوق التشريعات القانونية، كما حدث في انتقاء التعديلات على قانون الأحوال الشخصية الذي تجاوزته القوانين العراقية منذ أمد طويل، وتعاملت معه المجتمعات الإنسانية والدولية كقيم بالية من المستحيل الرجوع إليها بعد منجزات الفكر والتقدم وتراكم مفاهيم احترام حقوق الحياة.
زواج القاصرات فضيحة يشترك فيها داعش كتنظيم إرهابي مع ولاية الفقيه الإيراني كتنظيم أكثر إرهابا وبسلطات دولة تقوم بواجبات تكليف جماعاتها السياسية في اختبارات يراد منها في النهاية إرساء قواعد أحكامها وشريعتها ومدرستها المذهبية الخاصة دون أدنى اهتمام بنتائج طروحاتها التي تسري في المجتمع، كما لو أنها حالات تسمم جماعي من هول صدمة التخلف.
لذلك نتوجه إلى اعتبار التفاضل بين شخصية وأخرى منتمية إلى حزب الدعوة الحاكم مثلا والمثبت كحزب طائفي تم تجريب تبعيته لتنظيم دولة إيران الإسلامية بتعاليمها وفقه مرشدها، تفاضلا يقودنا إلى استمرار نهج السنوات العجاف في حكم العراق، مفاضلة غير ممكنة ولا علاقة لها بالتطبيق إلا في تغير الشخوص والوجوه التي تلتقي عند مرجعية تصرح علنا أن بغداد عاصمة مشروعهم الإمبراطوري الفارسي الطائفي. كم هو الخزي والعار عندما ينبه وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، حكام العراق أنهم عرب وليسوا فرسا.
اللبنانيون يقاومون تحويل لبنان إلى عراق آخر تحت سلطة حزب الله. ما الفرق بين الأحزاب الإيرانية التي أطاحت بحضارات العراق وسوريا واليمن، إنها تتوحد في صعود نبرتها وخطابها والتكشير عن أنيابها، ثم التهدئة وإعلاء نبرة الأوطان والدبلوماسية والدساتير، ثم ماذا؟ العرب بعد اليوم لا يمكن أن يلدغوا. إجماعهم وتضامنهم ضد الأطماع الإيرانية يعززان المواقف الدولية للخروج بقرارات حازمة وحاسمة باجتماعاتهم لا يتركوا فيها فرصة لإيران وما تخطط له، والتي يشير إليها أحد كبار قادة فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني المدعو إسماعيل قاآني أثناء لقائه بعدد من المقاتلين في الميليشيات الأفغانية العائدين من سوريا، بقوله “إن مشروعكم أكبر وأوسع حيث لا حدود لنشاطكم العسكري الديني”.
هذه الإشارة تؤكد إعادة انتشار الميليشيات الإيرانية في أكثر من دولة ومساحة لإثارة النزاعات والصراعات على أرض أفغانستان وباكستان مستغلة الأزمات المذهبية في الترويج لأهدافها بعد اكتساب الميليشيات المزيد من الخبرات في الحرب داخل الأراضي العراقية والسورية واليمنية، خبرات اكتسبها حزب الله والحشد الشعبي والميليشيات الحوثية وميليشيات فاطميون وزينبيون وغيرهم بالعشرات أو المئات، عدا عن توزعهم في الدول الأخرى كدعاة للطائفية ونشر التطرف المذهبي بوسائل دعائية ومدنية كخطوة على طريق التصعيد الأخطر.
العراق تم تقسيمه إنسانيا وطائفيا وفي عاداته وتقاليده وتراجع الاتصال الحضاري المشهود للعراقيين عبر تاريخهم، لذلك وحدته السياسية وبرامجه العسكرية وخداع الانتخابات لن تداري واقعا من صنع المشروع الإيراني، واقعا فرض تشبيه مصير الدول بالعراق أو لبنان أو سوريا أو اليمن كتهديد لما ينتظرها من تدهور في وقت كانت فيه تهيئ لبعضها جيوشا من مدد الأمل لشعوبها. |