ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | القيادة الكردية على طريق تصحيح الخطأ
|
عبدالله الأيوبي
|
اخبار الخليج البحرينية |
في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لإحداث ثغرة في جدار الجليد الذي تسبب استفتاء إقليم كردستان العراق في تشييده حاجزا بين قيادة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، اقترحت القيادة الكردية في الإقليم تجميد نتائج الاستفتاء والشروع في مفاوضات مباشرة بين الجانبين لحلحلة الأمور العالقة وحل الخلافات الحادة التي نشبت بين الجانبين بعد الخطوة الكردية غير المدروسة وغير المحسوبة العواقب، على الجانبين الوطني العراقي بشكل عام والجانب الكردي بشكل خاص، لكن هذه المبادرة لم تلق الاستجابة المرجوة من الحكومة العراقية التي تمسكت بشرطها السابق وهو إلغاء الاستفتاء والاحتكام لمواد الدستور العراقي فيما يتعلق بالمسألة الكردية وغيرها من المسائل الخاصة بجميع محافظات وأقاليم جمهورية العراق.
بغض النظر عما إذا كانت المبادرة الكردية كافية أو قادرة على تلطيف الأجواء بين الجانبين وتهيئتها لبدء اللقاءات والحوارات الوطنية الخاصة بهذه المشكلة التي في اعتقادنا لم تعد مشكلة عراقية فقط، وبغض النظر عن موقف الحكومة العراقية من هذه المبادرة، فإنها في حد ذاتها تمثل بداية استفاقة كردية من النشوة التي أحدثتها النسبة العالية من المصوتين على حق أكراد الإقليم في الانفصال وإقامة دولة مستقلة خاصة بهم، فالتراجع مباشرة وبهذه السهولة عن نتائج الاستفتاء الذي دعمته القيادة الكردية بحماس منقطع النظير ووقفت رافضة جميع دعوات الأصدقاء والحلفاء بوقفه أو حتى تأجيله، نقول: إن القبول المباشر والسريع بشرط الحكومة المركزية في بغداد ليس بهذه السهولة، لكن ليس مستبعدا على الإطلاق أن تجد القيادة الكردية لنفسها مخرجا من المأزق الذي وضعت نفسها فيه.
أي قيادة وهي تقدِم على خطوة تحدد مصير ومستقبل شعبها يجب أن تتأنى وأن تدرس خطواتها بدقة متناهية وأن تتجرد تماما، وهذا أهم سمات القيادة الحكيمة، أن تتجرد من سيطرة العاطفة على قراراتها واندفاعها، هذا لم يكن حاضرا لدى القيادة الكردية وهي تمعن في الإصرار على إجراء الاستفتاء، الأمر الذي وضعها في مواجهة أصدقائها قبل أعدائها، فليس هناك عاقل يمتلك ذرة من الفهم السياسي يمكن أن يتصور قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق قادرة على العيش، من دون أن تلقى دعما أو موافقة وتأييدا من القوى الأربع المحيطة بالإقليم وهي تركيا وإيران وسوريا، ناهيك عن الوطن الأم وهو العراق.
كيف لم تقرأ القيادة الكردية هذه الحقيقة وهي تصر وتتمادى في قرارها إجراء الاستفتاء؟ فليس هناك دولة واحدة من هذه الدولة يمكن أن تقبل بدولة كردية مستقلة على حدودها، وهي -أي هذه الدول- لديها مشاكل مع الأقلية الكردية من مواطنيها وتخشى، من دون أدنى شك، من أن تنتقل عدوى الاستقلال من شمال العراق إلى أراضيها، فالمسألة هنا تتعلق بالمصلحة الوطنية العليا لهذه الدول وليس بالمصالح الاقتصادية أو السياسية العابرة والمتغيرة، فتركيا التي ارتبطت بعلاقات اقتصادية قوية وكبيرة مع شمال العراق لا يمكن أن تقبل بهذه الامتيازات بديلا للمصلحه الوطنية العليا.
فالدول المحيطة بإقليم كردستان العراق لا تحتاج إلى إرسال قواتها إلى الإقليم لإرغام القيادة الكردية على إلغاء نتائج الاستفتاء، بل الوضع القائم حتى الآن كفيل وكاف لأن يزيد من مأزق القيادة الكردية وأن يضعها في مواجهة مع أبناء شعبها بعد أن تتعاظم المصاعب أمامهم جراء العلاقات غير الطبيعية مع إخوانهم العراقيين وجيرانهم التي تسببت فيها هذه القيادة، فهناك شبه إجماع بين الدول المتضررة من استفتاء كردستان العراق على مواصلة الضغط على قيادة الإقليم لتصحيح خطئها السياسي الذي وقعت فيه، كما أن هذه الدول، وغيرها من الدول، العربية وغيرها -باستثناء الكيان الصهيوني- تؤكد للقيادة العراقية دعمها وحدة العراق وسلامة أراضيه.
فالقيادة الكردية العراقية مطالبة بتصحيح حساباتها الخاطئة، قبل أن تتساقط جميع الأوراق من بين أيديها، فهناك بوادر تصدع سياسي بدأت تظهر داخل البيت الكردي وتململ في صفوف المواطنين العراقيين الأكراد جاء الوضع غير المستقر الذي تسببت فيه قيادة الإقليم، فالقائد الذي يضع مصالح أبناء شعبه في قمة أولوياته وينحي جانبا، بل ويتجاهل، مصالحه السياسية أو الحزبية إذا كانت تتعارض أو تؤثر على مصالح أبناء شعبه، هذا القائد يمتلك ما يكفي من الشجاعة لأن يتخذ قرارا حكيما يصحح بواسطته الخطأ الذي ارتكبه أو وقع فيه.
فهل تجميد نتائج الاستفتاء هو المقدمة التي لا بد منها لحفظ ماء الوجه قبل الخطوة التالية، وهي إلغاء نتائج هذا الاستفتاء؟ هذا هو المتوقع، ولكن لا أحد يستطيع أن يجزم بذلك طالما أن العناد السياسي هو المتحكم في عقلية القيادة الكردية العراقية، لكن التراجع وتلبية شرط الحكومة المركزية في بغداد هو أمر لا مفر منه، وأن المتغيرات الإقليمية والوطنية العراقية كلها تصب في صالح الحكومة الاتحادية وموقفها من وحدة التراب العراقي والحفاظ على مصالح وحقوق جميع أبنائه من دون تمييز، عرقي أو ديني أو طائفي، فالعراق وهو يواجه هذا الامتحان الحقيقي الذي يهدد وحدته ونسيجه الاجتماعي ليس أمامه من خيار سوى إقامة دولة العدالة الاجتماعية التي يتمتع فيها جميع المواطنين بحقوق متساوية بغض النظر عن اختلاف انتماءاتهم.
فالأكراد عانوا تهميشا وظلما عرقيا واجتماعيا في جميع أوطانهم التي يعيشون فيها، بغض النظر عن تفاوت درجات هذا الظلم، وحجم تمتعهم بحقوق المواطنة في هذا البلد أو ذاك، فإنهم مواطنون لهم كامل الحقوق وعليهم جميع الواجبات، بهذه المعادلة وعلى هذه الأرضية يمكن سحب البساط من تحت أقدام من تاجر بحقوق الأقلية الكردية لتحقيق مكاسب سياسية، شخصية وحزبية. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | الغزو الأمريكي للعراق.. مجدداً | فاطمة عبدالله خليل
|
الوطن البحرينية |
طالعتنا وسائل الإعلام مؤخراً بنبأ حول مطالبة وزيرا خارجية ودفاع أمريكا بخروج إيران من العراق. وقد استنهض ذلك في عقلي جملة من علامات التعجب والأسئلة، كنت أحاول ادخارها -دون جدوى- في مرحلة كل مجرياتها تدعو للعجب.!! ولعلي هنا أكتفي بالأسئلة لأترك أفق الإجابات مفتوحاً للقارئ الكريم.
* هل تبدو إدارة ترامب مراعية لمصالح شركائها غير إسرائيل كدول الخليج العربي مثلاً؟!! عكس إدارة أوباما التي راعت إسرائيل وكانت ضعيفة أمام إيران على حساب الخليجيين؟!
* هل أصبحت أمريكا بحاجة لعذر لتواجه إيران عسكرياً إلى جانب تجريمها قانونياً؟
* هل نحن مقبلون على غزو أمريكي جديد للعراق بحجة إيران هذه المرة؟ لماذا العراق في كل مرة؟ ماذا عن اليمن وسوريا مثلاً؟!!
* ما الذي سيجره دخول القوات الأمريكية إلى العراق؟ هل سيحقق سلاماً عادلاً كما هي فاعلة قوات التحالف في اليمن، أم سيجر ويلات جديدة للعراق وعموم المنطقة كما فعل غزوها الأول للعراق؟!
* هل شن الحرب في العراق سيشكل دحراً للقوات الإيرانية في المنطقة أو متنفساً لها لتمارس جنون البطش وتعثو فساداً في العراق وما حولها؟
* هل ستزج هذه الحرب بدول الخليج العربي في حرب جديدة؟! إن لم تكن ميدانية فلعلها حرب استنزاف..!!
* تناولت الأخبار «حث وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون «الميليشيات الإيرانية» المتواجدة في العراق على العودة لديارها مع اقتراب حسم المعركة ضد تنظيم «داعش» هناك»، وأشارت إلى أن ذلك التصريح جاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالرياض في 22 أكتوبر» المنصرم. السؤال.. هل يشي ذلك بأن دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية ستكون شريكة بشكل أو بآخر في الحرب على الإرهاب في العراق ومحاولة طرد القوات الإيرانية هناك، خصوصاً في ظل ما نشهده من تقارب سعودي – عراقي في الآونة الأخيرة؟ وهل من مصلحة دول الخليج تأييد هذه الحرب ودعمها؟
* هل هناك ثمة خيارات –غير الحرب – يمكن لأمريكا ودول الخليج العربي اتخاذها بشأن استعادة العراق عربياً وإسلامياً وتخليصه من فكي إيران وشرورها؟
* اختلاج النبض:
رحم الله من قال «لسنا دعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون» في وقت لم نعد نميز فيه إن كانت طبول الحرب قد قُرعت أم قرعناها..!! |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | الانتخابات العراقية والهروب إلى الحروب
|
حامد الكيلاني | العرب |
الانتخابات البرلمانية في مايو 2018 عملية احتيال سياسي للأحزاب الدينية والطائفية الحاكمة ومعها الشلل المنتفعة من مختلف الانتماءات المذهبية لإقناع البسطاء بأنهم قادة التغيير.
صيغة الغائب لشخص حاضر، تنطبق هذه العبارة تماما على واقع الشعب العراقي وتتلبس حاضر السياسة العراقية. النظام الديمقراطي ما بعد الاحتلال صنع من العراقيين خيال مأتة أو فزاعة حقل لطرد أو تأخير الحساب مع أحزاب شرهة استولت على قوته ومصادر خيراته وأوغلت في تخلفه وتراجعه إنسانيا وثقافيا واقتصاديا وعمرانيا.
وبمثل هذا الوصف، انتقلت بغداد إلى ذيل قائمة معايير المنظمات الدولية للبلدان كأسوأ مدينة للعيش في العالم. مدينة عشوائية، غير مستقرة أمنيا، وبيئة خصبة لاستشراء الفساد وبؤرة لإرهاب متعدد تنكشف كل يوم غاياته وما يختفي وراءه من أنشطة لعصابات خارجة عن القانون، وهي ميليشيات ومافيات مدعومة من جهات سياسية وزعماء أحزاب وقوى غير مشمولة حتى بسلطة الدولة ويعجز رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة عن التحقيق معها أو مساءلتها أو إلقاء القبض عليها.
فوضى تعصف بالعراق منذ الاحتلال الأميركي في أبريل 2003 وعلى مدى زمن مفتوح توالت فيه الحكومات والدورات البرلمانية المنتخبة بنظام ديمقراطي تجريبي متوقع أن يستمر مع حالة التدهور الإجتماعي وغياب العدالة وتعميم نظام المحاصصة في الحكم، حتى في المعالجات المزعومة والمطروحة بمشاريع الأحزاب الدينية وبعملية تغليف أو تعليب منتجاتها بالكتلة السياسية الأكبر، كما في طروحات نوري المالكي لأربع سنوات قادمة كسياسي غير طائفي يرفض الأخطاء السابقة منذ الاحتلال ولا يرتضي إلا بالدولة المدنية لإنقاذ العراق من ورطة المحاصصة الطائفية والقومية. نموذج نوري المالكي يتصدّر المشهد الانتخابي القادم.
شعب من النازحين في المخيّمات ينتظرون العودة إلى مدنهم ومناطقهم السكنية المدمرة. البعض من المدن نسبة الدمار فيها 80 بالمئة وهي بحاجة إلى عمليات احترافية في إزالة الألغام والعبوات الناسفة ورفع الأنقاض ومعها جثث الأبرياء من المدنيين وفتح الشوارع والأزقة وإعادة الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصيانة البنى التحتية، مع إقرار التعويضات اللازمة ومتطلبات الدعم الدولي وتخصيصات تعتمد على ميزانية ريعية ليس فيها إلا النفط.
الانتخابات البرلمانية في مايو 2018 عملية احتيال سياسي للأحزاب الدينية والطائفية الحاكمة، ومعها الشلل المنتفعة من مختلف الانتمائات المذهبية لإقناع البسطاء بأنهم قادة التغيير وثوّار المرحلة القادمة بعد القضاء على داعش وفشل نظام المحاصصة في استيعاب الحاضر الغائب، ونعني به شعب العراق المغيّب في دوامة تجهيله وتخدير وعيه وتشتيت رؤيته عن حقوقه تحت ظل دولة تحترم مواطنيها وترعى مصالحهم وتسهر على أمنهم.
العراقيون كما يقول المثل العراقي “بين حانة ومانة” ومن يتناقل السلطة منذ الاحتلال هم قادة حزب الدعوة المخلص للمشروع الإيراني في العراق وصادراته أيضا إلى العرب والعالم.
وجد المالكي في تبعات الاستفتاء الكردي متنفسا ليلقي بلائمة سقوط الموصل المُهين للقوات النظامية على إقليم كردستان، مستغلا فرصة التفاهمات بين النظام الإيراني وحزب الاتحاد الوطني وتحديدا عائلة الطالباني للنفاذ بين جماهير الحزبين الكرديين الرئيسيين وسط حالة من الاحتقان في الإقليم بعد تنحّي مسعود البارزاني عن رئاسته. الأيام كفيلة بتكملة طبخة الأحزاب الطائفية وميليشياتها في المدن الكردية.
الإرهاب والعمليات الانتحارية والتفجيرات لا يرتبط تاريخها بدخول داعش من الحدود السورية واستيلائها على الموصل في يونيو 2014، فالحدود الخارجية لم تكن مؤمّنة منذ الاحتلال. ما يراد إقناعنا به هو أن مشكلة العراق تكمن في حرب الحدود لضمان الأمن “القومي” بمعنى أن داعش أوقف عجلة الأمن الداخلي وأعاق الانصراف إلى التنمية الشاملة.
منذ الاحتلال وإرهاب دولة المحاصصة والطوائف يمارس انتقامه بالمجتمع العراقي ابتداء باغتيال كل من ساهم في حرب الثماني سنوات مع إيران من طيارين أو ضباط لامعين أو خبرات عسكرية متفرقة، ثم التصفيات الجسدية للعقول بتداعياتها وما ألقته بآثارها على الأجيال الجديدة التي أنتجتها فتـرة الحصار وتبعتها فتـرة الخراب والإقصاء والإبادات الممنهجة بعد الاحتلال.
حيدر العبادي عندما واجه ازدحاما في تظاهرات تطالب بالإصلاح، فشل رغم التفويض الشعبي له بعد ارتباك سياسي حاد وسحب الثقة من بعض الوزراء صعودا إلى مهازل البرلمان؛ لم يستطع العبادي أن يتخذ أي قرار إيجابي بل حمل الشحن الجماهيري ليفرغه في ساحة الحرب العالمية على الإرهاب التي استعجل بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في نهاية فترته الرئاسية كدعاية انتخابية لمرشحة حزبه الديمقراطي هيلاري كلينتون.
العبادي زجّ بالقوات النظامية والحشد الطائفي ومعظم القطعات المسلحة في أتون حرب تساوى فيها داعش مع المواطن بالنتيجة بخلطة غريبة خلاصتها أكثر من مليون نازح جديد والآلاف من القتلى في حرب لم تكن احترافية تصيّد فيها العبادي المفاضلة بين سيء وأسوأ وكانت له الغلبة قياسا إلى زعيم حزبه نوري المالكي.
الوقائع تؤكد لنا أن سباقا يجري خارج المنافسة السياسية والمكاسب الانتخابية للسيطرة على القوات المسلحة من قوات نظامية أو ميليشياوية، جيش وشرطة اتحادية ومكافحة إرهاب أو حرس ثوري بتسمية الحشد الشعبي.
حرب الحدود الخارجية للعراق مع سوريا تحديدا لن تنتهي باندحار داعش، هي حرب محاور دولية وصراع نفوذ تتقاسمه أميركا وروسيا وإيران وتركيا ومن الداخل العراقي تتنافس عليه قوى نظامية تابعة للدولة وقوة إيرانية صرفة في واجباتها وعقيدتها تختبئ في عناوين مذهبية بمظلة الحكومة والقوات المسلحة وبحماية قانون برلماني لا تعلو عليه سوى إرادة المرجعيات الطائفية ووصايا المرشد الخامنئي.
الهروب إلى مهنة الحروب أقصر الطرق للخلاص من متطلبات الشعب الرئيسية في إعادة الوئام المجتمعي وبناء الثقة بين المكوّنات التي سُحقت تحت عجلة المشاريع، وفي مقدمتها مشروع تبادل المهمات الطائفية وتخادمها سياسيا بين قادة حزب الدعوة وكتلة التحالف “الوطني” وصراع فرض الإرادات وملاحقة موضة التواصل السياسي على شكل انقسامات تمهد لفرص انتخابية أكبر، رغم أن لكل واحد منهم كتلة بشرية تتبعه دون برنامج أو رؤية وطنية أو مستقبلية، لكنهم يأملون في الأصوات العشوائية التي تحذفها رياح قبلية وعشائرية ومزاجات تتعكز على حرث رماد الطائفية أو إثارة عواطف ما قبل أيام من الانتخابات التي ما إن تنتهي حتى تعود الكتل الفائزة إلى التآلف بكتلة طائفية كبيرة تحت قبة البرلمان.
حرب الحدود تدحضها حرب فاشلة للأمن الداخلي على مدة سنوات الاحتلال أدت إلى خسارة وطن بحجم العراق بتراثه وقيمه وإنسانيته ودوره الحضاري بين دول المنطقة والعالم. مقارنة تبعث على الحزن عند النظر إلى حال العراق في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي وحاضرنا، مقارنة جائرة بين طموح النهوض بالحريات الخاصة والعامة وبين هذا التهافت على مخلفات ولاية الفقيه.
أكثر من 4000 مختطف في الصقلاوية والعامرية والفلوجة والطارمية وعزيز بلد وجرف الصخر، تعجز دولة حزب الدعوة عن كشف مصائرهم بينما تتفاوض وتلتقي مع الخاطفين لتطلق سراح 3 من اللبنانيين أو عددا من الصيادين القطريين أو عددا من الناشطين الشباب. كيف يثق النـاخب العراقي بأحزاب وقيادات تتفاوض مع خاطفين؟ من هم هؤلاء؟ لماذا ترضخ لهم حكومة العبادي؟
الانتخابات العراقية تلبّي مصالح كل أحزاب العملية السياسية التي غيّبت الشعب العراقي الحاضر عن مستلزمات إنسانيته، فمن يؤيد إجراؤها في توقيتها يضمن التلاعب بنتائجها لغياب أصوات النازحين ومن يرغب بتأجيلها من السياسيين بحجة اللاجئين يترك مجالا لمزيد من سرقات الدعم الأممي لمحنة كرام أهلنا.
ماذا في جعبة حيدر العبادي من تصريحه بإبعاد الأحزاب ذات الأجنحة العسكرية من الانتخابات؟ على هذا المنوال لا أحزاب ستشارك في الانتخابات القادمة إلا إذا كانت مقاصده لا تشمل الميليشيات الإيـرانية وأحزابها ومعها ربما أحزاب شابة تتدرب في مجالسهم. هل نتوقع اشتباكا ما بين قوات نظامية وأخرى ميليشياوية لمبررات سياسية وليست طائفية وبتحريض من النظام الإيراني أو خروجا ربما على طاعته أو لإرادة دولية صادمة؛ لِمّ لا. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | عوداً حميداً للعراق !
|
خالد عباس طاشكندي
|
عكاظ السعودية |
كانت خطوات مباركة بوادر تحسن العلاقات مع العراق الشقيق، ابتداء بزيارة وزير الخارجية عادل الجبير للعراق في فبراير الماضي، وإعادة فتح منفذ «جديدة عرعر» البري أواخر يوليو الماضي والذي يعد شرياناً حيوياً للحركة الاقتصادية البرية بين البلدين لأكثر من خمسة عقود قبل إغلاقه في 1991، بالإضافة إلى عودة الرحلات الجوية، وجميع هذه الخطوات الإيجابية لم تكن وليدة اللحظة أو نتيجة لتحول مفاجئ في المواقف الدبلوماسية، وإنما مهدت السياسة السعودية لعودة العلاقات تدريجياً مع العراق منذ تعيين وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان في 2015 سفيرا للمملكة في بغداد وفق رؤية واضحة لتحريك هذه العلاقة الراكدة والسعي نحو إغلاق الهوة بين العراق ومحيطه وعمقه العربي، فالعراق دولة عربية عريقة في تاريخها وحضارتها، ودولة العراق متى أصبحت مستقرة فهي تمتلك جميع مقومات التطور والنهضة على جميع الأصعدة لتعود لمكانتها وتاريخها التليد كدولة ذات ريادة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، ولكن يظل هناك الكثير من التساؤلات الصادقة التي تلوح في فكر الباحثين العرب وأبناء العراق أنفسهم، تدور حول متى وكيف يكون العراق مستقراً وقابلاً للتعايش في محيطه الإقليمي بسلام؟!
من المجحف أن نسلط تركيزنا على حقبة محددة في تاريخ العراق الحديث بأنها كانت سبباً رئيسياً في تخريبه ودماره وعدم استقراره، وربما من اللافت أن نقول إن العراق لم يشهد استقراراً في كافة مراحل تاريخه الحديث، وإن ما نراه في عظمة العراق وأهميته تكمن في تلك المراحل الذهبية من تاريخه «القديم»، أي في منتصف القرن الثاني الهجري عندما كان العراق يلعب الدور الرئيسي في قيادة العالم الإسلامي، حين كانت بغداد مركز الخلافة لخمسة قرون، ومنارة للعلم والحضارة منذ أن حظيت في عهد هارون الرشيد بتشييد جامعة «بيت الحكمة» أول جامعة في التاريخ والتي لم يبن مثيل لها في ذلك الزمان، فكانت في عهد العباسيين جنة للعلماء بتعددها الثقافي واستقطابها لأهل العلوم والمعرفة في شتى التخصصات ومن كل الأقطار، حينما كانت جامعة «بيت الحكمة» أكبر خزانة للكتب في العالم وأهم مركز عالمي لترجمة الأبحاث والمؤلفات باحتوائها على مئات الآلاف من الكتب والمخطوطات، إلى أن غزا التتار بغداد ونهبوها وسرقوها ودمروها على مدى ما يقرب من ثلاثة قرون في الفترة ما بين 1258م حتى 1534م، والأرجح أن تلك الحقبة كانت آخر لحظة نسمع فيها عن استقرار العراق.
فالعراق المعاصر ظل يغلي في كافة مراحل تاريخه الحديث، وتخللته عشرات الثورات والفتن، وجميعها قامت على أساس التصدي لوحشية الأنظمة وإساءة معاملتها للإنسان العراقي، ابتدأت بثورة المفتي عبدالغني آل جميل في العهد العثماني ثم توالت من بعدها الثورات الشعبية على مر تاريخ العراق الحديث وضد جميع السلطات التي تعاقبت على حكم العراق منذ حكم العثمانيين في 1534، ومروراً بالاحتلال البريطاني (1918) ودخول الملكية (1921) ثم سقوطها وقيام الجمهورية (1968) واستيلاء «البعث» على السلطة وظهور صدام حسين الذي قاد تاريخ العراق إلى المزيد من التراجيديا الكئيبة والتوحش الذي أفضى إلى المزيد من الخراب والدمار حتى بلغ مبلغه بغزو الكويت فجر 2 أغسطس 1990، لتستمر الخلافات حتى احتلال العراق في 2003 واجتثاث البعث، وتلا ذلك تمدد هائل في النفوذ الإيراني داخل مفاصل صناعة القرار في العراق لتستمر الفوضى في ظل حكومات تقوم على نظام المحاصصة الطائفية والقومية، مما أوجد صعوبة في تطبيع علاقات العراق مع محيطه الإقليمي العربي إلا في نطاق ضيق جداً ويكاد يكون خالياً من الضمانات.
وعند تحليل ودراسة الأسباب الحقيقية لفوضى العراق في عصره الحديث، لا نستطيع أن نجزم حتماً أن الحاكم بريمر أو صدام حسين أو البعث أو دخول التيارات الشيوعية أو المسألة الكردية.. إلخ، بأنها كانت عوامل مفصلية في ما أفضى إليه عراق اليوم، فهناك سلسلة من العوامل الأخرى، من بينها الاجتماعية السيكولوجية والديموغرافية والجغرافية، والتي تجعل من هذا المبحث مجالاً واسعاً لا يسعنا طرحه في هذا الحيز، فعلينا الآن أن نمعن النظر في عراق المرحلة الحالية، فهو يتحرك إيجابا في مكافحة الإرهاب وعودة العلاقات الأخوية مع محيطه العربي المرتبط به بأواصر تاريخية وثقافية واجتماعية وفي كافة المجالات.
ولكن مشكلة العراق اليوم وعراق الغد التي تحول دون استقراره على المدى البعيد، تكمن في ثلاثة محاور رئيسية، وهي تغول المذهبية والطائفية في جسد ومفاصل الدولة العراقية، وعدم صلاحية الدستور وفقاً لرؤية المحاصصة والتوافق بين القوى السياسية، وأخيراً عدم وجود سقف للعلاقة مع إيران، وحل هذه المعضلات يتطلب إرادة سياسية تسعى لصياغة دستور تاريخي للعراق، يحطم أغلال العزلة الطائفية والخلافات المذهبية ويضع حداً للنفوذ الإيراني وتدخله في سيادة العراق، حينها تكون هناك بارقة أمل لعراق مستقر وعلاقات بناءة، وعوداً حميداً طال انتظاره. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 | أردوغان يُعلن الحَرب رسميًّا على “الإرهاب” الكُردي في سورية والعِراق ويُؤكّد أنّه لن يَستأذِنَ أحدًا.. هل عُدنا إلى أيّام عِراق صدام حسين؟ وما هو مَوقف دُول الجِوار وروسيا وأمريكا؟ وكيف سَيكون الرّد الكُردي؟ | عبد الباري عطوان
|
راي اليوم بريطانيا |
باستعادة القوّات العراقيّة لمدينة القائم، واستكمال القوّات السوريّة سًيطرتها الكاملة على مدينة دير الزّور، يَنتهي زَمن دولة “الخِلافة الإسلاميّة” جُغرافيًّا، وتَبدأ مَرحلة جديدة تتغيّر فيها المَفاهيم والمَوازين معًا، وتَنتهي تَحالفات “طارئة” لمَصلحة إحياء تحالفاتٍ عَسكريّةٍ وسِياسيّةٍ قديمة، لمُواجهة “إرهاب” قديم مُتجدّد، حسب أدبيات الدّول الإقليميّة. الرئيس التركي رجل طيب أردوغان فاجأ الجميع اليوم (الجمعة)، عندما سارع برَسم ملامح المَرحلة الجديدة وحُروبها، بإعلانه في كلمةٍ ألقاها في مدينة مانيسا، ونَقلها التلفزيون “سَنستهدف الإرهابيين في سورية والعِراق دون أخذِ إذنٍ من أحد، سَنقوم بتَدمير كل مَعاقل الإرهاب”. الإرهاب الذي يَقصده الرئيس أردوغان، ويُريد تَدميره، ليس “إرهاب” الدولة الإسلاميّة”، ولا “إرهاب” جبهة النصرة، حسب التوصيفات الأمريكيّة، وإنّما “الإرهاب” الكُردي على وَجه الخُصوص، في شمال غرب سورية، وفي شمال العِراق، وجنوب شرق تركيا. تركيا سليمان ديميريل وقّعت اتفاقاتٍ مع الرئيس العِراقي صدام حسين عام 1995، تَسمح لقوّاتها بالتوغّل في كُردستان العِراق حوالي 15 كيلومترًا لمُطاردة قوّات حزب العُمّال الكُردستاني، وضَرب قواعِده بالطّيران دون رحمة، والآن يُريد الرئيس أردوغان أن يقوم بالمَهام نفسها دون تجديد هذه الاتفاقات، أو استبدالِها بأُخرى، وهو مُتيقّن بأنّه لن يَجد أيَّ مُعارضةٍ من الحُكومتين السوريّة والعِراقيّة. *** الجديد في هذا المِضمار أن الرئيس التركي يُريد توسيع هذهِ الاتفاقات وشقّها العِراقي التي من المُفترض أن تُجدّد سنويًّا، من طرفٍ واحد، بحيث تَشمل شمال سورية، التي يَعتبرها الرئيس أردوغان امتدادًا عسكريًّا لحزب العُمّال الكُردستاني، وذِراعه العَسكري في سورية، وهذا ما يُفسّر اعتراضه على وجود مُمثّلين عنها في مؤتمر سوتشي للشعوب السورية، التي دَعت لانعقاده الحُكومة الروسيّة يوم 18 من الشهر الحالي، بحُضور 33 فصيلاً وتكتّلاً وحِزبًا. أخطر ما قاله الرئيس أردوغان في الخِطاب المَذكور آنفًا قَوله “نَعتبر كُل من يَقف إلى جانب الإرهابيين إرهابيًّا”، وهذا يَعني قَصف “الحَواضن” الكُرديّة المَدنيّة لأي ميليشيا كُرديّة تُصنّفها تركيا على قائمة إرهابها، وتَرى فيها خطرًا على أمنها، وخاصّةً في شمال سورية والعِراق. لا نعتقد أن الرئيس التركي يُطلق هذهِ التّصريحات، ويَتبنّى هذهِ المَواقف، دون التّنسيق المُسبق مع الجانبين، السوري والعِراقي، أو تيقّنه من دَعمهما، إلى جانب إيران، في هذهِ الحَرب التركيّة الكُرديّة، المُرشّحة للاتساع، قد يَشتعل فتيلها في أيِّ يومٍ من الأيام المُقبلة. الرئيس أردوغان يُريد أن يَستثمر النكسة التي تَعرّض لها الأكراد في شمال العراق بعد استفتاء الانفصال، وسَيطرة القوّات العراقيّة على المعابر الحُدوديّة مع تركيا بعد إحكام سَيطرتها على كركوك وسنجار، وتَملك تركيا ثلاث قواعد عسكريّة في غيريلوك 40 كيلومترًا، شمال العمادية، وكانيماس 115 كيلومترًا شمال دهوك، وسيرسي 30 كيلومترًا شمال زاخو على الحُدود التركيّة العراقيّة، إلى جانب قاعدة بعشيقة قُرب الموصل التي يتواجد فيها أكثر من ألف جندي تركي بعَتادهم الثّقيل، وهذهِ القواعد ربّما تتحوّل إلى نُقطةِ انطلاقٍ لأيِّ حربٍ قادمة يَخوضها الرئيس أردوغان ضِد ما يُسمّيه بالإرهاب الكُردي. *** نحن بانتظار ردود الفِعل السوريّة والعراقيّة الرسميّة على تصريحات الرئيس أردوغان هذه، ولكننا نَستطيع أن نتكهّن بأننا أمام مُعادلاتٍ سياسيّة وعسكريّة جديدة، قد تُولّد تحالفاتٍ جديدة، ولكن الصّمت قد يَكون من علامات الرّضا، أو تجنّب اتّخاذ مواقف قبل أن يَهدأ غُبار نهاية الحَرب على “الدولة الإسلاميّة”. والسّؤال الأهم الذي نَنتظر إجابةً عليه هو مَوقف الولايات المتحدة الأمريكيّة التي اعتمدت الأكراد كحَليفٍ استراتيجي لهم، وزوّدتهم، خاصّةً قوّات سورية الديمقراطيّة التي سَيطرت على مدينة الرقّة، بآلاف الأطنان من الأسلحة والمُعدّات الثّقيلة المُتطوّرة، ولم تُعر أيَّ اهتمامٍ للمُعارضة الأردوغانيّة الشّرسة لهذهِ الخُطوة، فهَل ستُواصل الإدارة الأمريكيّة دَعمها للأكراد وتستخدمهم ورقة ضغط سياسي وعَسكري على إيران والعِراق وسورية؟ ثم كيف سَيكون رد الفِعل الرّوسي؟ الأمر المُؤكّد أن الأكراد، وأينما كانوا، سيكونون هُم الهَدف المُقبل، والحَرب ضدهم سَتملأ فراغ الحَرب التي انتهت تقريبًا بالقَضاء على “دولة الخِلافة” بعد أقل من ثلاث سنوات من إعلانها، ويبدو أن السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كُردستان العِراق، كان يَتوقّع هذا السيناريو عندما لمّح في خِطاب استقالته إلى استمرار ارتدائه لزِي قوّات “البِشمرغة”، وعَزمه العَودة إلى الجِبال.. والله أعلم.
|