ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | عن مغامرة مسعود بارزاني…
|
خيرالله خيرالله | العرب |
الاستفتاء الكردي كان مغامرة غير محسوبة. ربما كان ذلك عائدا إلى أن مسعود بارزاني لم يقرأ الخارطة الإقليمية وخارطة الانقسامات الداخلية الكردية والموقف الأميركي جيدا. ربما أيضا قرأ كلّ ذلك جيدا. وحدها الأيام ستظهر هل كان الاستفتاء الذي عبر الأكراد من خلاله عن حقيقة ما يتطلعون إليه غير قابل للتأجيل.
يشكّل تراجع الاكراد عبر اقتراح يقضي بـ”تجميد” نتائج الاستفتاء، خطوة الى امام. هناك اعتراف بالهزيمة المؤقتة غلّفتها دعوة كردية الى الحوار والى العودة الى نصّ الدستور العراقي والاحتكام اليه. يأتي ذلك في وقت تبيّن بوضوح ليس بعده وضوح ان الانتقال الى الاستقلال لا تزال دونه عقبات كثيرة في مقدّمها رفض كلّ الدول المحيطة بكردستان قيام دولة كردية. كلّ ما تطلبه دول الجوار وحكومة بغداد من الاكراد هو الاستسلام واعتبار الاستفتاء وكأنّه لم يكن، علما انّه كان وانّ نتائجه معروفة.
اكتشف اكراد العراق اخيرا، خصوصا رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، انّ الظروف الراهنة غير مواتية للاستقلال. حصل تراجع، خصوصا بعد الذي حصل في كركوك التي كانت ولا تزال قنبلة موقوتة على الصعد العراقية والكردية والاقليمية. السؤال ما الحدّ الذي يمكن ان يبلغه التراجع الكردي في وقت ليس من يريد الالتقاء مع الاكراد في منتصف الطريق وإنقاذ ماء الوجه لرئيس إقليم كردستان. على العكس هناك من يريد الانتهاء من الرجل. أسوأ ما في الامر انّ هناك اكرادا يريدون ذلك ويعملون لأجله. هنا أيضا اخطأ بارزاني في سوء تقديره لوزن المعارضة الكردية، وهي معارضة لشخصه اكثر بكثير مما هي معارضة لمشروعه.
الدليل على ذلك، انّه لم يبرز ايّ اعتراض كردي على لفّ جثمان الرئيس جلال طالباني الذي يمثّل الاكراد الآخرين، في معظمهم طبعا، بالعلم الكردي وليس العلم العراقي. حدث ذلك لدى إعادة هذا الجثمان الى ارض كردستان بعيد الاستفتاء حيث دفن احد رموز النضال الكردي في السنوات الستين الماضية. لُفّ جثمان طالباني بالعلم الكردي، علما انّه بقي سنوات طويلة رئيسا للجمهورية العراقية وكان يمارس صلاحياته من بغداد وليس من السليمانية او أربيل او ايّ مكان آخر من كردستان.
كانت حسابات بارزاني خاطئة الى حد كبير، في مجملها، بعدما تبيّن له ان الموقف الاميركي من النوع الذي لا يمكن الاعتماد عليه. هذا عائد الى أسباب عدة في غاية التعقيد. كذلك، تبيّن الى اشعار آخر، ان دعم إسرائيل ليس كافيا كي تنحاز واشنطن للاستقلال الكردي وتدافع عن الاستفتاء ونتيجته.
اختار مسعود بارزاني السير الى النهاية في الاستفتاء على الاستقلال على الرغم من كل الإشارات التي تلقاها عن التحفظات الاميركية وعن الموقفين الايراني والتركي. اختار هذا الطريق الصعب تفاديا للانتحار السياسي بعدما اعتبر، من خلال تجربة استمرّت سنوات عدّة، ان لا مجال لشراكة مع الحكومة المركزية في بغداد في ظلّ الدولة الدينية التي نجحت ايران في اقامتها في العراق بعد سقوط نظام صدّام حسين في العام 2003.
لا شكّ انّ عوامل عدّة جعلت بارزاني يصرّ على الاستفتاء. من بين هذه العوامل ضمور عائدات الدولة العراقية من النفط وترسيخ دور “الحشد الشعبي” بصفة كونه العمود الفقري للنظام الجديد في العراق وللدولة العراقية، وهو دور ترافق مع استمرار الانقضاض الايراني على مؤسسات الدولة العراقية، او ما بقي منها. لعبت عوامل عدّة دورا في اقناع بارزاني وعدد كبير من الشخصيات الكردية بانّ لا بديل من الاستفتاء في ظلّ التغييرات التي تشهدها المنطقة كلّها بعد مرور قرن كامل على سايكس- بيكو.
ما يمكن قوله الآن انّ الاستفتاء حصل وان نتيجته واضحة. من الصعب الغاء النتيجة ولكن هل في بغداد وطهران وانقرة من يبحث عن مخرج من ازمة ما بعد الاستفتاء الكردي، وهي ازمة كردية اوّلا.
في ظلّ موازين القوى الراهنة، سيكون من الصعب إيجاد مخرج، لكن السؤال الملحّ الذي سيظل يطرح نفسه ماذا اذا تغيّر في موازين القوى القائمة التي مكّنت “الحشد الشعبي” من طرد قوات البيشمركة من كركوك؟ اثبتت ايران من خلال ما شهدته كركوك انّها اللاعب الأساسي في العراق وانّ لا وجود لمن يريد التصدّي لها، خصوصا بعدما تجاهلت الإدارة الاميركية الدور الذي لعبه “الحشد” في كركوك، وقبل ذلك في الموصل، بقيادة اللواء قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الايراني.
من الصعب التكهّن بما اذا كانت ستحصل استجابة للتراجع الكردي. لكنّ من السهل التكهن بانّ هناك من يريد التخلّص من مسعود بارزاني. من الواضح ان بغداد غير بعيدة عن هذا التوجّه بتشجيع إيراني مباشر. ففي موازاة الكلام الكبير عن استعدادات للجيش العراقي و”الحشد” للقضاء على آخر معاقل “داعش” في الأراضي العراقية، هناك مصادر ذات اطلاع واسع تؤكّد ان الهدف الحقيقي للجيش العراقي و”الحشد” هو ممارسة مزيد من الضغط العسكري وغير العسكري على أربيل.
هذه ليست المرّة الاولى التي يجد فيها الاكراد نفسهم في وضع لا يحسدون عليه. عاد عليهم ارتباطهم بالدعم الايراني في أيام الشاه بكارثة. كان ذلك في العام 1975. كان كافيا توقيع شاه ايران وصدّام حسين اتفاق الجزائر الخاص بشط العرب في آذار – مارس من تلك السنة، حتى انهار التمرّد الكردي الذي قاده الملّا مصطفى بارزاني.
لن يعيد التاريخ نفسه في العام 2017، لكنّ الثابت ان على الاكراد تقديم مزيد من التنازلات في الظروف الراهنة. هناك استغلال الى ابعد حدود لنقاط الضعف لدى مسعود بارزاني. تستغل نقاط الضعف حكومة حيدر العبادي، الذي عليه اظهار انّه ليس رجلا مفلسا كما يحاول ان يصورّه غريمه نوري المالكي. كذلك تستغلّ نقاط الضعف لدى بارزاني كل من ايران وتركيا. معروف ان ايران تريد ان تثبت في كلّ يوم انّها اللاعب الأساسي في العراق وانّ الورقة العراقية في جيبها، في حين ليس سرّا ان اكثر ما يخيف تركيا هو فكرة الدولة الكردية المستقلّة.
كان الاستفتاء الكردي مغامرة غير محسوبة. ربّما كان ذلك عائدا الى ان مسعود بارزاني لم يقرأ الخريطة الإقليمية وخريطة الانقسامات الداخلية الكردية والموقف الاميركي جيّدا. ربّما أيضا قرأ كلّ ذلك جيّدا. وحدها الايّام ستظهر هل كان الاستفتاء الذي عبّر الاكراد من خلاله عن حقيقة ما يتطلّعون اليه غير قابل للتأجيل؟
في كلّ الأحوال، مارس مسعود بارزاني لعبة كبيرة سيتبيّن قريبا هل في استطاعته الاستمرار فيها… ام عليه في مرحلة معيّنة التفكير في التنحي. الكثير سيعتمد على ما اذا كانت موازين القوى الإقليمية باقية على حالها ام لا. هل لدى رئيس إقليم كردستان معطيات لا يعرفها احد غيره جعلته يذهب الى النهاية في مغامرته؟ هل المسألة مسألة وعود أميركية لم ينفّذ شيء منها؟
الأكيد ان الاكراد يستأهلون دولة خاصة بهم. ما ليس أكيدا هل كانت الظروف الراهنة تسمح بمغامرة من نوع تلك التي خاضها مسعود بارزاني… |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | هل يمكن عزل إيران واستعادة العراق | أسعد البصري
|
العرب |
رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يكن موفقا بإصدار مذكرة استدعاء بحق رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، ولا في المعارك العنيفة بالمدفعية الثقيلة بين القوات الكردية والقوات العراقية على الحدود التركية. بدا واضحا من خلال الحفاوة التي استقبل بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الرياض والقاهرة الأسبوع الماضي أن العرب يحاولون استعادة العراق إلى عمقه العربي وتحريره من إيران. لكن، هل من الممكن حقا عزل العراق عن النفوذ الإيراني؟
يبدو وزير خارجية العراق الأسبق هوشيار زيباري متشائما، وهو يقول، في تصريح بدا وكأنه رد على هذا التساؤل، إن “التقارب العراقي السعودي وهم أميركي لإقناع الذات بإمكان إبعاد العبادي عن الهيمنة الإيرانية”.
رد آخر يظهر في تصريحات جون بولتون، سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة، الذي قال خلال لقاء على قناة فوكس نيوز الأميركية، إن التقارب السعودي العراقي مجرد محاولة دبلوماسية. فالعراق جزء من مشروع إيراني ضخم، والسعوديون يعرفون بأنهم لا يستطيعون فعل الكثير.
جوهر المشكلة برأي بولتون أن إيران عندها تصوّر واضح ومشروع كبير بعد القضاء على داعش، بينما أميركا لا تمتلك مشروعا واضحا بعد داعش.
يقول بولتون إن العراق متحد اليوم بسبب القوة والدعم الإيراني ولا أمل بعودة العراق وطنا واحدا متجانسا بشكل طبيعي بعد ما حدث من انقسامات ونزاعات طائفية. كما يرى أن أميركا أخطأت بتخلّيها عن الأكراد.
لا يعرف العراقيون السبب الذي يجعل العبادي يركض لزيارة المرشد الأعلى
علي خامنئي بعد كل زيارة مهمّة إلى الرياض.
السعودية في أكثر من مناسبة وجّهت تحية رسمية إلى نجاحات الجيش العراقي. وآخر ترحيب كان لعمليات الجيش العراقي الذي استعاد كركوك. بالمقابل هل هناك تصريح أو بيان رسمي عراقي يحيي بطولات الجيش السعودي في اليمن ضد الإرهاب الحوثي؟ ما الذي يمنع حيدر العبادي من توجيه تحية إلى الجيش العربي السعودي وبطولاته في عاصفة الحزم؟
يهيمن الموقف الإيراني على الحكومة العراقية لدرجة دفعت الأزمة الكردية إلى إراقة الدماء بين العرب والأكراد. العبادي زار الرياض بصفته رئيس وزراء العراق أم مبعوث إيران؟
ولم يكن العبادي موفّقا بإصدار مذكرة استدعاء بحق رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، ولا في المعارك العنيفة بالمدفعية الثقيلة بين القوات الكردية والقوات العراقية على الحدود التركية. سرّعت بغداد من العمليات العسكرية بعد تراجع البارزاني واستسلامه، وسقط العشرات من الأكراد بين قتيل وجريح بسبب تدخل قوات الحشد الشعبي التي تقودها طهران. قام البارزاني بتجميد الاستفتاء، ووقف إطلاق النار، وعرض الاستقالة من منصبه، والتفاوض مع الحكومة دون شروط. المفترض -لولا التدخل الإيراني- أن يستمر العبادي على نهج الاعتدال ولمّ الشمل وتشجيع الحكومة على حقن الدم العراقي.
الأكراد عندهم أسلحة حديثة ومقاتلون بعشرات الآلاف مدربون أفضل تدريب. مع هذا استسلموا وتراجعوا وعرضوا السلام والخضوع للحكومة وسلطة الدستور العراقي. وكانت أمام العبادي فرصة للتّواضع بعد صعود نجمه إقليميا حيث احتفت به أربع عواصم إقليمية كبيرة هي الرياض والقاهرة وأنقرة وطهران.
لو قبل العبادي بتنازل البارزاني له وللدولة العراقية دون تدخل وضغوط من الولايات المتحدة ودون سفك دماء لكبر في عيون الشعبين الكردي والعربي. خصوصا وأن الشعب الكردي نفسه كان يتطلع لعودة الحكومة الاتحادية إلى الإقليم وصرف رواتب الموظفين وتدفق الحركة التجارية.
يدير الإقليم 6 ملايين مواطن عراقي منذ عام 1992 ولديه محاكم وشرطة وسجون، ولا توجد جرائم كثيرة في كردستان، فيما يخشى كثيرون أن إضعاف حكومة الإقليم بسبب النزاع الحالي سيؤدي إلى عودة الجريمة والتطرف الديني.
ونجحت جامعات كردستان في استقطاب الكثير من العقول العراقية، حتى أن بعض الأساتذة كان يلغي عقده خارج العراق ويوقّع عقدا مع كردستان وهناك جامعة أميركية في السليمانية. فلماذا التحريض على هدم تجربة صحيحة وتحويل الأكراد إلى نازحين؟
لقد بالغ العبادي في إذلال الأكراد على خلفية اختراقات للدستور العراقي رغم أن الدستور في الحقيقة شبه معلّق ولا أثر واقعيّ لتطبيقه. حتى أن السفير الأميركي الأسبق لدى العراق روبرت فورد كتب مؤخرا أن الحكومة العراقية تجاوزت أغلب المواد الدستورية وخالفتها. وقال إن “الدستور العراقي يتحدث عن سيادة كردستان في 144 مادة منه، تجاوزت الحكومة العراقية 55 منها وخلال الأحداث الأخيرة زادت عليها 12 أخرى”.
الخلاصة هنا أن البارزاني قدم تنازلات لأجل شعبه وضحى بالكرامة الشخصية لعيون أطفال كردستان، في المقابل كانت طهران تدفع العبادي إلى اتخاذ مواقف متطرفة ومليئة بالغرور.
والعرب يدعمون العبادي العربي المتسامح الذي حقق نجاحات كبيرة في دحر الإرهاب ولا يدعمون العبادي الإيراني الخاضع لتهديد الميليشيات. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | حوار طرشان في الموضوع الكردي
|
علي العبدالله
|
الحياة السعودية |
في سعيي إلى التعبير عن تعاطفي مع الكرد في محنتهم بعد الإجراءات التي اتخذتها طهران وأنقرة وبغداد ضد إقليم كردستان، نشرت على صفحتي في الـ «فايسبوك» دعوة «لجنة الأنشطة لمبادرة دعم استقلال كردستان- برلين» إلى تظاهرة في برلين يوم الجمعة 27/10/2017 تبدأ بالتجمع أمام السفارة الأميركية ثم تتوجه إلى الخارجية الألمانية احتجاجاً على الصمت الدولي عما يُجرى في الإقليم.
وكانت المفاجأة تعليق عدد من أصدقاء الصفحة من العرب، تعليقات سلبية بدأت بـ «مبروك أصبحت من الداعمين»، وثنى آخر بـ «يا للعار»، وثالث بـ « ليش علي العبدالله كردي؟».
لم أردّ على الأول، وكتبت رداً على الثاني قائلاً: «هذا رأيك وأنت حرّ بما ترى، موقفي من حقوق الكرد مرتبط بإيماني بالعدل والمساواة بين البشر أفراداً وجماعات، وعدم التمييز فيها لاعتبارات عرقية أو دينية أو مذهبية». وقلت للثالث:» أنا عربي وافتخر، لكن كوني عربياً لا يعني بحال أن أكون متعصباً وأنكر على الآخرين حقوقهم، أنا مع العدل والمساواة وما أقبله لنفسي أقبله للآخرين، فالحرية والكرامة قيم إنسانية وهي حق لكل بني الإنسان من دون تمييز أو افتئات».
ردّ الثاني بلغة عامية قائلاً: «ومن قال لك إنني ضد الكرد أنا لست ضد الشعب الكردي ولكن أنا ضد الميليشيات والأحزاب الإرهابية الانفصالية الكردية هذا أولاً… ثانياً. عندما تدعو لمضاهره [تظاهرة] نصرة لاستقلال كردستان فأنت تؤيد الانفصال وتقسيم الدول العربية كالعراق وسورية وعندما تؤيد حق الأكراد بل انفصال فأنت إذاً لا تدرك أنك تؤيد أحزاباً خائنة للدين وللوطن وللشعب فالأحزاب والميليشيات التي تسعى الى الانفصال هي نفسها الميليشيات التي ساعدت وساندت النضام وإيران بحصار حلب وهي نفسها الأحزاب والمليشيات التي كانت تدخل الذخيرة للميليشيات الشيعية داخل نبل والزهراء عندما كان الجيش الحر محاصرها وهي نفسها التي طعنت الثورة السورية والشعب السوري وهي نفسها الميليشيات التي احتلت مناطق عربية كتل أبيض ومنبج والرقة والطبقة ومنعت أهلها من العودة وهجرتهم وجرفت قراهم ومنازلهم… هي نفسها الميليشيات التي تمنع السوريين العرب من دخول مناطق الحسكة والقامشلي وعفرين وغيرها إلا بوجود كفيل كردي… فمن هو العنصري والحاقد برأيك».
قلت: «صديقي يجب التمييز بين الحق الطبيعي وممارسات حزب مرفوضة، الكرد ليسوا مسؤولين عن ممارسات حزب الاتحاد الديموقراطي، مع ملاحظة أن ممارسات هذا الحزب جزء منها على خلفية عدائية وانتقامية، هي وليدة حالة العداء السائدة بين الكرد والعرب والتي تأسست على خلفية إنكار حق الكرد، وهذا لا يعني أنها مقبولة فإنا ضد كل تجاوز على حقوق المواطنين المدنيين من كل الأطراف، وقد كتبت ذلك في مقالات سابقة، وجزء منها ميداني وسياسي تستدعيه ظروف الحرب والمساومات على الحل التي ستلي وقف الحرب. أما الدعوة للتظاهرة فمرتبطة بحقيقتين أولاها تأييدي قيام دولة كردية في مناطق يتفق عليها وفق المعطيات والحقائق الجغرافية والتاريخية الراسخة، وثانيها ضرورة تحريك الرأي العام الدولي حتى لا يتشجع دعاة الحسم العسكري في إيران والحشد الشعبي ويتهورون ويهاجموا إقليم كردستان وندخل في دورة حرب لقرن آخر».
قال رابع: «هل طالبت الأكراد بالخروج بتظاهرات لإنقاذ أهلنا من الموت؟ هل طالبت الأكراد بالسماح لأهلنا بأن يدخلوا مدينتهم الحسكة من دون كفيل؟ أين الأكراد من القضية الإنسانية وحقوق الإنسان… لسنا ضد حقوق الأكراد وغير الأكراد عندما تحدد الحقوق بمنطق الحقوق».
رددت: «لو دققت في النص لوجدت أن الدعوة إلى التظاهرة موجهة من لجنة الأنشطة لمبادرة دعم استقلال كردستان، مجموعة كردية في برلين، وقد وضعتها على صفحتي تضامناً وتأييداً، فأنا مع دولة كردية في حدود متوافق عليها كي ننهي صراعاً امتد واستنزف أرواحاً وإمكانات شعوبنا، أنا كما يقولون مع طلاق بائن ولست مع زواج فاسد».
انضم إعلامي قدير من المعارضة إلى السجال وكتب قائلاً: «بس لو نعرف ما هي حقوق الأكراد، وهل لها نهاية. وهل يحق لتنظيم كردي تركي أن يحتل ربع الأراضي السورية. الحديث عن حقوق من حصل على حقوقه كاملة وبدأ بالعدوان على حقوق غيره… هو مشاركة في العدوان وتأييد له. هناك مدن عربية (مثل منبج) يحتلها البيدة على رغم أن داعش غادرها ولا يوجد أي خطر من أن يعود اليها. حقوق العرب السوريين ليست ملكاً شخصياً فائضاً يوزع على الأصدقاء والأحباب».
قلت عزيزي: «أنا أميز بين حق شعب ظلم ومشاريع أحزاب تريد الحصول على شرعية وشعبية فتطرح مشاريع كبيرة وتقوم بأعمال مرفوضة لأنها تتجاوز على حقوق غيرها. لذا أنا لم أكن مع برنامج حزب أو مجموعة أحزاب كردية. حقوق الشعب الكردي تحدد عند الجلوس على طاولة التفاوض للاتفاق على مخرج، هناك خرائط ووثائق وتاريخ معروف تحدد في ضوئه، لن تحدد جزافاً، المهم أن نقبل مبدأ المعاملة بالمثل، لا أرى منطقاً في موقف يطالب بفلسطين ويرفض حق الكرد، الكرد ككل خلق الله لهم كياناً ووجوداً وتاريخاً وثقافة، وجغرافيا يمكن تحديدها».
ردّ: «إذا سيطر الأكراد على كل الأراضي التي غالبية سكانها أكراد، وكل الأراضي والمدن التي أقلية من سكانها أكراد، ومدن ليس فيها ولم يكن فيها أي كردي أبداً… وبعد السيطرة حصل تحالف كردي مع الدول العظمى كافة يضمن بقاءهم في الأراضي هذه كلها، بما فيها الأراضي المغتصبة (الأراضي التي يسيطر عليها أكراد ولا يوجد ولم يوجد فيها يوماً ولا أقلية كردية) ألا يكون الأكراد قد نالوا حقوقهم؟ إذا نال الأكراد ٣ أضعاف الأراضي التي لهم حق فيها (بأوسع مفهوم لكلمة حق)، فما معنى المطالبة بحقوق الأكراد؟ صدقني معناها الوحيد هو دعوتهم لاغتصاب المزيد من المدن العربية، وتحويلهم إلى معتدين وظالمين ومغتصبين».
رددت: «ما تم حتى الآن ليس نهاية التاريخ، وما حصل من تمدد لقوات حزب الاتحاد الديموقراطي غير مقبول، وسوف تتم مراجعة الموقف عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات للاتفاق على حل يرضي المواطنين من دون تمييز أو إجحاف. لا أحد يقول إن ما تم سيبقى كما هو وسيعاد النظر فيه أو يكون سبباً لحروب مديدة».
عندذاك، تذكرت ما أورده الدكتور غسان سلامة في كتابه «المجتمع والدولة في المشرق العربي»، حيث قال: تسأل العراقي هل أنت بعثي؟ فيجيب بالنفي، ولكن عندما تسأله عما يُجرى في البلاد يجيب بإجابات بعثية.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | روسيا المستثمر النفطي الأهم في كردستان العراق
|
وليد خدوري
|
الحياة السعودية |
اتفقت حكومة إقليم كردستان العراق (الإقليم) وشركة «روزنفت» الروسية، على مشاريع بترولية ضخمة منذ مطلع السنة وحتى أسبوع بعد الاستفتاء، تفوق قيمتها 4 بلايين دولار، هي كالاتي:
تشييد خط أنابيب للغاز داخل الإقليم وخارجه يهدف إلى تلبية الاستهلاك المحلي والتصدير إلى تركيا وأوروبا، يبدأ تشييده في 2019 وأنبوب التصدير في 2020. وستنفذ «روزنفت» الخطين وتموّل المشروع البالغة طاقته 30 بليون متر مكعب سنوياً.
صرح الناطق باسم «روزنفت» ميخائيل ليونتيف إلى وسائل الإعلام في موسكو في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي قائلاً: «إن الاتفاقات التي نعقدها مع كردستان العراق… تعتمد على البروتوكولات التي وقعناها مع رئيس وزراء الإقليم خلال المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ في شباط (فبراير) الماضي». وعن صحة أن تكون «روزنفت» تشاورت مع تركيا حول عبور الخط أراضيها، قال: «طبعاً. ولكن ليس نحن كشركة روزنفت. فهناك اتفاق بين الحكومة الروسية وتركيا. وبالتأكيد سيكون لدينا مستهلكون في تركيا وأوروبا».
ووقعت «روزنفت» اتفاقاً لإنتاج الغاز، وآخر للاستكشاف والإنتاج النفطي في 5 قطع. وستنفذ برنامج الاستكشاف الجيولوجي قريباً، وعلى ضوء النتائج ستبدأ الإنتاج التجريبي في أوائل 2018. كما ستبدأ برنامج التطوير بحلول 2021 للقطع التي تم الاتفاق عليها والتي يقدر احتياطها بـ670 مليون برميل نفط، وهو ضئيل نسبياً. وهناك تساؤلات عن مواقع القطع الخمس، إذ لم يتم الإعلان كما هو معتاد عن أرقامها أو مواقعها. فهل هي جميعها ضمن حدود الإقليم أم يقع بعضها في المناطق المتنازع عليها التي هي الآن تحت سلطة الحكومة الفيديرالية؟
ووقعت «روزنفت» اتفاقاً يقضي بشراء نفط الإقليم على مدى 20 سنة وتكريره في مصفاتها في ألمانيا. وتعهدت بمقتضاه دفع قيمة استيراد النفط مقدماً لمدة سنتين بدءاً من أوائل هذا العام. وقد بدأ الدفع فعلاً، ما وفر سيولة للإقليم سدد من خلاله القروض المترتبة عليه. وساعد هذا الاتفاق في توفير السيولة للإقليم وتسويق نفطه. فقد واجهت أربيل صعوبات جمة في عملية التسويق. والدفع مقدماً لمدة سنتين هو أمر غير معتاد في تجارة النفط. لكن يتضح أن هذه الدفعات هي جزء من رزمة متعددة الاتفاقات لحاجة كل من الطرفين إليها. فالإقليم بحاجة في الظروف الراهنة للسيولة، و «روزنفت» تخطط للولوج في أكبر مناطق نفطية في الشرق الأوسط، ما يزيد من مشاريعها في المنطقة.
شكل تلاقي المصالح للطرفين الوصول إلى هذه الاتفاقات المتشابكة والمهمة، بخاصة للإقليم في وضعه بعد الاستفتاء. كما هناك أبعاد صناعية سيحصل عليها الإقليم. فإعطاء أولوية لتوزيع الغاز محلياً سيساعد في تزويد محطات الكهرباء والصناعات بالوقود اللازم، وتصدير البترول في توفير السيولة اللازمة لحكومة الإقليم في المرحلة المقبلة.
واتفق الطرفان أيضاً على أن تحصل «روزنفت» على حصة 60 في المئة من خط أنبوب النفط بطاقة 700 ألف برميل يومياً الذي شيدته حكومة الإقليم في 2014 لنقل نفوط كركوك والإقليم إلى معبر فيشخابور على الحدود التركية، كي يرتبط بخط التصدير العراقي (كركوك- جيهان). كما تعهدت «روزنفت» زيادة طاقة الخط إلى مليون برميل يومياً. وتدير خط الإقليم حالياً شركة أسستها حكومته والتي ستحصل على حصة 40 في المئة منه. وأعلنت «روزنفت» عن هذا الاتفاق في 19 الجاري، بعد أيام من إعلان وزير النفط العراقي عن البدء بتشييد خط مواز ضمن الأراضي العراقية، خارج حدود الإقليم.
شكلت هذه الاتفاقات مع شركة بترولية روسية ضخمة مكسباً كبيراً ومهماً للإقليم، ما سيساعده، في حال تنفيذ هذه المشاريع، في تقليص اعتماده على بغداد. كما أن الاتفاقات تشكل خطوة مهمة في التواجد البترولي والسياسي الروسي في العراق ما بعد احتلال 2003. لكن ما لا شك فيه، في الوقت ذاته، هو كيفية تمرير الاتفاقات في ظل الجو الملبد بالغيوم في العراق. وهذا الأمر يطرح أسئلة عدة:
أولاً: ماذا سيحل بالمصالح البترولية الروسية الضخمة في الجنوب؟ فقد تبنت بغداد سياسة مقاطعة الشركات النفطية التي تعمل في الإقليم. وهل ستستمر بغداد في اعتبار البترول المُصدر «مهرباً»، ما يعني مقاضاة الشركات التي تشتريه، كما حدث منذ 2014، ما دفع قاضي محكمة في ولاية تكساس إلى منع تصدير نفط الإقليم للولايات المتحدة.
ثانياً: ما هو الموقف التركي الفعلي الذي التزم تبني سياسات الحكومة العراقية في تصدير البترول؟ وما هو الموقف الروسي الذي يؤيد حق تقرير المصير لكن لا يؤيد تقسيم العراق، ولا يجد داعياً لإعلان الاستقلال الآن لعدم وجود انتهاك لحقوق ومكتسبات الكرد في المرحلة الحالية؟
ثالثاً: أعلنت الحكومة التركية بعد الاستفتاء أنها ستلتزم بما تطلبه منها بغداد بالنسبة لصادرات البترول عبر أراضيها. فما هو الموقف التركي من الصادرات البترولية في هذه الاتفاقات؟ وما هو دور الاتفاق الروسي- التركي، بخاصة أن العلاقات البترولية بين البلدين ضخمة جداً ومن أولويات مصالح الدولتين. فروسيا مهتمة باستمرار هيمنتها على سوق الغاز الأوروبي. وتركيا تطمح في الاستمرار بدورها كمركز للصادرات البترولية من الشرق إلى أوروبا، إضافة إلى العلاقات ما بين دولة كبرى وجارتها.
رابعاً: ما هو مصير رئاسة مسعود بارزاني لحكم الإقليم؟ لقد أُبديت معارضة قوية للاستفتاء من أطراف مهمة في الإقليم، حتى من أقرب المسؤولين في الحكم إضافة إلى أحزاب كردية مهمة، ناهيك عن حلفائه الأساسيين في بغداد، الذين عرضوا عليه حلاً وسطاً بانتخابه رئيساً للبلاد بعدما نفدت مدة رئاسته الإقليم لمدة سنتين، ولم يتم تجديد ولايته. لقد نصح معظم السياسيين المقربين، بارزاني بخطأ إجراء الاستفتاء. ويتضح أن المجموعة التي نصحته بالمضي قدماً بإجرائه هم مجموعة المستشارين الأميركيين القريبين منه، ومن ضمنهم السفير الأميركي السابق في بغداد زلماي خليل زاد، وغيره.
فما هو رد الفعل الأميركي على هذه الخطوة الروسية المهمة لولوج الصناعة البترولية العراقية ثانية؟ وما هو موقف حكومة كردية جديدة في الإقليم من رزمة الاتفاقات هذه بعد إزاحة بارزاني؟
خامساً: ساعد تغير ميزان القوى بعد الاستفتاء في حل بعض المشاكل العالقة لمصلحة بغداد، منها وضع المناطق المتنازع عليها، وانتكاسة البارزاني السياسية ومجموعته، خصوصاً ضمن الأكراد أنفسهم، ونمو علاقات أقوى مع الخارج بخاصة في حال استمرار سياسة عقلانية ، ووضع حد لسياسة نفطية كردية بمعزل عن بغداد. هذه مكتسبات ستحاول بغداد الحفاظ عليها.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 |
امريكا والصورة المقلوبة في العراق
|
جهاد العيدان
|
راي اليوم بريطانيا |
اية متابعة عقلانية واستراتيجية لقراءة السياسة الامريكية في المنطقة والعالم لاتخرج عن القول انها سياسة غبية بكل المقاييس , اذ انها مازالت تخضع لمنطق الكابوي ومنطق الغاب , صحيح انها قد تحقق في الظاهر مكاسب مادية وانية الا انها سرعان ماتنقلب الى الاسوأ ويحصل الضد بالضبط. لااريد الحديث عن المصاديق وهي كثيرة وتحتاج الى مؤلفات بل اتوقف عند قضية مراهنة امريكا على الكرد هذه الايام وهو بلاشك رهان خاسر ومدمر وسيكلف الكرد ضرائب باهضة هاهي اليوم بعض استحقاقاتها تتكشف على الساحة العراقية والبقية اشد واعظم . فمنذ ان اندلعت ازمة الانفصال الى اليوم والخارجية الامريكية تلمح تقريبا الى فضل الاقليم على القوات الامريكية حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية “رجالنا ونساؤنا في القوات العسكرية قاتلوا وماتوا الى جانب الاكراد ولم نكن والشعب العراقي على ما نحن عليه اليوم لولا البيشمركة ولولا القوات الكردية”, بينما نجد هذه الخارجية ذاتها تتهم احد قادة الحشد الشعبي بالارهاب وهو المجاهد ابو مهدي المهندس المشهود له بالجهاد ومقارعة جماعات داعش الارهابية ورغم انه كان مهندس العمليات الناجحة ضد داعش التي افل وجودها وظلها في العراق بفضل ابطال الحشد المقدس . لانريد مناقشة هذه الصورة المقلوبة لامريكا فهي تعتبر الكرد المتامرين مع داعش وبكل الارقام وبكل الادلة وكانهم منقذين للجيش الامريكي ومتفضلين على امريكا وذلك كي تمرر اجندتها في المنطقة الرامية الى دعم هؤلاء وتهيئتهم للدور المقبل المنوط بهم ليكونوا كبديل عن داعش وليكونوا بيادق جديدة لواشنطن وتل ابيب في المنطقة . اما الحشد الشعبي والوطني والعقائدي والمخلّص الحقيقي من داعش فواشنطن كانت على عداء مع هذا النتاج المقدس منذ بداية نشوئه من خلال فتوى المرجعية العليا في العراق وان اساءة واشنطن للحشد من خلال تصريحات وزير الخارجية الامريكي سابقا واليوم من خلال المتحدثة باسمها انما هي بالفعل اساءة للمرجعية واساءة لكل ماهو اصيل ووطني ومستقل . فامريكا وقفت بالضد من هذا النتاج النابع من ارادة صميمية للشعب والمرجعية فكم من المرات حالت دون مشاركة الحشد في عمليات التحرير من داعش وكم من المرات قصفت تواجد الحشد الشعبي بطائراتها بدلا من قصف الدواعش وكم مرة تعرضت بالسوء لرجالات وقيادات هذا الحشد والبت عليهم بعضلا الاطراف السياسية واليوم ومع اقتراب نهايات داعش في القائم وراوة كشرت واشنطن عن انيابها لتلوك سمعة قيادات ورجالات الحشد المقدس لتؤكد للراي العام وللتاريخ ولشعبنا بانها هي العدو اللدود وان كل مصائب العراق وفلسطين وسوريا والمنطقة انما هي من تحت راس واشنطن اليهودية الحاقدة . ان اتهام الحاج ابو مهدي المهندس هي وصمة عار للعراق والعراقيين وان السكوت عن هذه التهمة هي سكوت على الباطل وقبول به لينجر العراق الى محطات ماساوية اخرى لايعلم مدياتها الا الله . ان امريكا بهذه الاتهامات اعلنت الحرب على الشعب العراقي وعلى المرجعية , وان بقائها في العراق يعني المزيد من تدمير العراق والمزيد من تقسيمه وتشظيته وان العراق الذي دافع عن نفسه في مواجهة داعش وانتصر عليها ودافع عن وحدته بعد حمى الانفصال البرزانية سيدافع ايضا وبشراسة اكبر عن شرفه وكرامته وسيطرد امريكا عن ارض العراق لان امريكا مجرد بلد عابث وكيان مدمر ومخرب لايمكن التعايش معه او التعاطي مع شعاراته او مزاعمه التي هي وصمة عار على البشرية . ان كل يوم يمر تكتشف البشرية ان سبب معاناتها وحروبها والفتن التي تعصف بالكرة الارضية انما سببه هذا الوحش الامريكي الذي يعيث في الارض فسادا ودمارا وان يوم انقراضه بات قريبا ان شاء الله تعالى .
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | حقيقة الدور الأردني في أزمة كردستان
|
فهد الخيطان | الغد الاردنية |
لم يكن الأردن، وعلى خلاف ما يعتقد بعض المحللين والساسة، بعيدا عن التطورات الجارية في العراق. في وقت مبكر انخرط في جهد مشترك مع الحكومة العراقية وحكومة كردستان لمواجهة خطر تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على عدة مدن وبلدات عراقية قبل نحو ثلاث سنوات. وفي إطار التحالف الدولي الذي تشكّل بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عمل الأردن على تقديم أقصى مساعدة ممكنة لضمان هزيمة التنظيم الإرهابي وتحرير مدينة الموصل والمناطق الغربية المتاخمة للحدود الأردنية مع العراق. وشكلت هذه التطورات فرصة غير مسبوقة لتعزيز علاقات الأردن مع حكومة حيدر العبادي بدأت تنعكس بشكل إيجابي على التعاون الاقتصادي بين البلدين. وظل الأردن منحازا وبقوة لمبدأ الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا في إطار صيغة دستورية تحفظ حقوق مكوناته الاجتماعية. بعد قليل على استفتاء إقليم كردستان الذي فجّر أزمة حادة ومواجهة عسكرية بين بغداد وإربيل، زار العبادي عمان وفي وقت متزامن حلّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضيفا على الديوان الملكي أيضا. في الأثناء لم تتوقف اتصالات الأردن مع قيادة إقليم كردستان، التي تجمعها مع عمان علاقات تاريخية مشهودة. على وقع هذه التطورات راجت أنباء عن تقدم الأردن بمبادرة لحل الأزمة بين حكومة بغداد وإقليم كردستان، تم رفضها. لكن مصادر سياسية رفيعة المستوى تؤكد بأن الأردن لم يتقدم أبدا بمثل هذه المبادرة، وأن كل ما حصل هو أن أطرافا عراقية طلبت من عمان التوسط لاحتواء الأزمة. وتؤكد هذه المصادر أن دور الأردن لم يتعدَ تقديم النصائح انطلاقا من قناعة أردنية مفادها أن كل الأطراف خاسرة إذا ما لجأت لخيار التصعيد، وأن وحدة العراق مبدأ ثابت لا يجوز التنازل عنه، والتأكيد على اعتماد الدستور العراقي كمرجعية لتسوية الأزمة. عرض الأردن هذه المبادئ بكل وضوح وصراحة، وأبدى استعداده لدعم جهود استئناف الحوار في حال رغبت الأطراف المعنية بذلك. كانت هذه حدود التدخل الأردني في الأزمة بناء على طلب عراقي، ولم تبلغ في أي لحظة مستوى تقديم مبادرة. فالأردن على معرفة واسعة بتفاصيل الأزمة وتعقيداتها ولم يكن ليغامر بتقديم مبادرة يعلم سلفا أنها محكومة بالفشل. سارت الأحداث على نحو متسارع بعد ذلك وفرضت بغداد إيقاعها في الأزمة، عندما استعادت السيطرة على مدينة كركوك وجوارها، وضمنت دعما إقليميا ودوليا يساند موقفها في رفض الاستفتاء، الأمر الذي دفع بحكومة كردستان إلى تقديم التنازلات كإعلان عن فشل مغامرتها الانفصالية. مصلحة الأردن هى في الحفاظ على وحدة العراق دون انتقاص من حقوق مكوناته، وقد التزم بقرار الجامعة العربية بهذا الخصوص، مثلما دعم على مر الزمن جهود المصالحة العراقية واستضاف عديد الاجتماعات على أراضيه لتحقيق هذه الغاية. ما يزال أمام الأردن فرصة للعب دور بناء في ترميم العلاقات بين بغداد وإربيل واحتواء آثار الأزمة التي تفجرت بعد الاستفتاء.
|