ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
1 |
كردستان: من احتلال كركوك إلى إسقاط بارزاني؟
|
افتتاحية
|
القدس العربي
|
||
كشفت سيطرة قوّات الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» على مدينة كركوك، ثم تقدّمها نحو مناطق أخرى ضمن إقليم كردستان، منها سنجار، معالم اتفاق لحكومة بغداد مع قادة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بإشراف إيراني. التسريبات الواردة من مصادر كرديّة تحدّثت عن اجتماع تم بين بافيل، ابن الزعيم الراحل جلال طالباني، ووريثه في الحزب، مع هادي العامريّ، قائد قوات «الحشد الشعبي» (نائب البرلمان ووزير النقل والمواصلات السابق) برعاية الجنرال الإيراني الشهير قاسم سليماني، وتم الاتفاق فيه على تسليم قوّات الاتحاد الكردستاني، التي يرأسها المسؤول الأمني في الاتحاد، لاهور شيخ جنكز طالباني (إبن عمّ بافيل) للمواقع الاستراتيجية في كركوك لقوّات «الحشد» والجيش العراقي. لكن هل كان تسليم الاتحاد الكردستاني لمدينة كركوك، والذي اعتبره الحزب الديمقراطي الكردستاني، «خيانة» سببها «اتفاق سرّي مع إيران»، البند الوحيد والرئيسي في «الاتفاق» أم تكمن خلفه ترتيبات أكبر وأكثر خطورة من سقوط كركوك؟ المصادر الكردية تتحدّث عن مشروع يكافأ فيه الاتحاد الوطني الكردستاني على «تعاونه» مع بغداد وطهران بإعطائه دوراً سياسيا وماليّاً في المناطق الكردية التي تسيطر عليها قوّات الحكومة العراقية بحيث يمتد من كركوك إلى حلبجة والسليمانية فيتشكل إقليم كرديّ موال لبغداد وطهران، ويكون هذا الإقليم هو النموذج المطلوب تعميمه على باقي المناطق الكرديّة عبر الانتخابات أو السيطرة العسكرية، ويحصل قادة الاتحاد، من خلال هذه الصفقة على توكيل بإدارة كردستان العراق، وبجزء من أموال نفط كركوك. الاتفاق، بهذا المعنى، هو انقلاب على سلطة مسعود بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وعلى فكرة إنشاء دولة كرديّة مستقلة، ويشبه عودة مؤقتة إلى حال كردستان قبل 14 عاماً (حيث كانت تتنازع إدارة الإقليم حكومتان، الأولى عاصمتها السليمانية ويقودها طالباني، والثانية عاصمتها أربيل ويقودها بارزاني)، وهو الوضع الذي انتهى مع سقوط نظام صدام حسين عام 2003 مما أدّى لسيطرة قوات بارزاني على كركوك. حينها قام جلال طالباني، وبطريقة سياسية تختلف عما فعله ابنه في الأيام الماضية، بإقناع بارزاني بإعادة كركوك لسيطرة الحكومة المركزية على أن تحلّ مشكلتها دستورياً من خلال المادة 140 التي تدعو لإجراء استفتاء فيها يصوّت فيه سكانها على انتمائهم لإقليم كردستان أم لحكومة بغداد، وتحدد عام 2007 كموعد نهائي لذلك، وهو ما ماطلت فيه الحكومات العراقية حتى الآن. «الاتحاد الكردستاني» خدع حكومة أربيل بموافقته على الاستفتاء ودفع أنصاره للتصويت لصالحه ثم الالتفاف على نتائجه والاتفاق مع حكومة بغداد ضد بارزاني وصولا، على ما يظهر، للتخطيط لإنشاء مشروع كرديّ بديل يعمل على تنفيذ خطط بغداد وطهران في الإقليم. النائبة في البرلمان العراقي آلاء الطالباني قالت إن المشكلة الكردية تتمثّل في حكم بارزاني وفي استئثار حزبه بثروات الإقليم، غير أن منطوق التصريح الحقيقي هو أن حلّ «المشكلة الكردية» هو باستلام الاتحاد الكردستاني لشؤون الإقليم واستئثار قادته، من آل الطالباني، بدلاً من آل بارزاني، بتلك الثروات. وهو ليس إلا تكراراً لفصل مأساوي جرى مرّات كثيرة في تاريخ الأكراد وكان سبباً رئيسياً في هزائمهم. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
2 |
مصيبة الشعب الكردي
|
جلبير الأشقر
|
القدس العربي | ||
غداة ما أسميناه استفتاء «الاستقلال الوهمي» الذي نظّمه مسعود البارزاني يوم 25 أيلول/سبتمبر في إقليم كردستان العراق كما في المناطق التي درجت تسميتها «المتنازع عليها»، جاء هذا المقال الأسبوعي بعنوان: «انتهت السكرة وبدأت الفكرة». وقد باتت الآن الحصيلة فاقعة أمام أعين الجميع، تؤكد أن المناورة السياسية التي قام بها رئيس الإقليم مدغدغاً مشاعر الشعب الكردي القومية المشروعة، إنما انقلبت ضرراً جسيماً على القضية الكردية وعلى أفق الاستقلال الكردي بعينه. وقد حمل التقرير الذي نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» يوم أمس عنواناً بليغاً أعلن أن «أحلام الاستقلال الكردي تحطمت عندما دخلت الدبابات العراقية كركوك». واستشهد التقرير بباحث كردي يقول «فقدَ الكرد كركوك إلى الأبد»، مضيفاً «لم نعد فقط إلى حدود ما قبل 2014، بل نحن في طريق العودة إلى حدود ما قبل 2003». وهو يقصد أن السلطات الكردية في طريقها ليس فقط إلى فقدان «المناطق المتنازع عليها» التي استولت عليها قوات البيشمركه قبل ثلاث سنوات وهي تتصدّى لاقتحام الأراضي العراقية من قِبَل تنظيم داعش وتنتهز فرصة انهيار الجيش العراقي هلعاً أمام ذلك الاقتحام، بل أن السلطات الكردية في طريقها إلى فقدان ما أحرزته من تقدم ومكاسب في ظلّ الاحتلال الأمريكي. والمعروف أن كردستان العراق التي ازدهرت تحت حماية أمريكية/تركية بعد الحرب الأمريكية الأولى على العراق سنة 1991 والتي تمكّنت من تعزيز قدراتها العسكرية تحت إشراف أمريكي طوال السنوات السابقة لاحتلال عام 2003، كانت قد نعمت بمعاملة مميّزة في ظلّه بحيث جمعت بين التمتّع باستقلال فعلي في الشؤون الرئيسية والتمتّع بفوائد الانتماء إلى دولة عراقية تحت وصاية أمريكية. وعلاوة على ذلك، كانت تستفيد من علاقات طيبة مع جارتيها الإيرانية والتركية من خلال العلاقات التي نسجها كل من الطرفين الكرديين الرئيسيين مع كل من الدولتين: جماعة بارزاني (الحزب الديمقراطي) مع تركيا وجماعة طالباني (الاتحاد الوطني) مع إيران. وبعد خروج القوات الأمريكية من العراق في آخر عام 2011، تاركة وراءها بلداً خاضعاً لنفوذٍ إيراني لم يَنِ يتصاعد منذ ذلك الحين حتى بات العراق أشبه بولاية إيرانية يدير شؤونها وكيل لطهران اسمه نوري المالكي، جاءت غزوة «أبو بكر البغدادي» في صيف 2014 لتقدّم فرصة جليلة لواشنطن وللقوات الكردية. فقد انتهزت واشنطن فرصة احتياج الدولة العراقية لدعمها الجوّي ولمعونتها في إعادة تسليح جيشها المركزي، انتهزت تلك الفرصة لتصرّ على استقالة المالكي الذي حلّ محلّه حيدر العبادي. ومن جهتها، انتهزت القوات الكردية فرصة الانهيار عينه لتوسيع انتشارها، لا سيما في مدينة كركوك ذات القيمة الرمزية العالية بالنسبة للكرد وفي محافظتها الغنية بالنفط. وإزاء تحريك الطرفين الأمريكي والكردي أحجارهما على رقعة الشطرنج العراقية بما بدا بمثابة «كش ملك» لإيران، قامت طهران بتحريك مضاد لأحجارها لتدارك الأمر. فانتهزت بدورها فرصة محاربة عصابات داعش كي تصّعد وصايتها على العراق بشكل خطير من خلال تطويرها للقوات الطائفية التابعة لها، وأغلبها منضو تحت لواء «الحشد الشعبي»، وكذلك تدخّل رجالها السافر على أراضي جارتها. هذه السنوات ذاتها شهدت انتقال رجب طيّب أردوغان إلى إشعال الحرب على الحركة الكردية في تركيا بعد سنوات عديدة من الهدنة والتقدّم في صيغة التعايش، مستغلاً العصبية القومية التركية في وجه تراجع انتخابي ساهمت فيه الحركة الكردية بصورة بارزة، بينما كان نجم حليفتها في سوريا يتصاعد، مستفيدة هي الأخرى من الفرصة التي قدّمها أبو بكر البغدادي. ولمّا أشرفت عصابات داعش على الاندحار بصورة كاملة واقترب موعد التفاوض على «المناطق المتنازع عليها» مع سلطة بغداد، ظنّ البارزاني أنه يستطيع إصابة هدفين بحجر الاستفتاء الواحد: تعزيز سيطرة الإقليم على المناطق المذكورة، ولا سيما كركوك، وتعزيز فرصته بالفوز بالانتخابات التي كان إجراؤها في إقليم كردستان العراق مزمعاً بعد شهرين (ومن المرجّح أن تؤجّل الآن). أو ربّما حسبَ بصورة مكيافيلية أن منافسيه الطالبانيين سوف يتحمّلون مسؤولية خسارة كركوك، حيث أنهم المشرفون على الانتشار الكردي فيها، بما يعزّز غايته في ضمان حكمه للإقليم. وأياً كان حساب مسعود بارزاني، فقد جاءت نتيجته كارثية عليه وعلى الشعب الكردي. فلم تصطدم مناورته برفض بغداد وطهران وحسب، بل أدّت إلى قطع الجسور بينه وأنقرة، التي كانت ترعاه حتى قراره إجراء الاستفتاء، كما وإلى تنصّل واشنطن منه وتأييدها لاستعادة السلطة العراقية المركزية سيطرتها على المناطق التي خسرتها من جرّاء الغزوة الداعشية. لا بل انسحبت القوات التابعة لجماعة الطالباني أمام تقدم قوات بغداد الرسمية ومعها القوات الطائفية، ملقية اللوم على بارزاني. وقد بدأ تبادل التهم بين الطرفيين الكرديين بما يُنذر بتجدد القتال بينهما مثلما حصل في التسعينيات، عندما انتهى بارزاني إلى الاستنجاد بقوات صدّام حسين نفسه! وهذه المرّة وبينما ستتلقّى جماعة طالباني دعماً من طهران وبغداد، لن يجد بارزاني من ينقذه وقد دعت أنقرة بغداد إلى استلام نقاط الحدود بين تركيا وإقليم كردستان. إن مصيبة الشعب الكري التاريخية أن قياداته بدل التعويل على استراتيجية طويلة المدى تقوم على كسب دعم الشعوب الثلاثة المحيطة بكردستان، العربي (العراقي والسوري) والإيراني والتركي، إنما راهنت دائماً على هذا أو ذاك من الحكام المستبدّين بهذه الشعوب والمساهمين جميعاً في اضطهاد الأمة الكردية. وقد دفع الشعب الكردي ثمناً باهظاً في كل مرة وسوف تستمر هذه المأساة طالما لم يفرز قيادات مختلفة نوعياً عمّا عرف حتى اليوم. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
3 | دموع الأكراد على كركوك والخوف على أربيل
|
أسعد البصري
|
العرب | ||
الصراع على كركوك حطم التحالف الشيعي الكردي. الكردي يشعر بأنه مغتصب اليوم. شعورهم بالانكسار سيجعلهم يساعدون سنة العراق فقد جمعهم ‘سوء المصير’ في النهاية.
وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري قال قبل يومين إن الجبهة الداخلية قوية ومتماسكة، ونصح بعدم المراهنة على انشقاقات كردية. وقال رغم كل الضغوط الدولية والداخلية فإن الاستفتاء قد حصل وشعب كردستان قال رأيه. يقول زيباري إن الأكراد يريدون الاستقلال والابتعاد عن حكومة طائفية متغولة على باقي المكونات.
بعد هذا الكلام مباشرة وعشية استعادة كركوك من قبل القوات المسلحة العراقية قالت النائبة الكردية آلاء الطالباني لقناة كردستان “إن بيشمركة الاتحاد الوطني كانوا دائما في مقدمة المدافعين عن أبناء كركوك وحمايتهم من الإرهاب والدواعش وأعطينا الآلاف من الشهداء والجرحى في سبيل ذلك، لكننا لن نضحي بقطرة دم واحدة لأجل الحفاظ على آبار نفط مسروقة ذهبت أموالها إلى جيوب أحزاب وأشخاص وسنبقى حماة كركوك بكل مكوناتها”. وتضيف في مناسبة أخرى إن “قاسم سليماني كان موقفه موقف النصح، وهي نفس النصيحة التي نصحنا بها رئيس الوزراء العراقي والإخوة في الحشد الشعبي”.
ومن جهته قال المحلل الأمني والسياسي هشام الهاشمي إن التطورات الأخيرة في مدينة كركوك حدثت نتيجة تنسيق بين بافل الطالباني نجل زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الراحل من جهة، والجنرال الإيراني قاسم سليماني من جهة أخرى.
في بيان صادر عن “التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة” برئاسة برهم صالح قال “إن هذا الوضع الحالي المتأزم في كركوك، لا تتحمله قوات البيشمركة البطلة التي هزمت الدواعش، وإنما هو نتيجة للمجازفات السياسية والخطوات اللاواقعية التي لم تأخذ في حسبانها مصالح الشعب. وهو نتاج لمحاولات الفاسدين لتغطية النهب والسلب باسم كركوك والقومية الكردية”. من الواضح أن الجبهة الكردية الداخلية ليست كما ذكر هوشيار زيباري، بل يبدو الأمر كما لو أنهم مجموعة قراصنة يتقاتلون على كنز.
الخارجية التركية ذكرت بعد استعادة الموصل “نحذر حكومة إقليم أكراد العراق بعدم ارتكاب أخطاء جديدة مشابهة للأخطاء الفادحة التي فعلتها في الآونة الأخيرة. تركيا ستكون إلى جانب الحكومة العراقية في الخطوات التي ستتخذها من أجل تأسيس دعائم السلام والاستقرار الدائمين في البلد”.
حيدر العبادي يعين راكان سعيد الجبوري محافظا على كركوك بعد تحريرها بصفة مؤقتة بدلا من المحافظ المقال نجم الدين كريم، وفي بيان صادر عن القنصلية الأميركية في كردستان تؤكد فيه أميركا “إننا نؤيد الإدارة المشتركة السلمية من قبل الحكومتين المركزية والإقليمية بما يتفق مع الدستور العراقي في جميع المناطق المتنازع عليها”.
يبدو النصر السياسي الذي حققه سليماني في كركوك مدينا بالدرجة الأساس لحزب الطالباني الذي يسيطر على السليمانية وكركوك. لقد كان البارزاني يكدس قواته بكركوك لمواجهة الحكومة الاتحادية، بينما كان حزب الطالباني يكدس قواته لتسليم كركوك للحشد الشعبي والجيش العراقي وتحرير كركوك من الاحتلال البارزاني الذي في نظرهم يريد سرقة نفط كركوك.
لأول مرة رأيت فيها قاسم سليماني راكعا هي عند مشاهدة قبر جلال الطالباني. فتخيل عظمة الخدمات التي قدمها الطالباني في حياته للمشروع القومي الإيراني. أولاد الطالباني هم أولاد سليماني، وبناته هم بنات سليماني. إن البيت واحد بينما وحده مسعود البارزاني يسمع هذا المساء قهقهات رب الأكراد في الجبال ضاحكا على شعبه التائه.
يبدو البارزاني وكأنه الكردي الانفصالي الوحيد في هذا العالم، فحتى حزب العمال التركي الإرهابي تبرأ من طموحه بالاستقلال. كأنه وحده يحلمُ بكردستان بينما الباقون كلهم وطنيون عراقيون.
هذا القائد الكردي يمر بوقت عصيب ونحن نقدر للسعودية مباركتها للحكومة العراقية لنجاحها في الحفاظ على وحدة وسيادة العراق، لكن من الضروري حماية البارزاني وعدم السماح بكسره نهائيا فهو مركز توازن مع حزب الطالباني المتحالف مع الحرس الثوري الإيراني. ومن مصدر موثوق فإن سليماني أبلغ البارزاني بأن ينسحب إلى المنطقة الزرقاء التي كان متواجدا فيها قبل عام 2003، وإلا فمصيره مجهول. لهذا نتمنى أن تمد المملكة يدها القوية وتحافظ على البارزاني داخل اللعبة السياسية العراقية.
رسالة وصلتني تقول “أستاذ أسعد موضوع البكاء عند الأكراد شيء ملفت للانتباه، فكم مر على السُّنّة من أحداث صعبة مع هذا لم نر مثل هذه المواقف والدموع، مشاعرهم تغلي إنها دموع الأكراد على كركوك”. شيخ كردي قال “نشعر هذا المساء بما شعر به العرب عام 1967، ليل حزين هبط على أربيل الجميلة”.
الأكراد الآن يتجرعون المر ويشعرون بالعار فأعلامهم منكسة وبنادقهم محنية، فتياتهم يمشين بعيون مكسورة والخيانة في داخلهن. شعب أفاق على سليماني وحزب الطالباني في فراش واحد.
هناك حالة فزع وصدمة لدى الأكراد لعلمهم بأن القضية لن تتوقف عند كركوك. الأحد الماضي قالت هيئة إنقاذ الطفولة إن نحو 400 ألف طفل لا يزالون مشردين بعد معركة الموصل في العراق بعد عام من بدء الهجوم لاستعادة السيطرة عليها من يد تنظيم الدولة الإسلامية. على البارزاني أن يتوقع نصف مليون طفل كردي مشرد.
يحاولون وضع ما جرى بكركوك في إطار وطني ولكنه ليس كذلك. شاعر عراقي يقول هل نفرح لانتصار الدولة؟ ولكن ما هو مظهر وجود الدولة؟ هل هو القانون والنظام والمطاعم ورجال الأمن والشرطة بملابسهم الزاهية الجميلة؟ هل هو دخان المعامل وأسراب التلاميذ؟ هل هو الحدائق والملاعب؟ لا مظهر للدولة العراقية سوى الميليشيات والرايات الحسينية وطقوسها والسراق والقتلة الذين يختفون وراءها. إنه “الوباء الحسيني” المحمول بدبابات أبرامز الأميركية.
لا يستحق الشعب الكردي البكاء على كركوك هذا المساء. ستظهرهم حكومة جنكيزخان كخونة للوطن وانفصاليين، وسيتعاملون معهم باحتقار في بغداد. سيكون السروال الكردي رمزا للخونة الجبناء. لقد جربناهم ونعرف عقوباتهم النفسية للشعوب المهزومة. هذا غير الإجرام في مدينة كركوك وليالي الخناجر التي ستقام. سيتم كل شيء بالظلام ويتكتمون عليه.
بعض عرب كركوك يرقصون على دموع البارزانيين وإذلالهم على يد الحشد الشعبي رغم أن الذي كان يعتدي عليهم ويهجرهم ويذبحهم هم أكراد الطالباني ولا ذنب للبارزانيين في هذا المخطط الإجرامي. جماعة الطالباني مثل الميليشيات تحت أمر سليماني لتهجير وإبادة السنة عربا وتركمانا. لو كانت كركوك بيد البارزاني وليس حزب الطالباني لعاش السنة بكرامة مثل عرب أربيل. مسعود البارزاني ابن المُلا مصطفى لم يظلم السنة، بل دافع عنهم بأصعب الظروف.
صحيح ليس من مصلحتنا كسنة عرب أن ينفصل الأكراد ونصبح أقلية سنية في البلاد ونخسر ثلث الثروة العراقية ونُحاصَر بين دولة شيعية وكردية، لكن الصراع على كركوك حطم التحالف الشيعي الكردي. الكردي يشعر بأنه مغتصب اليوم. شعورهم بالانكسار سيجعلهم يساعدون سنة العراق فقد جمعهم “سوء المصير” في النهاية.
الأكراد ليسوا مهزومين فقط، بل هم في نظر الدولة خونة للعراق، انفصاليون وعصاة، كركرات أطفالهم خيانة، أنفاسهم خيانة، حتى غناء فتياتهم في الوديان خيانة. على الشعب الكردي الصمود والاحتفاظ بقوته وثقته بنفسه وإلا سيحدث له الانهيار.
المسألة الكردية واستعادة كركوك وتعقيدات المشروع الإيراني أشياء لا يمكن تفكيكها بمقال واحد، خصوصا أن الحكومة بدأت بالترويج لدعم البارزاني لداعش وإطلاق إرهابيين للسيطرة على قضاء الدبس شمال غرب محافظة كركوك. مؤامرات يقودها سليماني تمهيدا لدك مدينة أربيل بحجة أنها معقل جديد من معاقل داعش وتشريد شعبها، كما فعلوا في الموصل. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
4 |
هل يتجه مسعود البارزاني إلى إعلان استقلال إقليم كردستان
|
حامد الكيلاني
|
العرب | ||
هل تدفع إيران وحشودها الفوضوية رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى خطوة جريئة في إعلان الاستقلال، كرد فعل لما حصل في كركوك يصدم به السلطة في بغداد.
قضية الشعب الكردي في العراق عبر تاريخها الشاق كما تعايشنا معها وصلت في فصولها إلى موسم القطاف من قبل أصحاب الحقل، وربما من الحالات النادرة التي لا نرى فيها الواقع الكردي يصطف مع إيران وتحديدا كخصم ضد حكومة دولته العراقية.
الحقائق صقلت التجارب والأمثلة القريبة في علاقة القيادات الكردية مع إيران متعددة إلا أنها امتازت بعدم الثبات، رغم أن الأكراد لدغوا من إيران وكان يفترض بهم قراءة تلك العلاقة بخبرة تجنبهم السقوط في ذات الحفرة بمجرد اختلاف وجهات النظم الحاكمة في إيران أو حجم وعودها لهم مع رغبة الأكراد لتحقيق مصالحهم وبعض أهدافهم.
سلوك القبول بالأمر الواقع شائع لدى معظم الحركات الثورية لأنها منذ البدء تنحت في الصخر من أجل قضيتها، فبعد تضحياتها بالدم تتوغل في خسائرها لتهون في حساباتها الأخطاء البسيطة وحتى الفادحة. فقراءتها المسبقة تنطلق من سياسة حرق أو عبور المراحل مع تطمينات ذاتية أن لا مثالية في أي عمل نضالي بسقف طموحات عالية.
في سنة 1974 وبعد تدهور اتفاقية الحكم الذاتي تطورت الأزمة بين حكومة المركز والإقليم بما دفع القيادة العراقية إلى اتخاذ قرار بالسماح لكل الأكراد في بغداد والمحافظات من الراغبين للالتحاق بالتمرد المسلح المتوقع ومن بينهم أكراد بمسؤوليات ووظائف عامة في الدولة كبادرة لعدم التصعيد وحسن النيات، ولفرز المواطنين الأكراد البسطاء المتعايشين مع إخوانهم وأهلهم من مواطني العراق.
وكان لنا أصدقاء أكراد يعملون معنا تفاجأنا بتوديعهم لنا ليلتحقوا بالعصيان المسلح في أربيل والسليمانية ودهوك، وبعد أشهر عاد أحدهم ليروي لنا تفاصيل من مشاهداته العيانية لجرائم ارتكبتها زمر وفصائل مقاتلة مدعومة من شاه إيران أجبرت الصديق المذكور وغيره على الفرار والعودة إلى بغداد حفاظا على كرامتهم الإنسانية وتعبيرا عن تآخيهم مع إخوانهم عرب العراق.
تلك الخروقات حاضرة في الذاكرة، لكنها في ازدحام مآسي الحاضر لم تعد وحدة قياس ملائمة للمقارنة أو لعرض تفاصيلها المثيرة. درس يوضح لنا أن إيران في زمن الشاه ونكاية بالعراق كانت تحتضن القيادات الكردية وتمولها بالمال والسلاح لخلق الفتن وإثارة المشاكل للشعب العراقي، إلى أن تم توقيع اتفاقية الجزائر في مارس 1975 بين العراق وإيران، ومن نتائجها نهاية الصراع مع الأكراد وتسليم الأسلحة الخاصة بهم إلى الجيش العراقي، وهي ذات الاتفاقية التي أوقدت نار حرب الثماني سنوات مع إيران في سبتمير 1980 بعد انهيار نظام الشاه وهبوط الخميني على كرسي السلطة.
مواقف القيادات الكردية كانت تميل في كفتها إلى النظام الإيراني ضد العراق في سنوات الحرب. بدأت بعلاقة غير مستقرة جرت خلالها حوارات معمقة بين الأحزاب الكردية وحكومة المركز، وكانت معظم طلبات الأكراد مستجابة رغم أنها تنتقص من مواطنتهم في ظروف دولة تخوض حربا طاحنة مع عدوها. مع ذلك وافقت القيادة العراقية حينها على طلب أداء الخدمة العسكرية للأكراد ضمن حدودهم المتاخمة لإيران؛ لكن حقيقة الواقع أكدت ازدواجية معايير الولاءات عند بعض الأفراد، مما أدى إلى تسريحهم من الخدمة ولمدة استغرقت السنة ثم أعيدوا إلى قطعات الجيش في محاولة إنعاش روح المواطنة المشتركة وتقاسم أعباء تضحيات الحرب.
انتهاز أرباع وأنصاف الفرص وأجزائها تعتبر، عند بعضهم، غنيمة كبيرة تستحق التضحية حتى مع خيانة الاعتبارات والمبادئ الشخصية لتحقيق بشارات حلم عند اكتماله تضمحل في نشوته الأخطاء التي ترتقي إلى الإخفاقات الإستراتيجية. وهذا ما وقعت فيه الشخصيات الكردية وأحزابها المعروفة عندما ارتضت أن تبيع ضمائرها وتجازف بشعبها حين ساهمت في فتح الحدود للقوات الإيرانية بعمل شائن لإحداث خرق عسكري مؤثر تماما في حالة إنجازه لمهماته، ومنها إغراق مساحات واسعة من خلال تفجير أكبر السدود المائية وتهديد العاصمة بغداد.
معالجة ذلك الخرق كلفت العراق غاليا أثناءها وبعدها ومازالت آثاره السياسية والدولية والتسليحية. مدينة حلبجة أحد ضحاياه بما فيه من أسرار محدودة التداول حتى الآن، ونتوقع أن تسفر عنها الأيام لتناقضاتها نتيجة لتداعيات مصائر الحركات والأحزاب السياسية خدمة للحقيقة وتفسيرا لذلك التعاون بين إيران وعملائها من الأحزاب الطائفية التي استولت على العراق بعد الاحتلال الأميركي وبين إيران والأحزاب الكردية التي عملت طيلة سنوات على إسقاط النظام السياسي في بغداد ظنا منها أن إيران وتوجهاتها وبما قدمته القيادات الكردية من خدمات لهم وللاحتلال سيكون مبررا للوصول إلى كيان إقليم بمواصفات دولة جاهزة بكل مقوماتها للاستقلال كحق مقابل.
زواج المصلحة لم يدم، وكشرت إيران عن مشروعها الطائفي في إدارة الدولة التي تعرت بسياسة التهميش والثأر وممارسة الإرهاب والإبادات التي وصلت إلى حدود المكاشفة بالتعامل حتى مع الأكراد وفق منهج طائفي أيضا يسهل لهم الصراع بوسائلهم في نزع الهوية القومية للأكراد لخوض صراع مذهبي كما فعلوا مع المدن المنكوبة في العراق.
اختار مسعود الاستفتاء بعد عامين من الهرولة خلف مفاوضات مع حزب الدعوة والتحالف الطائفي لكن دون جدوى، وفي حومة المزايدات على ضريبة الدم في الحرب على إرهاب داعش وتمرير قانون الميليشيات في البرلمان حصل الاستفتاء الذي صعدت على ظهره الميليشيات الإيرانية لصناعة حريق هائل له نقاط تماس بمستقبل السياسة الأميركية تجاه الإرهاب الإيراني.
قاسم سليماني قائد فيلق القدس نجح في استمالة بعض فصائل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى جانب حكومة حزب الدعوة، ومعه المدعو إقبال بور أحد قادة الحرس الثوري للإشراف على دور الحشد الميليشياوي في كركوك، وما يمكن أن تنسحب إليه المواجهات بين الأطراف المتنازعة.
هل تدفع إيران وحشودها الفوضوية رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى خطوة جريئة في إعلان الاستقلال، كرد فعل لما حصل في كركوك يصدم به السلطة في بغداد ويباغت الدول الإقليمية وإجراءاتها السياسية والاقتصادية والأمنية، موجها إلى الولايات المتحدة الأميركية والرئيس دونالد ترامب رسالة وقاية وتحذيرا من مستقبل المشروع الإيراني والحرس الثوري في العراق وتمدده دون ردع إلى المدن الكردية. الرغبة عند الحشد وقادته جاهزة في استكمال تدمير المدن العراقية بحجة الإبقاء على قوة الدولة العميقة في بغداد صعودا إلى البصرة؛ على حد وصف نوري المالكي زعيم حزب الدعوة.
هل نحن بصدد حرب مذهبية ضد إقليم كردستان؟ موجة نزوح جديدة من كركوك بلغت نسبتها 60 بالمئة باتجاه المخيمات في الإقليم. ما هي ردة الفعل القادمة لقوات البيشمركة؟ ماذا عن تصريح السفير الأميركي السابق زلماي خليل زاده بشأن حاجة الإقليم إلى المساعدة لإيقاف تحركات الحرس الثوري؟ ما هو موقف الإستراتيجية الأميركية من تصنيف قاسم سليماني كمطلوب بتهمة الإرهاب؟ هل نحن في فترة تجارب إرهابية تستعرض فيها إيران دور حرسها الثوري لمدة شهرين وهي فترة إقرار الإستراتيجية الأميركية في الكونغرس؟
حاجز الخوف والحذر عند البارزاني صار خلف ظهره وكذلك تجارب كردستان مع النظام الإيراني. مسعود يتصرف الآن كقائد تاريخي للأكراد وإن الاستفتاء الذي قاده كان في توقيته الدولي المناسب وإن القفز إلى الاستقلال فرصة كاملة لن تتكرر، حتى وإن لم تتحقق لأن جميع المعايير بعدها لن تكون أقل من الاستفتاء. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
5 |
البارزاني أراد تحقيق حلم الدولة، فانتهى إلى خسارة الإقليم
|
أحمد أبو دوح |
العرب | ||
في مدة لم تتجاوز 48 ساعة، أعادت القوات العراقية انتشارها في جميع المناطق التي كانت تتواجد فيها قبل ثلاثة أعوام في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها (شمالي البلاد) لتستعيد بذلك السيطرة على معظم أنحاء المحافظة ولتوجه الأنظار في الداخل والخارج نحو صراع جديد، فيما الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية تشارف على وضع أوزارها. هذا الصراع يشتت الشمل الذي جمعته الحرب ضد تنظيم داعش، وهو صراع مزدوج الجبهات، من جهة الحكومة المركزية وإقليم كردستان العراق ومن جهة أخرى الأكراد في ما بينهم. إذا كان لا تزال لدى أحدهم أي شكوك حول مآل العقلية الانتهازية التي تحكم فلسفة الأكراد بشكل عام، فعليه أن ينظر إلى الحرب الدائرة اليوم بين أربيل والسليمانية. هذه حرب توزيع الغنائم. الأمر يشبه شقيقين قررا السطو على بيت عليه خلافات مع جار لهم، قبل أن تحكم المحكمة بأحقية أي من الطرفين بملكيته. عند تقسيم البيت يختلف الشقيقان ويقرران رفع السلاح في وجه بعضهما البعض.
لا، هذا ليس تشبيها قاسيا. سلوك حكام إقليم كردستان منذ ظهور داعش واحتلاله للمناطق المتاخمة لحدود الإقليم هو تجسيد عملي لـ”أسطورة” استشراقية ظلت ملتصقة بالأميركيين بحثا عن تفسير لغزو العراق عام 2003. تقول هذه “الأسطورة”، التي كان لقوى إقليمية مصلحة في ترويجها، إن الأميركيين يبحثون في العراق عن ثروات نفطية. إذا كان الأميركيون قد فعلوا ذلك، فماذا نسمي ما يفعله الأكراد في كركوك اليوم؟
الأكراد أثبتوا أن نفعية تعاطيهم مع قضية كركوك لم تبن على أرض صلبة منذ البداية. البيت كان هشا من الداخل.
مشكلة فرع الطالباني مع آل البارزاني ليس في برغماتية إعلان الاستفتاء التي انتهجها مسعود البارزاني. المشكلة الأكبر هي أن برغماتية أربيل جاءت متأخرة.
مسعود البارزاني تصرف في وقت يعتقد فيه أن بغداد في أضعف حالاتها، وأساء تقدير رد فعل الأتراك. لو كان الاستفتاء قد جرى عام 2014، بعد احتلال كركوك، لكنا أمام نتائج مختلفة.
خلاف الأكراد اليوم يمنح بغداد وقتا قبل الانحدار بدورها إلى خلاف داخلي مماثل. إيران والعبادي يعلمان ذلك. استراتيجية التصعيد في مواجهة الأكراد هروب إلى الأمام من قبل معسكر الشيعة لكسب الوقت فقط.
خلاف الأكراد اليوم يمنح بغداد وقتا قبل الانحدار بدورها إلى خلاف داخلي مماثل. إيران والعبادي يعلمان ذلك
قاسم سليماني أدرك أن الحفاظ على تماسك البيت الشيعي في بغداد يتطلب تفجير البيت الكردي في أربيل/السليمانية. هذا يغلق الطريق أمام أي استثمار أميركي لثغرات الجبهة الإيرانية، التي لاحت الخلافات داخلها في اليوم التالي مباشرة لتحرير قضاء الحويجة.
مشكلة العراق في مرحلة ما بعد داعش ستكون النفط. حقيقة أن العراق بلد غني بالنفط ستحدد استراتيجية كل فريق واتجاهاته. الجميع ساهموا في دحر تنظيم داعش، والجميع ينتظرون حصتهم.
النفط هو القاعدة التي بنت إيران عليها مجتمعا مواليا لها في بغداد ومحافظات الجنوب. إيران ليست دولة تتحكم في فوائض مالية تمكنها من الإنفاق على بلد مثل العراق. الحفاظ على تماسك النفوذ الإيراني يحتاج إلى موارد لا توفرها سوى قدرات العراق النفطية.
نظرة الأكراد تشبه كثيرا رؤية إيران. الفرق هو أن أحدا لا يستطيع إنكار حق الأكراد تاريخيا، والظلم الذي تعرضوا له من قبل بغداد، بغض النظر عن شكل الحكم المركزي أو أيديولوجيته.
الأكراد أرادوا استمرار سيطرتهم على كركوك، الغنية بالنفط، لأنهم يرون في هذه المدينة الشريان الإقتصادي القادر على إبقاء أي دولة كردية محتملة على قيد الحياة. بعد قطع الحكومة الاتحادية في بغداد الميزانية عن الإقليم عقب الاستيلاء على كركوك عام 2014، لم يعد ثمة خيار آخر أمام أربيل سوى تعويض هذه الخسائر من “نفط الشمال”، والحفاظ على العلاقات الفريدة مع تركيا بأي ثمن.
“رؤية الحق” التاريخي التي تحرك الأكراد أعادت خلافات التسعينات بينهم، بدلا من أن تقيم دولة. وضع اليد على كركوك وانتهازية إجراء الاستفتاء أضاعا الحق، وتمسك آل البارزاني بالحكم واستعداء تركيا، بددا الرؤية.
اليوم نحن أمام موقف معقد. آل الطالباني، الذين استعانوا بإيران لإنهاء حكم آل البارزاني عام 1996، يكررون السيناريو نفسه اليوم. الفرق الوحيد هو أن صدام حسين لم يعد موجودا كي ينقذ مسعود البارزاني.
إن تُركت الأمور لإيران كي تديرها وفقا لأجندتها فستكون استراتيجية ترامب إزاء إيران، التي أعلن عنها يوم الجمعة الماضي، قد ماتت قبل أن تولد
نعم، ما يحدث اليوم هو خطأ الأميركيين أولا. قصة كركوك كلها هي تجسيد عملي لابتلاء أكبر، منبعه أن أكبر قوة في معادلة المنطقة تتصرف بحماقة. عندما تعرف أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون كان يفضل لعبة الانتظار، ولم يتقدم بمخرج للبارزاني إلا يوم 28 سبتمبر الماضي، أي قبل موعد الاستفتاء بيومين فقط، ستتأكد لديك حماقة هذه الإدارة، لكن بشكل مزدوج.
أولا، لو لم يترك الأميركيون البارزاني يتمادى في مسألة الاستفتاء، لكان الوضع مختلفا تماما اليوم. ثانيا، القوات العراقية وميليشيا الحشد الشعبي سيطرتا بالأمس على سنجار. ماذا، سنجار؟ إذن هل مازال متبقيا سوى أن تسيطر بغداد على أربيل، ونعيد مسألة التسعينات من أولها؟
الفرق هنا هو أن توغل القوات العراقية سيكون تحت أعين الأميركيين هذه المرة. صيغة الحكم الذاتي التي فرضها الأميركيون على صدام حسين، وهم على بعد آلاف الأميال، ستنهار وهم على بعد بضعة كيلومترات فقط.
إذا لم تتوقف قوات بغداد عند المعابر مع الإقليم سنكون قد أصبحنا بين يوم وليلة أمام واقع جديد. ستكون انتهازية حلم البارزاني بالخروج من وسط الفوضى بدولة، قد دفعته إلى خسارة الإقليم نفسه الذي من المفترض أن يكون القاعدة لقيام هذه الدولة.
لكي لا ينزلق العراق إلى حرب أهلية جديدة، على القوات العراقية التوقف. إن كانت هي وظيفة أساسية لميليشيات الحشد الشعبي، فليست مهمة الجيش العراقي أن يأخذ طموح إيران إلى أبعد نقطة تستطيع أن تصل إليها دباباته. إقليم كردستان لا يجب أن يتحول إلى ورقة مساومة في الحرب الباردة الدائرة في العراق بين واشنطن وطهران.
لكي لا يحدث ذلك على الولايات المتحدة أن تسد الثغرات في الإقليم. مازال الأميركيون يملكون سلطة إجبار الأكراد مبكرا على الجلوس معا على طاولة التفاوض، كما حدث عام 1998، كي تنزع فتيل اقتتال داخلي يلوح في الأفق.
إن تُركت الأمور لإيران كي تديرها وفقا لأجندتها فستكون استراتيجية ترامب إزاء إيران، التي أعلن عنها يوم الجمعة الماضي، قد ماتت قبل أن تولد. في النهاية، على مسعود البارزاني التخلي بدوره عن حلم الدولة، وعن السلطة أيضا. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
6 |
كركوك ومنطق «الدولة الوطنية»
|
عماد عريان | الاتحاد الاماراتية | ||
عند حديثهم عن أحقيتهم في كل أراضي ما يعرف بـ«كردستان العراق» يؤكد مسؤولو الإقليم أنهم يحترمون «التعددية» الموجودة في «كركوك»، وأن من حق جميع المقيمين على أرض المحافظة العيش في أمان وسلام في ظل سيادة الأكراد على إقليمهم بعد استفتاء سبتمبر الماضي.
ويدافع مسؤولو الإقليم باستماتة شديدة عن هذا الموقف على اعتبار حقائق تاريخية تجعل من «كركوك» جزءاً لا يتجزأ من الإقليم، ومن ثم يصعب حديث التخلي عنه لأي طرف، على حد قولهم وتصرفاتهم، ولكن في حقيقة الأمر أن التأمل الدقيق لهذا الموقف يعكس حالة من الخلط الشديد والارتباك الواضح في المواقف من جانب مسؤولي الإقليم والمدافعين عن تبعيته للإقليم الكردي.
بالتأكيد ليس هناك من يدين أو يرفض «التعايش السلمي» وقد استقر كمبدأ عالمي معترف به بين الدول المختلفة، فكيف لا يكون الأمر كذلك بين أبناء الإقليم أو الوطن الواحد، ومن هذا المنطلق وببساطة شديدة، يمكن القول إن مسؤولي «كردستان العراق» قد أدانوا أنفسهم بأنفسهم يوم قرروا الاستفتاء على استقلال الإقليم عن دولته الأم.. العراق.
فما ينطبق على «كركوك» من وجهة النظر تلك، من الأولى أن يجري ويسري بشكل شامل على كل أراضي العراق، فتعددية كركوك الدينية والمذهبية والعرقية التي تحتم وتفرض التعايش السلمي المشترك بين أبنائها هي صورة «مصغرة» من الأوضاع والحقائق الديموغرافية القائمة في كل ربوع ومقاطعات العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.
وإذا كان الحديث يدور بشكل جدي حول تكريس التعايش المشترك بين أبناء «كركوك» في سبيل الحفاظ على وحدة أراضي «كردستان العراق» فمنطق الأشياء يقول إن التعايش السلمي كان يجب أن يكون هو أساس الحفاظ على الدولة العراقية في إطار حدودها الجغرافية التاريخية المتعارف عليها بدلاً من تمزيق هذا البلد المهم إلى دولة كردية وأخرى سنية ودولة شيعية وأخرى تركمانية… إلخ.
والمنطقة العربية ودول الشرق الوسط عموماً في أمس الحاجة إلى التمسك بهذه القاعدة وسريان منطق «الدولة الوطنية» ولو على حساب حق تقرير المصير العشوائي، بل والمغرض في حالات عدة لخدمة دول بعينها بتقسيم المقسم وتفتيت المفتت وفقاً للتعبير الشهير عما تعرضت له المنطقة من مؤامرات عديدة في الماضي كما الحاضر، ومن الخطأ البيّن في هذا المقام المقارنة بين نماذج أو وقائع غير متكافئة لتطبيق المبدأ ذاته، فما يصلح للتطبيق في مكان ما قد لا يصلح بالضرورة للتطبيق في مكان آخر.
وأغلب الظن أن استفتاء كردستان الأخير يعد «طلقة رصاص» أولى وخطيرة في هذا الاتجاه، الذي سيؤدي في حالة استمراره إلى صراعات وأزمات وربما حروب لا تنتهي، مع تعقد المشاكل الطائفية وتعددها وتنوعها، وقد تكون أزمة «كركوك» واقعة كاشفة لنتائج وتداعيات ما قد يحدث جراء استمرار تلك المقاربات الخطيرة، وبمنطق «رب ضارة نافعة» فإن أزمة كركوك تكشف أفضلية التعايش المشترك داخل الدولة الوطنية متعددة الأعراق والديانات والمذاهب بحقوق عادلة ومتساوية في إطار اتحادي أو أي شكل آخر من أشكال الوحدة الوطنية حفاظاً على حقوق أبناء الوطن الواحد بدلاً من تمزقه وتفتته.
فمحافظة كركوك ومحيطها، كما هو معروف، من المناطق العراقية التاريخية المهمة، يقطنها العرب والكرد والتركمان والسريان، وتعايش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود جنباً إلى جنب حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي شديدة التعقيد في تركيبتها السكانية بحيث يمكن تقسيمها هي ذاتها إلى دويلات متناهية الصغر إذا ما تم تطبيق حق تقرير المصير على كافة طوائفها على غرار ما فعل الكرد في «كردستان العراق»!! وهي كذلك من المناطق العراقية المهمة والحيوية، ذات الثروات الاحفورية كالبترول والغاز الطبيعي، علاوة على خصوبة أراضيها الزراعية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي والتجاري المتميز والذي يجعل منها حلقة وصل بين وسط العراق وشماله، وتميزها بقربها الشديد من بغداد.
وترصد بعض التقارير استغلال القوات الكردية الفوضى التي حصلت بعد سقوط النظام العراقي وانهيار الدولة عام 2003، بفرض سيطرة ميليشياتها البيشمركة على محافظة كركوك والقيام بحملات شعواء لمحاربة العسكريين والموظفين والعمال العرب بحجة محاربة «البعث» ودفعهم لترك المدينة هم وعوائلهم، وبنفس الوقت قامت بجلب الأكراد الذين هم من أصول سورية وتركية وإيرانية ومنحهم وثائق مزورة على أنهم من نفوس كركوك.
وبرغم ذلك فهذه الحملة «التكريدية» لن تغير من الحقائق القائمة في «كركوك» ولن تنزع فتيل الأزمة الخطيرة بعدما باتت المدينة فوق برميل بارود قابل للانفجار في وجه الجميع لإصرار كردستان العراق على ممارسة إجراءات تتنافى مع حق التعايش السلمي ومنطق الدولة الوطنية. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
7 | كيف يستفيد العراق من القومية الكردية؟
|
محمد علي | الحياة السعودية | ||
نقلت «رويترز» عن أستاذ جامعي كردي قوله: «نشعر بأننا منكسرون. كان ينبغي أن تفكر قيادتنا الكردية في العواقب قبل المضيّ قدماً في التصويت على الاستقلال. الآن خسرنا كل ما حققناه على مدى ثلاثة عقود». لكن الأستاذ وغيره من الأكراد وأصدقائهم في العالم كانوا تلقوا نتيجة الاستفتاء بفرح، على الأقل لتكريس ما هو قائم، أي تأكيد الأكراد قوميتهم، ويمكن اعتبار التصويت على الاستقلال رسالة مشتركة إلى العالم باسم أكراد العراق وتركيا وإيران وسورية، وربما باسم ذوي الأصول الكردية في المنطقة العربية. قال صديقي الكردي مازحاً: لو أتيح لأحمد شوقي وعباس محمود العقاد التصويت بعد الموت لأعلنا قوميتهما الكردية على الملأ.
وإذ تبدو منطقية وشرعية استعادة الجيش العراقي مناطق استولت عليها البيشمركة مستغلة الاحتلال الأميركي واستيلاء «داعش» على غالبية شمال العراق، فإن العودة إلى حدود إقليم كردستان الأساسية تصحّح خطأ، لكنها لا تنفي عمق إحساس الأكراد بقوميتهم، ولا تعني أن الاستفتاء مجرد ضوء وانطفأ أو شعلة وجرى إخمادها.
استعادة «المناطق المتنازع عليها» جرت من دون قتال، وانسحبت البيشمركة تماماً كما انسحب الجيش العراقي في الموصل لمصلحة «داعش»، ولم نسمع عن محاكم للجنرالات المتخاذلين، لذلك ستنجو قيادات البيشمركة من دون أن تعلن تسويغ فعلتها: لقد عادت تلك المناطق إلى أصحابها الحقيقيين. والآن، مع تجاوز التصريحات الانفعالية من الجانبين الكردي والعربي، يمكن أن يبدأ الحوار انطلاقاً من الدستور وفي رعاية رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي برهن أنه رجل دولة رصين وليس مجرد قيادي في حزب الدعوة الشيعي. كما سيبدأ الحوار انطلاقاً من تهميش دور الرعاع الفوضويين العرب والأكراد الذين يعيشون على وقع الكراهية والنكايات. ولا بد في مجال الحوار من بيان حقيقة عودة المناطق المسيحية إلى كنف السلطة المركزية بعدما كانت جزءاً واسعاً من مناطق احتلتها البيشمركة بعد عام 2003.
رئيسا الوزراء والبرلمان في الجانب العربي سيحاوران من خلال الدستور ممثليَن عن الإقليم الكردي هما على الأرجح نيجيرفان بارزاني وبافيل طالباني. لقد استعادت معادلة أربيل – السليمانية وجودها وسيسعى ممثلوها إلى الحفاظ على إنجازات حظي بها الإقليم نتيجة استقراره والدعم الأميركي الفرنسي التركي الإيراني في فترة الحروب الداخلية التي ابتلي بها سنّة العراق وشيعته، أي العرب إجمالاً.
ليس من مصلحة الحكومة المركزية التسبب بتراجع اقتصادي وسياسي واجتماعي في كردستان العراق، إنما توظيف نهضة الأكراد كقاعدة لنهضة مواطنيهم العرب في الوسط والغرب والجنوب. وبالتضامن العربي – الكردي في إطار الوطنية العراقية يمكن عقد تفاهمات ندية مع إيران وتركيا والحدّ من وصايتهما على جماعات عراقية. تفاهمات بين دولة ودولة وليس استعانة بهذه الدولة على تلك، كترجمة لصراع قوى داخلية خاضعة للوصاية من خارج الحدود. وفي سياق الكلام الانفعالي لمسعود بارزاني وردت مقاطع رصينة تحذّر من حرب داخلية بين الأكراد. هذا ما نتوقع أن تتنبّه له قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني متجاوزة تهمة «الخيانة»، وذلك في سياق استعادة التعاون بين الحزبين الكرديين الرئيسيين مع سائر التشكيلات السياسية والشخصيات البارزة في الإقليم. وإنجاز هذا الأمر مطلوب بسرعة ليبدأ الحوار العربي – الكردي وينجح. وهنا لا بد من التأكيد مجدداً على أهمية الحفاظ على الشعلة القومية الكردية التي عبّر عنها الاستفتاء، فهذه الشعلة ستوقد مثيلتها لدى العرب ولدى الآشوريين والسريان والكلدان أيضاً، وصولاً إلى كيانات ثقافية عراقية صغيرة عمل «داعش» على إفنائها ولم يكتمل نجاح عمله وإن ترك آلاف القتلى والسبايا.
كم يبدو عرب العراق الذين أكلتهم الطائفية أكلاً في حاجة إلى القومية الكردية لاستنهاض قوميتهم العربية، هذه المرة على قاعدة الانفتاح والتكامل وليس على قاعدة الاستعلاء والكراهية كما كان الأمر في حكم البعث المنطوي.
وطنٌ بقوميتين، بل بقوميات صغيرة أيضاً غير منكسرة، هو العراق المرتجى وفق الدستور الذي يحترم السلطات المحلية وتحترمه فلا تهرب نحو الانفصال. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
8 |
خيارات مسعود بارزاني الصعبة
|
هوشنك أوسي
|
الحياة السعودية | ||
الاحتلال الإيراني العراقَ اكتمل، بعد احتلال الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفيّة محافظة كركوك. ذلك أنه بعد سقوط نظام صدام حسين، ثم رحيل القوات الأميركيّة عن العراق، وغزوة «داعش»، كان احتلال طهران العراقَ منقوصاً، لأن منابع النفط والغاز في كركوك، كانت خاضعة للسلطة الكرديّة. فالعراق بالنسبة إلى طهران ليس النجف وكربلاء والمقامات الشيعيّة «المقدّسة»، بل النفط والغاز وحسب. وألف نجف وكربلاء لا تعادل ربع مقام كركوك لدى القادة الإيرانيين.
من المؤسف القول: هذا الاحتلال لعب دوره فيه المتبقّي من حزب الرئيس العراقي السابق، الراحل جلال طالباني، والذي تقوده الآن عقيلته هيرو إبراهيم أحمد ونجلاها (بافل وقباد) وابن عمهما (لاهور شيخ جنكي طالباني)، وشاناز إبراهيم أحمد، ونسيب العائلة القيادي ملا بختيار… فهذه الجماعة الموالية لطهران والتي تقود الحزب، كانت «حصان طروادة» الذي مهّد لهذا الاحتلال. ومُخطط وواضع دور «حصان طروادة» أو «حصان كركوك» بخبث وجدارة ودهاء، هو، في غالب الظنّ، قاسم سليماني.
لم يعد خافياً تعرّض رئيس الإقليم مسعود بارزاني لخديعة كبرى، حين أوهمه «الاتحاد الوطني» بأنه شريك في الاستفتاء ومشارك فيه، وحضّر الحزب مهرجاناً جماهيريّاً ضخماً لبارزاني في مدينة السليمانيّة، معقل «الاتحاد»، شارك فيه عشرات الآلاف. هذه المشاركة المخاتلة في الاستفتاء خلقت انطباعاً لدى كل الأكراد، داخل العراق وخارجه، بأن صفحة الخلاف التاريخي بين الكرد طويت، وأن شبهة الغدر والطعن في الظهر باتت بعيدة أو مستبعدة من «الاتحاد الوطني». هكذا، اطمئنّ الكرد عموماً وحزب بارزاني على وجه الخصوص، إلى موقف «الاتحاد الوطني»، وأن الطعن قد يأتي من تركيا، وليس من الداخل الكردي؟ وصار بارزاني يأمن جانب جماعة هيرو إبراهيم أحمد، ولم يتخذ أي إجراء عسكري من شأنه مضاعفة الوجود العسكري الكردي في كركوك، وتغيير الرؤوس العسكريّة الكبيرة في المحافظة.
لكن وقائع «ليلة الغدر» في كركوك، كان لها كلام آخر، وبني عليها استكمال سيطرة بغداد على كامل المحافظة ومناطق أخرى مما كان ضمن المناطق المتنازع عليها، بحيث عاد الوضع إلى ما قبل 2003. في ذلك العام، أيضاً، بعد سقوط نظام صدّام، وانهيار الجيش العراقي، استولت القوات الكرديّة على مدينة كركوك. فقام حزب مام جلال، بإقناع مسعود بارزاني بضرورة حلّ المشكلة بالسبل القانونيّة والدستوريّة، وبأنه تجب إعادة كركوك إلى المركز – بغداد. وامتثل بارزاني لمشيئة ورغبة جلال طالباني وقتذاك. وحدث ما حدث، من تضمين الدستور العراقي المادة 140، ثم تعطيلها من الحكومات العراقية – الإيرانيّة الحاكمة في العراق، وصولاً إلى احتلال المحافظة، بدعم إيراني وتغطية وصمت أميركيين.
من جهة أخرى، على رغم الخلاف العربي الشديد مع إيران، فإن تعامل الإعلام العربي، المناهض لإيران، مع أزمة كركوك، حتى أثناء احتلالها من قبل إيران وبعده، جعله يبدو كأنّه إعلام الحشد الشعبي، لجهة إغداق الأعذار والمبررات لهذا الاحتلال، وأنه قضى على حلم «الانفصال»… واستخدام تعابير من هذا القبيل.
بات من شبه المستحيل إعادة كركوك إلى كردستان. وحملة النزوح التي شهدتها المحافظة، ستتسبب في إحداث تغيير ديموغرافي عميق وشديد في التركيبة السكانيّة للمدينة، ناهيكم بحملات التعريب التي ستمارسها الحكومة الإيرانية – العراقية الحالية في كركوك. ومع كل ما سلف ذكره، ثمة من الموالين لـ «الاتحاد الوطني الكردستاني» ممن يصفون الاتفاق المبرم بين بافل جلال طالباني والحكومة العراقية بأنه «خطوة عقلانية جريئة لحقن الدماء، وتجنيب المدينة دماراً هائلاً»، من دون الاكتراث لتبعات حركة النزوح، ومآلات مدينة تحت حكم «الحشد الشعبي»!
وسط هذه الحال المأزومة والانقسام الداخلي الكردي، والشعور بالخيبة والانكسار، تبدو خيارات مسعود بارزاني، شديدة الصعوبة والمرارة. فإمّا أن يتجرّع كأس سمّ الهزيمة، ويعود طائعاً صاغراً، إلى حظيرة نظام الولي الفقيه الحاكم في إيران والعراق وسورية ولبنان واليمن، أو أن يبحث عن خيارات مقاومة أخرى. وإلى جانب هذا وذاك، يطلّ برأسه الانقسام الكردي، ومساعي حزب «الاتحاد الوطني» إلى فصل السليمانية وحلبجة وكركوك عن كردستان وضمّها إلى العراق، في حال مضى بارزاني في خيار الاستقلال، بخاصّة أن مصادر إعلاميّة كثيرة تحدّثت عن نقاط الاتفاق الذي تمّ إبرامه بين بافل جلال طالباني وهادي العامري، في رعاية قاسم سليماني.
ثمّة قول كرديّ مأثور، مفاده: «التاريخ الكردي خطّان متوازيان: الخيانة والمقاومة. ودائماً كانت الغلبة للخيانة، لكنْ بما لا يقضي نهائيّاً وبالكامل وعلى نحو مبرم على المقاومة». وفي تجربة كركوك واحتلالها، عبّر هذا التوصيف عن نفسه.
في مطلق الأحوال، يتحمّل مسعود بارزاني جزءاً مهمّاً واستراتيجيّاً من المسؤوليّة حيال ما حصل في كركوك وبقية المناطق. وهي مسؤوليّة لا تتعلّق بالذهاب إلى الاستفتاء، بل بعدم التحوّط العسكري والأمني الكافي، والتحسّب لاحتمالات الالتفاف والخيانة التي قد تحدث في زمن الحروب والأزمات في كل مكان، بخاصّة في التاريخ والواقع الكردي الزاخر بالخيانات. |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
9 |
استفتاء اقليم كردستان.. ضارة نافعة انتظرها العراقيون
|
فارس العاني
|
الراي اليوم بريطانيا | ||
على ماذا وعلى من راهن السيد مسعود البارزاني عندما اصر على اجراء استفتاء الانفصال وإعلان دولة كردستان وتجاهله لكل المعترضين عراقياً واقليمياً ودولياً ؟ هناك من يقول ان اصراره نابع من خلال تلقيه دعماً سرياً من قوى خارجية عربية ودولية ولوبي إسرائيلي وكلها وعدته انها ستعمل على التحرك لما فيه الحصول على اعتراف ودعم من دول اخرى بمجرد اعلان الانفصال وتحديداً بعد الانتهاء من هزيمة داعش في العراق. اذاً يمكن القول ان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد تولى ادارة اخطر أزمة يمر بها العراق منذ تأسيسه وهو الاستفتاء ادارها بحكمة وبطريقة هادئة مستنداً الى شرعية الدستور والى قرارات البرلمان الاتحادي والمحكمة الاتحادية العليا مدعوماً برفض غالبية العراقيين بكافة اطيافهم وتوجهاتهم لعملية الاستفتاء المخالفة للدستور بعد ان شعروا انها تهديد لوحدة البلد خصوصاً وان الهدف هو الانفصال عن العراق ، ونتيجة لتعنت البارزاني وتمسكه بمخرجات الاستفتاء ، تفاجئ البارزاني بما حصل يوم ١٦/١٠/٢٠١٧. بعدما اصدر العبادي كونه القائد العام للقوات المسلحة اوامره بالتحرك عسكرياً نحو محافظة كركوك وبقية المناطق المختلف عليها لبسط سيطرة الدولة الاتحادية عليها ، وكانت بمثابة الصدمة التي فاجئت دعاة الانفصال من خلال اكتمال العملية وبزمن قياسي والتي لم تتخللها مواجهات مسلحة قد يسقط فيها العديد من الضحايا لا قدر الله. اذاً ووفق هذه الحالة الجديدة والتي قلبت الطاولة على دعاة الانفصال فأن اقليم كردستان العراق سوف لن يعود الى سابق عهده كما هو قبل يوم ١٦/١٠سواءً على مستوى الداخل العراقي او الإقليمي او الدولي وسوف يلمس مواطنوا الاقليم بانفسهم خصوصاً من ناحية الاستثمارات الخارجية او من ناحية السياحة القادمة من الداخل العراقي الى محافظات الاقليم او من الخارج بسبب التداعيات التي سببها الاستفتاء الذي اصر عليه رئيس الاقليم المنتهية ولايته منذ اكثر من عامين . لقد اثبتت الوقائع في اليومين الماضيين ان الشارع الكردي ليس غالبيته مع توجهات البارزاني وكرنفال الاستفتاء والذي تم التصويت عليه ب( نعم) فهو لم يكن تلقائياً او عفوياً كما ادعت الماكنة الإعلامية في الاقليم بل كان قسرياً بعدما تم التلويح بشعار ان الذي لم يصوت بنعم فهو خائن !!! وتصويت من هذا القبيل يذكرنا بالانظمة الدكتاتورية وحكم الفرد او الحزب الواحد ، وقد اثبتت وقائع الأحداث في الايام الاخيرة ان هناك رفض للأسلوب الذي كان ينتهجه الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تقوده عائلة البارزاني وهيمنة طبقته الحاكمةعلى كل مقدرات وامتيازات الاقليم وتحديداً منذ أربعة عشرعاماً وخصوصاً ما يتعلق بواردات نفط محافظة كركوك ومنافذ الاقليم البرية والمطارات والضرائب بعيداً عن الحكومة الاتحادية وحتى حكومة الاقليم نفسه ، لذلك من غير المستبعد ان يشهد الاقليم متغيرات غير مسبوقة على ساحته الداخلية ستطال كتله وأحزابه ويكون الخاسر فيها حزب البارزاني قبل غيره وبكل تأكيد سوف ينعكس ذلك على مجمل العملية السياسية في العراق والتي عانى منها كل العراقيين طيلة هذه السنوات وعلى الحكومة الاتحادية ان لا تختصر التفاوض او الحوار لحل المشاكل العالقة مع الاقليم بحزب البارزاني حصراً كما كان يجري سابقاً بل ان تشرك كل القوى الفاعلة في الاقليم بمختلف توجهاتها وانتماءاتها، وهنا يمكن القول ان الأزمة التي عاشها العراقيون في الأسابيع الماضية ينطبق عليها عبارة ( رب ضارة نافعة) اي انها كانت في صالح الوحدة العراقية ، فالضرر سيطال الذين يعملون لمصالحهم الذاتية على حساب المجموع والذي سينتفع هم شرائح المجتمع العراقي بكافة مكوناتهم وتوجهاتهم وهذا ما يحلم به العراقيون منذ عقود لذلك هناك فرصة ثمينة امام الكتلة اوالتحالف الذي يتولى السلطة في العراق منذ ما يقرب من ١٤ سنة أمامه الفرصة المؤاتية لتجاوز كل السلبيات التي كانت سبباً في الحالة الغير مستقرة والمأساوية التي واجهها ولا زالوا العراقيون وان يتم اعادة النظر في العملية السياسية ومغادرة سياسة الاقصاء والتمييز بين المكونات وان يكون مبدأ المواطنة هوالسائد وتحت خيمة العراق الواحد الذي يتسع للجميع وبخلاف ذلك سيبقى العراق يدور في الحلقة المفرغة والتي يتمناها ويعمل على استمرارها اصحاب المصالح الذاتية الضيقة! |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
10 | عودة كركوك والحقيقة العارية!
|
د. ماجد توهان الزبيدي
|
راي اليوم بريطانيا | ||
في الوقت الذي إجتاحت فيه “جحافل داعش” شمال العراق في منتصف العام 2014 ،بسبب رخاوة حكومة المالكي،وتواطؤ قيادات عراقية ، وتدخل دول إقليمية في الشأن الداخلي العراقي، تسللت “ميليشيات” “البيشمركة” الكردية “البرزانية” بحجة مكافحة “داعش” وإحتلت محافظة كركوك وبعض الأقضية المحيطة بها ،وحاولت التسلل إلى منطقة “نينوى”،ليتضح لاحقا ،مؤامرة “الحزب الديمقراطي الكردستاني”-البرزاني، على وحدة العراق ، وسعيه للإنفصال عن الوطن الأم،من خلا الشعار، الذي أطلقه قائد الإنفصال والمؤامرة ،مسعود البرزاني،وإعتناق ميليشياته، له :”ما أخذ بالدم لا يعود الأ بالدم”!! لم تكن “كركوك”محافظة عراقية عادية ،بل هي مميزة ،من حيث ثرواتها ونسيج سكانها الفسيفسائي ،إذ هي تحوي 40 في المئة من نفط العراق ،و70 في المئة من غازه الطبيعي ،من النوع الممتاز، ومليون ونصف المليون من العرب والكرد والتركمان ،قبل أن تقوم ميليشيات “البيشمركة”بجرائم التطهير العرقي،والتهجير القسري ،للمكوّنين السكانين الآخرين في المدينة وأقضيتها :العرب والتركمان،من اجل إستباق اي إستفتاء سكاني لاحق ،تبين ان الميليشيات المذكورة، وزعيمها الإنفصالي ،يعملان ،من زمن ،عليه!! بدا واضحا للعيان ولكل مبتدىء بالشأن الداخلي العراقي ،أن تآكل شعبية مسعود البرزاني ،وهشاشة زعامته لأكراد العراق ،وعدم إعادة إنتخابه على رئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني من سنوات عديدة ،ومنافسة قيادات واحزاب وحركات كردية داخل “أربيل ” ذاتها ،و”دهوك”و”السليمانية”،منافسة جدية ،له ،هو السبب الرئيس وراء التوجه الإنفصالي والإنقلابي على وحدة جغرافيا العراق ووحدته الدستورية والسيادية والسكانية . لم يتمعن البرزاني ملّيا ،في خريطة الكيان الكردي الذي يطمح لإنفصاله عن الوطن الأم:العراق!ولم يفهم التطورات والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة ،في منطقة الإقليم ، بعد إنكفاء الوجود الأميركي المؤثر في الإقليم ،بفعل التعاون الروسي العسكري والسياسي المؤثرين ،مع القوتين الإقليميتين :تركيا وإيران ،ودولتي ساحة المواجهة :العراق وسوريا! ولم يع الرجل،أن الإسوارة محكمة من حول كيانه الموهوم! رجعت “كركوك” بلمح البصر ،وباتت “البيشمركة” -التي نفخ فيها كثيرون،ومولّها كثيرون- ،في خبر كان!بل هي ظاهرة صوتية ،أمام عزيمة الجيش العراقي، الذي خرج لتوه ،من وهج الإنتصار على “داعش”،ولم يعد يحتمل أن يمتد إنفصال البرزاني و”بيشمركته”،إلى إقليم غرب العراق ،او “تركمانه”!كمقدمة ل”ثورة”أكراد تركيا (23مليون) وأكراد إيران (4,5 مليون) أو مانسبته 6 في المئة من سكان إيران البالغ حوالي 76 مليون نسمة!! وهو حلم يشترك فيه البرزاني وحزبه والعدو الصهيوني وإدارة الجمهوريين الأميركيين !! عادت كركوك ،وعاد نفطها وغازها ،وطرقها الإستراتيجية ،وعادت وحدة العراقييين في المحافظة ،وسيطوي النسيان زعيم الإنفصال الكردي الفاشل ،ولن يتقسّم العراق وسوريا وتركيا وإيران ،وإذا ماحاول البرزاني وميليشياته ،اللعب ثانية بالنار ،فقد يجدوا الجيش العراقي ذات فجر قريب في “أربيل” التي كادت أن تستسلم لعصابات “داعش” في الماضي القريب ،لولا إستبسال “كتيبة قاسم سليماني”عنها ،وعلى الجميع أن يُسلّم نهائيا،بالحقيقة العارية تماما ،وأن زمن دعم الشاه المخلوع مع أصدقاءه :بن غوريون وجولدا مئير وموشيه دايان ،شمعون بيريز ، ل”مصطفى البرزاني”،قد مات مع موت تلك العصابة ،وأن عواصم الإقتدار :موسكو وطهران واسطنبول وبغداد ودمشق و”بنت جبيل” هي وحدها من يصنع سياسات الإقليم ،وحاضره ومستقبله ،..لقد ولّى زمن الهزائم ياصاحبي!! و”إن الله وحده من يحيي العظام وهي رميم”! |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
11 | لا قدسية لهدف تفتيت العراق
|
افتتاحية | الوطن العمانية | ||
بسيطرة القوات العراقية على مدينة كركوك بما فيها الحقول النفطية الرئيسية، لا تقضي هذه السيطرة على أحلام الانفصال التي عمل الأعداء على ترسيخها في عقول بعض القيادات الكردية ومن يواليها فحسب، وإنما تؤكد أن وحدة العراق خط أحمر، وتعكس في المقابل ذلك النَّفَس الوطني الوحدوي لدى مكونات الشعب العراقي بمن فيها المكون الكردي، والوعي بأهمية هذه الوحدة التي وحْدَها تتحقق في إطارها الأحلام والطموحات، وأن الانفصال أثبتت عِبَرُ التاريخ وتجاربه أنه عبء يتحول مع مرور الوقت إلى كارثة على مريديه، فيما يجني ثماره الأعداء من تجار الحروب ودعاة الفتن والكراهية الذين عملوا على صناعة قيادات ورعايتها، وغسلوا أدمغتها بمفاهيم ومبادئ وقيم لا تستقيم مع الطبيعة البشرية والإنسانية التي تنزع إلى التراحم والتقارب والتسامح والتكافل والعيش المشترك. وفي وضع إقليم كردستان وما عمل عليه أعداء العراق من مخططات تقسيم وتفتيت تستكمل الأدوار التي بدأوها بغزوه وتدمير مقدراته وتجريف بنيته العلمية والمالية وتجفيف مصادر اقتصاده، تثبت كل الدلائل أن هؤلاء الأعداء يقفون اليوم وراء فصل الإقليم ليس حبًّا في الأكراد، أو دفاعًا عنهم وعن مظلوميتهم التي اتخذوا منها مشجبًا يعلقون عليه تدخلاتهم في الشأن العراقي والكردي، واستغلال العاطفة لدى الأكراد من خلال هذه المظلومية لزرع نوازع الشر والكراهية والانفصال والعداء للوطن في قلوب الأكراد وأنفسهم وعقولهم، وإنما لخدمة مشاريع استعمارية تتجاوز الحقوق للكرد ومظلوميتهم، ويتم توظيف الكرد من هذا المدخل لتحقيق هذه المشاريع الاستعمارية. فليس بخافٍ على أحد الأهداف من فصل إقليم كردستان عن العراق، سواء الأهداف المتعلقة بالعراق ذاته أو بدول الجوار. ولعل ما يؤكد أن الأكراد يتم توظيفهم في مشاريع لا تخدم قضاياهم ولا استقرارهم وأمنهم وعيشهم هو أن الطبيعة الجغرافية لمناطق تركُّز الأكراد لا تتوافر فيها المقومات ولا الشروط الحقيقية لإقامة دولة “مستقلة”، حيث موقعها الجغرافي يتوسط دول الجوار، ما يعني أنه يصبح موقعًا مخنوقًا بريًّا وجويًّا، وما حظر حركة الطيران وإغلاق الأجواء والمعابر من وإلى إقليم كردستان إلا دليل بسيط على ذلك، فكيف الحال الآن وقد عاد ما يمكن تسميته بـ”محفظة النقود” (أي كركوك وحقولها النفطية) إلى حضن الدولة العراقية، والتي كان دعاة الانفصال وقادته يعولون عليها لتحقيق حلم الانفصال، والاستمرار في إنجاز مخطط تفتيت المنطقة خدمة للأعداء. على أن ما نتج اليوم على خلفية عودة كركوك إلى الحضن العراقي، يبرز صوتين كرديين مختلفين، صوت العقل ويمثله الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وأولئك الأكراد من البشمرجة وغيرهم ممن سلموا طواعية المناطق الحساسة في كركوك للقوات الاتحادية العراقية، معبرين بذلك عن رفضهم لنزوع الانفصال. فقد قال معصوم “إن إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان أثار خلافات خطيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان كما بين القوى السياسية الكردستانية ذاتها أفضت إلى عودة القوات الأمنية الاتحادية إلى السيطرة المباشرة على كركوك”. مؤكدًا أهمية الالتزام بالدستور كأساس لأي خطوات، وداعيًا إلى الحوار. أما الصوت النقيض فقد جاء على لسان مسعود البرزاني وموالوه حين اتهموا من سلموا المواقع في كركوك من البشمرجة للقوات الاتحادية بـ”الخيانة”، مبديًا (البرزاني) إصراره على نزعة الانفصال بقوله “الشعب الكردي سيحقق أهدافه المقدسة قريبًا أو بعيدًا واليوم هو أحوج من قبل لتوحيد الصفوف”، فعن أي صفوف يتحدث البرزاني؟ وأي قدسية لأهداف تفتيت العراق وشرذمته بدءًا بكيان كردي لا يحظى بإجماع الأكراد العراقيين ذاتهم؟ فكيف الحال بالعراقيين بجميع مكوناتهم؟! |
|||||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر | ||
12 |
هل قرأ رسالة كركوك !؟
|
زهير ماجد
|
الوطن العمانية | ||
بلغت العنجهية بمسعود البارازاني مبلغها، فنسي أن ثمة لعبة أمم، وأن هنالك من هم أكبر وأقوى يملكون القدرة على الفعل ساعة يخططون ويشاؤون ، وأن الحلم أحيانا يتحول إلى كابوس إذا لم يكن هادئا ومنطقيا. ظن البارازاني إن الدنيا ضحكت له بعد إن جازف بشعب كريم يكن له العراقيون بكل اعراقهم وفئاتهم ومذاهبهم كل خير ومحبة،ويرون فيه أخا في الوطن ، لكنه نسي ان العبرة دائما ليس في البدايات، بل حين تحين ساعة التغيير، والدول عادة لا تصنع ردود أفعالها بشكل فوري ، هي تدرس وتمحص وتفكر وتقلب الأمور الى الحين الذي يتداخل فيه الذاتي بالموضوعي. ترى ماذا عليه حاله الآن وهو عاش انقلابا في كركوك لصالح الدولة العراقية كي لا نقول العراق الموحد ، هل قرأ رسالة كركوك وكيف يكون الاكراد منطقيين لاهوائيين، ولديهم حسهم الوطني العالي ، ولا يريدون اطلاقا الابتعاد عن البلد الأم، هم من فلذاته، من ذرات ترابه، من اوكسجينه، ومن عتيق مواصفاته الوحدوية. الوطنيون العراقيون الكبار خبطوا عى الطاولة ان ممنوعا انفصال شمال بلدهم، وطنهم، الذي هنالك اكثر من مليون شهيد من أجل وحدته واستقلاله ، وهنالك من مازالوا يحملون السلاح ويقاتلون دفاعا عن هذا وذاك ، وسيظل السلاح مرفوعا حتى تحرير آخر شبر، لقد فتح العراق مشروعه الوطني بكل مفاهيمه وابعاده ومقتضياته، ورسم لها سقفا لايمكن السماح يتجاوزه. مشكلة البارازاني انه لم يدرس خطواته جيدا وأين يضعها، لم يكن يعرف ماهو الفرق بين الجرأة والتهور، وبين الفكرة وظروف ترجمتها .. كان يعلم ان العراق لايمكن تقسيمه، بل ثمة تحد خطير اذا مامشى بفكرة تقسيمه، ليس من ابناء وطنه لعراق، بل من الاقليم كله .. لقد خاض لعبة من اعقد قضايا الاقليم، وفي ظروف كلها حساسية مرتفعة ازاء أي وضع طاريء مؤثر فيه .. اراد ان يهرب الى امام يقفزة فوق المرحلة الدقيقة ، وهذا علم في حرق المراحل التي تنقلب على صاحبه اذا لم تكن معطياته واضحة وصائبة. لايمكن اغلاق منافذ على شمالي العراق والقول بانها استقلال في الوقت الذي هو اختناق له ، ابواب الشمال العراقي كلما فتحت انتجت اكثر التصاقا بالوطن الام ، كما انها تنتج محبة زائدة وتعايشا مضافا، وانسنة من روح الشهداء العراقيين الذين ارادوا دمهم فداء لوحدة بلادهم واستقلالها. بعد خطوة كركوك، عادت الامور لتشتد على البارزاني، فليس من تنازل عن الغاء الاستفتاء كي تعود الامور الى مجاريها .. هنا بات البارازاني يعتبر التراجع ضربة لوجوده المعنوي والسياسي والشخصي ايضا، لكن لم يطلب منه احد ان يذهب الى بيته، بل ان يتراجع عن كل الخطوات التي فرضها على جزء من العراق اراد من خلالها تغيير خارطته الجغرافية والانسانية. في موسم دفع الأثمان، لابد ان يحاسب المرتكب وخصوصا من ادت خطواته الى التعدي على وطنه، وفي الروح منه، حتى ليكاد البعض يسميها خيانة وطنية ، وتلك لها عقابها الذي يوازيها. البارازاني امام حقيقة لاتراخي فيها : ممنوع تقسيم العراق، وسوريا، وكل قطر عربي، وممنوع منعا باتا اللعب بمصير الاوطان تحت ظنون الجنون الذي يصيب احيانا عقول اصحاب العنجهية. |