8 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1   «الاستفتاء»… إسرائيل مع الانقسام لكن لا دور لها فيما جرى!

 

 صالح القلاب

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
 

غير مستغرب أن يتفق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومستشار الشؤون الدولية لمرشد الثورة الإيرانية علي أكبر ولايتي، على أن إسرائيل وراء خطوة «الاستفتاء» هذه، التي أقدم عليها الأكراد، أو الكرد، بقرار من الرئيس مسعود بارزاني؛ فتركيا وإيران أكبر المتضررين من هذه الخطوة؛ وذلك على اعتبار أنَّ الثقل الكردي في هذه المنطقة كلها هو في هاتين الدولتين، وحيث يقال إن عدد هؤلاء في الدولة الأولى يتجاوز الستة عشر مليوناً، وفي الثانية يلامس الاثني عشر مليوناً، وهذا إن يعني فلا يعني أكثر من أن عدوى انفصال إقليم كردستان العراقية عن العراق وإقامة كيان مستقل فيه ستنتقل فوراً، وبالتأكيد، إلى هاتين الدولتين اللتين تعانيان فعلاً من قنبلة «فسيفساء» إثْنية – قومية، وأيضاً طائفية ومذهبية ضاغطة قابلة للانفجار في أي لحظة!

ثم، وبالإضافة إلى الثقل الرئيسي الكردي في هاتين الدولتين اللتين لم تكتفيا بما ترتب على اتفاقيات سايكس – بيكو الشهيرة، بل إنهما انتهزتا ظروفاً مستجدة ملائمة وتمددتا: الأولى أي إيران، في اتجاه «الأحواز» العراقية، والثانية في اتجاه لواء الإسكندرون السوري، وكل هذا والمعروف أن هناك أقليات ضاغطة إنْ في الدولة التركية وإن في الدولة الإيرانية كالبلوش والآذاريين والهزارة واللاز والبكداشيين والعلويين والأرمن، وأيضاً كالشيشان والشركس والداغستانيين.

ولذلك؛ وخوفاً من انتقال العدوى الاستقلالية – الانفصالية إلى كل هذه المجموعات الكيانية إن استطاع أكراد العراق تثبيت نتائج «الاستفتاء» الذي أجروه وبالقوة في كردستان العراقية فقد بادر الإيرانيون والأتراك، بالإضافة إلى إعلان حالة الاستنفار العسكري القصوى، وإجراء مناورات عسكرية على حدود هذا الإقليم، إلى إلصاق تهمة الخيانة بالقيادة الكردية، والادعاء بأن إسرائيل هي التي وراء هذه الخطوة التي إن هي نجحت فإن الإسرائيليين الذين بقوا يسعون ومنذ قيام دولتهم في عام 1948 إلى شرذمة وتفتيت دول هذه المنطقة العربية والإسلامية، سينقلون عدواها إلى تركيا وإيران، وحيث إن الكرد في هاتين الدولتين قد لجأوا مبكراً إلى حمل السلاح، أي حزب العمال الكردستاني – التركي الـPKK في الدولة الأولى، وحزب الحياة الحرة الكردستاني في الدولة الثانية.

وحقيقة أن الأكراد كلهم، إنْ في تركيا وإنْ في إيران وإنْ في العراق، وأيضاً إنْ في سوريا، بقوا يتذوقون حلاوة قيام دولة «مهاباد» الكردية المعروفة في كردستان الإيرانية في عام 1946، تلك الدولة التي لم تعش إلا لشهور قليلة فقط، وحيث اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على وأدها مبكراً، وللحجة الحالية نفسها التي هي الخوف من انتقال عدوى هذه الدولة إلى الدول المجاورة؛ مما سيؤدي إلى حروب طاحنة ومدمرة (!!) وإلى حالة عدم استقرار في الشرق الأوسط كله، وفي هذه المنطقة، منطقة النفط، بأسرها.

وبالطبع، فإن إسرائيل، التي دأبت ومنذ إنشائها على السعي لتمزيق هذه المنطقة «الاستراتيجية» وتفتيتها وإقامة ما يمكن اعتباره «كومنولث»، طائفياً ومذهبياً وإثْنيّاً، لأقلياتها تكون لها فيه مكانة بريطانيا العظمى في «الكومنولث» البريطاني، قد بادرت حتى قبل إجراء هذا «الاستفتاء» المتسرع، الذي أجراه الرئيس مسعود بارزاني في كردستان العراقية إلى الإيحاء وبالأفعال والأقوال بأنها ليست تؤيده وفقط، بل إنها وراء التخطيط له وتنفيذه، وحقيقة أن هذا غير صحيح على الإطلاق ويمكن الجزم بهذا وبصورة قاطعة.

والواضح، بل المؤكد، أنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أطلق ذلك التصريح اللاحق المتأخر للتنصل من تصريحه السابق تحت ضغط الولايات المتحدة الأميركية، وأيضاً تحت إلحاح القيادة الكردية، حيث أكد أنه «لا يوجد أي دور لإسرائيل في الاستفتاء الذي شهده إقليم كردستان العراق»، وحيث قال أيضاً إن تصريحاته السابقة بخصوص تأييد هذا الاستفتاء قد جاءت من قبيل التضامن والتعاطف مع الشعب الكردي في رغبته الاستقلالية.

وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الإسرائيليين قد لعبوا لعبة قذرة كهذه اللعبة الأخيرة في منتصف سبعينات القرن الماضي عندما استدرجوا الملا مصطفى بارزاني، والد مسعود بارزاني، للقيام بزيارة علنية لإسرائيل مقابل وعد كاذب بأنهم سيساندونه لإسقاط اتفاقية الجزائر الشهيرة التي وقعت في السادس من مارس (آذار) عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي في ذلك الحين صدام حسين وشاه إيران السابق محمد رضا بهلوي بإشراف الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين، لكنهم تركوه يواجه كل المستجدات اللاحقة خلال وبعد زيارة طويلة كان قام بها إلى الولايات المتحدة كانت في حقيقة الأمر بمثابة لجوء سياسي، وإن بصورة مؤقتة.

وهكذا، فإن المؤكد أن القيادة الكردية ممثلة بالرئيس مسعود بارزاني تعرف أن لا ثقة بأي وعود إسرائيلية، وأن إسرائيل التي لا يهمها الأكراد وقضاياهم بقدر ما يهمها إضعاف العراق وشرذمة وتمزيق دول هذه المنطقة، وأنها، أي إسرائيل، كما تخلت عن والده فإنها ستتخلى عنه إن هو وثق بمساعيها ووعودها، والمعروف أنَّ الإسرائيليين كانوا الداعم الأول لانفصال جنوب السودان عن شماله، لكنهم ما لبثوا أن تخلوا عن هذه الدويلة الانفصالية وتركوها لتواجه هذا المصير البائس الذي تواجهه الآن.

إنه لا جدال إطلاقاً في أنَّ من حق الأكراد أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، وأن تكون لهم دولتهم أو دولهم المستقلة مثلهم مثل أشقائهم العرب والأتراك والإيرانيين، لكن وفي كل الأحوال فإن أيضاً عليهم أن يختاروا اللحظة المناسبة فعلاً، وأن يتجنبوا «القفزات الانتحارية»، وأن لا يصدقوا ولا يثقوا بكل ما يسمعونه والدليل أولاً هو المصير الذي انتهت إليه جمهورية مهاباد الشهيرة، وثانياً هو أخطر الاستحقاقات التي واجهتها الحركة التحررية الكردية على مدى النصف الثاني من القرن الماضي، وهو أيضاً هذه النهاية التي انتهت إليها خطوة «الاستفتاء» الأخيرة التي ثبت أنها كانت ارتجالية وعشوائية وغير مدروسة الدراسة الكافية التي تقتضيها ظروف العراق وظروف هذه المنطقة الملتهبة.

ثم، وإن المفترض أنه كان على القيادة الكردية، قبل أن تلجأ إلى هذه الخطوة التي إنْ هي ليست ارتجالية، فإنها بالتأكيد متسرعة والتي قد تصبح مكلفة جداً، أولاً ألاّ تثق بأي وعود إسرائيلية سواء مباشرة أو غير مباشرة، وثانياً أن تتأكد مسبقاً من رأي الأميركيين والروس وباقي الدول الكبرى الفاعلة، وثالثاً وما دام أنها تعرف الأتراك والإيرانيين معرفة أكيدة فقد كان عليها أن تدرك أن خطوتها هذه ستُواجَهُ وعلى الفور بعمل عسكري تركي وإيراني؛ لأنها تعتبر بالنسبة لهاتين الدولتين القنبلة التي ستفجر وحدتهما السكانية والجغرافية.

لقد كان على القيادة الكردية قبل هذه القفزة التي كانت قفزة نحو المجهول أن تأخذ بعين الاعتبار أن محاولة الجيش الجمهوري في آيرلندا الشمالية قد فشلت، وأن القبارصة (المسلمين) الشماليين يحاولون وبعد كل هذه السنوات الطويلة العودة إلى قبرص الشمالية «الأرثوذكسية»، وأن الجنوب السوداني يبكي الآن ندماً لأنه ابتعد عن الشمال السوداني، وأن غزة ها هي قد هرولت ركضاً للعودة إلى السلطة الوطنية والضفة الغربية، وأن انفصال كاتالونيا عن إسبانيا قد يفجر حرباً جديدة في القارة الأوروبية، إن هي تفجرت بالفعل فإنها ستكون أكثر مأساوية وأهوالاً من الحرب العالمية الثانية.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2  جامعات الموصل توحد العراق

 

 محمد عارف

 

 

 الاتحاد الاماراتية
  

يا لَجمال أسراب طالبات «جامعة الموصل» ممشوقات القوام، بعضهن بسراويل «جينز» وأغطية رأس ملونة كربيع مدينة «الموصل» التي تُسمى «أم الربيعين». و«جامعة الموصل»، أم الجامعات العراقية، ولدت ورَعَتْ خلال نصف قرن من عمرها جامعات «نينوى» و«الحمدانية» و«تلعفر». «وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا»، العبارة القرآنية في مدخل الجامعة عنوان ملحمة عودة ثلاثين ألف طالب مع أساتذتهم. وفي موقع الجامعة على «الإنترنت» صور لافتات تحمل عناوين «جامعة الموصل تشرق شمسها من جديد»، و«يوم عرس جامعي»، و«رئيس الجامعة تَفَقد الأبواب الرئيسية لدخول العجلات والمنتسبين، حيث أوعز بفتح أبواب أخرى لتسهيل انسيابية الدخول ومعالجة حالات الاختناق عند مداخل البوابات».

 

والأكاديميون الموصليون كالألمان، الذين يعتبرون المصائب فرصاً، استثمروا مصيبة «داعش» الذي شَرَدّهم، لتحقيق معجزة توحيد العراق في الوضع الجيوسياسي المعقد لمحافظة «نينوى»، المهددة بـ«المناطق المتنازع عليها»، فكليات جامعات الموصل توزّعَت بين مدن «دهوك» و«كركوك» و«زاخو». وغريزة الموصليين التنظيمية أنشأت خارج محافظتهم أقساماً داخلية للطلاب، ومُجَمَّعات سكنية للتدريسيين، ومختبرات طبية وإلكترونية.

ولا يدّعي الذين غادروا الموصل بأنهم أفضل ممّن ظلوا داخلها، وهذا أثمن دروس البقاء التي تبلورت في جحيم سياسي وروحي واقتصادي زعزع العراق والمنطقة والعالم.

ونحن نجهل تفاصيل حياة وعمل التدريسيين الباقين في الموصل، الذين هدّدهم «داعش» بالقتل، والاستيلاء على ممتلكاتهم، والمغادرة بالنسبة لبعضهم تعني حكم الموت على ذويهم المُسّنين، الذين لا يمكن نقلهم. والآن يدعو الأكاديميون العائدون إلى «إشراك الباقين، الذين برهنوا على مرونة يحتاجها العراق. فهم وحدهم يعرفون أفضل السبل لمواجهة تحديات، تمتد من الأضرار المرئية، في البنى التحتية للمدينة، وحتى الأضرار غير المرئية، كآثارها على أطفال وقعت فترة دراستهم في ظل «داعش».

 

تفاصيل مجهولة عرفتُها في مكالمة هاتفية مع «أُبَيْ الديوه جي» رئيس جامعة الموصل، الذي استهدفته مافيا الفساد المتعمّمة بالدين، لأنه رفض تقديم أتاوات من موازنة مشاريع الجامعة، فاخترقت إطلاقة بندقية خده، ونفذت من رقبته، وقطعت حبال حنجرته الصوتية، واستقرّت أربع رصاصات في ظهره. و«الديوه جي» أكاديمي نادر المثال، دَرَسَ ماجستير الإدارة والاقتصاد في جامعة «نيوكاسيل» البريطانية، ودكتوراه العلاقات الاقتصادية الدولية في «كليرمونت» الفرنسية. وهو سليل عائلة فقهاء ومؤرخين، تَولّى بعضهم قضاء بغداد، ووالده المؤرخ «سعيد الديوه جي» مؤسس ومدير متحف الموصل.

 

وكلام «الديوه جي» يساعد في التغلب على الأفكار المسبقة، وفيما يلي بعضه: “داعش” حرق المكتبة والاقسام العلمية وعلى نحو بشع لم يسبق له مثيل في العالم المتحضر. القصف الجوي هو المسؤول عن تدمير مركز الجامعة، وعن مقتل كل من رئيس قسم الجيولوجيا وعميد كلية الحاسوب وأخصائي الجملة العصبية الدكتور محمد محمود الشيخ عيسى، وأخصائي الباطنية الدكتور علي صلاح فضيل. والقصف الجوي دّمّرَ المُجمّع الطبي الذي استثمر العراق في إنشائه 183 مليار دينار، بحساب ثمانينيات القرن الماضي، ودَمّرَ مطبعة «مونوتايب» التي كانت تجهز الجامعة، ومؤسسات عدة داخل وخارج المحافظة، ودَمّرَ متحف التاريخ الطبيعي الذي يضم مقتنيات نفيسة لا تُعوّض.

 

ويؤكد «الديوه جي» أن كردستان «قدّمت لنا جميع أشكال العون والمساعدة بشكل لم نكن نتوقعه. وعلي الأديب، وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق، لم يردّ طلباً للجامعة»، كما «أصرَّ الوزير الحالي عبد الرزاق العيسى، على المجيء إلى الموصل في هذا الظرف القلق، وقضى معنا يوماً كاملاً، وحضر مناقشة رسالة دكتوراه».

 

وفي الحديث مع «الديوه جي» نتعرف على روحية الموصليين الذين دفعوا ثمناً باهظاً، ودُمّرت منازلهم، وكل ما فيها، بضمنها ذكرياتهم. «لكن، لا ينبغي التفكير بالانتقام، بل في العيش بطريقة صحيحة، وهذا يعني ضرورة التوقف عن التفكير في الهوية القومية، أو الدينية، أو القبلية. فهذه تسمح في كثير من الأحيان بالإفلات من مسؤولية ارتكاب أخطاء واضحة».

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   التعامل مع الاستفتاء الكردي يتطلب عقلانية واعتدالا

 

 د. بشير موسى نافع

 

 

 القدس العربي
 

 

بالرغم من المعارضة واسعة النطاق، رفض رئيس إقليم كردستان العراق التراجع، ومضى نحو عقد الاستفتاء حول استقلال الإقليم في 25 أيلول/سبتمبر. ليس من الواضح كيف أجرى الرئيس بارزاني حساباته، ولكن المؤكد أن هذه الحسابات لم تكن دقيقة بالضرورة. حلفاء الإقليم وحماته الرئيسيون في واشنطن لم يتراجعوا عن معارضتهم للاستفتاء؛ ولم يترددوا بعد أن عقد عن إعلان رفضهم الاعتراف بنتائجه. وتركيا، شريكة الإقليم الكبرى في الدائرة الإقليمية، ومن وفرت غطاء حماية للسيد بارزاني طوال الأعوام القليلة الماضية، عندما كان الإيرانيون وقادة العراق الشيعة وأكراد السليمانية وحزب العمال الكردستاني يحاولون إطاحته، ردت على الاستفتاء بغضب غير مسبوق، مهددة الإقليم بإجراءات حصار وعقاب غير مسبوقة. وكذلك فعلت إيران. أما الحكومة الاتحادية في بغداد فلم تعلن عدم شرعية الاستفتاء وحسب، بل وأعلنت جملة من الإجراءات التي تهدف إلى فرض الإرادة العراقية على الإقليم.

لم تعارض واشنطن الاستفتاء من جهة المبدأ؛ فقد كان التدخل الأمريكي في شؤون المشرق، منذ بداية التسعينيات، القابلة التي عملت على ولادة الإقليم؛ والأمريكيون هم من وفر، في لحظات التأزم وبروز نذر الانهيار، مظلة حماية الإقليم واستقراره. هذا صحيح، بالتأكيد. ولكن المعارضة الأمريكية لأسباب مرحلية، تتعلق بالحرب على داعش واسترضاء بغداد وأنقرة تظل معارضة، ولابد أن الموقف الأمريكي هو من شجع أغلب القوى الدولية على اتخاذ موقف متحفظ من مشروع استقلال الإقليم. المعارضة التركية والإيرانية، من جهة أخرى، هي معارضة مبدئية، وتنبع من مخاوف حقيقية، لا يمكن أغفالها، من أن يؤدي انفصال الإقليم إلى فتح صندوق شرور في المشرق يصعب إغلاقه. لا تتعلق هذه المخاوف بالكتلتين الكرديتين في تركيا وإيران، بالضرورة، لأن ليس ثمة مؤشرات صلبة على سعي الأغلبية الكردية في كلا البلدين للانفصال. تتعلق هذه المخاوف بالأحرى بطبيعة التكوين الديمغرافي القلق في دول المشرق، من إيران وتركيا إلى العراق وسوريا ولبنان والأردن، التي تضم عشرات من الطوائف والإثنيات، ويعاني عدد منها من ضعف الدولة الوطنية.

دوافع العراق، المعني الأول بالمسألة، تتشابه مع الدوافع التركية ـ الإيرانية، من جهة، وتختلف، من جهة أخرى. فقد يؤدي الانفصال الكردي إلى تعزيز الاتجاه الذي يدعو إلى تشكيل إقليم حكم ذاتي في محافظات الأغلبية العربية السنية، وربما حتى إلى الانفصال في النهاية. كما أن الاستفتاء الكردي سيفتح أبواب صراع محتدم على المناطق المتنازع عليها، سيما كركوك، التي يعتبر نفطها الضمان الوحيد لحياة الدولة الكردية المنشودة.

لذلك كله، للتحفظ الدولي، والمعارضة الإقليمية الصريحة والحادة، أمكن للحكومة الاتحادية في بغداد اتخاذ موقف تصعيدي من أربيل وفرض إجراءات عقابية ثقيلة الوطأة. ترفض بغداد بدء أية مفاوضات مع أربيل على أساس من الاستفتاء، وتطالب بإلغاء نتائجه كشرط مسبق لعقد مفاوضات جديدة. وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة العراقية أنها ستقوم بتسلم الإشراف على المعابر البرية الدولية لكردستان العراق، وفرض سيادتها على شركات اتصالات الهاتف والإنترنت العاملة في الإقليم. وقامت بغداد بالفعل بمنع الطيران الدولي من استخدام مطارات الإقليم، عندما رفضت حكومة أربيل وضع مطارات المدن الكردية تحت سلطة الحكومة المركزية. وإلى جانب وقف المعاملات المالية مع أربيل، عرضت بغداد إدارة مشتركة لمحافظة كركوك. ويعتقد أن القوات العراقية ستتحرك للسيطرة على المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك كركوك وحقولها النفطية، إن رفضت أربيل سحب قواتها من هذه المناطق. بذلك، يقف العراق، الذي شهد جولات باهظة التكاليف من الحرب طوال القرن الماضي، على حافة جولة جديدة من الصراع العربي – الكردي.

هذا كله كان متوقعاً؛ كما أن دعم إيران غير المحدود لبغداد ليس بالمستغرب. المستغرب هو الحدة القاطعة في الموقف التركي من مسألة الاستفتاء، وتهديدات القطيعة والحصار التي توجهها أنقرة للإقليم، وذهاب الحكومة التركية، وبدون تحفظ أو تردد، إلى بناء ما يشبه التحالف التركي ـ الإيراني ـ العراقي لإخضاع أربيل.

كان التوافق الشيعي ـ الكردي هو الذي كتب دستور عراق ما بعد الغزو والاحتلال، الدستور الذي أعطى للإقليم الكردي درجة عالية من الاستقلال الذاتي ووضع بذرة تقسيم العراق أو تحوله إلى دولة كيانات متصارعة. وقد وضع الدستور في لحظة تصاعد المقاومة العراقية للاحتلال وتفاقم مناخ التشظي الطائفي والإثني. وربما تصور قادة العراق الشيعة عندها ضرورة وضع احتمال تقسيم العراق في الحسبان، إن استمر الصراع الأهلي المسلح وأخفقت الحكومة المركزية في كسب ولاء محافظات الأغلبية العربية السنية. ولكن الظروف تغيرت منذ كتب الدستور، وتغيرت بصورة كبيرة. فبالرغم من السيطرة الطائفية الشيعية على مقاليد الحكم والدولة، وقفت الأغلبية العربية السنية مع وحدة العراق، وتراجعت المقاومة المسلحة منذ انسحبت القوات الأمريكية. بصورة من الصور، قبلت الأغلبية العربية السنية التعايش مع الدولة الجديدة، واعتقدت أن بالإمكان، ببعض من العمل السياسي والبرلماني والحقوقي، التوصل في النهاية إلى تعديل للدستور، إصلاح مؤسسة الدولة الجديدة، وإيجاد نظام أكثر عدلاً وأقل طائفية.

بيد أن علاقات الطبقة الشيعية الحاكمة لم تتأزم مع الأغلبية العربية السنية وحسب، بل ومع الشركاء الأكراد أيضاً، الشركاء في التحالف مع الغزو والاحتلال، في تهميش الأغلبية العربية السنية، وفي كتابة الدستور المشوه والحامل لكل عوامل الانفجار. وقد كان طبيعياً في النهاية أن يتسع نطاق سياسات الهيمنة الطائفية الأقلوية لتطال ليس السنة العرب، وحسب، بل والإقليم الكردي، أيضاً، كما مكونات الشعب العراقي الأخرى. الاتزان والاعتدال واعتبار المصالح العامة للبلاد ليست بين الفضائل الشائعة للعقل الطائفي الأقلوي. وهكذا، سرعان ما سقطت الشراكة الشيعية ـ الكردية ضحية الخلافات المؤجلة حول المناطق المتنازع عليها، النفط، السيادة، ميزانية الإقليم، وعدد من المسائل الأخرى التي لا تقل تعقيداً. ثمة دلائل على أن قرار الاستفتاء لم يكن مدفوعاً باليأس من بناء علاقات صحية ومستقرة بين بغداد وأربيل، ولكن أيضاً بالمستقبل الشخصي لرئيس حكومة الإقليم الكردي، مسعود بارزاني. ولكن، وحتى إن صح هذا التقدير، فمن الصعب مطالبة الأكراد، الذين صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح استقلال الإقليم، بالبقاء ضمن العراق، أسرى لرحمة طبقة حكم المركز العراقي، قصيرة النظر، تفتقد أدنى شروط عقلانية السياسة، ومسكونة بأوهام الهيمنة الطائفية.

تدرك تركيا، التي يحكمها الحزب نفسه منذ 2003، أن الدولة العراقية التي ولدت من الغزو والاحتلال لم تتمتع لحظة بالشروط الضرورية لحكم العراق. وتدرك تركيا أيضاً أن الانفجارات المتتالية التي تعرض لها العراق في العقد ونصف العقد الماضيين لم تكن وليدة مؤامرات خارجية أو لعنة فلكية، بل نتاج البنية الهشة والمشوهة للدولة العراقية الجديدة. وهذا ما يجعل التهديدات التركية لحكومة الإقليم، وذهاب أنقرة إلى التحالف غير المشروط مع طهران وبغداد لحصار الإقليم وإخضاعه، مبالغاً فيها وغير مسوغة. إن كان للعراق أن يبقى موحداً، وأن يتفادى المشرق شرور وتداعيات الانقسام الكردي، فلابد من إعادة النظر في بنية الحكم والدولة العراقية ككل، أولاً.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  إيران والعراق  

خالد أحمد الصالح

 الراي العام الكويتية
   

عام 1992 قابلت في وارسو عاصمة بولندا، شابا عراقيا يدرس الدكتوراه هناك. هذا الشاب حدثني عن طلب الجالية العراقية منه أن يتظاهر معهم أمام السفارة الأميركية لرفع الحصار عن العراق. وأكمل حديثه لي قائلاً: سألت ممثلي الجالية: هل أنتم جادون في إزالة الحصار؟ قالوا باستغراب، نعم، فرد عليهم: إذاً لنتظاهر أمام السفارة العراقية، نطالب بخروج صدام وعند ذلك يُرفع الحصار عن العراق.

 

الشاب العراقي كان يحدثني وهو يجمع حاجياته هارباً من العاصمة البولندية في اتجاه دولة أخرى ليصبح لاجئاً سياسياً، بسبب ما قاله لممثلي الجالية العراقية.

 

ولو أن ما نصح به هذا الشاب العراقي الجالية العراقية في تلك الفترة تم حدوثه وقام الشعب العراقي بإخراج صدام، لما كان حال العراق كما نراه اليوم.

 

تذكرتُ تلك الحادثة وأنا أستمع إلى ممثل جمهورية إيران الإسلامية، في اجتماع منظمة الصحة العالمية الذي يعقد حاليا في إسلام أباد عاصمة باكستان، أستمع له وهو يطالب بوقف الحرب في جمهورية اليمن، فقلت في نفسي ما قاله ذاك الشاب العراقي، إذا كان ممثل إيران جادا في إيقاف الحرب فليس مطلوبا منه الدعوة إلى إيقاف الحرب، بل المطلوب منه أن يدعو حكومته للخروج من اليمن. اذا ابتعدت إيران عن اليمن عندها ستقف الحرب.

 

إن التدخلات الإيرانية في شأن البلاد العربية تُسبب توترا دائما بين الشعب العربي وبين الشعب الإيراني وليس فقط على مستوى الحكومات، ولو أوقفت الحكومة الإيرانية تدخلاتها في سورية ولبنان واليمن والعراق لتغير الوضع في تلك الدول وأصبحت أكثر أمناً واستقراراً.

 

إن تطبيع العلاقة مع إيران مطلبٌ ملحٌ لمستقبل المنطقة، وأيضا من أجل سعادة شعوبها ومواجهة التحديات التي تأتينا جميعا من دول لا تريد الخير لنا جميعا، ولكي يحدث التطبيع لا بد أن تلتزم كل دولة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وعدم إيجاد حجج طائفية أو شعوبية تبريرا للتدخل.

 

هذه نصيحة لم نستطع أن نوصلها للمندوب الايراني، وأتمنى أن يسمعها العاقلون في إيران فيمتنعوا عن التدخل في بلادنا العربية قبل أن تتسبب تدخلاتهم بضرر للشعب الإيراني المسلم الطيب الذي يدفع ثمن سياسة بعيدة عن الصواب.

 

إننا نتعلم من التاريخ ولكن من يسمع؟

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5  العراق مهد الحضارات

 

 أنيسة فخرو

 

 الراي العام الكويتية
  

قرأت كتابا للباحثة المصرية أبكار السقاف (1913 – 1989) عن «الديانة السومرية والبابلية والآشورية». ورأيت إن الكاتبة تأتي على ذكر أفكار جديدة لم تكن مألوفة لدينا من قبل.

 

في الدين السوماري، الإله ثلاثي، إله السماء آنو، وأنليل إله الهواء، وإله المعرفة كي، وبينهم وحدة سياسية ينتظم فيها الدين السامري، ولتنفيذ العدالة السماوية على الأرض ينبغي أن تحل روح الإله في الجالس على عرش الأرض، وكانت مكة البيت العتيق كعبة الدين السامري في مدينة أور، من أجل أن يلتف العقل الجماعي حول مركز واحد للعبادة، وقد أقامته الأسرة الأولى بعد الألفين ق م، في عهد سرجون الأول سليل سومير.

 

وفي عهد أورنامو 2300 – 2180 ق م تم بناء الكعبة وابنه دنجي، وحيث إن مكة بيت الإله، لذا فإن كل ما حولها أرض الإله.

 

ويفرق الدين السومري بين الرب والإله، نانار إله القمر، والقمر ربا وليس آلهة، حيث تتم عبادة الإله عن طريق الرب الذي يمثله الحاكم السيد.

 

وتوجد ثنائية واضحة بين الخير والشر، فالأرواح الخيّرة يطلق عليها اجي جي، والشريرة علانو.

 

أنوناكي، هي الأجرام السبعة كالمريخ مردوخ، والزهرة أنانيتو سيدة السماء، والشمس شماس الفضاء، والرأمان الرحمان، وإكراما لهم نظّم العقل السامري دورة الأيام إلى أسابيع، وألفوا الأسبوع من سبعة أيام، وتم تقديس الرقم 7.

 

القانون الأخلاقي في الدين السامري:

 

نصابا ربة الكتابة، وهاني سيد الأختام. والقانون السوماري يقول: الإنسان حر في القول والعمل، والإنسان هو صانع الشر، أما الإله فهو صانع الخير، وهي عقيدة دنيوية، فالعقاب والثواب على الأرض.

 

مشكلة الثواب والعقاب تتركز في مشكلة النفس أو عقيدة الخلود، وعقيدة البعث الجسدي تظهر معها عقيدة الخلود الذاتي.

 

الدين البابلي:

 

مردوخ هو الخالق، ظهرت قصة التكوين وتم اختيار بابل لتصبح مدينة مقدسة، مردوخ هو إيل أو الإله، وفي الحقبة البابلية تم ارتقاء مردوخ إلى مرتبة الألوهية، فتغيرت مراتب الأرباب.

 

أُم الإله هي دامكينا وهي نفسها أنانيتو السومرية، وأم العشرة هي عشتار آلهة الزهرة.

 

في عهد حمورابي 2010-2113 ق م إله السماء هو الرأمان، أي الرحمان، وبابل هي مدينة حمورابي المقدسة ومعابد حمورابي: باربار وسيبارة.

 

«إن أي دين تقوم قوائمه في العقلية الجماعية على أسس المنفعة الشخصية والأنانية البشرية»، ومن قوانين حمورابي مادة (282): «شد صحبك وجارك، ليس لك أن تقول شرا، لا تتجسس، ولا تبحث عن أمور مخفاة، كن رحيما، وأوف بالعهد».

 

شريعة المثل بالمثل والعين بالعين تطبق مضاعفة على الفرد من الطبقة العليا، والجروح قصاص، وتحريم الكذب، وتجريم السرقة والزنا، وتم وضع ضوابط الزواج الأحادي، فالمحظية أولادها غير شرعيين.

 

عقوبة الزانية العادية من الطبقات العامة الغرق، أما الزانية من الطبقة الدينية فعقوبتها الحرق.

 

عذراء المعبد هي عروس الإله زر ماشتو، ولا تتزوج أبدا، لكن إن أنجبت فالبذرة من صنع الإله. مالاتاري عالم الموتى، وامتد الدين البابلي إلى فينيقيا وكنعان.

 

آشور على ضفاف دجلة (حضارة القوة)، وبابل على ضفاف الفرات (حضارة الثقافة).

 

الاحتلال الحيثي استمر حتى 1746 وأخذ الحيثيون العقائد البابلية، ثم كان الاحتلال الحوري 1700-1500 ق م، وعاصمة الحوريين هي آشور، وخضعت لهم بابل وآشور (ميتاني).

 

وكان الارتحال العراقي والسوري إلى سواحل فينيقيا، أما الداخل باسم كنعان، رأس شمرة على الشواطئ الشمالية السورية، وتطالعنا نصوص الدين الكنعاني قبل عهد التوراه، بأسماء بيوت الإله مثل بيت لحم، بيت شماس، بيت براه، وبيت إيل إله كنعان.

 

الإله كنعان إله حرب في مدينة السلام أورشليم، أبناء هنم جي هنم، أي جهنم، هم القرابين التي تقدم للإله، وأشهر ملوك فينيقيا حيرام وعاصره سليمان.

 

وفي الألف ق م سيطر الآشوريون على الحوريين واحتل الإله آشور مكان مردوخ.

 

القصص الدينية في العهد البابلي:

 

قصة التكوين: من أنما الماء نشأت الحياة ونشأ الإله وكل الأرباب.

 

تيامات الأم وعيسو الأب، والإله شطر تيامات إلى نصفين: إنشار إله السماء، وكيثار آلهة الأرض.

 

وقصة الطوفان في عهد ثالث حفيد حمورابي، واسمه عمي صدوق 1977 – 1956 ق م، عندما رأى الإله شر الإنسان حزن لأنه خلق إنسانا، وقال سأمحوه من على وجه الأرض، إلا أن كسيثوروس قال له الإله أصنع فلكا، وجاء الطوفان، فارتفع جسداً إلى السماء وبلغ الخلود، أما البقية فهم سجلّوا تعاليمه وعمرت الدنيا وبابل، لكن الجيل الجديد كان جاحدا للإله، لأنه بنى برجاً في بابل ليصعد إلى السماء، فأرسل الإله صاعقة فأصابته بلبلة في لسانه، حتى لا يفهم بعضهم بعضاً، فحدث بسببها تعدد الألسنة واللغات.

 

إبداع إنساني خلاق جعل من أرض الرافدين مهد الحضارات كلها، لذلك نقول حتما سيعود العراق منارة للعالم كله.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6  فتيل استفتاء الأكراد والانفجارات القادمة

 

 هوازن خداج

 

 العرب
في دول لا تعترف بالمواطنة المتساوية ولا تلتفت لحقوق الأقليات، فإن استفتاء الأكراد على الانفصال قد يفجر كافة القنابل الموقوتة للأقليات المهمشة.

أشعل استفتاء الأكراد على الانفصال فتيل التحشيد الإعلامي والعسكري والحصار الاقتصادي خوفا من تداعيات مستقبلية لن تقف عند حدود بناء دولة كردستان في العراق، بل ستنتقل إلى دول الجوار والأقليات الموجودة فيها. المشكلة الكردية رغم خصوصيتها المتعلقة بالتقسيم الاستعماري للمنطقة وتوزع الشعب الكردي على أربع دول هي جزء من مشكلة الأقليات ككل، وحق تقرير المصير الذي ينشده أكراد العراق سيؤدي إلى بروز مشاكل متجددة مع كافة الأقليات في الكثير من دول المنطقة وعجزت عن إدارة مكوناتها بالطريقة الصحيحة ووقفت في وجه قيام دولة المواطنة.

 

ما حققه أكراد العراق خلال فترة الحكم الذاتي منذ عام 1992، والصلاحيات التي أعطاها الدستور العراقي للإقليم عام 2005 بتشكيل حكومة خاصة به، سهل لكردستان العراق الانتقال من مرحلة السيادة المحدودة على أراضي الإقليم، إلى مطلب السيادة الكاملة المتناغمة مع الرغبة التاريخية للأكراد بوجود دولة خاصة بهم عبر استفتاء الاستقلال، وبغض النظر عن نتائجه المستقبلية بات أمرا واقعا وملهما لأقليات كثيرة في المنطقة للخروج عن صمتها تجاه الاستلاب الذي تفرضه الحكومات، وسيرفع سقف مطالبها حتى لو لم تصل إلى مرحلة فرض دويلات بجغرافيا منفصلة عن الدول المركزية. فكافة الأقليات لم تصل بعد إلى فكرة الدولة كمفهوم سياسي، ومطالبتها بالاستقلال ستفجر الصراعات بينها وبين الدول المركزية.

 

وهو ما يترجم الانتفاضة الواسعة ضد استفتاء إقليم كردستان لخنق فكرة الانفصال قبل أن تنتقل مؤثراتها نحو الدول ذات العلاقة بالمسألة الكردية، تركيا وإيران وسوريا، والتي عانت من خلل تاريخي في التعامل مع الخصوصية الثقافية للأكراد، وأنكرت حقوق بقية الأقليات، نتيجة سياسات التهميش التي مورست على مدار عقود، وهي ترفض التنازل عن وحدتها لأن ذلك سيضعفها اقتصاديا وجيوسياسيا. لكن هذا لن يقف عائقا بوجه بعض الأقليات لمحاولة الاستقلال أو المطالبة به، خصوصاً أن تجربة تنظيم داعش وسيطرته على أراض بين سوريا والعراق وإقامة دولة ولو لحين بقوة السلاح رفعت منسوب التعصب لدى الأقليات والأكثرية دينية أم إثنية.

 

الأثر الواسع للانفصال عن دولة العراق أدركه مسعود البارزاني، فرغم إصراره على الاستفتاء فتح بابا للحوار مع بغداد والمجتمع الدولي، وسعى لطمأنة الجوار بأن “الدولة الكردية الجديدة لن تتدخل في شأن أكراد الدول الأخرى”، كما تزايد الحديث في أوساط القيادة الكردية عن الكونفيدرالية وإجراء تعديل على الدستور العراقي تتحول فيه البلاد إلى اتحاد كونفيدرالي بين دولتين، كردستان والعراق، كحل واقعي للتوتر، كونه يخرج كردستان من معادلة الدولة الفيدرالية السابقة وتطبيقها الذي سمح بهيمنة العراق والهيمنة الإيرانية وضغوط ميليشيات الحشد الشعبي على إقليم الإدارة الذاتية.

 

في دول لا تعترف بالمواطنة، فإن استفتاء الأكراد قد يفجر كافة القنابل الموقوتة للأقليات المهمشة ويشعل المواجهات بينها وبين حكوماتها، والفيدرالية كحل مطروح يتعلق بوجود قرار دولي بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى أنظمة فيدرالية، لن تكون بالسهولة التي يتوقعها البعض وستكون بداية لخلق سايكس بيكو معدلة، ولن تبني سوى دول مريضة مادامت تتخذ منحى التقسيم الديني والطائفي والإثني.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7  على بغداد أن تؤيد استقلال إقليم كردستان!  سلام سرحان

 

 العرب
 

بغداد ستكون أقل الخاسرين من قيام دولة كردستان، التي لن تجد مفرا من التعاون مع بغداد لإيجاد منفذ لصادراتها ووارداتها في ظل استحالة تخفيف موقف تركيا وإيران.

عنوان صارخ يمكن أن يجرح حمى الحماس الوطني الملتهب بين العراقيين ودول الجوار، لكنه واقعي، لأن جميع الأطراف لا بدّ لها أن تصحو من الصدمة في نهاية الأمر وتنحني للمعايير العالمية المعاصرة.

 

جميع المتفرجين من المجتمع الدولي لن يجدوا من المنطقي أو من المعقول إجبار طرف على زواج فاشل، خاصة في ظل واقع انفصال إقليم كردستان عن الحكومة المركزية منذ العام 1991.

 

كلنا يعرف أن الأغلبية المطلقة من سكان إقليم كردستان تحلم بالانفصال منذ قرن كامل وأن ذلك الشعور لن يهدأ مهما طال الزمن، وهو شعور طبيعي لشعب يعيش على أرضه القومية التاريخية.

 

بمجرد الخروج من الحمى الوطنية الساخنة والاقتراب من منطق العصر، يمكننا ببساطة إدراك أن تقرير مصير الشعوب حق طبيعي وأن الإصرار على رفضه يعبّر عن سلوك استبدادي لا مكان له في عالم اليوم.

 

أمّا في الحسابات الواقعية فإن العقوبات الحالية التي ستخنق الإقليم، ترجّح أن تعود أربيل إلى بغداد لتخفيف الاختناق، وسيكون من السهل انتزاع جميع الأراضي المتنازع عليها من سلطة أربيل.

 

حينها سيرتاح العراق من صداع لم ولن يتوقف، إذا أيّد رحلة الاستقلال التي ستستغرق وقتا طويلا. حينها ستصبح دولة كردستان “العراق” مشكلة تركيا وإيران، اللتين ستكونان مضطرتين إلى التشدد مع الدولة الجديدة أكثر بعشرات المرات من العراق.

 

بغداد ستكون أقل الخاسرين من قيام دولة كردستان، التي لن تجد مفرا من التعاون مع بغداد لإيجاد منفذ لصادراتها ووارداتها في ظل استحالة تخفيف موقف تركيا وإيران. وقد تعود أربيل المستقلة إلى التماس إنشاء اتحاد كونفيدرالي مع العراق كدولتين مستقلتين.

 

قيام دولة كردستان “العراق” سوف يؤدي في المدى البعيد إلى فقدان تركيا لمناطق الأكراد الواسعة فيها، والذين ستشتعل طموحاتهم حتما، ولن تهدأ قبل الحصول على الاستقلال التام.

 

أمّا النظام الحاكم في طهران فسوف يكون أكبر الخاسرين لأن استقلال إقليم كردستان العراق لن يقف عند تأجيج طموحات أكراد إيران فقط، بل يمتدّ إلى تقسيم البلاد إلى 5 دول على الأقل.

 

إذا تفجرت أحلام أكراد إيران فسوف تمتدّ حتما إلى إشعال طموحات مماثلة لدى الشعوب الأخرى من الأذريين الذين يشكلون 25 بالمئة من سكان إيران، مرورا بالعرب، ووصولا إلى البلوش على الأقل، وخاصة أن جميعهم يعيشون في أراضيهم القومية التاريخية.

 

 

وسيكون ذلك في مصلحة حياة تلك الشعوب وحتى الشعب الفارسي، الذي سيحصل على فرصة تاريخية لمعالجة عقدته المركبة التي يزيد عمرها على 1400 سنة والناتجة عن دوران الفرس في فلك الحضارات العربية وقبلها البابلية والسومرية في 90 بالمئة من عمر التاريخ، وهي عقدة نقص تحوّلت إلى عقدة تفوّق فارغ، شبيهة بعقدة الضحية والجلاد.

 

جميع العراقيين يدركون أن العلاقة مع الأكراد لن تكون يوما علاقة طبيعة في بوتقة شعب واحد. الأمر يشبه زواجا فاشلا يصرّ فيه أحد الأطراف على استمراره رغم أنه من المستحيل تحقيق وئام، لم تشهده العلاقة في أيّ يوم من الأيام.

 

من الواضح أن الإقليم سيدخل في أزمات خانقة بسبب الحصار الذي بدأت تفرضه بغداد وأنقرة وطهران، وسوف لن تجد أربيل غير نافذة بغداد لتخفيف اختناقها، في ظل التشدد الإيراني والتركي الحتمي.

 

في ظل المعادلة الحالية، من المؤكد أن يزداد اختناق الإقليم في ظل إغلاق المنافذ البرية والجوية مع العراق وتركيا وإيران واستمرار الفوضى في سوريا. وسيؤدّي ذلك إلى منع دخول جميع الأفراد والسلع وضمنها إيقاف تركيا أو تسليمها إدارة النفط الذي تصدّره أربيل إلى حكومة بغداد.

 

من المؤكد أن أوضاع الإقليم ستكون في المدى القريب أسوأ مما كانت عليه قبل الاستفتاء، رغم أن جنّي انفصال الإقليم خرج من القمقم ولن يتمكن أحد من إعادته إليه مهما طال الزمن.

 

فجأة اكتشفت بغداد أن لديها وسائل قانونية لضبط سلوك أربيل، لم تكن تدرك وجودها طوال 14 عاما. بإشارة واحدة تمكنت من إيقاف جميع الرحلات الدولية إلى مطاري أربيل والسليمانية إلى حين تسليم إدارتهما إلى السلطات الاتحادية.

 

بل إن شبكتي الاتصالات وهما آسيا سيل وكورك المملوكتان، بشكل مباشر، لزعامات الإقليم السياسية، لن تجدا مفرا من نقل مقراتهما إلى بغداد والخضوع للسلطات التنظيمية الاتحادية تحت ضغط الحسابات التجارية.

 

فالحكومة العراقية يمكنها ببساطة سحب تراخيص الشركتين وإيقافهما عن ممارسة العمل في أنحاء العراق الأخرى، وسوف تتغلب الحسابات التجارية في الشركتين والمخاوف من الإفلاس على الشعارات السياسية حتما، وتدفعهما إلى الرضوخ لإملاءات الحكومة الاتحادية. كما ستتمكن بغداد من انتزاع السيطرة على المنافذ الحدودية أيضا بمساعدة إيران وتركيا. وبذلك تفقد أربيل جميع رموز السيادة التي كانت تتمتع بها قبل إجراء الاستفتاء.

 

هكذا بدأ يتضح أنه سيكون من السهل على الحكومة المركزية إجبار حكومة إقليم كردستان على الانحناء للعاصفة، وفتح باب التفاوض من دون شروط مسبقة بشأن مصير المناطق المتنازع عليها. وقد يمتد ذلك ليشمل مناطق داخل محافظات الإقليم الثلاث، تقطنها أقليات غير كردية مثل الإيزيديين والمسيحيين.

 

وإذا تمّ الاحتكام إلى العقل فسوف يتمّ اللجوء إلى إشراف دولي وتهدئة الأوضاع وعودة إقليم كردستان إلى سيادة الحكومة المركزية بدرجة غير مسبوقة منذ عام 1991.

 

وسوف ينتظر الطرفان إلى حين ترتيب الإجراءات واختيار موعد مناسب لاستطلاع آراء سكان المناطق المتنازع عليها بطريقة شفافة لتقرير مصيرهم تحت إشراف دولي.

 

حين تسير الأمور في هذا الاتجاه ستغوص أقدام بغداد وأربيل في رمل التحكيم الدولي تدريجيا، وسوف يرضخ الطرفان في نهاية الأمر لما يتوصل إليه التحكيم الدولي. وسوف يحفظ ذلك ماء وجه الطرفين في مواجهة تصاعد الحمى الوطنية الفارغة واتهامات التخوين.

 

حينها سيكون العراق أقل الخاسرين من طلاق حتمي وستصبح كردستان المستقلة مشكلة تسبب الصداع لتركيا وإيران، اللتين لن تتمكنا من تخفيف موقفهما من أربيل خشية امتداد نيران النزعات الانفصالية إليهما.

 

إمكانية لجوء بغداد إلى هذا السلوك العقلاني مهدد بنفوذ طهران في العراق، والذي يمكن أن ينسف جميع السيناريوهات إذا دفعت طهران أذرعها من الميليشيات إلى مواجهة مسلحة مع الأكراد.

 

وسيكون ذلك ورقة كبيرة في يد طهران في مواجهة الإدارة الأميركية التي أعادت الملف النووي الإيراني إلى الغليان. وسيكون امتحانا كبيرا لواشنطن التي تحاول تقليص نفوذ طهران في العراق، وستضطرّ إلى استخدام العصا والجزرة في الملف النووي.

 

أما بعيدا عن هذا السيناريو الكارثي فقد بدأت أمس تظهر ملامح الحل البعيد المدى لمستقبل دولة كردستان العراق، التي لا بدّ لها من تحالف مع إحدى دول الجوار للوصول إلى البحر لإيجاد منفذ لوارداتها وصادراتها وخاصة النفطية.

 

فقد أكد مسؤولون في الإقليم انطلاق الحديث عن اتحاد كونفيدرالي أي بين دولتين مستقلتين هما العراق ودولة كردستان في إطار دولة واحدة وفق قواعد جديدة وبدفع من أطراف دولية. ويبدو أن ذلك سيكون السقف الأعلى لطموحات أربيل.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8  المرجعيات والميليشيات الشيعية مسؤولة عن تقسيم العراق

 

 هارون محمد

 

 العرب
المرجعيات والميليشيات الشيعية، هي التي تتحمل المسؤولية المباشرة عن تقسيم العراق، لأنها تغولت على السنة العرب، ومازالت مستمرة في طغيانها، لا يردعها قانون، ولا تحكمها مبادئ إنسانية أو أخلاقية.

 

إذا استمرت المرجعية الشيعية الممثلة بآيات الله، علي السيستاني وبشير النجفي ومحمد إسحاق الفياض، تتفرج على سياسات الأحزاب الشيعية، ولا توقف تماديها الطائفي المكرس لتدمير السنة العرب، فإن العراق أو ما تبقى منه بعد الاستفتاء الكردي، مقبل على التشظي والانقسام إلى كيانات مستقلة وربما دول، لا تستطيع أي قوة منع ذلك مهما حاولت أو تدخلت.

 

وإذا واصل أقطاب الشيعة السياسيون ابتداء من نوري المالكي وعمار الحكيم وإبراهيم الجعفري ومحمد اليعقوبي، وانتهاء بعلي الأديب وحسن السنيد وباقر صولاغ وجلال الصغير وهمام حمودي وغيرهم من عتاة الطائفية، منهجهم في محاربة السنة العرب، والتفنن في اجتثاث الملايين منهم والتضييق عليهم، والاستيلاء على ممتلكاتهم وقطع أرزاقهم، فإن دعوات الانفصال عن الحكومة الشيعية ببغداد، تصبح مبررة ومشروعة، ولا يقدر أي سني مهما كانت منزلته الاجتماعية أو السياسية عالية، الاعتراض عليها، بعد طوفان الدم الذي سفك في حزام بغداد وأحيائها السنية والموصل وديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك وشمال بابل، والخراب المتعمّد الذي طالها وحولها إلى ركام وخرائب.

 

وإذا لم يتوقف هادي العامري وأبومهدي المهندس وقيس الخزعلي وأوس الخفاجي وأكرم الكعبي وغيرهم من قادة الميليشيات الموالية لإيران، عن تسلطهم واحتلالهم للمناطق والمحافظات السنية العربية، فإن جيلا سنيا مقاتلا سيظهر عاجلا أم آجلا، ويشن حربا عليهم، تحت شعار “يا قاتل يا مقتول” ولن يخسر شيئا، لأنه يدرك أن الاتهامات جاهزة ضده، و“المادة 4 إرهاب” تلاحقه، والموت ينتظره حتى لو كان معوّقا، أو منعزلا في أقاصي الفيافي.

 

وصحيح أن السنة العرب في العراق انكسروا عقب الاحتلال الأميركي الذي طارد رموزهم وقتل شخصياتهم واعتقل نشطاءهم وأهمل مناطقهم، بتحريض من الأحزاب الشيعية ونظيرتها الكردية، إلا أن مراجعة وتقييم السنوات التي أعقبت الاحتلال، أثبتت أن وسائل التقتيل والتنكيل بهم، زادتهم صبرا وقوّت عزائمهم، وحركة المقاومة ضد الاحتلال وإنجاح مرشحي القائمة العراقية في انتخابات 2010 والاعتصامات السلمية طيلة عام 2013 تشهد لهم.

 

وقد تأكد سياسيا الآن، أن المحسوبين على السنة العرب من المشاركين في العملية السياسية، سواء كانوا من الحزب الإسلامي أو النماذج المتهافتة على المناصب الهزيلة، وأولئك الذين اصطلح على تسميتهم بـ“سنة المالكي” ما عاد بمقدورهم الادعاء بتمثيل مناطقهم، بعد أن اتضحت مواقفهم الارتزاقية، حتى لو شكلوا مئة حزب، كما في حالة سلمان الجميلي الوزير لثلاث وزارات، التخطيط أصالة والتجارة والمالية وكالة، الذي رد على أعقابه مهزوما وخائبا من الفلوجة التي ذهب إليها، للترويج لحزبه الجديد (المستقبل).

 

والأمر نفسه ينطبق على النواب سليم الجبوري ومشعان الجبوري وشعلان الكريم وعبدالرحمن اللويزي وأحمد كيارة الجبوري وعبدالرحيم الشمري، وبعض المعممين، من أمثال مهدي الصميدعي وخالد الملا ولطيف هميم، الذين باعوا دينهم وخسروا دنياهم، ولم يكسبوا من التردد على السفارة الإيرانية ببغداد والدعاء بالعمر المديد للولي الفقيه علي خامنئي، غير اللعنات.

 

وكما قلنا سابقا وتوقعنا انهيار التحالف الشيعي الكردي، لأنه قام أساسا ومنذ الأيام الأولى للاحتلال، على معاداة السنة العرب والعمل على تقزيمهم وتحجيم دورهم، دون أن يعي طرفا التحالف بداية، أنهما يسيران في طريق شائك يقود إلى كثرة الاحتكاكات واتساع الحساسيات بينهما، بعد تضخم مصالحهما وتنافسهما على المكاسب والامتيازات، الأمر الذي أدّى إلى تصادمهما، كما حصل مؤخرا في استفتاء الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

 

وقد عمل رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بعد تدهور علاقاته مع نوري المالكي على مدّ الجسور مع بعض القيادات السنية واستقبال الملاحَقين من الأجهزة والميليشيات الشيعية في أربيل ودهوك والسليمانية، ومن ثمّ سمح للنازحين من المحافظات التي احتلها مسلحو تنظيم داعش بالتوجّه إلى الإقليم، ليس حبّا فيهم أو تعاطفا معهم، كما يزعم طائفيون أمثال كاظم الصيادي ومحمد الصيهود وعبدالسلام المالكي وعالية نصيف وحنان الفتلاوي، وإنما لاستخدامهم ورقة سياسية ضاغطة، في مفاوضاته المتوقعة مع حكومة حيدر العبادي، التي تعتبر النازحين السنة مواطنين درجة ثانية وغير معنية بإعادتهم إلى ديارهم وتعمير مناطقهم.

 

لقد لعب حزب الدعوة الإسلامي الحاكم وبدعم إيراني، دورا بارزا في تكريس العداء للسنة العرب واعتبارهم إرهابيين وصَدَّاميين وقاعدة ودواعش، حتى وصل الأمر برئيسه نوري المالكي إلى إجازة الانتقام منهم وقتلهم على الهوية والاسم والعشيرة والمنطقة، لأنهم -في رأيه- يمثلون معسكر يزيد، في وقت تناغم معه حليفه قائد ميليشيا العصائب قيس الخزعلي، عندما وصف أهل الموصل، بأنهم امتداد للأمويين.

 

إن الاستفتاء الكردي في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وعجز حكومة حزب الدعوة برئاسة حيدر العبادي عن منع تنظيمه، أنعشا آمال شخصيات وقيادات عديدة في الدعوة إلى إجراء استفتاء مماثل في المحافظات والمناطق السنية العربية، لمعرفة آراء سكانها والاطلاع على خياراتهم في إنشاء إقليم مثل إقليم كردستان، خصوصا وأن قانون تشكيل الأقاليم الساري حاليا، يعطي الحق لـ2 بالمئة من ناخبي أي محافظة، التقدم إلى مفوضية الانتخابات بطلب أقلمة محافظتهم، حيث يلزم القانون نفسه، المفوضية بإجراء استفتاء فيها، لذلك لاحظنا في الفترة الأخيرة مساعي حثيثة وتوجهات جادة، وصلت أصداؤها إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وقوبلت بارتياح أغلب سكان المحافظات السنية، لإجراء استفتاء شعبي فيها، على غرار الاستفتاء الكردي.

 

وبالتأكيد فإن المرجعيات والأحزاب والميليشيات الشيعية، هي التي تتحمل المسؤولية المباشرة عن تقسيم العراق، لأنها تغوّلت على السنة العرب، ومازالت مستمرة في طغيانها، لا يردعها قانون، ولا تحكمها مبادئ إنسانية أو أخلاقية، وبالتالي لا خير في البقاء تحت ظل حكومة ظالمة وفاسدة وطائفية، يقودها حزب الدعوة الإسلامي.