ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | مقاربة تاريخية مقارنة للاستفتاء الكردستاني | صلاح سالم
|
الحياة السعودية |
أدمن العرب في جل محاولاتهم لبناء الدولة -الأمة، النموذج الشمولي، القائم على القومية العضوية، ومنواله الأبرز ألمانيا في القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، حيث نما مفهوم الأمة على قاعدة العرق، ومن ثم كان طبيعياً أن يفضي إلى دولة شمولية، تقوم على كلية تتجاوز الفرد والجماعات الفرعية، على النحو الذي دافع عنه الفيلسوف هيغل معتبراً أن الدولة أساس حرية الفرد والجماعة.
فالأخيران لديه ليسا غاية في ذاتَيهما، بل وسيلة لبلوغ الحرية المطلقة التي هي غاية الحركة التاريخية. ولأن الحرية الأصلية/ العقلية تعوقها الحواس والرغبات والغرائز البشرية، فإن الدور الأساسي للدولة هو تنظيم هذه الغرائز حتى تنبلج الحرية الإنسانية، حيث تترك المطالب الفردية جانباً وتصبح الإرادة العامة هي الرابطة الجوهرية للوحدة السياسية. هكذا يضع هيغل الدولة قبل الفرد، بل يجعلها ضمانة لتحرر كل فرد من المنضوين فيها، فالحرية لديه ليست ليبرالية، تُعوِّل على الذات الفردية وتثق بها، بل شمولية تُعوِّل على كيان كلي. هذا الفهم سرعان ما جسده بسمارك في توحيد الأقاليم الجرمانية المبعثرة حول بروسيا في ألمانيا عبر القوة العسكرية، في أعقاب حروب كبرى أهمها مع فرنسا، ليكوّن دولة قومية، سرعان ما تشهد نزعات ثقافية تمجد الحيوية العرقية، وتذهب بتطرفها القومي إلى حربين كبريين: الأولى في سياق الصراع على حيازة المستعمرات مع الإمبراطوريات الأوروبية، والثانية في سياق رد الفعل التاريخي على هزيمة النرجسية الجرمانية، والاستجابة السيكولوجية للفكرة النازية كأسوأ تعبير عن قومية عنصرية استبعادية. وفي الوقت الذي كانت فيه ألمانيا تتطهر من الفكرة النازية والنزعة البسماركية المؤسسة لها، كان العرب المحدثون، الذين خرجوا من عباءة الإمبراطورية العثمانية، قد أدمنوا النموذج البسماركي، وكأنها عقدة نقص تاريخية لدى أمة كانت دخلت، ربما منذ العصر العباسي الثاني، في حالة بيات سياسي وخضعت لنموذج الدولة الرعوية، وعاشت جل شعوبها قروناً طوالاً في ظل عقد حماية من عرقيات أخرى، كالفرس والترك والكرد، يقومون عنهم بمهمة حفظ الأمن مقابل إدارة السياسة. والبادي أنهم أرادوا أن تكون لحظة استقلالهم، التي يسّرها لهم الغرب الاستعماري بهزيمته الدولة العثمانية، لحظة ثأرية من كل الأقليات العرقية التي انطوى عليها الاجتماع العربي في القرن العشرين، وعلى رأسهم الأكراد الذين يتداخلون في نسيج المنطقة برمتها، وينطوي تاريخهم على بعض أمجادها، والكثير من أحزانها. في العراق تحديداً، الذي صاغ الغرب الاستعماري حدوده الراهنة عبر معاهدة سايكس – بيكو التي صرنا نحلم بتثبيت الأوضاع التي أنشأتها بعد فاصل طويل من هجائها، كانت تجربة البعث الأكثر دموية ومأسوية على نحو كان محتماً أن يعزز وعياً انفصالياً لدى كل إنسان يرى أنه أهل للحرية وليس عبداً محدثاً تحت الطلب. وبينما كان الألمان قبل ثلاثة عقود تقريباً يعيدون توحيد دولتهم على أسس جديدة ديموقراطية، واندماجية طوعية، تنسج على المنوال الفرنسي في صوغ الدولة الوطنية، على قاعدة العيش الإنساني المشترك والخبرة التاريخية الحية، كان صدام حسين يقتحم مناطقهم ويدمر بيوتهم، ويقتل الحياة على أرضهم بأسلحته الكيماوية في لحظة هزيمته وشعوره باليأس، في أعقاب فشله في غزو الكويت وضمها إلى بغداد، في نزوع بسماركي يمت بصلة للقرن التاسع العشر لا العشرين. وبهزيمة البعث ونهاية صدام كان طبيعياً أن تنمو أحلام الحرية والكرامة، ولأن دولة ما بعد البعث لم تشهد سوى تغاير في مركز الهيمنة، من بعث وسنّة إلى شيعة وولاية فقيه، ولأن السلطة المركزية في بغداد تهلهلت وصارت ظلاً لصراع الميليشيات، بعدما تحللت أسس العيش المشترك، لم يكن بد من سفور النزعات القومية والانفصالية، وهو السياق الذي حصلت فيه وقائع الاستفتاء الكردي، الذي طالب بالافتراق عن بغداد. لقد وصلنا إلى تلك اللحظة بفعل مسار تاريخي يجب أن يتوقف، حيث وقع الاستفتاء ولم يقع الانفصال بعد، فدونه عقبات وأهوال من حصار بغداد، ورفض جوارها الإقلىمي التركي والإيراني المعني بالقضية، وتنديد عالمي لا يخالفه سوى الحماسة الإسرائيلية المفهومة دوافعها. وظني أن الفرصة اليوم قائمة، أكثر من أي وقت مضى، للحوار حول فيديرالية فعالة تصون الحقوق والحريات لهذا العرق المعذب، وذلك الوطن الممزق، وتعيد تعريف الواجبات والمسؤوليات على الجميع. لقد رفع بارزاني راية الحوار، ويجب أن تكون بغداد مستعدة له بصفقة شاملة أساسها المتين وحدة العراق، مع تحقيق أكمل صيغ التعايش وأشكال تقاسم السلطة بين الأقاليم الفيديرالية والحكومة المركزية. وربما كانت الإجراءات المتسارعة التي اتخذتها بغداد بمثابة رد فعل غريزي على الاستفتاء، يمكن تفهمه، ولكن ينبغي عليها من الآن أن تفكر بعمق في اليوم التالي، وألا يغرها الرفض الدولي الذي سيخفت صوته بعد قليل، وكذلك التحدي الإقليمي من تركيا وإيران الذي قد يخفت مع عقد صفقات من نوع يضمن استقرار أوضاع الأكراد في البلدين، فلا تفرط الدولتان عبر إجراءات الحصار والعقاب من دون صفقة شاملة للحل. فتفريط كهذا طريق مؤكد إلى رفع السلاح في نقطة ما على المفترق، وعندئذ تكون بغداد قد أعادت إنتاج الأسوأ في تاريخ المنطقة والبعث وصدام حسين، فيما صارت الأمة أضعف وأقل حصانة مما في أي وقت من القرن العشرين، الذي كان متعيناً فيه أن نغادر صيغة القومية العضوية إلى صيغة التعددية الوطنية. والآن يتعين علينا أن ندفع ثمن التأخر التاريخي مضاعفاً، ومن دون إبطاء قد يفضي إلى الانفجار التام الذي تغيب بعده الحدود والمسؤوليات معاً.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | أبناء «شحّاذ السليمانيّة» | شورش درويش
|
الحياة السعودية |
فيما كان الكرد يشدّون أعلامهم إلى الصواري، وبينما كانوا يهزجون ويبتسمون للكاميرات ويُعدّون الساحات والملاعب للاحتفال بيوم الاستفتاء، كان ثمّة من يعدُّ العدّة للاقتصاص من هذا المسلك الكردي الذي ينم عن العصيان والخروج عن بيت الطاعة، وهي بيوت طاعة في الواقع: فالبيت العربي سارع إلى عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب رفضاً للاستفتاء وما سينجم عنه من تمزيق لتراب الأمة العربية، فيما اختار البيت التركي وبلسان رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان أقذع الصفات ليلصقها بالكرد وقياداتهم السياسيّة، ثم صوّب مدافعه صوب أربيل وحشد عساكره على التخوم الفاصلة بين تركيا وكردستان العراق، ولوّح بوقف «صنبور» التجارة الذي يغذّي الإقليم بالمواد والحاجات الحياتيّة تهديداً بالتجويع، ليعبّر بلغةٍ لا تحتمل التأويل عن أن موقفه هذا مبنيّ على استيائه من رفع الأعلام الإسرائيلية، بينما الأعلام ذاتها مرفوعةٌ لا تنكّس في أنقرة! وفي المقلب الإيراني كان الحديث الرسميّ مطابقاً لما قيل في العواصم العربية وفي أنقرة، وفوق ذلك نطقت الوكالات الإيرانية في لبنان واليمن بلسان سفراء الولي الفقيه، حسن نصر الله وعبد الملك الحوثي، بأن ما يحدث في «شمال العراق» هو «مؤامرة صهيونيّة أميركية» لتفتيت الأمّة. تروي الأجهزة الإعلامية الناطقة بالعربية والتركية والفارسيّة، ودائماً عبر خبراء ومحلّلين وساسة، عن الكرد، أنّهم قصّر في فهم طبيعة العلاقات الدوليّة وشبكات المصالح، وأنّهم لم يعتبروا بالتاريخ حيث نكث الغرب بعهوده تجاههم، وأن ما من مصلحةٍ للكرد في الاستقلال وأن البقاء في هذا العراق على علله أفيد لهم من الانفصال ومواجهة مصيرهم المتمثّل بالحروب والتجويع. وإذا كان ثمة قولٌ في ما خصّ التهديد والوعيد فليكن كالتالي: أنه لا أخلاق البتّة حين تصبح التهديدات بالحروب والتجويع لغةً بديلة عن الترغيب والاستمالة، وكأن أول العلاج للمشكلة الكردية، وليس آخره، هو الكيّ. تعامل الغرب مع الاستفتاء ونتيجته بمنطق القانون الدولي وألاعيبه، وهو منطق حمّال أوجه، ليختار الوجه الذي يناسبه. فالقانون الدولي يقرّ بحق تقرير المصير، لكنه في المقابل يقرّ بوحدة وسلامة أراضي الدول، ليأتي الموقف الغربي بالتالي منسوجاً من القماشة التي يختارها وفقاً لمصالحه، فهو يرفض تقسيم العراق، ويؤيّد الحوار بين بغداد وأربيل، ويخشى تبديد الجهود المبذولة لأجل محاربة داعش، لكنه لا يقلل من قيمة الكرد ولا يرفض حقهم كبشرٍ متساوين مع غيرهم ولا يرى حاجةً إلى فرض الحصار أو الحرب عليهم، بالتالي يبقى التفوّق الغربي في هذه النقطة أهم العوامل الجاذبة ليصطف الكرد إلى جانب الغرب ويعوّلوا عليه حتى وإن قال: لا لاستقلال كردستان. وذلك على عكس موقف الحكومات المحيطة بكردستان والتي يصح فيها القول إنها نابذة ولا تجتذب الكردي في شيء لسببٍ بسيط: أنها تجرّده من أبسط القيم والحقوق الإنسانية، وفوق ذاك ترمي إلى تجويعه وشن حروب عليه. تشريح الموقف الكردي تجاه الغرب وإسرائيل مبنيٌّ على شكل تعاطيهما الأسمى مع القضية الكردية، قياساً بمواقف دول جوارهم، أي أن الكرد في حالة مفاضلة بين غرب سيء وجوار أسوأ، ولا يجب إغفال أنهم في هذا الصدد يتعاملون بمنطق «النكاية» حين يرفعون الأعلام الإسرائيلية أو عندما يتحلّقون حول مثقفين وصحافيين غربيين يؤيدونهم في مسعاهم. والنكاية في العموم هي وسيلةٌ بدائية في التعبير، لكنها على نحوٍ ما إحدى وسائل المظلوم في بثّ شكواه وإبداء التحدي ليس إلّا. ينقل الكاتب الصحافي الأميركي جوناثان راندل في مؤلَّفه «أمّة في شقاق» عبارةً للملّا مصطفى البارزاني بالغة الدلالة والإيجاز جواباً عن وفد من النساء الفلسطينيات كنَّ قد التقين به وعبن على الكرد تعاملهم مع إسرائيل. يقول «قائد الثورة الكردية» مبرّراً المسالك الكردية تلك ودافعاً بالشبهات التي نسجت حول الثورة الكردية وخطوط إمدادها: «أنا مثل الشحّاذ الأعمى الواقف عند باب الجامع الكبير في السليمانيّة، والعاجز عن رؤية من يضع في يده الممدودة، قطعةً نقديّة». هذا المثال على ما يحويه من مرارة وخيبة شعر بها البارزاني الأب تكاد تكون هي المرارة والخيبة التي يمضغها الآن قرابة 93 في المئة ممن صوتوا بنعم للاستقلال، وهم في مواجهة آلة تبثّ خطب الكراهية والفوقية والحط من شأن الكردي، وفي مواجهة آلاف اللاءات التي تنهال عليهم صباح مساء. والحال، بات الكرد أشبه بالعميان في مثال البارزاني، وهم في هذه الغضون أشبه بأبناءٍ لشحّاذ السليمانيّة الذين لا ينظرون إلى المحسن بقدر ما ينظرون إلى الحسنة وبمعزلٍ عن اليد التي تقدّمها. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | هل يستخدم الاستفتاء لتحميل العراق ديون كردستان المهولة؟
|
صائب خليل
|
راي اليوم بريطانيا |
سبق أن ذكرنا في مقالات عديدة أن خير ما يشرح العلاقة بين بغداد وكردستان هو أنها سلسلة من حلقات “كالبريث” تتوالى مع الزمن، وتدفع كل حلقة بتلك العلاقة إلى المزيد من الابتزاز، لتكون منطلقاً للحلقة التالية التي ترفع الابتزاز إلى مرحلة أعلى وهكذا. وتتكون كل حلقة من حلقات كالبريث من جزئين مميزين، أولهما يمثل اختلاق “أزمة” ويمثل الثاني “حلها” بشكل يضمن ابتزازاً جديداً وعلى مستوى أعلى من السابق، لتحويل ثروات الشعب العراقي الى قادة كردستان ومن يقف وراءهم. وقد شرح كالبريث خطته تلك في كتابه “نهاية العراق”. إن حللنا “ازمة” الاستفتاء وما تلاها من مؤشرات على ضوء هذه الاستراتيجية، فعلينا أن ننتظر كارثة ابتزازية جديدة يتم الإعداد لها، ولم تتضح تفاصيلها بعد. ومن المتوقع، في ظل حكومة تم اختيارها من قبل كردستان وأميركا على بغداد، ومن خلال حجم الجهد المميز لهذه “الأزمة” أن يكون الحل “الكالبريثي” بحجم مناسب، وكارثي على العراق. ومن الاحتمالات الممكنة احتمال أن يكون هدف الخطة القاء الديون الكردستانية الهائلة، على عاتق الشعب العراقي! ويمكننا تقسيم الديون الكردستانية إلى ثلاثة اقسام. الأول هو: الديون المتفرقة الحديثة التي أعلن عنها مؤخراً والتي تجمعت منذ سنة 2014 وحتى اليوم، والتي ننشر تفاصيلها ادناه. والثاني هو: المبالغ المترتبة على ذمة الإقليم لنقص تسليم النفط لسنتي 2013 و2014. والثالث، وهو الأكثر غرابة، عبارة عن مدفوعات قدمتها الجهات الحكومية المختلفة لكردستان زيادة عن حصتها، وتجمعت منذ عام 2005 وحتى الآن وقد أعلن عنها ديوان الرقابة المالية في تقريرين كشفتهما للعلن النائب حنان الفتلاوي(1). ويبلغ مجموع هذه الديون الكلي حوالي 65 مليار دولار، وهي المبالغ الرسمية المعترف بها فقط، بعيدا عن ابتزاز الـ 17% وتهريب النفط ومبالغ الكمارك وغيرها، وما قد يكشف عنه مستقبلاً. دعونا نلقي نظرة على تلك الديون، ولنبدأ بالديون الحديثة الخاصة بالجزء الأول. القسم الأول: ديون كردستان الحديثة المتفرقة الديون ادناه لا تشمل ديون الحكومة الاتحادية على الاقليم نتيجة تهريبه النفط قبل وبعد اكمال خط التصدير، إنما هي ديون لسنتي 2014 و2015، والمتعلقة فقط بالنقاط المبينة إزاءها، (الأرقام بـ “المليون دولار”): 5790مبالغ تعود للبنك المركزي في كردستان في 2014 1790اقترضتها حكومة الاقليم من البنوك المملوكة للإقليم في 2014 1489اخذتها حكومة الاقليم من البنوك الاهلية في كردستان 1150قروض من الحكومة التركية 1400مبالغ مستحقة للمقاولين في كردستان 3700 مبالغ مستحقة للبيشمركة و الموظفين لنهاية 2015 250 مبالغ مستحقة عن معدات مشتراة من قبل حكومة الاقليم 2000 استحقاقات متأخرة لشركة “كار” النفطية الكردية 800 استحقاقات شركة ماس “كلوبال” 600ديون لشركة “قيوان” 600ديون لشركات و تجار مختلفين في كردستان 1100صكوك لمقاولين و تجار بدون رصيد 1000ديون الى شركة “دي ان او” النرويجية لنهاية 2015 عن نفط الربح في عقود المشاركة 900ديون لشركة “جنيل انيرجي” عن نفط الربح في عقود المشاركة 200ديون لشركة “كيستون لنفس” عن نفط الربح في عقود المشاركة 1700ديون لشركات التجارة النفطية العالمية كدفوعات مسبقة 2080خسارة التحكيم امام شركة “دانه كاز” في نهاية 2015 ـــــــــــــــــــــــــــ 26,540 مليار دولار المجموع الكلي للديون اعلاه لنهاية 2015. وازدادت الديون في سنتي 2016 و2017 كما يلي: * ازداد دين شركة دانا غاز الى 3080 مليون دولار إثر الاتفاق معها الشهر الماضي. * ديون الموظفين والبيشمركه المتأخرة لسنتي 2016 و2017 وتصل الى الضعف عن السابقة. * ازدادت ديون المقاولين والتجار ايضا الى اكثر من الضعف. * أجرت حكومة الاقليم تسوية لديون شركتي “دي ان او” و “جنيل انيرجي”، بأن الغيت الديون مقابل تنازل الإقليم عن كل حصته في أسهم الشركتين والبالغة 20% في كل شركة إضافة إلى زيادة حصة الشركتين في الارباح. وإذا قمنا باحتساب زيادات الديون لنهاية 2016 ستصل الى 32 مليار دولار، وسوف تصل الى أكثر من 35 مليار دولار إن حسبناها إلى هذا اليوم. (الأستاذ فؤاد الأمير في مراسلة خاصة). القسم الثاني من الديون: ويمثل المبالغ المترتبة على ذمة الإقليم لسنتي 2013 و2014، والتي استلم فيها الإقليم حصته دون ان يسلم من النفط المطلوب منه والمتفق عليه معه بالنسبة لعام 2013 إلا جزءاً ضئيلا (6 ملايين برميل من أصل 64 مليون برميل) ولم يسلم أي برميل إطلاقاً عام 2014، وكان المالكي قد سلم كردستان “مستحقاتها” لمدة شهرين دون مقابل نفطي، واحتسبت مبالغ النفط غير المستلمة “ديوناً” عليها. وقد حسب الأستاذ فؤاد الأمير تلك المبالغ حسب أسعار النفط في وقتها فكان المجموع بحدود 11,25 مليار دولار. القسم الثالث من الديون: ويتكون من المبالغ التي كان قد أعلنها ديوان الرقابة المالية في تقريرين رسميين (5445 صادر في 26 آذار 2014، و13510 في 17 تموز 2014) وملخصهما أن في ذمة الإقليم مبالغ للحكومة الاتحادية كانت قد صرفت زيادة عن حصة الإقليم من قبل جهات مختلفة، تابعة للحكومة الاتحادية، زيادة عن حصته المخصصة في الموازنة… بسبب “خطأ” بعض الوزارات (أو تعمدها!). وتوزعت هذه “الأخطاء” على بنود: الحصة التموينية، مخصصات الأدوية، مخصصات استيراد الطاقة الكهربائية، التعداد السكاني، دعم المزارعين، شراء الحنطة والشلب، الرعاية الاجتماعية، إزالة الألغام، الحج، استيراد الوقود للمحطات، حل نزاعات الملكية، واستيراد الوقود. وبلغت المبالغ المتجمعة منذ 2005 ولنهاية 2012 فقط، 21 ترليون و309 مليار دينار، أي حوالي 18,5 مليار دولار. وشرحت النائب حنان الفتلاوي، التي كشفت تلك المبالغ علناً لأول مرة، كيف حصلت هذه “الأخطاء” فقالت: “في كل من هذه البنود يشير تقرير ديوان الرقابة المالية إلى أن المبلغ المصروف فعلياً لكردستان كان يتجاوز المبلغ المخصص، مثلا أن يكون المبلغ المخصص لها في الميزانية على أحد البنود 3 مليار، ليجد ديوان الرقابة المالية ان المصروف لها كان 5 مليار. وبالتالي فما صرف للإقليم (كان) بدون وجه حق بسبب خطأ او تعمد من قبل بعض الجهات….” وقد أكد هذه الأرقام رئيس اللجنة المالية النيابية، مشيراً إلى أن الإقليم “لا يحب الاعتراف بهذه الأرقام”!(2) نحن نرى أن هذه الأرقام، لا يمكن أن تكون “أخطاءاً” فالأخطاء لا تتراكم باتجاه واحد، بل يمحي أحدها الآخر. فهي لا يمكن أن تكون “صدفة” في صالح جانب واحد، لكننا نرى هنا أن “الخطأ” يتجه دائماً لحساب الإقليم! إنها إذن عملية اختراق واسعة النطاق لمؤسسات الدولة العراقية وتنظيم عمليات سرقات كبرى مؤمنة من الكشف والحساب من خلال قدرة الرئاسات الكردستانية وبدعم أمريكي لا شك فيه، على تمريرها واخفائها ومنع إعلامها من الحديث عنها. وبالطبع فأن حكومات بغداد المتتالية المتواطئة، لم تجر أي تحقيق بشأن هذه “الأخطاء”. وبجمع الأجزاء الثلاثة للديون: الديون المتفرقة الأخيرة وديون “الأخطاء” السابقة وديون عدم تسليم النفط والتي يمكن مراجعة تفاصيلها في المقالتين السابقتين المخصصتين لتفنيد كذبة “قطع الرواتب عن كردستان”(3) و (4) يصبح مجموع ديون كردستان الرسمية حوالي 65 مليار دولار. ولا يستبعد أن يكون هناك المزيد، فكل ما يتعلق بالإقليم غامض وخفي ويتم في الغرف المظلمة. كذلك هناك نقطة تم تجاهلها حتى اليوم، والتي هي بمفهوم واقعي نوع من الدين، وقد يستفاد من الأزمة لحلها لصالح كردستان، وتتمثل بفقرة تم ادراجها في كل نصوص الموازنات تقريباً منذ 2007، وتقول بأن دفع الـ 17% يعتبر مؤقتاً حتى إجراء تعداد للسكان، على أن تصحح تلك النسبة بشكل رجعي حسب نتائج الإحصاء. وبما ان الإقليم كان يتراوح حول 11% في أفضل تعداداته التاريخية فليس هناك أي مبرر لاعتباره قد ازداد عن هذه النسبة. وأكثر من هذا ان برلمان كردستان كان قد أصدر إحصاءا بين فيه ان نسبة كردستان هي 12,6%. وبالتالي فمن المنتظر ان تكون هناك عشرات من المليارات التي تدين بها كردستان للحكومة الاتحادية. ولا يستبعد ان يشمل أي اتفاق تصفية هذه الفقرة أيضا، والتي قد تبلغ قيمتها لطول فترة تطبيقها، ما يقارب 30 مليار دولار! لماذا كل هذه الديون الهائلة؟ إنه موضوع آخر، يستحق الكثير، لكننا الآن بصدد ما يخطط له قادة كردستان، بشأن هذه الديون. لا ندري إن كان الاستفتاء له اهداف أخرى، أم أنه كله مصمم من أجل مسرحية تمثل الجزء الأول من حلقة ابتزاز “كالبريثية” جديدة لتكوين “ازمة” ضخمة بشكل غير معتاد، استعداداً لـ “حلها” بكارثة جديدة للعراق. لكنه إن لم يكن كذلك، فلا شك انه سيستخدم لهذا الأمر كـ “أزمة” مفيدة، كما كان شأن حلقات تعامل كردستان مع بغداد. فكل تكوين حكومة وكل مناقشة ميزانية وكل ما يتطلب التعاون من برلمانيي كردستان كان “أزمة” مفيدة لحلقة كالبريثية، فكيف بـ “أزمة” بهذا الحجم، وبهذا الظرف العراقي الصعب؟ لا شك أنه سيكون هناك سعي من أجل ذلك، وعندها قد يكون القاء هذه الديون أو جزء مهم منها على عاتق بغداد واعترافها الرسمي بها، الهدف. ولا حاجة للقول بأن الموقف “الحاسم” الحالي للعبادي، قد لا يكون إلا تحضيرا ليكون أكثر قدرة على تقديم التنازلات، ولا يختلف كثيراً عن موقف صاحب مسرحية “ولي الدم” الذي كان يشغل الناس بها، ليغفلوا عن عمله في تبديد ثروة العراق لحساب كردستان بأمل توليته ولاية ثالثة، قبل ان يكتشف انهم وجدوا من هو انسب منه لهذه المهمة. لقد بدأت علائم “الحلقة” تتكشف بغدادمن خلال وساطة رجل السي آي أي الأول في العراق أياد علاوي والآخر أسامة النجيفي ومحادثاتهما (على أساس انهما يمثلان العراق!) مع مسعود البرزاني، والتي تمخضت عن أربع نقاط تتحدث أحدها عن “مفاوضات بدون شروط مسبقة”، رغم ان نقطة أخرى تضع “شرط” – “رفع العقوبات فوراً” على حكومة بغداد! ولا يمكننا ان نتوقع أية نتائج من “مفاوضات” لا يمتلك الشعب العراقي فيها من يمثله، إلا المزيد من الإغراق في الوحل. وبالطبع فأن كردستان تستطيع لاحقاً، وفي أي وقت، بعد إكمال هذه “الحلقة”، أن تعود للمطالبة بالاستقلال وقد تخلصت من ديونها، وأدت دورها المكلفة به من هدف تحطيم العراق، بإغراقه بثقل يؤمل أنه لن يقوم منه. |