اربع مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1  لكن ماذا سيفعلون بهؤلاء الأكراد كلهم؟!  

رستم محمود

 الحياة السعودية
  

في التداول والنقاش اللذين أنتجهما الاستفتاء والاستقلال الكردي، وعلى المستويين العراقي والإقليمي، ثمة خطابان متناقضان يصدران عن الحنجرة ذاتها: يقول الأول، على حياء ومرارة، إنه يحترم حق الكرد في تقرير مصيرهم ومستقبلهم. فيما الصوت الثاني يجلجل متوعداً بسحق نتائج الاستفتاء والساعين المفترضين للاستقلال مستقبلاً.

ثمة ما هو تراجيدي في تلازم هاتين النزعتين في طرف أو حزب سياسي واحد. فتلك الأطراف لا تستطيع أن تظهر إباحية قوميّة عصبويّة مطلقة في نكران الحق السلمي الديموقراطي لجماعة أهليّة تعدادها عشرات الملايين، ولا يمكنها في نفس الوقت أن تتقبل وتعلن اعترافها السياسي الواضح بهذه الحقيقة «المرة»!.

بالمعنى السياسي- التاريخي، فإن جميع النزاعات القوميّة التي ارتكزت عليها دول منطقتنا، كانت طوال القرن العشرين متوافقة في ما بينها على نكران الوجود القومي الكردي، صارت تعاني من تفاقم الوجود السياسي الكردي بأشكال كثيرة، في داخلها وفي جوارها، وهو ما نتج عن تضافر ثلاث ديناميات متراكبة:

تتمثل الأولى في النمو الديموغرافي الهائل للكرد طوال القرن العشرين، في الدول الأربع التي يعيشون بها. فقد سمح سوء التنمية الاقتصادية والاستبعاد السياسي الذي فرض على المجتمع الكردي في تلك الدول، أن تبقى مناطقهم ريفية للغاية، وأن لا تتطور بمستوى باقي مناطق ومجتمعات هذه الدول ذاته. دفع ذلك إلى محافظة الكرد على نمو سكاني شبه ثابت، فيما كانت تتراجع نسبة الزيادة السكانيّة لباقي المجتمعات غير الكردية في هذه الدول. فالديموغرافيّة الكرديّة في المنطقة، وفق الإحصاءات المتداولة غير الرسميّة، باتت أكثر من عشرة أضعاف ما كانت عليه عند نهاية الحرب العالمية الأولى، بينما نمت ديموغرافيات مجموع سكان هذه الدول بقرابة خمسة أضعاف فحسب!

تشير أرقام الإحصاءات التركيّة إلى أن عدد سكان تركيا في أواسط العشرينات كان في نحو 14 مليون نسمة، الكرد منهم أقل من 1.5 مليون نسمة. أي أنهم كانوا يشكلون حوالي 10 في المئة من مجموع السكان. راهناً، تدل المؤشرات الانتخابية إلى وجود حوالى 20 مليون كردي في تركيا، من أصل تعداد سكاني كلي يبلغ 80 مليون نسمة. أي أن نسبة الكرد قفزت لتقارب ربع سكان البلاد خلال قرن. حدث الأمر ذاته في باقي الدول. في المحصلة صارت النسب الديموغرافيّة الكرديّة في هذه الدول أكبر من قدرة أنظمتها على تغطية نكران وجود الكرد فيها.

الأمر الآخر تمثل بتحولات التنمية الاقتصاديّة ونمو التعليم وتضخم المدن وتطور وسائط النقل وانفجار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. مع كل تلك المجريات، صار المجتمع الكردي أقدر على التعبير عن قضيته، وباتت النخب الثقافية والسياسيّة المعارضة في هذه الدول أكثر تفهماً لمعاناة مواطنيهم الكرد. فتيارات غير قليلة من نخب هذه الدول صارت أوضح نقداً لسياسات أنظمة الحكم الكابحة لتطلعاتهم. لقد غدت المسألة الكردية أمثولة لقضايا حقوق الإنسان والمظلوميّة والعدالة في هذه الدول، ولم تبق محض مسألة سياسيّة.

في هذه التحولات غدت الدول أقل قدرة على استعمال العنف المادي والنكران الرمزي للوجود الكردي. فأساليب القمع كانت تنتمي للقرن العشرين، أو حتى ما قبل ذلك، فيما صارت مجتمعات هذه الدول، ومنها المجتمع الكردي، جزءاً من قرنٍ جديد، بمنطقه وفروضه. ومن هنا تأسس جوهر التناقض بين ما أريد له أن يكون ثابتاً، وما تحول بفعل حركة التاريخ.

أخيراً، أن الكرد في هذه الدول بقوا الجماعة الوحيدة التي حافظت على وهج نزعتها القومية، في وقت ترهلت فيه قوميات باقي الجماعات، لصالح النزعات الدينيّة والاقتصاديّة والثقافيّة. أو أن التجارب القوميّة في الدول مارست فظاعات بحق السكان المحليين، لم يفعل القوميون الكرد مثلها. فقد كان لخبوّ النزعة القومية في هذه الدول دور خامل انعكس على كل النزعات الايديولوجية السياسية الأخرى فيها، أياً كانت.

لم يخض الكرد تجربة تحقيق الذات القومية، لذا لم يواجهوا قسوتها وعنجهيتها وآثارها التدميرية على تفاصيل حياتهم. على العكس تماماً، صار الكرد بالتقادم يبنون أسس وعي قومي صلب، حيوي ومتوهج ومضاد لكل خمول، بقي حاضراً حتى الآن. وخلق هذا التباين بين مسار القوميّة الكردية ونظرائه في الدول الأخرى، واقعاً ضاغطاً على أنظمة هذه الدول، فصارت خطاباتها أقل قدرة على خلق حشد تعبوي مضاد للنزعة الكرديّة.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2  خطوة فخطوة: من السيطرة إلى الاحتلال.. مفاوضات كيسنجر مع السادات ومخطط مبكر لضرب العراق اذا احتل الكويت

 

 

د. عبد الحي زلوم

 

 راي اليوم بريطانيا
 

عندما قرّرت شبكة تلفزيون الجزيرة عمل حلقتين وثائقيتين مدة كل منهما ساعة حول كتابي “حروب البترول  الصليبية –  أميركا بعيون عربيةً”، قمت و مخرج الحلقات بوضع قائمة بالشخصيات التي تم الاستشهاد بأقوالهم  في كتابي. ومن بين هؤلاء كان جيمس إيكنز، وهو سفير سابق للولايات المتحده لدى العربية السعوديه أوائل سبعينيات القرن الماضي .

قابلت الجزيرة إيكنز لغرض المسلسل الوثائقي ، وفيما يلي النص الحرفي لما  قاله وكما بثته قناة الجزيرة: “عندما طلع علينا كيسنجر بخطته لاحتلال حقول نفط الشرق الأوسط ، سُئلتُ عمّا كان قد نُشر في مقالة بمجلّة “هاربر” كُتبت من قبل كاتب مجهول دعا نفسه “الجندي المجهول” ولم يعرف أحد حقيقة هويته إلا بعد ردح من الزمن.

وكان كاتب المقالة اقترح على الولايات المتحده احتلال حقول النفط العربية من الكويت وحتى دبي، مع إحضار موظفين من تكساس وأوكلاهوما لتشغيل هذه الحقول وترحيل جميع مواطني هذه البلدان إلى نجد (في العربية السعودية) ، بحيث تخلو المنطقة بكاملها من مواطنيها العرب، ونقوم نحن بإنتاج النفط لمدة الخمسين أو السبعين سنة القادمة إلى أن تجف حقول النفط…وقد سألتني وسائل الاعلام الأميركية عن هذه الخطة ، وكنت حينها سفير أميركا لدى العربية السعودية،  فأبلغت وسائل الإعلام الأميركية بأن من يفكر بحل أزمة الطاقة الأميركية بهذه الطريقة إما أن يكون مجنوناً أو مجرماً أو عميلاً للاتحاد السوفيتي، ويبدو ان هذه الكلمات لم تسّر ذاك الذي كتب مقالة “هاربر”، حيث لم أكن أعرف بعد من قد يكون، وأخيراً عرفت: لقد كان رئيسي كيسنجر، حيث لم ألبث بعدها أن طُردتُ”. كان هذا في الحلقة الثانية، تمّ بثّ الحلقة الاولى في منتصف الليل ثمّ الساعة السابعة مساء اليوم التالي، كان المفروض بث الحلقة الثانية بنفس الطريقة، تم بثها اولاً في منتصف الليل ولم يتم بثها في وقت الذروة الساعة السابعة مساءًا مع أنها كانت ضمن برنامج ذلك اليوم.

انشغلت الدوائر العليا في واشنطن طوال عام 1973 بمناقشة الخطط الحربية الخاصة بالاحتلال الفعلي لحقول النفط في الشرق الأوسط، إلاّ أن انطباعًا غلب في النهاية مؤداه بأن الوقت لا يزال مبكرًا للإقدام على هذه الخطوة، غير أن الخطط أعدت بالفعل في الأعوام التالية،  حيث تم تشكيل ما عرف بالقيادة الوسطى التي ستتولى المهمة ولكن على مراحل أو طبقًا لسياسة كيسنجر المعروفة بـ “الخطوة خطوة”. بدأت العملية بإقامة قواعد جوية ومدن عسكرية بتمويل من الدولارات النفطية للدول المنتجة. تلا ذلك تصعيد ملحوظ للوجود البحري الأمريكي في مياه الخليج.

وبعد أن بلغ إنتاج نفط الولايات المتحدة ذروته، والذي تزامن مع عدم قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية بريتون وودز، أصبح تأمين احتياطيات النفط للولايات المتحدة مطلب حياةً او موت لاستمرارية مجمعها الصناعي العسكري وهيمنتها العالمية.

 كانت المشكلة عند اكتشاف نفط ألاسكا وبحر الشمال الضخمة – أنها غير مجدية بالاسعار الدارجة (حوالي 2 دولار للبرميل) حيث كانت كلفة الاسكا 5 دولارات للبرميل وكلفة بحر الشمال 7 دولارات للبرميل فتمّ رفع السعر نتيجة حرب اكتوبر 1973 اربعة اضعاف مما جعل احتياطات الاسكا وبحر الشمال مجدية اقتصادياً وبدأ العمل فوراً في تطوير حقول تلك الاحتياطات.

وفي هذه الأثناء ارتقى كيسنجر بمستوى صلته المصرية الخاصة، ففي زيارة لحافظ اسماعيل – مبعوث السادات- الى الولايات المتحدة في شهر شباط، 1973  قام بوضع برنامج يمكنه من الاجتماع خفيةُ بكيسنجر بعد انتهاء واجباته الرسمية، فتالياً لاجتماعاته بنيكسون وممثلي الخارجية – كان اسماعيل – كما كتب كيسنجر في كتابه “سنوات الهياج” “… سوف ينسلّ بنفسه في 25 شباط إلى نيويورك ، ومن هناك يتوجه إلى موقع اجتماع سري في الضواحي .. بيت خاص استؤجر لهذا لغرض– حيث هو وأنا نتباحث ليومين في مراجعة كاملة وخاصة للعلاقات المصرية الأميركية”.

وأضاف كيسنجر: “لا أنا، ولا أي عضو من معاونيّ ، كان ضمن مناقشات إدارة الخارجية، بينما إدارة الخارجية حتى لم تعرف بلقائي السرّي مع اسماعيل”.

وقبل وصول اسماعيل إلى واشنطن كتب نيكسون إلى كيسنجر: “لقد حان الوقت للتخلّي عن الانصياع لموقف اسرائيل المتصلّب، فقد قادتهم تصرّفاتنا في الماضي إلى الاعتقاد بأننا سنقف إلى جانبهم بغض النظر عن مدى لا معقوليتهم.”

ومع ذلك فإن خطة كيسنجر كانت – والى حدًّ كبير – متمشيّةً مع قرار اسرائيل، والذي نصّ في حزيران 1967، على أنه يمكن بحث جبهتي مصر وسوريا والتفاوض حولهما، اما الضفة الغربية وغزّة فلا، والتي كان مجلس الوزراء الإسرائيلي قد أصرّ على ضمهّا الى اسرائيل ، وحيث أن الضفة الغربية كانت جزءاً من الأردن قبل حرب 1967 ، فقد عمد كيسنجر إلى استبعاد الأردن من مفاوضات الخطوة خطوة ، وخطط للسادات وللعرب الآخرين من ” أصدقاء ” الولايات المتحدة المعروفين ، باستبعاد الأردن كلية عن مسألة مفاوضات الضفة الغربية الفلسطينية .. وكما تم تنفيذه فعلاً في الرباط في المغرب في وقت لاحق لتصبح الضفة الغربية بدلاً من محتلة الى متنازع عليها.

وفي 6 آذار 1973 ، تم تزويد السعوديين بإيجاز عن اجتماع كيسنجر مع اسماعيل ، وذلك على أساس ” العلم بالشيء في حدود ما يلزم فقط”،   حيث أن العربية السعودية سوف يكون لها دور في حظر النفط وزيادة سعره مستقبلاً . كما أن كمال آدهم مدير المخابرات السعودية كان حلقة الوصل بين السادات والــCIA.

وفي ذلك الشهر زارت جولدامائير رئيسة وزراء إسرائيل الولايات المتحدة ، وعارضت وبشكل مطلق موقف نيكسون ، ورفضت أية ضغوط لتعديل موقف اسرائيل المتشدّد ، كما أبلغت نيكسون بأنه ليس لدى العرب خيارعسكري ، وأن الأمور لم تكن بأفضل مما هي عليه الآن بالنسبة لإسرائيل.

وفي 11 نيسان انعقد اجتماع آخر بين اسماعيل وكيسنجر .

وهكذا وبعد تحضيرات سرّية بين كسينجر (وأصدقائه العرب) وبعدما وضع تكتل المال وشركات النفط النظام المالي الجديد والذي يعتمد على النفط كغطاء للدولار وتم رفع الاسعار اربعة اضعاف . كان لا بد لهذا السيناريو لحرب تحريك فكانت حرب السادس من اكتوبر 1973. وهكذا بدأت سياسة الخطوة خطوة للهيمنة الامريكية الاسرائيلية على منطقة الشرق الاوسط وكذلك سياسية هيمنة الخطوة خطوة في الهيمنة على حقول النفط العربية الى درجة احتلال بعض تلك الدول أو انشاء قواعد  عسكرية كبرى تتمركز فيها القوات الامريكية .   حتى اصبح  كل بلد بل وحقل نفطي في الخليج فوقه قاعدة عسكرية امريكية .

وكانت ” الدبلوماسية المكوكيه ” أو اتصالات الوساطة التي تلت الحرب ، قد تم وضع تفاصيلها الدقيقة من قبل هنري كيسنجروالذي كان رئيساً للامن القومي آنذاك . وكانت خارجية الولايات المتحدة تعتقد بأن على إسرائيل الانسحاب لحدودها عام 1967 ، إلا أن كيسنجر كان لديه خطة أخرى.  وقد جاء في كتابه “سنوات الهياج ” :

“كانت نقطة البداية لدي تقع عاطفياً لدى الجانب الآخر .. وعلى الرغم من عدم ممارستي شعائر عقيدتي الدينية ( اليهودية) ، فلم يكن بمقدوري نسيان أعضاء أسرتي الثلاثة عشر الذين ماتوا في معسكرات الاعتقال النازيّة،  ولم يكن في قدرتي احتمال هولوكوست آخر من قبل سياسات حسنة النية يمكن لزمامها الإفلات من السيطرة”.

كتب كسينجر في كتابه سنوات الاضطراب :”شارك نيكسون الفئة الدنيا من الطبقة الوسطى في كاليفورنيا  شاركها تحاملاتها وضغائنها،  فقد اعتقد أن اليهود يشكلون مجموعة قوية متجانسة داخل المجتمع الأميركي وأن سيطرتهم على وسائط الإعلام تجعل منهم خصوماً خطرين ، وفوق كل شيء فانه يتوجب إرغام إسرائيل على تسوية سلمية وأنه لايجوز السماح لها بتعريض علاقات أميركا العربية للخطر”.

إلا أن كيسنجر ثابر على فعل الأشياء على طريقته هو. لانه كان الرئيس الفعلي اثناء انشغال الرئيس نيكسون بفضيحة وترغيت ، فباشر مفاوضاتٍ مع السادات دون معرفة إدارتي الخارجية والدفاع .. ولا حتى البعثة الدبلوماسية الأميركية في القاهرة ، ولم تكن لدى كيسنجر الرغبة في الاعتماد على خبراء الشرق الأوسط لدى الخارجية ، والذين كان ينظر لهم بصفتهم ” مستعربين”،   وصمم على تحاشيهم جميعاً .

وعلى الجانب العسكري أنشأت الولايات المتحدة قيادة قوة الانتشار السريع في فلوريدا ، وهي القوة التي أنشئت ودربت وجمعت ليمكن نشرها بسرعة في الخليج ، ، وأصبحت هذه القيادة تعرف فيما بعد باسم القيادة المركزية (سنتكوم).

وكان أن أعدت الخطط العسكرية والمناورات الحربية للتدخل الأميركي . ومما يثير الدهشة  أن السيناريو الدقيق لحرب عاصفة الصحراء سنة 1991 كان قد أعدّ في 1978 على أساس الافتراض بحدوث هجوم عراقي على الكويت واحتمال رد أميركي عليه . وفي عدد 7 أيار 1979   لمجلة فورتشن ، تم نشر سيناريو لمناورة حربية تصف خططا و ردّاً عسكرياً أميركيا ممكناً في حالة غزو عراقي للكويت يرتكز على نزاعات حدودية أو غيرها ، وفي صفحة 158  وتحت عنوان ” إذا غزا العراق الكويت..” قالت المجلّة: ” القوات العراقية ، المجهزة بشكل رئيسي بأسلحة سوﭭيتية ، يمكن لها الأجهاز على أي البلدين بسرعة ؛ والمعونة إذا طلبت ، يمكن لها أن تتضمن ضربات جوية تكتيكية ضد الدروع العراقية وضد دعمها الجوي ، وربما أيضاً تهديدات بتدمير المنشآت النفطية العراقية ، ولغرض دحر القوات الأرضية العراقية ، فإن ذلك سيتطلب مشاة بحرية من الأسطولين السادس والسابع ، ومشاة من الفرقتين الثانية والثمانون ومائة وواحد ؛ كذلك ارتأت الخطة ” جيشاً في السماء ” لنقل الجنود ، والإفادة من جسر إمداد القوة الجوية الاميركية الاستراتيجية – السبعين سي 5 إيه إس العملاقة ، و 234 ناقلة سي141 الأصغر حجماً ، زائداً 700 كيه سي135 صهريج لإعادة التزودّ بالوقود جوّاً.” وكان هذا  قد أعدّ في 1978 !!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3  مام جلال: الحسين عالجني بعمان

 

 د. مهند مبيضين

 

 

 الدستور الاردنية
عام 2013 استقبلنا الرئيس العراقي جلال طالباني في قصره على بحيرة دوكان، مع مجموعة من الكتاب والمثقفين العرب المشاركين بمهرجان «كالاويز» الثقافي في السليمانية، كان الأردن يشهد موجة غضب شعبي جراء رفع الحكومة لأسعار المشتقات النفطية، واسطوانة الغاز، وقد جرى الحديث معه واستمعنا إليه. كان الرجل يحمل بحديثه هموم العراق والعرب، تبع ذلك حوار معه.

حين سألته عن الأردن والعلاقات العراقية الأردنية وأن العرب تخلوا عن الأردن وتركوه وحده يواجه اليوم الكثير من التحديات، صمت قليلا ثم رد بالقول: «إن للأردن فضلا علي وبخاصة للمرحوم الملك حسين الذي عالجني في المدينة الطبية.»

في اليوم التالي للقاء أعلن الرئيس الراحل طالباني عن منحة للاردن بقيمة مائتي ألف برميل، قد لا تشكل استهلاك الأردن ليوم واحد، ولكن أحد المسوؤلين ممن حضر اللقاء، همس بأذني ونحن نهمُّ خروجاً: «عيني القضية مو عند مام جلال، لازم جماعتكم يتحركوا لبغداد يَم المالكي»، وكان لاحقاً حديث طويل واسهام وسعي من حكومة د عبدالله النسور لذلك، وقد زار بغداد، وما زالت الحكومة الحالية تواصل السعي لذلك.

المهم في الأمر هو أن الحسين رحمه الله استطاع في كل التقلبات التي عصفت في الشرق الاوسط أن يحجز له ولبلده رصيداً من العلاقات والدعم للحفاظ على الاستقرار وعلى فاعلية دوره ودور بلده، وفي ابقاء خيط من العلاقات الخفية التي قد تفيد في المستقبل بلده، او تُسجل له.

نعم قال مام جلال: للحسين فضل علي، وهذا صحيح وعلى غيره من قادة الحركة الوطنية الكردية وعلى غيره من القادة العرب الذين سنحت له الفرصة بعونهم ودعمهم في لحظات حرجة مرت بها دولهم، وفي القصة الكردية الكثير مما يقال عن مواقف الحسين رحمه الله.

يقول وزير خارجية العراق الأسبق، هوشيار زيباري عن قصته مع الملك حسين، بعد أن جرى اعتقالة بالعراق وتهديده عام 1971م وعيشه أياما من الذل والتخويف الرعب: «أعود الآن إلى قصتي مع الملك حسين. بعد مسألة  قصر النهاية  تقدمت إلى الكلية العسكرية ولم تفد «كوتا» الوزارة وذهبت إلى الملا مصطفى البرزاني وكتب والدي رسالة بأنني لا أستطيع أن أعيش في العراق فقد أُعتقل. قال إن الطريقة الوحيدة أن نرسلك إلى الأردن مع ثلاثة آخرين…وأبلغونا أننا سنرسل لنكون في ضيافة جلالة الملك حسين. وكَوْن هذه أول بادرة لعلاقتنا كثورة كردية مع الأردن عليكم أن تحسنوا التصرف. خروجنا ودخولنا كان سراً من كردستان عن طريق إيران وليس عن طريق بغداد وكانت الدروب شبه محررة وتحت سيطرة الثورة. الأردنيون ساعدونا في حينها والسفير الأردني في طهران كان كردياً هو اللواء صالح الكردي.

أتينا إلى عمّان وكنا ضيوف الديوان الملكي في أواخر 1972 – 1973 وجاءنا رئيس الديوان شخصياً عامر خمّاش ورحب بنا وشرح لنا الظروف الأمنية وفي حينها كانت الثورة الفلسطينية مشتعلة والجامعة الأردنية فيها مشاكل فقال: عليكم تقديم أنفسكم باعتبار أنكم إيرانيون من عرب الأهواز للتمويه وتحكون اللهجة العراقية العربية وكان هذا الغطاء المطلوب. وسيتم إسكانكم في كلية الشهيد فيصل الثاني.

تمّ إعطاؤنا جوازات سفر أردنية سرية. عند توجهنا إلى الجامعة كان مرافقونا من الديوان الملكي أو من رئاسة الأركان الأردنية وتم تقديمنا كضيوف إيرانيين وقدمنا أوراقاً وشهادات ثانوية وكان وضعاً صعباً. كان زملاؤنا الطلاب يعتقدون أننا ايرانيون. أكملت دراستي الجامعية في الأردن أربع سنوات حيث درست علم اجتماع وسياسة دولية في الجامعة الأردنية وهي جامعة عريقة جداً.» (انتهى الاقتباس)

 آنذاك كان جلال طالباني على رأس الحركة الوطنية، وهو الذي شارك بالتمرد الكردي على عبدالكريم قاسم عام 1961 وقاد جبهة من جبهاته، ثم قاد عمليات التفاوض وشاهد هزيمة قوات مصطفى برزاني بعد 1975، ثم قاد انفصالاً عن بزراني، وأسس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومضى يفاوض، وكانت محطة ما بعد عام 1988 مهمة، حيث حملة الأنفال، التي ابادت الكثير من القوة الكردية، ليتحول طالباني مع مسعود بازراني بعد العام 1991 إلى مفاوض نحو الحكم الذاتي والاستقلال فيما بعد، ثم ليكون أول رئيس كردي للعراق.

أخيراً رحم الله مام جلال فقد كان رجل نضال ووطنيا لقضيته، ومن خبراء السياسة ودهاتها،، فقد غادر والكرد والعرب في أهم محطات علاقاتهم، العرب مقسمون مجزأون، والكرد حالمون فرحون لكنهم محاطون بالخوف ومحاصرون.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  المتباكون على وحدة واستقلال العراق

 

 

السيـــــــد زهـــــــره

 

 اخبار الخليج البحرينية
 

 

هذا بالتأكيد من أكبر غرائب ومفارقات وسخافات عالم السياسة.

 

أعني هذه الدول التي يعلو صوتها اليوم دفاعا عن وحدة العراق واستقلاله وسلامة أراضيه بعد الأزمة التي فجرها استفتاء الانفصال الكردي.

 

أقصد تحديدا ثلاث دول، هي أمريكا، وإيران، وتركيا.

 

من يتابع مواقف وتصريحات المسؤولين في هذه الدول في الأيام الماضية يتصور أنها ألأكثر حرصا في العالم كله على استقلال العراق ووحدته وعدم تقسيمه. ليس هذا فحسب، بل تبدو هذه الدول، وخصوصا إيران وتركيا، كما لو كانت مستعدة لأن تقاتل وتدخل في معارك عسكرية دفاعا عن وحدة العراق.

 

هذا أمر غريب وسخيف للغاية.

 

لماذا؟.. لأن هذه الدول الثلاث بالذات هي أكبر من استباح سيادة العراق واستقلاله وهدد وحدته.

 

هذه الدول الثلاث تتحمل مسؤولية أساسية عما وصل إليه حال العراق اليوم وجعله مهددا بالتقسيم وفقدان وحدته واستقلاله.

 

أمريكا كما هو معروف ارتكبت بحق العراق أشنع جريمة تاريخية بغزوه واحتلاله وما ترتب على ذلك من جرائم.

 

الاحتلال الأمريكي دمر عن عمد مؤسسات الدولة العراقية، وهو الذي أرسى أسس النظام الطائفي الحالي الذي قسم الشعب ومزقه.

 

والاحتلال الأمريكي هو الذي أفسح الطريق أمام الجماعات والقوى الإرهابية كي يستفحل خطرها على النحو الذي شهدناه في العراق والمنطقة كلها.

 

باختصار، أمريكا بغزوها واحتلالها وما ارتكبته من جرائم، هي التي وضعت كل الأسس والمقومات التي تهدد وحدة العراق وتجعل خطر تقسيمه مطروحا.

 

والجرائم التي ارتكبتها إيران في العراق لا تقل في شناعتها عن جرائم أمريكا.

 

إيران، في حماية الاحتلال الأمريكي، اجتاحت العراق واستباحت سيادته واستقلاله عبر حرسها الثوري والمليشيات الطائفية العميلة لها والنخبة السياسية الفاسدة الموالية لها، وفرضت إرادتها وكلمتها على الحكومات العراقية المتعاقبة.

 

وإيران رسخت الطائفية وأججت الخلافات والصراعات الطائفية، وسعت بكل السبل إلى الحيلولة دون الوحدة الوطنية.

 

وتركيا أيضا، دأبت على استباحة سيادة واستقلال العراق تحت دعاوى حماية أمنها من الخطر الكردي، ولم تخف أطماعها في أراضي العراق.

 

إذن، هذه الدول الثلاث هي آخر من يحق له أن يتحدث عن وحدة واستقلال العراق، وآخر من يحق له أن يزعم أنه حريص عل هذه الوحدة وهذا الاستقلال.

 

مفهوم بطبيعة الحال، السبب الجوهري الذي جعل إيران وتركيا تفزعان من الاستفتاء الكردي، وتزعمان الحرص الشديد عل وحدة العراق والرفض القاطع لقيام دولة كردية.

 

فعلا هذا خوفا على مصيرهم هم لا خوفا على العراق. فقيام دولة كردية يعني مباشرة انتفاضة الأكراد في إيران وتركيا ومطالبتهم هم أيضا بالانفصال.

 

أما بالنسبة لأمريكا وموقفها الرافض للاستفتاء، فكل ما في الأمر أنها تقدر أن الظروف الحالية غير مواتية لانفصال الأكراد.

 

لولا هذه الأسباب، ولو لم توجد هذه الدوافع والمبررات، لكانت هذه الدول الثلاث في مقدمة من يرحب بتقسيم العراق وقيام دولة للأكراد ودويلات لغيرهم على أسس طائفية وعرقية.

 

نقول كل هذا لنصل إلى نتيجة أساسية هي أن وحدة واستقلال العراق لا يضمنها مواقف هذه الدول وغيرها مهما تظاهرت بحرصها على هذه الوحدة.

 

وحدة واستقلال وسيادة العراق لا يضمنها إلا الشعب العراقي نفسه وإرادته الوطنية العربية.

 

هذه الإرادة يجب أن تتجسد في نظام سياسي جديد غير طائفي يحتضن ويشرك كل أبناء الوطن، وفي إصلاحات جذرية شاملة تقضي على الفساد وتحمي الثروة الوطنية وتجندها من أجل تقدم الوطن وخير كل أبنائه.

 

هذا هو الذي يحمي وحدة العراق ويقطع الطريق على أي نزعات انفصالية أيا كانت.

 

وشعب العراق بحاجة إلى دعم الدول العربية ووقوفها بجانبه من أجل تحقيق هذه الغايات الوطنية.