5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1   استفتاء الأكراد… ما له وما عليه

 

 إياد أبو شقرا

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
  

لفّ نعش الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني بعلم كردستان دون العلم العراقي، إبان مأتمه في السليمانية بالأمس، تصرّف ذو دلالات ما عاد يصحّ تجاهلها.

نحن، واقعياً، إزاء طلاق بين «الحالة السياسية الكردية» في شمال العراق والعرب، كل العرب. وهذا «الطلاق» وإن لم يكن بائناً ورسمياً حتى اللحظة، فهو «طلاق» نفسي لا تخفّف من وطأته كلمات مهذبة ولبقة.

إن طلاقاً نفسياً، كالذي نراه في شمال العراق، تختفي معه تدريجياً الأسماء العربية والإسلامية مثل جلال ومسعود ومصطفى وصلاح الدين وأحمد مختار… لتحل محلها أسماء قومية ككامران ودلشاد وشوان وغيرها، يصعب أن تثمر علاقة صداقة بين «جارين»، لأن «الصداقة» تحتاج إلى الثقة.

أزعم أنه لم يعد للقيادة السياسية الكردية أي ثقة بالعرب، كما أزعم أن كثرة من العرب ما عادوا يرون في الأكراد شركاء في المصير والتاريخ والجغرافيا.

حتماً، لا يُلام أكراد العراق على النفور من تجربتين بقسوة تجربتي تسلط صدام حسين وتبعية نوري المالكي. ولكن، في المقابل، من الظلم أن يصوّروا كل علاقتهم الطويلة بالعراقيين والعرب على أنها علاقة غير متوازنة ظلمهم فيها العرب وتنكرّوا لهم، وتعمّدوا تهميشهم وطمس هويتهم القومية. ففي العالم العربي عصبيات كالعصبيات المألوفة في كل بيئة مشابهة، وهي أحياناً دينية وأحياناً أخرى مذهبية، ولكنها في غالبيتها قبلية وعشائرية. وعندما لم تكن الحالات الشوفينية التعصبية سائدة في المنطقة العربية لم يتردّد العربي بتقبّل رئيس وزراء كردي أو والٍ كردي، أو رئيس وزراء أو والٍ تركماني أو شركسي أو بوشناقي. ذلك أن معظم منطقة الشرق الأدنى عاش تحت سلطة الأيوبيين والمماليك، قبل العهد العثماني، ولم يكن هناك أي تمييز ممنهج يستحق الذكر ضد الأكراد كأكراد.

ثم خلال العهدين الانتدابي والاستقلالي في العراق، ما كان هناك – مبلغ علمي، وأنا ابن رجل أحبّ الأكراد وعاش بينهم لسنين – أي تمييز يستهدفهم بالذات، بل كانوا في «عراق ما بعد 1920» وقبله يعيشون تقريباً الأوضاع نفسها التي تعيشها المكوّنات الفئوية الأخرى. وبرز من رجالات الأكراد في العراق المستقل جلال بابان وجمال بابان والفريق بكر صدقي ومصلح الدين النقشبندي… وأحمد مختار بابان آخر رئيس وزراء عراقي قبل ثورة 1958.

هذه حقائق. وعلى أي عربي لم يعتد العيش في الوهم، أو جلد الذات، أن يستوعب خطورة ما يحدث في منطقتنا. بل أكثر من منطقتنا، إذا ما وسّعنا أفقنا بعض الشيء وتابعنا ما يحصل في أوروبا الغربية، بل في أميركا أيضاً.

مفهوم «الدولة القومية» مفهوم حديث، ومن ثم «الحدود القومية» أيضاً ظاهرة حديثة.

ألمانيا نفسها، أهم دول أوروبا الغربية والوسطى، لم تتبلور هويتها «القومية» إلا في القرن التاسع عشر. وقبل ذلك، تحكّمت حروب الخلافة الإسبانية (1701 – 1714)، بعد وفاة شارل الثاني ملك إسبانيا بلا وريث، بالتطورات السياسية وغيّرت في الحدود الكيانية على امتداد النصف الغربي من أوروبا.

حتى في شرق أوروبا، متى ظهرت «الدول القومية»؟ ماذا حصل في منطقة القوقاز؟ وكيف نشأت الإمبراطورية القيصرية الروسية؟ وكيف كانت أوضاع شعوبها وأعراقها وأتباع دياناتها ومتكلّمي لغاتها المتعددة، حتى قبل الاعتراف الرسمي بشكل من أشكال «التعددية» في الاتحاد السوفياتي؟ أليس بعض ما يحصل اليوم في أوكرانيا جزءاً من الإرث القديم، بين شرقها الروسي الأرثوذكسي وغربها الكاثوليكي… والأبعاد البولندية لبعضه؟

في عالم اليوم اضطراب كبير واختلاف على التعريف. تعريف المصطلحات… وأيضاً تعريف المصالح.

بعد «بريكست» ما عادت أوروبا أحلام روّاد كبار كروبير شومان وشارل ديغول وكونراد أديناور وبول هنري سباك كما كانت.

أوروبا كلها باتت بحاجة لإعادة تعريف كفكرة ومصطلح وكمصالح. وحدة الكيانات التي صنعت القارة ما عادت مسلّمات مطلقة، بل باتت تخضع لاعتبارات وشروط وشروط معاكسة. اسكوتلندا تنتظر ارتفاع أسعار النفط، وكاتالونيا تحاول قطع الطريق على المقاطعة الاقتصادية. والحالمون بمشاريع انفصالية أخرى ينكبّون على درس حسابات الربح والخسارة بعيداً عن شعارات التكامل و«الحضارة الغربية» الجامعة، في خضم الصراع بين «انفلاش» العولمة و«تقوقع» العنصرية.

ولندَع أوروبا جانباً، هل وضع أميركا الشمالية أكثر تماسكاً؟

الولايات المتحدة، كبرى كيانات المهاجرين في «العالم الجديد» يصرّ رئيسها اليميني دونالد ترمب على بناء «جدار فصل» يعزلها عن المكسيك تخلصاً من الهجرة الآتية من الجنوب، ولكن من جيوب المكسيكيين الفقراء! بل، ويمنع ترمب «تصدير» الوظائف إلى المكسيك بأمل محافظة أميركا على عافيتها الاقتصادية وقاعدتها الصناعية… بينما يزداد فقراء المكسيك فقراً، وبالتالي، رغبة في الهجرة وتجاوز «الجدار»!

وفي المقابل، رئيس وزراء كندا الشاب الليبرالي جاستن ترودو سعيد بترؤسه حكومة قياسية في تنوّعها العرقي والديني واللغوي لأنها – وفق كلامه – «صورة طبق الأصل عن كندا». وبعدما سمّى ترودو بالأمس أكاديمية لبنانية الأصل لتكون المستشارة العلمية للبلاد، اختار حزب الديمقراطية الجديدة اليساري الذي ينافس حزب الأحرار الحاكم… محامياً شاباً هندي الأصل من السيخ زعيماً له.

هذا هو العالم الذي على أهلنا الأكراد الإقرار بوجوده قبل أن يقطعوا «خط الرجعة» بوجه «الصداقة» و«حسن الجوار».

شعوب العالم لا تستطيع بحكم الجغرافيا أن تختار «جيرانها»، لكن بإمكانها إما أن تجعل منهم «أصدقاء» أو «أعداء». ثم إن الملايين أو عشرات الملايين ليست ضمانة للاستقلال، وإلا فلماذا أوتار براديش (يزيد سكانها عن 205 ملايين نسمة) ولاية من ولايات الهند مثل مانيبور (سكانها 3 ملايين نسمة)؟

تركيا وإيران تتحديان الاستفتاء الكردي مستقويتين بحجميهما وثقليهما واستغلالهما الظرف الدولي، وكذلك تفعل الحكومة الإسبانية أوروبياً حيال استفتاء كاتالونيا الانفصالي. وأصلاً، الولايات المتحدة ما كانت لتكون ما هي اليوم لو ارتضت ذات يوم بانفصال الجنوب.

في السياسة لا بد من حسابات مدروسة تأخذ في الاعتبار ليس الرغبة الداخلية فحسب، بل الظروف الخارجية أيضاً.

مهم جداً التنبه لخطورة عامل الزمن وازدواجية المعايير، وكذلك تغيّر الدول وانقلاب التحالفات.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2  حول إعمار العراق

 

 شملان يوسف

 

 الاتحاد الاماراتية
 

تسعى دول الخليج العربية لمساعدة العراق في إعادة إعماره بعد الحروب الدامية التي مرّ بها، وقد أعلن سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عن عزمه عقد مؤتمر دولي في الكويت لجمع الأموال لإعادة إعمار العراق الشقيق. هذه المبادرة الإنسانية لا يختلف عليها أحد، فإخوتنا في العراق بحاجة ماسة للمساعدة. لكن المشكلة تكمن في حقيقة أن العراق من أغنى دول المنطقة بموارده النفطية والزراعية وموارده البشرية المؤهلة.

 

والسؤال الآن هو: كيف يمكن إعادة بلد غير مستقر حتى الآن.. فالحرب الأهلية ذات الطابع الطائفي لا تزال مستمرة؟

بدأ الخلاف بين الإخوة العراقيين بعد تحرير بلدهم عام 2003 من قبل الولايات المتحدة.. فالقوات الأميركية المحتلة فرضت على العراق حكماً طائفياً بقيادة «حزب الدعوة» العراقي، وتبريرها لذلك هو أن أغلبية الشعب العراقي هم من الشيعة.

الحكومة العراقية الجديدة المدعومة من إيران، أقصت المكونات العراقية الأخرى من الحكم، وعلى رأسهم سنة العراق، فضلاً عن المسيحيين والآشوريين والتركمان وغيرهم، وانفردت الأحزاب والتجمعات الشيعية بالحكم بعد إقصاء الآخرين.

 

الآن وبعد مرور أكثر من 14 عاماً على تحرير العراق، ازدادت وتيرة الأزمات السياسية، فالقوى السياسية العراقية المهيمنة على البرلمان مختلفة على كل شيء.. وقد فشلت في تحقيق الوحدة الوطنية، كما ازداد الفساد وسوء الإدارة وعدم الالتزام بالقانون، إلى درجة أن العراق الغني أصبح من أكثر دول العالم التي تعاني الفساد وسوء الإدارة.

 

لقد حققت الحكومة العراقية بدعم من الولايات المتحدة إنجازاً كبيراً يسجل لها، ذلك هو القضاء على إرهاب «داعش».. لكن الإشكالية الجديدة برزت مع مطالبة الأكراد في الشمال بإجراء استفتاء في مناطقهم حول الاستقلال وإقامة دولة كردية، وجاءت نتائج الاستفتاء مؤيدة لانفصال الإقليم عن العراق، مما دفع بالحكومة العراقية إلى رفض النتائج واعتبار هذه الخطوة خرقاً للدستور العراقي. وقد قامت الحكومة العراقية، ومعها تركيا وإيران، بمحاصرة مناطق الأكراد، وفرض الحصار الاقتصادي بإغلاق مطارات كردستان في الشمال.

 

لا أحد يعرف ماذا ستكون نتائج المقاطعة، وتعثر الحوار بين بغداد وأربيل، لكن الأمر شبه المؤكد هو أن العراق الموحد سابقاً لن يعود كما كان، وحتى يستعيد استقراره فقد يتطلب الأمر مراجعة جادةً للدستور وانتخاب حكومة وحدة وطنية تؤمن بوحدة العراق تحت حكم ديمقراطي تعددي لا يتم فيه إقصاء أو إبعاد أحد من مكونات الشعب العراقي.

 

لكن ماذا عن أموال إعادة الإعمار التي سيتم جمعها العام القادم؟

 

إن التريث بعملية إعادة إعمار العراق في انتظار أن يستقر ويختار حكومته الوطنية الديمقراطية، قد يكون ضرورياً لإنجاح هذه العملية. والأموال التي سيتم جمعها لإعادة إعمار العراق لا ينبغي وضعها تحت إدارة حكومته، بل ينبغي تكليف الأمم المتحدة والدول المتبرعة (عن طريق صناديق التنمية فيها) بالإشراف على إعادة الإعمار ذاتها، بما في ذلك إنشاء البيوت والمدارس والمستشفيات والطرق والجسور وغيرها.. وبذلك نضمن وصول المساعدات للشعب العراقي وليس لقيادات حزبية سرقت خيرات العراق وأدخلته في متاهات الحروب الأهلية والمطالبة بالاستقلال.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3  الغاز عراقي و التعويض كويتي.. !!

 

 

حسن علي كرم

 

 الوطن الكويتية
  

هل حاجة الكويت للغاز معناها أن تتنازل الحكومة الكويتية أو أن نفرط بأموالنا المتبقية من تعويضات أضرار الغزو العراقي الغاشم والتي طلبت الحكومة العراقية تأجيلها ووافقت الكويت إلى 2018 …؟؟!!

عندما يطلب العراق إخضاع التعويضات إلى وجهات أخرى (و هي في الواقع بمثابة فرض شروط) ، فذلك يعني أنه غير جاد بالتزاماته الدولية ، و أنهم بدأوا – كعادتهم – للمراوغة و اللعب بالوقت و الهروب من دفع المتبقي ، خصوصاً يأتي هذا ، بعدما قدمت الكويت شهادة بمثابة حسن سير و سلوك ما يسمح للعراق الخروج من طائلة الفصل السابع ميثاق الأمم المتحدة …!!!

الكويت بحاجة إلى الغاز و هذه حقيقة و الحقيقة الثانية أنها مازالت تبحث عن مصدر مضمون يزودها بالغاز لتشغيل محطاتها الكهربائية بديلاً عن النفط ، فالعرض القطري قبل سنوات تم تفشيله أو بالأحرى في الطريق لأمور سياسية لا فنية ، و الغاز الإيراني الذي كان مقررا تزويد الكويت به كذلك بات في خبر كان ، و الآن جاء دور العراق الذي شعر أن الكويت ” محتاسة ” تبحث من هنا و من هناك عن الغاز إلا أنها لم تتوفق بمصدر مضمون ، فماذا عن الغاز العراقي هل هو الغاز المضمون الذي لن يستغل العراقيون حاجة الكويت ، و يفرضون شروطهم الفوقية فنعود إلى المربع الأول و نعود للحكاية القديمة تزويد الكويت بالماء من شط العرب ، مقابل التنازل عن جزيرتي وربة و بوبيان ، فلا شربت الكويت ماء شط العرب و لا شط العرب ظل ماؤه عذباً …!!!

التعويضات المتبقية على العراق و التي هي 4.6 مليار دولار ، لا يحق للكويت من طرف واحد اسقاطها أو التنازل عنها ، أو تحويلها ديوناً ، ذلك أن التعويضات ليست اتفاقاً مبرماً بين الدولتين حتى تقرر الدولتان مصيرها ، و إنما هناك قرار صادر من مجلس الأمن الدولي في ابريل 1991 تحت رقم 687 / 91 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، و هو ما يعني إلزام العراق دفع آخر سنت متبق من أموال التعويضات ، و هي تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالكويت جراء غزوٍ عدواني غير مسبوق على دولة مستقلة مسالمة من دولة عدوانية متغطرسة ، بل لا ينبغي للكويت التفريط بأموال التعويضات لأي سببٍ من الأسباب ، لكي لا تكون سابقة ، و لأنها أموال ليس من حق الحكومة الكويتية التفريط بها كونها أموالاً تعود للدولة بمعنى أموال الشعب و أي قرار في شأنها ينبغي الرجوع إلى الشعب صاحب القرار و صاحب المال بمعنى لابد من الرجوع إلى مجلس الأمة ، ألمانيا لازالت تدفع تعويضات الحرب العالمية ، من هنا ، فأن تستورد الكويت الغاز العراقي فلاشك الحل الأكثر واقعية و ذلك لأكثر من سبب لعل قرب منابع الغاز العراقية المحاذية للكويت أحد أهم الأسباب ، و السبب الآخر حاجة البلدين إلى اتفاقات طويلة الأمد ، و السبب الثالث حاجة البلدين إلى حركة استثمارية ، و إنشاء مشاريع و أسواق مشتركة على الحدود ….

و استطراداً نقول أن العراق لن يستطيع أن يستغني أو أن يسد أبوابه عن الكويت ، فهناك تاريخ مشترك يضم البلدين ، و الكويت كانت و إلى وقت قريب رئة العراق التي يتنفس منها ، فالتجارة العراقية كانت تنقل عبر الموانئ الكويتية و كانت السفن الكويتية متخصصة في نقل صادرات العراق إلى الخارج و بخاصة التمور ، و تجار العراق غالباً ما كانوا يفضلون التعامل مع أسواق الكويت لقرب المسافة و لسهولة المعاملة …

قد يكون مشروع تزويد الغاز البوابة التي تفتح من جديد ما بين الكويت و العراق – تصريح وزير النفط الكويتي عصام المرزوق يدل أن الاتفاق يسير في مراحله الأخيرة – لذا نأمل أن يكون هذا فاتحة خير، و لكن أن يكون الغاز بديلاً عن التعويضات ، هنا نسأل من يضمن ألا يحدث تلاعب أو عراقيل متعمدة أو تسويفات أو تلاعب بالأسعار أو بالكميات ، فالمال السائب يعلم السرقة ، لذلك لابد من ضمانة دولية من قبل مجلس الأمن أو من قبل اللجنة الدولية للتعويضات التي تستمر في مهمة المتابعة ، نعود و نقول أموال التعويضات ليست أموالاً تدخل في جيوب فلان أو علان من المسؤولين ، إنما أموال الشعب الكويتي ، و أي تصرف فردي أو انفرادي من الحكومة يضعها في دائرة المساءلة …

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  لماذا يرتعب البعض من تشكيل دولة كردية مستقلة

 

 عبدالله الهدلق

 

 

 الوطن الكويتية
  

ارتعبت إيران وتركيا وحكومة حزب الدعوة الفارسي الإرهابي في العراق وأعلنوامعارضتهم لإعلان استقلال إقليم كردستان في تصريحات متزامنة من طهران وأنقرة وبغداد ، بينما جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو مُعلِنةً تأييد إسرائيل إعلان استقلال كردستان العراق وقيام دولةٍ كرديةٍ مستقلة في شمال العراق ، في كلمة ألقاها في منتدى أمني في تل أبيب حيث قال إنه (علينا أن ندعم التطلعات الكردية من أجل الاستقلال) ، وأعلنت حكومة أردوغان العثمانية التركية معارضتها الشديدة لانفصال إقليم كردستان العراق مع الإعلان عن رفض تركيا تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدعوته لقيام دولة كردية.

 

وكان رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، قد أعلن عن عزم الإقليم إجراء استفتاء من أجل الاستقلال، قائلا إن الوقت أصبح مناسباً لممارسة عملية تقرير المصير بالنسبة إلى الأكراد ، وكانت تصريحات بارزاني قد جاءت خلال احتفال بالذكرى الـ66 لإعلان قيام (جمهورية مهاباد) التي تأسست في فبراير 1946 في كردستان إيران ، وكانت (جمهورية مهاباد) قد تأسست شمال غرب إيران، بقيادة رجل الدين الكردي القاضي محمد، وبدعم سوفياتي مباشر، وبمشاركة فعالة من قبل الأكراد العراقيين الذين قاد المئات منهم الزعيم الكردي التاريخي ملا مصطفى البرزاني، إلا أنها قمعت من قبل الشاه الإيراني بعد عام من تأسيسها وتم إعدام قادتها .

 

ويحتفظ الأكراد في العراق بحكم ذاتي موسع منذ عام 1991، إلا أنه في الوقت الحالي وصلت سلطتهم إلى مستوى التمتع بصلاحيات الدولة المستقلة، خاصة في ظل تخصيص نسبة كبيرة من الموازنة الاتحادية لحكومة إقليم كردستان، تقدر بـ17 % من موازنة العراق السنوية ، ومع بدء اجتياح داعش للموصل والاضطرابات الأخيرة في العراق تحرك الأكراد نحو كركوك، وفرضت قوات البشمركة الكردية سيطرتها على مدينة كركوك في تحول تاريخي في هذه المدينة التي فيها تنوع قومي من الأكراد والعرب والتركمان .

 

ويبدو أن تركيا وإيران هما أكبر المتضررين من تشكيل دولة كردية مستقلة في شمال العراق، نظرا لوجود نسبة كبيرة من الأكراد في كل من إيران وتركيا، مما قد يؤدي إلى دعوات مشابهة من قبل الأكراد في كلا البلدين ، وتسعى تركيا جاهدةً دون جدوى إلى إيجاد حل للقضية الكردية من خلال إشراك الأكراد في العملية السياسية وإنهاء النزاع المسلح مع حزب العمال الكردستاني الذي طال لعقود نظراً لسعي الأكراد لتشكيل دولةٍ مُستقلةٍ لهم .

 

أما بالنسبة لإيران فإن المواجهات المسلحة قد ازدادت على الحدود الغربية بين الحرس الثوري والشرطة الإيرانية من جهةٍ مع فصائل كردية إيرانية مسلحة خلال الأيام الأخيرة سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين ، ورغم احتفاظ الحكومة الإيرانية بعلاقات جيدة مع حكومة إقليم كردستان العراق، فإنها أعلنت مراراً أنها تعارض أي انفصال للإقليم في إطار دعم حلفائها من حزب الدعوة الإرهابي القابض على زمان السلطة في بغداد ، كما تخشى إيران من أن يؤدي تشكيل دولةٍ كرديةٍ مستقلةٍ في شمال العراق إلى انتفاض العرب الأحواز في جنوب غرب إيران لإعلان استقلال دولة الأحواز العربية (عربستان) من الإحتلال الفارسي البغيض الجاثم على صدورهم منذ عام 1925 م عندما احتلها شاه إيران بمساعدة المخابرات البريطانية وقتل حاكمها آنذاك الشيخ خزعل مرداو الكعبي العربي .

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5  دولة الأكراد الجديدة

 

 صلاح الجودر

 

 

 الوطن الكويتية
 

لقد تفجرت القضية الكردية منذ الإعلان عن الاستفتاء الشعبي للانفصال عن العراق وإقامة دولة مستقلة تعرف بـ (دولة الأكراد الجديدة)، وقد دفع ذلك الحكومة العراقية والتركية والإيرانية إلى عمل تحالف إقليمي لحصار ومقاطعة ومعاقبة الشعب الكردي على ذلك الاستفتاء، لذا يتساءل الكثير عن أسباب ذلك التداعي، وما نتائجه على الوضع الإقليمي؟!.

ومن أجل معرفة الأمور عن قرب لا بد من قراءة الاتفاقيات بين الحكومة المركزية بالعاصمة العراقية (بغداد) وبين أقليم الأكراد وعاصمتهم (أربيل)، لقد وقع الطرفان اتفاقية على الحكم الذاتي في العام 1970م، والتي جاء في بنودها أن تعترف الحكومة العراقية بالحقوق القومية للأكراد، وأبرزها تقديم ضمانات للأكراد بالمشاركة في الحكومة العراقية أسوة ببقية مكونات الشعب العراقي، واستعمال اللغة الكردية في المؤسسات التعليمية، ولم تحسم قضية (كركوك) في تلك الاتفاقية حتى تحسم نتائج إحصاءات لمعرفة نسبة القوميات المختلفة في مدينة كركوك، وظلت هذه النقطة سبب الخلاف بين الحكومة العراقية المركزية والأكراد، وجاء إعلان 1974م ليعطي الأكراد الحكم الذاتي من طرف واحد (الحكومة العراقية) على مناطقهم باسثناء كركوك وخانقين وجبل سنجار بسبب أنها مناطق متنازع عليها، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى سقوط نظام البعث عام 2003م.

في العام 2005م دارت مفاوضات جديدة بين الجانبين حول الدستور العراقي الجديد، وتركزت المفاوضات حول اللامركزية في العمل الإداري وصلاحيات السلطة التنفيذية والتشريعية والمؤسسات القضائية واحترام حقوق الإنسان، ومثل الجانب الكردي مسعود برزاني وطارق هاشمي وعبد العزيز الحكيم وإبراهيم الجعفري، وقد خلصت المفاوضات حينها إلى اتفاق من تسعة عشر نقطة، قال في ختامها مسعود برزاني: (إذا ما احترمت الحكومة المركزية في بغداد الدستور الجديد، ستظل حكومة الأكراد الإقليمية جزءا من دولة العراق)، بمعنى متى أخلت الحكومة العراقية ببنود الاتفاق من البديهي يعلن أقليم كردستان انفصاله عن العراق.

إثنا عشر عاما على تلك المفاوضات والاتفاقية المبرمة، فهل ألتزمت الحكومة العراقية بتعهداتها، أم أنها تجاوزتها؟!، وعند مراجعة تلك التعهدات نرى أن البرلمان العراقي الذي يضم أغلبية من أحزاب إسلامية تابعة لإيران لم يصادق (بموجب المادة 65 من الدستور) على قانون بشأن إنشاء مجلس آخر في البرلمان يمثل المحافظات والأقاليم، كما لم تمرر الحكومة العراقية (بموجب المادة 92 من الدستور) قانونا لإنشاء المحكمة العليا الوطنية، ولا قانونا بتنظيم أجهزة الاستخبارات الوطنية (بموجب المادة 84 من الدستور)، وكذلك يحظر الدستور (في المادة التاسعة من الدستور) تشكيل الميليشيات المسلحة، لكن الحكومة العراقية وافقت على قيام مليشيات الحشد الشعبي التي يقودها المجرم قاسم سليماني الإيراني، بل وتقوم الحكومة العراقية بسداد رواتبهم ومكافآتهم، والجميع يعلم أن تلك المليشيات تتبع نظام ولاية الفقيه في إيران، كما أن الحكومة العراقية قد وافقت على تشكيل قوات الأمن الكردية (البيشمركة) بموجب المادة 121 من الدستور العراقي التي تتعارض مع المادة التاسعة من الدستور!، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن المادة 140 من الدستور تنص على إجراء استفتاء شعبي في الأقاليم المتنازع عليها بحلول عام 2007م، لكن ذلك لم يحصل.

تلك المواد الدستورية لم يحترمها المسوؤلون العراقيون في الحكومة المركزية، ولم يصادق عليها البرلمان العراقي الذي يغلب على أعضائه ولاؤهم لإيران، لذا من البديهي أن يسعى الأكراد إلى الاستفتاء ثم الانفصال، لذا فإن الاستفتاء الذي صوت عليه الأكراد للانفصال لم يكن وليد اليوم، ولكنه جاء عبر تاريخ طويل من الصراع، ولعل الفرصة اليوم مواتية لما تشهده المنطقة من صراعات، فالأكراد كانوا في انتظار دولة مدنية قائمة على المواطنة والتعددية والمساواة حسب وعود الإدارة الأمريكية مع بداية غزوهم للعراق عام 2003م، ولكنهم وجدوها دولة طائفية بكل معايير الطأفنة سواء في حكومة نوري المالكي أو حيدر العبادي، والفساد يضرب فيها من كل جانب، بل ولها تبعية عمياء للنظام الإيراني (ولاية الفقيه)، والاستفتاء ثمرة سياسة غبية بالعراق!.

معالجة الملف الكردي من قبل ثلاث دول إقليمية محيطة بأقليم كردستان، إيران وتركيا والعراق، كان بالتهديد والوعيد وغلق المطارات والمنافذ وإيقاف نقل النفط وغيرها، ففي الوقت الذي يتحدث فيه مسعود بارزاني عن دولة كردستان الجديدة يظهر في الجانب الآخر حيدر العبادي ليدافع عن الحكومة المركزية التابعة لإيران، ولم يقدم حلا للأزمة التي قد تشعل المنطقة، فالعبادي قبل أن يتوعد الأكراد بعقوبات اقتصادية عليه أن يطبق مواد الدستور وفي مقدمتها حل المليشيات والتنظيمات، ومنها: الحشد الشعبي والبشمركة، وأن يكون للعراق مدفع واحد يدافع عن هويته!!.