9 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1  بارزاني والاستقلال والزلزال  

غسان شربل

 

 الشرق الاوسط السعودية
  

اليوم ستتركز الأنظار عليه. وسيكون نجم التعليقات والشاشات. وستنقسم الآراء حول العاصفة التي تسبب في انطلاقها. سيقول فريق إن الرجل اختار توقيتاً خاطئاً. وسيقول آخر إنه تسرع في كشف برنامجه الحقيقي وأساء تقدير حسابات جيرانه. وثمة من يعتقد أنه يغامر بمكاسب كلفت الأكراد أثماناً باهظة. وأنه هرب من مشكلة ووقع في مأزق. وأن عناده سيوقعه في حصار مطبق على غرار ما عاشه ياسر عرفات في آخر أيامه. وأن قيام الدولة الفلسطينية، على صعوبته، يبقى أسهل من قيام دولة كردية. وسيقول أنصاره إنه حارس الحلم الكردي. وأنه يعيد على الأقل تسجيل هذا الحق. ويكشف مجدداً ذلك الإجماع على منع الأكراد «من مغادرة السجون التي دفعوا إليها قبل قرن».

لا يحتاج مسعود بارزاني إلى من يذكره بوطأة الجغرافيا. باكراً كوته بنارها. شاءت الأقدار أن يولد في صيف 1946 في «جمهورية مهاباد» التي أعلنها الأكراد يومها على الأرض الإيرانية. وكان والده الملا مصطفى قائد القوات المسلحة في تلك الجمهورية التي اختفت قبل أن تطفئ شمعتها الأولى. سيغادر الملا مصطفى أرض الجمهورية المهزومة مع مئات من المسلحين. سيمشون مئات الأيام قبل الوصول إلى أرمينيا في الاتحاد السوفياتي، بعد اشتباكات خلال المسيرة مع دوريات الحدود الإيرانية والتركية. وفي العراق سينتظر مسعود 11 عاماً ليتاح له أن يرى والده العائد بعد ثورة 1958 العراقية.

تخرج مسعود من مدرسة المرارات. في 1970 كان إلى جانب والده الذي طلب منه استقبال شاب وافد من بغداد. وكان اسم الشاب صدام حسين. السيد النائب. وانتهت الزيارة بعرس بيان مارس (آذار) 1970 الذي منح الأكراد حكماً ذاتياً. ولن يدوم العرس طويلاً. في السنة التالية استقبل الملا مصطفى وبحضور مسعود وفداً جاء من بغداد. فجأة انفجر الوفد وسقط قتلى وجرحى وشاءت الصدفة أن ينجو الملا مصطفى لوجود موزع الشاي بينه وبين العبوة المزروعة حول خصر أحد الزوار.

درس آخر في الجغرافيا. في 1975 وقّع شاه إيران وصدام حسين اتفاق الجزائر بعد جهود بذلها هنري كيسنجر. أوقفت طهران دعمها للأكراد فانهارت ثورتهم وتكشفت أهوال مآسيهم. وحين مات الملا مصطفى مهزوماً في غربته الأميركية لم يكن أمام مسعود غير العثور له على قبر موقت في إيران بانتظار إعادته إلى مسقط رأسه.

أصدر عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى حكماً قاسياً على الأكراد. وزعهم على أربع خرائط هي العراق وإيران وتركيا وسوريا. ومنذ ذلك التاريخ صار الأكراد في عهدة محكمة الجغرافيا. وتقول التجارب إن أحكام التاريخ قابلة للنقض أو المراجعة أو التصحيح، لكن أحكام الجغرافيا لا تتزحزح. تختلف الدول الأربع على ملفات كثيرة، لكنها تتفق على الأقل في ملف وحيد هو معارضة قيام دولة كردستان.

ما شهدته العقود الماضية بالغ الدلالات. يتغير اسم الحاكم في هذه الدول الأربع، لكن سياستها حيال حلم الأكراد لا تتغير. كل شيء ممكن إلا الأكراد. ثمة مفارقة في هذا السياق. قد يدعم حاكم الأكراد في بلد مجاور ويستخدمهم ورقة لإضعاف النظام الذي يعيشون في ظله. تفهمه للظلم اللاحق بهم هناك لا يؤثر أبداً على رفضه أي تغيير جدي في أوضاع الأكراد المقيمين في دولته.

دعمت إيران الشاه أكراد العراق ضد نظام صدام. ثم تخلت عنهم. ودعمت إيران الخميني أكراد العراق مجدداً، وها هي تتخلى عنهم لأن طهران صارت حاضرة في بغداد وقرارها. دعمت طهران أيضاً «حزب العمال الكردستاني» لاستنزاف تركيا، لكنها لا تبدي أي تساهل حيال تطلعات الأكراد الإيرانيين. سوريا حافظ الأسد دعمت أكراد العراق و«حزب أوجلان» لاستنزاف صدام وتركيا، ثم تخلت عنهما، وها هي سوريا بشار الأسد تستعد لمواجهة غير بسيطة مع أكرادها. قبل سنوات قال رجب طيب إردوغان في أربيل إن الزمن الذي كان يمكن فيه إنكار وجود الأكراد ولى إلى غير رجعة. لكن تركيا لا تتساهل مع أكرادها سواء كان رئيسها الجنرال كنعان افرين أم رجب طيب إردوغان.

على مدى ربع قرن حاول مسعود بارزاني طمأنة بغداد وطهران وأنقرة ودمشق. قال إن تجربة كردستان العراق ليست أنموذجاً مطروحاً للتعميم في الدول الأخرى. نصح هذه الدول بتحسين أوضاع الأكراد المقيمين في أراضيها. شجع إردوغان على فتح باب الحوار مع سجين اسمه عبد الله أوجلان. لكن التجارب أظهرت أن الدول الأربع غير قادرة على القبول بالحد الأدنى الذي يشترط الأكراد الحصول عليه للإقلاع عن الشعور بالظلم والتحرك لإزالته.

كلما لفظ زعيم كردي كلمة الاستقلال تحرك خط الزلازل. تستيقظ محكمة الجغرافيا لتذكير الأكراد بالحكم المبرم الصادر بحقهم. إيران أرسلت قاسم سليماني ناصحاً ثم محذراً وأغلقت أجواءها أمام الرحلات من الإقليم وإليه. سبقت ذلك مناورات لجيشها على حدود الإقليم. تركيا مددت تفويض عسكرييها القيام بعمليات خارج الحدود وأسمعت بارزاني صوت مناورات جيشها.

جديد المشهد هذه المرة التعاطف الدولي مع بغداد لا مع الأكراد. أميركا والدول الغربية حريصة على عدم تشتيت الانتباه عن الحرب على «داعش». حريصة أيضاً على عدم تهديد حظوظ حيدر العبادي في البقاء في منصبه بعد الانتخابات النيابية العراقية في الربيع المقبل.

لا يحتاج بارزاني إلى من يذكره بوطأة الجغرافيا وهديرها. لكنه رفض التراجع. ربما لأنه يئس من التفاهم مع بغداد ومن نصائح الأطباء الدوليين. وربما يريد إعادة تسجيل الحق في الاستقلال لدى أجيال جديدة من الأكراد ولدى أجيال جديدة من الحكام في العالم. إنها أزمة مكونات داخل العراق. وأزمة مكونات داخل الشرق الأوسط الرهيب. للفرس دولتهم. وللأتراك دولتهم. وللعرب دولهم. لكن أكثر من ثلاثين مليون كردي يعيشون بلا دولة. وكلما لفظ زعيم لهم كلمة استقلال تحرك خط الزلازل.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2  نصير شمة قبل وبعد «الدال»!  طارق الشناوي

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
 

لا يزال هذا الأمر يُثير التساؤل، هل يحق لعازف العود العراقي الموهوب نصير شمة أن يُمنح درجة الدكتوراه في أسلوبية العزف، بينما هو قد تقدم فقط لنيل درجة الماجستير؟

إنه سؤال حار فيه حتى المتخصصون؟ الدكتور صلاح فضل، أستاذ الأدب والنقد رئيس لجنة المناقشة، قال إن هذا النظام معمول به في عدد من الجامعات الغربية، وبخاصة الإسبانية التي شارك هو فيها على مدى أكثر من عشر سنوات، كما أضاف، أن لجنة المناقشة أوصت بذلك ولم تقرر، ومن المؤكد أن مسيرة نصير الفنية تدفعنا إلى الإشادة بإبداعه، لكن الأمر هنا لا علاقة له بإنجازاته بصفته عازفاً ماهراً.

دعونا نفتح الدائرة أكثر، ونفكر معاً بصوت مسموع، هل الفنان في حاجة إلى الحصول على درجة الدكتوراه، بينما هو من الممكن أن يصبح مصدراً لدراسات للحصول على الدكتوراه؟ الرسالة استندت إلى ثلاثة من الموسيقيين الكبار شوبان البولندي، ورياض السنباطي من مصر والمطرب ناظم الغزالي من العراق، الثلاثة قطعاً لم يحصلوا على الدكتوراه، بل لم يكن الموسيقار الكبير رياض السنباطي يكتب النوتة الموسيقية، إلا أنه استطاع أن يقدم لنا أروع الألحان، حتى إن «الأطلال» لأم كلثوم صارت هي قصيدة القرن العشرين.

أم كلثوم أعظم صوت عرفه الوطن العربي، لم تحصل على أي قسط من الشهادات، لكنها امتلكت قدراً كبيراً من الثقافة، عباس محمود العقاد حصل فقط على الابتدائية، فريد الأطرش واحد من أهم ملحني ومطربي وأيضاً عازفي العود في عالمنا العربي، لم يكن في حاجة إلى شهادة تؤكد إجادته في المجالات الثلاثة مطرباً وملحناً وعازفاً، لقد بلغ نجاح فريد وهيام الجماهير به أنه في عدد من الحفلات كان حريصاً على أن يسبقه عوده إلى خشبة المسرح، المفاجأة أن الجماهير كانت تصفق فقط للعود خمس دقائق متتالية.

حلم الحصول على الشهادة، كان ملهماً لمسرحية «أنا وهو وهي»، هل تتذكرون شخصية «دسوقي أفندي» التي كانت بداية انطلاق عادل إمام على خشبة المسرح مطلع الستينات، وتلك اللازمة الشهيرة «بلد شهادات صحيح»؟ سوف أنعش ذاكرتكم، كان دسوقي يعتبر نفسه واحداً من جهابزة القانون، رغم أنه لم يحصل سوى على مؤهل دون المتوسط، بينما المحامي الشهير الذي أدى دوره فؤاد المهندس يستحوذ عل كل شيء، النجاح والفلوس، وهكذا ظل نداء «بلد شهادات» يتردد، على لسانه طوال أحداث المسرحية، كلما شعر بأنهم يهضمون حقه، لقد تغير الزمن عن أيام «دسوقي أفندي» فصار البعض يدفع مقابلاً مادياً للحصول على درجة دكتوراه وهمية.

نصير شمة عرفته شخصياً في نهاية الثمانينات في بغداد، وبعد ذلك انتقل إلى تونس بضع سنوات حتى جاء للقاهرة، وأسندت إليه مسؤولية الإشراف على بيت العود بدار الأوبرا المصرية، لتعليم النشء العزف على العود، وقدم الكثير من الابتكارات أتاحت لذوي الاحتياجات الخاصة القدرة على العزف. إنه ليس مجرد عازف ماهر، لكني اعتبره يمثل حالة استثنائية، يملك ابتكاراً ووعياً وإضافة خاصة، وأسلوباً مميزاً، كما أنه حافظ على تلك الآلة الشرقية من الاندثار، وسط هوجة تقتلع كل الجذور، ربما كان نصير حقاً، وطبقاً لما انتهت إليه لجنة المناقشة، يستحق برسالة الماجستير درجة الدكتوراه، إلا أنه بالنسبة لي وأيضاً لعشاق الموسيقي، سيظل في هذا الجيل قبل وبعد حرف الدال، المبدع الأول للعزف على العود في عالمنا العربي.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3  استفتاء كردستان وحرب الإرهاب

 

 حسن ابو هنية

 

الراي الاردنية
 

منذ انهيار الجيش العراقي في حزيران 2014 وسيطرة تنظيم «داعش» على الموصل والذي استدعى تشكيل التحالف الدولي لطرد التنظيم، عمل الأكراد على استثمار الأوضاع الاستثنائية بتحقيق حلم الاستقلال من خلال مدخل الحرب على الإرهاب نظرا لدورهم الفاعل كشريك موثوق في الحرب على تنظيم الدولة حيث وسع الأكراد من سيطرتهم العسكرية لتشمل تقريباً جميع الأراضي التي تقع في دائرة اهتمامهم ومشروعهم الاستقلالي.

 

كان واضحا منذ البداية أن الأكراد نظروا إلى مسألة صعود «داعش» كفرصة وتهديد، فقد كانوا على ثقة بتضامن المجتمع الدولي ضد تهديد تنظيم «داعش» وانهاء دولته، كما كانوا يدركون أن «داعش» فرصة يمكن استثمارها في تحقيق استقلال الإقليم، ذلك أن خريطة عراق ما بعد الاحتلال أصبحت قابلة للتغيير، الأمر الذي دفع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان في مطلع حزيران 2017 في ذروة مواجهة «داعش» إلى الإعلان عن إجراء استفتاء على استقلال الأكراد في 25 ايلول لا يقتصر داخل حدود كردستان، بل سيشمل المناطق المتنازع عليها التي يتواجد فيها أكراد، والتي تقع حالياً تحت سيطرة الميليشيات الكردية، والتي من المنتظر أن تصبح دولة كردية مستقلة.

 

إن الخطوات نحو الوصول إلى تقرير المصير بشكل كامل ستكون صعبة وبطيئة، لكن المؤكد أنها ستعمل على تأجيج الانقسامات العرقية في بعض المناطق، وسوف تفتح المجال أمام تنظيم «داعش»، ومن الممكن أن تضع الأحزاب السياسية الراسخة في حكومة إقليم كردستان في مواجهة بعضها البعض، فإذا انضمت مدينة كركوك متعددة الأعراق إلى حكومة إقليم كردستان من خلال أغلبية ضئيلة من الناخبين، قد تكون النتيجة حالة من عدم الاستقرار.

 

على الرغم من الادعاء الدولي بتفهم الحقوق التاريخية المشروعة للأكراد في تقرير مصيرهم، لكن ذلك لم يغير من واقع رفض العالم لقيام دولة كردية مستقلة وفي أحسن الأحوال القول بأن الوقت غير مناسب لاستفتاء الاستقلال، وتقوم الحجج الدولية والاقليمية وحتى المحلية العراقية الرافضة للمشروع الاستقلالي الكردي على أن خطوة كردستان سوف تهدد الاستقرار وتجلب الفوضى من جهة وتعمل على تعطيل جهود مكافحة والحرب على الإرهاب.

 

في حقيقة الأمر إن خطوة الاستفتاء على استقلال كردستان سوف تعزز الانقسامات العرقية الإثنية والدينية المذهبية في العراق، وهي تشير إلى أن صيغة عراق ما بعد الاحتلال وصلت إلى طريق مسدود بتحول العراق إلى دولة مليشيات طائفية شيعية كما يؤكد الأكراد وبرزاني دوما، وكما يؤكد العرب السنة باستمرار، فإذا تجاوزنا قدرات تنظيم «داعش» العسكرية الذاتية التي تطورت على مدى سنوات ومراكمة الخبرات، فإن قوة التنظيم الحقيقية ترتكز إلى أسباب موضوعية.

 

وفي مقدمتها الشروط والظروف السياسية لعراق ما بعد الاحتلال، التي تتمثل بـ»الأزمة السنية»، حيث جرى إقصاء وتهميش السنة من العملية السياسية مع بروز «المسألة الطائفية»، وهيمنة الحكومة الدكتاتورية بمكوناتها الشيعية، وما حدث في معارك المدن السنية برز مرة أخرى في معركة الموصل حيث الاحتفالات المذهبية الشيعية والرايات الطائفية والأهازيج الكربلائية.

 

إن الأزمة السنية توشك على الانفجار، نظرا لغياب تصورات سياسية واضحة حول إدارة الموصل والمدن السنية، وعدم وجود خطط عملية وموارد ومخصصات مالية للتعامل مع مسألة إعادة الإعمار وعودة النازحين، وعلى الأرجح لن تستطيع الحكومة العراقية الوفاء بوعودها للمحافظات السنيّة المدمرة وسوف تتفاقم أزمة الثقة الحادة بين المكونات السنية والشيعية، فالمعركة الحقيقية تبدأ مع انتهاء العمليات العسكرية، حيث تبرز مرة أخرى الجدالات والمطالبات دون حلول جذرية لعراق منقسم لا يزال بعيدا عن الحداثة السياسية وغارقا في الانقسامات الطائفية والإثنية، وخاضع للهيمنة الإقليمية والدولية.

 

في هذا السياق فإن خطوات كردستان نحو الاستقلال تجعل من العراق دولة شيعية بامتياز، وفي ظل غياب أي عملية سياسية حقيقية لادماج العرب السنة، فإن عودة تنظيم الدولة لن تطول، حيث لن يجد التنظيم صعوبة في بناء تحالف سني مع قوى وفعاليات وحركات عراقية على أسس هوياتية دينية، والظهور كدرع فعال في حماية وصيانة الهوية السنيّة الممتهنة بفعل سياسات إيران الطائفية، ورعايتها لسادة العراق الشيعة الجدد من المالكي إلى العبادي.

 

خلاصة القول إن الاستفتاء الشعبي يمهد الطريق نحو استقلال كردستان نظريا، لكن الاستقلال الفعلي يتطلب جملة من الشروط الذاتية والموضوعية لا تتوفر حاليا، في ظل معارضة دولية وإقليمية ومحلية واسعة، ولعل الخطر الأكبر في الإصرار على الاستفتاء هو بروز اختلال صيغة عراق ما بعد الاحتلال والتسليم بهويتها العراق الشيعية، الأمر الذي سيعمل على انفجار الهوية السنية وصعود «داعش» أخرى، وهكذا تختلط حروب الإرهاب بحروب الهوية وسط غياب أي مشروع ورؤية سياسية مغايرة للهويات ليس في العراق فحسب بل في مناطق عديدة توشك على الانفجار تحت وقع حرب الإرهاب الذي بات في مرحلة «داعش» يرتبط بموضوعة الهوية.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  الاكراد ينتحرون وينحرون العراق؟

 

 طلال سلمان

 

 

 الراي اليوم بريطانيا
  

يمضي رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود برازاني في مشروعه التقسيمي بإعلان انفصال هذا الاقليم عن دولة العراق، وهو بعضها، ليكون “دولة ذات سيادة” برغم الاشكالات والتعقيدات الكثيرة التي تعترض هذه الخطوة المتسرعة والتي ستنعكس سلباً على العراقيين جميعاً، عرباً وكرداً، كما على جوار العراق، وبالذات على كل من إيران وتركيا وسوريا، وان بنسبة أقل.

صحيح أن حلم “الدولة” يعيش في وجدان الاكراد، الذين كانوا دائماً اشقاء حقيقيين للعرب، تاريخهم مشترك، وبعض أبرز الابطال في التاريخ العربي ـ الاسلامي هم من الاكراد، ولهم موقعهم المميز في الوجدان العربي.

ومن حق الاكراد، من حيث المبدأ، أن يتطلعوا إلى “كيان” سياسي لهم، لكن الصحيح ايضاً أن العراق وحده قد لبى هذه الرغبة، فقرر العهد الجديد ـ ما بعد الاحتلال الاميركي واسقاط صدام حسين ـ أن يكون للأكراد في الشمال العراقي استقلالهم الذاتي داخل الجمهورية العراقية… وتجسد القرار باختيار رئيس كردي للدولة العراقية (جلال طالباني ثم معصوم) وتولية العديد من الاكراد مناصب سامية في الحكومة أبرزهم وزير الخارجية لفترة طويلة ثم وزير المالية هوشيار زيباري (وهو خال البرازاني).

على أن التطلع إلى الدولة يصدم برفض يتجاوز العراق إلى دول الجوار، تركيا وايران، اساساً، ثم سوريا.. هذا قبل الحديث عن الدول الكبرى، التي لم ترحب أي منها، حتى الولايات المتحدة الاميركية، بهذا القرار.

ومما يعقد الامر أن مسعود برازاني قد وضع يده على كركوك، وأجلت قواته عنها الآلاف من سكانها العرب، وقرر اعتبارها كردية طمعاً بثروتها النفطية التي قد تخفف عنه حدة العوز.

أن اعلان استقلال كردستان، في هذه اللحظة، هو بمثابة اعلان حرب على بغداد، المنهكة بتركة صدام وبحربها ضد داعش وبفساد الحكومات التي تعاقبت على السلطة فيها في الاعوام الاخيرة.

وليس من بشائر الاخوة أن يقرر البرازاني، من طرف واحد، قراره بالاستقلال عن عراق يحاول اعادة بناء دولته المتصدعة والتي تتآمر عليها اطراف عديدة، عربية واجنبية، لتمنع عودتها إلى الحياة والى دورها الحيوي بل والضروري الذي يحتاجه العرب كما الكرد وسائر اطياف الشعب العراقي.

أن قرار البرازاني، إذا ما تم تنفيذه، سيفتح جبهات حروب عدة على الاكراد، ليس في العراق وحده، بل من مجمل جيران العراق الذين طالما تعاملوا مع الكرد بعنصرية وفوقية، اولهم وأخطرهم تركيا.

كذلك فان ايران لن ترحب بمثل هذه الخطوة التي قد تحرك اكرادها..

اما الاميركيون الذين لم يرحبوا بقيام مثل هذه “الدولة” فانهم قد يستفيدون منها بقدر ما تضعف دولة العراق الطامحة إلى السيادة والاستقلال وإيران ذات الدور الخطير في المنطقة، فضلاً عن تركيا التي تقتل الاكراد كل يوم.

مع التمني بأن يراجع مسعود البرازاني حساباته…

يكفي العراق المصائب التي ضربته فكادت تدمر وحدة شعبه وتهدد دولته بأن تصبح دول الطوائف، ولا دولة!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5  الخلاف الامريكي الكردي ليس على اقامة الدولة بل على خلفية صادمه للاكراد والدولة الكرديه رهنا بدعم سياسي روسي لأمريكا

 

 فؤاد البطاينة

 

 

 الراي اليوم بريطانيا
  

ان كل ما كتب في اطار قرار كرد العراق في الاستفتاء للانفصال كان نمطيا يقوم على المعطيات التي توضع وتطرح وتنشسر من تصريحات ومواقف واراء ، وجر الاخرين للتفكير النمطي كوسيلة معروفة لتضليل الناس واخفاء الحقائق الأهم التي يمكن استنتاجها والتركيز عليها فيما لوكانت المعطيات اوالمقدمات مختلفة . وقد شاركت في هذا التفكير النمطي بمقال حين ناقشت  موضوع حق تقرير المصير على أنه حق يمارسه صاحب الحق بالسيادة على الارض ، وهو  في المثال الكردي لكل الشعب العراقي بمحافظاته وليس لسكان الاقليم وحدهم ولكنهم يستمرون باجراء الاستفتاء . وتاليا محاولة لمعرفة السبب وراء ازمة القرار الكردي وما يحمله من حقائق خطيره.

أفترض هنا أن أهمية القرار والسلوك الكردي ومخاوفه في العراق وسوريا تكمن في السبب وراء الاصرار على توقيته رغم علم القيادة التركية بأنه توقيت يجافي المنطق من حيث سلبياته على الحرب الدائره ضد الارهاب في سوريا والعراق ، ومن حيث سلبياته على علاقة الكرد مع الدول المجاوره والعالم ، بل وبما ينظوي عليه التوقيت من مجازفة بفكرة الدولة الكردية في مهدها . فالتوقيت المبكر الذي يصر عليه الأكراد وهم يعرفون خطأه وأخطاره لا بد وأن يكون له اسبابه وموجباته عندهم حتى أصح موقفا . والفكرة هنا أن تلك الأسباب لا بد وأن تكون ضاغطه للتمسك بالتوقيت او سرعة الانفصال وأنها تكشف الكثير عن الملعوب السياسي في المنطقة.

علينا اولا أن نضع في حساباتنا أن الدولة الكرديه في العراق مشروع أمريكي قائم منذ عقود ولا تقايض عليه . ومشروع حيوي جدا لاسرائيل تسهم في بنائه لبنة وراء أخرى . وقد أسس بريمر لهذه الدولة في اقليم كردستان وانتقلت اليه امريكا واسرائيل كقاعده غير معلنه . والبرزاني يعلم بأن قيام دولته مسألة وقت يقرره الامريكان . فأمريكا عندما وقفت ضد قرار الاستفتاء لم يكن هاجسها وحدة اراضي العراق ، ولا  مجرد توقيت القرار الكردي . بل في طبيعة وجغرافية الدولة الكردية التي تريدها . . وقد عبرت أمريكا بوضوح عن موقفها  في مؤتمر السليمانيه الاخير . أما موقف اسرائيل من الاستفتاء فعلاوة على انه مرتبط بخلق مقاربة فاسده في ممارسة حق تقرير المصير فهو في سياق دور مزايد  يضبطه الدور الأمريكي . وحصل ذلك بقرار مجلس الأمن الأخير.

 القرار الكردي في الاستفتاء الأن والتحفظ الامريكي بالذات عليه يقوم على خلفية معلومة وصلت القيادة الكردية من تحت الطاوله وهي أن كركوك لن تكون ضمن الدولة الكردية القادمه ضمن اعادة هيكلة المنطقه جغرافيا وسكانيا ولا أدنى شك بأن هذه المعلومة قد وصلتها من اسرائيل . وهنا تصادمت المصلحه الكرديه العليا مع مصلحة امريكا  في  هدفها بجعل الدولة الكرديه دولة ربيبه اوعميله puppet state معتمدة على امريكا اقتصاديا وماليا وعسكريا وامنيا لتكون دولة دور ولاهثة دائما لتنفيذه . وكما مرر أكراد العراق الى كرد سوريا أن الخارطة المقبله لن يكون فيها دولة لهم  في سوريا ، ولا في تركيا او ايران . وهذا يفسر أيضا انفراد اكراد سوريا عن باقي مكونات السوريين في المباشره بتفصيل وضع سياسي انفصالي لهم في سوريا مستغلين حاجة الامريكيين لهم في هذا الظرف الميداني العسكري.

فالموقف الامريكي الصريح من الاستفتاء كما وصل الاكراد صراحة هو ” أن امريكا لا تمانع في اجراء الاستفتاء في المحافظات الكرديه الثلاثه فقط وأن لا يمتد ليشمل كركوك وما حولها . وإن على الأكراد اخضاع المسأله للحوار وإن اصروا فلن يلقون الحمايه من النتائج ” انتهى . فالقرار الكردي يمثل رفضا لقرار امريكا باستثناء كركوك من الدولة الكردية المزمعه واستباقا لقرارات واجراءات ومواثيق دوليه لا حقه ، والأكراد يعلمون بأن دولتهم بلا نفط كركوك تجعلهم أسرى سيساسيا واقتصاديا لأمريكا وغيرها وتجعل من دولتهم دولة دور الى زوال . وما يحتاج الى تفسير هنا هو موقف الشعب الكردي من الأهداف الصهيو امريكية ، وموقف الحكومة العراقية الذي لم يرق لمواقف دول مجاوره ، ومواقف الدول العربية التي لم ترق لمواقف الدول الاوروبية .

الا أن هذه الدولة البرزانية  لن تقام على قاعدة مستقرة الا بدعم سياسي روسي لأمريكا مسبقا او لا حقا . فتركيا وايران هما المستهدفان من هذه القاعدة الصهيونية المتقدمه بالدرجة الأولى في اطار الخارطة الجديده للمنطقه ، وهما القادرتان على خنق هذه الدوله وجعلها سرابا وهما اللتان لا تستطيعان الاستغناء عن كلا الدولتين الكبرتين معا في آن واحد . والشعب العربي وليست الأنظمة العربيه هو المتضرر العاجز عن فعل شيء ، وقضيته الفلسطينية هي التي سيزداد التكالب عليها . فنحن العرب في النهاية ننظر الى طبيعة الدولة الكردية ومرجعيتها وتحالفاتها . وليس لنا أي تحفظ على دولة كردية في اطار قضية كردية واحدة في أماكن تواجدهم التاريخي.

في المحصله على الدول العربية أن تفهم بأن الازمة الكردية الحالية محلها بين امريكا والكرد هي كركوك  وليست فكرة الدولة . وعنوانها للعرب هو جدية مخطط تقسيم المنطقه، وأن قيام تلك الدولة مسأله تتجاوز خطر تقسيم العراق او سلخ جزء من اراضيه الى زرع  قاعده اسرائيلية امريكية متقدمه باسم الكرد في المنطقه في مواجهة تركيا وايران وضابطه على الدول العربية.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6  

كردستان وكتالونيا.. وحمّى الانفصال

 

 عبد الوهاب بدرخان

 

 

 الاتحاد الاماراتية
  

قد تبدو موجة عابرة، أو حتى عدوى، وهي ليست كذلك. أن تكون كتالونيا الإسبانية وكردستان العراق في الواجهة، وفي وقت واحد، وباستفتاءين على الاستقلال في موعدَين متقاربَين، هذا يشير إلى أجندة قومية كامنة وعميقة، لكنها معروفة. تتوزّع الأسباب تبريراً لهذه النزعات بين الاقتصاد والسياسة، وهما مترابطان. الاقتصاد أولاً، إذ يربط كثيرون بين تصاعد مشاريع الانفصال في أوروبا وانعكاسات الأزمة المالية عام 2008، فالأقاليم الراغبة في الانفصال والاستقلال إمّا أن سكانها يشكون من توزيع سيء للثروة الوطنية يعود عليهم بالغبن والنقص في التنمية، أو أنهم يشكون من أنهم لا يتمتّعون برفاهية تتناسب مع مساهمتهم العالية في اقتصاد البلاد. في الحالتين يأتي الاعتبار السياسي القومي ليضفي المطلبية الملائمة، مستنداً إلى تجانس إثني أو عرقي، أو إلى رواسب تاريخية إذ ينبغي التذكير بأن تجميع القطع لتوحيد البلدان الأوروبية الكبيرة، ومنها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، لم يتمّ دائماً بالتراضي بل احتاج أحياناً للحزم والقوة، كما الباحثون في أوروبا إلى محاولات التمايز وطموحات الانفصال لم تخمد رغم القوة التي اكتسبتها الدولة الموحّدة.

 

 

في استعراض للخريطة يتبيّن أن الظاهرة الانفصالية موجودة في عشرات البلدان، إلا أن الانتقال إلى تفعيلها بدا متاحاً في المرحلة الراهنة في حالتين، إما في دول منظمة (كتالونيا، اسكتلندا، شمال إيطاليا..) تسمح قوانينها بطرح مثل هذا الخيار بمعزل عن إمكان نجاحه، أو في دول تعاني الفوضى والتفكّك، وفقاً للتوقعات بالنسبة للعراق وسوريا فضلاً عن ليبيا واليمن. وتختلف قضية كردستان في كون الأكراد حاولوا باستمرار إنشاء دولتهم، لكنهم خرجوا وحدهم خاسرين من توزيع الدول الكبرى تركةَ الدولة العثمانية، غداة الحرب العالمية الأولى، بين أقوام الشرق الأدنى، وكان أن تفرّقوا بين دول أربع ويجدون اليوم أن الظروف الدولية وانهيار الدولة في العراق وسوريا فرصة تاريخية لإحياء حلم دولتهم وتبدو لهم متاحة بدءاً بكردستان العراق مع احتمال التواصل جغرافياً مع أكراد شمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا وشمال غربي إيران. لم تكن أحوال الأكراد متشابهة في كلٍّ من هذه المواقع، لكنها كانت صراعية ومضطربة عموماً، وبقدر عنف القمع والاضطهاد زادت العصبية القومية للأكراد.

قبل ثلاثة أعوام أخفق استفتاء أسكتلندا في وضع استقلالها على السكّة، لكن تصويتها بعد عام مع البقاء في الاتحاد الأوروبي خلافاً للتصويت في إنجلترا أعاد المسألة إلى جدول أعمالها. تعتبر كتالونيا، كما أسكتلندا، وبأرقام واضحة، أن ما تضخّانه في الاقتصادَين الإسباني والبريطاني لا يعود عليهما بالبحبوحة التي يتصورها سكانهما. لعل أهم الأسباب التي رجّحت في سبتمبر 2014 ميل المستفتين الأسكتلنديين إلى البقاء في بريطانيا أن الحكومة المركزية في لندن قامت بدور حيوي في إظهار الخسائر المحتملة للانفصال، وهو ما لم تفعله حكومة مدريد أو حاولت ولم تنجح. لذلك بنى الكتالونيون قضيتهم على معطيات اقتصاد الإقليم الذي يملك مقوّمات مالية وصناعية وسياحية تمكّنه من توفير خُمس الناتج المحلي، لكنهم بنوها أيضاً على توقّعات غير واقعية لتعامل الاتحاد الأوروبي مع استقلالهم.

 

هنا يختلف أيضاً إقليم كردستان العراق بأنه مثقل بالديون، واقتصاده ضعيف وموارده محدودة. لكنه قد يلتقي مع كتالونيا وحتى مع أسكتلندا في أمور أربعة على الأقل. أولاً، أن ما حصّلته من مقوّمات كان بجهدها، لكن خصوصاً لوجودها في دولة اتحادية أو مركزية، ولا شك أن الانفصال سيبدّل المعادلات ما لم يتمّ بالتوافق مع الدولة وبمواثيق دقيقة للتعاون، وإلا فإن سلبية الدولة تجاه الكيان الناشئ قد تأتي بنتائج عكسية. ثانياً، أنها لا تكترث لتداعيات الانفصال وتعتبر أنه يدعّم استقرارها الاقتصادي واستقلالها السياسي بمعزل عن جوارها المباشر أو القريب. ثالثاً، أنها تعتقد خطأً أنه بالإمكان تحقيق أحلام تاريخية دون أن تأخذ باعتبارها المتغيّرات المستجدة على أحوال الدول والشعوب. ورابعاً، أن تجاهلها للتصدّعات التي قد يحدثها الانفصال من شأنه أن يدفع الدول المتضرّرة إلى إجراءات استثنائية، فما لوّح به رئيس الوزراء الإسباني لمنع استفتاء كتالونيا لا يختلف عملياً عما هدّد به نظيره العراقي إزاء الاستفتاء الكردي، بل إن حال كردستان أكثر خطورة إذ تبدو تركيا وإيران والعراق مصمّمة كلها على مواجهة هذا الانفصال بأي وسيلة، أسوأها الحرب وأبسطها إغلاق الحدود لعزل الإقليم.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7  أكراد العراق.. والخيارات الثلاث

 

 

علي الدربولي

 

 الراي اليوم بريطانيا
  

يتركز الاهتمام الدولي الآن حول أكراد العراق الذين يمهدون لدولة مستقلة عبر استفتاء حددوا موعده بتاريخ 25/9/21017م . صدرت مواقف دولية واقليمية حول هذا الاستفتاء، توزعت بين التأجيل و الرفض، والموافقة والتشجيع.

عموم المواقف الدولية من الاستفتاء:

– رفض عراقي وتركي وإيراني بارز عبرت عنه: بيانات وتصاريح سياسية، وتحركات عسكرية على الحدود، إضافة إلى إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام إقليم كردستان بناء على طلب العراق، ولا تزال الردود والمواقف تتالى، من غير أي مفاجأة متوقعة بخصوص تأييد الاستفتاء… كانت المبادرة الدولية بتأجيل هذا الاستفتاء لمدة محددة، هي أبرز مقاربة سلمية لموضوعه، على أمل إرضاء الطرفين، إلا أن خطابين بارزين لرئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” ورئيس إقليم كردستان “مسعود البرزاني” كانا قد حددا يوم أمس  المواقف النهائية من الاستفتاء: رفض عراقي قاطع. إصرار كردي قاطع .

*المخاوف العراقية، الداعية إلى رفض الاستفتاء، عبر عنها رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” في خطاب له متلفز بتاريخ 24/9 حيث قال:

” العراق لكل العراقيين” كما قال: ” مع اقتراب الانتصار على داعش يتعرض العراق إلى محاولات التقسيم على أساس قومي وعرقي”

*مخاوف تركيا: عبرعنها مجلس الأمن القومي التركي، الذي صدر عنه بيان يلخص  الموقف التركي الموحد رفضا للاستفتاء كما يلي:

“الخيارات الأمنية والسياسية والاقتصادية مفتوحة”

*المخاوف الإيرانية على هامش إجراء الاستفتاء: ترجمت من خلال إجراء مناورات عسكرية على حدود إقليم كردستان ، ومن خلال إعلان إيران على لسان عسكرييها: أنها ستحول دون نشوب حرب أخرى في المنطقة، والقيام بإغلاق المجال الجوي مع إقليم كردستان بناء على طلب عراقي، كما قالت. كل ذلك قبل يوم واحد من حصول الاستفتاء.

*موافقة وتشجيع إسرائيليين غير مفاجئين، ومن غير مخاوف ظاهرة، نظرا للعلاقة التاريخية بين من يطالب بالاستفتاء من الكورد على الانفصال عن العراق، و(إسرائيل).

خلفية الشجاعة السياسية الكردية :

بشجاعة وأصرار يتقدم كورد كوردستان باتجاه مخالفة العالم، وإجراء الاستفتاء. فقط تشجعهم دولة ليست لها حدود رسمية معترف بها حتى اللحظة. هي (إسرائيل). (إسرائيل) تقوم قبل أيام بقصف صاروخي لمواقع تقع بالقرب من مطار دمشق الدولي، مخالفة القواعد الدولية. لكنها بذلك تضمن تغطية غير معلنة من قبل “أميركا” المتواجدة عسكريا في جنوب شرق سورية، على مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية. وهي إذ شكلت وتشكل المجسّ السياسي والعسكري على وجه الخصوص في المنطقة لأميركا، فإننا نرجح أن تكون هذه قد منحتها تغطية غير مباشرة لموقفها المشجع للاستفتاء الكردي –الانفصالي عن العراق. أليس هذا ما تسعى إليه (إسرائيل) وما تريده أميركا للمنطقة ضمانا لمصالحها ومصالح (إسرائيل) عبر ذلك؟ ثم هل يكون وجود أميركا في سورية مرهونا بالقضاء على داعش، أم لها أهداف أخرى؟ يقول اليوم  وزير الخارجية الروسي “لافروف”:

“القضاء على الإرهاب ربما لا يكون الهدف الوحيد لأميركا في سورية”

الهدف الأميركي الثاني، استقراء، هو حجز منطقة شمالي نهر الفرات في شرق وشمال شرق سورية حتى الحدود السورية مع تركيا، وعلى امتدادها شمالا، والحدود السورية مع العراق شرقا، لصالح الأكراد، بعد أن عملت أميركا  على تغيير ديموغرافي عبر قصفها للمناطق الآهلة بسكانها العرب في مدينة الرقة ومناطقها الإدارية، وقد نزح منهم الكثير باتجاه دير الزور والمخيمات المقامة في ريف الحسكة، وإلى الداخل. الآن شرع الكورد السوريين عبر (قسد) ومن يتعاطف معها، إلى وضع لمسات تبشيرية للفدرلة، بهدف المطالبة بمنح أكراد سوورية كيانا جغرافيا غنيا بالثروات، يتمتع باستقلال ثقافي واقتصادي وتاليا سياسي على نهج ما ذهب إليه كورد العراق خطوة خطوة..وصولا إلى الاستفتاء تحقيقا للانفصال عن سورية؟! هذا تقدير الحد الأقصى من طموح الأكراد. فهل ينجحون؟ هنالك مخاوف، أعلنتها روسيا الاتحادية عبر تصريح وزير خارجيتها الذي ذكرناه آنفا.

إضاءة على الموقف التركي:

بالتأكيد تخشى تركيا قيلم دولة كردية في داخل جغرافيتها من جهو الجنوب والجنوب الشرقي..والخلاف متجذر، ومحاولة إعلان دولة كردية لها سابقة…قمعت تركيا كل محاولة في هذا الاتجاه، وهي تخشى من قيام دولة كردية مستقلة منفصلة في العراق، لأن ذلك يشجع أكراد تركيا وأكراد سوريا على المطالبة بحقوق سياسية تنسجم والتوجه الكردي الأعظم وهو إعلان دولة كردية في ثلاث دول بالدرجة الأولى: العراق وتركيا وسورية، مما يشكل حاجزا اقتصاديا وعسكريا وحتى اجتماعيا بين العراق وسورية، وعلى نفس المستوى تتأثر إيران ، على فرض أن أكرادها سوف ينضمون إلى الدولة الكردية المفترضة.

(إسرائيل) تسعى جهدها لتظهير هكذا دولة، بعد أن فشل الإرهاب في تقسيم سورية والعراق، فيكون التقسيم قوميا وعرقيا، كما قال رئيس الوزراء العراقي. و لكن هل تسعى (إسرائيل) ومن ورائها أميركا إلى تقسيم تركيا بنفس المستوى وعلى نفس القاعدة؟! خدمت تركيا الفوضى في المنطقة العربية والحرب على سورية، أكثر من أي طرف آخر، تنفيذا لاستراتيجية أميركية-إسرائيلية، ومعها بعض العرب…فهل من المعقول أن تكونى مكافأتها التقسيم عبر الأكراد من قبل أقرب أصدقائها (إسرائيل) وحلفائها في حلف الأطلسي؟!

منذ أكثر من عام، استبقت تركيا الأحداث، وزجت بأبرز العناصر القيادية الكردية المنتخبة في السجون بتهمة الإرهاب ومخالفة الدستور، ولم يحرك الغرب ساكنا، وأهانت بعض شركائها في حلف الأطلسي بذريعة تدخلهم في شؤونها الداخلية، على خلفية قمع الحريات الثقافية والإعلامية وزج أبرز الصحفيين في السجون، ولم تحرك أميركا ساكنا…هنالك موجة ظاهرة من عدم تطابق الرؤى السياسية لتركيا مع أميركا في المنطقة، فيحج رئيسها “أردوغان” إلى روسيا الاتحادية، ولكن ألم يحج تباعا، جميع حلفاء أميركا الخلّص في المنطقة إلى روسيا، وأولهم (إسرائيل)؟! هذا يعني أن الموقف السياسي التركي يمكن شراءه…, ولكن ضمن ثابتين: الأول عدم إدارة ظهرها إلى الغرب، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، والثاني هو ثبات الموقف الدولي من وحدتها أرضا وشعبا في ظل سياسة مركزية قوية ، لا مساومة عليها، الأمر الذي يفسح في المجال إلى خيارات بخصوص(القضية)  الكوردية، خصوصا في العراق حسب الأولويات الكوردية المعلنة، قبل أن يكون مثل ذلك في تركيا، فما هي هذه الخيارات؟:

الخيار الأول: هو نجاح الأكراد في فصل إقليم كردستان عن الدولة العراقية واستقلاله. هذا هو الخيار الذي يشكل خطرا عاما على الوحدة السياسية لكل دولة من الدول المجاورة، كالعراق وسورية وإيران وتركيا، وهذا ما يحضر المنطقة للفوضى وحرب جديدة. سوف تستثمر فيها (إسرائيل) أهدافها نحو بلوغها الهدف الأوسع (من الفرات إلى النيل) ويكون الرد عليه، واحدا من إثنين: إما الحرب فعلا، أو الحصار.

الخيار الثاني: تراجع سلطات الإقليم عن الاستفتاء في اللحظة الأخيرة، وإن حصل يمكن اللجوء إلى تغيير الهدف منه وخفض مستوى الطموح الذي كان في حده الأقصى الانفصال، إلى مستوى المطالبة بمزيد من الحقوق السياسية، والأهم بمزيد من حصة الإقليم من النفط، وربط محافظة كركوك الغنية منه بالإقليم إداريا.

الخيار الثالث: قيام الدولة المركزية في العراق بتحضير الشعب العراقي لممارسة حقه الدستوري في القيام باستفتاء على حقوق الأكراد ووضعهم الثقافي والاقتصادي، والسياسي، بحسب مواد الدستور المعمول به حاليا. وفرض النتائج على عموم الأراضي العراقية.

هنالك عوامل  مؤثرة على الحدث، أهمها العامل الأميركي:

لأميركا علاقات مع طرفي الخلاف ، الحكومة العراقية، وسلطة إقليم كردستان، وتركيا التي تنسق مع إيران بخصوص الاستفتاء…لذلك لا يمكن تصور حلا للخلاف كخيار، إلا وفيه للأصبع الأميركي بصمة… الهوى الأميركي، ولنقل مصالحه النفطية الكبرى موجودة في العراق، ومصالحه السياسية والأمنية موجودة بقوة في تركيا، لذلك أي حل يجب أن يراعي مصالح الجميع، فالعراق لا يقبل تقسيمه، وتركيا لا تقبل أن تقوم على حدودها دولة كوردية تحريضية، ومثل ذلك موقف سورية وإيران. تبقى (إسرائيل) وبرغم عدم جوارها للعراق أو للإقليم، فإنها تشجع على الانفصال، فهل تستطيع فرضه عبر أميركا؟ لو تراخت، خيفة كلفة الحرب،  المواقف العراقية والإيرانية، وحتى السورية، ومعهم الروسية، لو تراخت، لا أستبعد أن يعلن الانفصال، ولإرضاء تركيا تقوم أميركا بالتنسيق بينها وبين الدولة الكوردية الجديدة، لتكون متنفسها الاقتصادي والسياسي ، شرط ألا يثار الأكراد في تركيا باتجاه المطالبة بحقوقهم السياسية. عند هذه النقطة يمكن استخراج السؤال التالي:

 هل ستولد قبرص شمالية جديدة في العراق؟

إن أمر إعلان الحرب من قبل العراق على الدولة الكوردية لو أعلنت انفصالها، ، كدولة معنية بالدرجة الأولى، أجده أمرا مستبعدا، إذا لم تقف معها كل من إيران وتركيا. بوجود تغطية سياسية أميركية لتلك الحرب المحتملة، أو أقله غض نظر، وبرغم ذلك يبقى هذا الأمر من الأمور المستبعدة. موقف إيران أقرب إلى ذلك من تركيا، لأن مغريات تحويل الدولة الكردية إلى ما يشبه دولة شمال قبرص التركية، والتي لم تعترف فيها سوى تركيا. تبقى مغريات مؤثرة بالاتفاق مع أميركا التي ستشتري الموقف التركي، فتكون تركيا الدولة الأولى التي تعترف بالدولة الكردية ، وستكون(إسرائيل) الدولة الثانية. وجائزة ذلك بالنسبة لتركيا، كما ذكرت سابقا، سيكون تجميد نشاط الأكراد السياسي في تركيا عند حدود إدارية معينة، تابعة للسلطة المركزية، تقبل بها تركيا بمعونة أطراف دولية كثيرة، من أوروبا إلى أميركا. فهل تقف بقية الأطراف في العراق وإيران وحتى في سورية، بعد تحرير البلاد من الإرهاب، عند حدود هذا المشهد وتكتفي ، كبديل، بفرض حصار خانق على الدولة الكوردية العتيدة؟  ليخضع بدورهم أكراد إيران وسورية إلى المساواة في الحقوق بحسب دستور كل بلد، وذلك حجبا لأي  نزعة استقلالية، فدرالية كانت أو غير ذلك؟

الخلاصة:

المخطط الأميركي غير واضح بالتفاصيل، برغم وضوحه بالهدف، المتمثل بتدمير البلدان المخالفة للمشروع الأميركي في المنطقة، وتقسيمها،  لذلك على شعوب وحكومات المنطقة التي انتبهت إلى هذا المخطط، خاصة في دول محور المقاومة، أن تحزم أمرها وتتمسك بثوابتها الوطنية ، حتى ولو أدى مثل ذلك إلى تفجير حرب ما بعد الحرب على الإرهاب، لأن حديد الانتصار ما زال حاميا ففي استعجال طرقه يستقيم ويستجيب. ولا أجد أن الأكراد قد عاشوا يوما في المنطقة  العربية على هامش التاريخ. من يقرأ ، خصوصا، تاريخ سورية السياسي يضع يده على حقيقة ذلك؟!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8  هل ينجح الانفصال الكردي؟  محمد صالح السبتي

 

 الراي العام الكويتية
  

• يجري شمال العراق، اليوم، استفتاء لتقرير انفصال كردستان عن العراق لتكوين دولة كردية. ولسنا هنا مع الانفصال أو ضده، لكن لا يشك أي عاقل أن هذه الخطوة ستدخل المنطقة في دوامة جديدة، فضلاً عن الدوامات التي ندور في ساقيتها منذ فترة ولا نعرف النهاية… تركيا وسورية ترفضان قيام دولة كردية لأن النتيجة الحتمية لقيامها أن يتم اقتطاع أراضٍ منهما لمصلحة هذه الدولة، وهي الأقاليم الكردية فيها. كما أنه لا يمكن مناقشة آثار هذا الاستفتاء وما يتبعه وأثره على العراق وجيرانه والمنطقة عموما من دون الإشارة إلى ما يطرحه الأكراد من مظلومية في هذه البلاد واضهاد وإقصاء، إذ ان مناقشة أي ردة فعل لأي عرق أو شعب أو حزب من دون مناقشة سلوك الأنظمة، أمر في غاية الظلم والإجحاف، فالأنظمة اليوم لعليها المسؤولة الأولى عما يحدث في عالمنا بسبب سلوكها المشين.

 

• من يعش في هذه البقعة من الأرض – الشرق الأوسط – عرباً أو غيرهم من الأعراق فشلوا في مشاريع الوحدة كفشلهم تماماً في مشاريع الانفصال! لم ينجحوا في هذه ولا تلك، لذا فإن العنوان العريض لتأريخ منطقتنا هو «فشل المشروع»… الأمة اليوم لا تملك مشروعا أبدا. كنا في بداية القرن الماضي في القومية العربية الوحدوية وحين بان فشلها اتجهت الشعوب لـ «الإسلامية» وقد بان عجزها ثم اليوم: لا مشروع!

 

• كانت يمن واحدة ثم أصبحت يمنين، شمالي وجنوبي، ثم عادت يمن واحدة فالحرب والانهيار الذي لا أحد يعرف نتائجه إلى الآن. انفصل جنوب السودان بعد حرب اهلية دامت سنين، والآن الاوضاع في الجنوب أسوأ مما كانت عليه في السابق… تهجير وحرب داخلية ومآسٍ. البعثيون تحاربوا ما بين العراق وسورية رغم أنهم أبناء حزب واحد وقبله أمة واحدة! والقوميون توحدوا في مصر وسورية ثم كادت الحرب تقع بينهما! كان هناك مشروع وحدوي عربي واليوم كل دولة عساها تضمن سلامة مكونات مجتمعها الداخلي من الحرب!

 

• لا يمكن النظر إلى هذا الاستفتاء في شمال العراق من دون التجارب حتى لو اختلفت العرقيات، كما أنه لا يمكن أبدا إغفال مطالب الأكراد في ظل الدولة المدنية، والأهم ما قد يتبع هذه الرغبة الانفصالية إذ قد تجتمع على الأكراد ثلاثة دول… العراق وتركيا وسورية فيشهد العالم مأساة جديدة ضد عرق وهو ما يجب على دول المنطقة التنبه له وربما الاستعداد له أيضا

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9  بانتظار دولة كردية… تشبهنا

 

 

جاد يتيم

 الراي العام الكويتية
 

يتصاعد الجدل الحاد الذي يصل الى حد الشتيمة بين ناشطين وصنّاع رأي عرب وكرد، على خلفية الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس اقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، ويهدف إلى إقامة دولة جديدة في المنطقة، منذ خرائط سايكس – بيكو.

 

ورغم الخلاف السياسي الكبير بين حزب «بي ي دي» في سورية – وهو الفرع السوري لـ «حزب العمال الكردستاني» (ب ك ك) التركي – مع بارزاني، إلا ان التأييد والفرح جارف ويشمل الاكراد في سورية والعراق، وبالتأكيد في تركيا وايران بل وفي المهاجر الاميركية والاوروبية… وهنا بيت القصيد.

 

ذلك انه رغم ان انشاء كيان كردي سوري، هو ما يهدد مباشرة وحدة تركيا وأمنها القومي، وليس استقلال كردستان العراق الذي قد يهدد ايران في شكل اكبر، لكن هاتين الدولتين – مضافا اليهما العراق ونظام البعث في سورية – تخاف من ان هذا الاستقلال سيشكل دفعة من الفرح والامل ويرفع معنويات الاكراد بعدما أن يكونوا قد كسروا «تابو» اعلان دولة لطالما ناضلوا من اجلها ودفعوا اثمانا مضاعفة من التهميش والقمع، الى جانب مواطنيهم العرب في دول هذا الشرق.

 

وهنا غير مفهوم هذا التراشق بين ابناء الظلم الواحد في سورية تحديدا في شأن استقلال كردستان.

 

بالطبع يتهم الكرد، كل السوريين والعرب بأنهم ضد الاستفتاء وحقوق الاكراد في موجة تحمل الكثير من العداء العنصري الذي حولوه ضد الضحية – اي السوري والعربي المضطهد – بدل ان يحولوه الى الجلاد البعثي والديكتاتوري الذي قمعهم وباقي المكونات سواسية.

 

وفي المقابل، يركب الكثير من الثوار دعاية الانظمة التي قمعتهم برفض استقلال الاكراد وحقوقهم بدل طمأنتهم وهم مخطئون في ذلك، لأن تتالي الخطايا في التعامل مع الاكراد لطمأنتهم كان مريبا. لكن السوريين وغيرهم يتهمون الاكراد بأنهم لم يكونوا ليحلموا بتحقيق حلمهم هذا بإنشاء كيان او دولة سواء في سورية او العراق، لولا الثورة السورية التي استغلوها بداية ليأسسوا عليهم وضعهم الخاص وترتيباتهم الخاصة مع النظام وغيره من الدول – وابرزها الولايات المتحدة – ليفوزوا بأي نوع من انواع الاستقلال. والثوار السوريون محقون في ذلك، خصوصا ان كل مشروع كردي سوري ليس واضحا في اعتبار ان جزءا من تحقق حقوق الشعب الكردي يكون برفع الطغيان عن باقي السوريين.

 

وبمعزل عن هذا الجدل الذي لن ينتهي، موقفي اني لا افهم قيام دول على اساس قومي او ديني واعتبرها دولا عنصرية او مصابة بالفوبيا. ما اعتقده ان الدول يجب ان تنشأ ضمن عقود اجتماعية بين مكونات مختلفة حتى تعيش ضمن دولة قانون تحترم حقوق الانسان.

 

وهنا بالضبط ما يعنيني من اي دولة كردية قد تنشأ في منطقتنا. ذلك ان اي مساحة تتحرر من طغيان الانظمة الديكتاتورية في المنطقة وتُعلن فيها دولة ديموقراطية تحترم حقوق الانسان والحريات العامة تعتبر مكسبا مهما وخطوة في الطريق الصحيح.

 

لا اعير اهتماما لحدود الدول الحالية ولا يوهمنا أحد ان الحفاظ على الحدود هو حفاظ على سيادة دولة ما بل اتضح انه حفاظ على مساحة اكبر من الارض ليستغلها – بمن عليها – الديكتاتور وعائلته.

 

آمل قيام دولة كردية تليق بتضحيات شهداء الحرية، تكون ديموقراطية تحترم الحريات وتساند الثوار من حولها، فتشبهني وتصبح دولتي التي ابحث عنها في هذا الشرق. اما اذا كانت هذه الدولة قمعية، فسيكون موقفي منها كموقفي من اي دولة ديكتاتورية اخرى في منطقتنا وسأقف الى جانب احرارها في سعيهم لطلب الحرية.

 

تحتاج هذه المنطقة – بعد كل هذا القتل والدمار – الى الفرح. لا شيء يضاهي فرح الاكراد واحتفالهم بقرب قيام دولة لهم، الا فرحنا بسقوط نظام الديكتاتور السوري. ولا ارى نفسي خارج هذا الفرح.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1  بارزاني والاستقلال والزلزال  

غسان شربل

 

 الشرق الاوسط السعودية
  

اليوم ستتركز الأنظار عليه. وسيكون نجم التعليقات والشاشات. وستنقسم الآراء حول العاصفة التي تسبب في انطلاقها. سيقول فريق إن الرجل اختار توقيتاً خاطئاً. وسيقول آخر إنه تسرع في كشف برنامجه الحقيقي وأساء تقدير حسابات جيرانه. وثمة من يعتقد أنه يغامر بمكاسب كلفت الأكراد أثماناً باهظة. وأنه هرب من مشكلة ووقع في مأزق. وأن عناده سيوقعه في حصار مطبق على غرار ما عاشه ياسر عرفات في آخر أيامه. وأن قيام الدولة الفلسطينية، على صعوبته، يبقى أسهل من قيام دولة كردية. وسيقول أنصاره إنه حارس الحلم الكردي. وأنه يعيد على الأقل تسجيل هذا الحق. ويكشف مجدداً ذلك الإجماع على منع الأكراد «من مغادرة السجون التي دفعوا إليها قبل قرن».

لا يحتاج مسعود بارزاني إلى من يذكره بوطأة الجغرافيا. باكراً كوته بنارها. شاءت الأقدار أن يولد في صيف 1946 في «جمهورية مهاباد» التي أعلنها الأكراد يومها على الأرض الإيرانية. وكان والده الملا مصطفى قائد القوات المسلحة في تلك الجمهورية التي اختفت قبل أن تطفئ شمعتها الأولى. سيغادر الملا مصطفى أرض الجمهورية المهزومة مع مئات من المسلحين. سيمشون مئات الأيام قبل الوصول إلى أرمينيا في الاتحاد السوفياتي، بعد اشتباكات خلال المسيرة مع دوريات الحدود الإيرانية والتركية. وفي العراق سينتظر مسعود 11 عاماً ليتاح له أن يرى والده العائد بعد ثورة 1958 العراقية.

تخرج مسعود من مدرسة المرارات. في 1970 كان إلى جانب والده الذي طلب منه استقبال شاب وافد من بغداد. وكان اسم الشاب صدام حسين. السيد النائب. وانتهت الزيارة بعرس بيان مارس (آذار) 1970 الذي منح الأكراد حكماً ذاتياً. ولن يدوم العرس طويلاً. في السنة التالية استقبل الملا مصطفى وبحضور مسعود وفداً جاء من بغداد. فجأة انفجر الوفد وسقط قتلى وجرحى وشاءت الصدفة أن ينجو الملا مصطفى لوجود موزع الشاي بينه وبين العبوة المزروعة حول خصر أحد الزوار.

درس آخر في الجغرافيا. في 1975 وقّع شاه إيران وصدام حسين اتفاق الجزائر بعد جهود بذلها هنري كيسنجر. أوقفت طهران دعمها للأكراد فانهارت ثورتهم وتكشفت أهوال مآسيهم. وحين مات الملا مصطفى مهزوماً في غربته الأميركية لم يكن أمام مسعود غير العثور له على قبر موقت في إيران بانتظار إعادته إلى مسقط رأسه.

أصدر عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى حكماً قاسياً على الأكراد. وزعهم على أربع خرائط هي العراق وإيران وتركيا وسوريا. ومنذ ذلك التاريخ صار الأكراد في عهدة محكمة الجغرافيا. وتقول التجارب إن أحكام التاريخ قابلة للنقض أو المراجعة أو التصحيح، لكن أحكام الجغرافيا لا تتزحزح. تختلف الدول الأربع على ملفات كثيرة، لكنها تتفق على الأقل في ملف وحيد هو معارضة قيام دولة كردستان.

ما شهدته العقود الماضية بالغ الدلالات. يتغير اسم الحاكم في هذه الدول الأربع، لكن سياستها حيال حلم الأكراد لا تتغير. كل شيء ممكن إلا الأكراد. ثمة مفارقة في هذا السياق. قد يدعم حاكم الأكراد في بلد مجاور ويستخدمهم ورقة لإضعاف النظام الذي يعيشون في ظله. تفهمه للظلم اللاحق بهم هناك لا يؤثر أبداً على رفضه أي تغيير جدي في أوضاع الأكراد المقيمين في دولته.

دعمت إيران الشاه أكراد العراق ضد نظام صدام. ثم تخلت عنهم. ودعمت إيران الخميني أكراد العراق مجدداً، وها هي تتخلى عنهم لأن طهران صارت حاضرة في بغداد وقرارها. دعمت طهران أيضاً «حزب العمال الكردستاني» لاستنزاف تركيا، لكنها لا تبدي أي تساهل حيال تطلعات الأكراد الإيرانيين. سوريا حافظ الأسد دعمت أكراد العراق و«حزب أوجلان» لاستنزاف صدام وتركيا، ثم تخلت عنهما، وها هي سوريا بشار الأسد تستعد لمواجهة غير بسيطة مع أكرادها. قبل سنوات قال رجب طيب إردوغان في أربيل إن الزمن الذي كان يمكن فيه إنكار وجود الأكراد ولى إلى غير رجعة. لكن تركيا لا تتساهل مع أكرادها سواء كان رئيسها الجنرال كنعان افرين أم رجب طيب إردوغان.

على مدى ربع قرن حاول مسعود بارزاني طمأنة بغداد وطهران وأنقرة ودمشق. قال إن تجربة كردستان العراق ليست أنموذجاً مطروحاً للتعميم في الدول الأخرى. نصح هذه الدول بتحسين أوضاع الأكراد المقيمين في أراضيها. شجع إردوغان على فتح باب الحوار مع سجين اسمه عبد الله أوجلان. لكن التجارب أظهرت أن الدول الأربع غير قادرة على القبول بالحد الأدنى الذي يشترط الأكراد الحصول عليه للإقلاع عن الشعور بالظلم والتحرك لإزالته.

كلما لفظ زعيم كردي كلمة الاستقلال تحرك خط الزلازل. تستيقظ محكمة الجغرافيا لتذكير الأكراد بالحكم المبرم الصادر بحقهم. إيران أرسلت قاسم سليماني ناصحاً ثم محذراً وأغلقت أجواءها أمام الرحلات من الإقليم وإليه. سبقت ذلك مناورات لجيشها على حدود الإقليم. تركيا مددت تفويض عسكرييها القيام بعمليات خارج الحدود وأسمعت بارزاني صوت مناورات جيشها.

جديد المشهد هذه المرة التعاطف الدولي مع بغداد لا مع الأكراد. أميركا والدول الغربية حريصة على عدم تشتيت الانتباه عن الحرب على «داعش». حريصة أيضاً على عدم تهديد حظوظ حيدر العبادي في البقاء في منصبه بعد الانتخابات النيابية العراقية في الربيع المقبل.

لا يحتاج بارزاني إلى من يذكره بوطأة الجغرافيا وهديرها. لكنه رفض التراجع. ربما لأنه يئس من التفاهم مع بغداد ومن نصائح الأطباء الدوليين. وربما يريد إعادة تسجيل الحق في الاستقلال لدى أجيال جديدة من الأكراد ولدى أجيال جديدة من الحكام في العالم. إنها أزمة مكونات داخل العراق. وأزمة مكونات داخل الشرق الأوسط الرهيب. للفرس دولتهم. وللأتراك دولتهم. وللعرب دولهم. لكن أكثر من ثلاثين مليون كردي يعيشون بلا دولة. وكلما لفظ زعيم لهم كلمة استقلال تحرك خط الزلازل.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2  نصير شمة قبل وبعد «الدال»!  طارق الشناوي

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
 

لا يزال هذا الأمر يُثير التساؤل، هل يحق لعازف العود العراقي الموهوب نصير شمة أن يُمنح درجة الدكتوراه في أسلوبية العزف، بينما هو قد تقدم فقط لنيل درجة الماجستير؟

إنه سؤال حار فيه حتى المتخصصون؟ الدكتور صلاح فضل، أستاذ الأدب والنقد رئيس لجنة المناقشة، قال إن هذا النظام معمول به في عدد من الجامعات الغربية، وبخاصة الإسبانية التي شارك هو فيها على مدى أكثر من عشر سنوات، كما أضاف، أن لجنة المناقشة أوصت بذلك ولم تقرر، ومن المؤكد أن مسيرة نصير الفنية تدفعنا إلى الإشادة بإبداعه، لكن الأمر هنا لا علاقة له بإنجازاته بصفته عازفاً ماهراً.

دعونا نفتح الدائرة أكثر، ونفكر معاً بصوت مسموع، هل الفنان في حاجة إلى الحصول على درجة الدكتوراه، بينما هو من الممكن أن يصبح مصدراً لدراسات للحصول على الدكتوراه؟ الرسالة استندت إلى ثلاثة من الموسيقيين الكبار شوبان البولندي، ورياض السنباطي من مصر والمطرب ناظم الغزالي من العراق، الثلاثة قطعاً لم يحصلوا على الدكتوراه، بل لم يكن الموسيقار الكبير رياض السنباطي يكتب النوتة الموسيقية، إلا أنه استطاع أن يقدم لنا أروع الألحان، حتى إن «الأطلال» لأم كلثوم صارت هي قصيدة القرن العشرين.

أم كلثوم أعظم صوت عرفه الوطن العربي، لم تحصل على أي قسط من الشهادات، لكنها امتلكت قدراً كبيراً من الثقافة، عباس محمود العقاد حصل فقط على الابتدائية، فريد الأطرش واحد من أهم ملحني ومطربي وأيضاً عازفي العود في عالمنا العربي، لم يكن في حاجة إلى شهادة تؤكد إجادته في المجالات الثلاثة مطرباً وملحناً وعازفاً، لقد بلغ نجاح فريد وهيام الجماهير به أنه في عدد من الحفلات كان حريصاً على أن يسبقه عوده إلى خشبة المسرح، المفاجأة أن الجماهير كانت تصفق فقط للعود خمس دقائق متتالية.

حلم الحصول على الشهادة، كان ملهماً لمسرحية «أنا وهو وهي»، هل تتذكرون شخصية «دسوقي أفندي» التي كانت بداية انطلاق عادل إمام على خشبة المسرح مطلع الستينات، وتلك اللازمة الشهيرة «بلد شهادات صحيح»؟ سوف أنعش ذاكرتكم، كان دسوقي يعتبر نفسه واحداً من جهابزة القانون، رغم أنه لم يحصل سوى على مؤهل دون المتوسط، بينما المحامي الشهير الذي أدى دوره فؤاد المهندس يستحوذ عل كل شيء، النجاح والفلوس، وهكذا ظل نداء «بلد شهادات» يتردد، على لسانه طوال أحداث المسرحية، كلما شعر بأنهم يهضمون حقه، لقد تغير الزمن عن أيام «دسوقي أفندي» فصار البعض يدفع مقابلاً مادياً للحصول على درجة دكتوراه وهمية.

نصير شمة عرفته شخصياً في نهاية الثمانينات في بغداد، وبعد ذلك انتقل إلى تونس بضع سنوات حتى جاء للقاهرة، وأسندت إليه مسؤولية الإشراف على بيت العود بدار الأوبرا المصرية، لتعليم النشء العزف على العود، وقدم الكثير من الابتكارات أتاحت لذوي الاحتياجات الخاصة القدرة على العزف. إنه ليس مجرد عازف ماهر، لكني اعتبره يمثل حالة استثنائية، يملك ابتكاراً ووعياً وإضافة خاصة، وأسلوباً مميزاً، كما أنه حافظ على تلك الآلة الشرقية من الاندثار، وسط هوجة تقتلع كل الجذور، ربما كان نصير حقاً، وطبقاً لما انتهت إليه لجنة المناقشة، يستحق برسالة الماجستير درجة الدكتوراه، إلا أنه بالنسبة لي وأيضاً لعشاق الموسيقي، سيظل في هذا الجيل قبل وبعد حرف الدال، المبدع الأول للعزف على العود في عالمنا العربي.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3  استفتاء كردستان وحرب الإرهاب

 

 حسن ابو هنية

 

الراي الاردنية
 

منذ انهيار الجيش العراقي في حزيران 2014 وسيطرة تنظيم «داعش» على الموصل والذي استدعى تشكيل التحالف الدولي لطرد التنظيم، عمل الأكراد على استثمار الأوضاع الاستثنائية بتحقيق حلم الاستقلال من خلال مدخل الحرب على الإرهاب نظرا لدورهم الفاعل كشريك موثوق في الحرب على تنظيم الدولة حيث وسع الأكراد من سيطرتهم العسكرية لتشمل تقريباً جميع الأراضي التي تقع في دائرة اهتمامهم ومشروعهم الاستقلالي.

 

كان واضحا منذ البداية أن الأكراد نظروا إلى مسألة صعود «داعش» كفرصة وتهديد، فقد كانوا على ثقة بتضامن المجتمع الدولي ضد تهديد تنظيم «داعش» وانهاء دولته، كما كانوا يدركون أن «داعش» فرصة يمكن استثمارها في تحقيق استقلال الإقليم، ذلك أن خريطة عراق ما بعد الاحتلال أصبحت قابلة للتغيير، الأمر الذي دفع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان في مطلع حزيران 2017 في ذروة مواجهة «داعش» إلى الإعلان عن إجراء استفتاء على استقلال الأكراد في 25 ايلول لا يقتصر داخل حدود كردستان، بل سيشمل المناطق المتنازع عليها التي يتواجد فيها أكراد، والتي تقع حالياً تحت سيطرة الميليشيات الكردية، والتي من المنتظر أن تصبح دولة كردية مستقلة.

 

إن الخطوات نحو الوصول إلى تقرير المصير بشكل كامل ستكون صعبة وبطيئة، لكن المؤكد أنها ستعمل على تأجيج الانقسامات العرقية في بعض المناطق، وسوف تفتح المجال أمام تنظيم «داعش»، ومن الممكن أن تضع الأحزاب السياسية الراسخة في حكومة إقليم كردستان في مواجهة بعضها البعض، فإذا انضمت مدينة كركوك متعددة الأعراق إلى حكومة إقليم كردستان من خلال أغلبية ضئيلة من الناخبين، قد تكون النتيجة حالة من عدم الاستقرار.

 

على الرغم من الادعاء الدولي بتفهم الحقوق التاريخية المشروعة للأكراد في تقرير مصيرهم، لكن ذلك لم يغير من واقع رفض العالم لقيام دولة كردية مستقلة وفي أحسن الأحوال القول بأن الوقت غير مناسب لاستفتاء الاستقلال، وتقوم الحجج الدولية والاقليمية وحتى المحلية العراقية الرافضة للمشروع الاستقلالي الكردي على أن خطوة كردستان سوف تهدد الاستقرار وتجلب الفوضى من جهة وتعمل على تعطيل جهود مكافحة والحرب على الإرهاب.

 

في حقيقة الأمر إن خطوة الاستفتاء على استقلال كردستان سوف تعزز الانقسامات العرقية الإثنية والدينية المذهبية في العراق، وهي تشير إلى أن صيغة عراق ما بعد الاحتلال وصلت إلى طريق مسدود بتحول العراق إلى دولة مليشيات طائفية شيعية كما يؤكد الأكراد وبرزاني دوما، وكما يؤكد العرب السنة باستمرار، فإذا تجاوزنا قدرات تنظيم «داعش» العسكرية الذاتية التي تطورت على مدى سنوات ومراكمة الخبرات، فإن قوة التنظيم الحقيقية ترتكز إلى أسباب موضوعية.

 

وفي مقدمتها الشروط والظروف السياسية لعراق ما بعد الاحتلال، التي تتمثل بـ»الأزمة السنية»، حيث جرى إقصاء وتهميش السنة من العملية السياسية مع بروز «المسألة الطائفية»، وهيمنة الحكومة الدكتاتورية بمكوناتها الشيعية، وما حدث في معارك المدن السنية برز مرة أخرى في معركة الموصل حيث الاحتفالات المذهبية الشيعية والرايات الطائفية والأهازيج الكربلائية.

 

إن الأزمة السنية توشك على الانفجار، نظرا لغياب تصورات سياسية واضحة حول إدارة الموصل والمدن السنية، وعدم وجود خطط عملية وموارد ومخصصات مالية للتعامل مع مسألة إعادة الإعمار وعودة النازحين، وعلى الأرجح لن تستطيع الحكومة العراقية الوفاء بوعودها للمحافظات السنيّة المدمرة وسوف تتفاقم أزمة الثقة الحادة بين المكونات السنية والشيعية، فالمعركة الحقيقية تبدأ مع انتهاء العمليات العسكرية، حيث تبرز مرة أخرى الجدالات والمطالبات دون حلول جذرية لعراق منقسم لا يزال بعيدا عن الحداثة السياسية وغارقا في الانقسامات الطائفية والإثنية، وخاضع للهيمنة الإقليمية والدولية.

 

في هذا السياق فإن خطوات كردستان نحو الاستقلال تجعل من العراق دولة شيعية بامتياز، وفي ظل غياب أي عملية سياسية حقيقية لادماج العرب السنة، فإن عودة تنظيم الدولة لن تطول، حيث لن يجد التنظيم صعوبة في بناء تحالف سني مع قوى وفعاليات وحركات عراقية على أسس هوياتية دينية، والظهور كدرع فعال في حماية وصيانة الهوية السنيّة الممتهنة بفعل سياسات إيران الطائفية، ورعايتها لسادة العراق الشيعة الجدد من المالكي إلى العبادي.

 

خلاصة القول إن الاستفتاء الشعبي يمهد الطريق نحو استقلال كردستان نظريا، لكن الاستقلال الفعلي يتطلب جملة من الشروط الذاتية والموضوعية لا تتوفر حاليا، في ظل معارضة دولية وإقليمية ومحلية واسعة، ولعل الخطر الأكبر في الإصرار على الاستفتاء هو بروز اختلال صيغة عراق ما بعد الاحتلال والتسليم بهويتها العراق الشيعية، الأمر الذي سيعمل على انفجار الهوية السنية وصعود «داعش» أخرى، وهكذا تختلط حروب الإرهاب بحروب الهوية وسط غياب أي مشروع ورؤية سياسية مغايرة للهويات ليس في العراق فحسب بل في مناطق عديدة توشك على الانفجار تحت وقع حرب الإرهاب الذي بات في مرحلة «داعش» يرتبط بموضوعة الهوية.

 

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  الاكراد ينتحرون وينحرون العراق؟

 

 طلال سلمان

 

 

 الراي اليوم بريطانيا
  

يمضي رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود برازاني في مشروعه التقسيمي بإعلان انفصال هذا الاقليم عن دولة العراق، وهو بعضها، ليكون “دولة ذات سيادة” برغم الاشكالات والتعقيدات الكثيرة التي تعترض هذه الخطوة المتسرعة والتي ستنعكس سلباً على العراقيين جميعاً، عرباً وكرداً، كما على جوار العراق، وبالذات على كل من إيران وتركيا وسوريا، وان بنسبة أقل.

صحيح أن حلم “الدولة” يعيش في وجدان الاكراد، الذين كانوا دائماً اشقاء حقيقيين للعرب، تاريخهم مشترك، وبعض أبرز الابطال في التاريخ العربي ـ الاسلامي هم من الاكراد، ولهم موقعهم المميز في الوجدان العربي.

ومن حق الاكراد، من حيث المبدأ، أن يتطلعوا إلى “كيان” سياسي لهم، لكن الصحيح ايضاً أن العراق وحده قد لبى هذه الرغبة، فقرر العهد الجديد ـ ما بعد الاحتلال الاميركي واسقاط صدام حسين ـ أن يكون للأكراد في الشمال العراقي استقلالهم الذاتي داخل الجمهورية العراقية… وتجسد القرار باختيار رئيس كردي للدولة العراقية (جلال طالباني ثم معصوم) وتولية العديد من الاكراد مناصب سامية في الحكومة أبرزهم وزير الخارجية لفترة طويلة ثم وزير المالية هوشيار زيباري (وهو خال البرازاني).

على أن التطلع إلى الدولة يصدم برفض يتجاوز العراق إلى دول الجوار، تركيا وايران، اساساً، ثم سوريا.. هذا قبل الحديث عن الدول الكبرى، التي لم ترحب أي منها، حتى الولايات المتحدة الاميركية، بهذا القرار.

ومما يعقد الامر أن مسعود برازاني قد وضع يده على كركوك، وأجلت قواته عنها الآلاف من سكانها العرب، وقرر اعتبارها كردية طمعاً بثروتها النفطية التي قد تخفف عنه حدة العوز.

أن اعلان استقلال كردستان، في هذه اللحظة، هو بمثابة اعلان حرب على بغداد، المنهكة بتركة صدام وبحربها ضد داعش وبفساد الحكومات التي تعاقبت على السلطة فيها في الاعوام الاخيرة.

وليس من بشائر الاخوة أن يقرر البرازاني، من طرف واحد، قراره بالاستقلال عن عراق يحاول اعادة بناء دولته المتصدعة والتي تتآمر عليها اطراف عديدة، عربية واجنبية، لتمنع عودتها إلى الحياة والى دورها الحيوي بل والضروري الذي يحتاجه العرب كما الكرد وسائر اطياف الشعب العراقي.

أن قرار البرازاني، إذا ما تم تنفيذه، سيفتح جبهات حروب عدة على الاكراد، ليس في العراق وحده، بل من مجمل جيران العراق الذين طالما تعاملوا مع الكرد بعنصرية وفوقية، اولهم وأخطرهم تركيا.

كذلك فان ايران لن ترحب بمثل هذه الخطوة التي قد تحرك اكرادها..

اما الاميركيون الذين لم يرحبوا بقيام مثل هذه “الدولة” فانهم قد يستفيدون منها بقدر ما تضعف دولة العراق الطامحة إلى السيادة والاستقلال وإيران ذات الدور الخطير في المنطقة، فضلاً عن تركيا التي تقتل الاكراد كل يوم.

مع التمني بأن يراجع مسعود البرازاني حساباته…

يكفي العراق المصائب التي ضربته فكادت تدمر وحدة شعبه وتهدد دولته بأن تصبح دول الطوائف، ولا دولة!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5  الخلاف الامريكي الكردي ليس على اقامة الدولة بل على خلفية صادمه للاكراد والدولة الكرديه رهنا بدعم سياسي روسي لأمريكا

 

 فؤاد البطاينة

 

 

 الراي اليوم بريطانيا
  

ان كل ما كتب في اطار قرار كرد العراق في الاستفتاء للانفصال كان نمطيا يقوم على المعطيات التي توضع وتطرح وتنشسر من تصريحات ومواقف واراء ، وجر الاخرين للتفكير النمطي كوسيلة معروفة لتضليل الناس واخفاء الحقائق الأهم التي يمكن استنتاجها والتركيز عليها فيما لوكانت المعطيات اوالمقدمات مختلفة . وقد شاركت في هذا التفكير النمطي بمقال حين ناقشت  موضوع حق تقرير المصير على أنه حق يمارسه صاحب الحق بالسيادة على الارض ، وهو  في المثال الكردي لكل الشعب العراقي بمحافظاته وليس لسكان الاقليم وحدهم ولكنهم يستمرون باجراء الاستفتاء . وتاليا محاولة لمعرفة السبب وراء ازمة القرار الكردي وما يحمله من حقائق خطيره.

أفترض هنا أن أهمية القرار والسلوك الكردي ومخاوفه في العراق وسوريا تكمن في السبب وراء الاصرار على توقيته رغم علم القيادة التركية بأنه توقيت يجافي المنطق من حيث سلبياته على الحرب الدائره ضد الارهاب في سوريا والعراق ، ومن حيث سلبياته على علاقة الكرد مع الدول المجاوره والعالم ، بل وبما ينظوي عليه التوقيت من مجازفة بفكرة الدولة الكردية في مهدها . فالتوقيت المبكر الذي يصر عليه الأكراد وهم يعرفون خطأه وأخطاره لا بد وأن يكون له اسبابه وموجباته عندهم حتى أصح موقفا . والفكرة هنا أن تلك الأسباب لا بد وأن تكون ضاغطه للتمسك بالتوقيت او سرعة الانفصال وأنها تكشف الكثير عن الملعوب السياسي في المنطقة.

علينا اولا أن نضع في حساباتنا أن الدولة الكرديه في العراق مشروع أمريكي قائم منذ عقود ولا تقايض عليه . ومشروع حيوي جدا لاسرائيل تسهم في بنائه لبنة وراء أخرى . وقد أسس بريمر لهذه الدولة في اقليم كردستان وانتقلت اليه امريكا واسرائيل كقاعده غير معلنه . والبرزاني يعلم بأن قيام دولته مسألة وقت يقرره الامريكان . فأمريكا عندما وقفت ضد قرار الاستفتاء لم يكن هاجسها وحدة اراضي العراق ، ولا  مجرد توقيت القرار الكردي . بل في طبيعة وجغرافية الدولة الكردية التي تريدها . . وقد عبرت أمريكا بوضوح عن موقفها  في مؤتمر السليمانيه الاخير . أما موقف اسرائيل من الاستفتاء فعلاوة على انه مرتبط بخلق مقاربة فاسده في ممارسة حق تقرير المصير فهو في سياق دور مزايد  يضبطه الدور الأمريكي . وحصل ذلك بقرار مجلس الأمن الأخير.

 القرار الكردي في الاستفتاء الأن والتحفظ الامريكي بالذات عليه يقوم على خلفية معلومة وصلت القيادة الكردية من تحت الطاوله وهي أن كركوك لن تكون ضمن الدولة الكردية القادمه ضمن اعادة هيكلة المنطقه جغرافيا وسكانيا ولا أدنى شك بأن هذه المعلومة قد وصلتها من اسرائيل . وهنا تصادمت المصلحه الكرديه العليا مع مصلحة امريكا  في  هدفها بجعل الدولة الكرديه دولة ربيبه اوعميله puppet state معتمدة على امريكا اقتصاديا وماليا وعسكريا وامنيا لتكون دولة دور ولاهثة دائما لتنفيذه . وكما مرر أكراد العراق الى كرد سوريا أن الخارطة المقبله لن يكون فيها دولة لهم  في سوريا ، ولا في تركيا او ايران . وهذا يفسر أيضا انفراد اكراد سوريا عن باقي مكونات السوريين في المباشره بتفصيل وضع سياسي انفصالي لهم في سوريا مستغلين حاجة الامريكيين لهم في هذا الظرف الميداني العسكري.

فالموقف الامريكي الصريح من الاستفتاء كما وصل الاكراد صراحة هو ” أن امريكا لا تمانع في اجراء الاستفتاء في المحافظات الكرديه الثلاثه فقط وأن لا يمتد ليشمل كركوك وما حولها . وإن على الأكراد اخضاع المسأله للحوار وإن اصروا فلن يلقون الحمايه من النتائج ” انتهى . فالقرار الكردي يمثل رفضا لقرار امريكا باستثناء كركوك من الدولة الكردية المزمعه واستباقا لقرارات واجراءات ومواثيق دوليه لا حقه ، والأكراد يعلمون بأن دولتهم بلا نفط كركوك تجعلهم أسرى سيساسيا واقتصاديا لأمريكا وغيرها وتجعل من دولتهم دولة دور الى زوال . وما يحتاج الى تفسير هنا هو موقف الشعب الكردي من الأهداف الصهيو امريكية ، وموقف الحكومة العراقية الذي لم يرق لمواقف دول مجاوره ، ومواقف الدول العربية التي لم ترق لمواقف الدول الاوروبية .

الا أن هذه الدولة البرزانية  لن تقام على قاعدة مستقرة الا بدعم سياسي روسي لأمريكا مسبقا او لا حقا . فتركيا وايران هما المستهدفان من هذه القاعدة الصهيونية المتقدمه بالدرجة الأولى في اطار الخارطة الجديده للمنطقه ، وهما القادرتان على خنق هذه الدوله وجعلها سرابا وهما اللتان لا تستطيعان الاستغناء عن كلا الدولتين الكبرتين معا في آن واحد . والشعب العربي وليست الأنظمة العربيه هو المتضرر العاجز عن فعل شيء ، وقضيته الفلسطينية هي التي سيزداد التكالب عليها . فنحن العرب في النهاية ننظر الى طبيعة الدولة الكردية ومرجعيتها وتحالفاتها . وليس لنا أي تحفظ على دولة كردية في اطار قضية كردية واحدة في أماكن تواجدهم التاريخي.

في المحصله على الدول العربية أن تفهم بأن الازمة الكردية الحالية محلها بين امريكا والكرد هي كركوك  وليست فكرة الدولة . وعنوانها للعرب هو جدية مخطط تقسيم المنطقه، وأن قيام تلك الدولة مسأله تتجاوز خطر تقسيم العراق او سلخ جزء من اراضيه الى زرع  قاعده اسرائيلية امريكية متقدمه باسم الكرد في المنطقه في مواجهة تركيا وايران وضابطه على الدول العربية.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6  

كردستان وكتالونيا.. وحمّى الانفصال

 

 عبد الوهاب بدرخان

 

 

 الاتحاد الاماراتية
  

قد تبدو موجة عابرة، أو حتى عدوى، وهي ليست كذلك. أن تكون كتالونيا الإسبانية وكردستان العراق في الواجهة، وفي وقت واحد، وباستفتاءين على الاستقلال في موعدَين متقاربَين، هذا يشير إلى أجندة قومية كامنة وعميقة، لكنها معروفة. تتوزّع الأسباب تبريراً لهذه النزعات بين الاقتصاد والسياسة، وهما مترابطان. الاقتصاد أولاً، إذ يربط كثيرون بين تصاعد مشاريع الانفصال في أوروبا وانعكاسات الأزمة المالية عام 2008، فالأقاليم الراغبة في الانفصال والاستقلال إمّا أن سكانها يشكون من توزيع سيء للثروة الوطنية يعود عليهم بالغبن والنقص في التنمية، أو أنهم يشكون من أنهم لا يتمتّعون برفاهية تتناسب مع مساهمتهم العالية في اقتصاد البلاد. في الحالتين يأتي الاعتبار السياسي القومي ليضفي المطلبية الملائمة، مستنداً إلى تجانس إثني أو عرقي، أو إلى رواسب تاريخية إذ ينبغي التذكير بأن تجميع القطع لتوحيد البلدان الأوروبية الكبيرة، ومنها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، لم يتمّ دائماً بالتراضي بل احتاج أحياناً للحزم والقوة، كما الباحثون في أوروبا إلى محاولات التمايز وطموحات الانفصال لم تخمد رغم القوة التي اكتسبتها الدولة الموحّدة.

 

 

في استعراض للخريطة يتبيّن أن الظاهرة الانفصالية موجودة في عشرات البلدان، إلا أن الانتقال إلى تفعيلها بدا متاحاً في المرحلة الراهنة في حالتين، إما في دول منظمة (كتالونيا، اسكتلندا، شمال إيطاليا..) تسمح قوانينها بطرح مثل هذا الخيار بمعزل عن إمكان نجاحه، أو في دول تعاني الفوضى والتفكّك، وفقاً للتوقعات بالنسبة للعراق وسوريا فضلاً عن ليبيا واليمن. وتختلف قضية كردستان في كون الأكراد حاولوا باستمرار إنشاء دولتهم، لكنهم خرجوا وحدهم خاسرين من توزيع الدول الكبرى تركةَ الدولة العثمانية، غداة الحرب العالمية الأولى، بين أقوام الشرق الأدنى، وكان أن تفرّقوا بين دول أربع ويجدون اليوم أن الظروف الدولية وانهيار الدولة في العراق وسوريا فرصة تاريخية لإحياء حلم دولتهم وتبدو لهم متاحة بدءاً بكردستان العراق مع احتمال التواصل جغرافياً مع أكراد شمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا وشمال غربي إيران. لم تكن أحوال الأكراد متشابهة في كلٍّ من هذه المواقع، لكنها كانت صراعية ومضطربة عموماً، وبقدر عنف القمع والاضطهاد زادت العصبية القومية للأكراد.

قبل ثلاثة أعوام أخفق استفتاء أسكتلندا في وضع استقلالها على السكّة، لكن تصويتها بعد عام مع البقاء في الاتحاد الأوروبي خلافاً للتصويت في إنجلترا أعاد المسألة إلى جدول أعمالها. تعتبر كتالونيا، كما أسكتلندا، وبأرقام واضحة، أن ما تضخّانه في الاقتصادَين الإسباني والبريطاني لا يعود عليهما بالبحبوحة التي يتصورها سكانهما. لعل أهم الأسباب التي رجّحت في سبتمبر 2014 ميل المستفتين الأسكتلنديين إلى البقاء في بريطانيا أن الحكومة المركزية في لندن قامت بدور حيوي في إظهار الخسائر المحتملة للانفصال، وهو ما لم تفعله حكومة مدريد أو حاولت ولم تنجح. لذلك بنى الكتالونيون قضيتهم على معطيات اقتصاد الإقليم الذي يملك مقوّمات مالية وصناعية وسياحية تمكّنه من توفير خُمس الناتج المحلي، لكنهم بنوها أيضاً على توقّعات غير واقعية لتعامل الاتحاد الأوروبي مع استقلالهم.

 

هنا يختلف أيضاً إقليم كردستان العراق بأنه مثقل بالديون، واقتصاده ضعيف وموارده محدودة. لكنه قد يلتقي مع كتالونيا وحتى مع أسكتلندا في أمور أربعة على الأقل. أولاً، أن ما حصّلته من مقوّمات كان بجهدها، لكن خصوصاً لوجودها في دولة اتحادية أو مركزية، ولا شك أن الانفصال سيبدّل المعادلات ما لم يتمّ بالتوافق مع الدولة وبمواثيق دقيقة للتعاون، وإلا فإن سلبية الدولة تجاه الكيان الناشئ قد تأتي بنتائج عكسية. ثانياً، أنها لا تكترث لتداعيات الانفصال وتعتبر أنه يدعّم استقرارها الاقتصادي واستقلالها السياسي بمعزل عن جوارها المباشر أو القريب. ثالثاً، أنها تعتقد خطأً أنه بالإمكان تحقيق أحلام تاريخية دون أن تأخذ باعتبارها المتغيّرات المستجدة على أحوال الدول والشعوب. ورابعاً، أن تجاهلها للتصدّعات التي قد يحدثها الانفصال من شأنه أن يدفع الدول المتضرّرة إلى إجراءات استثنائية، فما لوّح به رئيس الوزراء الإسباني لمنع استفتاء كتالونيا لا يختلف عملياً عما هدّد به نظيره العراقي إزاء الاستفتاء الكردي، بل إن حال كردستان أكثر خطورة إذ تبدو تركيا وإيران والعراق مصمّمة كلها على مواجهة هذا الانفصال بأي وسيلة، أسوأها الحرب وأبسطها إغلاق الحدود لعزل الإقليم.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7  أكراد العراق.. والخيارات الثلاث

 

 

علي الدربولي

 

 الراي اليوم بريطانيا
  

يتركز الاهتمام الدولي الآن حول أكراد العراق الذين يمهدون لدولة مستقلة عبر استفتاء حددوا موعده بتاريخ 25/9/21017م . صدرت مواقف دولية واقليمية حول هذا الاستفتاء، توزعت بين التأجيل و الرفض، والموافقة والتشجيع.

عموم المواقف الدولية من الاستفتاء:

– رفض عراقي وتركي وإيراني بارز عبرت عنه: بيانات وتصاريح سياسية، وتحركات عسكرية على الحدود، إضافة إلى إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام إقليم كردستان بناء على طلب العراق، ولا تزال الردود والمواقف تتالى، من غير أي مفاجأة متوقعة بخصوص تأييد الاستفتاء… كانت المبادرة الدولية بتأجيل هذا الاستفتاء لمدة محددة، هي أبرز مقاربة سلمية لموضوعه، على أمل إرضاء الطرفين، إلا أن خطابين بارزين لرئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” ورئيس إقليم كردستان “مسعود البرزاني” كانا قد حددا يوم أمس  المواقف النهائية من الاستفتاء: رفض عراقي قاطع. إصرار كردي قاطع .

*المخاوف العراقية، الداعية إلى رفض الاستفتاء، عبر عنها رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” في خطاب له متلفز بتاريخ 24/9 حيث قال:

” العراق لكل العراقيين” كما قال: ” مع اقتراب الانتصار على داعش يتعرض العراق إلى محاولات التقسيم على أساس قومي وعرقي”

*مخاوف تركيا: عبرعنها مجلس الأمن القومي التركي، الذي صدر عنه بيان يلخص  الموقف التركي الموحد رفضا للاستفتاء كما يلي:

“الخيارات الأمنية والسياسية والاقتصادية مفتوحة”

*المخاوف الإيرانية على هامش إجراء الاستفتاء: ترجمت من خلال إجراء مناورات عسكرية على حدود إقليم كردستان ، ومن خلال إعلان إيران على لسان عسكرييها: أنها ستحول دون نشوب حرب أخرى في المنطقة، والقيام بإغلاق المجال الجوي مع إقليم كردستان بناء على طلب عراقي، كما قالت. كل ذلك قبل يوم واحد من حصول الاستفتاء.

*موافقة وتشجيع إسرائيليين غير مفاجئين، ومن غير مخاوف ظاهرة، نظرا للعلاقة التاريخية بين من يطالب بالاستفتاء من الكورد على الانفصال عن العراق، و(إسرائيل).

خلفية الشجاعة السياسية الكردية :

بشجاعة وأصرار يتقدم كورد كوردستان باتجاه مخالفة العالم، وإجراء الاستفتاء. فقط تشجعهم دولة ليست لها حدود رسمية معترف بها حتى اللحظة. هي (إسرائيل). (إسرائيل) تقوم قبل أيام بقصف صاروخي لمواقع تقع بالقرب من مطار دمشق الدولي، مخالفة القواعد الدولية. لكنها بذلك تضمن تغطية غير معلنة من قبل “أميركا” المتواجدة عسكريا في جنوب شرق سورية، على مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية. وهي إذ شكلت وتشكل المجسّ السياسي والعسكري على وجه الخصوص في المنطقة لأميركا، فإننا نرجح أن تكون هذه قد منحتها تغطية غير مباشرة لموقفها المشجع للاستفتاء الكردي –الانفصالي عن العراق. أليس هذا ما تسعى إليه (إسرائيل) وما تريده أميركا للمنطقة ضمانا لمصالحها ومصالح (إسرائيل) عبر ذلك؟ ثم هل يكون وجود أميركا في سورية مرهونا بالقضاء على داعش، أم لها أهداف أخرى؟ يقول اليوم  وزير الخارجية الروسي “لافروف”:

“القضاء على الإرهاب ربما لا يكون الهدف الوحيد لأميركا في سورية”

الهدف الأميركي الثاني، استقراء، هو حجز منطقة شمالي نهر الفرات في شرق وشمال شرق سورية حتى الحدود السورية مع تركيا، وعلى امتدادها شمالا، والحدود السورية مع العراق شرقا، لصالح الأكراد، بعد أن عملت أميركا  على تغيير ديموغرافي عبر قصفها للمناطق الآهلة بسكانها العرب في مدينة الرقة ومناطقها الإدارية، وقد نزح منهم الكثير باتجاه دير الزور والمخيمات المقامة في ريف الحسكة، وإلى الداخل. الآن شرع الكورد السوريين عبر (قسد) ومن يتعاطف معها، إلى وضع لمسات تبشيرية للفدرلة، بهدف المطالبة بمنح أكراد سوورية كيانا جغرافيا غنيا بالثروات، يتمتع باستقلال ثقافي واقتصادي وتاليا سياسي على نهج ما ذهب إليه كورد العراق خطوة خطوة..وصولا إلى الاستفتاء تحقيقا للانفصال عن سورية؟! هذا تقدير الحد الأقصى من طموح الأكراد. فهل ينجحون؟ هنالك مخاوف، أعلنتها روسيا الاتحادية عبر تصريح وزير خارجيتها الذي ذكرناه آنفا.

إضاءة على الموقف التركي:

بالتأكيد تخشى تركيا قيلم دولة كردية في داخل جغرافيتها من جهو الجنوب والجنوب الشرقي..والخلاف متجذر، ومحاولة إعلان دولة كردية لها سابقة…قمعت تركيا كل محاولة في هذا الاتجاه، وهي تخشى من قيام دولة كردية مستقلة منفصلة في العراق، لأن ذلك يشجع أكراد تركيا وأكراد سوريا على المطالبة بحقوق سياسية تنسجم والتوجه الكردي الأعظم وهو إعلان دولة كردية في ثلاث دول بالدرجة الأولى: العراق وتركيا وسورية، مما يشكل حاجزا اقتصاديا وعسكريا وحتى اجتماعيا بين العراق وسورية، وعلى نفس المستوى تتأثر إيران ، على فرض أن أكرادها سوف ينضمون إلى الدولة الكردية المفترضة.

(إسرائيل) تسعى جهدها لتظهير هكذا دولة، بعد أن فشل الإرهاب في تقسيم سورية والعراق، فيكون التقسيم قوميا وعرقيا، كما قال رئيس الوزراء العراقي. و لكن هل تسعى (إسرائيل) ومن ورائها أميركا إلى تقسيم تركيا بنفس المستوى وعلى نفس القاعدة؟! خدمت تركيا الفوضى في المنطقة العربية والحرب على سورية، أكثر من أي طرف آخر، تنفيذا لاستراتيجية أميركية-إسرائيلية، ومعها بعض العرب…فهل من المعقول أن تكونى مكافأتها التقسيم عبر الأكراد من قبل أقرب أصدقائها (إسرائيل) وحلفائها في حلف الأطلسي؟!

منذ أكثر من عام، استبقت تركيا الأحداث، وزجت بأبرز العناصر القيادية الكردية المنتخبة في السجون بتهمة الإرهاب ومخالفة الدستور، ولم يحرك الغرب ساكنا، وأهانت بعض شركائها في حلف الأطلسي بذريعة تدخلهم في شؤونها الداخلية، على خلفية قمع الحريات الثقافية والإعلامية وزج أبرز الصحفيين في السجون، ولم تحرك أميركا ساكنا…هنالك موجة ظاهرة من عدم تطابق الرؤى السياسية لتركيا مع أميركا في المنطقة، فيحج رئيسها “أردوغان” إلى روسيا الاتحادية، ولكن ألم يحج تباعا، جميع حلفاء أميركا الخلّص في المنطقة إلى روسيا، وأولهم (إسرائيل)؟! هذا يعني أن الموقف السياسي التركي يمكن شراءه…, ولكن ضمن ثابتين: الأول عدم إدارة ظهرها إلى الغرب، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، والثاني هو ثبات الموقف الدولي من وحدتها أرضا وشعبا في ظل سياسة مركزية قوية ، لا مساومة عليها، الأمر الذي يفسح في المجال إلى خيارات بخصوص(القضية)  الكوردية، خصوصا في العراق حسب الأولويات الكوردية المعلنة، قبل أن يكون مثل ذلك في تركيا، فما هي هذه الخيارات؟:

الخيار الأول: هو نجاح الأكراد في فصل إقليم كردستان عن الدولة العراقية واستقلاله. هذا هو الخيار الذي يشكل خطرا عاما على الوحدة السياسية لكل دولة من الدول المجاورة، كالعراق وسورية وإيران وتركيا، وهذا ما يحضر المنطقة للفوضى وحرب جديدة. سوف تستثمر فيها (إسرائيل) أهدافها نحو بلوغها الهدف الأوسع (من الفرات إلى النيل) ويكون الرد عليه، واحدا من إثنين: إما الحرب فعلا، أو الحصار.

الخيار الثاني: تراجع سلطات الإقليم عن الاستفتاء في اللحظة الأخيرة، وإن حصل يمكن اللجوء إلى تغيير الهدف منه وخفض مستوى الطموح الذي كان في حده الأقصى الانفصال، إلى مستوى المطالبة بمزيد من الحقوق السياسية، والأهم بمزيد من حصة الإقليم من النفط، وربط محافظة كركوك الغنية منه بالإقليم إداريا.

الخيار الثالث: قيام الدولة المركزية في العراق بتحضير الشعب العراقي لممارسة حقه الدستوري في القيام باستفتاء على حقوق الأكراد ووضعهم الثقافي والاقتصادي، والسياسي، بحسب مواد الدستور المعمول به حاليا. وفرض النتائج على عموم الأراضي العراقية.

هنالك عوامل  مؤثرة على الحدث، أهمها العامل الأميركي:

لأميركا علاقات مع طرفي الخلاف ، الحكومة العراقية، وسلطة إقليم كردستان، وتركيا التي تنسق مع إيران بخصوص الاستفتاء…لذلك لا يمكن تصور حلا للخلاف كخيار، إلا وفيه للأصبع الأميركي بصمة… الهوى الأميركي، ولنقل مصالحه النفطية الكبرى موجودة في العراق، ومصالحه السياسية والأمنية موجودة بقوة في تركيا، لذلك أي حل يجب أن يراعي مصالح الجميع، فالعراق لا يقبل تقسيمه، وتركيا لا تقبل أن تقوم على حدودها دولة كوردية تحريضية، ومثل ذلك موقف سورية وإيران. تبقى (إسرائيل) وبرغم عدم جوارها للعراق أو للإقليم، فإنها تشجع على الانفصال، فهل تستطيع فرضه عبر أميركا؟ لو تراخت، خيفة كلفة الحرب،  المواقف العراقية والإيرانية، وحتى السورية، ومعهم الروسية، لو تراخت، لا أستبعد أن يعلن الانفصال، ولإرضاء تركيا تقوم أميركا بالتنسيق بينها وبين الدولة الكوردية الجديدة، لتكون متنفسها الاقتصادي والسياسي ، شرط ألا يثار الأكراد في تركيا باتجاه المطالبة بحقوقهم السياسية. عند هذه النقطة يمكن استخراج السؤال التالي:

 هل ستولد قبرص شمالية جديدة في العراق؟

إن أمر إعلان الحرب من قبل العراق على الدولة الكوردية لو أعلنت انفصالها، ، كدولة معنية بالدرجة الأولى، أجده أمرا مستبعدا، إذا لم تقف معها كل من إيران وتركيا. بوجود تغطية سياسية أميركية لتلك الحرب المحتملة، أو أقله غض نظر، وبرغم ذلك يبقى هذا الأمر من الأمور المستبعدة. موقف إيران أقرب إلى ذلك من تركيا، لأن مغريات تحويل الدولة الكردية إلى ما يشبه دولة شمال قبرص التركية، والتي لم تعترف فيها سوى تركيا. تبقى مغريات مؤثرة بالاتفاق مع أميركا التي ستشتري الموقف التركي، فتكون تركيا الدولة الأولى التي تعترف بالدولة الكردية ، وستكون(إسرائيل) الدولة الثانية. وجائزة ذلك بالنسبة لتركيا، كما ذكرت سابقا، سيكون تجميد نشاط الأكراد السياسي في تركيا عند حدود إدارية معينة، تابعة للسلطة المركزية، تقبل بها تركيا بمعونة أطراف دولية كثيرة، من أوروبا إلى أميركا. فهل تقف بقية الأطراف في العراق وإيران وحتى في سورية، بعد تحرير البلاد من الإرهاب، عند حدود هذا المشهد وتكتفي ، كبديل، بفرض حصار خانق على الدولة الكوردية العتيدة؟  ليخضع بدورهم أكراد إيران وسورية إلى المساواة في الحقوق بحسب دستور كل بلد، وذلك حجبا لأي  نزعة استقلالية، فدرالية كانت أو غير ذلك؟

الخلاصة:

المخطط الأميركي غير واضح بالتفاصيل، برغم وضوحه بالهدف، المتمثل بتدمير البلدان المخالفة للمشروع الأميركي في المنطقة، وتقسيمها،  لذلك على شعوب وحكومات المنطقة التي انتبهت إلى هذا المخطط، خاصة في دول محور المقاومة، أن تحزم أمرها وتتمسك بثوابتها الوطنية ، حتى ولو أدى مثل ذلك إلى تفجير حرب ما بعد الحرب على الإرهاب، لأن حديد الانتصار ما زال حاميا ففي استعجال طرقه يستقيم ويستجيب. ولا أجد أن الأكراد قد عاشوا يوما في المنطقة  العربية على هامش التاريخ. من يقرأ ، خصوصا، تاريخ سورية السياسي يضع يده على حقيقة ذلك؟!

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8  هل ينجح الانفصال الكردي؟  محمد صالح السبتي

 

 الراي العام الكويتية
  

• يجري شمال العراق، اليوم، استفتاء لتقرير انفصال كردستان عن العراق لتكوين دولة كردية. ولسنا هنا مع الانفصال أو ضده، لكن لا يشك أي عاقل أن هذه الخطوة ستدخل المنطقة في دوامة جديدة، فضلاً عن الدوامات التي ندور في ساقيتها منذ فترة ولا نعرف النهاية… تركيا وسورية ترفضان قيام دولة كردية لأن النتيجة الحتمية لقيامها أن يتم اقتطاع أراضٍ منهما لمصلحة هذه الدولة، وهي الأقاليم الكردية فيها. كما أنه لا يمكن مناقشة آثار هذا الاستفتاء وما يتبعه وأثره على العراق وجيرانه والمنطقة عموما من دون الإشارة إلى ما يطرحه الأكراد من مظلومية في هذه البلاد واضهاد وإقصاء، إذ ان مناقشة أي ردة فعل لأي عرق أو شعب أو حزب من دون مناقشة سلوك الأنظمة، أمر في غاية الظلم والإجحاف، فالأنظمة اليوم لعليها المسؤولة الأولى عما يحدث في عالمنا بسبب سلوكها المشين.

 

• من يعش في هذه البقعة من الأرض – الشرق الأوسط – عرباً أو غيرهم من الأعراق فشلوا في مشاريع الوحدة كفشلهم تماماً في مشاريع الانفصال! لم ينجحوا في هذه ولا تلك، لذا فإن العنوان العريض لتأريخ منطقتنا هو «فشل المشروع»… الأمة اليوم لا تملك مشروعا أبدا. كنا في بداية القرن الماضي في القومية العربية الوحدوية وحين بان فشلها اتجهت الشعوب لـ «الإسلامية» وقد بان عجزها ثم اليوم: لا مشروع!

 

• كانت يمن واحدة ثم أصبحت يمنين، شمالي وجنوبي، ثم عادت يمن واحدة فالحرب والانهيار الذي لا أحد يعرف نتائجه إلى الآن. انفصل جنوب السودان بعد حرب اهلية دامت سنين، والآن الاوضاع في الجنوب أسوأ مما كانت عليه في السابق… تهجير وحرب داخلية ومآسٍ. البعثيون تحاربوا ما بين العراق وسورية رغم أنهم أبناء حزب واحد وقبله أمة واحدة! والقوميون توحدوا في مصر وسورية ثم كادت الحرب تقع بينهما! كان هناك مشروع وحدوي عربي واليوم كل دولة عساها تضمن سلامة مكونات مجتمعها الداخلي من الحرب!

 

• لا يمكن النظر إلى هذا الاستفتاء في شمال العراق من دون التجارب حتى لو اختلفت العرقيات، كما أنه لا يمكن أبدا إغفال مطالب الأكراد في ظل الدولة المدنية، والأهم ما قد يتبع هذه الرغبة الانفصالية إذ قد تجتمع على الأكراد ثلاثة دول… العراق وتركيا وسورية فيشهد العالم مأساة جديدة ضد عرق وهو ما يجب على دول المنطقة التنبه له وربما الاستعداد له أيضا

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9  بانتظار دولة كردية… تشبهنا

 

 

جاد يتيم

 الراي العام الكويتية
 

يتصاعد الجدل الحاد الذي يصل الى حد الشتيمة بين ناشطين وصنّاع رأي عرب وكرد، على خلفية الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس اقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، ويهدف إلى إقامة دولة جديدة في المنطقة، منذ خرائط سايكس – بيكو.

 

ورغم الخلاف السياسي الكبير بين حزب «بي ي دي» في سورية – وهو الفرع السوري لـ «حزب العمال الكردستاني» (ب ك ك) التركي – مع بارزاني، إلا ان التأييد والفرح جارف ويشمل الاكراد في سورية والعراق، وبالتأكيد في تركيا وايران بل وفي المهاجر الاميركية والاوروبية… وهنا بيت القصيد.

 

ذلك انه رغم ان انشاء كيان كردي سوري، هو ما يهدد مباشرة وحدة تركيا وأمنها القومي، وليس استقلال كردستان العراق الذي قد يهدد ايران في شكل اكبر، لكن هاتين الدولتين – مضافا اليهما العراق ونظام البعث في سورية – تخاف من ان هذا الاستقلال سيشكل دفعة من الفرح والامل ويرفع معنويات الاكراد بعدما أن يكونوا قد كسروا «تابو» اعلان دولة لطالما ناضلوا من اجلها ودفعوا اثمانا مضاعفة من التهميش والقمع، الى جانب مواطنيهم العرب في دول هذا الشرق.

 

وهنا غير مفهوم هذا التراشق بين ابناء الظلم الواحد في سورية تحديدا في شأن استقلال كردستان.

 

بالطبع يتهم الكرد، كل السوريين والعرب بأنهم ضد الاستفتاء وحقوق الاكراد في موجة تحمل الكثير من العداء العنصري الذي حولوه ضد الضحية – اي السوري والعربي المضطهد – بدل ان يحولوه الى الجلاد البعثي والديكتاتوري الذي قمعهم وباقي المكونات سواسية.

 

وفي المقابل، يركب الكثير من الثوار دعاية الانظمة التي قمعتهم برفض استقلال الاكراد وحقوقهم بدل طمأنتهم وهم مخطئون في ذلك، لأن تتالي الخطايا في التعامل مع الاكراد لطمأنتهم كان مريبا. لكن السوريين وغيرهم يتهمون الاكراد بأنهم لم يكونوا ليحلموا بتحقيق حلمهم هذا بإنشاء كيان او دولة سواء في سورية او العراق، لولا الثورة السورية التي استغلوها بداية ليأسسوا عليهم وضعهم الخاص وترتيباتهم الخاصة مع النظام وغيره من الدول – وابرزها الولايات المتحدة – ليفوزوا بأي نوع من انواع الاستقلال. والثوار السوريون محقون في ذلك، خصوصا ان كل مشروع كردي سوري ليس واضحا في اعتبار ان جزءا من تحقق حقوق الشعب الكردي يكون برفع الطغيان عن باقي السوريين.

 

وبمعزل عن هذا الجدل الذي لن ينتهي، موقفي اني لا افهم قيام دول على اساس قومي او ديني واعتبرها دولا عنصرية او مصابة بالفوبيا. ما اعتقده ان الدول يجب ان تنشأ ضمن عقود اجتماعية بين مكونات مختلفة حتى تعيش ضمن دولة قانون تحترم حقوق الانسان.

 

وهنا بالضبط ما يعنيني من اي دولة كردية قد تنشأ في منطقتنا. ذلك ان اي مساحة تتحرر من طغيان الانظمة الديكتاتورية في المنطقة وتُعلن فيها دولة ديموقراطية تحترم حقوق الانسان والحريات العامة تعتبر مكسبا مهما وخطوة في الطريق الصحيح.

 

لا اعير اهتماما لحدود الدول الحالية ولا يوهمنا أحد ان الحفاظ على الحدود هو حفاظ على سيادة دولة ما بل اتضح انه حفاظ على مساحة اكبر من الارض ليستغلها – بمن عليها – الديكتاتور وعائلته.

 

آمل قيام دولة كردية تليق بتضحيات شهداء الحرية، تكون ديموقراطية تحترم الحريات وتساند الثوار من حولها، فتشبهني وتصبح دولتي التي ابحث عنها في هذا الشرق. اما اذا كانت هذه الدولة قمعية، فسيكون موقفي منها كموقفي من اي دولة ديكتاتورية اخرى في منطقتنا وسأقف الى جانب احرارها في سعيهم لطلب الحرية.

 

تحتاج هذه المنطقة – بعد كل هذا القتل والدمار – الى الفرح. لا شيء يضاهي فرح الاكراد واحتفالهم بقرب قيام دولة لهم، الا فرحنا بسقوط نظام الديكتاتور السوري. ولا ارى نفسي خارج هذا الفرح.