ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | عرب وأكراد: حديث في التاريخ والثقافة | وليد محمود عبدالناصر
|
الحياة السعودية |
أثار موضوع تنظيم الاستفتاء في صفوف أكراد العراق على الاستقلال عن الدولة العراقية، الكثير من ردود الأفعال، التي تباينت، بل وتناقضت، وفق انتماء كل صاحب رد فعل وتوجهه الفكري. لكنه أثار أيضاً، وربما هذا هو الأهم على المدى البعيد والأكثر عمقاً وتأثيراً في الوقت ذاته، تساؤلات في شأن طبيعة العلاقة بين الأكراد والعرب، والدور الذي لعبه الموطنون الأكراد في مجتمعات دول عربية كثيرة، خصوصاً العراق وسورية. بدايةً، فإن الأكراد ليسوا فقط مواطنين في بلدان عربية، مثل سورية والعراق، وبأعداد أقل في دول عربية أخرى مثل لبنان وكذلك مواطنين من أصول كردية مثل الحالة المصرية، لكنهم أيضاً مواطنون في دول غير عربية، عاش منهم كثيرون كمواطنين في الاتحاد السوفياتي السابق، ثم تفرعوا بعد انهياره في الدول التي ورثته، وفي مقدمها روسيا، كما أنهم مواطنون في تركيا وإيران. المسألة الكردية إذاً، وهو تعبير نشأ مع الحرب العالمية الأولى وما تلاها، خصوصاً معاهدة سيفر، ليست مقصورة في نطاقها على العلاقات بين العرب والأكراد، بل تشمل العلاقات بين الأكراد وقوميات وجماعات عرقية ولغوية وثقافية أخرى. أما إذا ركزنا هنا على حالة العلاقات بين العرب والأكراد، فنجد أنه من المنظور التاريخي كان الأكراد من القوميات التي جاورت العرب جغرافياً لقرون عدة قبل ظهور الدعوة الإسلامية، كما أنهم كانوا من القوميات التي دخلت الدين الإسلامي على مدار تاريخه، مثلهم في ذلك مثل قوميات أخرى، بحيث أصبحت الغالبية العظمى من الأكراد المقيمين على أراضي الدولة الإسلامية ممن تحولوا إلى الدين الجديد فانصهروا من الناحية العقائدية في الإسلام، كذلك بقي في صفوفهم من اعتنق ديانات أخرى، بخاصة المسيحية، وعندما حدث في مرحلة لاحقة الانقسام السني – الشيعي، حدث انقسام مماثل في صفوف الأكراد، وكان على النمط نفسه الذي حدث في صفوف العرب، أي أصبح السنّة هم الغالبية من المسلمين الأكراد وصار الشيعة هم الأقلية في صفوفهم. وحارب الأكراد المسلمون في صفوف جيوش الدول الإسلامية المتعاقبة أو المتصارعة في ما بينها، وبرزت منهم شخصيات في المجالات المختلفة، كان من أهمهم بالتأكيد وأكثرهم شهرة من الناحية التاريخية في مجالي الحرب والسياسة صلاح الدين الأيوبي الذي أنشأ الدولة الأيوبية التي حكمت مصر والشام لسنوات طويلة، كما أنه الذي ألحق الهزائم بالإمارات الصليبية التي تأسست في أعقاب عدد من الحملات الصليبية المتتالية التي شنتها أوروبا آنذاك على العالم الإسلامي، وتحديداً على قلبه في مصر والشام، بما في ذلك في أرض فلسطين. وخلال تلك الحقبة التاريخية، كان هناك دعم في بعض الفترات من جانب الاتحاد السوفياتي السابق، لمطالب الأكراد في الدول الموالية للغرب أو المتحالفة معه ومحاولة مساعدتهم في تحقيق حلمهم التاريخي، وكانت أهم المحاولات في هذا السياق، الدعم السوفياتي إقامة دولة كردية في مناطق ذات غالبية كردية في إيران، وذلك خلال الحرب العالمية الثانية وكانت عاصمتها في “مهاباد”، وإن رفع الاتحاد السوفياتي الدعم عنها لاحقاً في إطار صفقة مع الغرب ومع الحكم الشاهنشاهي في إيران مع نهايات الحرب العالمية الثانية. ولاحقاً، وفي سياق الحرب الباردة، كان هناك الدعم السوفياتي حزبَ العمال الكردستاني، ذا التوجهات اليسارية، في المناطق ذات الغالبية الكردية في تركيا حليفة الغرب. وعلى الجانب الآخر، دعم الغرب تطلعات وتحركات كردية في البلدان التي كانت جزءاً من المعسكر السوفياتي أو متحالفة معه، وكان المثل الأبرز في هذا السياق في زمن الحرب الباردة أيضاً هو العراق في ظل الأنظمة التي حكمته بعد ثورة – انقلاب 14 تموز (يوليو) 1958 ورفعت رايات تقدمية وارتبطت بعلاقات وثيقة مع الاتحاد السوفياتي السابق. ومن ثم، فإنه من الناحية التاريخية، وفي ضوء العرض والتحليل السابقين، نجد أن التعارض بين المصالح القومية العربية وتلك الكردية كان وليد القرن العشرين فقط من دون أي جذور تاريخية سابقة على ذلك، ولاعتبارات سياسية وليست ثقافية، بل إنه حتى في القرن العشرين، وتحديداً في عقد الستينات منه، اعتبر الزعيم القومي العربي جمال عبدالناصر أن للأكراد حقوقاً لغوية وثقافية يتعين أن يتمتعوا بها في البلدان العربية التي هم مواطنون بها، وذلك خلال لقاء جمعه آنذاك بالزعيم الكردي العراقي جلال الدين الطالباني الذي تزعم الاتحاد الوطني الكردستاني في العراق لعقود وترأس الجمهورية العراقية لسنوات في أعقاب إطاحة نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. تقودنا هذه النقطة الأخيرة إلى تناول دور الأكراد في الدول العربية والإسلامية على المستوى الحضاري، حيث كانت لكثير من الأكراد مساهمات جادة ومهمة في مسيرة تبلور وتطور الحضارة الإسلامية، مثلهم مثل بقية الشعوب التي دخلت تحت مظلة الخلافة الإسلامية، سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، وذلك على مدار مراحل تلك الحضارة المختلفة وفي مجالاتها المختلفة. ويصدق هذا القول على نطاق عريض من الموضوعات التي تتراوح ما بين العلوم الطبيعية والطبية والرياضية والهندسية وغيرها، إضافة إلى ميادين الثقافة والآداب والفنون المختلفة، واستمر هذا الدور الفعال والخصب في العطاء الحضاري في ما بعد في الدول التي أصبح الأكراد مواطنين فيها بعد تشكل الدولة الحديثة في هذه البلدان. فقد اندمج الكثير من الأكراد في ميادين الحياة العامة المختلفة في البلدان التي أصبحوا مواطنين فيها، واحتل بعضهم مناصب رفيعة في تلك البلدان، سواء في المجالات التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، إضافة إلى ريادتهم في عدد من المجالات الثقافية والفنية والرياضية المهمة. فكان من المفارقات على سبيل المثل أن أحمد بك شوقي الملقب في مصر والوطن العربي بـ “أمير الشعراء” كان في الأصل كردياً وهو من امتلك ناصية اللغة والثقافة العربية، وعلى رغم ما أفسدته السياسة وحساباتها وتقديراتها ومعادلاتها في العلاقات بين العرب والأكراد منذ أكثر من قرن، فإن اندماج مواطنين أكراد في مجتمعات البلدان العربية التي أصبحوا مواطنين فيها، لم يتوقف على الإطلاق، وكذلك لم تتوقف مساهماتهم في العطاء الحضاري، على تنوعه في تلك البلدان. ومن الصحيح، أنه يتعين علينا ألا نتجاهل أن تداعيات الحرب بين المتمردين الأكراد في العراق بقيادة الملا مصطفى البارزاني والسلطة المركزية العراقية، وعلى رغم اتفاق الحكم الذاتي بين الحكومة العراقية والأكراد عام 1972، ثم إقامة المنطقة الآمنة في شمال العراق في أعقاب الغزو العراقي للكويت في آب (أغسطس) 1990، بدءاً بحظر الطيران ثم حظر دخول القوات العراقية البرية إليها، وتعزز ذلك في أعقاب غزو العراق عام 2003، أوجد واقعاً جديداً على الأرض حقق التواصل بين المناطق الكردية في العراق ومنح الفرصة لتطوير نوعي للشعور بالهوية الكردية لدى غالبية أكراد العراق، بما شمل اللغة والتعليم والثقافة والسياسة والاقتصاد والأمن، ومن الصحيح أيضاً أن تداعيات انتفاضات ما اتفق على تسميته “الربيع العربي” في مطلع عام 2011، أدت إلى تعزيز غير مسبوق للهوية القومية لأكراد سورية، ولكن، وعلى رغم كل ذلك تبقى حقيقة أن الأكراد في كل دولة يعيشون كمواطنين فيها بينهم مشتركات مع بقية مواطني تلك البلدان، ومع الإقرار بوجود نقاط اختلاف أيضاً، بالمقدار ذاته الذي توجد نقاط اختلاف بينهم وبين أكراد مواطنين في دول أخرى كما توجد في ما بينهم مشتركات. ولكن ما يجمعهم مع أكراد مواطنين في دول أخرى وأيضاً مع مواطنين في بلدانهم من غير الأكراد ويمثل قاسماً مشتركاً بين الجميع ليس هو السياسة ومطالبها وتطلعاتها، بل السياق التاريخي والمشترك الثقافي والحضاري.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | ماذا وراء استقدام «حزب الله» ميليشيات عراقية إلى لبنان؟
|
هدى الحسيني
|
الشرق الاوسط السعودية
|
نجح الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في الفترة الأخيرة، في إثارة غضب حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي؛ إذ نظم ترحيل المئات من مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي من سوريا ولبنان إلى الحدود بين سوريا والعراق، كجزء من صفقة، أثارت الكثير من التساؤلات حول «مصداقية» الحزب، وأسرع العبادي إلى وصفها بأنها «غير مقبولة»، خصوصاً أن المعارك مع «داعش» مستمرة في بلاده. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يقوض فيها نصر الله تحركات العبادي. أما الآن، وفي حين أن الولايات المتحدة مشغولة بالتوتر المتزايد مع كوريا الشمالية، وأوروبا مشغولة بملاحقة إرهابيي «داعش» ودول الخليج تحاول درء الأخطار عنها، يشعر نصر الله بأن لبنان ساحته المفتوحة بعيداً عن أعين القوى العظمى، فهو بصدد تطبيق خطة جلب المئات من عناصر الميليشيات العراقية الشيعية إلى لبنان، الذين حسب القانون يخضعون لسلطة العبادي. تشير الدلائل الأخيرة إلى أن عناصر الميليشيات العراقية بدأت تصل بالفعل إلى لبنان للتدريب في مخيمات «حزب الله»، في البقاع والجنوب، والخطة هي أن تستقر في البلد وتعمل في وحدات الحزب، على أساس دائم. في العامين الماضيين خرجت تقارير إعلامية كثيرة عن مجموعات من المقاتلين الشيعة الذين يأتون إلى لبنان للتدريب من قبل الحزب وتحت رعاية «فيلق القدس» الإيراني الخاضع بدوره لـ«الحرس الثوري». وبعد التدريب كان يتم إرسال هذه المجموعات إلى مناطق المعارك في سوريا واليمن دون أن تبقى في لبنان. ويبدو الآن الخطة لعامي 2017 و2018 هي إدماج هؤلاء المقاتلين في وحدات «حزب الله» في لبنان، وعلى أساس دائم. هذا التطور هو نتيجة 6 أشهر من الاجتماعات بين كبار مسؤولي «حزب الله»، وعلى رأسهم المسؤول عن فرع العراق في الحزب، وقادة «فيلق القدس» وقادة الميليشيات الشيعية العراقية. أوصل إلى هذا التعاون الثلاثي المعارك في سوريا التي عززت علاقات «حزب الله» أكثر مع «الحرس الثوري» الإيراني والميليشيات الشيعية العراقية، بما في ذلك «كتائب أهل الحق» و«الحشد الشعبي». بعض رجال الميليشيات الذين يأتون إلى لبنان ينتمون إلى «الحشد الشعبي»؛ مما يعني أنهم يشكلون قوة عسكرية رسمية تستجيب لرئيس الوزراء العراقي، على الرغم من أن نشاطها في لبنان يتناقض مع سياسة حكومة العبادي في بغداد. بالطبع ليس العبادي وراء هذه الخطوة، بل إيران التي تمسك بقبضتها الحديدية كل الميليشيات الشيعية العراقية، بالإضافة إلى «المرتزقة» الأفغان والباكستانيين، وتقوم بنشرهم في ساحات معاركها في الدول العربية. لا تستثني إيران وحدات «حزب الله» للقتال في سوريا منذ بداية عام 2012، وتشير التقديرات إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة، وفي ذروة القتال، أرسل «حزب الله» نحو 6 آلاف من مقاتليه إلى المستنقع السوري، أي نحو الثلث من قواته القتالية. تكبّد الحزب ثمناً باهظاً؛ إذ فقد نحو 1500 مقاتل، وذكرت مصادر داخلية أن نحو ألف آخرين أصيبوا بجراح بالغة، ولن يكون بمقدورهم القتال من جديد، ومن المشكوك فيه أن يتمكنوا حتى من ممارسة حياتهم المدنية بشكل طبيعي. وعلاوة على العبء الذي يتحمله الحزب، فإن مشاركته المستمرة في القتال في سوريا تركت أثرها الاقتصادي السلبي عليه. عندما بدأ يشترك في القتال في سوريا كان الحزب مرتاحاً مادياً، لكن الآثار المالية للضغط الإيراني عليه من أجل إرسال قوات إضافية لإنقاذ نظام بشار الأسد، أدت إلى إفراغ خزائنه تاركة الحزب يتطلع إلى مصادر تمويل أخرى! لا يزال الأمين العام للحزب يدفع الثمن بشرياً واقتصادياً لحرب إيران في سوريا، لكنه كما يكرر يستطيع دائماً الاعتماد على راعيه الإيراني، وليس من لا شيء أعلن في خطاب ألقاه بمناسبة «يوم القدس» العالمي في يونيو (حزيران) الماضي، أنه في زمن الحرب فإن مئات الآلاف من المقاتلين الشيعة من جميع أنحاء العالم سيساعدون الحزب. كان يشير إلى وقوف إيران وراءه، وأنها على استعداد للقيام بكل ما يلزم من أجل تشديد قبضتها على الشرق الأوسط، والوصول إلى البحر المتوسط. إن وصول مقاتلين شيعة إلى لبنان سيكون نعمة ونقمة على السيد نصر الله، والحزب يعمل جاهداً على خطة تسويقية لانتشارهم؛ إذ لن يكون من السهل على الأمين العام التبرير لأنصاره، لماذا يرسل أبناءهم للقتال في سوريا في وقت يأتي بالآلاف من العراقيين للاستيطان في جنوب لبنان. ذلك الخطاب، أثار موجة انتقادات من الحكومة اللبنانية، وتسبب في عاصفة شديدة من الرفض لدى اللبنانيين، وسط إحساس بأن المقاتلين الذين في لبنان سيبقون فيه. لكن سرعان ما عمد أعضاء «حزب الله» إلى تسكين المياه، شارحين بأن ما قاله يصب في الدعاية المعادية لإسرائيل. إلا أن الحقيقة هي أن نصر الله لا يوجه تهديدات فارغة، دائماً يجس النبض، ولا يتوقف، ويعتمد على أن الآخرين سيتوقفون وسيرضخون. وقد بدأ باتخاذ خطوات لتنفيذ خطته مما يقوض أكثر وأكثر السيادة اللبنانية. ووفقاً للتقديرات، فبعد وصول مئات المقاتلين إلى لبنان في موجة أولى، ستليها موجات بالآلاف. وللتأكد من جدية التهديد، لا يمكن إلا مراجعة ما حدث عندما تم تشديد الخناق على مصير النظام السوري؛ إذ ارتفع عدد المقاتلين الشيعة في سوريا إلى 12 ألفاً، لم يولد واحد منهم في البلاد التي كانوا يقاتلون من أجلها. وعندما سيأتي المقاتلون العراقيون إلى لبنان تحت رعاية «حزب الله»، من الذي سيمنعهم من استقدام زوجاتهم وأولادهم لاحقاً؟ وقد يتزوج بعضهم لبنانيات، إنما لن يحصل أولادهم على الجنسية اللبنانية، وفقاً للقانون المدني حتى الآن. هذا السيناريو يعني تدفق جالية شيعية كبيرة إلى لبنان، ليس لها حقوق فيه، وسيقع العبء على «حزب الله» الذي سيكون مسؤولاً عن احتياجات سكان شيعة آخرين. فالقليل الذي بقي في خزائنه فيما يستمر القتال في سوريا مع العقوبات الدولية المفروضة عليه، سيدفعه إلى اقتطاعه من الشيعة اللبنانيين المنتمين إليه والأكثر حاجة. لكن العبء الأثقل سيقع على لبنان واللبنانيين. يعاني اللبنانيون منذ 70 عاماً مع وصول أول اللاجئين الفلسطينيين الذين تصاعدت أعدادهم على مر السنين، ليصلوا إلى نصف المليون، ولا يزالون يفتقرون إلى الوضع القانوني، ففتحوا مخيماتهم للإرهاب، وخطر مخيم «عين الحلوة» جاثم بكل ثقله الآن. ثم جاء أكثر من مليون ونصف المليون سوري سنّي، ويشكو اللبنانيون من العبء الاقتصادي الذي تسبب به هؤلاء الذين ينافسونهم على الوظائف، ويضخمون البطالة المحلية، ويخنقون أكثر البنى التحتية المهترئة في لبنان، ويهددون الاستقرار الأمني. ويأتي الآن «حزب الله»، وبسبب الأطماع الإيرانية، ليفرض على اللبنانيين التعامل مع مجموعات أخرى لهم ثقافة وعقلية مختلفة، وأمله في أن يتم استيعابهم. لكن من المؤكد أن السيد نصر الله يتذكر الأحداث التي وقعت عام 2010 أثناء الاحتفال بذكرى عاشوراء، في بلدة النبطية في الجنوب، والتي تضم الكثير من مراكز قياديي الحزب، فخلال مراسم عاشوراء اندلعت الاشتباكات بين الفصائل العراقية المتنافسة من «تيار الصدر» (يزور لبنان حالياً بحماية الحزب) التي جاءت للتدريب على القتال، وبين «تيار إياد علاوي» وكانوا يبحثون عن عمل وتصاعدت إلى حد اضطرت قوات الأمن اللبنانية إلى التدخل. ما هي الضمانات لاحقاً التي ستمنع وقوع اشتباكات شيعية عراقية وشيعية لبنانية؟ يتذمر اللبنانيون من أن بلادهم تمر بتغير تدريجي في طابعها. لم تعد للبنانيين، بل للفلسطينيين والسوريين وقريباً للعراقيين. إن وصول المقاتلين الشيعة العراقيين سيكون له من دون أدنى شك، آثار اقتصادية بعيدة المدى، والأخطر ستكون له تداعيات ديموغرافية كبيرة. يقول السيد نصر الله إنه ذهب إلى القتال في سوريا دفاعاً عن لبنان. هل الإتيان بشيعة من «الحشد الشعبي» العراقي إلى لبنان هو أيضاً للدفاع عن لبنان، أم نزولاً عند رغبة الأخطبوط الإيراني؟! |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | قطر وسوريا والعراق والسمسرة السياسية على المكشوف!
|
فوزية رشيد
|
اخبارالخليج البحرينية |
{ هذا عالم بالإمكان أن نقول عنه إنه بلغ مرحلة (السمسرة السياسية على المكشوف)، ونتعفف عن استخدام لفظ آخر يليق به تماما! فلقد أصبح للإرهاب (شرف) ويتم الدفاع عن هذا (الشرف الإرهابي) علنا من قطر، وهي تصف جمهورية الإرهاب الإيراني! فيما (أصبحت الدول التي تكافح الإرهاب بذات المنطق المعوج الشديد الاعوجاج «غير شريفة»)! لأنها تدافع عن أمنها الداخلي والأمن القومي الخليجي والعربي، اللذين تعتبرهما قطر ساحة مكشوفة لإرهابها (التابع بدوره للإرهاب الدولي والإقليمي)، وبذلك هي ترسخ (مصطلحا سياسيا) في العالم من داخل الجامعة العربية يشير إلى ما وصلت إليه «الحالة العربية» أولا، التي لم تُجَمِّد بعد عضوية هذه الدولة المارقة في مجلس التعاون وفي الجامعة العربية، فيما الساسة والقادة الدوليون، يغضون الطرف عن (إيران الإرهابية) التي اكتسبت من خلال الأداة القطرية وسام أن يكون إرهابها شريفا! لقد انقلبت الموازين الدولية ومعها العربية، لتعبث قطر على المكشوف، وتصك فرمانات ومصطلحات سياسية جديدة يُراد لها أن تُضاف إلى قاموس (السمسرة الراهنة) التي تجتاح المنطقة والعالم!
{ العبث الدولي نفسه بمصائر الدول والأوطان والشعوب، والسمسرة نفسها في (سوق النخاسة الدولية) تتم المتاجرة العلنية فيهما على أرض كل من سوريا والعراق، فالأكراد الذين حظوا بمحبة الكيان الصهيوني والثقة الصهيونية السامية! سرعان ما استغلوا تدهور كل الأوضاع في العراق، في ظل حكم طائفي قالت التقارير عنه، بل أجمعت، أنه النظام الأكثر فسادًا في العالم والسرقات بمئات المليارات، فيما الشعب يعيش الفاقة والفقر والفوضى ليأتي الأكراد بتشجيع «إسرائيلي.. مقصود» فيعلنوا إصرارهم على الانفصال عن جغرافيا العراق التاريخية، وليدشنوا بذلك بداية جديدة للفوضى والحروب في العراق أولاً وفي بقية دول المنطقة التي تنتظر «أقلياتها» (استنساخ التجربة الكردية) و«مفيش حد أحسن من حد»! وهذه الخطوة (تدشين) لثمار الفوضى السابقة، وبداية التطبيق الفعلي لخرائط الشرق الأوسط الجديد، يتم إطلاقها من العراق هذه المرة بعد السودان! إلى جانب أن الحشد أو الحرس الثوري الإيراني في العراق يمنع أهل السنة من العودة إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم التي تم إجبارهم على النزوح عنها بحجة الحرب على داعش!
{ «عصام زهر الدين»، وهو أحد الضباط «الدروز»، يعلن على التلفزيون السوري أن على اللاجئين السوريين وعددهم أكثر من 4 ملايين لاجئ ألا يعودوا إلى مناطقهم ومدنهم وقراهم! لقد وصلنا إلى طرد الشعوب من أوطانها! ولا نسمع حسًّا أو خبرًا للمنظمات الحقوقية الدولية حول ذلك!
وبعد الصفقة المفضوحة بين «حزب اللات» و«داعش» وترحيلهم إلى «دير الزور» بدأ فيلم (قتل المدنيين) بطائرات النظام والطائرات الروسية، مثلما قامت «داعش» بمواصلة قتل قادة «المعارضة السورية المسلحة» وتفخيخ الأمكنة بالألغام والقتل المباشر، فيما يشي المشهد بما هو قادم بانتظار المدنيين وليس المعارضة المسلحة وحدها! فتصدير داعش إلى «دير الزور» هدفه أصبح واضحًا، رغم مسرحية المناطق التي يُراد تحييدها من الاقتتال برعاية روسية – تركية – إيرانية وبضمانتهم!
{ اللعبة نفسها تدور رحاها حول منطقة «إدلب» بعد أن تم تجميع كل المعارضة وأهل حلب ومواطني وأهالي مدن أخرى فيها، لتكون بعد بعض الوقت «مكان إبادة وتصفية للمدنيين (السنة) بالطبع»، وحيث جاء تجميعهم في «إدلب» منذ البداية للهدف التصفوي نفسه، كان الهدف متوقعا، ومن ثم التغيير الديموغرافي الذي تم تكريسه في مدن أخرى!
هو إذا البدء بتنفيذ مخطط التقسيم في كل من سوريا والعراق من خلال تهيئة الأرض السورية والعراقية له وجعله أمرا واقعيا، والمستفيد الأكبر بعد «إسرائيل» هي «إيران الشريفة»! التي تمارس إرهابا شريفا تقتل به وتسيطر به وتنفذ مشروعها التوسعي به، وتهدد أمن الدول والمنطقة به، وتضع مليشياتها في الصف الأول لتهيمن به! فيما القوى الكبرى، بل حتى ما تبقى من الأنظمة العربية، تمارس التجاهل حينًا والصمت حينًا آخر، وتكتفي ببعض الملامات حينًا ثالثًا، وكأنها لا تدرك ما يحدث حولها! وإذا فهمنا موقف الدول الكبرى صاحبة مشروع تفكيك المنطقة، فكيف نفهم موقف الدول العربية مما يحدث حولها من (سمسرة سياسية وتفكيك) لن تكون بعيدة عنهما إن لم تكن في خضم الاستهداف بهما! إنه بالفعل عالم بلغ حالة انعدام الوزن في كل شيء! |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | مشروعية الدولة الكردية
|
عمر الردّاد
|
راي اليوم بريطانيا |
رهانات كثيرة يتم تداولها حول إمكانية تراجع الأكراد عن المضي في إجراء الاستفتاء المقرر الاثنين القادم ، لإعلان استقلال إقليم كردستان العراق ،دولة مستقلة، في ظل المواقف الإقليمية الرافضة للاستفتاء وخاصة من قبل إيران وتركيا والحكومة المركزية في بغداد ،والتحفظات الدولية، ارتباطا بالتغيير الجيوسياسي الذي سينشأ بالمنطقة ،في حال إعلان الدولة الكردية ، تحت عناوين المزيد من الصراعات الإقليمية ، وتفجر النزعات القومية المطالبة بالاستقلال، في أوساط قوميات متعددة بالإقليم ، علاوة على الإضرار بجهود الحرب القائمة ضد داعش في العراق وسوريا ، كما ورد في بيان الأمين العام للامم المتحدة. يبني الأكراد مقارباتهم في طرح شرعية دولتهم ، وفق حق تقرير المصير المقر امميا، والحكم الذاتي الذي تم تحقيقه بتوافق مع النظام العراقي السابق ، والانقلاب عليه من قبل السلطة المركزية في بغداد منذ عام 2003 ،التي يقودها المكون الشيعي العراقي ، رغم ان المظلومية كانت قاسما مشتركا لهما ،إبان حكم البعث والرئيس صدام حسين. ومنذ 14 عاما قدم الإقليم في ظل كيانية أعلى من حكم ذاتي واقل من دولة نموذجا يؤسس لدولة تحظى بالاحترام ، حيث الالتزام بالعمل ضد الإرهاب ، مما جعلهم مصدر ثقة للغرب،امتدت هذه الثقة الى سوريا ليكون الأكراد عنوان الحرب على داعش ،ونجح الأكراد في هذه الكيانية بتقديم صورة نموذجية للأمن والاستقرار والتنمية ،لم تتحقق في بقية مناطق العراق ،لدرجة أصبح فيها الإقليم ملاذا آمنا لكل العراقيين من كل الطوائف للنجاة بأرواحهم من بطش السلطة في بغداد، خاصة في المرحلة التي تولى فيها السيد نوري المالكي حكم العراق. المعارضون للاستفتاء في الإقليم ، وخاصة إيران وتركيا ، يبنون مقارباتهم على خطابات تاريخية حول أحقية او عدم أحقية الأكراد في إعلان دولتهم ،وان هذه الدولة لن يكتب لها النجاح وستكون معزولة ، في ظل جوار معادي لها سيمنع عنها الهواء ، ولغة تهديد تركية وإيرانية وعراقية، باستخدام خيارات عسكرية ضد الإقليم”الدولة” ربما تعكس حجم المخاوف الوجودية لكل من إيران وتركيا، اذ تضم الدولتان النسبة الأكبر من الكرد ( في إيران أكثر من 12 مليون كردي ،وفي تركيا أكثر من 15 مليون وفي سوريا حوالي 2 مليون) إضافة لاثنيات أخرى ، عاجلا ام أجلا سينتقل إليها مطلب الاستقلال ،كما تتضمن هذه المقاربات إعادة إنتاج مقولات حول علاقات الأكراد مع إسرائيل ، في وقت لم تعد هذه العلاقات من المحرمات عربيا وإسلاميا ، والتي يرجح ان تصبح قريبا تحظى بشرعية دينية وقومية، واتهامات بان من يريد الانفصال الرئيس برزاني لأسبابه الخاصة المرتبطة بضمان استمرار قيادته للأكراد ،وان عموم الأكراد لا يريدون الانفصال .غير ان الأهم في خيارات المعارضين هو الخيار العسكري ، والمرجح رغم ضعف احتمالات وقوعه إلا انه يبقى خيارا مطروحا ، خاصة بالنسبة لإيران التي ستخوضه عبر قوى عراقية ، على رأسها الحشد الشعبي لتبدو المعركة عراقية عراقية .وهنا يبرز التساؤل حول موقف سنة العراق العرب،الذين ترجح قراءات كثيرة ان مصلحتهم ستكون بالنهاية مع الكرد. صحيح ان احد أوجه القضية الكردية عربي في سوريا والعراق ، إلا انه عمليا مشكلة إيرانية تركية بالدرجة الأولى ، ومن الملفت للنظر ان الدول عربية او إسلامية المعنية بالقضية الكردية ، تطالب ب”حق تقرير المصير” للشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية في فلسطين، تحجب هذا الحق عن الأكراد ،الذين يشكلون قومية متجانسة أكثر بكثير من شعوب أوروبية حصلت على الاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.وربما يحتاج العرب والإقليم اليوم لاستحضار مقولة الملك حسين بن طلال ، حينما رفض احتلال العراق للكويت ،على أساس ان القبول بذلك سيحرم العرب من المطالبة برفض مبدا احتلال أراضي “الغير” بالقوة عند بحث القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ،فكيف لتركيا وإيران ان تطالب اليوم بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره؟! تطرح اليوم تساؤلات حول إمكانية استجابة البرزاني للضغوط والوساطات والمبادرات الدولية، التي تطالبه بعدم إجراء الاستفتاء ،لكن هل سيقبل بإلغاء او تأجيل الاستفتاء دون الحصول على ما يقدمه لشعبه كبديل له ، اذ تشير تطورات ردود الفعل ولغة التهديد والوعيد ان القضية وصلت الى مراحل كسر العظم ، في ظل قناعات بان الاستفتاء ربما يتم تأجيله لكن لن يتم إلغاؤه، وانه كما تم حرمان الأكراد من دولة في اتفاقية لوزان عام 1923 ، فان إعلان دولتهم لا بد ان يكون بتوافق دولي ،ربما لم يحن موعده لتاريخه، رغم تغير القوى الفاعلة والظروف الدولية. وبصرف النظر عن إجراء الاستفتاء من عدمه، والمؤكد حصوله على نسبه أكثر من 50% إذا ما تم إجراؤه ، فان نتيجته المطلوبة قد تحققت إقليميا ودوليا ،بوضع ملف القضية الكردية على طاولة البحث ،وفي الخلاصة فان غياب دولة القانون والمؤسسات والحقوق والمواطنة ، أسهمت في دفع الأكراد للحرص على التمسك بنيل الاستقلال ، إذ إن تجاربهم في الدول التي يشكلون فيها جزءا تاريخيا أصيلا منها ،وتعامل الأنظمة معهم، تهميشا وتمييزا وحرمانا من الحقوق وحتى الهوية والجنسية،طرحت شكوكا عميقة حول فرضية اندماجهم في الدول التي يقيمون فيها، خاصة تجاربهم مع شركاء “المظلومية “في العراق منذ 2003. |