ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | الاستفتاء الكردي فرصة للإصلاح كردياً وعراقياً
|
غسان العطية
|
الحياة السعودية |
هناك حقائق تاريخية ذات صلة:
العراق كيان سياسي حديث أفرزته نتائج الحرب العالمية الأولى. وتاريخياً لم يكن العراق بحدوده الحالية كياناً سياسياً مستقلاً، بل كان مصطلحاً جغرافياً اختلف في تعريف معنى كلمته، بين اعتبارها عربية تعني مناطق قرب البحر، أو كونها من كلمة الأعراق حيث يسكن العراقَ خليط عرقي، واعتبرها آخرون كالخوارزمي فارسية، أو سومرية من كلمة أوروك السومرية، كما شاع في العهد الإسلامي مصطلح العراق العربي الذي تمتد حدوده من البحر إلى تكريت شمالاً، ومعه عراق أعجمي شمال ذلك يمتد إلى داخل إيران الحالية.
أما على الصعيد الغربي، فكان يشار إلى العراق بالتعبير اليوناني ”ميسوبوتاميا“ أي أرض ما بين النهرين، والحملة البريطانية لاحتلال العراق الحالي سميت حملة ”ميسوبوتاميا“.
فشلت العهود العراقية المختلفة منذ تأسيس العراق لحد اليوم في إيجاد صيغة للاندماج الاجتماعي والعيش المشترك، وإن كانت هناك محاولات جادة في العهد الملكي وأخرى إبان حكم عبدالكريم قاسم، ثم في ما بعد محاولة رئيس الوزراء عبدالرحمن البزاز، ومحاولة أخرى في السبعينات بإصدار قانون الحكم الذاتي للأكراد. كل هذه المحاولات لم تكلل بالنجاح أو الديمومة، وسرعان ما كانت تعود العلاقة بين عرب العراق وكرده إلى نقطة الصفر. إن مسؤولية الفشل هذه يتحملها الطرفان العربي والكردي بدرجات متفاوتة.
لقد جاء الاحتلال الأميركي العراق ليعطي الأكراد فرصة نادرة لإعادة صوغ العلاقة مع العراق، وكان الطرف الكردي فاعلاً ومساهماً في كتابة دستور ٢٠٠٥ الذي تم اعتماده بغالبية كبيرة في محافظات كردستان العراق، ومع ذلك فشل هذا الدستور في تكريس الثقة بين الكرد والعرب العراقيين بإيجاد صيغة للعيش المشترك.
وأفرزت العملية السياسية نظاماً سياسياً كرس الهيمنة الطائفية للشيعة وتم التعامل مع العراقيين كمكونات لا مواطنين، ما عمق الصراعات الإثنية والطائفية مفضياً إلى تهميش العرب السنّة، ودفع بعضهم إلى التطرف واللجوء إلى العنف، ومن المفارقات أن التحالف الشيعي – الكردي الذي قامت عليه العملية السياسية بعد الاحتلال سرعان ما تلاشى ليجد العرب السنّة ملاذهم في كردستان العراق وليس بغداد. وهل يرضي الشيعة أن تكون نهاية العراق على أيديهم؟
من دون شك تتحمل الأحزاب الإسلامية، خصوصاً الشيعية المسؤولية الكبرى في فشل العملية السياسية التي وصل معها الحال إلى أن أصبح الكل ناقداً وناقماً على الوضع. لكن هذا لا يعفي الحزبين الكرديين من المسؤولية في ما وصلت إليه الأوضاع، بخاصة في تعاملهم مع الآخرين من منطلق إثني لا سياسي. حتى الحزب الشيوعي انقسم إلى كردي وآخر عراقي.
ما العمل وكيف الخروج من هذا المآزق؟
إن إطلاق الدعوة إلى الاستفتاء على مستقبل العلاقة بين الكرد والعراق من جانب أربيل يؤكد فشل العملية السياسية ويفتح الباب واسعاً لاختيارات صعبة، لكن الأهم أن لا يؤدي الإعلان عن الاستفتاء أو تنفيذه إلى حرب أهلية جديدة تجعل الكل خاسراً. ولمنع مثل هذا الاحتمال أطرح الملاحظات الآتية:
وقف التصعيد الإعلامي، فبعضه يصب في خانة التطرف ويدفع باتجاه العنف.
إن الانفصال لا يعني بالضرورة حلاً لمشاكل إقليم كردستان، لأن غياب رؤية واضحة لكردستان ما بعد الانفصال قد يؤدي إلى مشكلات أخرى وربما أعمق، ولنا في تجربة انفصال الباكستان وجنوب السودان دروس لا بد من الاستفادة منها، كما إن تجربة كردستان المستقلة عن بغداد في منتصف التسعينات تؤكد ذلك.
إن على من يدعو إلى رفض الانفصال عن العرب أن يعرف لماذا يفضل الكرد، لا بل حتى قوميات أخرى، العيش مع الكرد بدلاً من حكم الإسلام السياسي، كما أن على من يرفض الانفصال من القوى الشعبية أن يكسب الطرف الآخر من خلال تفهم مشكلاته والالتقاء معه في منتصف الطريق. ومرة أخرى، لنا من تجربة مقاطعة كيبيك الكندية مثل يحتذى، حيث توجه أبناء المقاطعات الأخرى برسائل حب إلى سكان كيبيك للبقاء في الاتحاد الكندي، وهذا ما حصل عملياً.
على من يرفض الانفصال عن الأحزاب الحاكمة الشيعية والسنية أن يقدم بديلاً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً أفضل مما لدى سكان كردستان الآن.
إن القوى الطائفية بطبيعتها تكرس الاختلاف والخلاف إلى حد الاقتتال، لذا فالتحدي الأكبر هو لقوى الاعتدال المدنية العراقية، بعربها وكردها وتركمانها وغيرهم. فهي الأكثر تضرراً من الانفصال أو السقوط في لجة الحروب الأهلية. وهذه القوى مدعوة إلى التحالف بما يجعل منها الجسر الذي يوحد العراقيين سياسياً لا طائفياً أو إثنياً.
إن تجربة السنوات الماضية لم تدع مجالاً لثقة المواطنين في الشعارات، فالمطلوب شخصيات وقوى ذات صدقية يثق فيهم الناس، لذلك فبعض الكرد أو غيرهم يشكك في شعارات الاستقلال لأنها قد تخفي طموحاً وتكريساً لزعامات بعينها.
إن ما يجمعنا كعراقيين ليس الرابط الديني أو المذهبي أو القومي، بل المصلحة المشتركة المتمثلة في أرض مشتركة (موطن) والقيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشتركة. فإن كانت هناك أرض مشتركة تبقى المشكلة في غياب القيم المشتركة، ولنا في التجربة الأوروبية خير مثل: فبعد حروب ذهب ضحيتها الملايين واحتلت فيها ألمانيا باريس مرتين، وجد الطرفان وبقية الأوروبيين مصلحتهم في العيش المشترك في ظل قيم إنسانية لا دينية أو مذهبية أو قومية، إضافة إلى صيغة اقتصادية وديموقراطية للعيش المشترك تتعامل مع سكان الاتحاد الأوروبي كمواطنين عبر مؤسسات دستورية منتخبة. وفي حال الفشل في إيجاد مثل هذه الصيغة يصبح العيش كجارين صديقين خيراً من العيش في دار منقسمة على نفسها وفي حال صراع دائم.
وكإجراءات عاجلة ومطلوبة:
إن من حق الطرف الكردي أن يطلب ضمانات مكتوبة كي يؤجل الاستفتاء أو يلغيه، كما هو محق بقوله أن النظام في بغداد طائفي وفاسد، ولكن في المقابل عليه أن يتخذ الإجراءات كي يثبت صدقيته كردياً بأن يعاد تفعيل البرلمان وتتخذ الإجراءات المقنعة للحد من الفساد والاستئثار الحزبي والعائلي. مثل هذه الخطوات يجب أن تسبق تنفيذ الاستفتاء كي يقتنع الكرد قبل غيرهم بأن الاستفتاء ليس مجرد وسيلة لتكريس زعامة عائلية. وحسناً فعل السيد مسعود البارزاني عندما أعلن في لقاء مع بي بي سي البريطانية (أيلول – سبتمبر ٢٠١٧) بأنه لن يترشح لرئاسة الإقليم مجدداً، كما يكرس صدقيةَ الموقف الكردي خبرُ الاتفاق بين الحزبين الديموقراطي والاتحاد على تفعيل برلمان كردستان قبل الاستفتاء في إطار مشروع يتضمن النقاط الآتية:
تفعيل برلمان كردستان، ومعالجة رواتب الموظفين من خلال مشروع قانون
منح الثقة لتشكيل مجلس صندوق موارد النفط والغاز، وتعديل قانون الانتخابات، وإصدار قانون خاص باستفتاء الاستقلال، ومنح الثقة للجنة صوغ دستور دولة كردستان، وتعديل قانون رئاسة إقليم كردستان.
هنا، يبرز السؤال الآتي: هل هناك وقت كاف لتحقيق كل ذلك قبل تاريخ الاستفتاء يوم ٢٥ أيلول؟ في اعتقادي قد لا يكفي الوقت، ومن هنا أطرح ما يآتي:
أولاً: الإعلان رسمياً عن الاتفاق المذكور أعلاه.
ثانياً: نتيجة ضيق الوقت ولأسباب لوجيستية وسياسية، يتم الاكتفاء بإجراء الاستفتاء في محافظات الإقليم فقط من دون المناطق المتنازع عليها، على أن يبدأ التفاوض مع بغداد من جانب ممثلي البرلمان الكردستاني المفعّل حول الاستفتاء عموماً والمناطق المتنازع عليها خصوصاً. وموقف كهذا يمثل بادرة حسن نيات كردية على بغداد أن تتجاوب معها.
في المقابل إذا كانت بغداد جادة في وحدة العراق، فعليها أن تتخذ الخطوات الآتية:
أولاً: استحصال على موافقة البرلمان العراقي لتشكيل فريق للتفاوض مع الطرف الشرعي البرلماني للأكراد مع تحديد سقف زمني.
ثانياً: في حال التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يعرض الاتفاق للاستفتاء العام.
ثالثاً: مقاربة كهذه لا تتناقض مع الدستور وتؤسس لعقد سياسي جديد إما بصيغة جديدة للعيش المشترك أو خطوات فك الشراكة واستقلال كردستان.
رابعاً: حتى في حال إقرار الانفصال فهناك الكثير من التفاصيل الخاصة بفك الارتباط اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً تلحقها تبعات تخص الأكراد المقيمين في المحافظات العربية من حقوق والعكس صحيح. إن تجربة خروج بريطانيا من الاتحاذ الأوروبي مفيدة في هذا الصدد.
خامساً: القبول في حال الاختلاف على المناطق المتنازع عليها بمبدأ التحكيم الدولي وهذا ما لجأ إليه الكثير من الدول ومنها البحرين وقطر في ما يخص حدودهما البحرية. إن التحكيم الدولي يرفع العتب عن الطرفين من جانب جمهورهما.
إن النجاح في التوصل إلى تسوية مع الأكراد قد يقنع المحافظات العربية السنّية بعدم المطالبة بالانفصال أو بإقليم عربي سني، والعكس صحيح. فانفصال كردستان ستتبعه المطالبة بإقليم عربي سنّي أو حتى الانفصال.
وأخيراً وليس آخراً، تتيح الانتخابات المقبلة في حال ضمان حريتها ونزاهتها – خصوصاً بعد التخلص من «داعش» – الفرصة لتحالفات بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي للمجيء ببرلمان متعاون وقادر على التجاوب مع الإصلاحات المطلوبة عراقيـاً وكردياً. وأي ثمن يدفع إلى الحيلولة دون الانــزلاق إلى العنـف والحرب الأهلية يبقى أرخص من كـلفة حرب أهلية مدمرة، ولنا في تجربة «داعش» درس بليغ.
إن نجاحنا كعراقيين في التوصل إلى تسوية سياسية بين بغداد وأربيل من دون تدخل إقليمي أو دولي سيعزز استقلالنا واستقرارنا واحترام الآخرين لنا.
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | أكراد العراق والحق في الاستقلال
|
إيلي ليك
|
بلومبيرغ الامريكية |
تخيل محنة مجموعة عرقية داخل الشرق الأوسط تسعى لممارسة حق تقرير المصير داخل الشرق الأوسط. وتخيل أن قادتها نددوا بالإرهاب، في الوقت الذي حاربت فيه ميليشياتها بجانب الجنود الأميركيين. وفي الوقت الذي بنى فيه جيرانهم أسلحة دمار شامل، بنوا هم برلماناً وجامعات وبنية تحتية لدولة مستقلة. واليوم تسعى هذه المجموعة نحو الاستقلال من خلال عملية قانونية معترف بها. بالطبع أتحدث هنا عن أكراد العراق الذين من المقرر أن يصوتوا في 25 سبتمبر (أيلول) في إطار استفتاء عام حول بناء دولة مستقلة لهم. ورغم أن المرء ربما كان يميل للاعتقاد بأن الحكومة الأميركية ستنظر إلى الأكراد باعتبارهم مرشحين مثاليين لبناء دولة داخل منطقة غالباً ما تجري المساعي نحو نيل حق تقرير المصير من خلال العنف، ومع هذا، نجد أن إدارة ترمب حتى هذه اللحظة عملت بدأب على تثبيط حكومة إقليم كردستان العراق عن إعطاء شعبها فرصة التصويت من أجل الاستقلال. وتدور الحجج الأميركية الرافضة للاستفتاء المزمع عقده، بصورة أساسية حول التوقيت، وذلك تبعاً لما ذكره مسؤولون أميركيون وأكراد. جدير بالذكر أنه من المقرر أن يعقد العراقيون أنفسهم انتخابات العام المقبل. ومن الواضح أن التصويت لصالح الانفصال عن العراق سيضعف موقف رئيس الوزراء حيدر العبادي، في لحظة يأمل فيها بالإبقاء على العراق موحداً، وأن يقود القتال ضد تنظيم داعش. ويرى دبلوماسيون أميركيون أن السماح للمواطنين بالتصويت حول الاستقلال داخل مناطق متنازع عليها في العراق سيشعل مشكلات كبرى. وعليه، فإنهم يأملون في أن يعيد الأكراد النظر في هذا الأمر. من ناحيته، أخبرني مايكل روبن، الخبير بالشؤون الكردية لدى «ذي أميركان إنتربرايز إنستيتيوت»، أن الاستفتاء «يجري عقده لأسباب خاطئة». وأشار إلى أن قرار السماح بعقد الاستفتاء داخل كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها «يضمن اندلاع صراع جديد»، مضيفا أنه «إذا اختاروا الاستقلال، فإن كردستان ستخوض على الفور حرباً من أجل حدودها». ورغم ما تحمله هذه الاعتراضات من نيات حسنة، فإنها لم تفلح في إحباط المبادرة. لقد آن الأوان أن يعلن أكراد العراق ما يوقن به بالفعل جميع متابعي هذه القضية، أن الأكراد يستحقون دولة خاصة بهم. وفي حديث بيننا، أخبرني عزيز أحمد، مستشار مسرور بارزاني، مستشار الأمن الوطني لدى حكومة الإقليم الكردي، أن مندوبين رفيعي المستوى سافروا إلى واشنطن وبغداد وطلبوا من الولايات المتحدة ضمانات مقابل إبداء الجانب الكردي المرونة. وبدلاً من التعامل مع هذه القضية باعتبارها مشكلة، ينبغي أن ينظر الرئيس ترمب للاستفتاء الكردي باعتباره فرصة. هنا لدينا أقلية عرقية فعلت – في أغلب الوقت – كل ما نطلبه من المجموعات التي تسعى لبناء دول مستقلة لها. من جانبه، قال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق، في حديث له معي: «نسمع تصريحات يومية عن حل الدولتين وحق تقرير المصير للفلسطينيين، من جانب المسؤولين أنفسهم الذين يخبروننا أنه ليس بمقدورنا إجراء استفتاء للتعبير عن إرادة الأكراد كي يقيموا دولتهم المستقلة. هذه ليست سوى معايير مزدوجة». بالطبع تبقى هناك أوجه اختلاف مهمة بين الفلسطينيين والأكراد فيما يخص بمساعي الاستقلال. كما أن إسرائيل لم ترتكب جرائم واسعة النطاق بحق الفلسطينيين على غرار ما فعل صدام حسين بحق الأكراد. كما أن الأكراد لم يطرحوا أي مطالب بخصوص أحقيتهم في السيطرة على بغداد، على خلاف الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يطالب كل منهم بأحقية السيطرة على القدس. كما أنه ما يزال هناك تأييد كبير داخل إسرائيل لحل الدولتين، بينما يغيب مثل هذا الدعم في صفوف العراقيين العرب تجاه الاستقلال الكردي. إلا أن وجه الاختلاف الأكبر ربما يكمن في المصالح الوطنية الأميركية. منذ عشر سنوات ماضية، كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى دعم على الأقل لعملية سلام من أجل إسرائيل والفلسطينيين كوسيلة لإقناع الحلفاء العرب، بالانضمام إلى الجهود الأميركية في مواجهة إيران. إلا أن فترة رئاسة باراك أوباما والمغامرات الإيرانية بدلت كل ذلك. واليوم، يشعر حلفاء أميركا من العرب بالإحباط إزاء عدم اتباع واشنطن سياسة أكثر نشاطاً للتصدي لطهران أو لتفعيل عملية السلام أو أي قضية أخرى. من ناحية أخرى، فإن حكومة إقليم كردستان ما تزال بعيدة عن المثالية. ومن جانبه، أعلن رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، أنه ستُجرى انتخابات جديدة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وتعهد بأنه لن يترشح للرئاسة من جديد. إلا أنه مقارنة بجيرانها، تبدو حكومة إقليم كردستان أشبه بسويسرا، فعلى الأقل لا يطلق القادة الأكراد أسماء التفجيريين الانتحاريين على الشوارع. كما ناشدت القيادات الكردية مواطنيها القتال إلى جانب الولايات المتحدة في مواجهة أعداء العراق المشتركين. ولم يقدم الأكراد على حرق الأعلام الأميركية، ومعظمهم نجا من شرك المتطرفين. وقد سعى الأكراد نحو بناء دولتهم على النحو الذي كنا نأمل من الفلسطينيين القيام به. ومن شأن الاستفتاء وضع نهاية لفصل بدأ منذ 25 عاماً، عندما أقر الرئيس جورج بوش في أعقاب حرب الخليج الأولى منطقة الحظر الجوي لحماية الأسر الكردية من هجمات صدام حسين. وعلى امتداد ربع القرن الأخير، بنى الأكراد دولة قوية جديرة بنيل الاستقلال، في ظل حماية القوات الأميركية. وينبغي أن يشكل هذا مصدر فخر لنا جميعاً نحن الأميركيين. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | استفتاء كردستان… هل من بديل؟
|
عثمان ميرغني
|
الشرق الاوسط السعودية |
مع اقتراب موعد استفتاء كردستان العراق، بدأت نواقيس الخطر تدق من كل اتجاه، ونذر المواجهات المحتملة تطل من هنا وهناك، مثيرة مخاوف جدية من المنحى الذي يمكن أن تتخذه الأمور في المرحلة المقبلة. ففي الوقت الذي كان فيه مجلس النواب العراقي يصوت برفض الاستفتاء مطالباً السلطات المختصة «باتخاذ ما يلزم لإلغائه»، كان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يقوم بجولة في مدينة كركوك المتنازع عليها معلناً بأن الاستفتاء سيجرى في موعده ولن يؤجل، متوعداً بأن الشعب الكردي سيواجه «حتى آخر شخص فيه» أي طرف يحاول استقطاع كركوك من كردستان. في الوقت ذاته بدأ مسلحون يتحركون في بعض النواحي الواقعة في المناطق المتنازع عليها مثل مندلي على الحدود العراقية – الإيرانية، لمنع إجراء الاستفتاء فيها متحدين قرار المجلس المحلي الذي صوت غالبية أعضائه من الأكراد على الانضمام إلى عملية الاستفتاء. هذه التحركات هي الظاهرة على السطح، وليس مستبعداً أن هناك تحركات أخرى تجري بعيدا عن الأعين تستعد فيها الأطراف المتحفزة لاحتمال وقوع مواجهات بالسلاح. فاحتمال الصدام المسلح الذي لا يتمناه عاقل، يبقى أمراً وارداً، بل مرجحاً، في ظل تمترس الأطراف بمواقفها وعدم وجود حوار حقيقي وجاد للتوصل إلى خريطة طريق لعبور هذه الأزمة، ناهيك من التفاهم حول كيفية تلبية مطالب كل طرف وتوقعاته، فالأكراد يشعرون أن الظروف سانحة الآن لإجراء الاستفتاء، والتقدم نحو حلم دولتهم، وأنه لا مجال لإضاعة ما يرونه «فرصة تاريخية» قد لا تتكرر بسهولة، لذلك قاوموا كل الضغوط ورفضوا دعوات التأجيل من بغداد أو من دول الجوار الإقليمي أو من الأطراف الدولية المهتمة. التنازل الوحيد الذي أبدوا استعدادهم لقبوله هو أن يكون التأجيل مشروطا بموافقة الحكومة العراقية على إجرائه في موعد آخر مع التزامها بقبول نتائجه، وهو الشرط الذي رفضته بغداد من أساسه، لأنها رأت فيه مناورة لإلزامها بقبول انفصال كردستان، لأن الاستفتاء في أي موعد قريب آخر ستكون نتيجته محسومة لخيار الاستقلال، لأن غالبية الأكراد باتت معبأة في هذا الاتجاه، ومن الصعب وقف قطار الطموحات المندفع. في ظل هذه المواقف المتباعدة، وعدم وجود استعداد لتنازلات كبرى، يبدو الصدام المسلح هو الطريق الوحيد الذي تتجه نحوه الأطراف عاجلاً أم آجلاً. صحيح أن حكومة كردستان حاولت طمأنة الأطراف الأخرى بقولها إن الاستفتاء لا يعني أن الإقليم سيعلن الاستقلال فوراً، كما أن هناك من اعتبر أن الأمر كله عبارة عن «مناورة سياسية» يريد بها الأكراد انتزاع تنازلات من بغداد للحصول على مكاسب أكبر سواء فيما يتعلق بالثروات وتقاسم الموارد، أو ما يتعلق بالحقوق في المناطق المتنازع عليها خصوصاً كركوك. شخصياً لا أجد مثل هذا الكلام مقنعاً أو منطقياً، لأن الأكراد الذين ناضلوا طويلاً وعانوا من أجل حلم الاستقلال لا يمكن أن يفكروا في الاستفتاء كمجرد مناورة للحصول على مكاسب إضافية، لأن هذه المكاسب مهما كانت فلن تعادل فرصة إعلان الاستقلال أو تبرر التفريط فيها. أضف إلى ذلك أنه لن يكون سهلاً للقيادة السياسية في كردستان، حتى لو أرادت، أن تكبح جماح التطلعات التي أطلقها الاستفتاء. القيادات السياسية في كردستان، وهي قيادات متمرسة عركتها تجارب الماضي بكل امتحاناته ومآسيه، لا يمكن أن يغيب عنها أن الاستفتاء بقدر ما يشكل فرصة، فإنه يحمل تحديات ومخاطر حقيقية. ذلك أنه سيجرى في ظل عدم وجود توافق داخلي أو إقليمي أو دولي حوله، بل ترفضه بشدة الحكومة العراقية، وأيضاً دول الجوار الإقليمي خصوصاً تركيا وإيران وسوريا التي تتخوف من فكرة الدولة الكردية وتأثيرها على أكرادها، وبالتالي فإنها لن تتوانى عن تقويض دولة كردستان المستقلة إذا قامت في العراق. كذلك فإن انفصال إقليم كردستان قد يكون بداية تفتيت العراق، لأن السنة العرب سيصبحون أقلية لديها مظالم وتشعر بالتهميش والقلق خصوصاً مع التصاعد في نفوذ الميليشيات الشيعية، مما قد ينمي لديهم نزعة اللجوء إلى السلاح، أو المطالبة بالانسلاخ بأقاليمهم. إلى جانب السنة هناك أقليات أخرى تشعر بالقلق، في دولة تنهشها اليوم الطائفية والتدخلات الخارجية. في ظل أوضاع كهذه تصبح المخاطر على كردستان والعراق كبيرة إلى الحد الذي يجب أن يدفع الأطراف إلى التفكر قبل الانزلاق إلى ما لا يحمد عقباه. هناك كثيرون مثلي بالتأكيد ممن يشعرون بالتعاطف مع الأكراد، لكنهم يشعرون بالقلق عليهم وعلى العراق والمنطقة مما قد يحدث غداة استفتاء يفتقر إلى التوافق حوله، وتحيط به المخاطر الداخلية والخارجية. فما الفائدة إذا كانت كردستان المستقلة ستصبح مثل جنوب السودان جاذبة لحرب طاحنة تقضي على الأخضر واليابس، مع اختلاف الظروف بالطبع بين الحالتين؟ السودانيون يتمنون اليوم لو أنهم فكروا ولجأوا إلى خيار الكونفدرالية بدلاً من انفصال مدمر، فهل يجد الأكراد وبقية الأطراف في العراق ما يفيد في التجربة السودانية ودروسها؟ |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | القيادة البارزانية وعبارة “الحدود ترسم بالدم” وشروطها بتأجيل الاستفتاء
|
فارس العاني
|
راي اليوم بريطانيا |
لا احد من مكونات الشعب العراقي يتجاهل او ينكر ان المكون الكردي يمتاز بكل صفات الكرم والطيبة والاخلاق والوفاء حاله حال المكونات العراقية الاخرى ، وما يؤسف له ان تظهر علينا بعض من الزعامات والقادة تتغلب عليهم صفة حب الذات (النرجسية) او بالاحرى حب السلطة والتمسك بكرسيها والتي قد تجرالوطن وشعبه الى اوضاع لا تحسد عليها ، والتاريخ العراقي خلال الستة عقود الاخيرة من عصرنا الحديث واجه ولا زال هذه الصورة القاتمة التي جرتْ العراق وشعبه الى ويلات وخراب ، وطبعاً الحالة العراقية ليست استثناءاً فالعديد من دول العالم ابتليت بقادة وزعماء وسياسيين كل منهم يريد تحقيق ما يفكر به بعدما قرْبَ اليه الوصوليين والنفعيين ليأخذ شرعيته منهم والذي يعترض يُتهم بالخيانة اما للوطن او للقومية او الطائفة اوالدين لان الحاكم او الزعيم اختصر كل شيء بشخصه وعائلته ًوالطبقة المحيطة به وعندما نتحدث عن العراق فقد ابتليٓ بمرض الاستفراد بالحكم وتحديداً بعد سقوط النظام الملكي عام ١٩٥٨ ومنذ ذلك التاريخ دخل في حالة شبيهة بالمد والجزر من حيث عدم الاستقرار والصراع على السلطة ، وتم الزج بالبلد في أتون حروب ومواجهات لم يؤخذ رأي العراقيين بها وهي معروفة ولا داعي للدخول في تفاصيلها لان ابسط مواطن على دراية كاملة بها ويُحملْ مسؤولية تداعياتها لهذا الحاكم او ذاك ، واليوم يعيش الحالة المزرية التي تعصف ببلده على أيدي من يحكموه منذ اكثر من أربعة عشر عاماً، فبعد سقوط دكتاتورية الفرد الحاكم انتظر العراقيون الانتقال الى وضع جديد مدعوماً بالحرية والممارسة الديمقراطية والتداول أسلمي للسلطة للبدء في عملية البناء والازدهار ووضع الوطن بكل مكوناته على الطريق الصحيح لان العراق يمتلك كل المقومات التي تتيح له ان يأخذ المكانة التي تليق به اقليمياً ودولياً ، لكن يظهر ان ساسة المحاصصة المقيتة اتجهوا ببوصلة الوطن نحو الكوارث والمحن واجتاحته أمراض الفساد المالي والاداري والمحسوبية والطائفية والعرقية والصراع على السلطة مما هيئ المناخ لظهور تنظيم دموي غير مسبوق ” داعش” الذي استطاع ان يفرض سيطرته وسطوته على مساحات واسعة من ارض العراق وان يعبث بمقدرات الوطن واهله ولمدة ثلاثة اعوام وبعدما شعر العراقيون انهم جميعاً أصبحوا مستهدفين من قبل هذا التنظيم الظلامي التكفيري تكاتف الجميع بالتصدي له وبدأ يمنى بالهزيمة تلوى الاخرى وتم تحرير العديد من المدن التي كان يسيطر عليها وبدأ بالانحسار تدريجياً ، يخرج السيد مسعود البارزاني ليفاجئ العراقيين بانه سيجري الاستفتاء في الخامس والعشرين من الشهر الحالي ويعلن شمول المناطق المختلف عليها ومحافظة كركوك بالاستفتاء تمهيداً لانفصال الاقليم وإعلان الدولة الكردية ، ضارباً بعرض الحائط الدستور العراقي الذي شارك بشكل فعال في صياغته ولما يخدم المكون الكردي على حساب بقية المكونات الاخرى نظراً للامتيازات الغير مسبوقة التي حضي بها اقليم كردستان العراق ، وجوبه قرار الاستفتاء برفض داخلي وإقليمي ودولي لأنه جاء بقرار من طرف واحد ومخالف للدستور وللقوانين الدولية المعمول بها لانه سيجر العراق الى حالة لا احد يتكهن بتداعياتها. يظهر ان قيادة الاقليم المتمثّلة بالسيد مسعود البارزاني تجاهلت طرفين مهمين وهما ايران وتركيا ولم يحسب جيداً ماذا سيكون رد فعلهما الى ان تم ابلاغه من قبل مبعوثي الدولتين الجارتين ان الاستفتاء هو تمهيد للانفصال وهذا يعني تجاوز للخطوط الحمراء وتداولت الأخبار ان المبعوث الايراني ابلغ قيادة الاقليم ان قيام دولة كردية في شمال العراق يمثل تهديد للامن القومي الايراني لقناعة القيادة الإيرانية ان ذلك يعني انشاء كيان شبيه بأسرائيل قرب حدودها نظراً لعلاقة بعض مسؤولي الاقليم بالأوساط الإسرائيلية الرسمية وغيرها والتي بدأت ملامحها بالظهور وهذا ما لا تسمح به السلطة الحالية في ايران وبنفس الوقت هناك تخوف تركي من ان انشاء دولة كردية على حدودها معناه قوة لاكراد تركيا وخصوصاً لحزب “PKK” الذي تخوض تركيا ضده حرب منذ سنوات ، واذا اخذنا المواقف الامريكية الأوربية المعارضة للاستفتاء فهي ليست نابعة من الحرص على وحدة التراب العراقي بقدر ما هو تخوف وتحسب من ان قيام دولة كردية ربما في يوم ما عاجلاً ام اجلاً قد تكون لقمة سائغة يتقاسمها كل من تركيا وإيران بعدما يتم اجتياحها عسكريا تحت مبرر انها أصبحت تهدد الامن القومي لكل منهما وهذا يمثل هزيمة للاستراتيجية الامريكية وحلفائها في المنطقة ، ونتيجة للضغوط الإقليمية والدولية التي أشرنا اليها ناهيك عن ذلك رفض العراقيين للاستفتاء وكذلك الخلافات داخل قوى المكون الكردي نفسه ، ونتيجة لهذا الرفض الواسع للاستفتاء أعلن السيد بارزاني خلال استقباله للمبعوث الامريكي وسفراء من الاتحاد الأوربي انه على استعداد لتأجيل الاستفتاء لكن وفق شروط ، ومن يستمع الى شروطه فهي تعجيزية وابتزاز ولا يمكن ان تتجرأ الحكومة الاتحادية او البرلمان العراقي بالموافقة عليها ، والبارزاني يعرف ذلك ولكنه اطلق شروطه هذه لكي يحصل على ما هو اقل عند التفاوض. لكل ما تقدم .. القيادة الكردية المتمثّلة بشخص السيد البارزاني في وضع صعب بسبب تحديد موعد الاستفتاء من طرف واحد وكذلك شمول المناطق المختلف عليها ومحافظة كركوك بالاستفتاء والتصريحات النارية الغير مسبوقة ا من قبل بعض المسؤولين الأكراد خصوصاً قول السيد رئيس الاقليم عبارته التي استفزت العراقيين بمختلف شرائحهم ومكوناتهم عندما اطلق عبارته ” الحدود ترسم بالدم ” عندما يتطلب الامر إقامة دولة كردستان !! وكأنه غريب عن هذا الوطن وليس جزأً منه ومتناسياً شراكته في ادارة دفة الحكم و تقاسمه المناصب والوظائف في كل السلطات العليا والدنيا في الدولة العراقية الاتحادية ، بالمقابل تمنع حكومة الاقليم اي مواطن عراقي من المكون العربي من الإقامة الدائمة او التملك في الاقليم بينما تسمح الحكومة الاتحادية لكل مواطن كردي الحرية في التنقل والإقامة والتملك والعمل في عموم محافظات العراق باعتباره مواطن عراقي ، هذه هي امتيازات مواطني المكون الكردي والتي يدعي السيد مسعود البارزاني وبعض المسؤلين في الاقليم ان العراقيين لا يريدون الأكراد ، حبذا لو كانت عبارته أعلاه ” الحدود ترسم بالدم ” مقصود بها الدفاع عن حدود العراق بدلاً من الدعوة الى الانفصال ، والتي لم ًتحضى بأي مباركة او تأييد دولي او إقليمي سوى من طرف واحد وهو الكيان الاسرائيلي ، فهل كان يراهن السيد بارزاني على اسرائيل ؟ انه رهان خاسر يا سيادة رئيس الاقليم المنتهية ولايته . |