ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | عقوبات التدمير الشامل التي سبقت غزو العراق
|
هانز فون سبونيك
|
العرب |
دراسة تكشف بعض التقارير الصادرة في التسعينات والتي أشارت إلى زيادة في عدد وفيات الأطفال نتيجة للعقوبات المفروضة، كانت تشوبها منهجية ضعيفة وغير كافية.
نقلت صحيفة واشنطن بوست، في عددها الصادر في الرابع من أغسطس الماضي، عن المجلة الطبية البريطانية للصحة العالمية أن “ما تردّد بأن فرض العقوبات قتل 500 ألف طفل لم يكن إلا مجرد كذبة”.
وقال تيم دايسون وفاليري سيتوريلي، معدا التقرير “تم التلاعب بالبيانات لتسجيل ارتفاع كبير في حجم وفيات الأطفال، وهو ما أراده صدام حسين وحكومته بهدف إثارة القلق الدولي وإنهاء العقوبات الاقتصادية”.
واعتبرت الدراسة التي أشرف عليها مختصون من كلية لندن للاقتصاد أن “بعض التقارير الصادرة في التسعينات والتي أشارت إلى زيادة في عدد وفيات الأطفال نتيجة للعقوبات المفروضة، كانت تشوبها منهجية ضعيفة وغير كافية”. واضطلعت منظمة اليونيسيف للأطفال بالدراسة الأكثر شيوعا، والتي أثارت جدلا واسعا في ذلك الوقت “استنادا إلى الأرقام والاستنتاجات التي زورتها الحكومة العراقية. وأظهرت أن حوالي 550 ألف طفل لقوا حتفهم نتيجة للعقوبات المفروضة”.
كانت الدراسة التي قامت بها منظمة اليونيسيف حول وفيات الأطفال ونشرتها في سنة 1999 إنجازا مهما بالنظر إلى الظروف التي وجد فيها العراق ومنظومة الأمم المتحدة نفسيهما فيها في أواخر التسعينات. كانت بغداد مرتابة جدا في “الأجانب” بما في ذلك الكيانات الأممية إذ كثيرا ما كانت أونسكوم- أونموفيك درعا تتخفى وراءه الاستخبارات وكذلك الخداع كأحد الأجزاء الأساسية لمشروع نزع سلاح العراق.
ليس هذا مجالا لتقديم تفاصيل إضافية فهي متوفرة بكثرة. حتى الكيانات التي تدّعي أنها كيانات إنسانية تابعة للأمم المتحدة لم تستثن من الريبة العراقية المبررة.
في سنة 2016 نشرت مطبعة جامعة كاليفورنيا مجلدا ضخما تحت عنوان “أرض القبعات الزرقاء: الأمم المتحدة والعالم العربي”، ويضم فصلا حول “العراق تحت العقوبات”، يشير إلى استراتيجيات الأخبار الزائفة التي اعتمدتها الحكومتان الأميركية والبريطانية.
من الجهة الأممية في بغداد، لم يكن لنا لا حول ولا قوة في التعامل مع أعمال التلاعب المحبوكة التي تهدف إلى تشكيل الصورة العامة. وكان أحد هذه “المنتوجات” إصدارا عن وزارة الخارجية الأميركية بعنوان “عراق صدام حسين” (سبتمبر 1999). عندما قمنا أنا وزملائي من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي واليونسكو والفاو واليونيسيف وبرنامج التنمية للأمم المتحدة بقراءة هذه الوثيقة الرسمية الأميركية ذهلنا لاحتوائها على قدر كبير من المعلومات الزائفة والمختلقة.
في ما يخص الدراسة التي قامت بها اليونيسيف، أشير إلى أنه اعتمادا على ارتباطي باليونيسيف والوكالات الأممية الأخرى المقيمة في العراق عندما كنت المنسق الأممي في بغداد، أقول ما يلي بكل ارتياح:
*عند القيام بدراسة الوفيات، كانت اليونيسيف واعية تمام الوعي بكل القيود والهنات.
*تكفّل بهذه الدراسة موظفون تابعون لمنظمة اليونيسيف وهم أشخاص ذوو حرفية عالية. انضم إليهم موظفون من الطاقم الطبي العراقي، وربما أيضا أشخاص من الاستخبارات العراقية الذين كانوا حاضرين عادة عندما كانت الأمم المتحدة تجري عملها الميداني.
أونسكوم- أونموفيك وغيرها من الكيانات الأممية كثيرا ما كانت دروعا تتخفى وراءها الاستخبارات والخداع كأجزاء أساسية لمشروع نزع سلاح العراق
*وعيا من اليونيسيف بإمكانية تلاعب السلطات العراقية بالمعطيات، توخت الحذر والحرص في جمع المعطيات.
* لم تكن اليونيسيف الكيان الأممي الوحيد الذي واجهته السلطات الأميركية والبريطانية “بأدلة متناقضة”. عمل برنامج الأغذية العالمي على المساعدة في توريد 440 ألف طن من الغذاء كل شهر لإطعام 23 مليون عراقي وكان يتحكم في نظام بطاقات تموين مكنت من مراقبة مستمرة وذات مصداقية.
وفي سنة 1999 استنتج برنامج الأغذية العالمي بأن الطعام يصل إلى المواطنين في كل أنحاء البلاد بما في ذلك المنطقة الجنوبية والمنطقة الشمالية.
لكن الحكومة الأميركية قالت إن العراقيين المعارضين للحكومة في بغداد محرومون من هذه الحصص التموينية.
* ساندت منظمة الصحة العالمية الرأي بأنه على إثر العقوبات بدأ المقدار المأخوذ من السعرات الحرارية في اليوم ينخفض بشكل سريع من أكثر من 3000 سعرة (قبل 1990) إلى أقل من 1500 سعرة (بعد 1990)، لكن واشنطن ولندن أنكرتا ذلك.
*اتهمت الحكومتان الأميركية والبريطانية السلطات العراقية بأنها كانت تقوم بتخزين الأدوية عمدا، في حين أن كل ما فعلته وزارة الصحة العراقية هو اتباع الخطوط العريضة العالمية التي حددتها منظمة الصحة العالمية للاستعداد لفترات الأوبئة.
* عارضت البعثتان الأميركية والبريطانية للأمم المتحدة بشدة التقرير عن الضربات الجوية الذي قدمته بموافقة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وقيل لي إنه عند ذكر أرقام عن الضحايا المدنيين كل ما كنت أفعله هو تكرار الدعاية العراقية. ولفتّ نظر السفير البريطاني أثناء زيارة قمت بها إلى نيويورك بأنه عند حدوث ضربة جوية بريطانية أو أميركية قوية تخلف ضررا كبيرا يصيب المدنيين أذهب بنفسي إلى المواقع على عين المكان للتثبت من الضحايا ومن ثم أكون في موقع يسمح لي بتأكيد التقارير العراقية أو تصحيحها. مثلا عندما ذكر الإعلام العراقي الرسمي بأن ضربة جوية على منطقة سكنية في البصرة أسفرت عن إحدى عشرة حالة وفاة عددت أنا بنفسي 17 تابوتا.
والمثال الآخر الذي يصعب تصديقه المتمثل في وقوع ضربة جوية شمال الموصل أدت إلى وفاة ستة رعاة وإزهاق أرواح 101 من الخرفان، بينما ذكر بيان صحافي عن مقر القيادة العسكرية الأميركية الأوروبية في شتوتغارت في 30 أبريل 1999 يوم الهجوم بأنه في المكان حيث قتلت الخرفان البريئة تم تدمير معدات مضادة للطائرات بنجاح.
أن نقول للعالم مرة أخرى، بعد 14 عاما من نهاية العقوبات، بأن الحياة في العراق في ظل العقوبات لم تكن بذلك القدر من الوحشية والتهديد للحياة، بالرغم من صدام حسين، وبأن هناك عددا أقل من وفيات الأطفال مما تحدثت عنه اليونيسيف في تقريرها لسنة 1999 لهو أمر مثير للاشمئزاز ويجب ألا يمر دون رد.
تخلص دراسة كلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية بالقول “كان تلفيق دراسة اليونيسيف لسنة 1999 تزويرا بارعا”. يجب على الباحثيْن القائمين بدراسة كلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية التراجع عن هذا الكلام الخاطئ بشكل خطير ويعتذرا علنا عن هذا البحث الرديء. ويتعين أن يضاف هذا البحث لكل المظالم التي ساهم فيها أعضاء في مجلس الأمن الدولي وحكومات أخرى وأشخاص غير مسؤولين. يجب أن يخضع المقترفون لهذه المظالم للمساءلة.
يجب أن يقرأ العموم ملحقا لقصة كلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية “التي لا تصدق”، ألا وهو تصريح السفير الماليزي أغام هاسمي الذي كانت بلاده عضوا في مجلس الأمن في ذلك الوقت حيث قال في مجلس الأمم المتحدة في سنة 2000 “يا له من موقف ساخر بأن السياسة نفسها التي من المفترض أن تجرد العراق من أسلحة الدمار الشامل أصبحت هي نفسها سلاحا للدمار الشامل”.
هانز فون سبونيك، ديبلوماسي ألماني شغل منصب منسق للشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق قبل أن يستقيل في سنة 2000 احتجاجا على المستويات المرعبة من حالات الوفيات الناجمة عن العقوبات الأممية. وكان سلفه دنيس هاليداي الذي أعد برنامج العقوبات قد استقال في سنة 1998 لنفس السبب واصفا نظام العقوبات بـ”المذبحة الجماعية”. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | كنز من المعلومات عن «داعش»
|
د. شملان يوسف العيسى | الشرق الاوسط السعودية |
نشرت الصحف العربية ووسائل الإعلام الإلكترونية المختلفة اعترافات الأسرى الدواعش في العراق؛ فقد نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» يوم الخميس 31 أغسطس (آب) 2017، تحقيقاً من سجن المقر في مناطق الأكراد، حيث يخضع المئات من عناصر «داعش» للتحقيق تمهيداً لتسليمهم إلى بلدانهم أو محاكمتهم أمام سلطات الإقليم. المعلومات التي سوف نحصل عليها من الأسرى الدواعش ستكشف من هم شباب تنظيم داعش وما هي جنسياتهم، وما هي أعمارهم، وما هو مستواهم التعليمي، وما الهدف الحقيقي من انتمائهم لهذا التنظيم الإجرامي. التحقيقات الأولية كشفت أن معظم المنتمين لـ«داعش» هم من العراق، وهذا يعود حتماً إلى السياسات الخاطئة التي اتخذتها الحكومات الطائفية العراقية بعد تحرير العراق من قبل الولايات المتحدة عام 2003، فالسياسات التي اتبعتها الحكومات العراقية بإقصاء السنة والأقليات الأخرى دفعت هذه الجماعات، خصوصاً المدربة منهم والتي خدمت في جيش صدام الذي تم حله، إلى الانخراط في العمل العسكري الذي يمثله تنظيم داعش. أما الجنسيات الأخرى من الأسرى فهي متنوعة؛ فمنهم شباب أميركي وفرنسي وسويدي وروسي من الشيشان. التقارير الأخرى كشفت عن معتقلين عرب من جنسيات أغلبهم من دول شمال أفريقيا العربية (تونس – الجزائر – المغرب – ليبيا)، كما يوجد مصريون وخليجيون… في ليبيا تم اعتقال إمام مسجد ينتمي إلى «داعش» وجنسيته الأصلية إسرائيلية. لماذا تعتبر اعترافات الإرهابيين مهمة الآن؟ تعتبر المعلومات التي سيدلي بها هؤلاء الإرهابيون كنزاً من المعلومات عن أسلوب عمل «داعش» وطريقتهم في استقطاب المجندين أو الكوادر العاملة لديهم، وما هي وسائل الترغيب أو الترهيب، والأهم من كل ذلك من هي الكوادر والتنظيمات الإسلامية والأشخاص ورجال الدين أو الحكومات أو الأفراد الذين ينشرون الفكر الإقصائي الإرهابي بين الشباب العربي، ومن هي الجهة التي تمول هذا التنظيم وما هي مصادر تمويلهم الأخرى. السؤال الذي علينا طرحه… من هو المستفيد الأكبر من معلومات أنصار «داعش» والأحزاب والتنظيمات الإرهابية الأخرى؟ هنالك تفاوت واضح بين الدول الديمقراطية المتقدمة التي تأثرت بالإرهاب والدول العربية التي عانت كثيراً من الإرهاب. الدول الغربية الديمقراطية حرصت قياداتها الأمنية على إرسال محققين مختصين في قضايا الإرهاب إلى الدول العربية التي لديها أسرى، فمنهم المتخصص في تنظيمات الإرهاب المختلفة ومنهم متخصصون في علم النفس والاجتماع لدراسة حالة كل إرهابي على حدة، حيث يتم تحليل كل معلومة جديدة وإدخالها نظم المعلومات ليستفيد منها المتخصصون في شؤون الإرهاب لكي يحصنوا أنفسهم من أي عمليات جديدة. نحن العرب – مع الأسف الشديد – معالجتنا في كيفية التعامل مع الأسرى من الدواعش مليئة بالانتقام وعدم العقلانية والاسترجال، وأحياناً السذاجة المفرطة؛ ففي العراق مثلاً حيث يتم اعتقال المئات ربما الآلاف من الدواعش، وبدلاً من اعتقالهم ومعاملتهم معاملة حسنة تمهيداً لمحاكمتهم وعقابهم حسب جريمة كل فرد منهم، شاهدنا عبر أفلام الفيديو والتواصل الاجتماعي كيف تم تقييد أيدي الأسرى وأرجلهم وإلقاؤهم من قمة علٍ أو جبل مرتفع إلى حفرة عميقة يتم فيها إعدامهم رمياً بالرصاص الحي. هذا الأسلوب في المعاملة جعل جمعيات حقوق الإنسان العالمية تطالب الحكومات العراقية بوقف هذا الأسلوب الهمجي في التعامل مع الأسرى. واضح بأن الهدف من تحرك الميليشيات الشيعية العراقية هو الانتقام من الدواعش من السنة للتخلص منهم… هذا الأسلوب غير الإنساني لن يوقف العمليات الإرهابية في العراق، لأن عقلية الانتقام ستكون موجودة في عراق الطائفية اليوم. أما الدول العربية الأخرى فقد تعاملت كل دولة على طريقتها؛ ففي بعض دول الخليج، ومنها الكويت، تم إسقاط جنسية بعض الإرهابيين، لكن هذا الأسلوب تم تغييره مؤخراً… وأصبحت المحاكم هي المختصة بقضايا الإرهاب. دول خليجية أخرى، ومنها السعودية، لديها أسلوب جديد يسمى المناصحة، حيث يتم مناصحة الإرهابي بعد التحقيق معه لعله يهتدي إلى الطريق السوي. أما الأسلوب الآخر في التعامل مع أسرى «داعش»، فهو محاولة إيوائهم في ملاذ آمن مثلما تفعل سوريا وإيران وحزب الله في لبنان. وأخيراً نرى إذا كان العرب جادين في محاربة الإرهاب وجذوره فما عليهم إلا اتباع الأسلوب العلمي العقلاني والإنساني في التعامل مع الأسرى مهما كانت جريمتهم… فالقانون كفيل في الوقاية من الجريمة حتى من ذوي الطبيعة الإرهابية. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | دولة كردستان: لمن الغلبة لحدود الدم أم التعايش؟
|
صباح علي الشاهر
|
الراي اليوم بريطانيا |
بإستثناء إسرائيل أي حدود رسمت حديثاً بالدم ؟ نعم نشأت دول قديماً عبر إبادة شعوب.. حدث هذا قبل بضعة قرون ، لكن التأريخ المعاصر لم يشهد مثالاً لدولة حدود الدم إلا دويلة واحدة ، ستظل طال الزمن أم قصر لقيطة . مسعود يرى أن دولته المعهودة دولة حدود الدم ، ويضيف أنه حيث وجدت البيشمركة تكون حدود كردستان . هو منطق ليس القوي القادر ، وإنما الكلي القدرة ، والمتناهي القوة ، هل مسعود قوي وقادر إلى هذه الدرجة ، أم مغامر يغامر بمصير شعوب المنطقة معتمداً على ضعف وهوان الآخرين ، الذين خبر هشاشتهم من خلال إبتزازه لهم ، هذا الإبتزاز الذي تجاوز فيه كل الحدود؟ ، ولو قال هذا المنطق جيرانه الأقوى تركيا مثلاً ، أو إيران ، لو أن الجيش التركي وصلت طلائعه إلى دهوك أو أربيل ، والجيش الإيراني إلى السليمانية ، هل يحق لهاتين الدولتين رسم حدودهما إعتماداً على ما وصلت إليه جحافلهم؟ في الماضي أسس بطرس الأكبر حدود دولته روسيا حيث وصلت سنابك خيله ، كان يغذ السير في سيبريا حتى أبعد نقطة ممكنة ، ذاك هو بطرس الأكبر ، وتلكم هي سيبريا التي تكاد تكون خالية من البشر، وليس مدن مابين النهرين العريقة ، حيث البشر تمتد أعراقهم مثلما الحجر لأزمان غابرة ، موغلة في القدم ، وحيث التأريخ الناطق جوارهم وتحتهم ، وإينما حطوا بأنظارهم ، هذا الواقع العسير على التزييف لا يلغية بضعة مئات أو آلاف من المسلحين الذين إحتلوا الأرض في ظروف صعبه مر به البلد . ليس مسعود بطرس الأكبر، ولا كركوك والمدن الآشورية والعربية سيببريا، وإذ لم يكن خلف سيبيريا أحد ، فأن ثمة أمم كبرى وراء الشعوب التي تقطن أرض الرافدين، كان ينبغي وضعها بعين الإعتبار عند القيام بخطوة كهذه .. فإنت عندما تنطلق من منطلق قومي متعصب، متجاوزا على حقوق أقوام أخرى، فإنه من الطبيعي أن يكون رد هذه الأقوام من جنس عملك وفعلك، ولا أحد في الإقليم يتحمل الآن شن صراع قومي، لا يعرف أحد مداه، خصوصاً وأن هذه المنطقة لم تبرأ بعد من كارثة صراع طائفي أبله أحرق الأخضر مع اليابس . لا أحد يتمنى الشر للأكراد ، فهم أبناء البلد ، وليسوا طارئين ، ولكن الساسة ، ليس الأكراد فقط ، بل العرب والفرس والترك ، سيجدون ذريعة لبقائهم على كراسيهم ، تماماً مثلما يفعل الآن مسعود ، الذي هو عملياً أقدم حاكم في المنطقة ، والذي لا يختلف عن الملوك الذين يرثون الحكم ويورثوه . هل مسعود متأكد من أن حال الكرد سيكون أحسن في حال تجاوز الكرد على حقوق الآخرين؟ ، لماذا لم يقف مسعود عند الدعوة إلى إجراء الإستفتاء في المناطق الكردية المعترف بها كمناطق للأكراد، والمقرة من قبل المنظمة الدولية، والتي تمثل الإقليم الكردي للحكم الذاتي، وهي تشمل المحافظات الثلاث ( السليمانية ، أربيل، دهوك) ؟ كيف يتصور أن عرب العراق يمكن أن يسكتوا على سلب أراضيهم ومدنهم ، هل أغراه ضعفهم وتشتتهم ، ماذا سيكون الأمر لو أن فعلته هذه ستوحدهم ؟ وكيف يتصور أن التركمان يرضون بسلب مدنهم عنوة وضمها إلى كيانهم الكردي ؟ هل خدعته علاقة تركيا الاقتصادية به ، وإستفادتها من نهب نفط الإقليم ، فتصور أن تركيا ستوافقه على هضم حقوق أتراك العراق؟ يمكن أن يحدث هذا لو أنه لم يعتمد النعرة القومية الكردية المتعصبة ، ولم يستفز القوميات الأخرى ، لو أنه إختار التعايش ، وتبادل المنافع ، وليس التلويح بالقوة ، والتبجح بأن حدود كردستان رسمت بالدم، وأنه حيث توجد البشمركة تكون حدود كردستان، وبالمناسبة فأننا نذكر السيد مسعود ( وهو يعلم ) بأن الجيش التركي موجود الآن في بعشيقة، وعلى مقربة من دهوك، والجيش التركي ليس أضعف من البيشمركة ، وقانون “حدود الدم” البرزاني المسعودي ، سيكون ذريعة أيضاً للجيش التركي، وربما الإيراني، وحتى لو كانت حكومة بغداد ضعيفة ، ومتهاونة ، فإن ثمة قوى تفولذت الآن في خطوط النار بمواجهة داعش ستقول قولتها . كان البعض يشير إلى أن ما بعد داعش أخطر من داعش ، فهل كان في ذهنه ما سيقدم عليه مسعود ؟!. فتل العضلات ليس دليلا على القوة، والديك عندما ينفش ريشه فلا يعني هذا أنه سيرعب النسر، القوة مقرونة بالحق، وعندما تتجاوز الحق فأنك ضعيف مهما بلغت قوتك ، فكيف إذا كانت قوتك ليست بمصاف قوة غيرك . إعتاد مسعود إبتزاز حكومة بغداد الخوارة ، وربما المتهاونة والمتواطئة ، وهذا ما ستكشفة الأيام ، لكنه الآن يؤلب الإقليم ضده، فكيف ينشد خدمة الكرد من يعرضهم للمصائب التي هم في غنى عنها ، ومن أجل ماذا ؟ من أجل أن يكون يكون مسعود أو إبنه أو أبن أخيه ملكاً أو رئيساً لدولة إسمها كردستان ، وما أكثر الدول التي يهجرها ناسها بسبب السلطة والسلطان ؟َ |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | كوريا الشمالية والعراق.. الشيء بالشيء يذكر
|
عيسى الشعيبي
|
الغد الاردنية |
وحده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التقط القاسم المشترك الاعظم، بين تجربة العراق المجهضة في مجال بناء قدرة نووية ذاتية، اثارت الدنيا ولم تقعدها آنذاك، وبين تجربة كوريا الشمالية الناجحة في تطوير برنامج نووي صاروخي مزدوج، وصل ذروته يوم الاحد الماضي باختبار قنبلة هيدروجينية ذات قوة تدميرية تفوق بمئة مرة قنبلة هيروشيما، مع قابلية تحميلها على صاروخ بالستي عابر للقارات، الامر الذي اثار الدنيا مرة اخرى، وقد لا يقعدها في المدى المنظور. لم يشرح لاعب الشطرنج في الكرملين، السعيد في سره بالقنبلة الكورية الشمالية، اوجه الشبه ومواضع الاختلاف بين كلا التجربتين اللتين ووجهتا بمعارضة شديدة من جانب الدول الغربية، لكنه ألمح الى ان بيونغ يانغ كانت تراقب بصمت وحذر ما جرى للبرنامج النووي العراقي، بل وما جرى للعراق نفسه العام 2003، وتستقي منه العبر والدروس المفيدة، واضعة نصب اعينها ضرورة عدم تكرار مشاهد الصدمة والرعب التي قوضت بلداً بكامله، وأسست لكل هذه الفوضى العارمة في الشرق الاوسط. والحق ان صلة النسب والمصاهرة بين البرنامجين الموزعين بين شرق آسيا وغربها، لم تغب عن اذهان كل المخاطبين بالموقف العدائي الغربي العنيد، ازاء كل من الرئيس الراحل صدام حسين وكيم جونغ اون اللذين اظهرا اصراراً عميقاً على امتلاك قوة ردع فوق تقليدية، وتحليا برباطة جأش لا حد لها، الا ان الظروف الموضوعية والذاتية، ناهيك عن التحولات الدولية التي رافقت برنامج الاول، وعلى رأسها انهيار الاتحاد السوفياتي والتفرد الاميركي بالزعامة العالمية، جاءت ذات الظروف والتحولات مواتية للثاني بصورة طيبة، لا سيما مع عودة التعددية القطبية. ادرك صدام حسين وكيم جونغ اون، مبكراً، حقيقة انه لا يفلّ الحديد الا الحديد، وانه لا مكان على المائدة الا للأقوياء، وغير ذلك الرجاء والاستعطاف والإذلال، فمضى كل منهما في طريق المغامرة الخطرة، لامتلاك ناصية القوة التي لا تقهر، وتحقيق المعادلة التي تجلب الأمن الى اجل غير معلوم. وفيما دارت الدوائر في رابعة النهار ضد اول عربي تجرأ على قصف تل ابيب، فشلت ذات الدوائر في افشال برنامج حفيد كيم ايل سونغ، الذي راقب تهافت التجربة العراقية بصمت، وعمل على تلافي هناتها بذكاء وفطنة. ولعل الفارق الجوهري بين العراق وكوريا الشمالية، ان البلد العربي الوحيد المتمرد على الهيمنة الاميركية في حينه، اتعبه الحصار الطويل، ونالت منه العقوبات الشديدة، وخذله الاشقاء والاصدقاء، وتحالفت ضده امم الغرب والشرق، فمال الى المهادنة، وحاول تجنب ما كان يحاك له من مؤامرة، ورضخ لفرق التفتيش الدولية، ثم تخلى عن اسلحته الكيماوية (قنبلة الفقراء الذرية)، بينما صبرت بيونغ يانغ على عقوبات كانت اشد وطأة، ومد زعيمها الشاب لسانه للعالم، الذي كان يتوعده بالثبور وعظائم الامور، غير آبه بالتهديدات الاميركية الجوفاء، خصوصاً حين فاجأ الاعداء والخصوم بتفجير اول قنبلة نووية، بعد مرور ثلاث سنوات على الغزو الاميركي للعراق. وعليه، فقد قدمت التجربة العراقية الموءودة خبرات ثمينة، عرف رجل كوريا المتهور كيف يستخلص منها الدروس المفيدة، دون ان يسقط من حسابه المعادلة الدولية الجديدة، حيث هناك اليوم دولتان كبيرتان، الصين وروسيا، تتلذذان برؤية الدولة العظمى وهي تتصبب عرقاً مع كل تجربة صاروخية، وتبلع ريقها مع كل تفجير نووي كوري آخر، فيما أعينها متجهة الى اماكن اخرى، في مقدمتها ايران التي تراقب تطورات المشهد عن بعد، وتتحيّن الفرصة السانحة، لتدخل النادي النووي، وتنتزع مقعدا لها حول المائدة المقتصرة على عضوية الدول الغنية. لا يستطيع المرء وهو يتابع التهديدات الاميركية الفارغة ضد كوريا الشمالية، ومن غير أن يبدي اعجابه بنظام الحكم الشمولي في بيونغ يانغ، ان يداري كثيراً على شعوره بالأسى والحزن على ما آل اليه البرنامج النووي العربي المغدور من خاتمة أتت كهدية مجانية لإسرائيل النووية، او ان يخفي سروره العميق بنجاح بلد يعيش على حد الكفاف، حتى لا نقول الجوع، بتحقيق هذه السابقة التاريخية في مجرى علاقات العالم الثالث مع الولايات المتحدة، التي كانت اول دولة استخدمت القنابل النووية، وحاولت بعدها حرمان دول العالم الاخرى امتلاك سلاح يوم القيامة. |