ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | العراق يرتدي السواد… صناعة الذاكرة الجماعية الجديدة |
هيفاء زنكنة
|
القدس العربي |
تشير التقارير الحقوقية الدولية والمحلية، بشكل مستمر، إلى انتهاكات حقوق الإنسان، في العراق، خاصة في مجال حرية التعبير. في المقابل، بات من المألوف استنكار النظام لهذه التقارير واتهامها بالتلفيق والتزوير، وفي أحسن الاحوال، يقوم المتحدثون باسم النظام بانتقاء ما يرغبون بترويجه من التقارير وطمس البقية. وشهدت السنوات الأخيرة حصر كل ما يصيب المواطن من مصائب، حتى الخدمية منها، بفترة ما بعد حزيران/ يونيو 2014، أي تاريخ إعلان تأسيس «الدولة الأسلامية» في مدينة الموصل، في الوقت ذاته الذي يتم فيه التعامي عن إرهاب النظام وميليشياته، المتبدية فسادا وطائفية، وإرهاب المحتل المتبدي جرائم ونهبا. إن انتقائية النظام في التعامل مع حرية التعبير ليست عفوية، بل هناك حملة منهجية، منظمة، لمسح أحداث كارثية مر بها المواطن العراقي، ولا يزال، منذ غزو بلده عام 2003، وليس منذ عام 2014 كما يروج. تهدف الحملة الدولية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والمحلية بقيادة النظام العراقي، إلى غرس أحداث مغايرة تحتل مركز الأولوية لدى المواطن وتعمل، تدريجيا، على تصنيع ذاكرة جماعية يتلقى المواطن أبجديتها عبر وسائط متعددة. إنها عملية تصنيع وأحلال حدث، بدل آخر، لخلق ذاكرة فردية وبالتالي جماعية ليست بالضرورة جزءا من السيرورة التاريخية العضوية للمجتمع، وما ينتج عنها من تراكم معرفي يساعد على الفهم، وتدارك الكوارث غير الطبيعية كالحروب، بل غايتها نشر روح الانتقام والتمييز الطائفي والقومي. تؤدي أجهزة الإعلام دورا مهما في تشكيل الذاكرة الفردية وبالتالي الجماعية. وقد أدى التطور التكنولوجي في وسائل الاتصالات والتواصل الاجتماعي، إلى تسريع التشكيل وإجراء تحولات جذرية في التكوينات الرمزية للذاكرة الجماعية. فالتكنولوجيا قادرة على المسح والتشويه والتضخيم بشكل سريع ومؤثر على وعي الفرد، خصوصا إذا افتقدت الحياة اليومية التفاعلات عبر الأجيال وبين السكان في أماكن إقامتهم وعملهم. سبب هذا، كما يذكر جفري أندرو باراش، في كتابه «الذاكرة الجماعية والماضي التاريخي» هو «قدرة هذه التكنولوجيات على محاكاة التجربة المباشرة، وخاصة عن طريق الصورة، حيث تجعل الواقع أكثر وضوحا من تحديدات الذاكرة الجماعية، وغموض الماضي التاريخي الذي يقع، دائما، بعيدا عن متناول الذاكرة الحية». ومن منظور أعم وأشمل، يقترب من التأثير السياسي والايديولوجي (أي الذي يجمع بين الفكرة والعاطفة)، يؤكد عمل باراش على الطرق التي تختار بها وسائل الإعلام، وتحدد وتنقل أحداثا معينة، ومن ثم تمنحها أهمية تجعلها في متناول الجميع كنسخة تحمل رمزية، معينة، تناسب مصالح محددة. وهي أقرب ما تكون إلى تعريف د. نورمان فنلكلشتين لـ «صناعة الهولوكوست» باعتبارها «منشأ ايديولوجي صنعته مصالح محددة»، في هذه الحالة استثمار انتقائي لجرائم النازية السابقة وتعميمها للتغطية على جرائم الصهيونية الراهنة ولابتزاز أوروبا سياسيا وماليا كالتعويضات. وهذا ما يحدث، إعلاميا، في العراق، في ظل «الحرب على الإرهاب»، بقيادة أمريكا. حيث يتم نشر معلومات تحمل معاني تضليلية، يتم من خلالها توجيه الوعي العام، لتشكل ذاكرة جماعية، يعاد من خلالها ترتيب أحداث التجربة اليومية. فالعراقي المحاط، في كل لحظة، بطوفان أفلام وصور وأغان وبرامج تلفزيونية، تتمحور حول تاريخ غامض تطغى عليه الأساطير، تروم تغيير تاريخه، مصورة «الآخر» كعدو، لابد أن تترسب في ذاكرته صورة مستحدثة، مقولبة بأيديولوجيا تزاوج الطائفية بالفساد وتهدف إلى إشاعة الخوف. الخوف الذي يضعف المرء ويجعله أكثر عرضة لقبول الحماية من أي كان، خصوصا إذا كان يعيش مهددا بالحرب. ما يزيد من ترسيخ هذه الصورة ـ صانعة الذاكرة، الاحتفالات السنوية، والطقوس الجماعية، والمهرجانات، وإقامة النصب وزيارتها. وهي محطات مهمة في تاريخ الشعوب، غالبا، إلى أن تصبح من عوامل ديمومة المظلومية والابتزاز (الهولوكوست مثالا) والفاشية وتسويق الأكذوبة الجماعية على حساب الحقيقة، وتعجيل ذوبان الفرد بالمجموعة العقائدية ابتغاء الحماية والتخلص من المسؤولية الفردية. وإذا كان شهر العسل بين أجهزة الإعلام والنظام العراقي الفاسد قادرا على تغطية الكثير من الانتهاكات، بضمنها ما يمس العاملين في المجال الإعلامي نفسه، إلا أن حجم الانتهاكات المتزايد وهمجيتها، خدش الصورة الناعمة عن حرية التعبير وديمقراطية النظام المتوخى حفرها في ذاكرة الناس عن سنوات الاحتلال و «محاربة الإرهاب». ونقرأ في تقارير لجان الدفاع عن الصحافيين، عبر السنين، السابقة واللاحقة لإعلان «الدولة الإسلامية»: «في عام 2011 ظل العراق من أخطر البلدان في العالم على الصحافيين. وصنفت لجنة حماية الصحافيين العراق على رأس قائمتها لمؤشر الإفلات من العقاب لعام 2012 « الذي يركز على عمليات قتل المتظاهرين دون عقاب، وأفادت بأنه لم تحدث إدانات على جرائم قتل الصحافيين منذ عام 2003 «. وينطبق الأمر على السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان الموصوفة بأنها النموذج الحقوقي لبقية العراق. وكان العراق «أسوأ دولة» في مؤشر الإفلات من العقاب الصادر عن اللجنة حول حوادث قتل الصحافيين بدون تسوية، لعام 2013. إذ لم تصدر أية إدانة في أكثر من 90 جريمة قتل لصحافيين منذ عام 2003. أما تقرير الاتحاد الدولي للصحافيين الصادر عام 2016، فقد كرر وصف العراق بإعتباره أخطر دول العالم على الصحافيين. وأصدرت لجنة حماية الصحافيين الدولية، في 23 آب/ أغسطس، تنبيها ينص على أنه «على الرغم من انحسار تواجد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، لم تتحقق زيادة في الاستقرار في البلد، إذ أدى بروز الميليشيات الشيعية من جديد، إلى زيادة المخاطر العامة التي يواجهها الصحافيون في المنطقة»، استنادا إلى سجل الميليشيات «السيء في مجال حقوق الإنسان… حيث تم توثيق ممارسات ارتكبتها بعض هذه الوحدات من قبيل عمليات إعدام بإجراءات موجزة، واختفاءات قسرية، وتعذيب، وتدمير للبيوت» خاصة بعد أن «بات لزاماً على الصحافيين الحصول على موافقات عمل من هذه الوحدات العسكرية ومن الحكومة». وتحذر اللجنة من إمكانية لجوء الميليشيات «إلى العنف كوسيلة لفرض الرقابة على التغطية الصحافية بشأن موضوعات الفساد والعنف والإساءات وانتهاكات حقوق الإنسان». هذه المخاطر المصاحبة لمرحلة « ما بعد داعش»، المهددة للصحافيين، يعيشها المواطن ويعرف طعمها منذ مرحلة « ما قبل داعش»، وستستمر، ربما، بتصنيفات مستحدثة تلائم تصنيع الذاكرة الجديدة لعراق لا يرتدي غير السواد. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | بعد تحرير الموصل.. تحرير تلعفر
|
كاظم الموسوي
|
الوطن العمانية |
” لقد حدثت انهيارات واسعة لـ”داعش” وتم إلقاء القبض على أعداد منهم، وحصلت القوات الأمنية على مئات الوثائق التابعة لمقاتلي “داعش”. وبحسب مصدر بالحشد الشعبي، كما نشرته وكالات الأنباء، فأن هذه الوثائق تم العثور عليها في مبنى ما يسمى ديوان الجند التابع لـ”داعش”. وأشار المصدر إلى أن ذلك الديوان كانت داخله مئات الوثائق التي سيتم نقلها إلى المخابرات لدراستها،’ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم تحرير مدينة الموصل وأعلنت الحكومة والقوات المسلحة العراقية بكل صنوفها وعناوينها استكمال التحرير العسكري للمدينة من عصابات الإرهاب والمجازر، يوم 2017/7/10، وبالتأكيد كانت الكلفة البشرية والمادية باهظة، ولكنها على الأقل تخلصت وينبغي أن يكون الى الأبد من الإرهاب وجرائمه ومجازره التي قادها تنظيم عرف بمختصره “داعش” إعلاميا. وإذا كان تحرير مدينة الموصل مركز محافظة نينوى مع القصبات الأخرى قد أنجز فإن استكمال تحرير المحافظة مهمة رئيسية. ويأتي قضاء تلعفر، المتبقي، والذي أخذ مداه منذ إعلان تشكيل القوات العسكرية التي تقوم بعملية التحرير، وتسميتها باسم الرد الواضح “قادمون يا تلعفر”.(ومعروف أن هذا الشعار، “قادمون يا…..”، كان قد رفعته تهديدا للعاصمة بغداد مجموعات سياسية، شكلت بشكل أو آخر مقدمات وملاذات لداعش ومازالت تدعمه، وكانت قد وفرت له ظروفا ملائمة وتسهيلات ميدانية، ودعما لوجستيا، ووظفت امتداداتها الإعلامية والسياسية، كما اتخذت من اربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، وعواصم عربية وأجنبية، منطلقا لها لنصرته، بعد خسارتها المواقع التي كانت بأيديها، ورغم اختلافه معها، في مجالات معينة، ظلت المحافظات الغربية وبصفة طائفية، عنوانا متداولا في الإعلام والترويج من تلك المجموعات في تحديد الدور والوظيفة والتخادم والابتزاز السياسي، المدعم أيضا من خارج العراق، دون أية مصداقية أو اختيار السكان لها في تلك المناطق). بدأت العمليات يوم الأحد 2017/8/20 وكانت المدينة أساسا مطوقة من أغلب حدودها من قوات الحشد الشعبي، وبالتنسيق مع القوات الأمنية الأخرى، تحركت كل هذه القوات للدخول إلى المدينة وتحريرها وفق الخطط العسكرية. وكانت قد أمنت مخارج آمنة للمدنيين، وحمايتهم. وتم التحرير خلال أيام بعدد أصابع اليدين وما بقيت كالعادة سوى عمليات تنظيف المدينة وتطهيرها من جيوب أو مفخخات الإرهاب، ومتفجراته والحد من نشاط ذئابه المنهزمة. في التفاصيل، تلعفر مدينة تقطنها أغلبية من القومية التركمانية، من المسلمين من المذهبين الرئيسين، ومن مذاهب وأديان أخرى، متعايشين فيها دون إشكاليات كما يحاول بعض من الفتنويين، من داخل العراق ومن خارجه، لاسيما من المتطرفين مع أو في تركيا، صناعة فتنة مذهبية وادعاءات بنسب وحجوم لتشويه صورة المدينة وتحريرها من الإرهاب ومن داعش ومناصريه. وتقع تلعفر على بعد نحو70 كيلومترا إلى غرب مدينة الموصل المحررة، وبحوالي 38 ميلا عن جنوب الحدود التركية، وعن الحدود السورية بحوالي 60 كم. قدرت المصادر العراقية عدد المدنيين الذين كانوا عالقين داخل المدينة بنحو عشرة آلاف شخص من عدد سكانها الذي يقدر بنحو 205,000 نسمة حسب تقديرات عام 2014، وكانوا فيها قبل احتلال “داعش” لها عام 2014. والمدينة تعد نظرا إلى موقعها المحوري بين مدينة الموصل والحدود السورية، حلقة وصل لـ”داعش” مع مجموعاته الإرهابية، في المدن الأخرى، وخاصة في سوريا، وتشكل استعادة تلعفر وفق السلطات العراقية والتحالف الدولي، المرحلة الأخيرة من عملية قطع تلك الحلقة التي سبق وتم قطع طرق رئيسية تربط القضاء مع الموصل ومناطق قريبة من الحدود العراقية السورية. ويُقدّر عدد عناصر “داعش” المسلحة في تلعفر بنحو ألف بينهم أجانب، حسب ما أعلن عنه مصدر رسمي من المدينة لوكالة أنباء. قال نائب القائد البريطاني للتحالف الدولي ضد “داعش” روبرت جونز، حسب وكالات الأنباء ليوم 24 آب/ أغسطس2017 ، إن تحرير مدينة تلعفر وبقية مدن محافظة نينوى يشكل أساسا لإنهاء الوجود العسكري لـ”داعش” في شمال العراق. وأضاف أن القوات العراقية تخوض أصعب معركة حضرية منذ الحرب العالمية الثانية. إلا أن القوات العراقية تمكنت من التغلغل في المدينة وتحريرها حيا حيا، وشارعا شارعا، ورغم ما وصف مراقبو المعارك بالبطيئة بسبب استخدام التنظيم أسلوب زرع العبوات الناسفة العميق الذي عرقل عمل كاسحات الألغام وتسبب في إصابة عربات عسكرية حكومية، إلا أنه بعد يومين من انطلاق عملية استعادة قضاء تلعفر، أعلنت القوات العراقية انهيار خمسين في المئة من قدرات “داعش” في المنطقة، وكما أشير خلاف المراقبين إلى تقدم متسارع، أكده أيضا التحالف الدولي الذي كشف أن القوات المشتركة سيطرت على مئتين وخمسين كيلومترا مربعا قرب تلعفر. ومن ثم التوغل في مركز المدينة وتحريره مع الأطراف المختلفة من المدينة. لقد حدثت انهيارات واسعة لـ”داعش” وتم إلقاء القبض على أعداد منهم، وحصلت القوات الأمنية على مئات الوثائق التابعة لمقاتلي “داعش”. وبحسب مصدر بالحشد الشعبي، كما نشرته وكالات الأنباء، فأن هذه الوثائق تم العثور عليها في مبنى ما يسمى ديوان الجند التابع لـ”داعش”. وأشار المصدر إلى أن ذلك الديوان كانت داخله مئات الوثائق التي سيتم نقلها إلى المخابرات لدراستها، مضيفا أن الوثائق تابعة لمسلحي “داعش” الأجانب، ومعظمهم ينحدرون من أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وكذلك من السودان والصين. وتحتوي هذه الوثائق على معلومات عن فترة إقامتهم في صفوف “داعش” والمعارك التي شاركوا بها على أراضي أفغانستان وسوريا والعراق. كما أعلن عن تعرف فتاة أيزيدية على أحد عناصر الإرهاب عندما ظهر على شاشات فضائية كردية خلال نزوحه مع أهالي تلعفر إلى مناطق آمنة تحت سيطرة القوات العراقية. وقالت الفتاة التي تكتب اسمها، إيفانا وليد، إنها تمكنت من التعرف على العنصر الداعشي وكان مسؤولا عن المتاجرة بها هي وزميلاتها المختطفات في تلعفر، مشيرة إلى صورة رجل قالت إنه يلقب بـ”أبو علي” وهو يتظاهر بأنه نازح والتقطته عدسات الكاميرا التي نقلت تغطيات حية لمعارك تلعفر. كتبت الفتاة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تقول: “لا يمكنني نسيان وجهه أبدا، كان مسؤولا عن بيع وشراء جميع الأيزيديات في تلعفر، أنا والكثير من الناجين والناجيات نعرفه جيدا”. وتابعت قائلة: “أنا متأكدة جدا من صوته، وحين أسمعه أتذكر كيف كان يتحدث معنا بقسوة وكيف كان يهيننا، وكيف كان يقول بأنه سيبيعنا”. وأضافت إيفانا قائلة: “هذا الشخص اشتراني وباعني أكثر من مرة”. وأكدت الفتاة الأيزيدية أنها مستعدة للوقوف بوجهه وتواجهه بـ”كل الأفعال” التي فعلها بها، وبالناجيات الأخريات. وقالت إيفانا وليد: “نطلب من الحكومة التحقيق الجيد معه لأن أغلب الناجيات كن في تلعفر، وهو يعرف أين هن الآن وماذا حدث لهن”. وأضافت قائلة: إن “هذا الشخص يجب معاقبته”، لافتة إلى أن “هناك المئات من عناصر داعش فروا بين الأسر النازحة”. هذه المعلومات تثبت هزيمة داعش في الموصل وترد على المتباكين عليه، والذين خسروا رهانهم ومليارات تمويلهم له والمنظمات التي خدمته أو يسرت له ما قام به من جرائم ومجازر. ولعل فرحة تحرير المحافظة كبيرة، وما سيجري بعدها الأهم في الفرح والنصر. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
3 | صفقة «حزب الله» و«داعش»: تعددت الأحزاب والعنف واحد | يوسف الديني
|
الشرق الاوسط السعودية |
جزء من إشكالية التعامل مع التنظيمات الإرهابية؛ مثل «حزب الله» و«داعش»، وفهمها، هو أنه يتم بمنظور أسطوري ومثالي، بحيث تتحول ممارسات هذه التنظيمات إلى أسئلة محيّرة، تبعاً لأنه يخالف مبادئها أو شعاراتها، في حين أن هذا التعامل يتناسى حقيقة بسيطة وواضحة كالشمس، هي أن من يستبيح قتل الأبرياء؛ بل ويعين نظاماً كنظام الأسد على اجتثاث شعبه، أو من يمارس أبشع صور القتل الفوضوي والعدمي دون تفريق بين ضحاياه كتنظيم داعش، كيف يمكن أن نصدم من أن يعقد تحالفاً لسلامة كوادره في مقابل تسليم رفات الطرف الآخر أمام مرأى من العالم كله؟ الأكثر إدهاشاً أن يتم تبرير ذلك بدوافع «إنسانية» وبمناشدة رقيقة كالتي أطلقها حسن نصر الله! وفي التفاصيل، فإن السماح بخروج أكثر من 600 مقاتل من عناصر تنظيم داعش إلى البادية السورية مقابل الأسير أحمد معتوق وجثامين «حزب الله» وعناصر من الجيش اللبناني، لم يكن مفاجئاً ولا حتى استثنائياً في تاريخ التنظيمات العنفية؛ ثمة كثير من الاتفاقيات التي تمت بين «القاعدة» في أفغانستان ومناطق التوتر التي خاضتها، وبين تنظيمات شيعية أفغانية مقاتلة، وكان المبرر في كل تلك الحوادث ضمن التأصيل الفكري للتنظيم هو العذر الجاهز: «المصلحة الشرعية»، على الرغم من أن تنظيم داعش أكد رفض التنازل مع الغزاة، وأنه من التولِّي يوم الزحف؛ بل ويجب إهدار دم من يقوم بذلك، لكن أيضاً فإن التنظيرات «الجهادية» غير مطلقة، فخطاب التمكين والغلبة يختلف تماماً عن خطاب الانكسار والضعف. على الجانب الآخر، قيام «حزب الله» بمثل هذا الاتفاق الغامض هو اعتراف ضمني بقوة تغلغل «داعش» في الداخل اللبناني بما يفوق كل جعجعات الحزب، لكنه يؤكد حقيقة مؤلمة؛ وهي ما آل إليه نفوذ الحزب من حالة ابتلاع الدولة اللبنانية وصولاً إلى جيشها، لا سيما مع ردود الفعل الصاخبة من المكونات السياسية اللبنانية من جهة؛ وتأكيدات الحكومة السابقة بأنها لا تنسق مع الحزب أو حتى نظام الأسد في عملياتها لحماية الداخل اللبناني؛ من جهة ثانية، وهو ما بدا منافياً للحقيقة؛ حيث «حزب الله» صاحب الكلمة الفصل في كل ما يجري وبتوجيه مباشر من نظام طهران التي حاولت التخفيف من رد فعل الحكومة العراقية التي شاهدت انتقال عناصر «داعش» كأنه سيتم إعادة تصديرهم مجدداً، عدا كونه طعنة في الظهر، لا سيما مع وجود عدد كبير من الميليشيات الشيعية العراقية، ومنها «الحشد الشعبي»، تقاتل «داعش» بخبرات «حزب الله» وتدريبه. رواية «حزب الله» كانت تعمد إلى التبرير، ولكن بصيغة الانتصار، حيث أصر على تكرار مفردة «استسلام» عناصر التنظيم، وخلا خطابه من وصفه الأثير الدائم له بـ«التكفيريين»، بينما لم يعلق تنظيم داعش في كل منصاته الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي على الحدث؛ على كثرتها، وهو ما يمكن أن يفسره التنظيم لاحقاً بعد الخروج من الأزمة على أنه تصرف فردي لا أكثر اقتضته المصلحة الخاصة. رد فعل الولايات المتحدة بدا ضعيفاً مقارنة بحجم الاستنكار لما حدث؛ على الأقل في التحرك ضد «حزب الله» أو المطالبة بفتح تحقيق، بل تم الاكتفاء بنفي أن يكون التحالف الذي تقوده طرفاً في الاتفاق، وأن ادعاءات الحزب ونظام الأسد بمحاربة الإرهاب تبدو جوفاء بالسماح لإرهابيين بالعبور لأراض خاضعة لسيطرتهم، بحسب تعبير الكولونيل ديلون. تصرف «حزب الله» عبر عن الرغبة في إثبات الوجود، وأنه طرف فاعل ومنفرد في الساحة اللبنانية، في محاولة لاستعادة وهجه السياسي عبر فرض قدرته العسكرية وادعاءات النصر وتحرير لبنان من «داعش» هذه المرة وليس الإسرائيليين، مستغلاً لحظة انكسار التنظيم بفضل التحالف الدولي، وهو الأمر الذي لم يعجب الحكومة العراقية التي تعاملت بشجاعة في التعبير عن غضبها. وبحسب وصف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فإن الاتفاق بين «داعش» و«حزب الله» عبر عن «إهانة للشعب العراقي»، وهو تصريح يدل على أن العراق يسعى إلى استعادة مفهوم الدولة، في مقابل سعي «حزب الله» و«داعش» وكل التنظيمات الإرهابية – التي وإن اختلفت في الدوافع والآيديولوجيات فإنها تتفق في الأهداف والغايات – إلى تقويض مفهوم الدولة والعمل في خرائب أنقاضها، وهو ما تحول إلى هويّة مستدامة لدى جماعات العنف السياسي، فوجودها مرتبط بغياب الدولة وضعفها، وهو ما يفسر تمدد ميليشيات الحوثي في صنعاء ومحاولة الإجهاز على ما تبقى من أطلال الدولة التي يحاول المخلوع، عبثاً أو مكراً، الاحتفاظ بها في جزء من المعادلة السياسية، وتلك قصة أخرى. مناطق التوتر هي ملعب الجماعات الإرهابية التي يبدو أنها تتناوب عليها؛ تسقط «داعش» ويتمدد «حزب الله» أو «الحشد الشعبي» أو «الحرس الثوري»… وهكذا دواليك، وهو ما يعني أن الحل ليس في مجرد الاستنكار والاستهجان؛ بل التحرك الدولي لإنهاء الملفات العالقة في المنطقة: حل جذري للأزمة السورية، وتقوية الحكومة العراقية بالتأكيد على مفهوم الدولة، واستعادة الحالة اللبنانية المختطفة من «حزب الله»، وكف يد طهران عن الاستثمار في مناطق التوتر في سوريا والعراق واليمن؛ بمعنى قطع الطريق على المشروع الإيراني لاستهداف سيادة الدول وتقويضها. سؤال الأسئلة الذي خلفه هذا التعامل المزدوج من «حزب الله» بتوجيه ومباركة إيرانية مباشرة: هل سيكون غياب «داعش» وتلاشيه مخلفاً وراءه مناطق توتر وخرائب فوضى كبيرة وفراغاً كبيراً بعد تدمير المدن وتراثها وعمرانها واستخدام الأجيال الصغيرة في عملياته، تمهيداً لصعود مشروع إيران في مناطق التوتر بدعوى محاربة الإرهاب على طريقة الإحلال؟ الأكيد أننا أمام سيناريوهات مرعبة لا يمكن القفز عليها إلا باستعادة مفهوم الدولة «المختطف» في تلك المناطق، وعبر التعاون مع دول المنطقة، وليس الرضوخ للأمر الواقع كما تم تمرير صفقة «حزب الله» و«داعش» على مرأى ومسمع من الجميع. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
4 | هذا تفسير اتفاق «داعش» و«حزب الله» | حمد الماجد
|
الشرق الاوسط السعودية |
مع الدواعش تغشت الرحمةُ قلوبَ قادة حزب الله، قائم مقام إيران في لبنان، واجتاحت مشاعرهم الحنية، وذرفت دموعُهم على الدواعش شفقةً ورقةً، وتنزلت في أدبياتهم مبادئ حقوق الإنسان وطبقوا مواثيق القتال وراعوا شرف النزالات، وامتثلوا لمُثُل الفروسية. نعم كادت تتفطر قلوب كواسر الضاحية الجنوبية رحمة بالداعشيين وآلهم وذرياتهم، فوقَّع «الحزب الإلهي» أخيراً اتفاقاً إنسانياً يمنح الدواعش وأهاليهم وقوافلهم الوصول الآمن لمنطقة البوكمال شرق سوريا، حيث لا يزال الدواعش يسيطرون بخليفتهم على تراب تلك المناطق. هذا الاتفاق سطرته أيادٍٍ «ميليشياتية» حنونة رقيقة، ومداد كلمات الاتفاق دموع الرحمة والرأفة والشفقة!! يبدو أن الشفقة والرحمة والحنية عند حزب الله وإيران التي باركت الاتفاق إنما هي قبعات تُعتمر وقت الحاجة إليها وتُنزع وقت الاستغناء عنها وحسب أحوال المناخ السياسي وتقلبات مصالح حزب الله والنظام الخميني الراعي الحصري للحزب، وإلا فقاصي العالم ودانيه يعرف ويتابع ويرصد مجازر حزب الله على الثرى السوري ومقاومته الشعب السوري وحقه الأصيل في تغيير نظام حكمه الدموي الطائفي، حزب الله الذي برزت إنسانيته لزملاء الإرهاب في «داعش» هو ذاته الذي يساند، ولأسباب طائفية صرفة، نظام بشار الذي يسعى في أرض سوريا فساداً ويهلك الحرث بمجنزراته والنسل ببراميله المتفجرة، فقتل عشرات الآلاف وهجر مئات الألوف وأوقع الملايين من شعبه في أزمة إنسانية على مدار السنوات الست الماضية، وهو الحزب ذاته الذي يجثم على صدر اللبنانيين بجيشه الذي يفوق جيش لبنان النظامي عدداً وعدة ويتحكم فيه بقبضته الحديدية ويثير الرعب في أنحائه باغتيالاته وزعرنته وبلطجيته. لا أتفق مع من يقول إن الاتفاق بين حاضنتي الإرهاب؛ حزب الله و«داعش» زاد من غموض أحجية «داعش»، بل على العكس تماماً، فهذا الاتفاق يفك بعض شفرات هذه الأحجية ويزيح الستار عن جانب من غموضها، ويجيب عن بعض الاستفهامات التي تملأ رأس الرأي العام العربي حول «داعش» المثير الجدل، للنظام الخميني مصلحة استراتيجية كبرى مع التنظيمات الإرهابية السنية، «داعش» و«النصرة» وقبلهما «القاعدة» وكل من دار في فلك هذه التنظيمات المتشددة أو تقاطع مع آيديولوجيتها. صحيح أن هناك تنافراً عقدياً وفكرياً بين هذه التنظيمات الإرهابية السنية وحركات الإرهاب بنسختها الشيعية ممثلة في حزب الله، ولكن الصحيح أيضاً أن للخمينية في إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن وكل دولة توجد فيها خلاياها النائمة والمستيقظة مصلحة كبرى، فهذه التنظيمات السنية الإرهابية بتخلفها وبطشها ودمويتها هي التي تتكئ عليها الخمينية الإيرانية بفرعها اللبناني لمد نفوذها العسكري والسياسي والآيديولوجي والديموغرافي، وهذا ما تحقق فعلاً في العراق وسوريا واليمن، فتحت محاربة هذه التنظيمات السنية الإرهابية استطاعت إيران أن تقنع العالم الغربي، بل وتقنع عدداً من دول العالم العربي بأنها تحارب الحركات الإرهابية كـ«داعش» و«النصرة» وبقية القائمة، وهي بالفعل تحاربها، ولكنها في الوقت ذاته تنفذ بهذه الحركات الإرهابية مخططاتها بعيدة المدى، فإيران الآن تنفذ هذه المخططات وبأسلوب ممنهج، فتحت ذريعة محاربة «داعش» والإرهاب هجرت مئات الألوف من السنة في العراق وسوريا ولبنان من مدنهم وبلداتهم التاريخية تمهيداً لالتئام قطع الهلال الشيعي المتفرقة، ومن اعترض على نفوذ الخمينية في العراق وسوريا وأعمالها العسكرية وقتالها للعراقيين والسوريين رفعت في وجهه شعار محاربة «داعش» ومن دار في فلكه، ثم اتهمته بالطائفية، وهذا ما يمارسه إعلاميو الخمينية ومثقفوها وأكاديميوها في دول المنطقة دون استثناء. الزواج المؤقت بين «داعش» وحزب الله يشي بأن الخمينية لم تنتهِ بعد من استغلال ورقة «داعش» والحركات الإرهابية السنية، وإذا استنفدت الخمينية غايتها منها نبذتها نبذ النوى وأجهزت عليها. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
5 |
حزب الله وداعش أخوان في الإرهاب |
جيري ماهر
|
الوطن السعودية |
منذ أن بدأت الثورة السورية لم يستطع الأسد أن يقمعها إلا عبر ربطها بالإرهاب والتكفير، وكانت تهديدات المفتي أحمد حسون للاتحاد الأوروبي يومها واضحة وصريحة أن نظام الأسد سيرسل انتحاريين يستهدفون أي دولة «تعتدي» على سورية عسكرياً، وأكد حسون يومها أن هؤلاء الإرهابيين مقيمون أيضاً داخل الاتحاد الأوروبي. كلام المفتي لم يكن عشوائياً أو تهديداً فارغاً، بل كان بناء على معلومات من مصادر استخباراتية سورية أكدت للمفتي تحضير النظام لمثل هذه العمليات عبر مجموعات وتنظيمات دينية، سيتم تشكيلها والتعاون معها في سورية لتقدم خدمات للنظام السوري عبر تحويل الثورة من سلمية إلى تكفيرية وإرهابية. قبل سنوات تواصل معنا أحد المقربين من حزب الله، وقدم معلومات تخص العلاقة بين ميليشيا حزب الله وتنظيم داعش، وأكد أن لا اشتباكات بين الطرفين على الأرض السورية أو حتى اللبنانية، وأن هناك اتفاقات بتسهيل مرور أرتال الحزب في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وكذلك السماح لأرتال داعش بالمرور بسلام في مناطق سيطرة النظام والحزب. إضافة إلى التنسيق في تنفيذ العمليات في الاتحاد الأوروبي كلما كان النظام السوري بحاجة إلى الضغط على الرأي العام العالمي. إن من تابع الأحداث منذ إعلان تشكيل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام سيجد أن هذا التنظيم قدم خدمات جليلة للنظام السوري، وقتل الثورة السورية وحاصرها، وتسبب في قطع الدعم عنها، وتحويل أنظار العالم من العمل على إسقاط الأسد إلى تشكيل تحالف دولي للقضاء على داعش، ومد الثوار بالسلاح مقابل تعهدهم بمحاربة التنظيم قبل النظام السوري. إضافة إلى ذلك فإن التنظيم الذي نفذ عمليات إرهابية في معظم دول الاتحاد الأوروبي والخليج فإنه لم ينفذ عملية واحدة في قلب دمشق القريبة منه، والتي يمكن استهدافها بصواريخ أو عمليات انتحارية تسهم في زعزعة أمن النظام السوري إلا أن ذلك لم يحصل لأسباب واضحة بدأت منذ تشكيل التنظيم خلال أحداث الثورة، وقبل ذلك أيضاً عندما كان بشار الأسد يسمح للإرهابيين بدخول العراق عبر الأراضي السورية لقتال الجيش الأميركي بعد سقوط صدام حسين، فكانت العلاقة بين التنظيم والأسد علاقة عمل قوية، يخدم فيها التنظيم نظام الأسد وعملياته الخارجية والداخلية، بينما يسمح الأسد للتنظيم باستخدام الأراضي السورية كمعابر للدخول إلى العراق وتركيا ولبنان والأردن شرط عدم استهداف إسرائيل طبعاً. لقد استطاع حزب الله أن يستفيد من هذه العلاقة القوية بسن تنظيم داعش ونظام الأسد، فسمح لهم بالسيطرة على مناطق حدودية لبنانية سورية، وبدأ بإخافة المسيحيين في لبنان عبر إيهامهم أنه يحارب في سورية ليحميهم من خطر التنظيم التكفيري الذي يسعى إلى السيطرة على لبنان وتهجير مسيحييه، وكان إعلام الحزب يسوق لنظرية أنه لولا حزب الله لوصل داعش إلى «جونية»، وهي إحدى أشهر المناطق المسيحية السياحية في محافظة جبل لبنان، وهي مركز قضاء كسروان. بعد انطلاق معركة جرود القاع التي حصل فيها الجيش اللبناني على الضوء الأخضر لقتال تنظيم داعش والقضاء عليه وتحت ضربات كانت ناجحة وسريعة تحرك حزب الله لإنقاذ إخوانه في الإرهاب فأعلن وبشكل سريع عبر أمينه العام الإرهابي حسن نصرالله التوصل إلى اتفاق مع داعش لنقل مقاتليه وعائلاتهم إلى داخل الأراضي السورية، وتحديداً مناطق سيطرة التنظيم مما تسبب في صدمة أولية تلتها صدمة أكبر عندما علم اللبنانيون أن عدد مقاتلي التنظيم لم يتجاوز 300 مقاتل، مما أسقط نظرية حزب الله وإعلامه أنهم يحاربون في سورية كي لا يصل التنظيم إلى الأراضي اللبنانية بينما كان التنظيم في جرود القاع، ولم يكن يشكل أي تهديد حقيقي للأراضي اللبنانية، ولكن أراد حزب الله من هذه المفاوضات السماح لعناصر التنظيم بالانتقال إلى مناطق أخرى لتنفيذ مخططات جديدة تخدم مشاريع الأسد. اليوم أتوجه إلى جمهور حزب الله ومناصريه بعدة أسئلة أبرزها: كيف تقبلون أن يفاوض حزب الله تنظيماً قتل أبناءكم في الضاحية عبر تنفيذه عمليات إرهابية داخلها؟ كيف تقبلون أن يفاوض حزب الله تنظيماً أوهمكم أنه في سورية لمحاربته ومنع وصوله إلى لبنان؟ كيف تقبلون أن يقتل أبناءكم على الأرض السورية دفاعاً عن الأسد ضد شعب أراد الحرية، وفي النهاية تجدون أن حزبكم لم يشتبك يوماً مع داعش، ولم يواجه في سورية إلا الأبرياء من سكان الأرياف والقرى والمدن؟ ألم تسألوا أنفسكم كيف أن تنظيم داعش الذي استطاع أسر طيار أردني وأميركيين وأوروبيين وسوريين وعراقيين وعرب تم إعدامهم بأبشع الطرق، لم يستطع أسر عناصر من حزبكم وفي آخر عملية أعاد جثث الجنود اللبنانيين بعد قتلهم، وأعاد عنصر حزب الله حياً يرزق، ولم يتعرض لأي اعتداء؟ هل تعلمون أن حزب الله بالاتفاق مع داعش سهل وصول الإرهابيين إلى الضاحية الجنوبية في بيروت لتنفيذ عمليات يستفيد منها الحزب بشد العصب الديني والشعبي خلفه لأخذ المزيد من أبنائكم إلى الحرب السورية؟ اليوم وبعد سنوات على الحرب السورية ومسرحية حزب الله وداعش بإخراج النظام السوري، أسأل ويسأل ملايين المسلمين والعرب مثلي؛ هل يوجد بين من يناصر حزب الله عاقل ليتفكر؟ ليسأل وليكتب وينتقد ويستفسر ويبحث عن الحقيقة؟ أنظر إلى جمهور وبيئة وأنصار حزب الله، وأتذكر قوله تعالى في سورة الجمعة: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). نعم لا يمكن أن يملك الإنسان عقلاً ولا يجد رابطا بين حزب الله وداعش في سورية والعراق وبين الأسد والتنظيمات الإرهابية، فالكل يعرف أن معظم قادة التنظيمات الإرهابية أقامت في سورية أو سجنت فيها، ومع انطلاق الثورة تم الإفراج عنهم بعفو أصدره الأسد عن محكومين ومعتقلين في سجونه، فإلى متى يبيع البعض عقولهم وكراماتهم ودماء أبنائهم بأبخس الأثمان؟ إن العلاقة التي تجمع داعش بحزب الله اليوم أصبحت واضحة وضوح الشمس، والاتفاق الذي حصل بينهما كان واضحاً ولا لبس فيه، خدمات متبادلة وحماية مصالح وعلاقات عامة وحافلات للنقل مجهزة ومكيفة ووجبات طعام.. إنهم الإخوة في الإرهاب!
|
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
6 | استيلاء امريكا على النفط العربي وخلافتها للامبراطورية البريطانية.. وكيف كانت شركات النفط الأجنبية تُحدد أسعار وكميات انتاجه دون علم الدول المنتجة!
|
د. عبد الحي زلوم
|
الراي اليوم بريطانيا |
مع أن بريطانيا قد ربحت الحرب العالمية الاولى بمساعدة الولايات المتحدة إلا أنها خرجت منهوكة القوى وبخزينة شبه خاوية وكان ذلك بداية نهاية امبراطوريتها العالمية. يفسّر الجيوبوليتيكي البريطاني بيتر جيه. تيلور الحربين العالميتين على أنهما “مبارزتان بين ألمانيا والولايات المتحدة على وراثة النظام الجيوبوليتيكي البريطاني . وتُفصِل وقائع الاجتماعات السرّية والتي عُقدت بين وزارة الخارجية الأميركية والمجلس الأميركي للعلاقات الخارجية بدءاً من العام 1939 ، تفصّل بوضوح دور الولايات المتحدة كوارثٍ لبريطانيا جاء في أحدى وثائقها : ” إن الامبراطورية البريطانية على الحال الذي كانت عليه في الماضي لن تعاود الظهور أبداً .. وتوجّب على الولايات المتحدة أن تأخذ مكانها.” كانت الفترة مابين الحربين العالميتين هي الفترة الانتقالية وكانت هذه الفترة ايضاً فترة الهيمنة الامريكية على النفط العربي والشرق اوسطي بدءاً بحصة الربع في شركة نفط العراق الى حصة النصف في شركة الكويت والى مئة في المئة من ملكية شركة نفط البحرين ثمّ نفط السعودية . كان أعضاء كونسورتيوم آي. بي. سي. قد اتفقوا على السيطرة على نفط الشرق الأوسط ، فيما يعرف باتفاقية الخط الأحمر . لكن شركة ستاندارد أويل أوﭫ كاليفورينا(SOCAl) ، لم تكن جزءا من آي. بي. سي ، ويمكنها أن تقوم باستكشافاتها النفطية الخاصة بها . في عام 1929 أرسلت الشركة فرد أليكساندر ديـﭭيس إلى البحرين لتقييم احتمالات التنقيب هناك وفي الحسا، في شبه جزيرة العرب . وعقدت الشركة صفقةً مع ابن سعود تمت بمساعدة من قبل دبلوماسي بريطاني سابق هو هاري سانت جون فيلبي ، والذي أصبح مستشاراً مقرّباً وموثوقاً للحاكم السعودي. وبدت الصفقة – لابن سعود – جذّابة للغاية إذ كان بلده الناشىء في ذلك الوقت يعتبر من أفقر بلاد العالم ، وبدون أي بنيةٍ تحتيةٍ تذكر. وتضمنت الشروط النهائية التي توسط فيها فيلبي ، دفعة مقدمّة لابن سعود مقدارها 5000 جنيه استرليني ذهباً مقابل استئجار الأرض اللازمة لأعمال الإستكشاف وإنتاج النفط ، 30% من كل أرباح أي اكتشافات ، فضلاً عن 100000 جنيه استرليني تدفع ذهباً ومقدّماً عن تلك الأرباح . وسرعان ما استعمل الاميركيون فيلبي مستشارا لهم بأعطياتٍ مجزية. وبعد أن عثرت شركة SOCAL على النفط في البحرين على عمق 2000 قدم تشكلت في جزيرة العرب شركة جديدة هي شركة ستاندارد أويل الكاليفورنية العربية ( والتي أصبحت فيما بعد شركة الزيت العربية الأمريكية – أرامكو ) ، وتمّ ضخ النفط إلى الناقلة الأميركية سكوفيلد في أيار 1938 كأول شحنة نفط من العربية السعودية إلى أميركا . لم يبقى مكان في الشرق أوسط لم تتملك به الولايات المتحدة وشركاتها جزءاً من كعكة النفط سوى نفط ايران الذي كان مملوكاً بالكامل من بريطانيا ولكن الى حين! اوصى البرلمان الإيراني بتأميم شركة النفط المملوكة بالكامل من بريطانيا واختار “المجلس″ مصدق رئيساً للوزراء مع تخويله صلاحية تأميم الشركة الانجليزية في الحال ، ووقع الشاه القانون وحل محلّها شركة النفط الوطنية الإيرانية وأصبح نافذاً من 1 أيار 1951 . رأى الاميركيون في تأميم النفط الإيراني فرصة كانوا ينتظروها. فتم الإطاحة بمصدّق في انقلاب عرف باسم ” العملية آجاكس ” ، والتي نسقتها وكالة الاستخبارات الأميركية مع نظيرتها البريطانيةMI6 وتمّ تخفيض حصة بريطانيا في نفط ايران من 100% الى 40% وتمّ زيادة حصص الشركات الامريكية من صفر الى 40% في كونسورتيوم جديد . بينما منحت شل 14% وسي. إف. بي. الفرنسية 6% . وكان القصد واضحاً وهو أن جميع شركات النفط العاملة في الخليج سوف تسيطر مجتمعة على إنتاج النفط من الخليج ، وفي أثناء فترة التأميم قوطع النفط الإيراني من قبل المستوردين ، وازدادت صادرات النفط من بلدانٍ خليجية أخرى من أجل إبقاء حجم النفط الذي يخرج من المنطقة ثابتاً ، وقُيّض لهذا التواطؤ بين شركات النفط الرئيسية ، بشأن اتخاذ القرار حول عرض النفط على المستوى العالمي ، أن يستمر ، دون معرفة البلدان المنتجة نفسها . وعندما أصدر عبد الكريم قاسم سنة 1960 قانونه بتأميم جميع مناطق الامتياز التي لم يجر فيها الاستكشاف بعد ، قاطع حاملو أسهم شركة بترول العراق النفط العراقي ، مما أدى إلى خسارة العراق لعوائده النفطية ، بينما عوّض مساهمو شركة اي بي سي الإنتاج وعوضوا عن خسارتهم لانتاج العراق من امتيازات أخرى في الخليج ، واستُعمِل هذا التكتيك ثانيةً عندما قوطع الخام العراقي والكويتي بعد غزو العراق للكويت في حرب الخليج الأولى. لعلّ اكثر تصديقاً لمقولة الجاسوس لورنس (بأن التاريخ هو سلسلة من الاكاذيب تمّ تصديقها ) هو ما يشاع ويكتب عن رئيس العراق الاسبق عبد الكريم قاسم. جاء في كتاب “مذكرة جندي” للقائد الاردني الكبير صالح الشرع : ” في 3/2/1949 نشبت معركة محلية بين كتيبة عراقية في منطقة كفر قاسم (فلسطين )واليهود في رأس العين . كان قائد الكتيبة المقدم عبد الكريم قاسم وقد قابلته لمعرفة تفصيلات المعركة وعرفت أنه احتل موقع راس العين من اليهود ومرزعة مجاورة كانوا يتمركزون فيها. وامتنع عن الخروج من هناك رغم قيام الهدنة . وحينما جاء امر الانسحاب من قائد لوائه الزعيم نجيب الربيعي اجاب عبد الكريم قاسم على برقيته قائلاً : انا لا انسحب الا الى بغداد ، وبقي في مكانه الى ان انسحب الجيش العراقي عائداً الى بغداد … في9/3/1949 تقرر سحب الجيش العراقي بعد اتفاقيات رودس . تقرر ان تستلم الكتيبة الخامسة من الجيش الاردني مكان الاماكن المتقدمة من الجيش العراقي وقوامها فرقة ! … في 13/5/1949 أخذتُ قادة سرايا الكتيبة واجرينا الكشف على المنطقة في باقة الغربية الى كفر قاسم . وكان قائد الكتيبة العراقية عبد الكريم قاسم. سألني عن معلومات عن اتفاقية رودس وهل ستكون قرية كفر قاسم داخلة في الحيز اليهودي بموجب تلك الاتفاقية … فأجبته بالايجاب … فنادى على احد السرايا وطلب فئة الاشغال وكانت في كفرقاسم مقبرة صغيرة تضم اثنين وعشرين شهيداً سقطوا اثناء معركة راس العين وفي حوادث متفرقة أخرى ، فأمر بفتح قبورهم واخراج جثثهم ونقلها الى مقبرة الشهداء العراقيين الواقعة على مفرق طريق جنين – قباطياً ، وقال: أنا اسلمكم المواقع ولكني لا اترك جنودي الاموات لتدنس مقابرهم اقدام اليهود . كان امام قيادة الكتيبة تمثال اقامته الكتيبة يسمونه تمثال النصر . امر بهدمه وتم ذلك ايضاً ” في سلسلة المآسي التي واكبت حرب فلسطين الاولى أنه ” في اتفاقية رودس تم تسليم 212 الف دونم تضم سبعة عشر قرية دون اي قتال مع اليهود.” محمد حسنين هيكل كتب في مقالة له سمعتها من راديو القاهرة نقلاً عن مقالاته الشهيرة آنذاك بعنوان ” بصراحة” جاء فيها أنه خلال اجتماع مع الملك حسين في اوروبا أخبره الملك حسين أنه يعرف معرفة اليقين أن الانقلاب الذي اطاح بعبد الكريم قاسم كان انقلاباً امريكياً تم توجيه الانقلابين من محطة المخابرات المركزية الامريكية باللاسلكي بالكويت، وان اسماء من أُستهدِفوا من الانقلاب – كانت تأتي اسماءهم مع عناوينهم عبر ذلك المركز باللاسلكي . مصادر عديدة قرأتها لاحقاً اكدت هذه المعلومة . كان قراران لعبد الكريم قاسم تجاوزا الخطوط الحمر: اصداره لقانون النفط رقم (80) والذي امم فيه وسحب امتياز كافة الاراضي العراقية غير المستغلة من شركات النفط الاجنبية ليتم استغلالها من شركة نفط وطنية عراقية. أما الخط الاحمر الثاني كان حكمه عبارة عن تآلف من تيارات مختلفة بما فيها تيارات يسارية . جاء من بعده ليقيموا وحدة وحرية واشتراكية وما اقاموه معروف لديكم . في عام 1928 وَقّع عمالقة النفط “اتفاقية الوضع الراهن” (as-is) أو اتفاقية آكناكاري Achnacarry والتي اتفقوا بموجبها على إنهاء المنافسة فيما بينهم ، ووقف فائض الإنتاج وتقسيم أسواق العالم على أساس ” الوضع الراهن” ، كما اتفقوا على أشياء أخرى . واستعملت هيئة التجارة الاتحادية الامريكية صلاحيتها للحصول على وثائق الشركات ، وحسب الأصول توصلت إلى إنتاج أكثر التحليلات التاريخية تفصيلاً للعلاقات الدولية بين الشركات . ويُعتبر التقرير وعنوانه ” كارتل البترول الدولي ” معلماً ودراسةً مميزة . وأرادت كلّ من وكالة المخابرات المركزية ووزارتي دفاع وخارجية الولايات المتحدة الأميركية تطويق التقرير على أساس مصلحة الأمن القومي ، مدّعين بأن المعلومات التي يتضمنها يمكن لها ” ان تساعد والى حد كبير الدعاية السوﭭياتية ” ، كما أن الناس في البلدان المنتجة سيكونون غير سعداء بمضمونها ، وخاصة حقيقة أن معدّلات الانتاج – والتي تشكل موردهم وعوائدهم الأساسية – انما تقررها الشركات الاجنبية دون علمهم ، وبذا تُشكل انتهاكاً لسيادتهم . أما الرئيس ترومان فصنف الوثيقة على أنها سريّة للغاية ، بينما قررت ادارة العدل أن التقرير يشي بوجود كارتل نفطي يعود بتاريخه إلى عام 1928 ، مما يستدعي اتخاذ إجراء قانوني . وتأسيساً على توصية رئاسة الأركان ومجلس الأمن القومي ، وقبل أيّام قليلة من انتهاء رئاسته في كانون ثاني 1953 ، طلب ترومان من إدارة العدل التخليّ عن تحقيقاتها الجنائية ضد الشركات المتآمرة . أصاب عالم الجيولوجيا الأميركي إيفيرت دوغولير (Everett de Golyer) كبد الحقيقة من البداية، حيث كتب في أحد تقاريره بعد حملته الجيولوجية في شبه الجزيرة العربية: “إن مركز الجذب لعالم إنتاج النفط ينتقل من الخليج (خليج مكسيكو) في منطقة حوض الكاريبي إلى الشرق الاوسط إلى منطقة خليج الفرس، ومن المرجح أن يستمر هذا الانتقال حتى يثبت في شكل نهائي في تلك المنطقة.” لهذا أرادت الحكومة الامريكية استملاك نفط الجزيرة العربية مباشرةً وليس عبر شركات النفط. وسيكون هذا موضوع المقال القادم .
|