اربع مقالات عن العراق بالصحف العربية يوم السبت

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 لماذا يخاف المسيحيون من السنة أكثر من الشيعة؟

 

 

نديم قطيش

 

الشرق الاوسط السعودية
    

حتى معركة جرود عرسال لم يطرح على اللبنانيين، والمسيحيين منهم تحديداً، ضرورة الاختيار بين (الجهادية الشيعية) ممثلة بميليشيا «حزب الله» و(الجهادية السنية) ممثلة بميليشيات «النصرة» و«داعش».

معركة جرود عرسال طرحت هموماً مختلفة وأسئلة جديدة على اللبنانيين المسيحيين، دعك من الخلط الدعائي بين معركة الجرود التي خاضتها ميليشيا «حزب الله» وبين الاحتفاليات الشعبية بالجيش اللبناني الذي لعب دوراً حمائياً لمخيمات النازحين وبلدة عرسال في حين تُرك أمر العمليات الميدانية لميليشيا «حزب الله». في العمق عبّر المسيحيون عن رأي عام شعبي وموقف سياسي كبير وأغلبي مرتاح لما قام به «حزب الله»، شكّل صدمة للجمهور السني.

ماذا حصل؟

في ترتيب أولويات المخاطر التي يستشعرها المسيحي اللبناني، كشفت معركة جرود عرسال، أن الخوف من السني يتقدم عند هذا المسيحي على الخوف من الشيعي، وهو لا يرى حرجاً في أن تخلصه (الجهادية الشيعية) من مثيلتها السنية.

زاد من بديهية هذا الموقف وتلقائيته، أننا بإزاء ميليشيا لبنانية تقاتل ميليشيا سوريّة، مع «بيئتها الحاضنة» في المخيمات، بعد أسابيع وأشهر من التعبئة ضد اللاجئين السوريين، فكان سهلاً أن ينحاز لبنانيون للبنانيين.

لكن الأصل، أي أصل تقدم الخوف المسيحي من السني على الخوف من الشيعي يعود لأسباب أعمق وأقدم من التحديات التي طرحتها المسألة السورية.

لسنوات طويلة صُنع الخوف من المسلمين السنة صناعة في لبنان. صناعة ممنهجة وحثيثة رافقت انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية والتغيير الذي أصاب تركيبة الحكم في لبنان. ازدهرت السنية السياسية في كنف الوصاية السورية على لبنان التي أقصت المسيحيين، ممن يتصدرون اليوم واجهة التمثيل السياسي المسيحي. لم تخلُ تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوماً من تهمة «أسلمة البلد». طاردته التهمة بنشاط ومثابرة، وعثَر صائدو الأشباح على أدلة عليها في كل خطوة خطاها الحريري، أكانت طريقاً يفتتحه أو مسجداً يبنيه، أو قصراً له في أعالي بلدة فقرا، حاول من خلاله أن يقول للمسيحيين إنه مثلهم ويريد أن يعيش أسلوب حياتهم! كانت التعبئة العميقة والمعلنة ضد الحريري والمرعية من المخابرات السورية، تقوم على اتهامه بأسلمة البلد لاستفزاز المسيحيين المستفزين أصلاً، واتهامه «بأسرلة البلد» (من إسرائيل)، بهدف الإبقاء على استنفار شيعي في وجهه.

استكملت هذه التعبئة طوال اثني عشر عاماً من قبل التيار الوطني الحر بقيادة الجنرال ميشال عون، الذي قاد أغلبية شعبية مسيحية مناهضة «لسارقي الحقوق» السنة بالتحالف والتفاهم مع «حزب الله». إنها طبقات سميكة من مراكمة الخوف، والهواجس، وجدت متنفسها دفعة واحدة في أول مواجهة مباشرة بين (الجهاديات) السنية والشيعية.

زِد، أن الحريق المندلع في الإقليم يرفد هذه السردية المسيحية المشغولة، بأدلة، لمن يريد أدلة، على تفوق الخطر السني على نظيره الشيعي. فـ(الميليشيات الجهادية السنية)، وليس الشيعية، هي التي هجّرت مسيحيي سوريا والعراق، وهي من تفجر كنائس الأقباط في مصر، دعك عن تحولها إلى مشكل اجتماعي سياسي وقيمي في أوروبا المسيحية. لم يخرج رأي عام مسيحي مثلاً يواجه نبرة الوزير جبران باسيل، صهر عون، حين قال إن المسيحيين اللبنانيين يواجهون ما يواجهه القبطي في مصر! لا فرق هنا، في العمق، بين الحريرية وبين «النصرة» و«داعش»، أياً تكن اللياقات السياسية في التعبير خلاف ذلك.

ينسى المسيحي «أسلمة الضاحية الجنوبية» الفعلية، وهي مسقط رأس عون، ولا ينسى تهمة: «أسلمة البلد» المنسوبة لرفيق الحريري. تهمة السنة في عقله أقوى من حقيقة ما يفعله «حزب الله» على الأرض!

حتى حزب القوات اللبنانية عثر على صياغة مرتبكة، تساير هذا الرأي العام المسيحي الخائف من السنة، وفي الوقت نفسه تؤكد الموقف العام الداعم لمشروع الدولة والمستنكر لمشروع ميليشيا «حزب الله». لم يعد بوسع القوات أن تقول كما قالت سابقاً «ليربح الإخوان».

زد أيضاً أن طبيعة (الجهادية الشيعية)، الممسوكة هرمياً من دولة هي إيران، تسهل التفاهم على من يريد التفاهم معها، وهي من تقود مجتمعاتها مباشرة. في المقابل (الجهادية السنية) متفلتة من أي ضابط لها، ومتطاولة على الدول السنية قبل غيرها، في حين قوى الاعتدال ضعيفة تجاه نفسها قبل أن تكون ضعيفة تجاه الغير.

بل إن (الجهادية الشيعية)، كما حصل في العراق مع الحشد الشعبي و«حزب الله» في لبنان، لا تُواجَه، باحتجاج كبير حين تصير جزءاً من الدولة وآليات عملها، في حين (الجهادية السنية) مرذولة ومطاردة. خفف هذا أكثر من الخطر الشيعي في مقابل الخطر السني، وسهّل لـ«حزب الله» أن يؤكد ادعاءه أنه حامي المسيحيين في ظل الضعف المتمادي للدولة.

كما أن اضطرار الزعامة السنية اللبنانية إلى التطبيع مع الأمر الواقع الإيراني، والاعتراف المر باختلال توازن القوى لصالح جماعة إيران، دفع بمسيحيين أكثر لتجاوز التطبيع السلبي إلى التفهم الإيجابي لدور «حزب الله» أو للنتائج «الإيجابية» اللبنانية المباشرة لهذا الدور، بصرف النظر أن هذه مكاسب تأكل من رصيد الدولة اللبنانية الآن وغداً، وتأكل معها رصيد المسيحيين، وربما وجودهم.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 أزمة قطر واحتلال الكويت

 

عبد الرحمن الراشد

 

 

 الشرق الاوسط السعودية
 

بتعسف شديد، يحاول الموالون لحكومة الدوحة تجيير مرور ذكرى احتلال الكويت، وإسقاطها زوراً على أزمة قطر الحالية. يروجون لمقولة إن قطر اليوم في خطر مثل الكويت بالأمس، وإن السعودية والدول المتحالفة معها مثل صدام العراق!

عدا أن هذا تزوير للحقيقة، كما هي عليه اليوم، فإنه أيضاً وتاريخياً لا بد من القول إن قطر كانت الدولة الخليجية الوحيدة التي حاولت عرقلة تحرير الكويت، بمنعها قرار مجلس التعاون تبني الحرب العسكرية لتحرير الكويت في اجتماع ديسمبر (كانون الأول) 1990. فقد أصر ولي العهد آنذاك، الشيخ حمد بن خليفة، على أنه لا تحرير للكويت إلا بعد إجبار البحرين على التنازل عن الجزر المتنازع عليها مع قطر، مما أغضب الدول الخمس وأجبروه على التراجع أو مغادرة الدوحة. موقف معيب وغريب، في وقت كانت فيه قوات صدام تسكن في قصر دسمان في الكويت، وقد تشرد أكثر من مليون ونصف المليون مواطن ومقيم خارج الكويت. ولا يقل غرابة عنه سوى موقف الإخوان المسلمين، حليف قطر اليوم. الإخوان كانوا أيضاً صريحين ضد التحرير، وعبر عنه التنظيم الدولي للإخوان في الأردن ومصر والسودان وتونس وغيرها. تعلل الإخوان، آنذاك، لتأييدهم احتلال العراق للكويت، بأنهم ضد الحل العسكري وضد استقدام القوات الأجنبية! الحقيقة أنهم كانوا يطمحون للتعاون مع حكومة صدام لتكليفهم حكم الكويت بديلاً لأسرة آل صباح!

وتروّج الدعاية القطرية، ومن في فلكها في الإعلام الكويتي، في مناسبة ذكرى احتلال الكويت مسألتين؛ التقليل من دور مجلس التعاون والسعودية ضمنه في تلك الأزمة، والأخطر محاولة تشبيه أزمة قطر باحتلال الكويت.

لكن الحقيقة معكوسة تماماً، ففي هذه الأزمة الدولة المعتدية هي قطر، والضحية هي الدول الأربع. ورغم غرابة المشهد، بحكم أن قطر دولة صغيرة، فإن الدول الأربع متفرقة صبرت سنين على سياسة قطر وأفعالها الخطيرة ضدها، ليس من ضعفها لكن لأن قطر دولة صغيرة، وكان عندها أمل في أن تتعقل القيادة هناك مع مرور الوقت.

وقد تتساءلون: ما هي جريمة قطر التي ارتكبتها حتى نشبهها بصدام؟

لسنين متواصلة، وبلا كلل أو ملل، عملت سلطات الدوحة على زعزعة وإسقاط أنظمة البحرين والسعودية ومصر والإمارات، وقمتُ بترتيبها بحسب الأضرار.

قطر تقوم بتمويل المعارضة ضد السعودية في لندن وتركيا وقطر نفسها، معارضة تدعو لإسقاط الحكم السعودي. قطر كانت شريكاً في التآمر لاغتيال الملك عبد الله، وتعترف بأنها تآمرت أيضاً مع القذافي لإسقاط النظام في الرياض، وكل مرة تعترف وتقدم عذراً أقبح مما سبقه وتتعهد بالكف عن سياستها ثم تعود من جديد! فقد قامت قبل شهرين بالتسويق لثورة هناك تحت اسم «حراك سبعة رمضان»، وتولت عمليات شراء مئات الأصوات في الداخل لهذا الغرض، دفعت لهم أموالاً مباشرة لحساباتهم. أما ما تفعله في البحرين ومصر فمعروف ومكشوف ومعلن على قنواتها التلفزيونية الرسمية، بدعمها المعارضة الشيعية المتطرفة في البحرين لإسقاط حكم آل خليفة، والدعوة والتمويل الصريح للإخوان لإسقاط حكومة عبد الفتاح السيسي بالقوة. وهي الوحيدة التي تقوم برعاية وتمويل معارضين إماراتيين في الخارج!

وكما قالت هذه الدول، إنها صبرت طويلاً وقد حان الوقت لوقف قطر عند حدها.

وعلى الإخوة في الكويت أن يتذكروا أن هذه الدول الأربع هي التي هبت لنجدة بلدهم عندما أسقط صدام نظامها، ومن الوفاء أن تقف الكويت إلى جانبها، أو على الأقل ألا تترك ساحتها للاستخدام القطري سياسياً وإعلامياً واقتصادياً!

فما هو الفارق بين ما فعله صدام بإسقاط الحكم في الكويت وما تفعله حكومة قطر؟ الواقع أن قطر أسوأ لأنها تتخفى وراء شعارات وحجج مثل الديمقراطية والإسلام، وهي لا علاقة لها بالاثنتين!

في ذكرى احتلال صدام للكويت يفترض أن نعي ذلك الدرس القاسي والثمين، أن نكون جميعاً أكثر حرصاً على احترام العلاقات والمعاهدات، وعلى دعم استقرار بعضنا. دول الخليج يفترض أن تكون أشد رفضاً لأفعال حكومة قطر، وأن تقف مع مطالب الدول الأربع، لأنها لم تطالب بإزاحة الحكم بل تطلب من حكومة الدوحة التوقف عن تهديد أمنها ووجودها. ولو أن الكويت، ومثيلاتها، وقفت وقفة عادلة لربما عقلنت الدوحة وأنقذتها من نفسها، وأنقذت المنطقة كلها من عقلية القذافي التي تدير سياستها.

غداً، مقالي حول روايات مواجهة غزو صدام.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3   استعادة العراق لدورها العربي

 

 د. إبراهيم العثيمين

 

  اليوم السعودية
 

جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها الزعيم الشيعي العراقي السيد مقتدى الصدر الى السعودية يوم الأحد الماضي (30 يوليو) بعد نحو 11 عاما من آخر زيارة له للمملكة والتي كانت في عام 2006، في إطار التقارب السعودي العراقي الذي يشهد تحسنا كبيرا في الآونة الأخيرة تمت خلاله مجموعة من الزيارات المتبادلة بين مسؤولين سعوديين وعراقيين بينهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، وتم على أساسها الاتفاق على فتح المعابر بين البلدين. الرياض تسعى من خلال هذا التقارب مع بغداد الى تبني رؤية جديدة في تعاملها مع الملف العراقي، على أمل استعادة العراق لدوره العربي بعيدًا عن النفوذ الإيراني. وتأتي أهميّة هذه الزيارة في تحقيق أمرين رئيسين..

 

الأمر الأول تجميد الطائفية السياسية التي تمارسها إيران من خلال الانفتاح على القِوى السياسية والدينية الشيعية العراقية وتقليص الهيمنة الإيرانية عليها. فإيران حاولت وتحاول دائما أن تطوق النخب الشيعية العراقية، وتمنعها من حاضنتها العربية، والسيد مقتدى الصدر أحد هؤلاء فقد أثبتت تصريحاته ومواقفه الماضية استقلاليته عن النفوذ الإيراني وتبنيه مواقف وطنية تدعو إلى التوازن في علاقات العراق الإقليمية والدولية، وكذلك رفضه التدخل الإيراني في الشأن العراقي ورفضه مشاركة الميليشيات الشيعية في الحرب السورية. وبالتالي فالصدر يمكن من خلال تزعمه لأحد أكبر التيارات الشعبية الشيعية في العراق والتي تحظى بـ 34 مقعدا في البرلمان العِراقي أن يلعب دورا في ذلك. وبالتالي فالتقارب مع المرجعية العراقية ودعمها -لأن معظم الشيعة العرب يتبعونها- وإعادتها الى حضنها العربي سوف يقلل بلا شك من التحقن والتهيج الطائفي الذي عم المنطقة بسبب سياسة إيران الطائفية ويساهم في تعزيز الوطنية والحوار والاعتدال والتسامح. وكما ذكر ثامر السبهان، وزير الدولة لشؤون الخليج العربي بوزارة الخارجية السعودية، في تغريدة على تويتر «التشدد السني والتشدد الشيعي لا يبني أوطانًا أو مجتمعات، لغة الاعتدال والتسامح والحوار هي ما يجب ان تسود لتحقيق مصالحنا العليا». ولذلك جاء الحديث عن فتح قنصلية سعودية في محافظة النجف، من اجل تقريب وجهات النظر وتخطي الطائفية.

 

الأمر الثاني محاربة التنظيمات الإرهابية التي تدعمها إيران سواء تنظيم داعش أو ماعش (مليشيات إيران في العراق والشام) أو غيرها من الميليشيات الطائفية الإرهابية. فالسعودية أخذت على عاتقها مكافحة جذور التطرف والإرهاب والمتمثلة في دعم إيران للميليشيات الخارجة عن سلطة الدولة. فمقتدى الصدر هو كذلك قائد لأجنحة عسكرية تابعة لتياره متمثلة بكل من جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وسرايا السلام والذي يَضم أكثر من 60 ألف مُسلّح، فيمكن للصدر في إطار الدولة أن يشارك في التحالف الإسلامي أو التحالف الدولي في محاربة الميليشيات الإيرانية في كل من العراق وسوريا، في مُحاولة لانتزاع العراق وسوريا من دائرة النّفوذ الإيراني.

 

وأخيرا العلاقات بين بغداد والرياض القطبين الكبيرين في المنطقة سوف تتطور على المستوى السياسي والاقتصادي والتجاري والأمني. وسوف تستمر الرياض في الانفتاح على كافة الشخصيات العراقية الوطنية من مختلف الانتماءات، حتى يستعيد العراق العظيم دوره العربي بحكم هويته المتجذرة وتاريخه وحضارته العريقة ولن يكون لميليشيات إيران الطائفية والتهيج الطائفي أي مكان فيها.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4  العراق والسعودية: قرن من الخصام والشيطنة المتبادلة

 

 رائد عبد الحسين السوداني

 

 

   الراي اليوم بريطانيا
  

مرت العلاقة العراقية – السعودية بخصومة وصلت احيانا الى الصدام المباشر نتجت عن هجمات (الاخوان) القوة الضاربة لعبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية على مراقد الائمة في كربلاء وسرقة خزائنها النفيسة وقتل من يمكن قتله من العراقيين ولولا تهديد المندوب السامي البريطاني (هنري دوبس) الذي وجد في هجمات اتباع بن سعود إهانة له ولحكومته لما توقفت تلك الهجمات، وهذه الخصومة ليست بالسياسية ولا جغرافية فيمكنني القول ان السعودية البلد الوحيد الذي لم يدخل نزاعا مع العراق حول الارض إلا اللهم ما تبرع به صدام حسين من منطقة الحياد بين العراق والسعودية والكويت فقد تبرع بحصة العراق منها الى السعودية تكريما لموقفها تجاه حربه ضد ايران.

والنزاع أو الخصومة ناتجة عن أمرين مهمين الأول ان المذهب الحاكم في السعودية، المذهب الوهابي، والعراق بأغلبيته شيعي لا يمتون للاسلام بحكم تعاليم محمد بن عبد الوهاب، والثاني من حكم في ارض نجد والحجاز بعد توحيدهما بما سميت لاحقا المملكة العربية السعودية ؛عبد العزيز آل سعود ؛العدو المباشر والخصم اللدود الذي هزم الشريف حسين ونجله الملك علي وطردهما وجيشهما من ارض الحجاز في حين إن أول ملك نصبته بريطانيا على العراق عام 1921هو فيصل بن الشريف حسين وشقيق الملك علي ليتحد الشأن المذهبي بالشأن السياسي وقد ظلت العلاقة متوترة طيلة الحكم الملكي في العراق لاسيما ان الاردن البلد الآخر قد حكمه نجل آخر من أنجال الشريف حسين مما ولد علاقة وثيقة بين العراق والاردن لم تكن مصدر ارتياح للسعودية ويمكنني القول إن اكثر الفرحين بمقتل العائلة المالكة يوم 14/7/1958 في العراق هي السعودية (بطبيعة الحال لم تكن مؤيدة لعبد الكريم قاسم) .

أما في العهد الجمهوري فقد شهدت العلاقة بين البلدين عصرا ذهبيا حين مجيء صدام حسين كرئيس للعراق 1979 لكن هذا الصعود في العلاقة ثمنه مليون شاب من العراق وايران في حرب دامت ثمان سنوات اذ كانت السعودية بقيادة فهد آنذاك الساعد الايمن لصدام حسين ضد ايران ليس حبا بالعراق بل لانهاكه وتحويله لبلد ضعيف لا يقوى على مشاكسة جيرانه وايضا كانت الحرب ضربة قاسية في وقتها للثورة الايرانية، وبعد انتهائها فورا طالبت السعودية ومعها الكويت بديونهما المترتبة على العراق اثناء الحرب مع ايران ليدفعا صدام حسين لغزو الكوت ويدخل العراق في مطحنة الجوع مع مطحنة الحروب وصولا للغزو الامريكي عام 2003 وبمباركة السعودية القوية لعملية الغزو لكن ما فوت الفرحة عليها وصول الشيعة الى الحكم في العراق ووصول حاكم (نوري المالكي) صبغة حكمه متشنجة يصل بالامور لحافات الهاوية لا يهوى الحكم إلا بتعظيم المشاكل لا تصفيرها.

فتراكمت التبريرات لدى السعودية؛ شيعة يعني إيران الشيعية (مع العلم ان السعودية لم تدخل بخصومة مع ايران الشيعية زمن الشاه وذلك عائد ان الشاه كان هو الشرطي الاول لدى امريكا في المنطقة)، وعزوف السنة عن الدخول في العملية السياسية وتوزيع قياداتهم ما بين الاردن وقطر والسعودية وهم يرفعون شكوى الاحتلال الايراني للعراق وليس الامريكي، نشوب حرب طائفية في العراق عمادها القاعدة بلباس سني وميليشيات بلباس شيعي مما حدا بالسعودية غلق ابوابها بوجه العراق الرسمي وتشجيع بعض القيادات السنية على تازيم الوضع في العراق الى وصول ترامب للبيت الابيض الذي امر بفتح العلاقة معه فزار عادل الجبير العراق وتفتح الآفاق، لكن يبقى السؤال عندما تدخل هنري دوبس مندوب بريطانيا السامي هدأت الاوضاع لكن ظل مبدأ تكفير الشيعة سائدا في السعودية وبتعمق واليوم أيضا يتدخل ترامب سياسيا ولا تحل المعضلة الاساسية إذ يظل الوهابي مكفرا للشيعي ويبقى الشيعي متوجسا ومكفرا الوهابي وهذا ليس من مصلحة البلدين المتجاورين لاسيما ما يربط اكثر عشائرهما برابطة الدم والنسب الواحد أكثر من غيرهما من البلدان العربية الاخرى وهناك تبادلات تجارية ولو انها تقتصر على الجانب السعودي فقط حاليا، فالذي اقصده هنا يجب التحرك بين الفعاليات الثقافية والدينية تحديدا لانهاء هذه الشيطنة المتبادلة وابدال الخصام الى نوع من التقبل ولو بحدوده الدنيا لسد الذرائع أمام المتربصين وامام العصابات وكمثال بسيط عندما يفتح منفذ حدودي بين البلدين سيكون هناك حرس حدود وكمارك ومنافذ حدودية من جانب العراق، وايضا سيراقب هذا المنفذ من الجانب الاخر مما يغلق طريقا مهما على العصابات أما اذا ظل مغلقا فبطبيعة الحال يفتح امام العصابات والمهربين وتجار المخدرات .

فهل من خطوة أخرى متقابلة من الفعاليات السعودية تجاه العراق كما قام السيد مقتدى الصدر من العراق . نتمنى ذلك.