ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | بين شيعة العراق وإيران!
|
حازم صاغية
|
الحياة السعودية |
اليوم، هناك أربعة أقطاب من شيعة العراق لا يسرّهم نفوذ إيران الكاسح في بلدهم. وأغلب الظنّ أنّهم، وبغضّ النظر عمّا يقولون، لا يمانعون في نفوذ آخر يوازن النفوذ الإيرانيّ، متيحاً للوطنيّة العراقيّة أرضاً أوسع للمناورة.
حيدر العبادي، كرئيس حكومة، يعرف أنّ الدولة التي يقف على رأسها ستبقى بلا رأس في ظلّ هذا التضخّم الإيرانيّ. السيّد علي السيستاني، المرجع الشيعيّ الأعلى والأوّل، يعرف أنّ عمائم قم ستبقى قيداً على عمامته. السيّدان مقتدى الصدر وعمّار الحكيم، ممثّلا العائلتين الأوثق صلة بـ «الشيعيّة العربيّة» في العراق، يعرفان أنّ قدرة الشيعيّة الإيرانيّة على القضم أقوى من أن يعيقها اعتداد العشائر الشيعيّة العربيّة بأصلها وفصلها.
هؤلاء الأربعة يعبّرون عن ذلك، كلّ بطريقته. حيدر العبادي قد ينشئ «تكتّلاً انتخابيّاً جديداً»، وقد يؤسّس حزباً جديداً يسمّيه «الحرّيّة وإعادة البناء» ينشقّ به عن «حزب الدعوة» الذي تقيم زعامته الفعليّة في يد نوري المالكي. والأخير، كما نعلم، مُعتَمد إيران الأوّل في بغداد والرقيب المباشر على العبادي. السيستاني يحتجب وينكفئ في الملمّات إلى خطوط دفاعه الخلفيّة: إلى الصلاة والتضرّع، وربّما إلى تمنّيات لا يُهمَس بها إلى أقرب المقرّبين. الصدر يزور الرياض للمرّة الأولى منذ عقد ونيّف. عمّار الحكيم هو آخر الأخبار: ينشقّ عن حزبه وحزب أهله «المجلس الإسلاميّ الأعلى» أو يشقّ حزب أهله عنه. يؤسّس «تيّار الحكمة الوطنيّ». يتذرّع بـ «صراع الأجيال» الذي يفصل الشبّان عن جيل مؤسّسي «المجلس» من ذوي الهوى الإيرانيّ، والذين أسّسوه، مع عمّ عمّار، في طهران. يستذكر، على الأرجح، أنّ الإيرانيّين سبق لهم أن شقّوا «منظّمة بدر» عن آل الحكيم ومجلسهم.
الأربعة يعرفون، كلٌّ بطريقته، أنّ إيران سبق لها أن أدمتهم واحداً واحداً، كما يعرفون أنّ القواعد الشيعيّة العريضة صارت، بخليط من ترغيب وترهيب، ومن إفساد وتوظيف وسلاح وإيديولوجيا، تقبل من طهران ما لم تكن تقبله في السابق، وقد ترفض منهم ما لم تكن ترفضه في السابق. لكنّ أهمّ ما يعرفونه أنّ حكّام إيران… يقتلون. يفعلون هذا، كمثل أيّ نظام إيديولوجيّ وتوسّعيّ، بلا رحمة وبلا تردّد. وأن واحداً من أهداف «الحرب المقدّسة» التي تخاض في الشمال السنّيّ تأبيد هذه القدرة الإيرانيّة على القتل وعلى التحكّم.
أمّا من أراد إجراء حساب صارم، فلن تفوته مسؤوليّة الأقطاب الأربعة، ولو بتفاوت، عمّا وصلت إليه الأحوال. آخر تعابير تلك المسؤوليّة أنّ العبادي حسم الجدال المتعلّق بمشاركة «الحشد الشعبيّ» في معركة تلّعفر المرتقبة. لقد قرّر، بعد طول تمعّن، تأييد المشاركة.
لكنْ من دون التقليل من أهميّة التطوّرات الجديدة، ومن خطورتها، فإنّ قائمة طويلة من المهمّات تنتظر القادة الأربعة كي ينجزوا ما يتوقون إلى إنجازه: درجة أعلى في بلورة فكرة المعارضة ولغتها تواكبها درجة أعلى من التقارب والتنسيق بين الأربعة أنفسهم. ديمومة وتماسك في المواقف التي تُتّخذ بحيث لا تنقلب، بفعل المزاج، إلى شيء آخر في اليوم التالي. فرز ما هو ممكن اليوم عمّا لا بدّ من تأجيله إلى الغد. مدّ جسور أقوى وأوضح إلى شركاء الوطنيّة العراقيّة، أي السنّة العرب والأكراد…
والحال أنّ الهجمة الإيرانيّة الراهنة على المنطقة ليست بسيطة، وهي في بغداد تكلّل انتصاراتها، وفي بغداد تبدأ هزيمتها. وليس متاحاً للعراقيّين، والشيعة العرب منهم خصوصاً، أن يتمتّعوا بكماليّات الجمع بين تلك الهجمة وبقاء العراق: فإمّا توسّع إيرانيّ يوالي قضم العراق، وقضم المنطقة انطلاقاً منه، وإمّا عراق سيّد خارج النفوذ الإيرانيّ. وسيادة العراق هي، بالتعريف والضرورة، تداعٍ في نفوذ إيران. المسألة إمّا وإمّا.
لقد كان من نتائج ذاك النفوذ أنّ مفهوم المقاومة بات لا يعني للشيعة العراقيّين إلاّ «ثورة العشرين» ضدّ الإنكليز! أغلب الظنّ أنّ هناك معاني أخرى للمفهوم أشدّ راهنيّة وإلحاحاً بكثير. |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | لن يقضي الاستفتاء على مشاكل كردستان
|
جاكسون ديل
|
الشرق الاوسط السعودية |
هناك انطباع قائم في واشنطن بأن الأوضاع في كردستان العراق لم تشهد تغييراً يذكر منذ خمس سنوات مضت، أي قبل صعود تنظيم داعش الإرهابي: من حيث الإقليم الديمقراطي، المسالم، المزدهر، الناشئ والموالي للغرب الذي يصعب على نحو متزايد تجاهل طموحاته السياسية للاستقلال. ومما يؤسف له، تغيرت الكثير من الأمور منذ ذلك الحين، بسبب الحرب، والانسحاب الأميركي من المنطقة، والاختلالات الكردية الداخلية. ومع الانهيار التدريجي الذي يشهده تنظيم داعش نحو الجنوب والغرب، صار إقليم كردستان معطلاً وعلى نحو متزايد من الناحيتين السياسية والاقتصادية. وظل الرئيس الكردي مسعود بارزاني شاغلاً لمنصبه رغم مرور أربع سنوات على انتهاء ولايته الفعلية، ولم تنعقد جلسة واحدة للبرلمان الكردي منذ عامين كاملين. والحكومة الكردية غارقة حتى أذنيها في الديون، ولا تستطيع أن تسدد رواتب كافة العاملين في أجهزة الدولة. كما أن الجيش والشرطة منقسمان إلى فصائل متنافسة متناحرة. وكان رد فعل بارزاني على هذه المحنة العصيبة مجرد الدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي على الاستقلال في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل. ولقد رفضت الحكومة الفيدرالية العراقية هذه المبادرة رفضاً قاطعاً، كما جاء رفض واضح أيضاً من إيران وتركيا، فضلاً عن الولايات المتحدة. والأهم من ذلك، بات الأمر يُنظر إليه من جانب أكثر الأكراد تأييداً للاستقلال على أنه دليل على أن السياسة في المنطقة قد بلغت حداً خطيراً وطريقاً مسدوداً. يقول شاسوار عبد الواحد قادر، مالك شبكة «إن آر تي» التلفزيونية الكردية المستقلة، إن الاستفتاء ليس إلا ذريعة من جانب البعض في الإقليم للاستمرار في السلطة. ولا تعلم الأجيال الناشئة شيئاً عن كفاحهم وقتالهم في الجبال ضد صدام حسين. ولذلك يحتاج القادة القدامى إلى ذريعة أخرى قوية لإدارة شؤون البلاد لمدة 26 عاماً أخرى. تعكس هذه الكلمات المريرة وجهة النظر الراسخة لدى أبرز أجيال الأكراد – والعراقيين – الذين يناضلون من أجل إنشاء مؤسسات سياسية مستقرة، واقتصاد فاعل في خضم فوضى الاضطرابات الطائفية والصراعات المذهبية، والحركات المتطرفة، والمؤسسات الفاسدة المتناثرة عبر المشهد العام في المنطقة في فترة ما بعد تنظيم داعش الإرهابي. إن الشبكة التلفزيونية المستقلة هي، على أقل تقدير، من الخطوات الأولى على هذا الطريق. في حين أن أغلب وسائل الإعلام العراقية خاضعة لسيطرة الحكومة أو الأحزاب السياسية، والسيد قادر أحد رجال الأعمال العصاميين القليلين في إقليم كردستان، وهو من مواليد مدينة السليمانية العراقية، وبدأ في بيع الألعاب الإلكترونية منذ سن المراهقة، وأصبح أحد أكبر المطورين العقاريين في كردستان قبل أن يؤسس شبكة «إن آر تي» التلفزيونية في عام 2011 عند بلوغه 32 عاماً من عمره. وانطلقت الشبكة التلفزيونية تحت شعار «الشجاعة والتوازن والحقيقة»، وشهدت الشبكة أول هجوم على مكاتبها وإحراقها خلال أسبوع واحد من بدء البث الجديد، ويلقي السيد قادر باللوم في ذلك على العناصر المتطرفة من الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو من القوى السياسية التاريخية في المنطقة. وبعد عامين كاملين نجا السيد قادر من محاولة اغتيال. ثم أغلقت مكاتب الشبكة وألقي القبض على الصحافيين العاملين فيها بسبب مجموعة من الاتهامات المختلفة. ولقد استمرت الشبكة في العمل وازدهرت على الرغم من ذلك، وهي تعمل الآن عبر قناتين كاملتين؛ إحداهما ناطقة باللغة العربية وتغطي كافة أرجاء العراق، وموقع إلكتروني باللغة الإنجليزية على الإنترنت. ومن ناحية الاستفتاء، كما يقول السيد قادر، فقد يدفع تركيا إلى إغلاق خط الأنابيب الذي تصدر كردستان من خلاله النسبة النفطية الوحيدة التي تعتبر المصدر الوحيد الموثوق منه للدخل القومي. كما يمكن أن يؤدي بتركيا وإيران إلى دعم الفصائل المعارضة في الجيش، والتي هي بالفعل منقسمة بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، مما يثير الحرب الأهلية التي خاضوها من قبل في تسعينات القرن الماضي. ويتساءل السيد قادر قائلاً: «أي نوع من كردستان سوف يكون لدينا وقتذاك؟ هل سوف نحصل على نسخة من كوريا الجنوبية أم جنوب السودان؟». |