1 | الدولة الكردية.. وتقرير المصير
|
عبدالله بشارة
|
القبس الكويتية |
منذ وقت قصير، أعلن السيد مسعود البرزاني، زعيم الحزب الكردي الديموقراطي، وابن المناضل مصطفى البرزاني، الأسطورة الكردية المكافحة، أن تاريخ الاستفتاء على استقلال كردستان العراق سيكون في شهر سبتمبر المقبل، ولم يكن الإعلان مفاجأة، بعد أن جاءت تصريحات وبيانات متعددة ومتلاحقة عن الضرورة التاريخية التي لا غنى عنها في تقرير المصير. ويظل والده مصطفى البرزاني الذي لم يهدأ منذ الأربعينات محارباً لتحقيق المبدأ المنشود في تقرير المصير للشعب الكردي الذي وجد نفسه منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى مقسماً، جزءاً في سوريا، وآخر في تركيا، والثالث في إيران، وشمال العراق، في تفتيت لإرادته، وتباعد في مقاومته، وإضعافاً لتصميمه على ممارسة الحق المبدئي في تقرير المصير. جاء استقلال العراق بعد مؤتمر فرساي، كما أرادته بريطانيا في محتوى يضم المكونات الثلاثة، السني والشيعي والشعب الكردي، بالإضافة إلى ملاحق من اثنيات وديانات متعددة، مسيحيين كاثوليك، وآشوريين، وإيزيديين، لتجتمع كلها في كيان سياسي واحد يتسيده السنّة الذين احتكروا القرار وتبنوا أسلوب الرفض الناعم لحقوق الآخرين في المساواة وغياب العدالة وسيادة القانون مع استمرار الحكم نصف العشائري. في هذا الوضع غير المنصف، كان لا بد من يقظة معارضة نحو الإنصاف والمساواة وحق التعبير وإزالة الغبن ونقل الصوت عالياً ليستمع العالم إلى واقع الظلم التاريخي الذي أصاب الأكراد والآخرين، وتسجل أحداث التاريخ وقائع الرفض لذلك الترتيب الفسيفسائي الذي يضم التعارض والتناقض. وإذا كان الهاشميون متحضرين ومنفتحين على أصول الحكم المنفتح، فإنهم لم يستطيعوا إرضاء هذه الطوائف، وتصاعدت نبرة الاعتراض الكردي، خصوصاً مع حكم أشباه المتعلمين من ضباط الانقلاب الذين قوضوا الحكم الهاشمي المؤدب، واستبدلوه بإدارة عسكرية قروية التفكير، جاهلة بفنون الحكم، مغلقة وأنانية، شنت على الأكراد حملات لإسكات اعتراضاتهم، وعندما لجأوا إلى المقاومة كان التنكيل والاضطهاد بالطيران والمدفعية، ولكن الإرادة الحديدية بقيادة ملا مصطفى البرزاني لم تذعن ولم تستسلم لمدافع عصر عبدالكريم قاسم، ولم تعبأ بطيران عارف، ولم تظهر حساباً لحكم البعث الذي وظف كل شيء، بما فيها الإرهاب والمتفجرات. وكلنا نتذكر وفد صدام حسين إلى ملا مصطفى حاملاً رسالة ظاهرها مودة وحقيقتها متفجرات قضت على حاملي الرسالة من رجال الدين، وأبقت إرادة الله الزعيم الكردي ليواصل كفاحه. ولم تكن معاملة شيعة العراق أفضل، فقد منعتهم الشكوك من الوصول إلى المراكز القيادية، وظلوا في عهد صدام مواطنين من الدرجة الثالثة، أحياناً مبعدين، ومعظم الوقت مستهدفين بالإبعاد والعزل. كان البعث عنصرياً شوفينياً بليداً، أشعل بالمقاومة الكردية تجاربها مع العهود السابقة، وقررت أخذ مصيرها بيدها، وأعلنت المواجهة، مستفيدة من الوهن والتآكل الذي اعترى النظام الصدامي. والآن، وفي حضن الدستور، وبعد تجارب منذ عام 2003، أدرك الأكراد أن صرخة الاستقلال وصلت إلى كل أرجاء هذه الأرض، وأن صيغة الحكم الذاتي لا تطعم شهية الشعب الكردي لترسيخ الهوية المستقلة، ولا ترضي الطموحات التي تنقل هذا الشعب إلى مصاف الشعوب الأخرى في حوض سياسي وثقافي وفكري مستقل يجسّد المسار النضالي الطويل الذي رافق الشعب الكردي منذ الحرب العالمية الأولى. ليس بالإمكان وقف ديناميكية حركة الاستقلال الكردي، لا سيما في العراق، فمهما سعى رئيس الوزراء العبادي في سخاء التطمينات والتعهدات والضمانات، فقد ترسخت نزعة الاستقلال وأخذت مسارها، فقد فات الوقت الذي يمكن فيه ترويض هذا الطموح. ونسمع أصواتاً من التجمعات الشيعية تتحدث عن ضيق من قرار الاستفتاء، وتناشد القائد مسعود البرزاني بالتريث، وتبحث عن صيغة تظل بعيدة عن إرادة الأكراد في محتواها وأهدافها، فهم على بينة من استحالة الشراكة العربية-الكردية، سواء سنية أو شيعية، ولن توفر هذه الشراكة تحقيق الذاتية الكردية في دولة مستقلة. وتعزز المطالبة بالاستقلال الشعور الكردي بأن المادة 140 من الدستور المتعلّقة بالمناطق المتنازع عليها والتي يعتبرها الأكراد جزءاً من ديارهم تعرضت إلى عمليات إبعاد وتهجير وإحلال عراقيين عرب في مناطق كردية، كما يلاحظ الأكراد التحركات داخل العراق وخارجه لتخويف العالم وبالذات إيران وتركيا من نتائج استقلال المنطقة الكردية العراقية، واحتمالات التفتيت الجغرافي لدول الجوار مع التوجه لإثارة النعرة العرقية لدى الشارع في تلك المنطقة. نعرف أن الولايات المتحدة تنصح الأكراد بالتأخر وتردد بأن الظروف غير مناسبة، ولكنها لا تقدم البديل المقنع، بينما تبدأ إيران في إجراءاتها ضد منطقة الأكراد. فوفق وكالات الأنباء، بدأت إيران بقطع المياه عن إقليم كردستان مع تحركات عسكرية تستهدف القرار الكردي. مبدأ تقرير المصير عامل مؤثر في تحقيق الأمن وترسيخ السلام، وهو مبدأ مقدس في العلاقات الدولية، وتعطيله أكبر مسببات الحروب والفوضى، وتاريخنا في الكويت الإصرار على تقرير المصير وتأكيد قدسيته، فقد انهارت كل ادعاءات حكام العراق منذ غازي والمقبور صدام حسين بقوة تمسك شعب الكويت في تقرير مصيره والالتزام بدستوره ونظامه السياسي، وصعق صدام حسين لفشله في الحصول على صوت كويتي حقيقي يقبل ادعاءاته وإغراءاته. |
|||
2 | –
جثث على ضفّتي دجلة
|
حازم الامين
|
الحياة السعودية |
بدأت الجثث تظهر على ضفّتي دجلة. «هيومن رايتس واتش» قالت إن جريمة موازية تجري، ومسؤول الأمن في البيشمركة أشار إلى أن «داعش» سيولد من جديد. الموصل تختنق بوقائع لا سياق لها، ولا أحد ممسكاً بدفة المدينة. الشيعة غرباء فيها والسنة مهزومون، وأقليات السهل تستعد لهجرة أبدية، فيما الأكراد على وشك إعلان دولتهم والخروج من هذه التجربة.
لا شيء نهائياً في شمال العراق وفي وسطه سوى ذلك الطريق المُمهد أمام جنود الحرس الثوري الإيراني من بعقوبة إلى الحدود السورية العراقية مروراً بالشاطئ الأيمن من النهر، هناك حيث تظهر جثث مقاتلي «داعش» وقد قذفها النهر إلى ضفّتيه.
المعركة لم تنتهِ، قال الضابط الأميركي لصحافي زار المدينة. العالم يُكرر المعادلة نفسها منذ جيل الجهاديين الأول. للأخيرين وظيفة ما أن تُستنفد حتى يهب العالم لخنقهم، فيولدون من جديد. تسريع مذهل لدورة الزمن الخلدونية. يولد «المجاهدون»، ويدفعون إلى الجريمة ثم يهب العالم إلى قتلهم، فيولدون مجدداً في كهوف مجاورة أو على ضفّتي نهر يقذف جثث أسلافهم.
الجميع لا يريد أن يتعلم الدرس. فيوم باشر «المجاهدون» الأوروبيون قدومهم إلى العراق وإلى سورية، فعلوا ذلك ليس بعيداً من أنظار حكوماتهم، وهم كانوا يكررون ما فعله أسلافهم عندما «هاجروا» إلى أفغانستان وبعدها إلى دولة الزرقاوي في العراق، وكان واضحاً أن الرحلة غير الشاقة إلى «داعش» ستعقبها عودة، ولم يكن أحد مكترثاً بهذه العودة.
اليوم تولد جثث على ضفّتي دجلة، ويبدو أن ثمة قراراً قد اتخذ في أن لا مكان لعناصر «داعش» في السجون، ذاك أن السجون سبق أن حبلت بأجيال جديدة منهم، وحولت مئات من الجناة العاديين إلى مجاهدين. اذاً الإعدام الميداني هو الوسيلة لتفادي هذا الاحتمال، والنهر هو طريق الأهل إلى جثث أبنائهم. أما غرباء «المجاهدين» فستبقى جثثهم معلقة في صور يلتقطها عابرون من أمثالنا، وستتحلل تحت وطأة شمس الصحراء الحارقة.
ما يجري مخيف فعلاً. أن يتخيل المرء سيناريو الهزيمة، فذلك يضعه أمام حكاية مستحيلة، لا يمكن له أن يردها إلى تجربة وإلى خبرة. آلاف من عناصر «داعش» ينتظرهم حراس النهر الجدد والغرباء. نساء مفخخات يخرجن من تحت الأنقاض، وعائلات تقيم في مخيمات تمنع عليها المغادرة إلى قراها وبلداتها في أرياف نينوى الشاسعة. القدر أقوى من العدالة، ذاك أن الأخيرة ترف لا مكان له في معادلة التهلكة هذه. عليك أن تنظر إلى ما يجري بصفته قدراً لا مناص منه ولا قدرة لك على التأثير فيه. أن تكتب عنه يعني أن تصفه وتشرحه لا أن تبحث عن العدالة فيه. المشهد أكثر تعقيداً من أن تُعرِضه إلى تلك المعادلة المضجرة.
لا حق لأحد في هذه الحرب، والشر إذ يقيم في نفوس المتحاربين، لا يبحث عن غير نفسه في جريانه وفي تضخمه. الشر لا يبحث عن دولة للأشرار، ولا عن مستقبل له، على نحو ما كان يفعل صدام حسين مثلاً أو على نحو ما يفعل اليوم النظام في سورية. الشر في سهل نينوى يؤسس لشر أكبر منه، ولا يريد أكثر من نهرٍ جارٍ يدفع الجثث إلى أهلها ويكمل طريقه إلى بحار بعيدة.
ثمة أجيال سريعة النمو ينتظر أفرادها آباءهم على ضفاف النهر، وهذا الأخير لا يبخل على الفتيان، فيفصح لهم عن وجوه آبائهم. وفي العراق لن يبخل عليك أحد في القول إن الطفل الذي ولد لأب في «داعش» سيمضي إلى التنظيم من تلقائه، ذاك أن جرف النهر جثة والده لن يقيه من تلبس الشر بمستقبله. المخيف فعلاً هو أن ما يقوله هؤلاء، والذي يوازي في فظاعته الجريمة، صحيح وسبق أن اختبر، لا لأن الشر سابق على الولادة، بل لأن أحداً لا يريد لـ «داعش» أن يموت. فالخطأ ماثل أمام الجميع، والعالم مستسلم لهذا القدر، وجميع المؤسسات الأممية موجودة وتراقب وتدون وتنشر تقاريرها، ولا يبنى على الشيء مقتضاه. الجميع يعلم أن «داعش» ليس جثثاً تعبر النهر فقط، انما إرث وكتل وعشائر، لكن الجميع يريد أن يدير ظهره لهذه الحقيقة، وأن يقصر نظره على ما يقذف دجلة إلى ضفافه.
النهر يجرف الجثث، لكن آلاف الفتية يتأهبون للثأر. انه القدر الخلدوني. |
|||
3 | حين «كفرَ» حازم الأمين بالبعثَين… و«كفرنا» معه! | هوشنك أوسي
|
الحياة السعودية |
لا أعرف ما الذي بقي ولم يفعله بعض المثقفين اللبنانيين، بخاصّة منهم الشيعة، وكتّاب ومثقفون آخرون مسيحيون وسنّة، ممن عارضوا نظام الأسد، وساندوا ثورة الشعب السوري، حتى يقتنع بعض المثقفين السوريين، الذين يحسبون أنفسهم على ثورة الحريّة والكرامة، أن هؤلاء اللبنانيين ما زالوا معارضين لنظام الأسد، وما زالوا مع مطالب ثورة الحريّة والكرامة السوريّة، وأنهم براء من اللوثات الطائفيّة التي يلحقونها بهم؟!.
فمنذ 2005 وجريمة اغتيال الحريري وهؤلاء ضد نظام الأسد، بل هم كفروا به وبكل أعوانه اللبنانيين، وفي مقدّمهم حزب الله الإيراني – اللبناني، ودفعوا الاثمان والشهداء والجرحى، على ما فعل، تمثيلاً وليس حصراً، سمير قصير، جبران تويني، مي شدياق الخ…
مناسبة هذا الكلام، الحملات التي طاولت الكاتب والصحافي اللبناني المعارض لحزب الله ولنظام الأسد، حازم الأمين، فقط لأنه كتب مقاله «داعش الذي هو في أنفسنا» («الحياة»، 17/7/2017). هذا المقال على ما فيه من نقد ذاتي وموضوعي وجاد، إضافة إلى كونه نقداً اجتماعيّاً – سياسيّاً وثقافيّاً، هو في أساسه يصبّ في خانة تبرئة الثورة السوريّة من «داعش» وملاحقها، ويشير إلى النشأة الأصليّة من «نطفة وبويضة بعثيتين» لهذا التنظيم الإرهابي. بل هو ينتقد أميركا ودورها في ظهوره. وخلاصة ما قاله الأمين في النقد الذاتي: «كل من هتف لـ «المقاومة» في العراق، شارك في انعقاد النطفة على البويضة. ويومها معظمنا فعل ذلك. فقد أطربتنا أشرطة الفيديو التي كانت تبثها «دولة العراق الإسلامية»، والفصائل الموازية لها، واليوم كل بحث عن «داعش» يفضي إلى هذه المرحلة المؤسِسة. ارتداء القفازات في تفسير «داعش» لن يجدي نفعاً، ولن يفيد في سياق المعركة معه. ومثلما هي مخيفة عدم رغبة الأميركيين في الذهاب في البحث عن «داعش» في سياساتهم وأخطائهم وممارساتهم، مخيف أكثر تغاضينا عن البحث عن «داعش» في أنفسنا». وأضاف: «الصدمة المطلوب إحداثها في سياق سعينا للشفاء من «داعش» كما من النظام في سورية، هي أن نبحث أيضاً عنهما في أنفسنا، وفي تمكنهما من حجز مواقع في وعينا وفي خبراتنا وتجاربنا. أن نعيد النظر في مسلمات، وأن نلعب في وجدان تشكل في ظل ثقافتي البعث و «داعش»، وما بينهما من مقاومات». والسؤال هنا: لماذا يصار إلى الإشارة إلى الهويّة القوميّة أو الدينيّة أو الطائفيّة…، لكل كاتب، من قبل بعض الكتّاب المثقفين السوريين الذين يحسبون أنفسهم على ثورة «الحرية والكرامة»؟!. لماذا تتم الإشارة إلى طائفة الأمين، وهو المعروف عنه مواقفه الناقدة بحزم لحزب الله وكل اذرع إيران ونظام الأسد في لبنان والعراق وسورية؟!. نسق كهذا من التعاطي، ألا يصبّ في طاحونة نظام الأسد ويؤكّد مقولته ان «الثورة» كانت طائفيّة؟!. لماذا حين يتم انتقاد نديم قطيش، يتم استحضار طائفته؟!. أوليس ثمة نزوع طائفيّ لدى مَن يستحضر طائفة الشخص المختلف أثناء انتقاده؟.
لماذا يتم إخراج الثورة السورية من جوهرها، وتقديمها على انها ثورة إسلاميّة سنّيّة، عربيّة، وليست ثورة وطنية ديموقراطيّة، سطا عليها الطائفيون والقوميون؟!. والأغرب أن يقوم بعض الكتّاب والمثقفين السوريين المنتمين للبيئة السنيّة بالترويج والتسويق لمقولة «الحاضنة العلويّة لنظام الأسد» واتهام كل الطائفة بأنها تقف وراء هذا النظام الفاشي، ويجري ذلك ليس على المستوى الفردي، بل على مستوى مؤسسات إعلاميّة سوريّة معارضة وحتى عربيّة أيضاً، وهذا فيما يرفض هؤلاء، في شكل قاطع، مجرّد التلميح إلى وجود حاضنة سنيّة أو أن جزءاً من السنّة كانوا حاضنة لـ «داعش» أو «النصرة» أو «أحرار الشام» وكل هذه التشكيلة المتطرّفة التي مارست الإرهاب على السوريين باسم الثورة؟!. يطالب هؤلاء العلويين بالانتفاض على نظام الأسد، ويتهمونهم بالطائفيّة، ولا يطالبون المدن السنيّة بالانتفاضة على «داعش» و «النصرة» و «أحرار الشام»؟َ. فأي منطق هذا؟! والحق أنه إذا نظرنا إلى أحوال كل من هاجموا حازم الأمين واستخفّوا بالبيان الذي وقعّ عليه أكثر من 260 كاتباً وصحافياً وفناناً ومثقفاً لبنانياً والذي يدين ويشجب الممارسات العنصريّة ضد اللاجئين السوريين، يظن أن هؤلا «المنتقدين» – المتهجّمين، أصدروا، حين كان جيش حافظ الأسد يعيث فساداً في لبنان، بياناً واحداً دانوا فيه جيشهم «الوطني – العقائدي»!. وحين قتل النظام السوري ما يزيد عن 30 مواطناً كردياً سورياً وجرح العشرات واعتقل المئات على خلفية انتفاضة 12 آذار (مارس) 2004، فإن هؤلاء لم «يصدروا» بياناً من طينة البيان اللبناني المذكور آنفاً، ينتقدون فيه النظام السوري في تعامله الوحشي وقتذاك مع كرد سورية!.
لماذا، مثلاً، لم يصدر بيان على غرار البيان اللبناني في التضامن مع السوريين، يقول: «نحن الموقّعين أدناه، ناشطين وكتّاباً ومثقّفين وصحافيّين وفنّانين سوريين، ومن موقع إيماننا بسورية وطناً للحريّة والتعدّد واحترام حقوق الإنسان، نعلن رفضنا القاطع واستنكارنا العميق لبعض الممارسات المقزّزة بحقّ المدنيّين السوريّين الكرد على خلفيّة انتفاضتهم على نظام الأسد. إنّ ما يرافق هذه الممارسات من حملات تحريض على السوريّين الأكراد، على وسائل التواصل الاجتماعيّ وفي بعض الصحف وشاشات التلفزيون، أو على ألسنة بعض السياسيّين، لا يقلّ بشاعة عن الممارسات الإجراميّة نفسها. وهذه مثل تلك، لا تسيء إلى الأكراد الأبرياء فحسب، بل تسيء أوّلاً وأخيراً إلى صورة سورية، كما تنتقص من ضمائر السوريين. فما يجري على هذا الصعيد لا يمثّلنا بتاتاً، بل يواجهنا بخيارات حادّة يتعلّق بعضها بتنظيف وطنيّتنا من شوفينيّتها، وبجعل الموقف من الأكراد وحقوقهم أحد معايير هذه الوطنيّة التي نريدها صنواً للديموقراطيّة وحقوق الإنسان».
واليوم نرى البعض منهم اليوم يودون الإطاحة بكل أصدقاء ثورة الحرية والكرامة السورية في لبنان، وفي ايّ مكان، طالما تعلّق الأمر بمحاولة توجيه النقد للبيئة السنيّة – البعثيّة بوصفها أحد العوامل الضالعة والمؤسّسة لتنظيمات على شاكلة «داعش» وأخواتها.
فعلى من يتهافت على التذكير بطائفة حازم الأمين بداعي ردّ انتقاداته، أن يكلّف نفسه ويُتعبها قليلاً بمشاهدة حلقات سلسلة «الخريطة» التي تتناول كتب التراث الإسلامي، وفي مقدّمها صحيح بخاري ومسلم. هذه السلسلة التي قدّمها الباحث المصري (السنّي) إسلام البحيري، بكل جدّ واجتهاد واقتدار، ينبغي مشاهدتها، حلقة حلقة، قبل ردّهم على «كفر» حازم الأمين… وعلى كفرنا معه!.
|