1 | داعش هدد بهدم كربلاء وتم هدم الموصل في النهاية
|
أسعد البصري
|
العرب |
داعش مبرر للجريمة التي هي هدم المدن السنية وتشريد أطفالها. بعد القضاء على داعش ينتهي المبرر وتبقى الجريمة تفوح رائحتها في الفضاء.
عشرات الجنود العراقيين احتفلوا وسط الأنقاض على ضفتي نهر دجلة في الموصل دون انتظار إعلان الانتصار رسميا، وبعضهم رقص على أنغام موسيقى تصدح من شاحنة وأطلقوا نيران الأسلحة الآلية في الهواء.
وأخيرا أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الاثنين الماضي النصر على تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل بعد ثلاث سنوات من سيطرة التنظيم المتشدد على المدينة.
وقال العبادي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي “أعلن من هنا انتهاء وفشل وانهيار دولة الخرافة والإرهاب الداعشي الذي أعلنها الإرهاب الداعشي من الموصل”. وأعلن العراق عطلة مدتها أسبوع بمناسبة النصر واحتفل في شوارع العاصمة بغداد ومدن جنوبية.
وفِي يوم إعلان النصر العراقي نقلت وسائل إعلام إيرانية عن الجنرال قاسم سليماني قوله إن إيران أرسلت “آلاف الأطنان” من الأسلحة والطائرات المقاتلة إلى العراق للمساعدة في هزيمة الدولة الإسلامية.
كاتب يقول “وكان فيلق القدس الإيراني قد دخل سوريا لإنقاذ نظام الأسد من الانهيار في البداية تحت ذريعة حماية المزارات الدينية الشيعية. والآن يبني وجوده العسكري بحجة محاربة داعش، لكن في الحقيقة له مشروع طويل الأمد، وهو الهيمنة على العراق وسوريا ولبنان. إيران بتحركاتها ستمزق العراق وتزيد سوريا تمزيقا”.
وآخر يقول “إطلالة داعش دفعت المرجع الشيعي آية الله السيستاني إلى إصدار فتوى تجيز حمل السلاح. لم تتأخر طهران في اغتنام الفرصة. حولت المقاتلين الشيعة أفواجا في الحشد الشعبي ونجحت في إعطائهم غطاء شرعيا على طريق جعلهم جيشا رديفا على غرار الحرس الثوري لديها. أعطت إطلالة داعش الجنرال قاسم سليماني فرصة التجوال محرّرا في الأنبار، مع كل ما يمكن أن يعنيه ذلك للتوازن بين المكونات العراقية”.
وتقول الأمم المتحدة إن 920 ألف مدني فروا من منازلهم منذ بدء العملية العسكرية في أكتوبر. وما زال ما يقرب من 700 ألف شخص مشردين.
وقالت ليز جراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالعراق “من المريح أن تنتهي الحملة العسكرية في الموصل. قد يكون القتال انتهى لكن الأزمة الإنسانية لم تنته”.
وأضافت “فقد الكثيرون ممّن فروا كل شيء. إنهم بحاجة للمأوى والغذاء والرعاية الصحية والماء والصرف الصحي وأدوات الإسعافات الأولية. مستويات الصدمة النفسية التي نشهدها من أعلى المستويات على الإطلاق”. شرد الأهالي من الموصل
وسط أجواء الفرح العراقي بالنصر الكبير والرقص في احتفالات المدن الشيعية الجنوبية والعاصمة بغداد ذكرت نائبة ممثل منظمة اليونسيف في العراق أنه قد تكبد نحو 650 ألف طفل من الأولاد والبنات الذين عاشوا كابوس العنف في الموصل ثمنا باهظا وعانوا الكثير من الأهوال على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وتقول جراندي “أخبرنا أحد الأطباء الذين تحدثنا إليهم أن الرضع ممّن تقل أعمارهم عن أسبوع واحد والأطفال والأمهات يخرجون من المعارك وهم جرحى وتغطيهم الأتربة والأوساخ، وبعضهم يعاني من سوء التغذية.
وتضيف “في الأيام الماضية، شهدت اليونيسف وشركاؤها زيادة في عدد الأطفال المعرضين للخطر غير المصحوبين بذويهم أو أسرهم الذين يصلون إلى المرافق الطبية ومراكز الاستقبال. كما تم العثور على بعض الأطفال الرضع وهم بمفردهم بين الحطام”.
نصر بطعم الهزيمة
رسالة من رجل موصلي يقول “يحتفلون بالنصر وهم من صنعوا وأدخلوا داعش إلى الموصل وتركوه 3 سنوات يصول ويجول ويقتل ويجند الأطفال. كان بالإمكان القضاء على داعش من الأسبوع الأول لدخول عناصره وكانت أعدادهم لا تتجاوز المئات. دمروا المدينة وأهلكوا الحرث والنسل ولم يبقوا لنا شجرة نستظل بظلها ولا جدارا نأوي إليه. أنا مواطن موصلي هناك هاجس يلاحقني دوما بأنني ربما أُعتقل بتهمة الانتماء إلى داعش ونفس الهاجس كان يلازمني بوقت داعش ممكن أن أُعتقل من قبلهم بتهمة الردة أو التعاون مع القوات الأمنية. والآن يراقبونك ويجبرونك على الاحتفال بالنصر المزعوم وإن لم تفعل فأنت مناصر لداعش”.
ويضيف “أصبح حالنا كحال تلك التغلبية زوجة عمرو بن مالك عندما جاء زوجها منتصرا على أهلها التغلبيين (الزير سالم) وطلب أن تزغرد رغما عنها. كل هؤلاء المواصلة المحتفلين بالنصر هم الآن يعيشون في صدمة وقد غيّب وعيهم بسبب تلك الصدمة المرعبة. الموصل لم تعد الموصل فماذا بقي منها؟ 22 فردا من أقاربي مازالوا تحت الأنقاض اتصلنا بالدفاع المدني لانتشالهم فأجابونا بأنه لم يأت دورهم بعد فهناك 75 عائلة قبلهم مازالوا تحت الأنقاض”.
كاتب عربي يقول أما في العراق فنسمع التساؤل «ماذا بعد تحرير الموصل؟ لقد أدى داعش المهمة المأمولة منه، كما فعل من قبله تنظيم القاعدة، وأجهز على الحضور السياسي والديمغرافي للعرب السنّة الذين لعبوا دورا محوريا في قيام العراق الحديث عام 1920”.
سيدة من الموصل كتبت إليّ “لا أستطيع أن أحتفل بتحرير الموصل ولا أسميه نصرا (قلبي يحترق) كل رفيقاتي وأساتذتي يقومون بنشر صور الموصل ما قبل الأحداث في 2014 ويكتبون تحررت الموصل ورجعت وانتصرنا. لا أعرف على من انتصرنا وقد تحققت كل الغايات التي صنعوا داعش من أجلها. شوارع الجانب الأيسر مملوءة بالمكادي (المتسولين) والفقراء والمعوقين وشباب تركوا أهلهم وهم الآن بأوروبا وتركيا. مدينة كاملة مطعونة في عقيدتها ولا تعلم من أين نزل هذا العذاب، وبسبب من ولماذا نحن دون غيرنا؟”.
وتضيف “الركام الذي ملأ نصف الجانب الأيمن هو ذكرياتي وذكريات المدينة. حزينة أضع نفسي يوميا في زاوية البيت وأنتحب ما هذه مدينتي ولا هذه أرضي، تنجّست الأرض حين فقدنا كرامتنا. انصحني أرجوك وانصح شباب الموصل لو تكرمت ماذا نفعل؟ كيف أضحك على نفسي بالوطنية والأخوة بينما يجب أن أبرر لكل من أصادفه كيف أنني من الموصل؟ مدينتنا التي سقطت وشهداؤنا الذين دفنوا تحت أنقاض منازلهم والعراة الجائعون والمتشردون، كلنا سقطنا، لا أستطيع أن أعبر عن حزني حتى بين صديقاتي. هل من المعقول أنني الوحيدة التي لا تستطيع أن ترى الفرح هنا أو أنه ليس موجودا فعلا والذين يتراقصون هنا كعصفور يرقص من الألم أم أنهم إلى الآن لم يعوا ما فقدنا”.
رسالة من رجل موصلي يقول فيها “يحتفلون بالنصر وهم من صنعوا وأدخلوا داعش إلى الموصل وتركوه 3 سنوات يصول ويجول ويقتل ويجند الأطفال. كان بالإمكان القضاء على داعش من الأسبوع الأول لدخول عناصره وكانت أعدادهم لا تتجاوز المئات”
تواصل السيدة الموصلية متسائلة “ما معنى أن أحزن على سوق وجامع وطريق قديم جدران بيوته من الحجر العتيق. إلى أين سوف يذهب كل هؤلاء الأيتام والأرامل والثكالى؟ هناك امرأة في رأس شارعنا تبكي ابنتها المراهقة كلما ذهبت أمّي بمساعدات لهم تقول ‘لسنا أهلا للصدقة’ هؤلاء أهل الموصل عزيزو النفس الذين أُذلوا وأُخرجوا عراة من بيوتهم، متى يعودون ومن سيعطيهم ثمن الدار التي سقطت؟ سيدة رأت زوجها وفارسها في الغرام هزيلا عاريا يرتجف أمام الجنود ويتوسل خيمة في العراء كيف تفرح بالنصر؟ منذ أسبوع يرن في قلبي موشح أندلسي لا أدري من أين التقطته “قف بنا يا صاحِ نبكي المُدُنا/ بعد من قد كان فيها سكنَا”.
هل يهتم الطرف الآخر بتأثير هدم الموصل مثلا عند العرب والمحيط الإقليمي؟ أم أن الشيعة لا يكترثون بهذه الأشياء ويعيشون حالة من “الثورة الدائمة” إنهم حتى لا يحاسبون الجيش والحكومة على تسليم الموصل لداعش وكأن الموصل هي المذنبة.
المهم داعش هدد بهدم كربلاء وتم هدم الموصل في النهاية. أي أن المشروع الشيعي مستمر ولا توجد فكرة سلام ولا نوايا صادقة باتجاه الإعمار. التفكير الإيراني دائما يرتكز على المعركة القادمة.
داعش مبرر للجريمة التي هي هدم المدن السنية وتشريد أطفالها. بعد القضاء على داعش ينتهي المبرر وتبقى الجريمة تفوح رائحتها في الفضاء. كما تقول نازك الملائكة “والليالي في سراها/شهدت ما كان من جهد ثقيلْ/كلّما غطّوا على ذكرى القتيلْ/يتحدّاهم شذاها”.
محتلون أم منتصرون
بالقرب من مدرّج مدمر في مطار الموصل يجلس عراقيون شردتهم الحرب على حقائب أمتعتهم ليأخذوا قسطا من الراحة قبل أن يواصلوا رحلتهم إما سيرا على الأقدام أو في حافلات. هؤلاء أيضا عليهم أن يفرحوا.
رجل يقول “أستاذ هناك 138 ألف عسكري من الجيش والميليشيات ونفذ التحالف الدولي أكثر من 6 آلاف غارة جوية خلال ثماني أشهر على الموصل ومئات الصواريخ أرض-أرض الإيرانية والفرق العسكرية المشتركة هي 5 و9 و16 والشرطة الاتحادية بأكملها تقدر بـ12 لواء وجهاز مكافحة الإرهاب يتكون من ثلاث فرق عسكرية. الفرنسيون اعترفوا قبل ثلاثة أيام على قناة الحدث العربية بأنهم نفذوا 600 غارة جوية بطائرات الميراج والرافال ومئات المدفعية الثقيلة والهاونات والراجمات . أصبحنا بلا بيت ولا مدينة ولا مال وطلعنا (بطرك) الملابس والروح”.
تقدر إحصائية أولية لنسبة الدمار في الموصل بـ80 بالمئة: تدمير 63 دار عبادة بين مسجد وكنيسة غالبيتها تاريخية، 29 فندقا و212 معملا وورشة منها معامل الغزل والنسيج والكبريت والإسمنت والحديد ودائرة البريد والاتصالات. شمل التدمير أيضا 9 مستشفيات من أصل 10 و76 مركزا صحيا من أصل 98 والجسور الستة للمدينة. دُمرت أيضا 308 مدرسة و12 معهدا وجامعة الموصل وكلياتها ونحو 11 ألف منزل ودمرت 4 محطات كهرباء و6 محطات للمياه ومعمل أدوية.
لو كان الجنود الذين انتصروا في الموصل وطنيين فعلا لخرّوا على الأرض وبكوا كل جدار وشجرة بعد النصر، لأعلنوا الحداد لأجل الأطفال والنساء القتلى. إنهم يتصرفون كغزاة يحتفلون بالنصر على الوهابية ويرفعون أنخاب الفرح على خراب النواصب والسنة والعرب. يقفزون حول النار التي أحرقوا بها عمر بن الخطاب صغارا.
لو كانوا جنودا أبطالا لدافعوا عن مدينتهم حتى آخر جندي، كما دافع فرسان المعبد الصليبيين عن بيت المقدس ولم يقدّموها في نصف نهار للدواعش ليسترجعوها أنقاضا خلال ثمانية أشهر من الحرب بمساعدة من أميركا وإيران.
وفوق ذلك يفرحون بمليون نازح ومدينة محترقة ويرفعون رايات الحسين على الموصل. أين الوطنية والبطولة والشرف بالموضوع إذا كان الدواعش 6 آلاف مقاتل والأميركان الذين شاركوا على الأرض في القتال 6 آلاف عسكري. هناك خدعة غير مفهومة.
يقولون لا تشكك بالنصر العراقي احتراما للشهداء وهم جاؤوا بالسيد أبومهدي المهندس قائدا للحشد الشعبي (الحرس الثوري العراقي) وهادي العامري قائدا لقوات بدر الإيرانية ومحمد الغبان ضابط سابق بالجيش الإيراني أصبح اليوم وزيرا للداخلية.
كيف تعين الجنرال قاسم سليماني مستشارا عسكريا وقائدا لـ”المجاهدين الشيعة”، وهؤلاء جميعا كانوا مقاتلين مع الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). أيّ شهداء نحترم دماءهم والدولة العراقية قد شطبت نصف مليون شهيد عراقي في الحرب العراقية الإيرانية وجاءت بقتلة الجندي العراقي ليكونوا قادة مقدسين وأبطالا وطنيين.
نائب قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق عبدالوهاب الساعدي شكر قوات الحشد الشعبي (الأبطال) على دورهم في دحر الإرهاب. الساعدي كان ضابطا عراقيا مقاتلا مع العراق ضد إيران في عهد الرئيس السابق صدام حسين بينما قائد الحشد الشعبي أبومهدي المهندس كان مقاتلا مع إيران ضد عبدالوهاب الساعدي. نسبة الدمار في الموصل تقدر بـ80 بالمئة
هما يقاتلان اليوم في جبهة واحدة جنبا إلى جنب ويمتدح أحدهما الآخر. السؤال ما الذي حدث؟ مَن الذي تغيّر؟ هل أصبح أبومهدي المهندس وطنيا أم أصبح عبدالوهاب الساعدي إيرانيا؟
تعرض الجنرال الساعدي لانتقادات مؤخرا لأن الحكومة الصفوية العراقية منذ الاحتلال عام 2003 قامت بحل الجيش الوطني وطردت ضباط الموصل من القوات المسلحة العراقية وهم أساس المدرسة العسكرية العراقية، وبعضهم تعرّض للخطف والاغتيال فكيف يمكن تسويق هدم مدينة الموصل بمساعدة من الجنرال قاسم سليماني والطيران الأميركي كبطولة عسكرية وطنية للجنرال الساعدي؟
شاعر عراقي مخضرم أطلق عل الساعدي لقب “عار السواعد” وقال إن “الموصل هي مدينتنا العراقية الوحيدة فكلّ مدن العراق بما فيها بغداد أصبحت مجرد عشوائيات. وهدم الموصل هو مجرد حقد أبناء العشوائيات على مدينة العراق الوحيدة”.
ليست النهاية
جاء في رسالة من ضابط عراقي “أستاذ أسعد بعد أن احتل العراق عام 2003 طلبوا عودة ضباط القوات الخاصة فقط والحضور إلى المدرسة في بغداد. وعندما حضرنا أبلغونا بالمقابلة أنت سني أو شيعي، وين أهلك؟ بالحرف الواحد قالوا لنا لا نرغب بعودتكم أنتم أهل الموصل إلى الجيش. والتحق أغلب أصدقائي من الفرات الأوسط والجنوب وبعض الذين لديهم واسطات من الحزب الإسلامي الإخواني وحركة الوفاق والمؤتمر. وكلامك مضبوط طردوا العسكرية العراقية مِن الموصل وجمّدوها. ولو نظرت إلى الضباط الحاليين الموجودين في الجيش 98 بالمئة منهم شيعة وإذا أكو سني معناها عنده علاقة بأحد الأحزاب”.
وتقول رسالة من ضابط آخر “كنت ضابطا في الحرس الجمهوري سابقا برتبة ملازم وقد التحقت بالجيش الجديد بهدف الدفاع عن أهلي من العرب السنة وتخفيف الضغط عنهم. وتم قبولي كضابط إعلام إلى أن خرج الأميركان عام 2011. وفِي فترة المالكي تم اعتقال الكثير من الضباط السنة في الشعبة الخامسة وسجن المطار حيث كنت مع 85 ضابطا سنيا محتجزا من رتبة فريق فما دون. والتهم كانت أغلبها ملفقة وكنت معتقلا معهم عام 2012 ويتهموننا بتهم غريبة مثل نريد منك مكان عزة الدوري، أو أين أسلحة الجيش السابق؟ أو أنتم تخططون لانقلاب عسكري وكانت تهمة أحد الضباط هي ‘شتم الحسين’ ولديّ الكتب الرسمية التي تؤيد اعتقالي. حاليا أنا لاجئ في النرويج”.
يا لهف نفسي على سلطان هاشم وماهر عبدالرشيد، يا لهف نفسي على أياد فتيح الراوي ورشاش الإمارة وبارق الحاج حنطة، أبطال الجيش العراقي السابق حماة الديار العراقية. ماذا سنقول؟ الجيش العراقي ألقى بأسلحته وخلع ثيابه وهرب من الموصل بينما الدواعش قاتلوا حتى آخر محارب. يا لهف نفسي على الجيش العراقي السابق، على الحرس الجمهوري. لهف نفسي على حماة الديار الذين دفعهم الصفويون دفعا ليكونوا إرهابيين.
يقولون إن تحرير الموصل ليس نهاية الإرهاب ويجب أن يستمرّوا حتى يتأكدوا من عدم عودة الإرهاب مرة أخرى. يجب أن تتأكدوا من عدم هروب الجيش مرة أخرى وتسليم حواضر العراق للإرهابيين، يجب أن تتأكدوا من عدم وجود مخطط إيراني جديد لتدمير المدن والتجريف الديمغرافي ومشاريع الإبادة. يجب أن تتأكّدوا من عدم تصاعد الاستفزاز الطائفي والظلم العنصري بحيث ينفجر الغضب السني من جديد. |
|||
2 | انتصار طائفي أم وطني في الموصل؟
|
لياس حرفوش
|
الحياة السعودية |
يتفق معظم التقارير الصحافية الغربية التي جاءت من المراسلين الذين غطوا الحرب المدمرة في الموصل واستعادة القسم الأكبر منها من «داعش»، على أن الدور الذي لعبه رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي كان حاسماً في هذا النصر، على رغم بعض الجيوب التي لا تزال تفرّخ للتنظيم في عدد من الأحياء. وهو دور حاسم وبالغ الأهمية مقارنة بذلك الذي لعبه سلفه نوري المالكي الذي قام فعلياً بتسليم المدينة إلى التنظيم الإرهابي، معتبراً أن أهلها لا يستحقون أفضل من ذلك، كما لا يستحقون أن يقوم جيشهم الوطني بالدفاع عنهم وحمايتهم. ذلك الاستسلام أهدى «داعش» كميات كبيرة من الأسلحة والدبابات وأجهزة الاتصال الحديثة التي قدمها الأميركيون للجيش العراقي، ثم تركها قادة هذا الجيش وراءهم بعدما أتتهم الأوامر بالانسحاب وترك الموصل وأهلها لمصيرهم التعيس.
هكذا، كانت قصة بداية «داعش» في الموصل التي باتت معروفة. ولكن ماذا سيحصل الآن بعدما استطاعت قوات مشتركة من الجيش والشرطة الاتحادية و «الحشد الشعبي» والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بالتعاون والتنسيق مع القوات الأميركية على الأرض ومن الجو، كسب هذه المعركة؟ كيف سيتصرف الحكم العراقي؟ وإذا كان همّ «داعش» استطاع توحيد العراقيين، شيعة وسنّة وكرداً، فهل يمهّد خلاصهم من التنظيم لعودة صراعاتهم من جديد؟ وبطريقة أخرى يمكن أن يطرح السؤال الآتي: من انتصر في الموصل؟ وهل توظف القوى التي ساهمت في هذه الحرب، وهي في معظمها قوى شيعية، هذا النصر لمصلحة الطائفة أم يتم توظيفه لمصلحة المشروع الوطني؟
أول المشكلات العالقة بعد تحرير الموصل يتصل بالعلاقة العربية – الكردية في هذه المنطقة. فبعد أن تقدم «داعش» للسيطرة على الموصل قبل ثلاث سنوات، تحركت وحدات «البيشمركة» الكردية وسيطرت على مناطق واسعة من محافظة نينوى لمنع التنظيم من التقدم باتجاه أربيل، عاصمة الإقليم الكردي. هذه المناطق هي الآن موضع نزاع كبير بين الطرفين، مثلما هو وضع محافظة كركوك. وبعدما كانت الحكومة المركزية تسيطر على هذه المناطق قبل عام 2014، فإن الأكراد هم الآن الطرف المهيمن. ويكتسب الوضع في هذه المناطق أهمية آنية بالنظر إلى إعلان القيادة الكردية التحضير لاستفتاء على الاستقلال في أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو استفتاء تعارضه طهران.
أما عن العلاقات المذهبية في الموصل ذاتها، فإن مستقبل هذه العلاقات وقابليتها للانفجار تتوقفان على الطريقة التي ستدار بها المدينة والجهة التي ستتولى ذلك. وهو ما سيحدد إلى مدى بعيد ما إذا كان أبناء المدينة السنّة سيعتبرون أن لهم مستقبلاً آمناً في مدينتهم. هل سيتم الانتقام من هؤلاء بحجة أنهم «عملاء» أو متواطئون مع «داعش»؟ ومن سيتولى رعاية المهجرين نتيجة الحرب، والذين يقدر عددهم بـ700 ألف نازح؟ وكيف ستتم إعادة إعمار الموصل التي تذكر التقارير أن الدمار الذي أصابها شمل 80 في المئة من مبانيها على الأقل، وهو دمار تقول التقارير الصحافية أن أي مدينة لم تشهد مثيلاً له منذ الحرب العالمية الثانية؟
بعد كل ذلك، بل فوق كل ذلك، هناك الدور الإيراني في العراق الذي يشكل عنصر قلق بالغ بين أبناء البلد من السنّة الذين يشعر معظمهم بأنه محكوم من طهران وليس من بغداد. هل سيتمكن حيدر العبادي من أن يستعيد ثقة هؤلاء، وأن يوقف تدخل إيران ورجلها القوي قاسم سليماني في الشؤون العراقية؟ هل يستطيع رئيس حكومة العراق أن يهدي انتصار جيشه في الموصل إلى العراقيين، من كل الطوائف والمذاهب؟
من انتصر في الموصل؟ الجواب لن يقرر مستقبل هذه المدينة فقط، بل مستقبل العراق والمنطقة، كما سيقرر ما إذا كان المشروع الوطني قابلاً للحياة في وجه المشاريع الطائفية التي يمثل «داعش» أبشع صورها؟ |
|||
3 | العراق بعد تحرير الموصل بين الواقع والطموح
|
عمر الردّاد
|
الراي اليوم بريطانيا |
بين مخاوف كبيرة وامال صغيرة ,ُيطرح اليوم بقوة سؤال العراق في سياق سيناريوهات ما بعد الموصل وداعش,باعتبار هزيمة داعش وتحرير الموصول احدى المحطات الاكثر اهمية في تحديد مستقبل العراق السياسي ,حيث انشغلت اوساط سياسية وخلايا تفكيراستراتيجي ومراكز دراسات غربية, واوساط اقليمية ووطنية عراقية , حتى قبل بدء معارك الموصل,بمحاولة اشتقاق اجابات لسؤال العراق الجديد .ورغم تعدد مخرجات رؤاها جميعا , الا انها كانت تلتقي عند قاسم مشترك يقول : ان السيناريو الارجح هو تقسيم العراق, في اطار ثلاثة اقاليم (كردي ,شيعي وسني ) وهو المشروع المطروح ,منذ سنوات من قبل نائب الرئيس الامريكي الاسبق بايدن ,اولامركزية ومع كليهما حكومة مركزية في بغداد, فيما لم يُطرح وحدة الدولة العراقية كحل مستقبلي لا على مستوى الخارج ولا الداخل, وقد اكد العراقيون ان التقسيم خيارهم المستقبلي ,ففي الوقت الذي استبق فيه الاكراد تحرير الموصل باعلان اجراء استفتاء على استقلال اقليم كردستان في اواخر ايلول القادم ,من المقرر ان يشمل مناطق متنازع عليها في كركوك وشرق الموصل ,وهو ما قوبل بين الرفض والتحفظ من قبل سنة العراق وشيعته ومن ايران وتركيا ,تتجه نوايا الشيعة والسنة لعقد مؤتمرات وطنية شاملة منفصلة في بغداد, عنوانها بحث مستقبل العراق ,وحقيقتها تثبيت الانفصال وتعزيز مكاسب كل طرف , فيما يمكن وصفه بالتركة المفترضة لداعش. وبعيدا عن سياقات الرومانسية السياسية, فكل المعطيات تشير الى هناك فعليا ثلاثة كيانات تشكل بمجموعها ما يمكن ان يوصف بمفاهيم السياسية الدولية الحديثة دولة فاشلة في العراق التاريخي , وجميعها كيانات لا تشكل بمفردها , ولا بمجموعها دولة, تم التاسيس لها منذ احتلال العراق عام 2003 في اطار محاصصة, انتجت امريكيا على غرار المحاصصة اللبنانية , ضمنت للاكراد منصب رئيس الجمهورية وللشيعة رئاسة الحكومة وللسنة رئاسة البرلمان , ففي الشمال شكل الاكراد نواة دويلة بجيش “البشمركة” وفي بغداد والجنوب دويلة الشيعة بجيشين ,احدهما الجيش الوطني للدولة العراقية وبموازاته الحشد الشعبي الشيعي , الذي انشيء بفتوى من المرجع الديني السيد علي السيستاني , فيما دويلة السنة بوسط وغرب العراق, وهي الدويلة “المتمردة” بجيش يُعرف بالمقاومة العراقية و”داعش لاحقا”,وغير المعروف مدى قبول او رفض السنة لهذا الجيش, لكنه على الاقل شكل درعا للدفاع عن غالبيتهم ,وان كانوا يرفضون الاعتراف انه يمثلهم. هذه المقاربة الموجزة في تفكيك المشهد العراقي ما قبل الموصل,يقدم معطيات ترتقي الى ان تكون حقائق لسيناريو ما بعد الموصل, اذ ورغم هزيمة داعش والقضاء عليها ,واعلان مقتل البغدادي او اختفائه (لن يغير كثيرا موته او اختفاؤه), الا ان الركون لاصدار احكام بانه تم القضاء على الارهاب في العراق تبدو قراءة غير واقعية , تحاكي مخرجات مضامين خطابات القيادات السياسية العراقية ,كردية وشيعية وسنية حول الوحدة الوطنية والاصلاح والدولة الحديثة والديمقراطية والتمسك بوحدة العراق,صحيح ان هناك اسبابا اخرى اسهمت بظهور داعش في العراق من بينها نظرية المؤامرة التي تعززت بعدم وجود اثار لداعش المندحرة, الا ان انسداد الافق السياسي وترسيخ اتجاهات الصراع بين المكونات العراقية على اسس مذهبية , كان السبب الابرز وراء ظهور داعش, وبدون تسوية سياسية حقيقية ستبقى هناك ارضية مناسبة للارهاب, تعيد انتاجه وتجعل امكانية القضاء عليه مجرد وهم , حتى وان تحققت انتصارات موسمية هنا وهناك ,واعلانات بمقتل امراء من داعش وغيرها كل يوم. ورغم محاولات رئيس الحكومة العراقية , قيادة معركة الموصل, بمؤسسات الدولة العراقية ,جيشا واجهزة امنية ودعم دولي من الحلفاء الدوليين بقيادة الولايات المتحدة , وابعاد الحشد الشعبي, المتهم بارتكاب جرائم حرب , في عمليات تحرير الانبار والرمادي وصلاح الدين ومناطق اخرى, وحرمان قائد الحرس الثوري الايراني من الوقوف على انقاض مسجد النوري الذي اعلنت منه الخلافة ,الا ان رسالة معركة الموصل بان هناك دولة عراقية كان قد فات اوانها قبل بدء معارك الموصل , عززتها صور دمارمدينة الموصل , وحوالي مليون لاجئ من الموصل غالبيتهم من السنة ,وتقارير منظمات حقوقية دولية حول جرائم حرب وعقوبات جماعية واساليب وحشية تضاهي اساليب داعش. من الواضح ان امريكا لاتملك استراتيجية جديدة بالكامل تجاه العراق, باستثناء التقسيم سواءا اقاليم او لامركزية , مع حكومة مركزية في بغداد, وهو ما يعني استمرار ادارة الازمة وليس حلها,,لكن ربما الجديد هو رفض التحالف الامريكي السعودي الجديد لاستمرار الهيمنة الايرانية على العراقوالتحذير باجراءات تصعيدية ضد ايران, في الوقت الذي تعتبر فيه ايران العراق عمقا استراتيجيا لها , لدرجة انها يمكن ان تقدم تنازلات في ملفات تحالفها مع حماس والجهاد الاسلامي او تقبل باجراءات تسوية مع حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وفي ساحات اخرى , الا ان العراق سيبقى خطا احمرا في العقيدة الايرانية, كما ان هناك متغيرا جديدا في مستقبل العراق, حيث اصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بمستقبل سوريا الجديدة , في ظل واقع جيوسياسي فرضه تدخل ايران وداعش في سوريا , وربما سيكون مطروحا وفق المحاصصة والفدرلة ,باعتبارها الحل الامثل غربيا ,المساومة على نظام الرئيس الاسد باعتباره يمثل اقلية علوية تحكم اغلبية سنية في سوريا , وان يكون حكم العراق بين الاكراد والسنة, وربما هذا ما يفسر اصرار ايران الدائم على تغيير التركيبة الديمغرافية في سوريا والعراق, وفي الوقت الذي يشكل فيه خيار التقسيم بالنسبة لامريكا خيارا واقعيا , وليس مثاليا , من المؤكد ان ايران وتركيا وربما السعودية كاطراف اقليمية فاعلة بالملف العراقي سترفض هذا الخيار وتقاومه ,لاسباب مرتبطه بمخاوفها من انتقال عدوى التقسيم اليها, فيما يُرجح ان تؤيد القيادة الروسية التقسيم في اطار صفقة تضمن بموجبها تحقيق مكاسب بالاعتراف باستقلال اقاليم تتبع للفدرالية الروسية متنازع عليها في القرم باوكرانيا وابخازيا في جورجيا وغيرها في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة, خاصة اذا ما ضمن لها التقسيم في سوريا الاحتفاظ بمكاسبها وتوسيعها,اما الموقف الاوروبي بمجمله فستكون مواقفه في اطار قانون الوحدة والصراع مع امريكا وروسيا, ورغم ان المعيار الدولي هو الاكثر حسما في تحديد مستقبل العراق ,من بين عوامل عديدة , في ظل علاقات دولية ومصالح متشابكة ومعقدة, الا انها لا تجد موطيء قدم لها على ارض العراق الا من خلال ابناء العراق ومكوناته , واذا كان مفهوما استحالة اعادة وحدة العراق لما كان عليه قبل عام 2003, الا انه ليس مستحيلا ان يبقى موحدا , في دولة مدنية حديثة لا تكون مرجعيتها مكة ولا قم, وربما اتخاذ قرار بحل الحشد الشعبي ,الذي انتفت مبررات تشكيله واية تشكيلات عسكرية وشبه عسكرية اخرى , سترسل رسالة لكل العراقيين ان هناك عراقا جديدا يتم بناؤه. |
|||
4 | غزة ليست الموصل!
|
حلمي الأسمر
|
الدستور الاردنية |
القصة كلها تتركز في كلمتين: كسر المقاومة، واستئصال شأفتها بوصفها مرضا معديا، يتم ذلك بجملة من الأكاذيب والافتراءات، مرة بإلباسها لبوس الإرهاب، وأخرى بزعم علاقتها بالتطرف وشيعه في بلادنا، وثالثة بكونها حركة تمرد وانقلاب على شرعية غير موجودة أصلا!
كثير من الجهد الدولي اليوم تركز على كسر غزة، وزرع حالة من الشقاق بين أبنائها بوصفها حالة شاذة خارجة عن منطق النعاج ورفع الرايات البيضاء في وجه مشروع الاحتلال المتوحش، الهادف إلى تحويل الأمة كلها إلى قطيع من الأغنام التي تنتظر دورها في الذبح..!
عشرة أعوام من العزلة والأزمات والحصار الجوي والبحري والبري، عشرة أعوام من الخذلان والتآمر والقهر والحفر من العدو والأخ والصديق، عشرة أعوام من العدوان الأسطوري الذي يستهدف الإبادة الجماعية لكل ما هو فوق الأرض وما تحتها، كل هذا لم يفلح في كسر غزة، والآن جاء الدور الجديد، لحشد كل شيء لنزع هذه الشامة الجميلة في خد العرب!
حال غزة اليوم، لا تستطيع الكلمات وصفه، مهما تم شحنها بأفصح عبارات التعبير، ثمة مليونا بني آدم فلسطيني يعيشون في 5 محافظات بأعلى معدلات كثافة سكانية في العالم 5,521 نسمة/كم2، والتي يشكل اللاجئون منها 71% موزعين على 8 مخيمات للاجئين، وقد تفاقمت هذه الأزمة الإنسانية بتنفيذ الاحتلال الصهيوني عدة اعتداءات منها 3 اعتداءات مدمرة خلفت بمجملها ما يزيد عن 4,333 شهيدا و 19,168 جريحا وتدمير وتضرر ما يقرب من 292,502 منزل بنسبة 77.36% من إجمالي الوحدات السكنية، في حين أن مستوى التقدم في عملية إعادة الإعمار لم يتجاوز 43% للعدوان الأخير كما لا يزال 7,333 منزلا مهدما و65 ألف مهجرين حتى نهاية العام 2016م، وقد انعكس هذا البؤس الإنساني على كل مناحي الحياة وأصابها بالضرر البليغ، وخلَّف وراءه مآسي متعددة يمكن أن نذكر أهمها في بعض المجالات على سبيل المثال لا الحصر: التعليم: 420 مدرسة تعمل بنظام فترتين أو ثلاثة يومياً، وجود394,297 طالب محتاج لا يستطيع تحمل تكاليف الدراسة. الصحة: عدد التحويلات الطبية للخارج 23,972، الأصناف المقطوعة من الأدوية 35% ومن المستهلكات الطبية المقطوعة 45%، الأجهزة المتعطلة 300، المصابين بالسرطان 12,600، بالأمراض المزمنة 116,762، بالأمراض المعدية: 40,529. ? الأسرة: 15,223 يتيم، 82,850 لم يتزوجوا، 48,362 ذو إعاقة، 14,891 أرامل، 3,188 حالة طلاق في العام الأخير. ? الفقر: 65% (1,309,808 شخص) تحت خط الفقر، 30% (604,527 شخص) فقر مدقع، 80% اعتماد الأسر على المساعدات، 72% انعدام أو نقص حاد في الأمن الغذائي، استهلاك الفرد بالنسبة للدخل 137%.? المساكن: 7,333 لا زال مهدماً كلياً، 73,000 مهدماً جزئياً، 65,000 لا زالوا مهجرين، 5,370 بيت فقير غير لائق للسكن تسبب بوفاة 3 أطفال بسبب البرد خلال الشتاء الحالي. ? الثقافة والدين: 41 مسجدا لا زال مهدماً، 60 مسجد بحاجة إلى إصلاح وترميم، الحاجة إلى 25 مسجد جديد. ? العمالة: 41.7% بطالة، 66.8% بطالة بين الشباب، وهذه النسب هي الأعلى عالمياً، كما يتقاضى موظفو حكومة غزة 45% من رواتبهم. المعابر: حظر جوي وبحري، 3 معابر مغلقة تماماً، 3 معابر تفتح بشكل جزئي لأساسيات الحياة. ? الإنتاج: 50% خسارة في الناتج المحلي منذ الحصار، نسبة الصادات إلى الواردات %0.62، متوسط العجز في الأصناف التموينية 42.84%.? الزراعة: العجز الزراعي النباتي: 27%، العجز الحيواني والسمكي: 54%، المسافة المسموحة للصيد: 3-6 ميل. ? المياه: نسبة المياه الملوثة 95%، العجز المائي في الخزان الجوفي 150 مليون كوب. الطاقة: انقطاع الكهرباء: 12-22 ساعة يومياً، العجز في الطاقة الكهربائية بنسبة 60%-90%، وفاة 29 شخص منهم 23 طفل بسبب استخدام الشموع ووسائل الإنارة غير الآمنة منذ 2010م.
غزة ليست الموصل، وحماس ليست داعش، وفلسطين ليست العراق، ومن يخططون عكس هذا لا يعرفون غزة، ولا أهلها! |
|||
5 |
انهيار “داعش”..الفرصة الثمينة |
فهد الخيطان | الغد الاردنية |
مع انهيار “داعش” التام في الموصل، وتحرير أحياء من مدينة الرقة السورية، بدأت وسائل الإعلام تنقل شهادات لنساء ورجال عاشوا سنوات الجحيم تحت حكم التنظيم المتوحش. صور مكثفة لأشهر طويلة من المعاناة والقهر، والانتهاك لكرامة البشر. عالم السبايا وأسواق بيع النساء لمن يدفع أكثر، تجنيد الأطفال الصغار، وحقنهم بثقافة القتل، جلد البشر عراة في الساحات العامة، وقتلهم لأتفه الأسباب. حكم متوحش بمعنى الكلمة. لكن تلك الصور المأساوية على ما يرافقها من مشاعر قهر وغضب، هي كنز ثقافي لا ينبغي التفريط فيه أو تجاهله. انهيار دولة التنظيم المتوحش، فرصة ثمينة لاكتشاف عوالمه الداخلية بدقة متناهية، وتوثيق تفاصيله قدر المستطاع. كل ما كان يتوفر من معلومات عن المجتمعات الخاضعة لحكم “داعش” محدودة للغاية، وتعتمد على شهادات مجتزأة يكافح الناشطون لتسريبها دون أن يتعرضوا لبطش الدواعش. وكذلك الأمر بما يخص هيكلية “الدولة” ونظام حكمها، التي استندت في الغالب إلى دراسات من خارج الميدان الفعلي لحكم التنظيم. الوضع مختلف الآن؛ فلدينا آلاف الشهود ممن تجرعوا مرارة العيش في ظل نظام داعش ومحاكمه وأجهزته؛ تطبيقا حيا ومباشرا. وفي المتناول أيضا أعضاء في التنظيم وقعوا في يد القوات التي حررت الموصل وتلك التي تقاتل في الرقة. مثل هؤلاء يمثلون مادة ممتازة لرواية قصة التنظيم من الداخل، وفهم عناصره لدورهم في هذه التجربة، وأسباب وسياقات التحاقهم في التنظيم، وحجم التباينات بين مكوناته، فقد ازدحمت المكتبات العربية والعالمية بالدراسات والتحليلات في هذه العناوين، وحان الوقت لاختبار دقتها. روايات الشهود من الناس العاديين مهمة للغاية، فهى في الغالب تأتي طبيعية دون تصنع، وتعكس تجاربهم الشخصية المبنية على التعامل اليومي مع أعضاء التنظيم وهياكله الإدارية التي نشأت داخل الكيان السياسي. وثمة فرصة مهمة أيضا لتفكيك ما أحاط بالتنظيم من ألغاز وأسرار، ما تعلق منها بمصادر التمويل، والتجنيد، والدعم من بعض الأنظمة في المنطقة والعالم. بالأمس وعلى سبيل المثال استمعت لشهادة مقاتل تونسي وقع بيد قوات سورية الديمقراطية بعد أن فر بجلده من معارك الرقة. روى الشاب التونسي تفاصيل رحلته من بلاده إلى سورية مرورا بليبيا وتركيا. ولم تسقط من ذاكرته تلك الحفاوة التي استقبل فيها هو وصديقه من قبل رجال الأمن الأتراك، وسرعة إنجازهم للإجراءات ليتمكن بعدها من الانتقال بسرعة إلى مدينة عنتاب الحدودية ومنها إلى معسكر لداعش على الجانب السوري من الحدود. لقد قيل الكثير بشأن تورط دول وأثرياء عرب في تمويل التنظيم الإرهابي، ولن يكون متاحا بعد اليوم إبقاء الحقائق طي الكتمان، بعد انهيار التنظيم وفرار المئات من عناصره، والقبض على الكثيرين منهم. ومن حق الملايين الذين دفعوا من حياتهم وأمنهم وكرامتهم أن يعرفوا الحقيقة الكاملة، ويحاسبوا كل من يثبت تورطه؛ دولا وأفرادا في دعم الجماعات الإرهابية. وللمسألة قيمة إضافية تخص مستقبلنا. تحرير الموصل والرقة ليس نهاية “داعش”، وسيظل مصدرا أساسيا للتهديد في سورية والعراق وعموم دول المنطقة والعالم. ليس هنالك وسيلة أفضل لمحاربة الفكر المتطرف ومكافحة الجماعات الإرهابية من عرض تجارب حية لممارساتهم والاستماع لشهادات أناس عاشوا تحت حكمهم. ينبغي منذ اليوم أن نخطط لإضافة فصول للمناهج التعليمية في المدارس تعرض لهذه التجربة المرة، ومساقات متقدمة لطلبة الجامعات، كي تدرك الأجيال الشابة فداحة التنازل عن قيم الحياة لحساب أوهام المتطرفين.
|