أربع مقالات عن العراق بالصحف العربي والاجنبية يوم الجمعة

1 الوحدة العراقية السورية تحت الراية الإيرانية! افتتاحية

 

القدس العربي
 

في هذا الشهر من العام 2014 وبعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على محافظة نينوى العراقية وإعلانها ولاية قام عناصره بإزالة السواتر الترابية على الحدود العراقية ـ السورية ونشر على حساب أخبار ولاية البركة (الحسكة السورية) على موقع «تويتر» صورا لعملية إزالة السواتر وعبور آليات عسكرية تابعة للتنظيم معلنا أنه «ستبقى الشام والعراق ساحة واحدة ولن تفصل بينهما حدود» ومتوعداً بـ»مسح الحدود من الخريطة»، وفي أيار/مايو 2016 قبل خمسة أشهر من الذكرى المئوية للاتفاقية البريطانية ـ الفرنسية الشهيرة باسم وزيري خارجيتي البلدين آنذاك سايكس ـ بيكو تباهى التنظيم المذكور بالقضاء على الاتفاقية المذكورة.

وكما طبع التنظيم حدث كسر الحدود بين البلدين بطابع طائفي بإعلانه حينها بأن «الدولة الإسلامية» أرسلت «مجاهديها إلى الشام لقتال النصيرية (العلويين) لكنها لم تترك قتال الروافض (الشيعة) في العراق» فإن الميليشيات العراقية الموالية لإيران عزفت على الأسطوانة الطائفية نفسها فأعلنت عن تأسيس «جيش المؤمل في العراق والشام» في مثل هذا الشهر من العام الماضي، للقتال في العراق وسوريا «دفاعاً عن المقدسات الشيعية»، وانضافت إليها ميليشيات أخرى كـ»لواء أبو الفضل العباس» و»لواء ذو الفقار» و»كتائب حزب الله ـ العراق»، ومن داخل سوريا شهدنا تقدّم «حزب الله» اللبناني وميليشيات عراقية تقاتل داخل سوريا باتجاه الحدود السورية العراقية بحيث يلتقي الطرفان ويصنعان «وحدة عراقية -سورية» ولكن… تحت راية إيران!

الافتراق الطائفي والمذهبي بين «الدولة الإسلامية» والميليشيات الموالية لإيران لا يمنع رؤية التشابه في «المنطلقات النظرية» الطائفية التي تجمعهما، والتي تجعل كل منهما صورة مقلوبة للآخر، وكونهما ضرورة وجودية ولازمة لكل طرف منهما، وكذلك الأحلام التي يسعى الطرفان إليها.

يتجلى هذا في حلم تنظيم «الدولة» بالخلافة الإسلامية التي بدأها باحتلال أجزاء كبيرة من بلاد دولتي العباسيين والأمويين، ولكنه وصل لنهاياته وانسداد آفاقه تحت ضربات «التحالف الدولي» وهجمات «الحشد الشعبي» وقوّات الجيش والشرطة والقوات الخاصة العراقية، وهو ما فتح الباب لأحلام الميليشيات الشيعية في المنطقة بتأسيس خلافة فاطميّة جديدة تبدأ في طهران وتمر ببغداد ودمشق وتنتهي (أو لا تنتهي) ببيروت.

ووردت أنباء أمس أن «الحشد الشعبي» وصل إلى بعض القرى في ريف محافظة الحسكة السورية (ثم تردّد أن من استولوا على القرى هي قوّات إيزيدية عراقية على علاقة بالحشد)، ويبدو أن مزيداً من هذه الأخبار سيتوالى في الأيام المقبلة كدليل على التوتّر الإقليمي الكبير الناشئ عن خطط الميليشيات العراقية المذكورة.

الإيرانيون، على ما يبدو، متحمّسون لهذا الحلم الكبير وقد حشدوا حشودهم من ضفتي الحدود العراقية ـ السورية، وهو أمر يصبّ الزيت على نار الصراعات الإقليمية والمحلّية المشتعلة، ويثير القلق في الجوار القريب، وخصوصاً في تركيا والأردن، ولدى الأطراف المتصارعة والإثنيات والطوائف والجماعات، كما القوى الكبرى التي تراقب تحوّل الانتصار (وهو انتصار مؤقت لأن عوامل الأزمة ما زالت موجودة) على تنظيم «الدولة» إلى اندياح كبير للميليشيات الموالية لإيران في محاولة لتغيير كبير في معالم المنطقة السياسية.

مفارقة كبيرة أن يكون البلدان اللذان حكمهما حزب البعث العربي الاشتراكي بشعارات الوحدة العربية والأمة ذات الرسالة الخالدة لم يتمكن من توحيدهما وأن «تبعث» ظلاماته وقهره وخساراته العسكرية ومغامراته حلم الوحدة مرة على يد غلاة السنّة ومرّة على يد غلاة الشيعة وأن يكون الحصاد الأخير لصالح أمّة أخرى!

2 الكرادة ومانشستر افتتاحية

 

  «الإندبندنت»

 

نسلط الضوء على التفجير الإرهابي الذي وقع أمس في حي الكرادة ببغداد خارج محل للمثلجات، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وإصابة العشرات، أن امتزاج «الآيس كريم» بالدماء عند وقت الإفطار ينذر بمزيد من العنف خلال شهر رمضان المعظم، وأن التفجيرات عادة ما تكون أسوأ في بغداد خلال شهر رمضان، وإن لم تتوقف أثناء بقية العام. أنه خلال الشهر نفسه من العام الماضي قتل 340 مدنياً في انفجار سيارة واحدة مفخخة في العاصمة العراقية. ستكون الخسائر بين المدنيين خلال العام الجاري أكبر في كل من العراق وسوريا، بسبب خسارة تنظيم «داعش» الإرهابي أكبر معقلين له. و أن تنظيم «داعش» يتقهقر، وكذلك «القاعدة»، في مناطقهما المختلفة، لكن لن يتخلى أي من التنظيمين عن الإرهاب، وسيظل لديهما عشرات الآلاف من المسلحين المتعصبين أصحاب الخبرات الإرهابية. وأنه من وجهة نظر «داعش» المستقبل ليس قاتماً بشكل كامل، بينما لا يزال قادراً على غرس بذور الخوف بقتل المدنيين، من مانشستر إلى بغداد وغيرهما.
3   هل يكون الجيش العراقي هو المنقذ والحل؟

 

 سعد ناجي جواد

 

  الراي اليوم بريطانيا
 

استوقفتني قبل ايّام صورة معبرة وزعها العراقيون على شبكات التواصل الاجتماعي فرحين لأحد قادة الجيش العراقي وهو برتبة فريق ركن ، يأخذ غفوة سريعة في مدرعته بعد معركة قاسية واستعدادا لمعركة اخرى من اجل تحرير الموصل الحبيبة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي. ولا يملك من ينظر الى الصورة المعبرة الا ان يقارنها مع صور البزات العسكرية بنفس الرتب والتي تركها أصحابها على الارض اثناء هروبهم من الموصل قبل ما يقارب ثلاثة سنوات امام عصابات داعش الإرهابية وتسليمهم مدينة الموصل الحبيبة دون اي قتال.  وبالتاكيد فان ما افرح العراقيين ليس الصورة فقط وانما الأداء العالي والشجاع الذي تميز به قتال القوات العراقية في معركة تحرير الموصل. هذا القتال الذي يعيد الى الاذهان الدور الذي لعبه الجيش العراقي البطل في الذود عن حياض الوطن واراضيه. نعم هناك اخبار اخرى عن انتهاكات لحقوق الانسان وضحايا كبيرة من المدنيين وتصرفات غير مقبولة من بعض منتسبي هذا الجيش، كما ان خروقات اكبر واخطر تسجل بأسف واستنكار شديدين قامت بها مجاميع ومليشيات غير نظامية فرضت نفسها في ظل غياب جيش عراقي حقيقي. ولكن اغلب الناس في مناطق القتال أشادوا يتعامل الجيش معهم.

لم يكن القرار الذي اتخذه سيّء الصيت بول بريمر بحل القوات المسلحة العراقية، والذي ادعى هو بانه جاء بناءا على رغبة وإلحاح السياسيين الذين جاءوا مع الاحتلال، اعتباطيا او ارتجاليا، بل كان قرارا مدروسا ومخططا له مسبقا وضمن سلسلة من الإجراءات التي كان الغرض منها تمزيق العراق. ولهذا فان هذا القرار جاء ضمن سلسلة من القرارات التي وجد المحتلين الأميركان والبريطانيين انها ستكون كفيلة بتدمير وتمزيق العراق وإنهائه كدولة. ومن هذه القرارات تدمير القضاء بفصل ثلاثة آلاف قاضي و مدع عام وفصل نفس العدد من الأساتذة الجامعيين. ناهيك عن عمليات الاغتيال والاختطاف التي طالت هذه الشرائح . كل ذلك من اجل افراغ العراق من كل الكفاءات التي يعول عليها لإعادة بناءه. اليوم لم يبق للعراقيين أمل سوى بجيشهم. وهم محقون بذلك لعدة أسباب، أولها ان الجيوش، وخاصة في العالم الثالث، كانت دائما تمثل البودقة او الوعاء الذي تنصهر فيه كل الاختلافات العرقية والدينية والمذهبية والطبقية . فالكل يتربى على نظام وانضباط عسكري

واحد ، ناهيك عن شحنهم بحب الوطن والدفاع عنه، و اذا ما نجحت هذه المؤسسة في بناء نموذج عابر للطائفية والعرقية فإنها ستكون الاقدر على الرد على الحالة الطائفية والعرقية التي استشرت منذ عام ٢٠٠٣. اما السبب الثاني فان الجيش المدرب تدريبا جيدا يكون كفيلا بحماية تربة الوطن امام المليشيات المجرمة والمنفلتة داخلية كانت ام خارجية. وثالث هذه الاسباب هو ان الجيش العراقي هو القوة الوحيدة الباقية والقادرة على التأثير بل وحتى التغيير امام الكم الكبير من الوجوه الفاسدة والأحزاب الطائفية المهيمنة. ولهذا نجد اليوم ان القوات المسلحة العراقية، وبالأخص الجيش، تتعرض الى حملة تصل الى حد التامر عليه من الخارج والداخل. ولعل الأكثر دلالة على هذا التامر ما كتبته احدى الصحف الإسرائيلية والتي تقول فيه ان اداء الجيش العراقي الجديد في الموصل يجب ان يقلق اسرائيل لانه يمثل تنامي قوة جديدة قد تخل بالتوازن في المنطقة. طبعا هذا التخوف الاسرائيلي لابد ان ينبهنا الى ما قد يحصل اذا ما خرج الجيش العراقي منتصرا في معركة الموصل ومعارك تصفية بقايا داعش الارهابية في المناطق الاخرى. ولكي نكون اكثر صراحة فان التامر على الجيش العراقي الناشئ والذي بدا مرة اخرى بعد أربعة عشر عاما من حل تنظيماته الاساسية سيكون اكبر وأشرس . فدول إقليمية لا تريد ان ترى جيشا عراقيا قويا لان ذلك سيعني بداية لنهاية نفوذها في العراق. كما ان قوى سياسية عراقية حاكمة لاتريد ان ترى جيشا منظما و مقتدرا لان هذا سيعني بداية النهاية لدور المليشيات التي يعتمدون عليها لبسط نفوذهم واستمرار فسادهم  ولتحدي السلطة المركزية وابقاء العراقيين تحت رحمتهم.

ان الوقت لايزال مبكرا للتفائل التام ولكن هناك ما يدعو الى التفائل. هناك من العراقيين والمراقبين من يعتقد ان جيشا وطنيا موحدا وممثلا للشعب العراقي ونقي من الفساد ومن الأفراد  الذين حصلوا على رتب عالية دون اي استحقاق، هو الوحيد القادر على اعادة الأمور الى نصابها في العراق. وهم يستندون في رأيهم هذا على حقائق منها ان العملية السياسية الفاسدة في العراق قد تجذرت في العراق رغم فشلها وفسادها، وان الفاسدين اصبح لديهم من الأموال والمليشيات ما يمكنهم من الاستمرار ولا يوجد من يزيحهم الا قوة مسلحة وطنية. وان الانتخابات وما تسمى بالعملية الديمقراطية العرجاء سوف لن ينتج عنها سوى تدوير للنماذج الفاسدة والسيئة. كما ان الاعتماد على الوجوه السياسية الحالية لمحاربة الفساد والفاسدين غير ممكن لأنهم في غالبيتهم العظمى متورطين في هذا الفساد، وان الفساد لايمكن ان يحارب بصدق وبجدية الا من قوة من خارج هذه العملية السياسية. في المقابل هناك من يعتقد ان جيشا بني على أسس طائفية ومحاصصة لا يرتجى منه ان يقوم بمثل هذا الدور الوطني الكبير، ولكن على اصحاب هذا الرأي ان يتذكروا ان اغلب جيوش العالم الثالث بنيت على أساس الولاء للحاكم وللسلطة الحاكمة ولكن كان يظهر من داخل هذه الجيوش من يثور على السلطة والحاكم المتمادي في طغيانه وفساده.

ليس من الضروري بل وليس من المطلوب ان يكون تحرك الجيش على شكل انقلاب عسكري ولكن على من وضعوا حياتهم على راحة ايديهم ان لا يسكتوا على الفساد المستشري والفلتان الامني وتغول المليشيات على المواطنين والدولة. ان على قادة الجيش تقع مسؤوليات كبيرة أولها ان يحرصوا على بناء جيش مهني وطني عابر للانقسامات العرقية والطائفية، وثانيها ان يكونوا حريصين من الان فصاعدا على ان تكون زمام الأمور بيدهم كمراقبين على الحكومة والإدارة وان لا يتركوا هذا الامر للفاسدين نوابا كانوا ام وزراء او موظفين كبار. كما ان عليهم تقع مسؤولية تشذيب مؤسستهم من  الفاسدين الذين تم فرضهم على المؤسسة العسكرية من قبل احزاب مشاركة في العملية السياسية لكي تعتاش من خلال الفساد على مخصصات الجيشالكبيرة، وثالثا ان يكون صوت المؤسسة عاليا ومسموعا في الحث على محاربة الفساد واستهتار المليشيات المنفلتة بارواح ومقدرات المواطنين. هذا الدور وحده هو الذي يمكن ان يحرك عملية إصلاح حقيقية في العراق، فهل سيملك بعض من قادة الجيش القدرة والعزم على فعل ذلك قبل ان تسبقهم عناصر الفساد ومن يدعمها في تهميشهم مرة اخرى؟

4   «البعث» والمعارضة العراقية !!

 

 

صالح القلاب

 

   الراي الاردنية
 

 

لأن هناك نية لأن ترعى الأمم المتحدة، كخطوة نحو تسوية في العراق، مؤتمراً دولياًّ تشارك فيه العديد من الأطراف العراقية غير الطائفية وغير المرتبطة بأي جهات خارجية لا دولٍ ولا مرجعيات مذهبية فإنه لا بد من إعادة النظر بالكثير من القرارات المتسرعة التي اتخذت في عام 2003، بعد الغزو الأميركي وبعد إسقاط النظام السابق، نظام «البعث» ونظام صدام حسين لا فرق، في ذروة الفترة «البريمرمية» وحيث كانت النزعة الثأرية في أوجها وبخاصة بالنسبة للذين عادوا خلف الدبابات الأميركية من المنافي البعيدة والقريبة والذين صبوا جام غضبهم على العرب السنة الذين أُعتبروا في «العهد الجديد» الأقلية المهيضة الجناح والذين تدنت نسبتهم في المكون الوطني أو السكاني العراقي إلى أقل من عشرين في المئة وهذا بالطبع تجنٍ على حقائق الأمور وإنتقامٍ قد ولَّد مرارة جعلت كثيرين يسوقهم الإضطهاد البدائي إلى الإحتماء حتى بهذا التنظيم الإرهابي الذي إسمه «داعش» !!.

 

ولينْجح هذا المؤتمر الموعود، الذي لا يزال إنعقاده في عالم الغيب، فإنه لا بد من التفاهم ومنذ الآن على إبعاد الإيرانيين وصنائعهم ومخابراتهم وإستخباراتهم عنه وذلك لأنه لا مشكلة بين العراقيين حتى قبل عام 2003 إلاّ مشكلة التدخلات الإيرانية وإلاّ التنافس السياسي والصراعات الحزبية وإلاّ، وهذا يجب أن يقال، مشكلة غياب الحريات العامة والقمع الذي وصل حدوداً لا تطاق والتصفيات المتلاحقة التي لم توفر حزب البعث نفسه.. وهنا فإنه مهما قيل ضد هذه المرحلة، منذ سقوط أو إسقاط الأميركيين للنظام السابق، فإنها ورغم ما عانته من عيوب وأخطرها وأبشعها العيوب المذهبية والطائفية إلا أنها أرست قواعد ديموقراطية بالإمكان البناء فوقها للتخلص من هذا الداء الطائفي وليصبح هذا البلد العظيم العريق في مستوى خيرة الدول الديموقراطية.. وهو مؤهل لهذا وأكثر منه.

 

كان أخطر قرار إتخذه المندوب السامي الأميركي بول بريمر هو «شطب» الدولة العراقية وحلِّ أجهزتها الأمنية وإلغاء جيشها والبدء من الصفر ولعل ما يتفق عليه العراقيون كلهم الآن، بإستثناء الإستثناءات الطائفية المعروفة، هو أن كل هذا الذي جرى كان جريمة لا تغتفر إذْ أن تجارب الشعوب شهدت إسقاط أنظمة كثيرة لكن الدول التي أسقطت أنظمتها بقيت قائمة إن بهياكلها الأساسية ومؤسساتها وجيوشها وأجهزتها الأمنية وبأحزابها حتى منها الأحزاب الحاكمة.. وهذا مع إستثناء التجربة النازية والتجربة الفاشية.

 

وبصراحة لقد كان القرار الذي وصلت بشاعته إلى حد بشاعة «فرط» الدولة العراقية بكل مؤسساتها وأجهزتها وهيئاتها هو قرار:»إجتثاث» حزب البعث فهذا الحزب ومع الوقت منذ عام 1968 وقبل ذلك أصبح يضم معظم الكفاءات العراقية وعلى كل المستويات وهذا الحزب كان قد عانى خلال فترة حكم صدام حسين أكثر مما عانته كل الأحزاب المعارضة السرية كلها وبدون إستثناء وهذا الحزب كانت فيه توجهات وأجنحة معتدلة وديموقراطية وليبرالية وتؤمن بالتعددية وباللجوء إلى صناديق الإقتراع لإنتخاب برلمان حقيقي وإنتخاب حتى رئيس الجمهورية.. ولعل المعروف حتى لدى الذين جاءوا مع بريمر أو جاء بهم بريمر أن هناك «بعْثين» آخرين هما بعث ما يسمى:»جماعة صلاح جديد» وهذا «البعث» الذي يرفع شعاره فوق كل هذه الجرائم التي ترتكب في سوريا.

 

المفترض أن الأمم المتحدة تعرف ومعها كل المعنيين بإخراج العراق من المستنقع الطائفي الذي بات يغرق فيه ومن التسلط الإيراني أيضاً أن حزب البعث رغم كل هذه الضربة التي تلقاها في عام 2003 فإنه لا يزال القوة الرئيسية المنظمة غير الطائفية في العراق وبالتالي فلا غنى عنه لعقد هذا المؤتمر الآنف الذكر وللإنطلاق بمسيرة بناء جديدة في هذا البلد وبخاصة وأن هذا الحزب قد مارس نقداً ذاتياً صارماً لتجربته في الحكم و إعترف بكل أخطاء المرحلة الماضية.. وتبرأ منها.. وهنا فإن المفترض أن هذا «البعث» صاحب التجربة الطويلة قد بادر بعد إسقاط نظامه إلى الإقتداء بتجارب دول أوروبا الشرقية ومن بينها بلغاريا بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي حيث بادرت الأحزاب الشيوعية في هذه الدول إلى إستبدال أسمائها وإلى تغيير برامجها ومنطلقاتها ولذلك فإن بعضها لا يزال في الحكم أو يشارك فيه حتى الآن.

 

لا يمكن إخراج العراق من كل هذا التمزق ومن كل هذه الأوضاع المأساوية التي عنوانها:»الإحتلال الإيراني» وأتباعه وأذنابه إلا بالتخلص من إرث الماضي ونهائياً ومن ضمنه إسم «البعث» وإقامة جبهة وطنية عريضة تضم كل القوى والأحزاب والمرجعيات الدينية، «الشيعية» تحديداً، التي تتمسك بوحدة هذا البلد وبنظام تعددي ديموقراطي وبعلاقات مصالح مشتركة مع كل الدول المجاورة وفي مقدمتها الدول العربية.