ثلاث مقالات عن العراق بالصحف العربية اليوم السبت

1 العراق راح.. ما دامت تحكمه العمائم والميليشيات الشيعية

 

هارون محمد

 

العرب
قضايا مثل تكفير السنة في المنابر الحسينية وخطب قادة الميليشيات، باتت مسألة عادية لا خوف من تداعياتها، بل إن المرجعية والحكومة لم تتخذا إجراء ضد رئيس ديوان الوقف الشيعي عندما تحدث بقبح ضد المسيحيين في العراق.

عندما ينقل 120 شابا متخرجا من إحدى الكليات العسكرية العراقية إلى باحة صحن الإمام العباس بن علي في كربلاء لأداء قسم التخرج وترديد عبارات تتعهد بالثأر من قتلة الإمام الحسين وملاحقة أحفاد أحفادهم، وسط هتافات “علي وياك علي” وارتياح ممثلي المرجعية الشيعية بعمائمهم السوداء والبيضاء، الذين يتقدمون الصفوف ويسلمون شهادات التخرج للشباب في مشهد لا ضبط فيه ولا انضباط، فإن هذا يعني أن الجيش العراقي لم يتعرض إلى الاغتيال من الحاكم الأميركي بول برايمر فقط، وهو الذي أمر بحله في مايو 2003، وإنما عمليات اغتياله ما زالت مستمرة، عبر تحويله إلى ميليشيات ذات ولاءات طائفية لا علاقة لها بالوطن والشعب.

 

وعندما يقاد أكثر من مئة متخرج من إحدى كليات القانون وهم يرتدون زي التخرج أو اللباس الأكاديمي (الروب) إلى مرقد أو مقام أحد الأئمة ويقسمون برأسه، على تطبيق القانون والعدالة ضد أعدائه وكل من عادى أهل بيته، وهو قتل قبل ألف وأربعمئة سنة، ماذا يعني هذا؟ وكيف سيؤدي هؤلاء المتخرجون مهامهم عندما يعينون قضاة ومحققين في المحاكم أو يشتغلون في المحاماة؟ وهم أقسموا على تطبيق قانون خاص لا يلتزم بأحكام القضاء ولا يتقيد بالإجراءات التشريعية والمحاكمات الأصولية.

 

وعندما يكرم رئيس جامعة حكومية، في حفل كئيب تغيب عنه البهجة ويسوده الصخب والتهريج، بخاتم فضي منقوش عليه اسم الإمام الحسين، تقديرا لجهوده في خدمة آل البيت، فإن ذلك يعني أيضا، أن التعليم في العراق، انحدر هو الآخر إلى مستنقع الطائفية، ولم يعد قائما على العلم والأسس التربوية السليمة وتخريج أجيال من الطلبة الواعين والحريصين على خدمة بلدهم.

 

والعجيب أن كل هذه الممارسات، التي يفترض أن تكون مفرحة وتغمرها المسرات والتفاؤل، تحدث في أجواء لطم على الرؤوس والصدور، ويحضرها ويشارك فيها نواب ونائبات، ومحافظون ومسؤولون كبار، في تحدّ سافر لمشاعر وتقاليد وأعراف فئات ومكونات وطوائف أخرى، خصوصا وأن عشرات القنوات الفضائية تنقلها على الهواء، ويمكن الاطلاع على نماذج منها على شبكة يوتيوب وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، والغريب أن المرجعية التي يصفها ممثلوها في خطبهم وتصريحاتهم، بأنها للجميع وفي خدمة الشعب العراقي دون استثناء، تشجع هذه الأنشطة والفعاليات وتتبرع لها وتدعم منظميها بالأموال، في حين أن الحكومة التي يقال إنها للعراقيين جميعا، صامتة لا تتدخل، لأن الأمر عندها حرية معتقد، حتى لو توعدت هذه الحرية نصف الشعب بالويل وانتظار عقاب آت عاجلا أم آجلا.

 

لذلك باتت قضايا مثل تكفير السنة في المنابر الحسينية وخطب قادة الميليشيات، مسألة عادية لا خوف من تداعياتها، بل إن المرجعية والحكومة لم تتخذا إجراء ضد رئيس ديوان الوقف الشيعي عندما تحدث بقبح ضد المسيحيين في العراق، ولم تتدخلا في وصف معمم شيعي للأكراد بأنهم من “الجن” وليس من الإنس، فمثل هذه الأمور في نظر آيات الله وحكومة حزب الدعوة، لن تفرق الشعب ولا خشية من نتائجها مستقبلا.

 

وقبل أيام صدرت فتوى من مرجعية النجف بشأن مسلسلات رمضان، والتحذير من بعضها، بينما تصمت إزاء مواقف وفعاليات تحدث على الأرض وليس على شاشات التلفزيون، تحمل مخاطر الفتنة وتهدد وحدة البلاد وحاضر ومستقبل العباد، ثم يطلع رئيس الحكومة حيدر العبادي، ويندد بالمتخوفين من مرحلة ما بعد داعش، ويصفهم بأنهم يربكون الأوضاع ويسعون إلى إشاعة الفوضى، وهو يقصد شخصيات وقيادات سنية بدأت تتحسب وهذا من حقها وواجبها أيضا، من مستقبل الأوضاع بعد انتهاء معركة الموصل، وهي تشاهد مناطق في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك وشمال بابل وأجزاء من الموصل، قد حررت وبعضها قبل عامين، دون أن يسمح لنازحيها بالعودة إليها، خصوصا وأن مدنا مثل جرف الصخر في بابل، والدور وعزيز بلد في صلاح الدين، والمقدادية والخالص في ديالى، باتت تحكمها مجاميع إيرانية تتلقى أوامرها من طهران مباشرة، بينما لم يحرك العبادي ساكنا عندما وصف زعيم ميليشيا العصائب، قيس الخزعلي، أبناء الموصل بأنهم أحفاد بني أمية، ولم يتفوه بكلمة استنكار واحدة، عندما شطب الأخير على المحافظات السنية وقال إنها ستكون ضمن “البدر” الشيعي المرتقب.

 

إن مستقبل العراق على كف عفريت في ظل هذه الممارسات التي باتت تشكل ظواهر وليست حالات، وهي تتطور بشكل متسارع متزامنة مع إجراءات قسرية تقوم بها قيادات وهيئات ومراجع شيعية في سلب مناطق وأراض وممتلكات في بغداد والمحافظات السنية علنا وعلى رؤوس الأشهاد. ومؤخرا أوفد رئيس حزب شيعي متنفذ يدعو إلى “المصالحة الوطنية” مندوبا عنه إلى شخصية سنية عربية تقيم في عمان وتملك قطعة أرض مساحتها خمسة دوانم في حي الجادرية (الدونم في العراق يساوي 2500 متر مربع) وعرض المندوب مبلغا تافها لشرائها، فاعتذر صاحبها، لأن سعرها في السوق وحسب تقدير مكاتب العقارات في بغداد لا يقل عن أربعين مليون دولار، وقد عرض عليه سابقا مبلغ 38 مليون ولم يبعها، ولكن المندوب جادل صاحب الأرض وقال له بغطرسة ولكن “السيد” له حقوق عليكم أنتم أهل السنة! وسأل صاحب الأرض مندوب السيد ما هي حقوقه علينا، يعرفنا نعرفه؟

 

والنتيجة أن السيد المحترم أمر محكمة في بغداد، والمحاكم في العراق نزيهة وعادلة كما هو معروف، بإزالة شيوع الأرض في غياب صاحبها الشرعي وعرضها في مزاد سري اقتصر على مندوبه فقط واشتراها برخص التراب وأضافها إلى مقاطعته التي أصبحت تضم أكثر من ثلاثة أرباع الجادرية.

 

وبعد كل هذا الضيم والقهر وانتهاك الحقوق، يقولون إن التشيع في العراق علوي ويتبع تعاليم آل البيت!

2 بعدان لإشكالية الوضع بالعراق احمد صبري

 

 

 الوطن العمانية
 

”.. مع اقتراب موعد الانتخابات، لجأت الأحزاب الدينية الكبيرة إلى أسلوب توزيع أنصارها على تكتلات وأحزاب صغيرة بأسماء جديدة، في محاولة لتحقيق فوز في الانتخابات المقبلة، ومن ثم اجتماعها تحت ائتلاف الحزب الواحد، ليستمر الحكم بيد تلك الأحزاب. ومما يثير القلق من تلك الأحزاب الدينية أنّ الكثير منها ترتبط بها ميليشيات وفصائل مسلحة”.

 

 

اقتراب معركة الموصل من نهايتها والاستعداد المبكر للتعاطي مع مرحلتها وتداعياتها على الأصعدة خلقت حراكا سياسيا، استباقا لما ستؤول إليه التطورات، وكيفية تشكيل المشهد السياسي الجديد بعد هزيمة “داعش”.

وأخذ الحراك السياسي في العراق بُعدين الأول تمثل في الشروع بمصالحة سياسية وتاريخية بين الموالاة والمعارضة لاستثمار الفوز بالحرب، أما البعد الثاني فيشير إلى ارتفاع أعداد الأحزاب والكيانات السياسية التي صدقت عليها مفوضية الانتخابات بنحو 350 للمشاركة بانتخابات المجالس المحلية في أيلول – سبتمبر القادم والانتخابات البرلمانية في نيسان – أبريل القادم.

وتتميز الغالبية العظمى لهذه الأحزاب بالطابع الديني، كما أن لدى 30 بالمائة منها أجنحة مسلحة ترتبط بميليشيات نافذة، وتشكل جزءًا من المشهد العسكري والأمني في العراق.

ولا تُظهر خريطة الأحزاب الجديدة أيَّ تغير في الأيديولوجية والفكر عن الأحزاب التي دخلت العراق بعد احتلاله عام 2003، إذ إنّ محور تلك الأحزاب (الجديدة) يدور حول نفس الفكر الديني والطائفي للأحزاب الرئيسية في العراق، وهي حزب الدعوة الإسلامية والحزب الإسلامي العراقي.

وتشكّل الأحزاب الدينية في العراق نسبة تزيد على 80 بالمائة، بينما تبقى الأحزاب العلمانية والليبرالية محدودة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات، لجأت الأحزاب الدينية الكبيرة إلى أسلوب توزيع أنصارها على تكتلات وأحزاب صغيرة بأسماء جديدة، في محاولة لتحقيق فوز في الانتخابات المقبلة، ومن ثم اجتماعها تحت ائتلاف الحزب الواحد، ليستمر الحكم بيد تلك الأحزاب.

ومما يثير القلق من تلك الأحزاب الدينية أنّ الكثير منها ترتبط بها ميليشيات وفصائل مسلحة تسعى للدخول في الانتخابات وهي مرتبطة بتحالف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي.

وفي موازاة الاستعداد للانتخابات فإن البعد الأول تركز على آلية إطلاق مشروع المصالحة الوطنية، حيث تشير المعلومات إلى تحضيرات عالية المستوى لعقد مؤتمر للمصالحة، بمشاركة شخصيات سياسية كانت ضحية لسياسة الإقصاء والاستهداف السياسي لحكومة المالكي.

وتزامن هذا الحراك مع جهود لتسوية ملفات الشخصيات المستهدفة لرفع الغبن الذي وقع عليها قبل انعقاد المؤتمر الذي لم يحدد موعده. لكن هذا المؤتمر يواجه معارضة من قبل أطراف في الائتلاف الحاكم.

وأبرز القضايا التي سيناقشها المؤتمر كيفية إسقاط التهم عن الرموز المستهدفة لا سيما الشخصيات التي شاركت في ساحات الاعتصام ومعارضتها للعملية السياسية، فضلا عن إيجاد رؤية مشتركة للتعاطي مع مرحلة ما بعد “داعش” وبما يعزز الشراكة والمصير المشترك وتعزيز أجواء الثقة بين أطراف المؤتمر.

وكانت أنقرة شهدت في مارس الماضي، اجتماعات استمرت لمدة يومين، شارك فيها 25 شخصية سياسية وعشائرية ورجال أعمال تركزت على إيجاد مرجعية للعرب السنة في العراق لتمثيلهم في أي مؤتمر أو مفاوضات تتعلق بمستقبل العراق وأسس الشراكة مع المكونات الأخرى.

والانطباع السائد وطبقا لتجربة السنوات الماضية التي أعقبت الاحتلال فإن العراق لا يمكن أن يستمر من دون مصالحة مجتمعية حقيقية تنقذه من حال الفوضى والانقسام السياسي والطائفي بعد فشل الائتلاف الحاكم الذي يقود العراق وفقا لنظام المحاصصة الطائفية.

واستنادا إلى ما تقدم فإن البُعدين هما من سيحدد الإطار العام للمشهد السياسي المقبل بعد مرحلة ما بعد “داعش” يضاف إليهما نتائج القمم العربية الإسلامية الأميركية الذي يتفق المراقبون على أنه سيكون مشهدا مغايرا وبمعطيات جديدة.

3   الملك عبدالله بن الحسين… صَحَّ وصفُكُم  خالد أحمد الصالح   الرأي العام الكويتية
 

 

| د. |

السليمانية إحدى مدن كردستان العراق، تمت دعوتي للسليمانية كضيف لحضور مؤتمر أقيم بالتعاون بين مستشفى السرطان هناك وبين الجمعية الأميركية للأورام، خلال الأربعة أيام التي قضيتها هناك بأول زيارة لي للعراق بعد غزو الكويت التقيت بمجموعة كبيرة من الأطباء سواء من داخل العراق أو أطباء المهجر الذين حضروا المؤتمر، استفدت كثيراً بالتحدث مع هؤلاء الزملاء ولعل أكبر فائدة استفدتها من طبيب كان يعيش تحت حكم «داعش» في الموصل طوال الثلاث سنوات من احتلال «الدواعش» للموصل، ما سمعته منه فقد ارتكبت مجموعة الخوارج تلك فظائع تعكس مقدار قسوة قلوبهم وبُعدهم عن قيم الدين الإسلامي…

 

قال زميلي الذي بقي تحت احتلال «الدواعش» إنه كان يعاني من الرسالة الإعلامية التي يذيعها الإعلام الدولي في شأن «داعش» فقد كانت المحطات الفضائية والإذاعية تُطلق عليهم لقب المجموعات الإرهابية وكنت ألاحظ، ومازال الكلام لزميلي العراقي، أن هذه التسمية تزيدهم انتعاشاً وتفرحهم بل إن كثيراً من قادتهم كانوا يستعينون بآيات من القرآن ليثبتوا أنهم على حق كقول المولى – عزّ وجّل – ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) آية 60- سورة الأنفال، فهم يعتبرون أن وصفهم بالإرهابيين مدحاً لهم وثناء، ولما عرف زميلي أنني أكتب في الصحافة الكويتية طلب مني أن أوجه هذه الرسالة لعلها تصل إلى الإعلاميين فينتبهوا إلى أهمية وصف «الدواعش» بالوصف الحقيقي لهم، الوصف الذي يزعجهم ويضايقهم ويفكك تجمعهم، الوصف الأقرب لهم وهو وصف الخوارج.

 

يجب أن نعترف أن هؤلاء ليسوا متزمتين وليسوا متطرفين ولا حتى إرهابيين بل إنهم مرقوا من الدين وخرجوا عنه وبالتالي هم لا يمثلون لا من قريب ولا من بعيد دين الله.

 

في القمة الإسلامية ـ الأميركية التي عقدت في الرياض قبل أيام قليلة شد انتباهي جملة قالها الملك عبدالله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة كانت هذه الجملة تعبر بصدق عما يجب علينا أن نستخدمه في وصف أولئك المارقين عن الدين، قال الملك عبدالله: «إن الدواعش وغيرهم من الجماعات التي تقتل الناس، هذه الجماعات، ليست على هامش الدين بل إنها خارجة عن الدين فهم خوارج».

 

ويبدو من هذه الجملة أن الملك عبدالله بن الحسين لديه معلومات عن أهمية توظيف الوصف الصحيح الذي يجعل الهزيمة الإعلامية لمثل هؤلاء المارقين أمرا قريبا، فهم يعتمدون على خداع أنصارهم وإلباسهم ثوب التقوى والورع ولكن في حقيقة الأمر هم مارقون عن الدين خوارج عنه يؤذون المسلمين قبل غيرهم، وقد نجحوا في خلق فتنة عظيمة استفاد منها الطائفيون والأقليات الكارهة للإسلام كما استفاد من وراء «الدواعش» الحكام الطغاة الذين يقتلون شعوبهم ويلقون عليهم البراميل المتفجرة ليصيبوا الأبرياء والأطفال دون رحمة أو شفقة.

 

إن «الدواعش» مثال حي لزمرات عبرت تاريخنا الإسلامي تكون هي في مقدمة الجيوش والتي تهدف إلى محاربة دين الله الوسط، والقضاء عليه، فلا نستغرب إذن أن يكون نائب أمير «دواعش»، الذي قُتل أخيراً، لا نستغرب أن يكون خريج السجون السورية لمدة عشر سنوات، كما أخبرني زميلي العراقي، حيث تمت إعادة برمجته وتهيئته لمثل هذه المهمة التي تُستخدم الآن للدفاع عن الطغاة ونشر الطائفية في أمتنا العربية ومحاربة الفكر الوسطي الذي يسعى إلى بناء أمتنا لما فيه خير شعبنا العربي الواحد.