كتب جيمس روبرتس في واشنطن بوست متحدثا عن عدم تكريم الجنود الامريكيين البالغ عددهم المليونين ونصف المليون الذين غزو العراق:
الولايات المتحدة قامت في 25 اذار بتكريم ابطال الجيش بمنحهم وسام الشرف، لذا يجب ان نقف ونتأمل إرث أبرز أبطال الولايات المتحدة وأعلاهم شأناً.
لقد اجتمع نحو 30 من بين 71 من المحاربين القدامى الأحياء في واشنطن للاحتفاء بذلك الوثاق الذي وحدهم على مدار سبعة عقود، من الحرب العالمية الثانية إلى الحروب في كوريا وفيتنام وأفغانستان.
لكن هناك صراعاً حديثاً آخر جدير بالملاحظة أيضاً، بسبب ضعف تمثيله، ألا وهو الحرب على العراق. فقد حصدت تلك الحرب التي استمرت 8 أعوام حياة زهاء 4500 أميركي، وخلفت ما يربو على 32 ألف مصاب. ووقعت أشرس المعارك منذ فيتنام في العراق، بمدن مثل بغداد والفلوجة والرمادي، وكثرت فيها الأعمال البطولية.
أبرز تلك الأعمال قصة جندي البحرية الأميركية العريف برادلي كاسال، ففي 13 تشرين الثاني 2004، دخل مبنى يحتله متمردون في الفلوجة، وكان عبارة عن فخّ وصفه الجنود الأميركيون بـ بيت الجحيم، من أجل مساعدة رفاقه من جنود القوات الخاصة الأميركية الذين تفاجأوا بقوة كبيرة لدى المتمردين.
يذكر ان في خضم المعركة قام كاسال بقتل أحد المتمردين وبينما كان يحاول سحب أحد رفاقه المصابين إلى مكان آمن، تلقى 7 رصاصات من سلاح ناري، لكن كاسال، المصاب إصابة شديدة، آثر استخدام الضمادات القليلة التي كانت بحوزته في علاج زميله بدلاً من معالجة نفسه.
وعندما ألقى المتمردون قنبلة يدوية نحوهما، حمى كاسال بجسده رفيقه المصاب، وتلقى أثر الانفجار وعانى من 43 إصابة بالشظايا. ورفض مغادرة المنزل حتى تأكد من أن جميع رفاقه الآخرين آمنون. وأصبحت صورة فوتوغرافية التقطت لـ كاسال لدى سحبه من المنزل وسلاحه بيده، بمساعدة زملائه، بينما كانت ثيابه مضرجة بالدماء إحدى الصور الرمزية في الحرب على العراق. ونال كاسال مؤخراً وسام البحرية، وهو ثاني أعلى وسام يُمنح لأفراد القوات الخاصة والبحرية الأميركية. لكن هل من أحد يشك حقيقة في أن بطولة كاسال تستحق أيضاً وسام الشرف؟
الكثير من المقاتلين الأميركيين الذين خاضوا الحرب على العراق ممن لديهم قصص مؤثرة مثل قصة كاسال، وقد التقيت كثيراً منهم. وهم أشخاص استثنائيون، لكن من دون منحهم وسام الشرف، فإن قصصهم ستُنسى بكل تأكيد مع مرور الوقت. ويرجع ذلك إلى أن وسام البحرية يمنح الحاصلين عليه طابعاً فريداً، إذ يصبحون مطلوبين كمتحدثين في المؤتمرات المدنية والعسكرية وفاعليات المؤسسات، والأكثر أهمية لدى المدارس والمنظمات الشبابية.
ولم يحصل أي محارب سابق، لا يزال على قيد الحياة، في الحرب على العراق على وسام الشرف.
هذا ظلم كبير لنحو 1.5 مليون أميركي خدموا بالتناوب في تلك الحرب. ولاسيما أنه تم منح 1.523 وسام شرف لأبطال الحرب الأهلية، و126 وساماً لأبطال الحرب العالمية الأولى، و471 وساماً لأبطال الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى 145 في الحرب الكورية و260 في حرب فيتنام. وفي الصومال، حصل جنديان قتلا في عام 1993 على الوسام، بينما ناله 14 جندياً قاتلوا في أفغانستان.
ورغم ذلك، لم يحصل سوى 4 جنود فقط ممن قاتلوا في الحرب على العراق على الوسام بعد مقتلهم، وحتى عام 2009، لم يكن هناك من بين الجنود الأحياء الذين قاتلوا في أفغانستان أحد قد نال وسام الشرف.
وفي ذلك العام، أعرب وزير الدفاع الأميركي آنذاك روبرت جيتس عن عدم تصديقه أن من بين 2.5 مليون محارب سابق في العراق وأفغانستان، لم ينل أي من الجنود الأحياء وسام الشرف. وبدأت الأمور تتغير بشكل كبير بعد ذلك مباشرة، إذ تم منح 11 وسام شرف لمقاتلين سابقين أحياء في أفغانستان، وكان أحدث الحاصلين عليه إدوارد بايرز في عام 2016، تكريماً له لإنقاذه أحد المدنيين أثناء المعارك. ومن غير المبرر أنه لم يذهب أي من تلك الأوسمة إلى أي من مقاتلي الحرب على العراق.