يقول وزير الاقتصاد الألماني الخبير الاقتصادي أن سؤالا صادما مطروحا بقوة حاليا حول إفلاس ألمانيا.
ويضيف في حديث “السؤال بالطبع صادم لأسباب كثيرة، فألمانيا ماكينة العالم الصناعية، والقوة الصناعية الأولى في أوروبا، ولولا مساندتها المالية ودعمها القوي لانهارت دول عدة في القارة مثل قبرص واليونان وغيرهما من الدول التي واجهت خطر التعثر وكادت أن تفلس”.
ويتابع ” صادرات السلع الألمانية تجاوزت 1375.5 مليار يورو في 2021، واقتصاد ألمانيا أحد أكبر اقتصادات العالم حيث يحتل المركز الرابع من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد الولايات المتحدة والصين واليابان، وألمانيا واحدة من مجموعة السبع الكبرى، ومقر للشركات العالمية العملاقة، خاصة المتخصصة في صناعة السيارات والأجهزة الإلكترونية والمنزلية ومواد البناء والصناعات التحويلية والكيميائية والتقنيات الطبية”.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن “الإيرادات السنوية لشركة ألمانية واحدة مثل فولكس فاغن تفوق ميزانيات وإيرادات عدة دول مجتمعة، والمنتجات الألمانية تتواجد بقوة في الأسواق العالمية، ليس بسبب رخص سعرها فهي غالبا مرتفعة السعر، لكنه بسبب جودتها وكفاءتها القوية”.
لكن عبد السلام يقول “لماذا يطرح سؤالا صادما بشأن إفلاس ألمانيا؟”.
ويقول “الإجابة تكمن في التحديات الشرسة والخسائر الفادحة التي تواجه الاقتصاد الألماني، فجائحة كورونا كبدته خسائر تجاوزت نحو 330 مليار يورو، أي ما يزيد على 9% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2020 و2021. وضربت الخسائر بشكل خاص قطاعات حيوية مثل السياحة والسفر والمطاعم والمقاهي والتجارة غير الإلكترونية والأنشطة الثقافية والتعليم”.
ويوضح “ان برلين تواجه موجة تضخم عاتية بسبب قفزات أسعار الطاقة والأغذية حيث ارتفع المعدل خلال مايو إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من نصف قرن. كما تواجه اضطرابات إضافية في سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية نتيجة للحرب في أوكرانيا”.
ويتوقع عبدالسلام أن يتكبد الاقتصاد الألماني خسائر تقارب 230 مليار يورو في عامي 2022 و2023 إذا توقفت إمدادات الغاز الروسي فجأة، أو ما يعادل 6.5% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، ومقاطعة ألمانيا للغاز الروسي ستؤدي إلى تراجع في نسبة النمو بنحو 2.2%، كما أنها ستؤدي إلى فقدان 400 ألف فرصة عمل. بل إن البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) توقع تقلص الإنتاج بنسبة 2% تقريباً هذا العام في حالة فرض حظر شامل على الفحم والنفط والغاز الروسي.
لكن الخطر الأكثر فداحة، بنظر الخبير الاقتصادي، هو ما يحدث هذه الأيام، فألمانيا تتعرض لأزمة طاقة عنيفة ربما لم تتعرض لها منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تواجه ندرة شديدة في مصادر الطاقة حيث تعتمد على الغاز والنفط الروسي الذي يغطي نحو 55% من احتياجاتها، وبسبب الأزمة عادت ألمانيا إلى استخدام الفحم لتوليد الكهرباء بعد أن كانت رائدة في استخدام الطاقة النظيفة، ولديها خطة في الاستغناء كلية عن استخدام الفحم في توليد الطاقة وتغذية محطات توليد الكهرباء.
ويضيف “اليوم قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن بلاده قد تلجأ إلى إغلاق بعض القطاعات الصناعية خاصة قبيل فصل الشتاء في حالة استمرار نقص إمدادات الغاز، وذلك في أعقاب تراجع إمدادات الغاز الروسي لألمانيا.. كما شدد الوزير أمس الخميس على أن الغاز الذي تقوم عليه ماكينة الصناعة الألمانية بات سلعة نادرة، ولذا فعلت الحكومة الألمانية المرحلة الثانية من خطتها الطارئة لتأمين إمدادات الغاز في خطوة وصفها وزير الاقتصاد بـ”الضرورية” بسبب خطورة الوضع الراهن”.
ويقول “قبل هذا التحذير الرسمي حذرت فدرالية الصناعة الألمانية (BDI) من أن تبعات أي توقف مفاجئ لتدفق الغاز الروسي سيكون لها نتائج كارثية على الاقتصاد الألماني، بل توقعت بأن يعرف الاقتصاد أكبر انكماش في تاريخه إن أُوقف استيراد الغاز الروسي من دون إيجاد بدائل”.
ويشرح “أثرت أزمة الطاقة وقبلها الحرب بشكل كبير على قطاع الصناعة الألماني عصب الاقتصاد والصادرات، حيث أدت الحرب إلى انقطاع في إنتاج مصانع السيارات، توقف الإنتاج في مصانع سيارات كبرى مثل BMW وVW بسبب توقف توريد أسلاك الكابلات التي كان يتم إنتاجها في أوكرانيا”.
ويتابع “كما توقع اتحاد صناعة السيارات الألماني (VDA) نقصًا في المواد الخام وزيادة في أسعارها، كما سيتأثر الاقتصاد الألماني بسبب العقوبات الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين ألمانيا وروسيا في 2021، نحو 60 مليار يورو، بالإضافة إلى اعتماد 250 ألف وظيفة في الشركات الألمانية على الصادرات إلى روسيا”.
ويؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن “الفترة المقبلة صعبة للغاية للاقتصاد الألماني وتفوق ما يحدث مع الاقتصادات الكبرى خاصة إذا استمرت الحرب، وحظر التحالف الغربي النفط والغاز الروسي كاملا، وقد تتعرض ألمانيا لأزمة حادة، لكن الأزمة لن تدفع البلاد إلى حافة الإفلاس، إذا ما سارعت الحكومة في إيجاد بدائل للغاز الروسي سواء من قطر أو الولايات المتحدة ودول أخرى، وبنت موانئ لاستقبال الغاز المسال”.
ويختم بالقول “الاقتصاد الألماني قوي وقادر على امتصاص أي صدمات مع ضخامة موارده الدولارية خاصة من أنشطة التصدير والسياحة والخدمات والاستثمارات الأجنبية وقوة قطاعها الصناعي”.