لحماية مصالح سياسية إذ و يأتي تقارب حرب غزة نهاية شهرها الرابع، ورغم تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية، لا تبدو ملامح انفراجة قريبة في الأفق، بينما يبدو الخصمان متفقين على أمر واحد فقط هو إطالة أمد الحرب في قطاع غزة .
وتتمسّك كل من إسرائيل و”حماس” بشروط تعرقل التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في غزة رغم جهود الوسطاء، والتوصل إلى إطار عام للهدنة وهو ما أطلق عليه “اتفاق باريس”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، عزام شعث، أن نتنياهو و السنوار لديهما دوافع تؤثّر بشكل مباشر على استمرار الحرب، فبالنسبة إلى إسرائيل، يقول شعث لـ”سكاي نيوز عربية” إنها تتعمّد إطالة أمد عدوانها الحربي على قطاع غزة، والممتد لأربعة أشهر، بدوافع تتعلق بدعم أعضاء الحكومة الأكثر تطرفا ويمينية لخيار الحرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويضيف عزام شعث: “هناك أسباب تتعلّق برئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو نفسه، الذي يتخذ من إطالة هجومه على غزة حجة للهروب من الاستحقاقات الداخلية في إسرائيل، منها إسقاط ائتلافه وإزاحته من الحكم، ومثوله أمام المؤسسة القضائية بتهم الفساد المؤجلة”.
كما أن ذلك لا ينفصل عن الأسباب المتصلة بنتائج العدوان الإسرائيلي الذي لم تحقّق إسرائيل أهدافها من ورائه بعد، خاصةً أهدافها المتعلقة بالقضاء على حكم “حماس” في القطاع واستهداف قادتها وتحرير أسراها، وفق شعث.
ولعل هذا ما يدفع المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل -وتماشيا مع طروحات استمرار العدوان ضد غزة- إلى توسيع الهجمات العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة المحتملة في الأسابيع المقبلة، بصرف النظر عن الخسائر والويلات التي سيتعرّض لها أكثر من مليون ونصف المليون من النازحين في المدينة.
“حماس” أيضا في مأزق
ترى الباحثة الأميركية المختصّة بالشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، أن حركة حماس تواجه مأزقا شديدا فيما يتعلق بترتيبات اليوم الثاني من الحرب، كما يواجه نتنياهو حالة من التخبّط وعدم القدرة على اتّخاذ قرار بإنهاء الحرب.
وتقول تسوكرمان، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن قيادة “حماس” التي بدأت أزمة السابع من أكتوبر تعلم أنّ خروجها من قطاع غزة يعني نهايتها، لذلك تتمسّك بالبقاء داخل القطاع وتعرض المزيد من الفلسطينيين للموت.
مِن المفترض أن يحاكم قادة “حماس” على جريمة السابع من أكتوبر وما تبعها من حرب أدت لقتل عشرات الآلاف، لذلك يصرون على البقاء داخل دويلتهم الصغيرة داخل القطاع.
وتعتبر الباحثة الأميركية أن استمرار الحرب هو السبيل الوحيد لاحتمال الحصول على مكاسب، في لعبة عض أصابع بين قادة “حماس” ونتنياهو، كذلك تؤكد أن نتنياهو لا يملك رفاهية التخلي عن دعمه للحكومة وإلا ستسقط، وكل طرفٍ في هذه الحكومة يبحث حاليا عن مستقبله السياسي بعد انتهاء الحرب في غزة.
وتقول تسوكرمان إنّ إسرائيل ملتزمة بأولويات الأمن القومي الخاصة بها، ولا تستطيع تحمّل عدم تدمير البنية العسكرية لحماس بشكل كامل، وإلا فإنّ الصراع سوف يتجدّد مع كون “حماس” في وضع أفضل لخوض هذه الحرب لاحقا بسبب دورها السياسي.
كيف يفكّر نتنياهو وحكومته؟
ويُتابع أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس: “الولايات المتحدة بجلالة قدرها حاربت داعش على مدار عامين، بمعاونة كوكبة من الدول العظمى. إسرائيل تواجه ’حماس’ بمفردها منذ أقل من 4 أشهر. و’حماس’ أقوى بكثيرٍ من تنظيم الدولة الإسلامية، حيث استطاعت أن تشيد ترسانة إرهابية متطوّرة للغاية طيلة فترة سيطرتها على القطاع”.
هذا ما نعرفه عن “موقع السنوار”
قال قائد في الجيش الإسرائيلي، الخميس، إن القوات الإسرائيلية “تفكك” البنية التحتية لحركة حماس في خانيونس، وذلك بعد أكثر من شهرين من دخولها المدينة الرئيسية جنوبي قطاع غزة.
وأضاف أن القوات الإسرائيلية تعتقد أن زعيم حماس يحيى السنوار مختبئ هناك.
ودفع التقدم المحرز في خانيونس إسرائيل إلى وصف رفح بأنها التالية في الاجتياح البري، الذي تنفذه بالقوات والدبابات.
ويلوذ أغلب سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في الوقت الحالي برفح، بعد أن نزحوا من أماكن أخرى خلال 4 أشهر من القتال، ويخشون أن الدور سيحل عليهم في الوقوع في مرمى النيران.
وقال القائد في الجيش الإسرائيلي لـ”رويترز”، رافضا ذكر اسمه:
العمليات في خانيونس للقضاء على حماس واستعادة أي رهائن قد يكونون هناك ستستمر “سواء كانت ستستغرق ساعتين أو يومين أو أسبوعين أو شهرين أو حتى أكثر من ذلك”.
القوات الإسرائيلية قتلت ألفي مسلح وأصابت 4 آلاف وأسرت مئات آخرين.
ذلك قضى إلى حد كبير على لواء خانيونس التابع لحماس.
اللواء قبل الحرب تألف من 5 كتائب، وكان أقوى لواء تملكه حماس، مع قائد شديد السيطرة.
نحن نفككه طبقة تلو الأخرى.
هجمات حماس تتزايد عشوائيتها، مما يشير إلى فقدان القيادة والسيطرة.
تقديري بلا أدنى شك أن السنوار في خانيونس ومعه بعض المتبقين من قيادات حماس.
كيف اتفق نتنياهو والسنوار على عدم “وقف الحرب”؟
وينشر الجيش صورا لما يقال إنها أنفاق لحماس اكتشفت في خانيونس وبداخلها مساحات إقامة مغطاة ببلاط أبيض، وأيضا زنازين يفترض أن الرهائن كانوا محتجزين بها.
وتجنب الضابط الإجابة عن سؤال عما إذا كانت الأنفاق ممتدة بما يكفي للسماح لقادة حماس بالتسلل من خانيونس وتفادي القبض عليهم، وأجاب: “يمكن التحرك بضعة كيلومترات تحت الأرض”، من دون الخوض في تفاصيل.
ويقول الجيش إن 228 جنديا قتلوا و1314 أصيبوا خلال العمليات البرية في قطاع غزة التي بدأت أواخر أكتوبر، وهي أرقام لم تحدد أعداد القتلى والجرحى في خانيونس بمفردها.
وفي المقابل، نادرا ما تنشر حماس تفاصيل عن تمركز أفرادها أو عن خسائرها، وتقول إن كمائنها تواصل تكبيد إسرائيل قتلى وجرحى.
وخانيونس مسقط رأس السنوار، العقل المدبر لهجوم حماس المباغت على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
المجاعة تجتاح غزة و الصحة العالمية تثير جدلاَ واسعاَ