دق تقرير حكومي أميركي ناقوس الخطر محذرًا أولياء أمور مئات الآلاف من الأطفال الأميركيين الذين يشربون من مياه الصنبور، التي تهدد بأن تخفض معدل ذكائهم، وفق ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية.

وخلص التقرير الذي وصف بأنه الأكثر شمولاً من نوعه، إلى أن استهلاك مستويات عالية من الفلورايد يمكن أن يضر بتطور الدماغ لدى الصغار.

كما اكتشف الباحثون أن مياه الشرب التي تحتوي على أكثر من 1.5 مليغرام من الفلورايد لكل لتر كانت مرتبطة بانخفاض معدل الذكاء بما يصل إلى خمس نقاط.

إضافة الفلورايد.. وتقليل التسوس

وقال التقرير إن هذا الاكتشاف قد يكون مهما، نظرا لأن أكثر من 1.9 مليون شخص يعتمدون على أنظمة المياه التي تحتوي على مستويات من الفلورايد أعلى من 1.5 مليغرام. واستنادا إلى تحليل لأبحاث منشورة سابقا، يمثل التقرير المرة الأولى التي تحدد فيها وكالة فيدرالية “بثقة معتدلة” وجود صلة بين الفلورايد ومعدل الذكاء.

وتمت إضافة الفلورايد إلى إمدادات المياه في الولايات المتحدة لعقود من الزمن بعد أن أظهرت الدراسات أنه يمكن أن يقوي الأسنان ويقلل من تسوس الأسنان – في ما اعتبر لفترة طويلة أحد أعظم إنجازات الصحة العامة في القرن العشرين-.

ووفقا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، تشير التقديرات إلى أن الفلورة توفر 6.5 مليار دولار سنويًا في تكاليف علاج الأسنان، وتقلل من حدوث تسوس الأسنان بنسبة تصل إلى 25%.

فمنذ خمسينات القرن الماضي، يضاف الفلوريد إلى مياه الصنابير في بعض البلدان الصناعية للحماية من تسوس الأسنان.

وقد تبيّن أن مستويات تركيز عالية جدا من هذه المادة تلحق أذى كبيرا بالدماغ، فيما تكون مستويات التركيز الموجودة في مياه الصنابير غير خطرة إجمالا.

وقالت كريستين تيل من جامعة يورك في كندا وهي المعدة الرئيسية للدراسة التي نشرت نتائجها مجلة “جاما بيدياتريكس”، لوكالة فرانس برس “أدركنا أن ثمة شكوكا كبيرة إزاء خطورة الفلوريد، خصوصا على النساء الحوامل والأطفال الصغار”.

وبحسب الباحثين، توزع المياه المعالجة بالفلور على حوالي 66% من السكان في الولايات المتحدة و38% من سكان كندا و3% من سكان أوروبا.

وتناولت الدراسة حوالي 601 زوج مؤلف من الأم والطفل في ست مدن كندية، يعيش 41% منهم في مناطق تتزود بالمياه المعالجة بالفلور من السلطات البلدية.

وقد لاحظ الباحثون أن كل زيادة في تركيز الفلور في بول النساء الحوامل بواقع ميليغرام واحد في كل ليتر تترافق مع تراجع بـ4,5 نقاط في معدل الذكاء لدى الصبيان بين سن ثلاث سنوات أو أربع، لكن ليس لدى الفتيات.

ومع الأخذ في الاعتبار لكمية الفلور التي تتناولها الأم يوميا بدل الكمية الموجودة في البول، لاحظ الباحثون أن كل زيادة بواقع ميليغرام واحد تترافق مع تراجع بـ3,7 نقاط في معدل الذكاء للفتيان والفتيات على السواء.

غير أن خبراء كثيرين في مجالات مختلفة تراوح بين الإحصاءات وعلم السموم مرورا بعلم الأعصاب، وجهوا انتقادات لاذعة لهذه الدراسة.

وقال عالم النفس في جامعة كينغز كولدج في لندن ستيوارت ريتشي “أظن أن الخلاصات هزيلة ومحدودة. هي قد تكون مهمة في إطار مجموعة أوسع من الدراسات في هذه المسألة، لكنها لوحدها لا يمكن أن تسهم في الدفع قدما بالنقاش بشأن خطورة الفلور”.

وفي استباق للجدل، أصدرت “جاما بيدياتريكس” في خطوة غير اعتيادية بيانا توضيحيا قالت فيه إن نشر الدراسة لم يكن قرارا “سهلا”.

وبفعل مساهمتها في تراجع معدلات تسوس الأسنان في الولايات المتحدة، تمثل إضافة الفلور إلى المياه أحد النجاحات العشرة الأكبر في القرن العشرين في مجال الصحة العامة، بحسب مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي).

  • الصحة
  • المياه
  • الأطفال

0.7 ملليغرام فلورايد لكل لتر

لكن من المرجح أن يدق التقرير الجديد أجراس الإنذار في عشرات المقاطعات في جميع أنحاء إلينوي وتكساس ونيو مكسيكو، حيث تظهر الأبحاث أن مستويات الفلورايد في الماء مرتفعة.

ومنذ عام 2015، أوصت الولايات المتحدة بأن مستويات الفلورايد في مياه الشرب لا تتجاوز 0.7 ملليغرام لكل لتر.

وتقول وكالة حماية البيئة الأميركية إن مستويات الفلورايد لا ينبغي أن تكون أعلى من أربعة ملليغرام لكل لتر لتجنب تسمم الهيكل العظمي، وهو اضطراب معوق محتمل يسبب ضعف العظام وتيبسها وألمها.

فيما تقول منظمة الصحة العالمية إن الحد الآمن هو حوالي 1.5 مليغرام من الفلورايد لكل لتر.

أضرار لدماغ الإنسان

ويقول الخبراء إن الفلورايد يدخل الدم بسهولة عند استهلاكه، ويمكن أن ينتقل بعد ذلك إلى الدماغ.

وأظهرت دراسات سابقة، أجريت على حيوانات المختبر، أن الفلورايد يمكن أن يؤثر على الكيمياء العصبية في مناطق الدماغ المرتبطة بالتعلم والذاكرة والوظيفة التنفيذية والسلوك.

وصدر التقرير الحكومي الأميركي الجديد، المكون من 324 صفحة، عن برنامج السموم الوطني، وهو جزء من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية.

مشاكل مزاجية وصداع

وقد أشارت بعض الدراسات التي تمت مراجعتها في التقرير إلى أن معدل الذكاء كان أقل بمقدار 2 إلى 5 نقاط لدى الأطفال الذين تعرضوا لجرعات أعلى.

ولم يتوصل فريق الباحثين إلى استنتاج بشأن تأثير الفلورايد عند جرعات أقل أو تأثيره على البالغين. ويضيف التقرير إلى الأدلة السابقة التي تشير إلى أن الفلورايد مرتبط بالقلق ومشاكل المزاج والصداع لدى الأطفال في سن الثالثة.

الأطفال والحوامل

اقترحت الأبحاث السابقة أن النساء الحوامل يجب أن يحدن من تعرضهن للفلورايد لأن المعدن يمكن أن يعبر المشيمة ويصل إلى الجنين. ولخص التقرير الجديد الأبحاث، التي أجريت في كندا والصين والهند وإيران وباكستان والمكسيك. وخلص إلى أن مياه الشرب التي تحتوي على أكثر من 1.5 مليغرام من الفلورايد لكل لتر كانت مرتبطة بانخفاض معدل الذكاء لدى الأطفال.

لأول مرة منذ قرن

يأتي التقرير في الوقت الذي تنخفض فيه درجات الذكاء في أميركا لأول مرة منذ قرن.

وحللت دراسة من جامعة أوريغون ونورث وسترن نتائج ما يقرب من 400000 اختبار ذكاء تم إجراؤه بين عامي 2006 و 2018 – في دراسة نُشرت العام الماضي.

وبينما لم يقدموا انخفاضا دقيقا، فقد قالوا إن أكبر انخفاض كان في الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عامًا وأولئك الذين كانوا أقل تعليماً.

ولم تستخدم الدراسة إلا بيانات من قبل جائحة كوفيد، مما يعني أن الاضطرابات في التعليم الناجمة عن عمليات الإغلاق ربما أدت إلى تفاقم الوضع بشكل أكبر.

انتقادات سابقة

انتقدت جمعية طب الأسنان الأميركية، التي تدافع عن الفلورايد في الماء، الإصدارات السابقة من التحليل – لكنها لم تعلق بعد على التقرير الجديد.

وقال ريك وويتشيك، مدير البرنامج، في بيان: “نظرًا لأن الفلورايد موضوع مهم للغاية للعامة ومسؤولي الصحة العامة، فقد كان من الضروري أن يتم بذل قصارى الجهد للحصول على العلم الصحيح”.

تقرير “تاريخي”

هذا وتم تحديد النسب الرسمية في البداية لمنع تسمم الهيكل العظمي بالفلورايد، لكن المزيد والمزيد من الدراسات أشارت بشكل متزايد إلى وجود صلة بين مستويات الفلورايد الأعلى والتأثير على نمو الدماغ.

أشادت شبكة العمل من أجل الفلورايد بتقرير هذا الأسبوع ووصفته بأنه “تاريخي” وقالت إنه يثبت ما كان العديد من الباحثين يشتبهون فيه منذ فترة طويلة.

يذكر أن الفلورايد معدن يوجد بشكل طبيعي في الماء والتربة، ولكن قبل حوالي 80 عاما، اكتشف العلماء أن الأشخاص الذين تحتوي إمدادات المياه لديهم بشكل طبيعي على المزيد من الفلورايد لديهم أيضا نسب أقل في تسوس الأسنان.

وحددوا أنه يحل محل المعادن في الأسنان التي فقدت بسبب التسوس والتآكل.

رُب سائلا يسأل ؟ | هل يصيب جدري القردة الحوامل والأطفال؟

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد