أصدر قضاة فرنسيون أوامر اعتقال بحق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وشقيقه ماهر، واثنين من كبار معاونيه، بتهمة تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، عام 2013.

وفي 21 أغسطس 2013، وقع هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية)، أبرز معاقل الفصائل المعارضة آنذاك قرب العاصمة السورية، واتهمت المعارضة النظام السوري بتنفيذه.

وفي نهاية الشهر المذكور من ذلك العام، أعلنت الولايات المتحدة أنها على “قناعة قوية” بأن النظام “مسؤول” عن الهجوم الذي أوقع 1429 قتيلا، بينهم 426 طفلا.

كما نشرت الأمم المتحدة في 16 سبتمبر تقريرا لخبرائها الذين حققوا في الهجوم، تضمن حينها “أدلة واضحة” على استخدام غاز السارين.

ما تفاصيل المذكّرة؟

 

وكان التحقيق في قضية “كيماوي دوما” عام 2013 قد فتح في مارس 2021، بناءً على شكوى جنائية قدمها “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” (SCM) وضحايا سوريون، بالاستناد إلى شهادات من ناجين وناجيات.

في يوم 7 أبريل 2018، أفادت مجموعة من التقارير (على رأسها تقرير الدفاع المدني السوري) بأن هجوما كيميائيا مشتبهًا به استهدف مدينة دوما السورية وأودى بحياة ما لا يقل عن 70 شخصا.

 

يُشار إلى أنه في أوائل عام 2018، كان الفصيل المعارض الرئيسي في المنطقة هو جيش الإسلام ومقره في دوما، وقد سيطرت الجماعات المعارضة على رأسها فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام على المنطقة المحيطة بالمدينة

وحظيت الشكوى بدعم “الأرشيف السوري” و”مبادرة عدالة المجتمع المفتوح”، و”منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية”، التي انضمت إلى التحقيق كأطراف مدنية، بالإضافة إلى أعضاء من “رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية” (AVCW).

وقال المدير العام لـ”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، مازن درويش، الأربعاء، إن “إصدار القضاء الفرنسي أوامر اعتقال بحق رئيس الدولة بشار الأسد ورفاقه يشكل سابقة قضائية تاريخية”.

قبل حوالي سنة من تاريخ هذا الهجوم كانت الولايات المتحدة قد أطلقت 59 صواريخ كروز توماهوك على مطار الشعيرات العسكري ردا على الهجوم الكيميائي على خان شيخون والذي حملت فيه إدارة ترامب الحكومة السورية المسؤولية عنه إلا أن الحكومة السورية رفضت الاعتراف به واعتبرت الهجوم اعتداء صراخا على دولة ذات سيادة. وكانت الحكومة الأمريكية قد حذرت مرارا وتكرارا من استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا خاصة بعد الهجوم الصاروخي في أبريل 2017. أما وزير الدفاع جيمس ماتيس فقد صرح في شباط/فبراير 2018 بأنه يعتقد أن الحكومة السورية لم تمتثل للاتفاق الذي توسطت فيه روسيا والذي يقضي بتدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية ثم حذر من أن حكومة الأسد ستغامر وستكون غير حكيمة في حالة ما عادت وانتهكت اتفاق حظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت الحكومة السورية في وقت سابق بتصنيع «أنواع جديدة من الأسلحة» التي لها نفس تأثير الأسلحة الكيميائية.

في أوائل عام 2018، كان الفصيل الرئيسي في المنطقة هو جيش الإسلام ويقع مقره بالذات في دوما، مع بعض السيطرة لبعض الجماعات المعارضة من قبيل فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام اللذان يُسيطران على باقي المناطق في ضواحي المدينة.

تم الإبلاغ عن حوادث استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما في كانون الثاني/يناير 2018، ومع ذلك فقد استخدمت روسيا حق النقض لإبطال مشروع قرار أمريكي يحمل الأسد المسؤولية ودعت الحكومة الروسية والسورية إلى قدوم محققين مستقلين إلى دوما للتحقيق أما وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس فقد قال إنه لا يمكن تأكيد التقارير حول ما إذا كان الهجوم الكيماوي قد حصل فعلا أم لا. في آذار/مارس 2018، قرأ فاليري غيراسيموف رئيس هيئة الأركان العامة الروسية بيانا أكد فيه على أن الهجوم مجرد «خدعة» وأكد في نفس الوقت على أن الثوار في الغوطة الشرقية قد جلبوا معهم مدنيين وأجبرهوم على لعب دور ضحايا هجوم كيميائي من أجل افتعال حادث ليتم استخدامه من قبل الولايات المتحدة كذريعة لاستهداف حكومة الأسد. يُشار إلى أن روسيا سبق وأن حاولت منع الأمم المتحدة من التحقيق في الهجوم الكيميائي على خان شيخون.

التحقيقات التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد خلُصت إلى أن الحكومة السورية سبق وأن استخدمت الأسلحة الكيميائية في خان شيخون.

وأضاف أنه “انتصار جديد للضحايا وعائلاتهم والناجين، وخطوة على طريق العدالة والسلام المستدام في سوريا”.

“لقد كان لقضاة التحقيق في فرنسا كلمتهم في هذا النوع من الجرائم؛ لا أحد محصن. ونتوقع من السلطات الفرنسية أن تحترم معاناة الضحايا وحقوقهم إلى جانب قرار القضاء الفرنسي”، وفق ما تابع درويش في بيان.

وبالإضافة إلى بشار الأسد وماهر الأسد، القائد الفعلي لـ”الفرقة الرابعة مدرع”، صدرت مذكرات اعتقال بحق العميد غسان عباس، مدير الفرع 450 في “مركز الدراسات والأبحاث العلمية السورية”.

إضافة إلى اللواء بسام الحسن، “مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية” وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي و”مركز البحوث العلمية”، وفقا لـ”المركز السوري”.

“بعد تحقيق جنائي”

ويأتي الإجراء القضائي الذي اتخذه قضاة التحقيق الفرنسيون في أعقاب تحقيق جنائي في الهجومين بالأسلحة الكيماوية في أغسطس 2013، من قبل الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة للمحكمة القضائية في باريس.

وبالإضافة إلى شهادات مباشرة واسعة النطاق من العديد من الضحايا، فإن الشكوى الجنائية، التي تأخذ شكل طلب مدني، تحتوي على تحليل شامل لتسلسل القيادة العسكرية السورية.

كما تضم تسلسل “برنامج الأسلحة الكيماوية التابع للحكومة السورية، ومئات العناصر من الأسلحة الكيماوية، وأدلة وثائقية، بما في ذلك صور ومقاطع فيديو”، حسب بيان “المركز السوري”.

من جانبه، قال مؤسس “الأرشيف السوري”، هادي الخطيب: “نحن نرى موقف فرنسا، ونأمل أن تقوم بلدان أخرى قريبا بالأخذ بالأدلة القوية التي جمعناها على مدى سنوات، وأن تطالب بمحاسبة المسؤولين -رفيعي المستوى- عن ارتكاب هذه الجرائم جنائيا”.

وأشار كبير المحامين الإداريين في مبادرة عدالة المجتمع المفتوح، ستيف كوستاس، إلى أن “هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها رئيس دولة في منصبه لمذكرة اعتقال في دولة أخرى، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

وأضاف: “هذه لحظة تاريخية. لدى فرنسا فرصة لترسيخ مبدأ عدم وجود حصانة لمرتكبي الجرائم الدولية الأكثر خطورة، حتى على أعلى المستويات”.

“مذكرة سابقة”

ويمكن للمحاكم في فرنسا استخدام مبدأ الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية للتحقيق في الجرائم الفظيعة الدولية المرتكبة على أراض أجنبية، ومحاكمتها في ظل ظروف معينة.

وفي قضايا سورية أخرى، أصدرت الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس في وقت سابق، 7 أوامر اعتقال في قضايا مختلفة.

واستهدفت بها 7 مسؤولين كبار آخرين في النظام السوري، بما في ذلك الرئيس الحالي لمكتب الأمن القومي السوري، علي مملوك، وذلك في مارس الماضي.

وفي 19 أكتوبر الماضي، أصدر القضاء الفرنسي مذكرات توقيف دولية بحق 4 مسؤولين كبار سابقين في الجيش السوري يشتبه في مسؤوليتهم في قصف على درعا في عام 2017، والذي أدى إلى مقتل مدني فرنسي-سوري.

ومن بين المسؤولين الذين استهدفتهم مذكرات التوقيف، وزير الدفاع السابق فهد جاسم الفريج، المتّهم بـ”التواطؤ في هجوم متعمد ضدّ السكان المدنيين والذي يُشكّل بحد ذاته جريمة حرب”.

بسبب فلسطين | طرد وزيرة الداخلية الريطانية من منصبها

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد