أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، محادثة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لمناقشة القضايا الإقليمية والعالمية.
وقال أردوغان لغوتيريش إن “الصراع السوري قد وصل إلى مرحلة جديدة يتم إدارته فيها بهدوء”، مضيفا أن “تركيا تتمنى ألا تشهد سوريا قدرا أكبر من عدم الاستقرار وألا تتسبب في وقوع خسائر في صفوف المدنيين”.
وذكر أردوغان أنه “في هذه المرحلة، يجب على النظام السوري إشراك شعبه بشكل عاجل من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل”.
ولفت إلى أن “تركيا تبذل جهودا لتقليل التوترات وحماية المدنيين وتمهيد الطريق للعملية السياسية وستواصل القيام بذلك”.
وتشن فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوما على شمال سوريا، أدى إلى خروج مدينة حلب وحماة عن سيطرة الحكومة بالكامل لأول مرة منذ اندلاع حرب عام 2011.
وأثار الهجوم قلقا واستنفارا في أوساط المسؤولين السياسيين والأمنيين في دول جوار سوريا.
أردوغان يأمل أن تواصل قوات المعارضة السورية تقدمها
معتبرا أن هدفهم العاصمة دمشق. إذ و أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله في أن يتواصل تقدم مقاتلي المعارضة في سوريا “من دون مشاكل”،
وقال أردوغان “إدلب وحماة وحمص وبالطبع الهدف دمشق.. تقدم المعارضين متواصل. نأمل أن يستمر هذا التقدم من دون وقوع مشاكل”.
وفي سياق حديثه عن العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد -الذي حاول إقامة عملية مصالحة معه برعاية روسيا- أشار أردوغان إلى عدم تلقي “رد إيجابي” منه.
وقال “قلت له تعال، لنلتقي لمناقشة مستقبل سوريا معا، لكنني لم أتلق أي رد إيجابي من الأسد”.
وفي السياق، أفادت مصادر في الخارجية التركية أن الوزير هاكان فيدان سيجتمع بنظيريه الروسي والإيراني غدا السبت في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث تطورات الوضع في سوريا، في إطار صيغة اجتماعات أستانا.
وتشترك تركيا في حدود يزيد طولها على 900 كيلومتر مع سوريا، وتستضيف حوالي 3 ملايين لاجئ سوري على أراضيها، تحولوا مع الوقت إلى قضية سياسية داخلية.
ومنذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تخوض قوات المعارضة السورية اشتباكات مع قوات النظام، وفي 29 من الشهر ذاته دخلت مدينة حلب، وفي اليوم التالي بسطت سيطرتها على محافظة إدلب، قبل أن تسيطر الخميس على مدينة حماة.
وبجانب حلب وإدلب حماة سيطرت فصائل المعارضة -صباح الجمعة- على مدينتي الرستن وتلبيسة بمحافظة حمص وسط البلاد، وتقول إن هدفها هو الإطاحة ببشار الأسد.
وجد حاليا في تركيا 3 ملايين و600 ألف سوري، أصبحوا صداعا محليا لأردوغان. كما تزايد نفوذ الميليشيات الكردية بسوريا، وهو تطور انعكس في 2015 على حدود تركيا عندما أشعل حزب العمال الكردستاني، تمرده على الأراضي التركية. وتتمثل الأولوية الرئيسية لأنقرة في إعادة اللاجئين ودفع الأكراد للوراء، ولتحقيق هذه الغايات، أمضى أردوغان الأشهر الأخيرة يعرض لقاء الأسد لإبرام صفقة لاستعادة العلاقات. لكن الأسد رفض مرارا تلك العروض، وأصر على أن تسحب تركيا جيشها من أراضي سوريا أولا، لاعتقاده الراسخ بأن أردوغان يسعى إلى تثبيت نظام جديد في دمشق من شأنه أن يسمح له بتوسيع نفوذه في العالم العربي.
عندما اندلعت الاحتجاجات في 2011 ضد الأسد لأول مرة، سعى أردوغان إلى التدخل. وسافرت وفود بما في ذلك أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء آنذاك، من أنقرة إلى دمشق، على أمل إقناع الأسد بتعديل رد فعله على الاضطرابات. لكن سرعان ما انهارت العلاقة عندما رفض الأسد قبول تقديم تنازلات لجماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة عالمية لأردوغان وداود أوغلو علاقات وثيقة بها.
وفي مارس 2012 انقطعت العلاقات الدبلوماسية، وبدأ أردوغان بتقديم الدعم الكامل للمعارضة السورية. واتخذ الجناح السياسي من إسطنبول مقرا له، في حين تلقت الجماعات المتمردة الأسلحة والتمويل من وعبر تركيا. وفي السنوات الأولى، جاء الدعم للمعارضة أيضا من دول عدة، منها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا. ولكن مع صعود الجماعات المتطرفة إلى الواجهة، تراجعت معظمها، ولم يتبق سوى تركيا وقطر كداعمين للمعارضة.
وهناك الآن مجموعتان متمردتان رئيسيتان في شمال غربي سوريا، إحداهما هي “هيئة تحرير الشام” والثانية هو “الجيش الوطني السوري” المكون من تحالف جماعات مدعومة مباشرة من تركيا، والتي تركز بشكل أساسي على صد الميليشيات الكردية المسيطرة على منطقة شمال شرقي سوريا، بما في ذلك المناطق على طول الحدود التركية.
وقد أدى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 2019 بين تركيا وروسيا، التي تقدم الدعم العسكري لقوات الأسد، إلى وضع خط لوقف إطلاق النار بين هذه القوات المتمردة وقوات النظام بالشمال الغربي، وهو ذات الخط الذي تم كسره عندما بدأ المتمردون تقدمهم الخاطف قبل أسبوع. وعلى جانب المتمردين، عملت تركيا كضامن عسكري، حيث تحرس قواتها سلسلة من القواعد في المنطقة، وكمقدم للخدمات الاجتماعية بما في ذلك المدارس ومكاتب البريد.
ونفت أنقرة حتى الآن أنها تقف وراء هجوم المتمردين، لكنها اغتنمت الفرصة وسط الفوضى لتكثيف هجماتها على المواقع الكردية. ولكن هناك أيضا دلائل على أنها تضع نفسها لدور أوسع في مستقبل سوريا. وأمس دعا “دولت بهجلي” السياسي القومي المتطرف والقوة الدافعة وراء حكومة أردوغان، بأن يدخل نظام الأسد بحوار مع تركيا، وقال: “الوقت لم يمر بعد. ليس لتركيا نوايا بأرض أي دولة” لكنه أعلن في البيان نفسه أن “حلب تركية ومسلمة حتى النخاع”، وفق تعبيره.
ما جرى من أحداث طوال أسبوع حتى الآن، قد يجبر الأسد أخيرا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا. لكنه لن يفعل شيئا لتهدئة مخاوفه بشأن طموحات أردوغان في سوريا.
رسالة مقتدى الصدر الى الفصائل الموالية لإيران بشأن سوريا