بعد عشر سنوات على ما وصفته العديد من الحكومات ووكالات الأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية، لا تزال منطقة سنجار مدمرة إلى حد كبير الامر الذي محل بحث على منصات السوشيال ميديا خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية 

والمدينة القديمة في سنجار عبارة عن أكوام من الحجارة الرمادية والبنية، كما تحولت أماكن مثل قرية كوجو، حيث قُتل المئات، إلى مدن أشباح متهدمة.

ويزيد من صعوبة العودة محدودية الخدمات وإمدادات الكهرباء والمياه الرديئة وشكوى السكان من التعويضات الحكومية غير الكافية لإعادة الإعمار.

كما ان الوضع الأمني يزيد من تعقيد الأمور إذ بقيت مجموعة من الجماعات المسلحة التي قاتلت لتحرير سنجار في هذه الزاوية الاستراتيجية من العراق وتتمتع بالسلطة الفعلية على الأرض.

ويأتي ذلك رغم اتفاقية سنجار لعام 2020 التي دعت مثل هذه الجماعات إلى المغادرة ولتعيين رئيس بلدية وتشكيل قوة شرطة من السكان المحليين.

ومع استمرار الجمود، تعاني سنجار من غياب أي شكل من أشكال التنمية.

وتتلقى الأسر العائدة مبلغ 3 آلاف دولار تقريبا من الحكومة يُدفع لمرة واحدة.

فيما لا يزال أكثر من 200 ألف أيزيدي في كردستان يعيش العديد منهم في مخيمات متهالكة.

وتسعى الحكومة العراقية إلى تفكيك هذه المخيمات، وتؤكد أن الوقت قد حان لعودة الناس إلى ديارهم.

الا ان ما يزيد من صعوبة العودة محدودية الخدمات وإمدادات الكهرباء والمياه الرديئة وشكوى السكان من التعويضات الحكومية غير الكافية لإعادة الإعمار.

وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأيزيديين، خلف سنجاري، “لا يمكنك إلقاء اللوم على الناس لفقدان الأمل. حجم الضرر والنزوح كبير للغاية وعلى مدار سنين لم يحدث شيء يذكر لمعالجته”.

وأوضح سنجاري، وهو إيزيدي، أن “الحكومة مهتمة حقا بتطوير سنجار”.

وتخطط الحكومة لإنفاق مئات الملايين من الدولارات، بما في ذلك الميزانيات التي لم تنفق منذ عام 2014، على التطوير والبنية التحتية، بما يشمل دفع التعويضات وبناء مستشفيين جديدين وجامعة وربط سنجار بشبكة المياه في البلاد لأول مرة.

وأضاف سنجاري أن “هناك أمل في إعادة الحياة”.

وأكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن الحكومة تواصل العمل على ضمان حقوق كلّ المكونات التي عانت من الإرهاب.

وقال رئيس الوزراء في تدوينة له على منصة (X)، “نستذكر في هذا اليوم، الثالث من آب، ما واجهه أبناء شعبنا الإيزيديون وباقي المكونات من انتهاكات سافرة وممارسات وحشية ارتكبتها عصابات داعش الإرهابية بحقهم”.

وأضاف أنّ “حكومتنا تواصل العمل على ضمان حقوق كلّ المكونات التي عانت من الإرهاب، والمتابعة الحثيثة لتنفيذ القوانين والتشريعات لإنصاف الضحايا، والاستمرار بإعمار مناطقهم من أجل عودة جميع النازحين، وما زالت قواتنا تلاحق فلول الإرهاب حيث لا مهرب لهم”.

فيما أشار رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني إن “الإبادة الجماعية في سنجار والجرائم التي ارتكبها إرهابيو داعش قبل عشر سنوات من الآن بحق أخواتنا وإخواننا الإيزيديين جرحٌ غائرٌ في جسد شعب كوردستان”، مبينا ان “هذه الجرائم ما هي إلا تكرار وامتداد للإبادات والمجازر الجماعية والجرائم التي ارتكبت طوال التاريخ ضد شعب كوردستان، فأخواتنا وإخواننا الإيزيديون ولمجرد كونهم كورداً وبسبب معتقداتهم الدينية رزحوا تحت موجات من الكراهية والوحشية وتعرضوا للإبادة الجماعية على أيدي مجرمي داعش”.

وبين “في الذكرى السنوية العاشرة لهذه الفاجعة، نرسل تحية إجلال لأرواح الشهداء الأبرار وضحايا هذه الجرائم، كما نحيي أرواح البيشمركة البواسل الذين قدموا دماءهم من أجل كسر الحصار على جبل سنجار وتحرير مدينة سنجار ومرّغوا أنوف داعش الإرهابي تحت أقدام أخواتنا وإخواننا الإزيديين وثأروا منتقمين من الإرهابيين حيال ما ارتكبوه من فظائع وجرائم وظلم”.

وتابع “في هذه الذكرى الأليمة، نؤكد دعمنا الكامل لحقوق ومطالب الأخوات والإخوة الإزيديين وأهالي منطقة سنجار بكل ما يُمكن”، مشددا “على ضرورة تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية بهدف تطبيع الأوضاع في سنجار وإنهاء الوضع غير المشروع وغير الطبيعي المفروض على أهالي هذه المنطقة منذ عقد من الزمان”.

واكد على “اهمية وضع حد لقيام الأطراف باستغلال آلام ومعاناة ومآسي سنجار لمآرب سياسية بهدف فرض الذات وتأزيم الأوضاع في سنجار”، مشيرا الى “ضرورة السماح لأخواتنا وإخوتنا الإزيديين بالعودة إلى ديارهم ومناطقهم معزّزين مكرمين ليعيشوا بأمن وسلام”.

كما ذكر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني في بيان ورد لـ السومرية نيوز، “تمر علينا اليوم الذكرى السنوية العاشرة للإبادة الجماعية التي ارتكبها إرهابيو داعش بحق الأخوات والإخوة الإزيديين في سنجار والمناطق المحيطة بها، تلك الجريمة البشعة التي أباد الإرهابيون خلالها الآلاف من أهالي المنطقة، فضلاً عن فقدان وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء”.

وأضاف “رغم مضي عقد من الزمن على اقتراف تلك المجزرة، إلا أن جراح وآلام أخواتنا وإخوتنا الإزيديين لم تندمل بعد، فما زال الكثير منهم مفقودين، كما لم تستتب أوضاع المنطقة إلى الآن، مما حال دون عودة النازحين إلى مساكنهم نتيجة تسلّط الميليشيات والمجاميع المسلحة الخارجة عن القانون في سنجار”.

وتابع “في هذه الذكرى، نحيي ببالغ الاحترام والتقدير تضحيات قوات البيشمركة بقيادة الرئيس بارزاني في تحرير سنجار من براثن الإرهاب”، لافتا الى ان “حكومة إقليم كوردستان تجدد التأكيد على مواصلة جهودها مع الحكومة الاتحادية لإعادة تطبيع الأوضاع المضطربة في سنجار وضواحيها، والسعي لإعادة إعمار المنطقة، والعمل على تأمين عودة طوعية لائقة وكريمة للأخوات والإخوة الإزيديين النازحين إلى ديارهم”.

وشدد “على ضرورة تنفيذ اتفاقية سنجار بحذافيرها كاملة، في سبيل إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، وتسليم مسؤوليات ومهام الحماية والإدارة إلى أهلها الأصليين

الخوف من العودة يسيطر على الإيزيديين في العراق

سنجار
سنجار

يروي المواطن الايزيدي فهد قاسم الذي كان في الحادية عشرة من عمره حينما أسره مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في هجوم على الإيزيديين في منطقة سنجار بشمال العراق في أغسطس آب 2014.

كان الهجوم بداية لما أصبحت حملة ممنهجة لقتل واسترقاق واغتصاب آلاف الإيزيديين، مما أصاب العالم بصدمة وأدى إلى تشريد معظم أفراد هذه الأقلية الدينية البالغ قوامها 550 ألف نسمة. وأُسر الآلاف وقتلوا في الهجوم الأول الذي انطلق مع الساعات الأولى من صباح الثالث من أغسطس آب.

ويُعتقد أن كثيرين آخرين لاقوا حتفهم في الأسر. وفر الناجون إلى سفوح جبل سنجار حيث ظل بعضهم لأسابيع بسبب حصار ضربه تنظيم الدولة الإسلامية.

وكان هجوم التنظيم المتشدد على الإيزيديين، وهم أقلية دينية قديمة تسكن شرق سوريا وشمال غرب العراق وتستمد معتقداتها من الزرادشتية والمانوية واليهودية والمسيحية والإسلام، في إطار جهوده لإقامة دولة الخلافة.

وفي مرحلة ما، سيطر التنظيم على ثلث العراق وسوريا قبل أن تدحره قوات مدعومة من الولايات المتحدة وفصائل تدعمها إيران وينهار في عام 2019.

ويعيش قاسم وهو الآن في الحادية والعشرين من عمره في شقة صغيرة على أطراف مخيم للاجئين في منطقة كردستان العراق بعيدا عن مسقط رأسه.

وتدرب وهو طفل على أن يكون جنديا وخاض معارك ضارية قبل تحريره مع انهيار التنظيم في الباغوز بسوريا عام 2019، لكنه كان قد فقد النصف الأسفل من ساقه في غارة جوية للقوات التي تقودها الولايات المتحدة.

وقال “أنا أُفضل إني أخرج من العراق”، موضحا أنه ينتظر أنباء عن طلب تأشيرة إلى دولة غربية.

وأضاف “بعد التعب إللي شفناه مستحيل نبقى بمكان صار فيه كل هذا إللي شفناه (بعام) 2014”. موضحا أن أولئك الذين يعودون يقولون إنهم يخشون أن يحدث لهم نفس الشيء الذي حدث في عام 2014 مرة أخرى.

ويشارك كثيرون قاسم نفس شعور الإحجام عن العودة. وبعد عشر سنوات على ما وصفته العديد من الحكومات ووكالات الأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية، لا تزال منطقة سنجار مدمرة إلى حد كبير.

والمدينة القديمة في سنجار عبارة عن أكوام من الحجارة الرمادية والبنية، كما تحولت أماكن مثل قرية كوجو، حيث قُتل المئات، إلى مدن أشباح متهدمة.

ويزيد من صعوبة العودة محدودية الخدمات وإمدادات الكهرباء والمياه الرديئة وشكوى السكان من التعويضات الحكومية غير الكافية لإعادة الإعمار.

* صراع على السلطة

يزيد الوضع الأمني ​​من تعقيد الأمور إذ بقيت مجموعة من الجماعات المسلحة التي قاتلت لتحرير سنجار في هذه الزاوية الاستراتيجية من العراق وتتمتع بالسلطة الفعلية على الأرض.

وذلك رغم اتفاقية سنجار لعام 2020 التي دعت مثل هذه الجماعات إلى المغادرة وإلى تعيين رئيس بلدية وتشكيل قوة شرطة من السكان المحليين.

وتشن تركيا ضربات متكررة بطائرات مسيرة على مقاتلين متحالفين مع حزب العمال الكردستاني المحظور. وسقط قتلى من المدنيين في هذه الهجمات مما يعزز الشعور بعدم الأمان.

وتدافع آختين انتقام (25 عاما)، وهي قائدة في وحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني وهي أحد الفصائل المسلحة في المنطقة، عن استمرار وجودهم هناك.

وقالت “نحن نسيطر على هذه المنطقة ونحن مسؤولون عن حماية سنجار من كل الهجمات الخارجية”.

وفي حديثها من غرفة مزينة بصور زملائها الذين قتلوا، وعددهم يزيد عن 150، شككت آختين في اتفاقية سنجار.

وقالت “سنقاتل بكل قوتنا ضد كل من يحاول تنفيذ هذه الخطة. لن تنجح أبدا”.

* جهود حكومية

ومع استمرار الجمود، تعاني سنجار من غياب أي شكل من أشكال التنمية. وتتلقى الأسر العائدة مبلغ ثلاثة آلاف دولار تقريبا من الحكومة يُدفع لمرة واحدة.

فيما لا يزال أكثر من 200 ألف إيزيدي في كردستان يعيش العديد منهم في مخيمات متهالكة. وتسعى الحكومة العراقية إلى تفكيك هذه المخيمات، وتصر على أن الوقت قد حان لعودة الناس إلى ديارهم.

وقال خلف سنجاري مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الإيزيديين “لا يمكنك إلقاء اللوم على الناس لفقدان الأمل. حجم الضرر والنزوح كبير للغاية وعلى مدار سنين لم يحدث شيء يذكر لمعالجته”.

وأوضح سنجاري، وهو إيزيدي، أن الحكومة مهتمة حقا بتطوير سنجار.

وتخطط الحكومة لإنفاق مئات الملايين من الدولارات، بما في ذلك الميزانيات التي لم تنفق منذ عام 2014، على التطوير والبنية التحتية، بما يشمل دفع التعويضات وبناء مستشفيين جديدين وجامعة وربط سنجار بشبكة المياه في البلاد لأول مرة.

وأضاف سنجاري “هناك أمل في إعادة الحياة”.

فإن وجود ما يقدر بنحو 50 ألف مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية وعائلاتهم عبر الحدود في سوريا في مراكز احتجاز ومخيمات يثير المخاوف من أن يعيد التاريخ نفسه.

كما أن مساعي بعض المشرعين العراقيين لإقرار قانون عفو ​​عام يمكن أن يؤدي لإطلاق سراح العديد من السجناء المنتمين لتنظيم الدولة الإسلامية من السجون العراقية يغذي هذه المخاوف.

كما توقفت مساعي الإيزيديين لتحقيق العدالة، إذ أنهت الحكومة هذا العام مهمة للأمم المتحدة سعت إلى المساعدة في تقديم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم دولية، مشيرة إلى عدم وجود تعاون بينها وبين البعثة.

ورغم التحديات، اختار بعض الإيزيديين العودة. فقرر فرهاد بركات علي، وهو ناشط وصحفي إيزيدي نزح بسبب تنظيم الدولة الإسلامية، العودة قبل عدة سنوات.

وقال من منزله في مدينة سنجار في ظل حر خانق ناجم عن انقطاع التيار الكهربائي “لا أشجع الكل على العودة إلى سنجار، ولكنني لا أشجعهم أيضا على البقاء في مخيمات النازحين”.

وأضاف “العيش في مسقط رأسك هو أمر يمكن للناس أن يفخروا به”.

دقيقة صمت في شوارع السليمانية

السليمانية
السليمانية

تخليدا لذكرى شهداء وضحايا الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأيزيديون في محافظة نينوى، أعلنت مديرية مرور محافظة السليمانية توقف العجلات في شوارع المدينة في دقيقة صمت على أرواحهم.

السليمانية
السليمانية

داعش الارهابي يعلن اسر ومقتل بيشمركة في سنجار وينشر صورهم في كوكل الامريكي

 

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد