في 10 أيار/مايو، أي قبل 8 أيام من الان، نشرت شبكة البي بي سي البريطانية تحقيقا عن “العقرب” احد ابرز واخطر مهربي البشر نحو أوروبا، حيث نشرت الشبكة تحقيقها بعد مقابلة معه، عقب ان توصلت اليه في شمال العراق، بالرغم من ان أجهزة الامن باوروبا تبحث عنه منذ 2016.
كانت صحيفة العراق ، أول وسيلة اعلام محلية تقوم بترجمة التحقيق، حيث نشرت السومرية التحقيق مترجمًا بعنوان ” البحث عن العقرب.. الصحافة البريطانية تتوصل لأحد أكبر المطلوبين العالميين “مختبئًا” بالعراق”، وذلك بعد أقل من ساعة من نشر التحقيق على بي بي سي، وبعد يومين فقط، أعلنت أجهزة الامن في كردستان اعتقال العقرب، الذي بقي لفترة طويلة عصيًا على أوروبا.
وفي سياق المقال ، نشر الصحفي سو ميتشل الذي لاحق العقرب وتوصل اليه في العراق، يرافقه جندي سابق يعمل مع اللاجئين يدعى وفقاً لروب لوري، نشر مقالا للإجابة عن: “لماذا استطاعت بي بي سي التوصل للعقرب ولم تستطع سلطات أوروبا ذلك؟”، وهو سؤال ملح راود الصحفيين العراقيين أيضا بشكل مُلح.
ويقول ميتشل في مقاله الذي ترجمته خولة الموسوي ، انه لسنوات، يُعتقد أن مهربًا للبشر يُعرف باسم العقرب كان يسيطر على التجارة عبر القناة الإنجليزية، ومع ذلك ظل رجلاً حراً، ولم تتمكن محكمة بلجيكية من تعقبه، وأدانته غيابياً بـ 121 تهمة تتعلق بتهريب البشر.
وأضاف: “وجدته يعيش علنًا في كردستان العراق، حيث اعترف لنا بأنه قام بنقل آلاف المهاجرين بشكل غير قانوني عبر القناة”.
وتابع: “اعتقلت الشرطة المحلية برزان مجيد – اسمه الحقيقي – بعد أيام من إصدار البودكاست الخاص بنا، بعد انتشار الخبر، كان السؤال الذي طرح عليّ مرارًا وتكرارًا هو: لماذا كان من السهل عليّ العثور عليه، ولكن من الصعب جدًا على الشرطة؟”.
وأجاب: أن “قوات الشرطة في مختلف البلدان تكافح من أجل التعاون، لكن اعتقال مجيد أثار الآمال في إمكانية المزيد من التعاون – إلى جانب المزيد من الاعتقالات، كان مجيد موضوع تحقيق مشترك بين المملكة المتحدة وبلجيكا قبل محاكمته غيابياً، وأخبرني مصدر رفيع المستوى في الحكومة الكردية أن الشرطة البريطانية قد دُعيت إلى العراق لاستجوابه، وقد أعطى المحققون الأوروبيون المسؤولين العراقيين أسماء مهربين آخرين رفيعي المستوى أدينوا غيابيا، كما تقول آن لوكوياك، المدعية العامة البلجيكية التي ساعدت في تجميع القضية ضد مجيد”.
وقد أحدث الاعتقال صدمة في عالم التهريب، وفقاً لروب لوري، وهو جندي سابق يعمل مع اللاجئين وشارك في تقديم تحقيق بي بي سي، وفي رسائل الواتساب، أخبر أحد المهربين لوري أنه كان يعتبر نفسه لا يمكن المساس به حتى اعتقال مجيد.
وقال الشخص الذي هرب العقرب : “إن ذلك يجعلنا متوترين لسبب بسيط وهو أننا نشعر بالأمان هنا في شمال العراق”. “لم توقفنا الشرطة من قبل، ولم يتم القبض على أحد هنا لهذا السبب. كلنا نعرف أنه تم اعتقال برزان، والجميع يتحدثون عن ذلك”.
ويكمل الصحفي: “أخبرني رجال الشرطة والمدعون العامون، الذين شكروا بي بي سي على تأمين اعتقال مجيد، أنهم ببساطة ليس لديهم القدرة على التحقيق بنفس الطريقة التي يستطيع بها الصحفيون، وقالت لوكوياك: “بالنسبة للصحفيين، من الأسهل تعقبه لأنه لا يوجد إجراء رسمي يتعين عليهم اتباعه”. “(صحفيو بي بي سي) ينتقلون من مصدر إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر، بطريقة لا تستطيع الشرطة والمدعون العامون القيام بها”.
ووافق المتحدث باسم الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في المملكة المتحدة (NCA) على ذلك. “نحن وكالة حكومية لإنفاذ القانون، وهناك إجراءات قانونية يتعين علينا الالتزام بها، ولا تلتزم بها وسائل الإعلام، وكان مجيد في مكان ليس لدينا سلطة قضائية فيه”.
من هو أكبر مهربي البشر في أوروبا؟
فيما تكثف العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا تحركاتها من أجل الحد من تدفق المهاجرين، طفا على السطح مجددا “العقرب” الذي يعتبر المطلوب الأول في أوروبا بتهمة تهريب المهاجرين.
فبعد رحلة بحث استغرقت أشهرا تمكن عدد من الصحافيين من الوصول إلى هوية هذا “العقرب” واسمه الحقيقي برزان مجيد.
فبرزان شاب كردي عراقي كان يعيش في بريطانيا سابقا، قبل ترحيله عام 2015 ، ليعود ويقيم حتى يومنا هذا في السليمانية بكردستان العراق.
وذلك بعد رحلة بحث نفذها صحافيون من شبكة “بي بي سي” البريطانية، بدأوها بعد أن تحدثوا عن محنة مهاجري القوارب الصغيرة الذين يحاولون عبور قناة المانش. إذ و فقد كشفت تقارير حديثة أن برزان الموجود في كردستان يبدو عليه الثراء،
وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة والإجراءات الصارمة التي تفرضها السلطات الأمنية في الدول الأوروبية والشرق أوسطية للحدّ من تدفّق المهاجرين غير الشرعيين والعبور بشتى الطرق باتجاه أوروبا، فإن برزان نفذ ومازال ينفذ عملياته التي بدأها منذ عام 2016، حيث ساهم في تهريب الآلاف من البشر.
تهريب الآلاف
وفي مقابلة مقتضة جدا مع “بي بي سي”، كشف برزان الذي “بدا كأنه لاعب غولف ثري بملابسه الأنيقة، وأظافره المقلمة عدد مَنْ هربهم.
وقال عندما سئل عن عدد المهاجرين الذين هربهم إلى بريطانيا : “ربما ألف، وربما 10000 (…) لا أعرف، لم أحصهم”.
كما شدد على أنهم توسلوا إليه لنقلهم إلى أوروبا، نافياً أن يكون زعيم عصابة.
بل اعتبر نفسه مجرد “رجل يسعى لكسب المال”.
ورث التهريب من شقيقه
في تفاصيل المقال فقد ، بدأت قصة مجيد وعصابته الذين سيطروا على جزء كبير من تجارة تهريب البشر، حين كانوا يشحنون المهاجرين إلى المملكة المتحدة من أوروبا بالقوارب والشاحنات.
فخلال فحص الشرطة الهواتف المحمولة للمهاجرين الذين يعتقلونهم، استمر ظهور الاسم نفسه “العقرب”، منذ عام 2016، وفق صحيفة “تليغراف” البريطانية.
ليدرك الضباط في النهاية أن “العقرب” لم يكن سوى مجيد الشاب الكردي العراقي، الذي دخل المملكة المتحدة بشكل غير قانوني في شاحنة عام 2006 ثم رحل إلى العراق في 2015 بعد أن قضى عقوبات بالسجن بتهم تتعلق بالمخدرات والأسلحة.
بعد ذلك بوقت قصير، ورث “مصلحة” تهريب البشر التي كان يقوم بها شقيقه الأكبر الذي سُجن في بلجيكا.
وفي وقت لاحق، تمت إدانة 26 عضواً من العصابة في محاكم المملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا بعد عملية للشرطة استمرت عامين، لكن مجيد أفلت من القبض عليه.
مطلوب غيابياً
كما دانته محكمة بلجيكية غيابياً بـ 121 تهمة، تتعلق بتهريب أشخاص. وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها 834 ألف جنيه إسترليني في أكتوبر 2022.
وقالت آن لوكوياك، المدعية العامة في بلجيكا، إنها تأمل أن يتم تسليمه ذات يوم، وأضافت: “من المهم بالنسبة لنا أن نرسل إشارة تفيد بالقول أنك لا تستطيع أن تفعل ما تريد. سوف نقوم بإسقاطه في النهاية”.
يذكر أن أكثر من 70 مهاجراً لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور قناة المانش منذ عام 2018. وفي الشهر الماضي، توفي خمسة أشخاص، من بينهم فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات، قبالة سواحل فرنسا.
وحاول ما يقرب من 30 ألف شخص العبور في عام 2023، ويدفع كل منهم عادةً 6000 جنيه إسترليني لمحاولة الرحلة المحفوفة بالمخاطر.
ويُتهم الأشخاص الذين تم القبض عليهم بتشكيل عصابة لتهريب البشر والتهريب التجاري للأجانب، وفق ما أفاد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI في تقريرٍ سابق.
وألقت السلطات الألمانية في الرابع من يونيو/حزيران الماضي، القبض على 5 زعماء مفترضين لما يعرف بشبكات التهريب الدولية، التي تقوم باستغلال لاجئين وإدخالهم بطرق غير شرعية إلى أوروبا، إذ قامت تلك الشبكات بتهريب نحو 10 آلاف شخص أغلبهم سوريون وأفغان وباكستانيون، ووصل منهم قرابة ألفي شخص إلى ألمانيا بعد أن دفع كل واحد منهم مبلغ 10 آلاف يورو، وهو ما يعني أن شبكات التهريب جمعت مبلغ 20 مليون يورو من هذه الدفعة فقط من اللاجئين.
أعتقال جندي البحرية السابق روبرت جيه أونيل الذي قتل بن لادن