تخطى إلى المحتوى

كيف أصبحت منصات التواصل طريقا للسجن ؟

فيسبوك

قادت الرغبة في الشهرة وتحقيق الأرباح من منصات التواصل الاجتماعي إلى جرائم وصلت لحد القتل، بينما أكد متخصصان لموقع “سكاي نيوز عربية” أن السبب فقر الإبداع ومحاولة تحقيق البطولات المفقودة في الواقع، وأن مواجهة هذه الظاهرة نتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات المجتمع.

في باكستان، تبحث الشرطة حاليا عن فتاة أطلقت النار على شقيقتها وقتلتها على الفور، خلال تشاجرهما أثناء تصوير مقطع فيديو على منصة “تيك توك”.

وخلال السنوات الماضية، ألقي القبض على العديد من الأشخاص بسبب ظهورهم في مشاهد أو قيامهم بأفعال على منصات التواصل الاجتماعي يصنفها القانون على أنها جرائم، ولا يزال الكثير منهم يقضي عقوبة السجن.

زوال الفوارق

أستاذة علم الاجتماع  هدى زكريا، قالت إن “الأزمة بدأت أولا بأن الفوارق بين العام والخاص ذابت على منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت أسرار المنازل متاحة ومفضوحة على البث المباشر من أجل التربح المادي”.

وتابعت: “المسألة امتدت لذوبان الفروق بين الفعل الطبيعي والفعل الذي يصنف كجريمة، لذلك نجد الكثيرين يأتون بأفعال على أنها طبيعية ويصورونها وينشرونها على منصات التواصل، ثم يفاجأون بأنها جرائم تصل بهم للسجن”.

 وأكدت أن “هناك عاملا مهما أيضا، هو أن كل من يفتقد البطولة في حياته الطبيعية يسعى لتحقيقها على منصات التواصل، كأن يلجأ لإشهار السلاح أو أي أفعال مجرّمة أخرى”.

ونوهت زكريا إلى أن “كل ذلك يمثل إنذارا بخطورة كبيرة على المجتمع ويجب الاستعداد له في الأسرة والمدرسة والإعلام وشتى الوسائل، عبر خلق مساحات ثقافية واجتماعية وتربوية تشغل حيزا كبيرا من حياة الشباب والمراهقين خصوصا، حتى لا يتم تركهم فريسة لمنصات التواصل وما يحدث فيها”.

وأشارت إلى أن ضرورة تشديد العقوبات على الجرائم التي ترتكب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ “يمثل ذلك سلاحا رادعا أيضا لمواجهة هذه الظاهرة المهددة للمجتمع”.

شهرة مزيفة

وقال خبير الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي محمد فتحي ، إن التزييف واختلاق القصص والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي يعد نشاطا غير قانوني وغير أخلاقي.

وأكد فتحي أن “التزييف يشمل إنشاء حسابات وهويات وهمية أو نشر معلومات زائفة بهدف إيهام الآخرين، أو تحقيق انتشار واسع وما يتبعه من أرباح مادية أو ما يعرف بـ(ركوب التريند). هذا عمل غير أخلاقي وغير قانوني، مما قد يتسبب عنه أضرار جسيمة للأفراد والمجتمع بشكل عام”.

وتابع: “لمواجهة ارتفاع نسق وموجة التضليل على منصات التواصل الاجتماعي، عملت عدة دول على إنشاء قوانين خاصة لمواجهة جرائم الإنترنت أو التي استخدمت فيها منصات التواصل الاجتماعي مسرحا للجريمة، كنشر معلومات مضللة أو اختلاق أكاذيب أو الابتزاز والتحرش أو تعمد نشر أخبار كاذبة عن جهات بعينها أو أفراد، وخلافه”.

وأوضح أن “الجرائم المختلفة مثل القتل يتم التعامل معها بنفس التشريعات والقوانين الجنائية، وهو ما دفع دول إلى إنشاء أجهزة رقابية خاصة لمتابعة منصات التواصل الاجتماعي والمنشورات التي تعتبر بلاغات ضد جرائم. وفي أغلب الأحيان كانت وسائل التواصل أداة مهمة للكشف عن عدد من الجرائم”.

سبل المواجهة

واستطرد فتحي مؤكدا: “من جهة أخرى تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورا مهما في مواجهة المعلومات المضللة والأكاذيب، من خلال وضع سياسات صارمة لمنع نشر المعلومات المغلوطة على المنصة، بالإضافة إلى تحديث السياسات بشكل دوري لمواكبة الأمور الطارئة مثل الجرائم التي تتم في البث المباشر، مع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للكشف عن نماذج التضليل والأكاذيب، وتحسين الخوارزميات للتعرف على المحتوى الكاذب وتقييم جودة المعلومات”.

فتحي قال إن “من وسائل مواجهة المحتوى الزائف أيضا التعاون مع الخبراء ومنظمات الفحص الصحفي والخبراء لتحليل المعلومات والتحقق من صحتها، مع تشجيع المستخدمين على الاستفسار عن مصدر المعلومات والتحقق منها قبل مشاركتها، وإصدار تحذيرات وإشعارات للمستخدمين حيال المحتوى المشكوك فيه أو الذي يمكن أن يكون غير دقيق، مع العمل على توفير معلومات إضافية حول السياق والمصداقية للحد من انتشار المعلومات الكاذبة”.

وشدد على “ضرورة التعاون مع الحكومات ووسائل الإعلام والمجتمع الأكاديمي لمواجهة التحديات المتعلقة بالمعلومات الكاذبة أو التي تمثل جرائم، وتبادل المعلومات والخبرات لتعزيز استدامة جهود مكافحة المعلومات الكاذبة، ويجب أن يكون التركيز على الحفاظ على حقوق حرية التعبير وتجنب الرقابة المفرطة، مع موازنة ذلك مع الحاجة إلى حماية المستخدمين من المعلومات الخاطئة”.

وختم بالقول إن “نهم المستخدمين في تحقيق المشاهدات والتكسب من الأرباح ناتج عن فقر المحتوى والإبداع، إلا أن حالة أو عشرات الحالات لا يمكن اعتبارها ظاهرة، خاصة أن حوالي نصف سكان الكوكب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وما يقارب من 70 بالمئة من البالغين يستخدمون على الأقل منصة واحدة”.

كيف تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على استقرار الأسرة العربية؟

أكثر من 5 مليارات شخص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي
أكثر من 5 مليارات شخص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي

 

تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دوراً مهمّاً في طبيعة الحياة البشرية في العصر الحالي، حيث أصبح بإمكان مُستخدِميها التفاعُل بشكلٍ لا حدود له مع غيرهم من المُستخدِمين، ونشر أيّ نوعٍ من المعلومات، أو الأفكار، أو الصور عبرها، لذلك فهي تؤثّر بشكلٍ كبير على طبيعة العلاقات الاجتماعية وخاصةً الأسرية لمستخدميها.

وتؤثر مواقع التواصل على علاقات الفرد بأسرته لا سيما عند استخدامها بشكل مفرط أو غير صحيح، وقد أظهر تقرير لمؤشر الفتوى العالمي التابع لدار الإفتاء المصرية وهيئات الإفتاء فى العالم، في إطار تحليله لنحو (1200) فتوى رسمية وغير رسمية متعلقة بالطلاق فى العالم العربي خلال عام 2022، أن تساؤلات المستفتين والإجابة عنها أظهرت أن أسباب الطلاق تمحورت حول عوامل ثلاثة:

الأول: هو العامل الاقتصادي بنسبة (43 بالمئة).

الثاني: كان اجتماعيًّا وأُسريًّا، وجاء بنسبة (37 بالمئة).

العامل الثالث: جاء بنسبة (20 بالمئة)، وكان خاصًّا بالوسائل التكنولوجية، وما يترتب عليها من إدمان الإنترنت من جانب أحد الزوجين أو كليهما؛ ما يؤدي للعزلة الأسرية وقد ينتهي الأمر بالطلاق.
إيمان شاهين، حاصلة على دكتوراة في إدارة المنزل ومؤسسات الأسرة والطفولة والتي أسست مبادرة ضد إدمان التواصل الاجتماعي أوضحت المظاهر التي تترتب على الاستخدام السيء لمواقع التواصل الاجتماعي من الناحية الأسرية:

• فقدان شعور أفراد الأسرة الواحدة بالأمان الأسري الذي يُعتبر مهمّاً لأيّ فردٍ فيها.

• إدمان التواصل الاجتماعي يؤدي لانشغال أفراد الأسرة كل بهاتفه، ما يتسبب في عدم تواصل أفراد الأسرة بالطريقة الصحيحة، الأمر الذي يحدُّ من امتلاكهم لمهارات التواصل وتكوين العلاقات الشخصية، وينعكس سلبا على تلاحم أفراد الأسرة وتفاعلهم مع بعضهم.

• مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في حدوث الخلافات والمشكلات العائلية والزوجية بشكلٍ خاص في بعض الأحيان؛ نتيجةً لما يحدث من مُقارنات بين الحياة الأسرية لأحد أفراد الأسرة وما يراه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يؤدّي بدوره إلى مشاعر الاستياء والإحباط.

• تقليد الأطفال لذويهم في استخدام تلك المواقع بشكل كبير، وهو ما قد يجعلهم عرضةً لخطر التعرّض للآثار السلبية لتلك المواقع مُستقبلاً.

• شعور الأطفال بقلة دعم آبائهم لهم وذلك نتيجة قيام الآباء باستخدام تلك المواقع بشكل كبير يؤثّر على التواصل مع أطفالهم إمكانية وصول الأطفال أو المُراهقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى محتوى لا يُناسب أعمارهم.

• احتمالية تعرّض المراهقين أو الأطفال إلى عمليات التنمّر الإلكتروني عبر تلك المواقع؛ وحدوث حالات القلق والاكتئاب عند الأطفال والمراهقين.

• لكن الأمر لا يرتبط بالجانب المظلم فقط فأحيانا يمكن أن تساهم وسائل التواصل الاجتماعي من جوانب أخرى في تماسك الأسرة حال استخدامها بشكل منضبط ما يترتب عليه:

• جمع شمل الأسرة، حيث يُمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع أفراد الأسرة البعيدين عن بعضهم البعض ممّا يُقوّي العلاقات الأسرية بينهم.

• تشكيل مصدر لأفكار وأنشطة عائلية تُعزّز التواصل بين أفراد الأسرة وتقوّي علاقاتهم ببعضهم البعض.

• مُشاركة اللحظات العائلية الجميلة والذكريات السعيدة، فضلاً عن إمكانية مُشاركة مواقع الأماكن التي تُهمّ أفراد الأسرة جميعهم؛ كأماكن التنزّه، أو المطاعم، أو غيرها.

• مساعدة الأطفال على تعلّم أشياء جديدة، بالإضافة إلى تسهيل تبادل الأفكار بينهم وصقل مهاراتهم.

• منح الأطفال حرية التعبير عن الرأي، حيث تُشجّعهم مواقع التواصل الاجتماعي على إبداء آرائهم في بعض المواضيع.

• مساعدة الأطفال على التواصل بين أفراد الأسرة الممتدة وأصدقائهم.

• تطوير الخبرة التقنية لدى الأطفال وقدرتهم على فهم التكنولوجيا والتعامل معها.

وتوصي إيمان شاهين المتخصصة في إدارة المنزل بتقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد وقت مناسب لها في اليوم؛ فضلا عن مشاركة الأبناء في تحديد المحتويات التي تتم مشاهدتها حتى يتمكنوا من الاستفادة منها، والبعد قدر الإمكان عن سلبيات السوشيال ميديا.

مواقع التواصل الاجتماعي أزمة الجيل

ما سر حذف أو حجب منشورات غزة من منصات التواصل؟
ما سر حذف أو حجب منشورات غزة من منصات التواصل؟

لم يعد الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي مجرد تحذير، بل بات حقيقة يعاني منه الكثر حول العالم، رغم عدم تصنيفه كذلك.

ولا يوجد حاليا تشخيص رسمي، تحت مسمى، الإدمان الإلكتروني، لكن تحوم أسئلة كثيرة، حول التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وما تفرزه من ارتدادات نفسية، تحدث اضطرابا للصحة العقلية.

ويسبب هذا الإدمان مشاكل عدة واضطرابات نفسية باتت لها طرق لعلاجها وتفاديها.

أبرز المخاطر التي يؤدي لها الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

تعطيل الوظائف اليومية
التنبيهات والإشعارات
اضطرابات النوم
ضعف التغذية
يتفق الخبراء على أن قضاء زمن طويل أمام الشاشات، يعطل الوظائف اليومية، حيث تؤثر خاصية التنبيهات والإشعارات المستمرة، على معدلات النوم والتغذية السليمة والتواصل مع الآخرين.

أضرار إلكترونية
تشتيت الانتباه
التعرض للتنمر
نشر الشائعات

يسفر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عن العديد من الأضرار، أهمها تشتيت الانتباه والتنمر ونشر الشائعات ووجهات النظر غير الواقعية عن حياة الآخرين.

  • الاكتئاب والقلق
  • ساعات طويلة

لاحظت دراسات وجود روابط، بين زمن استخدام الوسائط الاجتماعية، والاضطرابات النفسية، بمعنى أنه كلما طال زمانها، زادت أعراض الاكتئاب والقلق، إضافة إلى مشكلات صحية عقلية أخرى.

  • تداول صور مشاهير
  • السخط والجحود

إن الذين يتداولون أو يتفاعلون أو يشاهدون صور الآخرين، تتولد لديهم أحيانا مشاعر ساخطة على الواقع الذي يعيشونه، وينتج عنها انخفاض في مستويات الرضا عن نمط الحياة.

  • الجرائم الإلكترونية
  • انتحال شخصيات
  • الابتزاز الإلكتروني

يقوم بعض الأشخاص بإنشاء حسابات وهمية أو مستعارة، وقد يقع البعض ضحية للاستدراج، بسبب غياب الوعي، ثم ينتهي الأمر بالابتزاز المالي، وما له من تداعيات.

  • اختراق الخصوصية

بسبب مشاركة الكثير من المعلومات الاجتماعية والشخصية، مثل الموقع الجغرافي، وغيرها، يسهل الوصول لأي مستخدم، ومعرفة مكانه، وتصبح بعد نشرها في متناول هذه الوسائل.

  • منصات الموت
  • انتحار عبر البث المباشر

انتشرت حوادث الانتحار التي بثها أصحابها مباشرة ومنها انتحار الممثل الأميركي الشاب، جاي بودي، بعد أيام من اتهامه بالاعتداء الجنسي، وأظهر البث الشاب وهو يقول “سأنتحر الآن”.

يوجه الخبراء العديد من النصائح التي يمكن أن يسترشد بها المستخدم لضبط استخدامه للوسائط المختلفة، أهمها إيقاف تشغيل الإشعارات الواردة وإيجاد اهتمامات جديدة.

وقال الخبير في تكنولوجيا المعلومات والبرمجة، عمر سامي، لسكاي نيوز عربية: “صناعة التواصل الاجتماعي مصممة حتى نبقي المستخدم باقيا لأطول فترة ممكنة، وليس هدف المنصات جعل حياة الناس أكثر سعادة، وهذه هي الحقيقة للأسف، وهي نجحت بذلك”.

وأضاف سامي: “منصات التواصل الاجتماعي أصبحت في مرمى النيران، وخاصة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لمحاربة الأخبار المضللة والمحتوى المسيء، لكنه لا يتم تخصيص ميزانية كافية لمحاربة المحتوى المضر”.

“موضوع اللهفة للحصول على إعجابات والتفاعل يشكل نوعا من الإدمان لمتابعة شاشة الهاتف والبقاء على المنصات لفترات طويلة، وسيطرت على تفكير العديد من المستخدمين”.

 

 “تعديلات هامة” على فيسبوك وماسنجر للحماية من الهكر

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد