يمارس الفنزويليون من أصول عربية والمغتربون القادمون من دول إسلامية، العديد من طقوس شهر رمضان الاجتماعية والدينية في المساجد وببيوتهم.

وتعتبر دولة فنزويلا مع البرازيل مركز ثقل كبير للمغتربين العرب والمسلمين وللفنزويليين من أصل عربي.

تقع فنزويلا جغرافيا في الشمال الشرقي من قارة أمريكا الجنوبية، وتبلغ مساحتها 912 ألف كيلومتر مربع، ويحدها شمالاً البحر الكاريبي وغربًا كولومبيا وجنوبًا البرازيل وشرقًا غيانا، وكانت فنزويلا من أفقر جمهوريات جنوب أمريكا إلى أن أكتشف فيها البترول فأصبحت صادراتها من البترول من أعلى الصادرات في العالم، 

ومن هذا المنطلق اذ يتفاوت عدد ساعات الصيام في شهر رمضان من بلد لآخر تبعا لساعات اليوم، وللموقع الجغرافي لكل منها على الكرة الأرضية. وتسجل أقصر مدة صيام في اليوم الواحد في الأرجنتين، حيث لا تتجاوز التسع ساعات، فيما تتجاوز في إيسلندا والدنمارك والنرويج 21 ساعة.

 

الاسلام في فنزويلا .

مسلمو فنزويلا
مسلمو فنزويلا

مدينة كراكاس عاصمة فنزويلا، يبلغ عدد سكانها المسلمين حوالي 15,000 نسمة. يقع فيها ثاني أكبر مسجد في أمريكا اللاتينية وهو مسجد الشيخ إبراهيم الإبراهيم وقد تمّ تمويله من قبل الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز كما ويتسع المسجد لـِ3,500 مُصلِّي، تمّ الانتهاء من تشييده عام 1993م.

ووفق تقديرات، فهناك حوالي 800 ألف فنزويلي من أصول عربية، معظمهم من لبنان وسوريا وفلسطين.

وعن الأجواء في شهر رمضان، قال رئيس التجمع الإسلامي في جزيرة مرغريتا التي تشكل إحدى أكبر التجمعات العربية والإسلامية، قاسم طجين، في تصريحات خاصة اليوم الخميس”، إن الشهر الفضيل يشهد أجواء مميزة، ويتم إحياء الليالي الرمضانية على نحو جيد.

وفي ذات السياق ، قال ، مصطفى السعيد  الباحث الفنزويلي من أصول فلسطينية المقيم في العاصمة كراكاس في تصريحات خاصة عن مسلمو فنزويلا قال انه “ليس سهلا أن تؤدي فريضة الصيام في هذه البلاد، وذلك نظرا لاختلاف العادات والتقاليد”.

وأضاف السعيد: “قلة من أهل هذه البلاد يدركون معنى الصيام، لكن الجيد أنهم يقدرون الأمر ويحترمونه كثيرا، ويبدون اهتماما به وفضولا لمعرفة المزيد.”

وتابع قائلا: “يستغرب الفنزويليون كيف نتحمل الجوع والعطش طيلة يوم كامل”.

 

مساجد فنزويلا في رمضان.

هذا وقد تعج مساجد فنزويلا بالعرب والمسلمين في شهر رمضان، ويرتاد معظمهم أكبر مساجد العاصمة كراكاس.وأشار رجل اعمال لبناني يدعى عبيدة والذي كان يقيم في فنزويلا إلى أن قاعات المساجد تتحول لمناطق إفطار جماعي، ويتم توزيع المساعدات على الأسر المحتاجة، ويتم إحياء ليلة القدر، وتستمر المآدب والسحور حتى أذان الفجر.

وفيما يتعلق بالأجواء الاجتماعية في رمضان، قالت نادين الأطرش وهي من سكان العاصمة كراكاس لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نصوم 13 ساعة ونصف في هذا العام. شهر رمضان له طقوسه الاجتماعية عندنا كتوجيه الدعوات على موائد الإفطار”.

وبحسب الأطرش يتم تزيين البيوت في فنزويلا خلال رمضان بالزينة، وتتبادل الزيارات بين أفراد الجالية اللبنانية والعربية، كما يتم الاجتماع أيضا لإحياء ليلة القدر.

ويعتبر الشاب السوري عمران الذي وصل البلاد قبل عقد من الزمن، رمضان في فنزويلا، مشابها من حيث أجوائه مع تلك الموجودة في دول عربية وإسلامية، موضحا أن “اللقاء في المسجد هو فرصة للتعارف ولتبادل الأحاديث بين المغتربين من الدول العربية والإسلامية”.

أجواء رمضان في فنزويلا . 

وعن الأجواء الاجتماعية في رمضان ، قالت نادين الأطرش ، من سكان العاصمة كاراكاس ،من خلال منصات التواصل الاجتماعي : “صيامُنا 13 ساعة ونصف هذا العام ، وشهر رمضان له طقوسه الاجتماعية كإصدار الدعوات. على موائد الإفطار “.

أجواء رمضان في فنزويلا .
أجواء رمضان في فنزويلا .

الشاب عمران السوري الذي وصل إلى البلاد قبل عقد من الزمن ، يعتبر رمضان في فنزويلا من حيث بيئته شبيهاً ببيئته في الدول العربية والإسلامية ، ويوضح أن “اللقاء في المسجد فرصة للقاء وتبادل الأحاديث بين المغتربين. الدول العربية والإسلامية “.

كم ساعة تصومون في فنزويلا ؟

عندما تكون في بلد “غريب”، بمعنى أنه في الغربة وليس من البلدان التي ينتشر فيها المغتربون بكثرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، فإن الناس تسألك كثيراً عن أجواء رمضان وأوقات الصيام وما إلى ذلك
رمضان 2023
رمضان 2023
 
الصيام في فنزويلا يبدأ مع طلوع الفجر في الساعة الرابعة والنصف، وينتهي قبيل الساعة السادسة والنصف، أي ١٤ ساعة تقريباً. لكن الصراحة أن الصيام هنا لا يقارن إطلاقاً بالصيام في البلدان العربية، لا من ناحية الطقس – خاصة في موسم الصيف – ولا من نواح أخرى
 

الجو هنا لطيف للغاية. درجة الحرارة تصل العشرينات، ليس فقط الآن، وإنما طوال العام. أحياناً تسطع الشمس وأحياناً يسود الغيم وأحياناً يأتي المطر. وفي كل الأحوال فإن الإنسان لا يشعر بالعطش أو الإرهاق من الطقس. لا توجد لا رطوبة عالية ولا جفاف. وهنا أتحدث عن العاصمة كاراكاس. في مناطق أخرى في فنزويلا هناك مناخ مختلف يتراوح من الحر الشديد الشبيه بحر الخليج، والبرد الشديد في أعالي الجبال الشبيه ببرد أوروبا الشمالية

5 ساعات للصيام فقط في فنزويلا . 

كثيرون يظنون أن فنزويلا تحت خط الاستواء. وهو اعتقاد خاطئ. فنزويلا فوق

خط الاستواء وبالتالي فهي حالياً في فصل الصيف (ذي الأمطار الموسمية) بعكس الأرجنتين حيث فصل الشتاء البارد، وهي التي يستشهد بها كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي كـ “جنة الصائم” لأن ساعات الصيام فيها قليلة جداً

الناس تبادلت هذا الرسم البياني عبر الانترنت، لا أعرف من أعده ولم أنظر في دقته بالنسبة للبلدان الأخرى لكنه غير صحيح بالنسبة للأرجنتين. فالصيام في الأرجنتين يمتد من الساعة السادسة والنصف صباحاً تقريباً إلى الساعة السادسة مساءً تقريباً. أي أقل من ١٢ ساعة. وهو وقت أقصر من باقي الدول، لكنها ليست ٥ أو ٦ ساعات كما يدعي البعض

الصوم في فنزويلا
الصوم في فنزويلا

والأرجنتين تبعد عن فنزويلا مسافات شاسعة. كثيرون ينظرون إلى أمريكا الجنوبية على أساس أنها منطقة تتقارب فيها المسافات. فيظنون أن كوني في فنزويلا لا يفرق عن كوني في الأرجنتين مثلاً، على الأقل من ناحية ساعات الصيام. لكن الرحلة بالطائرة – إن كانت مباشرة – بين كاراكاس، عاصمة فنزويلا، وبوينوس أيريس، عاصمة الأرجنتين، تدوم حوالي سبع ساعات، جنوباً. أي نفس طول الرحلة من دبي إلى باريس مثلاً

مجتمع فنزويلا يعشق الملذات .

الصعب في الصيام هنا هو أن المجتمع لديه عادات وطباع بعيدة كل البعد عن فكر رمضان والفكر الإسلامي بشكل عام. فإضافة إلى أن الجميع يتناول الطعام والشراب بأنواعه أمامك طوال النهار، يمكن أن تكون في سيارتك مثلاً ويصادفك إعلان كبير في الشارع عليه نساء شبه عاريات بالكامل، ورجال أيضاً. حصلت معي أمس. كان الإعلان عن مسرحية. وفي كل مكان ترى نساء يرتدين من الملابس القليل جداً ويبرزن المفاتن بشكل فاضح. وقد يصادفك في الطريق عشيقان يقبلان بعضهما البعض بشهوانية. وطبعاً الناس تدعوك إلى العشاء أو إلى حفل استقبال أو حفل من أي نوع كان فتقدم لك مشروبات كحولية ولحم الخنزير، ولا يفهم سوى قليلين ما هذا الصيام الذي تشير إليه. لكن الجميل هو أنهم حين يفهمون يقدرون الأمر ويحترمونه كثيراً، ويبدون اهتماماً به وفضولاً كبيراً لمعرفة المزيد. لكنهم لا يستوعبون جانب التعري والملابس الفاضحة مثلاً. وعلى أية حال هم يرون المسلمين الصائمين ككائنات خارقة لا يفهمون كيف تتحمل الجوع والعطش، ناهيك عن أشياء أخرى قد يصعب عليهم ثقافياً فهم معنى الامتناع عنها

رمضان 2023
رمضان 2023

ليلة السبت كانت هناك حفلة عيد ميلاد في الجوار. حفلات عيد الميلاد هنا تشبه الأعراس عندنا لأنها حفلات ضخمة يدعى إليها عدد كبير من الأشخاص، خاصة عندما يكون المحتفى به طفلاً. فيتم تجهيز صالة بكافة أنواع الترفيه والتسلية للكبار والصغار من موسيقى قد تكون حية ومهرجين وعروض ومسابقات وألعاب وأكل وشرب تكلف مبالغ باهظة طبعاً لكن الناس هنا تحب الحياة وتحب المتعة وتصرف كل ما لديها من أجل ليلة سعادة، على مبدأ: والله بيفرجها بُـكرا! لم أعرف موقع حفلة عيد الميلاد بالتحديد لكنها كانت صاخبة للغاية تملأ كل الجوار بأغاني الريغيتون والسالسا والميرينغي، وصوت مقدم الحفل، فتشعر بأن الطبول تدق في منزلك. وبدلاً من أجواء رمضان تشعر بأنك في مرقص كبير مفتوح، مع أصداء صوت حفلة أخرى في جوار أبعد

أين العرب؟

نعم في فنزويلا عدد كبير من المتحدرين من أصل عربي، يقدر عددهم بأكثر من مليون، لكن نسبة كبيرة منهم مسيحيون. وكثير منهم لا يقطن العاصمة كاراكاس

وجاء الحديث مع احد العرب المقيمين في فنزويلا قال أنا أقطن في حي ينتشر فيه اليهود، وبجانب منزلي هناك كنيسان (أحدهما أشكيناز والآخر سفاردي) والطريف أن بعض جيراني اليهود يتحدث العربية، فهم من أصول مغربية وتونسية وسورية، ويعرفون عن صيام رمضان أكثر مما يعرف الفنزويلي العادي، وعادة ما يهنئوني بعيد الفطر

بالمقارنة مع أماكن أخرى عشت فيها، مثل هونغ كونغ، أشعر بأن فنزويلا رغم كل شيء أقل غربة بالنسبة للمسلم بسبب وجود الملحمة الإسلامية على الأقل وبعض المحال التي تبيع ما يلزم لإعداد أطباق عربية، وبسبب تسامح الناس الكبير مع أي معتقد كان. فالمسلم هنا يتمتع بحرية تامة لممارسة طقوس دينه، ولا أحد ينظر إليه أو يعامله بطريقة مختلفة لأنه يرتدي لباساً مختلفاً أو يصلي أو يصوم. هذه فعلاً بلاد حرية ترحب بأي كان بدون أحكام مسبقة، وعلى المسلم أن يتحمل حريتها التي يستفيد هو منها

 

كاراكاس .

دولة فنزويلا
دولة فنزويلا

مسجد كاراكاس الكبير صرح جميل كان أكبر جامع في القارة لحين بناء مسجد أكبر منه في بوينوس أيريس بالأرجنتين. ويقع في غربي كاراكاس في منطقة ليست آمنة، خاصة ليلاً. أنا هناك لا أترك سيارتي مثلاً في الشارع بسبب خطر السرقة، وهو خطر يتعرض له من يمشي على الأقدام أيضاً. فأتخيل أن كثيرين قد لا يرتادون المسجد بسبب هذه الظروف، علماً أن ازدحام السير هو أيضاً عائق للوصول لكنه حالياً أخف من باقي فترات العام

في الجامع هناك دائماً أسر عربية لكن هناك أيضاً عدد كبير من غير العرب، مثل الأمريكيين اللاتينيين وجنسيات من جميع أنحاء العالم، وقد لاحظت أن بعض العرب يتغيرون في رمضان، فيكونون فنزويلي الطباع والأخلاق طوال العام، ويصبحون أتقياء فجأة في رمضان

هناك في فنزويلا بضعة مساجد أخرى أصغر من المسجد الكبير، في مدن أخرى. كان هناك مركز إسلامي أيضاً فيه مسجد صغير في حي أبعد غرباً اسمه إل باراييسو، أو الجنة، لكني لم أزره من فترة طويلة، أتوقع أنه ما زال موجوداً

طبعاً لا يوجد هنا مدفع يُضرب ولا آذان يُسمع، إلا داخل الجامع. وإن لم تبذل جهداً للاجتماع بأفراد الجالية في الجامع أو في المركز الإسلامي أو في المنازل فقد لا تصادف أي صائم مثلك طوال الشهر الفضيل

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد