يصدر بعد غد الثلاثاء بالولايات المتحدة كتاب للروائي البريطاني الأميركي سلمان رشدي يتناول عملية الطعن التي تعرّض لها عام 2022.
ويقدم رشدي في الكتاب المقرر طرحه بعد يومين، روايته للهجوم الذي كاد أن يقتله عام 2022، في أحدث تجليات التهديدات التي يواجهها منذ كتابه “آيات شيطانية”.
كان هذا الهجوم بالسكين الذي وقع خلال صيف 2022 أثناء مؤتمر أدبي على ضفاف البحيرات العظمى الأميركية في شمال نيويورك، “تذكيراً قاسياً ووحشياً إلى حد ما” بالفتوى التي أصدرتها إيران عام 1989، وفق ما قال الروائي الشهير في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، خلال معرض الكتاب الدولي في فرانكفورت بألمانيا.
هذا الهجوم الذي نفذه شاب أميركي من أصل لبناني متعاطف مع النظام الإيراني، أفقد الكاتب الأميركي البريطاني البصر في إحدى عينيه، التي يخفيها الآن، بالإضافة إلى إصابات في رقبته وبطنه.
“حالفك الحظ أيضاً”
وأوضح رشدي في مقابلة ضمن برنامج “سيكستي مينتس” (60 دقيقة) الشهير بثت مقتطفات منها قناة “سي بي اس” قبل عرضها كاملة الأحد، أن أحد الجراحين الذين أنقذوا حياته قال له “واجهت الكثير من الحظ السيئ، ولكن حالفك الحظ أيضاً”.
وقال “سألته: أين حالفني الحظ؟. فقال: حسناً، حالفك الحظ لأنّ الرجل الذي هاجمك لم يكن يعرف على الإطلاق كيف يقتل شخصاً بسكين”.
بالنسبة للروائي الشهير المتحدر من أصل هندي والمقيم في نيويورك، كان الكتاب الجديد الذي يحمل عنوان “Knife” (“السكين”) عملاً “ضروريا”، و”وسيلة للتصالح مع ما حدث والرد على العنف من خلال الفن”.
يُنشر الكتاب في 16 نيسان/أبريل في الولايات المتحدة وفي 18 نيسان/أبريل في فرنسا عن دار النشر “غاليمار”.
“مستحيل كتابة أي شيء آخر”
وفي فرانكفورت، أعلن سلمان رشدي أنه يبدو “من المستحيل كتابة أي شيء آخر”، مضيفاً “سيبدو من العبث بالنسبة لي أن أكتب أي شيء آخر قبل أن أتعامل مع هذا الموضوع”.
وقد قرأ المؤلف البالغ 76 عاماً مقتطفاً من عمله الجديد لقناة “سي بي إس نيوز” الأميركية. ويصف في هذا المقطع “آخر شيء رأته عيني اليمنى على الإطلاق”: رجل يرتدي ملابس سوداء “يأتي بسرعة ومن الأسفل”، مثل “صاروخ رابض”.
وقالت رئيسة منظمة “بن أميركا” لحرية التعبير والأدب سوزان نوسيل “لقد أبقى سلمان، وهو راو بارع، هذه القصة سرية حتى الآن، تاركاً لنا أن نتعجب من شجاعته ومرونته عن بُعد”. وسيُعرض عمله خلال محادثة عبر الإنترنت، الثلاثاء الساعة 8 مساءً (منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء بتوقيت غرينتش).
وأضافت نوسيل: “نسختي في الطريق إليّ، وأعتزم التهامها في جلسة واحدة، لتعلّم دروس أساسية ليس فقط حول البقاء والتحمل، ولكن أيضاً حول حرية الكتابة التي لا تنضب”.
“حرية التعبير”
منذ كتابه “آيات شيطانية” وفتوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أصبح سلمان رشدي بنظر النخب في الغرب رمزاً لحرية التعبير، رغم أنه يريد أن يكون كاتباً قبل كل شيء.
ولا يزال رشدي مكروهاً من جانب بعض المتشددين في العالم الإسلامي، خصوصاً في إيران وباكستان.
ولم تُرفع الفتوى بهدر دمه، وقبل الهجوم عليه، تعرض الكثير من مترجمي كتابه للهجوم، وصولاً إلى القتل، كما حصل مع الياباني هيتوشي إيغاراشي، الذي تعرض لطعنات قاتلة في عام 1991.
“غافلني كصاروخ أسود”.. سلمان رشدي يصف لحظة طعنه لأول مرة
في أول مقابلة تلفزيونية منذ حادثة طعنه قبل عامين، والتي فقد إثرها بصر إحدى عينيه ويده، روى الكاتب البريطاني سلمان رشدي، كيف كان الرجل بالسكين آخر شيء تراه عينه اليمنى على الإطلاق.
آخر نظرة كانت للطاعن
وأوضح رشدي أن أول ما فكر فيه عند رؤية الرجل الذي سيطعنه على خشبة المسرح في أغسطس/آب من عام 2022، كان أن يقول: “إذن، إنه أنت. تفضل”.
وأضاف المؤلف الهندي الأميركي البريطاني المولد، أنه شعر وكأن شيئا يخرج من الماضي البعيد ويحاول إرجاعه بالزمن إلى الوراء.
كما وصف وهو يقرأ من مذكراته التي ستصدر قريباً عن الهجوم والتي تحمل عنوان “السكين.. تأملات بعد محاولة قتل”، أنه كان جالساً على المسرح على اليمين، وكان طاعنه آخر شيء تراه عينه اليمنى على الإطلاق.
وتابع: “رأيت الرجل ذو الرداء الأسود يركض نحوي على الجانب الأيمن من منطقة الجلوس، ملابس سوداء، قناع وجه أسود. لقد كان قادما بقوة كصاروخ مسرع”.
واسترسل: “أعترف أنني كنت أتخيل أحيانا أن قاتلي يظهر في منتدى عام أو آخر، ويهاجمني بهذه الطريقة. لذلك كان أول ما خطر في ذهني عندما رأيت هذا الشكل القاتل يندفع نحوي هو: “إذن، هذا أنت”. تفضل”، وفقا لصحيفة “الغارديان”.
طعن على المنصة
يشار إلى أن الكاتب البريطاني من أصل هندي، المولود لأبوين مسلمين قبل 75 سنة بالهند، كان فقد البصر بإحدى عينيه، ولم يعد بإمكانه استخدام إحدى يديه بعد الهجوم الذي تعرض له بسكين في الرقبة والجذع أثناء صعوده في 12 أغسطس/آب 2022، إلى منصة بقاعة معهد Chautauqua للآداب في نيويورك، لإلقاء محاضرة حول الحرية الفنية، وذلك حين هاجمه شاب يدعى هادي مطر، أثيرت حوله شبهات بارتباطه بالحرس الثوري، إلا أن الأخير نفاها خلال محاكمته.
وعاش رشدي سنوات تحت التهديد بقتله مقابل مكافأة، وقضى 9 سنوات مختبئا تحت حماية الشرطة البريطانية، بعد أن أصدر المرشد الإيراني “روح الله الخميني” فتوى بقتله في فبراير عام 1989، لإصداره رواية “آيات شيطانية”.
وفي يونيو من العام الماضي، أعلن رشدي أنه كان يعمل على المذكرات خلال ظهور مسجل مسبقا على تطبيق Zoom في مهرجان Hay.
ويعد كتاب “السكين” الذي تنشره دار Penguin ويقع في 224 صفحة، أول كتاب كتبه رشدي منذ الهجوم، قائلاً عنه: “كان هذا كتابا ضروريا بالنسبة لي، ففيه طريقة لتحمل مسؤولية ما حدث، والرد على العنف بالفن”.
كما نُشرت رواية رشدي الأخيرة “مدينة النصر” في فبراير/شباط 2023، رغم أنها كتبت قبل الهجوم.
وسبق له أن نشر مذكراته عام 2012 بعنوان “جوزيف أنطون”، عن الفترة التي قضاها مختبئا بعد نشر كتاب “آيات شيطانية”.
وكتب رشدي 15 رواية والعديد من الأعمال الواقعية، كذلك تم ترشيحه 5 مرات لجائزة البوكر، وفاز بالجائزة عام 1981 عن رواية أطفال منتصف الليل.
كذلك فاز الكتاب بجائزة بوكر أوف بوكر عام 1994، وأفضل كتاب عام 2008، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين والأربعين للجائزة.