عبدالرزاق عناد سعدون الجبوري
عبدالرحمن جمعه عناد
الدكتور احمد عبدالله الجبوري Dr. Ahmed Abdullah al-Jubouri
الشيخ عبدالرزاق العناد ابوعلي
الشيخ عبدالرزاق العناد ابوعلي
وجهت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أصابع الاتهام إلى الجيش العراقي بتنفيذه حملة إجلاء طالت 91 عائلة من قرية شمال العاصمة بغداد بشكل “غير قانوني” بسبب نزاع مع عائلة أحد وزراء الحكومة.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم، إن الجيش العراقي أجلى بشكل غير قانوني عشرات العائلات من قرية شمالي بغداد منذ يوليو/تموز 2021، في ما يبدو نزاعاً عائلياً يضم وزيرا في الحكومة، مبينة أن العائلات الـ 91 ارسلت من قرية العيثة بمحافظة صلاح الدين إلى مخيم للنازحين دون أي من ممتلكاهم.
وبحسب تقرير المنظمة، فقد أُجبرت عائلات العيثة على مغادرة قريتها قبل سنوات أثناء القتال بين الحكومة وتنظيم “داعش”، وقد أجلت السلطات المحلية والأمنية العديد منها قسراً في السابق من مخيمات النازحين وأجبرتها على العودة إلى قريتها.
ويقول النازحون مؤخراً إنهم أُجلوا نتيجة نزاع عائلي بين وزير في الحكومة، وهو من القرية، وشقيقه، الذي كان تزوج امرأة من القرية لها صلات سابقة مزعومة بعضو في داعش، بحسب المنظمة التي دعت السلطات لأن توقف الإجلاءات فوراً وأن تعاقب جميع المسؤولين الذين أساؤوا استخدام سلطتهم.
وقالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “لسنوات، زعمت السلطات العراقية أنها تنقل الأهالي إلى المخيمات أو خارجها لحمايتهم أو لمصلحتهم، “لكن حالة هؤلاء القرويين الذين يتم تقاذفهم بين قريتهم ومخيمات النزوح دليل آخر على أن الإخلاءات هذه غالبا ماً تتعلق باعتبارات شخصية أو سياسية للسلطات بدلا من حماية المتضررين”.
وتوثق “هيومن رايتس ووتش” منذ سنوات الإجلاءات القسرية للعائلات، بما فيها الذين يُعتقد أنها تنتمي إلى داعش.
ومن تاريخ 1 إلى 5 أغسطس/آب قابلت هيومن رايتس ووتش سبعة من سكان العيثة في صلاح الدين، قالوا إنه ابتداء من 14 يوليو/تموز، جاءت وحدات الجيش العراقي إلى قريتهم وطردت الناس بالقوة دون إشعار مسبق ودون تقديم أي مبرر أو أمر قانوني.
وفي 10 أغسطس/آب، تحدثت “هيومن رايتس ووتش” إلى ممثل عن وزارة الهجرة والمهجرين الذي لم يقدم أي تبرير لعمليات الإخلاء.
وقال السكان، إن القرية كانت موطناً لـ 370 عائلة – حوالي 14 ألف شخص – قبل سيطرة داعش عليها في 2014.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، فرت جميع العائلات المتبقية مع تصاعد القتال في المنطقة، واستقر الكثير منها في مخيمات النزوح. وقالوا إنه في 2019، عادت 330 عائلة من مخيمات النزوح، وفي يناير/كانون الثاني 2021، عادت العائلات الـ 40 المتبقية بعد أن أمرتها سلطات مخيمات النازحين بالعودة إلى ديارها، بحسب عائلات تمت مقابلتها.
وقال قرويون إنه في 14 يوليو/تموز، وصلت نحو 20 آلية للجيش العراقي إلى القرية ومعها قائمة بالأسماء، وأجبرت نحو 19 أسرة على مغادرة منازلها على متن شاحنات مسطحة، بينهم أربعة أشخاص تمت مقابلتهم.
وقال الجنود لسكان القرية إنهم سينقلونهم إلى مخيم نزوح ما يزال مفتوحا – في نينوى، 15 كيلومتر شمالا – دون ذكر الأسباب.
وبين 31 يوليو/تموز و4 أغسطس/آب، عاد الجيش وأخذ 72 عائلة أخرى إلى المخيم، بينهم شخصان من الذين تمت مقابلتهم.
وقالت امرأة إنه عندما طرد الجيش عائلتها في 14 يوليو/تموز، حاولت امرأة الفرار من القرية لتجنب الإجلاء لكن الجنود أوقفوها: “سمعت جنديا يقول لها إنه إن لم تأتِ عائلتها، فسيعتقلون زوجها”.
وقال جميع القرويين إن الجيش لم يسمح لهم بأخذ أي من ممتلكاتهم. وقالت أم لستة أطفال إنه ليس لديها فُرُش أو بطانيات أو مراوح في المخيم.
وقالت إحدى الأمهات إنها تركت أطفالها الثلاثة في القرية مع عمهم لأنها لم تستطع إحضار أي ممتلكات ولن يكون لديها ما يريحهم.
وقال الأشخاص الذين قوبلوا إن الإخلاءات الجديدة هذه قد عطلت حياتهم بشدة.
وقالت أم لستة أطفال إن أحد أبنائها رفض المغادرة وهرب إلى منزل جدته: “أخبرتني أمي أنه مصاب بصدمة نفسية ويرفض تناول الطعام ويبكي طوال اليوم. لقد فوّت ولداي الآخران امتحاناتهما الثانوية النهائية، وهما عالقان هنا في المخيم”.
ورغم بقاء نحو 270 عائلة في القرية، في 12 يوليو/تموز، قال نجل الوزير على “فيسبوك” إن جميع العائلات من القرية سيتم إجلاؤها في النهاية. إحدى النساء اللواتي قُوبلن وما تزال في القرية إنها تخشى أن يأتوا وراءها قريبا.
وقال ثلاثة قرويين إنهم يعتقدون أن عمليات الإخلاء حدثت بسبب نزاع عائلي، إن شقيق الوزير تزوج في يوليو/تموز من امرأة من القرية كانت متزوجة في السابق من أحد أعضاء داعش.
وقالوا إن شيوخ القرية قالوا لهم إن الوزير قرر الانتقام من شقيقه بطرد السكان، قال أحد القرويين إنه عندما سأل أحد الجنود عن سبب طردهم، قال الجندي: “هذا بسبب مشكلة بينكم يا أهل القرية وبين الوزير”. قال القروي: “نُلام على شيء لا دور لنا فيه. نحن ضحايا لا حول لنا ولا قوة.”
ونشرت امرأة، تعرف عن نفسها على أنها صحفية، على فيسبوك في 14 يوليو/تموز إنها تعرب عن تقديرها للوزير وقوات الأمن على الاستجابة السريعة بعد أن نشرت في 9 يوليو/تموز عن الزواج. زعمت أن الوزير منع شقيقه من التحدث إلى وسائل الإعلام و”التدخل في شؤون التهجير”، وصادر جميع الأسلحة والمركبات الحكومية التي بحوزته. كما اتهمت القرويين بأنهم “خلايا نائمة وقنابل موقوتة” لكنها لم تقدم أي دليل.
وبينما أُجبر بعض القرويين على العودة إلى القرية، قال القليل منهم إن وضعهم تحسن بعد عودتهم. قالت امرأة إنها لم ترغب في مغادرة المخيم حينها لأنها شعرت بالأمان هناك. ولكن بعد عدة أشهر في القرية، تحسنت حالتها، ووجدت عملا، وتمكّنت من إلحاق أطفالها بالمدرسة. قالت: “كان ابني سعيدا جدا لعودتنا إلى المنزل، حتى إنه طلب مني حذف جميع الصور التي التقطناها داخل المخيم من هاتفي”.
ولم تقدم الحكومة أي تبرير رسمي للإخلاءات.
وقال سكان القرية إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أرسل في 5 أغسطس/آب مستشاره للأمن القومي للتحقيق، وأجرى المستشار مقابلات مع بعض العائلات التي أُجليت. قال شخصان، أحدهما حضر الاجتماع، إن شخصا لم يعرّف عن نفسه بوضوح سوى بالقول إنه كان يتحدث نيابة عن الوزير، تحدث إليها في المخيم قبل الاجتماع وأخبرها ألا تذكر زفاف شقيق الوزير.
وشددت هيومن رايتس ووتش، أن على السلطات الاتصال فورا بجميع العائلات المتضررة ومنحها الدعم الذي تحتاج إليه لتقرير ما إذا كانت تريد البقاء في المخيم، أو العودة إلى العيثة، أو إعادة التوطين في مكان آخر، وتقديم المساعدة لها في إعادة التوطين. على السلطات توفير الحماية من الإخلاءات غير القانونية في المستقبل.
كما دعت رئيس الوزراء ضمان أن أي شخص في السلطة لا يؤثر بشكل غير ملائم على التحقيق في الإخلاءات وأن يخضع جميع المسؤولين عن الإخلاءات غير القانونية للمساءلة. كما عليه فتح تحقيقات في إخلاءات غير مشروعة أخرى قامت بها السلطات منذ توليه منصبه في مايو/أيار 2020، والخروج بنتائج علنية بشأن أسبابها، والالتزام باتخاذ تدابير لمنع الإخلاءات غير القانونية.
وقالت والي: “مجرد فكرة أن وزيرا يستطيع بمحض نزوة ودون مبرر طرد مئات الأشخاص من منازلهم يجب أن تهز الضمير. هذه العائلات تعاني منذ سنوات على يد حكومةٍ أيّدت وأحيانا شاركت في مجموعة من إجراءات العقاب الجماعي ضدها”.