أصدر البنك المركزي العراقي، اليوم الخميس 20 تموز/ يوليو 2023، توضيحاً بشأن حرمان بعض المصارف العراقية من التعامل بالدولار، وذلك بعد العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الامريكية، على 14 مصرفاً عراقيا.
وذكر البنك في بيان ورد لصحبفة العراق، إنّ منع مصارف عراقية من التعامل بالدولار جاء على خلفية تدقيق حوالات المصارف للسنة الماضية (2022)، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية، وقبل تشكيل الحكومة الحالية أيضًا”.
وأضاف، إنّ “المصارف المحرومة من التعامل بالدولار الأمريكي، تتمتّع بكامل الحرية في التعامل بالدينار العراقي بمختلف الخدمات ضمن النظام المصرفي العراقي، فضلًا عن حقّها في التعامل الدولي بالعملات الأُخرى غير الدولار الأمريكي”.
وتابع البيان، ان “تطبيق المنصة الإلكترونية للتحويل الخارجي يؤمّن سلامة معاملات التحويل ودقّتها من الجوانب كافةً، على وفق المعايير والممارسات الدولية، وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويشيد البنك الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية والمؤسسات المالية الدولية بهذا النظام، وهو يحظى بعنايتها، مع تنسيق عالٍ من تلك الأطراف، ومع مدقّق دولي معتمد”.
وأوضح، إنّ “ما حقّقه البنك المركزي العراقي من توسيع قنوات التحويل والبنوك المراسلة المعتمدة، يجعل عمليات التحويل متاحة ومؤمّنة، وأنّ عدد المصارف المحلية التي تقوم بذلك قادر على تغطية طلبات التحويل كافة، مع قدرة البنك المركزي العراقي على تغطيتها بلا قيود أو سقوف، طالما أنّها تنطوي على عمليات مشروعة، علمًا أنّ المصارف الممنوعة من الدولار لا تشكّل طلباتها سوى 8 % من مجموع التحويلات الخارجية”.
ولفت البيان الى إنّ “ما يُعلَن من سعر صرف في السوق يرتكز على الدولار النقدي الذي يمنحه البنك المركزي العراقي لتغطية طلبات المواطنين للسفر وغيره، وبسبب حاجة المواطن إلى العملة الوطنية يقوم بعض التجّار وغيرهم بسحب الدولار لأغراض التجارة أو غيرها، بعيدًا عن المنصة وبعيدًا عن سياقات التحويل الأُصولية، ممّا يؤدي إلى رفع سعر الصرف في السوق السوداء، التي هي ليست سوقًا موازية، ما دام مصدر الدولار البنك المركزي وليس من داخل السوق”.
وأكمل البيان، “بغية معالجة هذه الظاهرة، ندعو الحكومة الموقّرة إلى وضع آلية للربط بين المستوردات، وما يثبت وجود تحويل مالي أُصولي يقابل قيمتها للحيلولة دون استخدام وسائل غير مشروعة في دفع أقيامها تشكّل ضغطًا غير مبرّر على الدولار النقدي، ويساعد من جهة أخرى في السيطرة على عمليات التلاعب والتهريب للاستيرادات”.
ويوم أمس فرضت وزارة الخزانة الامريكية، عقوبات على 14 مصرفاً عراقيا في حملة على تعاملات إيران بالدولار.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين القول إن “الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسيل أموال ومعاملات احتيالية”.
وأضافت الصحيفة أن “بعض هذه العمليات ربما تتعلق بأفراد خاضعين للعقوبات، مما يزيد المخاوف من إيران ستكون مستفيدة منها”.
وقال مسؤول أميركي كبير للصحيفة: “لدينا سبب قوي للشك في أن بعض عمليات غسيل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأميركية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات”.
وأضاف المسؤول الأميركي أن “الخطر الأساسي للعقوبات في العراق يتعلق بإيران بالتأكيد”.
العقوبات طالت المصارف كالأتية:
*مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل
*مصرف القرطاس الاسلامي للاستثمار والتمويل
*مصرف الطيف الاسلامي للاستثمار والتمويل
*مصرف إيلاف الاسلامي
*مصرف اربيل للاستثمار والتمويل
*المصرف الدولي الاسلامي
*مصرف عبر العراق للاستثمار
*مصرف الموصل للتنمية والاستثمار
*مصرف الراجح الإسلامي
*مصرف سومر التجاري
*مصرف الثقة الدولي الاسلامي
*مصرف المال الإسلامي
*مصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل
*مصرف زين العراق الاسلامي للاستثمار والتمويل
وكانت وزارة الخزانة الأميركية منعت أربعة بنوك عراقية أخرى من الوصول إلى الدولار في نوفمبر الماضي، وكذلك فرضت بالتعاون مع البنك المركزي العراقي ضوابط أكثر صرامة على التحويلات المالية في البلاد بشكل عام.
وكان البنك المركزي العراقي قد استبعد في الأسابيع الماضية 4 مصارف عراقية أهلية من مزاد بيع العملة (وهي: الأنصاري، والشرق الأوسط، والقابض، وآسيا) إثر توجيهات وتحذيرات من وزارة الخزانة الأميركية من هذه المصارف المتهمة بتهريب العملة.
خبراء صندوق النقد الدولي يختتمون زيارتهم إلى العراق
- أثَّرت التَّقلُّباتُ التي شهدتها سوق أسعار صرف العملات الأجنبية، وخفضُ حجم الإنتاج النفطي على زخم النمو في العراق.
- يُمكن أن تؤدي خطط السلطات العراقية التوسعية في المالية العامة إلى تَفاقم مستوى التَّضخُّم على المدى القصير، وإلى فرض مخاطر كبيرة على استقرار الاقتصاد الكلي في المدى المتوسط.
- يعتبر انضباطُ المالية العامة والإصلاحاتُ الهيكلية واسعة المدى عواملَ بالغة الأهمية للحدّ من مواطن الضعف في الاقتصاد العراقي، ولتعزيز صموده في مواجهة الأزمات، ولتحقيق النمو المستدام والأكثر شمولًا للجميع.
واشنطن العاصمة: قام فريق من خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة توخير ميرزويف، بزيارة إلى عمّان، الأردن، خلال المدة 24 – 31 من شهر أيار / مايو ، بهدف مناقشة أحدث المستجدات والآفاق الاقتصادية مع السلطات العراقية، إلى جانب مناقشة الخطط المتعلقة بالسياسات في الفترة القادمة.
وفي نهاية هذه البعثة، أصدر السيد ميرزويف البيان التالي:
“ لقد تباطأ زخَمُ نمو الاقتصاد العراقي في الأشهر الأخيرة، فبعد تعافي الانتاج النفطي في العام الماضي واستعادة مستواه الذي وصل إليه قبل تفشّي جائحة كورونا، من المتوقع ان ينكَمش الانتاج بنسبة 5 في المئة في العام 2023 في ضوء قرار منظمة أوبيك+ بخفض حجم الإنتاج النفطي، وانقطاع خط أنابيب كركوك – جيهان النفطي عن العمل. كما كان لتقلُّباتُ سوق أسعار صرف العملات الأجنبية عَقِبَ تطبيق البنك المركزي العراقي لضوابط أكثر صرامة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على مبيعات العملة الأجنبية أثراً سلبياً على القطاعات غير النفطية القائمة على الاستيراد. حيث تشير التقديرات إلى حدوث انكماش في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي بنسبة 9 في المئة (على أساس سنوي مقارَن) خلال الربع الأخير من العام 2022، مما ألغى ما حقّقه من نمو خلال الثلاثة أرباع الأولي من العام. ومع بوادر استقرار سوق العملات الأجنبية، في ضوء الإجراءات التي اتّخذها البنك المركزي العراقي، يُتوقَّع لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي أن يستأنف النمو، ليبلغ نسبة 3,7 في المئة في العام 2023. وبعد أن ارتفعت نسبة التَّضخُّم إلى 7 في المئة في شهر كانون الثاني / يناير، بدأ التَّضخُّم في الاعتدال على نحوٍ يعكس الانخفاض في أسعار السلع على المستوى الدولي و رفع سعر صرف الدينار العراقي بنسبة 10 في المئة، ويُتوقَّع لمعدل التَّضخُّم أن يبلغ 5,6 في المئة في المتوسط خلال عام 2023.
“لقد دعمت الظروف المواتية فى سوق النفط المراكز المالية والخارجية للعراق، الا أن الاختلالات الهيكلية قد استمرت في الاتّساع. ففي العام 2022، بلغت فوائض أرصدة المالية العامة والحساب الجاري الخارجي 7,6، و 17,3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، عوداً إلى الارتفاع القياسي فى الإيرادات النفطية. كما ارتفع احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي ليبلغ 97 مليار دولار أمريكي (أي ما يعادل قيمة 11 شهرًا من الاستيراد)، حيث تتضمن وفورات مالية للحكومة بما قيمته 16,3 مليار دولار أمريكي (أي ما يعادل 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). وفي الوقت نفسه، عمل التوسع الكبير في المالية العامة على زيادة العجز الأولي غير النفطي من 52 في المئة، إلى ما يزيد عن 68 في المئة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي خلال العام 2022.
“سيزيد التوسع المالي بشكل أكبر، حسب ما هو مقترح في مسودة قانون الموازنة للعام 2023، من حجم العجز الأولي غير النفطي في المالية العامة ليصل إلى 75 في المئة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ومن العجز الكلي في رصيد المالية العامة إلى نسبة 6,5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. ومن شأن التّأثيراتُ المشتركة لزيادة الإنفاق الحكومي، ولزيادة سعر صرف الدينار العراقي، ولخفض الإنتاج النَّفطي مجتمعةً، زيادة سعر برميل النفط المطلوب لتحقيق التوازن (عجز صفري) في المالية العامة، إلى 96 دولارًا أمريكيًّا.
“على المدى القصير، فإن تنفيذ السلطات العراقية للخطط التي وضعتها للمالية العامة من الممكن أن يدفع نسبة التَّضخُّم إلى التصاعد، ويعيد سوق صرف العملات الأجنبية إلى التقلب. أما على المدى المتوسط، فإن استمرارَ العمل بالسياسات الحالية في ظل قدر كبير من عدم اليقين بشأن مسار أسعار النفط مستقبلًا، يفرض مخاطرَ بالغة على استقرار الاقتصاد الكلي. وباستثناء حالة حدوث زيادة كبيرة في أسعار النفط، فإن موقف المالية العامة الحالي يمكن أن يؤدي إلى تصاعد العجز، وتشديد الضغوط المالية في السنوات القادمة.
” هناك حاجةٌ إلى وضع سياسة للمالية العامة أكثر تشديُّدًا، لأجل تعزيز صمود الاقتصاد والحدِّ من اعتماد الحكومة على الإيرادات النفطية مع الحفاظ على احتياجات الإنفاق الاجتماعي الملحة. حيث تتضمن الأولويات الرئيسية تنويع إيرادات المالية العامة، وخفض الفاتورة الضخمة لأجور موظفي الحكومة، وإصلاح نظام المعاشات التقاعدية لجعله سليمًا ماليًّا وأكثر شمولًا للجميع. ومع أن بعثة صندوق النقد الدولي تدعم خطة الحكومة الرامية إلى زيادة حجم المساعدات الاجتماعية، إلا أنّها توصي بمستوىً أقوى من الاستهداف ، لكي تضمن بأنّ المساعدات موجّهة إلى المواطنين الأشدّ ضعفًا.
“ويظلُّ تحسينُ إدارة المالية العامة ذو أهمية بالغة. ففي هذا السياق، تُنبِّه بعثة صندوق النقد الدولي إلى ضرورة توخّي الحذر بشأن ما يُخطَّط له من إنشاء صناديق جديدة خارج إطار الموازنة، ممّا يثير القلق بشأن الحوكمة والكفاءة، وتوصي البعثة بشدة على الالتزام بأن تكون جميع النفقات الحكومية من خلال الموازنة. وعلاوة على ذلك، فإن البعثة تحثُّ على التنفيذ الكامل لإطار إدارة الضمانات الحكومية، بما في ذلك أخذ موافقة البرلمان المسبقة على السقف السنوي وعلى قائمة الضمانات الحكومية كجزء من قانون الموازنة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لتسريع الجهود الهادفة إلى تأسيس حساب الخزينة الموحد بهدف تعزيز إدارة المالية العامة.
“ وترحّب البعثة بالتقدم الذي أحرزه البنك المركزي العراقي في مجال تحسين إدارة السيولة النقدية، وأُطر مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وتؤكّد على أهمية التنسيق عن قرب بين مواقف السياسات النقدية والمالية العامة في إدارة الاقتصاد العراقي.
“ وسيكون لخلق بيئة مُمَكِنة من تنمية القطاع الخاص أهميةً قُصوى، لتحقيق نمو مستدام وأكثر شمولًا للجميع. وتتضمن الأولويات في هذا المجال استمرارَ جهود تعزيز الحوكمة والحدّ من الفساد، وإعادة هيكلة المصارف الكبيرة المملوكة للدولة لتحسين الوصول إلى التمويل، وإصلاح سوق العمل بهدف تعزيز خلق فرص العمل في القطاع الخاص، وتحسين قدرة قطاع الكهرباء علي استرداد التكاليف لتعزيز قدرته على تلبية الطلب بطريقة مستدامة، وتحسين بيئة العمل الأوسع نطاقًا.
“ ويقف فريق خبراء الصندوق على أُهبة الاستعداد لدعم السلطات العراقية فيما تبذله من جهود الإصلاح، ويودُّ أن يشكرهم على المباحثات الصريحة والمُثمرة خلال البعثة.