رغم حالة التفاؤل العالمي التي صاحبت توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد في عدد من الدول، فإن مجموعة من أهم خبراء الصحة في العالم تحدثوا عن عقبة قد تزيد أمد الوباء.
ونقلت مجلة “نيوزويك” عن خبراء في مجال الرعاية الصحية، قولهم إن “الطفرات التي ظهرت على فيروس كورونا منذ ظهوره أول مرة قبل نحو عام، قد تطيل عمر الفيروس عاما آخر”.
ويقول العلماء إن الطفرات تبرر ارتفاع معدل الإصابات في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وعدم اكتساب مناعة القطيع.
ويتوقع أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الوصول إلى مناعة القطيع في أميركا بحلول نهاية الصيف، مما يعني أن الوباء سيبقى منتشرا إلى ما بعد منتصف العام الجاري.
ورغم أن هذا السيناريو يعد “ورديا”، وفق بعض المراقبين للجائحة، فهناك سيناريو آخر يشير إلى أنه من الممكن أن يكافح العالم فيروس كورونا حتى عام 2022.
وتنطلق وجهة النظر هذه من الطفرات السريعة التي طرأت على الفيروس، الذي تحور إلى نسخ أسرع انتشارا وقد تكون أكثر خطورة، مما أثار مخاوف بشأن تقويض الجهود بشأن اللقاحات.
ويتخوف العلماء من تحور الفيروس مع مرور الوقت إلى درجة تجعل اللقاحات الحالية أضعف من أن تقاومه.
ويحتاج الأمر للوصول إلى مناعة تشمل 150 مليون شخص من أصل أكثر من 300 مليون في الولايات المتحدة على سبيل المثال، لتحقيق مناعة القطيع من أجل وقف انتشار الفيروس.
ويقول مايكل أوسترهولم خبير الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا الأميركية: “تشير جميع الدلائل إلى أن هذه المتغيرات على الفيروس يمكن أن تمثل تحديا كبيرا للقاحات”.
وأضاف: “من دون شك، من المحتمل أن تكون هذه هي المشكلة الأكثر صعوبة التي نواجهها”.
وقد تم رصد أول طفرة كبيرة لفيروس كورونا في بريطانيا شهر ديسمبر الماضي، وبدا أنها تكسب الفيروس قدرة إضافية على نشر العدوى، وذلك بسبب التغيير في “البروتين الشائك” -النتوءات الموجودة على سطح الفيروس- التي تساعده على الالتصاق بالخلية السليمة في جسم الإنسان وإصابته.
وتنتشر الطفرة الجديدة من الفيروس بين سكان المملكة المتحدة بشكل أسرع بنسبة تصل إلى 70 بالمئة، وفقا لمسؤولي الصحة العامة.
وأشارت دراسات نشرت مؤخرا إلى أن الفيروس المتحور قد يعرض المصابين بشكل أكبر للوفاة، وذلك بنسبة تزيد عن 30 بالمئة.
وقد تم رصد طفرات جديدة من فيروس كورونا سريعة الانتشار في كاليفورنيا وأوهايو في الولايات المتحدة، من بين أماكن أخرى.
عندما يدخل الفيروس مجرى الدم لدى الشخص المصاب، فإنه ينتج مليارات النسخ منه في خلايا الضحية، وبعض هذه النسخ ليست متطابقة تماما مع الأصل.
وفي الغالبية العظمى من الحالات، يكون لهذه الطفرات العشوائية تأثير ضئيل على الفيروس، أو حتى في التقليل من قدرته على العدوى والمرض.
لكن في ظل الفرص الكافية لانتقاله، لا بد أن تنتهي نسخة من الفيروس بطريقة تجعله أكثر قابلية للانتقال أو أكثر فتكا أو قادرا على مقاومة اللقاح، أو السيناريوهات الثلاثة مجتمعة.
ومع وجود أكثر من 100 مليون إصابة بالفيروس في العالم، منها أكثر من 26 مليونا في الولايات المتحدة، يمتلك الفيروس ملعبا واسعا لتجربة طفرات جديدة.
وكلما زاد عدد الأشخاص المصابين بمرض “كوفيد 19” الناجم عن فيروس كورونا، زادت احتمالية ظهور فيروس مقاوم للقاحات الحالية في وقت ما قريبا.
ويوصي الخبراء إن أفضل طريقة للحصول على معدلات إصابة منخفضة بما يكفي لتجنب كارثة الطفرات، هي طرح لقاح سريع.
ويقول إريك روزنبرغ، رئيس مختبر الأحياء الدقيقة السريرية العام في ولاية ماساتشوستس: “التحدي الذي نواجهه هو كيفية تطعيم الجميع بسرعة كافية، لتقليل عدد المصابين وإبطاء قدرة الفيروس على التحور”.