أفضى الخلاف الحاد حول قانون للعفو الشامل عن مدانين في عدد من القضايا تجري مناقشته في البرلمان الكويتي، الثلاثاء، إلى تشابك بالأيدي بين عدد من أعضاء مجلس الأمّة.
وتدفع أطراف سياسية كويتية، إسلامية بالأساس، نحو إصدار القانون الذي سيستفيد منه المدانون في قضية اقتحام مقر البرلمان سنة 2011، ومن ضمنهم النائب السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين جمعان الحربش، المحكوم عليه إلى جانب عدد من المعارضين الآخرين، بثلاث سنوات ونصف السنة سجنا في ذات القضيّة.
ويريد الحربش المقيم خارج الكويت، تجنّب اللجوء إلى الاعتذار وطلب عفو خاص من أمير البلاد، وذلك عن طريق العفو الشامل الذي يعيد له اعتباره ويسقط عنه جريمة اقتحام المجلس ويجعل من العملية التي شارك فيها قبل تسع سنوات “عملا نضاليا” ضمن الاحتجاجات المحدودة التي شهدتها الكويت آنذاك كصدى لاضطرابات الربيع العربي التي عمّت عددا من بلدان المنطقة.
ونجح الإسلاميون بعد حملة ضغوط كثيفة في الدفع بالقانون المذكور إلى البرلمان، لكن اللجنة التشريعية البرلمانية خلطت الأوراق بأن أدمجت ضمن مقترحات القانون إمكانية أن يشمل العفو العام في حال إقراره النائب السابق عبدالحميد دشتي المحكوم عليه في عدّة قضايا تتعلّق بالإساءة للحكومة الكويتية وبلدان خليجية، وأيضا المدانين في قضية خلية العبدلي المتعلّقة بخلية إرهابية ذات صلة بإيران وحزب الله اللبناني تم تفكيكها سنة 2015.
وتوقّع المدافعون عن إصدار قانون العفو الشامل أن إدماج القضيتين الأخيرتين مع قضية اقتحام مقر البرلمان يجعل من إقرار القانون أمرا مستحيلا، إذ لن يقبل أحد العفو عن مسيئين وإرهابيين. واعتبر هؤلاء أن دمج القضايا الثلاث مؤامرة مقصودة لإسقاط قانون العفو الشامل.
واشتعل التشابك، الثلاثاء، بين أربعة نواب هم: محمد المطير، وخليل أبل، وخالد العتيبي، وصلاح خورشيد. وانتقل ذلك إلى باقي المتواجدين في قاعة البرلمان، ما اضطر رئيس المجلس مرزوق الغانم، إلى رفع الجلسة لربع ساعة، والطلب من الحرس إخلاء القاعة.
وبدأ الاشتباك بسجال واختلاف في وجهات النظر بين النواب حول قيام اللجنة التشريعية في البرلمان بدمج اقتراحات العفو الثلاثة ضمن قانون واحد.
وقال الغانم، في تصريح عقب الجلسة، إنّ ما حدث في جلسة الثلاثاء “محاولة لتكفير الناس بالديمقراطية”. وأضاف “أعتذر من الجمهور عن تصرفات بعض النواب”. وأوضح، أن “المسرحية انكشفت، والبعض جاء لتخريب الجلسة”.
وعادت الجلسة للانعقاد ليصوت المجلس برفض واسع لقانون العفو العام الذي صوت ضدّه 63 من حضور الجلسة في مقابل تصويت ثلاثة نواب فقط بالموافقة عليه.
وتعكس الأحداث التي شهدها البرلمان الكويتي، الثلاثاء، حالة التوتّر شبه الدائمة في الحياة السياسية الكويتية، بفعل كثرة الصراعات التي تتجلّى في علاقة الشدّ والجذب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يتمّ استخدام آلية الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة في تصفية الحسابات الشخصية والحزبية والقبلية.
وكثيرا ما أفضت الاستجوابات التي يقدّمها النواب للوزراء إلى حل الحكومات وإبطال البرلمانات بشكل متكرّر. وعلى هذه الخلفية لا يستبعد متابعون للشأن الكويتي أن يلجأ النواب المصرّون على تمرير قانون العفو الشامل ومن يقف خلفهم من تيارات سياسية، في الفترة القادمة، إلى محاولة خلط الأوراق بتسليط ضغوط شديدة على حكومة الشيخ صباح الخالد التي لم يمض على تشكيلها سوى أشهر معدودة، ليكون القانون المذكور مدخلا لفترة جديدة من التوتّر في الحياة السياسية الكويتية التي عرفت خلال الفترة الأخيرة هدوءا نسبيا.