نظمت المخرجة الموريتانية لاله كابر، معرضا خاصا “بالصم” وتضمنت أجنحة المعرض، لوحات فنية، و”ماركة” خاصة بالملابس، ومنتجات يدوية، بالإضافة إلى “صور فوتغرافية” تأتي تلك الخطوة و على هامش الفعاليات المخلدة لليوم العالمي للغات الإشارة
وتقول لاله لمنصات التواصل ألإجتماعي
اليوم العالمي للغات الإشارة، وأسبوع العربية الأصم العربي، يشكلان فرصة لعرض إبداعات الصم، أمام العالم، وللحديث عن مشاكلهم.
المنتجات التي عرضت خلال هذه الفعاليات، كلها من إبداعات هذه الشريحة.
عرابة الصم
خلال السنوات الأخيرة، ارتبطت شريحة الصم في موريتانيا بلاله كابر، التي أصبحت تتحدث لغة الإشارة مؤخرا.
وأسست لاله خلال عام 2020 منظمة “راما” للخدمات الاجتماعية، لإيواء الصم، واحتضانهم، لينتسب لها أكثر من 400 شخص من هؤلاء.
وتوفر المنظمة لهم بحسب لاله، فرص عمل تتمحور أساسا حول “الأعمال اليدوية”، و”الخياطة”.
وتؤكد لاله أن المنظمة منحت “الصم” في موريتانيا اعتبارا، وغيرت حياة بعضهم بتوفير فرص عمل، يقتاتون منها، مشيرة إلى أنها المنظمة تعمل حاليا على تغيير حياة الصم إلى الأفضل.
وتقول لاله: “أصبح الجميع يقابل الصم بإشارة “أحبك”، وهذا ما كان ينتظره هؤلاء، فقد اعترف المجتمع بوجودهم، وبلغتهم، ولا شيء يسعدهم أكثر من ذلك.”
كيف تعلمت لغة الإشارة؟
ولأن لاله البالغة من العمر 37 عاما شغوفة بالفن السابع “السينما” منذ الصغر، قررت الاتحاق بدار السينمائيين في موريتانيا عام 2010، وهناك تعرفت على أحد المسؤولين بالمنتدى الموريتانيين للصم، حيث طلب منها الأخير التطوع في مدرسة خاصة بالصم التي لم تكن لديها عنها أية فكرة.
وبدأت لاله تدرسهم “المعلوماتية” يومين في الأسبوع، لتنجذب بعد ذلك أكثر إلى هذه الشريحة وإلى لغتها.
وقررت لاله بعد ذلك، تعلم هذه اللغة، حتى أصبحت تتقنها، ليصبح هؤلاء جزء لا يتجزأ من حياتها.
واشتهرت لاله أكثر، حين انتشرت لها مقاطع توعية بلغة الإشارة عبر وسائل الإعلام، تتحدث فيها للصم عن مخاطر فيروس “كوفيد 19” بعد ظهوره عام 2020.
وتقول لاله: “بعد تعلمي لغة الإشارة، تجاوزت علاقاتي مع الصم، علاقة المعلم والتلميذ، فأصبحوا يشاركنوني لحظاتهم الخاصة، وخصوصياتهم، ومشاكلهم.
الصم، فاعلون في المجتمع، وأثبتوا قدرتهم أكثر من مرة، على تحدي هذه الإعاقة، ولا يريدون من المجتمع أن ينظر لهم كعاجزين”.
جوائز وتكريمات
لاله التي تشغل حاليا منصب رئيس قسم السينما في المعهد الوطني للفنون، وتعمل مترجمة لغة إشارة، حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات، فقد حصدت عن فيلمها “مشاعر أخرى”، الجائزة الأولى عن “فئة النساء”، والجائزة الكبرى من مهرجان أمم للسينما وحقوق الإنسان عام 2021 عن فيلم “لحظة صمت” الذي يحكي معاناة الصم.
وحصدت لاله، جائزة لجنة التحكيم في مهرجان الضفة التونسي، عن ذات الفيلم.
وكرمت لاله من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في مهرجان مدائن التراث خلال العام الجاري، ومن طرف الهيئة العربية للإذاعة والتلفزيون العام الماضي بالسعودية.
منسيون وسط الرصاص ..”الصم” يدفعون ثمنا باهظا لحرب السودان
عندما اشتد القتال حول حي الامتداد جنوبي الخرطوم في اليوم الثامن من اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم في منتصف |أبريل؛ وجد سعيد نفسه راكضا مع عدد من أفراد أسرته وجيرانه نحو مكان مجهول يحتمون به من الرصاص.
ورغم ان سعيد المولود بإعاقة سمعية لم يكن يسمع صراخ الراكضين معه، إلا أنه كان مرعوبا من مشهد الهلع والدخان المتصاعد في كل مكان.
الآن وبعد نحو 180 يوما من القتال يعيش سعيد في مدرسة متآكلة البنيان في أحد الأحياء الشمالية من مدينة ود مدني بوسط البلاد والتي فر إليها مئات الآلاف من القتال خلال الأشهر الست الماضية.
تفتقد المدرسة التي يعيش فيها سعيد إلى أبسط مقومات المبيت ويوجد بها 7 حمامات فقط يستخدمها اكثر من 300 شخص من لجأوا إلى المدرسة؛ لكن ذلك ليس الشيء الوحيد الذي يؤرق سعيد البالغ من العمر 11 عاما؛ فهو يفتقد إلى الأجهزة والمعينات التي كانت تخفف عليه وحشته السمعية بعد أن تركها وراؤه في بيته في الخرطوم.
لكن رغم المعاناة الكبيرة؛ يعد سعيد واحدا من القليلين من الذين وجدوا مكان يأويهم في ظل الضبابية الكبيرة التي تحيط بمصير الكثير من أقرانه من الذين فقدوا التواصل مع دور الرعاية التي كانت تساعد نحو 100 ألف مصاب بإعاقة بصرية في السودان؛ في ظل وجود الآلاف من المنسيين وسط الرصاص في الخرطوم أو الذين افتقدوا المساعدة اللازمة في مناطق البلاد الأخرى.
وفي الواقع؛ يعيش المئات من الصم والمصابين بالإعاقة السمعية أوضاعا مأساوية في مناطق النزوح في مختلف أنحاء السودان في ظل نقص كبير في الاحتياجات الخاصة التي تعينهم في حياتهم.
ووفقا للناشط الطوعي والأمين العام السابق لاتحاد الصم السوداني الأمين بابكر، فإن ذوي الاعاقة السمعية يعانون أكثر من غيرهم من النازحين بسبب الضغوط النفسية وافتقاد حقوقهم التي نصت عليها المواثيق الدولية والمحلية.
ويقول بابكر إن آلة الحرب حصدت عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة والكوادر التي تعينهم.
ويشير بابكر إلى ان الكثير من النازحين من ذوي الإعاقة السمعية فقدوا مصدر دخلهم إذ تأثرت انشطتهم بالحرب؛ وأصبح الكثير منهم خصوصا أولئك الذين كانوا يعيلون أسرهم الفقيرة يواجهون خطر الجوع وانعدام الرعاية الصحية والدعم المعنوي والمادي الذي كانوا يسيرون به حياتهم وأنشطتهم قبل الحرب التي أوقفت الجزء الأكبر من أنشطة دور الرعاية.
ولإخراجهم من الحالة النفسية السيئة التي يعيشونها بسبب أهوال الحرب التي مرت عليهم قبل نزوحهم؛ يعمل القليل من المراكز المتخصصة في الأقاليم وبإمكانيات شحيحة على توفير الحد الأدنى من البيئة اللازمة لتحسين أوضاع ذوي الإعاقة السمعية من خلال تنظيم أيام ترفيهية تشمل أنشطة الرسم والتلوين والمسرح.
كما يستخدم متخصصون لغة الإشارة لتوعية النازحين وتجنيبهم التعرض لللدغات العقارب والثعابين و نواقل الأمراض والذباب والباعوض وبقية الآفات المنتشرة بكثرة في مراكز الإيواء.
ومنذ الأيام الأولى من اندلاع القتال تعرضت المؤسسات المخصصة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بما فيهم المصابين بإعاقات سمعية وبصرية وغيرها إلى دمار هائل بسبب وقوع معظمها في وسط الخرطوم حيث يشتد القتال.
وإضافة إلى الخدمات المباشرة التي تقدمها لذوي الاحتياجات الخاصة؛ كانت تلك المؤسسات تشكل مركزا لتخريج وتدريب الكوادر اللازمة لتسيير العمل في المراكز الفرعية المنتشرة في الأقاليم، وإمدادها بالمعينات التعليمية والحياتية من خلال التنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية؛ لكن الأمر تغير تماما بعد الدمار الذي لحق بها خلال الحرب.