أثيرت حالة من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي اللبنانية في الأيام الماضية، بسبب استحداث وزارة المالية اللبنانية لقانون يفرض ضريبة على نعوش الموتى القادمة من خارج لبنان.

ونشر موقع “الدولية للمعلومات ” اللبناني تقريراً حول مشروع قانون الموازنة الجديد لعام 2024، دعا فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي مجلس الوزراء لدارسة المشروع وإقراره بدءاً من 7 سبتمبر 2023، ما أثار حالة استنكار.

ويتضمن مشروع الموازنة الجديد استحداث “ضريبة استهلاك للحفاظ على البيئة” وتشمل نعوش الجثث البشرية، إلا أن القانون لم يحدد كيفية تقويمها بالمال لفرض الضريبة عليها.

وفي نفس السياق قال المحامي رشاد قبيسي “اعتبرت وزارة المالية أن الجثة البشرية هي منتج مستورد، وهو تعريف لم يرد في أي من قوانين العالم من جهة، ويمس بشكل غير مقبول كرامة الانسان المتوفى وكرامة عائلته من جهة ثانية “.

وتابع: “وزارة المالية في لبنان اعتبرت أن لجثة المتوفى “أثر بيئي” يقتضي أن يكون محلاً لضريبة بيئة وهنا يطرح السؤال، هل جثة اللبناني القادمة من الخارج مختلفة عن جثة اللبناني المتوفى في لبنان، ولماذا لم تفرض ضريبة عل كل لبناني متوفى في لبنان أيضا”.

وتعليقا على القانون المقترح قال المحامي بول مرقص رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ لموقع “سكاي نيوز عربية”: “مشروع الموازنة يتجاوز كل التوقعات باستحداثه ضريبة على النعوش المحتوية على جثث بشرية، حيث يُفهم من جرائها بأن الوزارة تعتبر وجود الجثث له تأثير بيئي سلبي، وتسعى إلى فرض ضريبة بيئية عليها”.

وتابع: “هي وسيلة للحصول على إيرادات إضافية على حساب المواطنين وتكبيدهم المزيد من الأعباء بدلاً من إيجاد موارد جديّة لتحصيل الإيرادات، وقد تم تحديد نسبة الضريبة على ما سمّته الوزارة بـ”المنتجات” بنسبة 2 بالألف من قيمتها.”

وأضاف: “عدم وجود خطط مالية ورؤية إصلاحية ألزم القيمين على مشروع الموازنة اللجوء الى طرق غير مدروسة واستحداث ضرائب عشوائية وينبغي العمل على ايجاد خطط وفق دراسات علمية دقيقة كإصلاحات ضريبية تشجع على الاستثمار وإدخال العملات الأجنبية الى لبنان”.

ضرائب جديدة.. موازنة لبنان 2023 تثير جدلا واسعا

بعد تأخر استمر لعدة أشهر، تستعد الحكومة اللبنانية لدراسة مشروع قانون موازنة العام 2023، الذي أُحيل اليها من قبل وزارة المالية، وسط حالة من الجدل الكبير، بأن بنودها تعتمد بصورة أساسية على فرض المزيد من الضرائب كمصدر لتمويل نفقات الدولة اللبنانية.

ويرتكز مشروع الموازنة على توقّعات بتحقيق إيرادات بقيمة 147,739 مليار ليرة لبنانية، ما يعادل 3 مليارات و266 مليون دولار حسب منصة صيرفة التي تسعر الدولار بـ 45000 ليرة لبنانية (92 ألف ليرة حسب السوق السوداء)، ونفقات عند 181,923 مليار ليرة لبنانية أي 4 مليارات و42 مليون دولار، ليصل العجز بذلك الى 34,184 مليار ليرة لبنانية أو 760 مليون دولار حسب صيرفة، ما يُشكل 18.79 بالمئة من النفقات.

ارتفاع جديد للدولار امام الليرة اللبنانية
ارتفاع جديد للدولار امام الليرة اللبنانية

وتضمن مشروع الموازنة مساهمة كبيرة للإيرادات الضريبية، التي تصل إلى 112,768 مليار ليرة لبنانية أي ما نسبته 76.33 بالمئة من إجمالي إيرادات الموازنة، فيما يتوقع أن تصل الإيرادات غير الضريبية إلى 34,972 مليار ليرة لبنانية أي 23.67 بالمئة من إجمالي الإيرادات.

وقد كان ملفتاً في بنود مشروع الموازنة، بروز مجموعة من الضرائب الجديدة والتي تشمل:

– رفع شرائح الضرائب المفروضة على الدخل.

– فرض ضريبة بنسبة 10 بالمئة على كافة المواد الخام المصدرة إلى خارج لبنان.

– فرض ضريبة على الممتلكات العقارية.

– فرض ضريبة بنسبة 2 بالمئة على إيرادات الأشخاص والشركات (المقيمين خارج لبنان) الذين يقدمون خدمات لصالح الأشخاص داخل لبنان عبر الإنترنت.

– خصم نسبة 3 بالمئة من حسابات المتوفين قبل تحويل هذه الحسابات إلى الورثة.

– فرض رسوم على المشروبات الغازية والكحولية.

– زيادة رسوم المعاملات الإدارية العامة لتصبح 30 ضعفاً عن معدّلها الحالي.

– رفع رسوم المعاملات القضائية لتصبح 10 أضعاف معدّلها الحالي.

ورغم أن مشروع موازنة لبنان لعام 2023، يأتي متأخراً في التوقيت متخطياً المهل الدستورية، إلا أنه لا يزال بحاجة الى دراسة وإقرار من مجلسي الوزراء والنواب، ليصار الى اعتماده رسميا، ما يعني أن تعديلات كبيرة قد تدخل على بنوده، ولكن وفي ظل حالة الانهيار الاقتصادي التي يعيشها لبنان، فإن أي موازنة سيتم اقرارها ستعتمد في جزء كبير منها، على ضرائب ورسوم جديدة ستنهك جيوب اللبنانيين.

مشروع خالٍ من أي إصلاحات

يقول النائب وعضو لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني الدكتور رازي الحاج، إنه من حيث الشكل فقد كان من المفروض أن تكون الحكومة الآن بصدد مناقشة موزانة العام 2024 وليس 2023، أما من حيث المضمون فإن مشروع قانون الموازنة الجديد، يمكن وصفه بأنه خالٍ من أي إصلاحات، إذ أن هدفه الوحيد هو زيادة الإيرادات، لمحاولة خلق حالة من التوازن، مع تقلبات سعر الصرف، وذلك من خلال زيادة الرسوم على فئة معينة من الأشخاص.

ضغوط على الممتثلين للضرائب

وبحسب الحاج فإن مشروع قانون موازنة 2023، يضع ضغوطاً مالية إضافية على الأشخاص والمؤسسات، التي تمتثل ضريبياً، في حين أنه خال من أي أصلاحات، على مستوى إعادة تحسين وتطوير القطاع العام، ومحاربة الاقتصاد غير المنظم، والتهرّب الضريبي، إضافة إلى محاربة التهريب عبر الحدود والمرافئ، وملاحقة الشركات غير المسجّلة التي لا تمتثل للقوانين.

وأشار إلى أن لبنان يعاني اليوم من هدر كبير في قطاع الاتصالات وأيضاً في قطاع الكهرباء، حيث تبقى المفارقة أن مشروع الموازنة، لم يتضمن أي هدف إصلاحي بشأن هذين القطاعين، وغيرها من القطاعات التي تحتاج إلى عمليات تحسين وتطوير وإصلاح.

ويضيف الحاج أن مشروع موازنة لبنان للعام 2023، يستكمل النهج السابق الذي أدى إلى وصول البلاد إلى التحديات الصعبة التي تشهدها في الوقت الحالي، “فالهدف الوحيد للموازنة الجديدة، هو تخصيص الأموال والإنفاق على القطاع العام غير المنتج، في حين تغيب الخطط والمشاريع الاستثمارية غياباً تاماً”.

وقال إن “واحدة من أهم الاصلاحات التي يجب أن تقوم بها الدولة اللبنانية هي أن يكون لديها مصدر للإيرادات بالعملات الصعبة، وذلك من خلال المرافق العامة مثل مرفأ بيروت وغيره من المرافق”.

الاعتماد على البنك المركزي

ويرى الحاج أن الحكومة لا تزال تعتمد على مصرف لبنان المركزي، كي يقوم بعملية تمويل الخزينة، ومدها بالعملات الصعبة المطلوبة، لافتاً إلى أن حكومة تصريف الأعمال، برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي ستقوم حالياً، بمناقشة ودراسة مشروع موازنة العام 2023، حيث أنه وفي حال الموافقة عليه، ستحيله إلى رئيس المجلس النيابي الذي سيحيله بدوره إلى لجنة المال والموازنة في البرلمان، وهي الجهة المناط بها دراسة الموازنة، مشيراً إلى أنه وبصفته عضواً في هذه اللجنة، فإنه ضد دراسة أو مناقشة هذه الموازنة تحديداً، وذلك مع غياب أي دور للإصلاحات، التي تتطلبها عملية إنقاذ الاقتصاد اللبناني من وضعه الحالي.

تكرار للنهج

من جهته يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن ما يحدث مع موازنة عام 2023، لناحية التأخر في إقرارها، هو تكرار للنهج الذي اعتمد مع موازنة العام 2022، مشيراً إلى أنه في حال تم إقرار الموازنة الجديدة في شهر سبتمبر 2023، يكون ذلك قد حصل بعد 9 أشهر من انقضاء المهلة الدستورية المتعلقة بتاريخ إقرار الموازنات.

وبحسب غبريل فإن موازنة لبنان لعام 2023، تأخذ منحى واتجاه صندوق النقد، من ناحية زيادة الإيرادات عبر “جبل” من الضرائب، إضافة إلى الرسوم التي شهدت ارتفاعاً بنسبة 30 في المئة، حيث أنه بالرغم من ذلك، يبقى هناك عجزٌ متوقعٌ بنسبة تصل إلى نحو 19 بالمئة، لافتاً النظر إلى أن المفارقة في هذه الموازنة، أنها عمدت على تغذية خزينة الدولة، عبر إيرادات الرسوم والضرائب، ولكنها لم تلحظ أي محاولة لإدخال بعض الإصلاحات، أو إيجاد مصادر تمويل جديدة أو مهملة، مثل التهرب الضريبي والجمركي ومكافحة التهريب عبر الحدود، أو حتى تطبيق قوانين موجودة، لا يتم تطبيقها تدرّ إيرادات للخزينة.

ويشرح غبريل أن الضرائب والرسوم التي تشملها الموازنة الجديدة للبنان، هدفها أيضاً تغطية زيادة الرواتب والأجور والمخصصات والمساعدات الاجتماعية، لعمال وموظفي القطاع العام، وهي لم تتضمن أبداً أي نفقات استثمارية بل تم تأجيلها لموازنة العام 2024، مشدداً على أن هناك الكثير من الاعتراضات من جهات مختلفة على هذه الموازنة، وهو ما يخلق حالة من الشك حول مدى إمكانية أو قدرة الحكومة، على إقرارها وإحالتها إلى مجلس النواب، حيث يعني ذلك أن الدولة ستستمر في الاعتماد على مصرف لبنان.

ويرى غبريل أن موازنة العام 2023، استهدفت قطاع السياحة وبنسبة أقل قطاع الصناعة، مستغرباً لجوء الحكومة إلى هذه الخطوة، بدلاً من دعم هذه القطاعات، في ظل الوضع الاقتصادي الذي يمر به لبنان، فمثلاً فرض رسوم ضريبية على المشروبات الكحولية، سيضر الشركات التي تصدر النبيذ ويحد من قدرة هذه الشركات على المنافسة في الأسواق العالمية.

بعد الرفض.. لبنان يعلِّق الضرائب على رواتب الدولار

لم تتمكن حكومة لبنان من المضي في تنفيذ قرار فرض زيادات الضريبية على رواتب وأجور موظفي القطاع الخاص اللبناني، الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار أو أي عملة أجنبية أخرى، حيث أعلنت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني أنه تم الاتفاق مع وزارة المالية على تجميد هذه القرارات إلى حين إعادة النظر فيها.

وقد فرضت موازنة لبنان لعام 2022 والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية شهر ديسمبر الحالي، ضريبة تتراوح نسبتها بين 2 و25 بالمئة على كل من يتقاضى راتبه بالعملة الأجنبية، على أن يتم تحصيل هذه الضريبة بالعملة الوطنية، وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء وليس السعر الصرف الرسمي، وبمفعول رجعي يعود إلى مطلع يناير 2022.

وأثارت هذه القرارات اعتراضات كبيرة بين صفوف الموظفين ونقابات العمال، الذين رأوا أن الحكومة اللبنانية استهدفت رواتبهم طمعاً بالحصول على تمويل من جيوبهم، مهددين بتنفيذ إضرابات كبيرة تشل البلاد.

ضريبة ظالمة

ويقول النائب في البرلمان اللبناني رازي الحاج وهو خبير اقتصادي في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الضريبة المقترحة مرتفعة وظالمة، وهي تطال أصحاب المؤسسات الذين لا يزالون يؤمنون بالاقتصاد المنظم ويمتثلون ضرائبياً، مشيراً إلى أنه في المقابل نرى أن هناك إهمالاً في ملاحقة الشركات الوهمية والجهات التي تستمر بالتهرب الضريبي.

ويشرح الحاج أنه وعدداً من زملائه النواب، طالبوا بإدخال تعديلات على الضريبة الجديدة وعلى النسب التي تعتمدها، رافضين فكرة تطبيق المفعول الرجعي ومشددين على ضرورة تحصيل الضريبة اعتماداً على رقم ثابت، كي لا تتغير مع كل تغير في سعر الصرف.

الاقتصاد المنظم ملاحق

وأضاف الحاج أن لبنان يعاني مشكلات عديدة تؤثر في إيرادات الدولة، أبرزها غياب الإصلاح خصوصاً على صعيد السياسة المالية، لافتاً إلى أن التهرب الضريبي والتهريب يحرمان خزينة الدولة من إيرادات ضخمة، في حين أن الدولة لا تلاحق سوى الاقتصاد المنظم

رواتب لم تصحح

من جهته قال رئيس المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج الحاج في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه لا يجوز للدولة اللبنانية معالجة العجز في موازنتها، عبر فرض ضرائب مباشرة على أجور موظفي القطاع الخاص، مشيراً إلى أن رواتب هؤلاء لم تصحح بما يتماشى مع الوضع المعيشي بعد انهيار الليرة اللبنانية.

عجز المصارف

وأوضح الحاج أن السلطة في لبنان تستمر باتباع النهج نفسه الذي أوصلها للانهيار، فبعد أن بات القطاع المصرفي عاجزاً عن إقراضها لتغطية عجزها، لجأت إلى فرض ضرائب مباشرة على الموظفين، معتبراً أن هذه الضريبة حتى لو تم تطبيقها، لن تغطي العجز بين النفقات والإيرادات، لأن موازنة 2022 تفتقد لأي رؤية إنمائية اقتصادية، أو لخطة تعالج مديونية الدولة.

وبحسب الحاج فإن المفاوضات مع وزير المال من قبل نواب والاتحاد العمالي العام وبقية الاتحادات العمالية، توحي بأنه سيتم تعديل القرارات الضريبية التي تم تجميدها إلى حين إعادة النظر فيها، وعدم تحميل الطبقة العاملة مزيداً من الأعباء.

مدينة برمنغهام البريطانية تعلن إفلاسها

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد