دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة المجتمع الدولي والحكومة العراقية إلى التحقيق في حالات انتهاك حقوق الإنسان في العراق من قبل التحالف الدولي والجيش العراقي.

وجاء في التقرير المشترك لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: “ندعو السلطات العراقية لإجراء تحقيق مفصل وفعال وسريع ومستقل في كل حالات الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي في مجال حقوق الإنسان، التي ارتكبت من قبل أطراف النزاع، ومعاقبة المسؤولين وضمان نشر نتائج هذا التحقيق”.

وأشار التقرير إلى مقتل 461 مدنيا على الأقل في الموصل بسبب الغارات الجوية خلال أكثر فترات الأعمال القتالية كثافة، مضيفا أنه في غالبية الحالات، لم يتمكن الخبراء من تحديد من تسبب في القصف الجوي.

وخلُص تقرير للأمم المتحدة إلى أن ما يُطلق عليه اسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والذي يُعرف اختصاراً “بداعش”، ارتكب مجموعة من الانتهاكات الخطيرة والممنهجة التي ترقى إلى مستوى “الجرائم الدولية”، وذلك خلال الحملة العسكرية التي استمرت على مدى تسعة شهور بهدف تحرير مدينة الموصل في العراق.

ويستند التقرير الذي نُشر يوم الخميس من قبل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على إفادات الشهود المباشرة، ويوثِّق عمليات الاختطاف الجماعي للمدنيين واستخدام آلاف الأشخاص كدروع بشرية والقصف المتعمد للمناطق السكنية المدنية والاستهداف العشوائي للمدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار من المدينة.

وفي تموز/يوليو 2017، تمكنت قوات الأمن العراقية والجماعات المساندة لها من استعادة المدينة التي كانت قد وقعت تحت قبضة تنظيم داعش في حزيران/يونيو 2014.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين “خلال مسار العملية لتحرير مدينة الموصل، تعرَّض آلاف المدنيين لانتهاكات مروعة على مستوى حقوق الإنسان وتجاوزات واضحة للقانون الدولي الإنساني”، مؤكداً أن “القتل بأسلوب الإعدام بحق المدنيين والمعاناة التي أُلحقت بالأسر والتدمير غير المبرر للممتلكات أمور لا يمكن التسامح بشأنها أبداً في أي نزاع مسلح، ويجب على الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الأعمال أن يسألوا عن جرائمهم الشنيعة”.

ويفيد التقرير أنه في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2016، في بعض مناطق الموصل الواقعة تحت سيطرة داعش، استخدم عدد من عناصر التنظيم مكبرات الصوت للإعلان بأن المقيمين في المناطق التي حررتها قوات الأمن العراقية يعتبرون “أهدافاً شرعية” لهم بسبب ̓إخفاقهمʻ في القتال ضد القوات الحكومية. ويلفت التقرير إلى أن “هذه ̓الفتوىʻ ترافقت بحملة مستمرة من الهجمات نفذها تنظيم داعش على شرق الموصل، والتي استهدفت المدنيين بشكل مباشر”، موضحاً أن “الأساليب المعتمدة تضمنت القصف واستخدام القذائف اليدوية الصنع وإطلاق النار على المدنيين الفارين”.

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش إن التقرير يوثِّق الأدلة بشأن ارتكاب داعش جرائم وحشية بحق المدنيين، مشدداً أنه بالرغم من أن التنظيم اعتبر الموصل بحدِّ ذاتها عاصمته، إلا أنه سعى في الواقع إلى تدميرها نهائياً وعلى نحو متعمد.

وقال “لم يستثني حكم الإرهاب الذي اتبعه تنظيم داعش أحداً، متسبباً بمعاناة غير مروية للسكان العزل الذين لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا في المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش. ولم تتوقف الأعمال الشريرة التي ارتكبها التنظيم على مجرد قتل السكان وترهيبهم، فهو قد دمَّر بشكل مستهتر المعالم الثقافية والدينية، بما في ذلك الحدباء، وهي المئذنة المائلة التي تعتبر من أبرز الرموز التاريخية لمدينة الموصل، متجاهلاً كلياً التاريخ والإسلام، الدين الذي تدعي هذه المنظمة الإرهابية اعتناقه زوراً حتى الساعة”.

ودعا التقرير المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، إلى التحرك من أجل ضمان تقديم الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية كالإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب إلى المساءلة.

ووفقاً للتقرير، قُتل ما لا يقل عن 2,521 مدنياً خلال العملية العسكرية، ووقع العدد الأكبر من الضحايا في أكثر الأحيان نتيجة الهجمات التي نفذها داعش، بما في ذلك إعدام 741 شخصاً. وبلغ عدد المصابين بجروح 1,673 شخصاً. بالإضافة إلى ذلك، اعتباراً من 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017، أفادت وحدات الدفاع المدني أنها انتشلت بقايا جثث 1,642 مدنياً من تحت الأنقاض في الموصل. وأُجبر عدد كبير من السكان المدنيين في المدينة على الفرار على إثر العمليات العسكرية. وحتى تموز/يوليو تفيد الإحصاءات بأن 137,339 أسرة 824,034) فرداً) تعرَّضت للتهجير.

وأشار التقرير إلى أنه منذ عام 2014، تمَّ اكتشاف ما لا يقل عن 74 مقبرة جماعية في المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في العراق سابقاً. وتفاوتت أعداد الجثث التي عُثر عليها في هذه الأماكن لتتراوح بين بضع جثث إلى الآلاف منها على الأرجح. ودعا التقرير الحكومة العراقية إلى ضمان حماية المقابر الجماعية وإلى القيام بالعناية الواجبة للحفاظ على الأدلة المتعلقة بالجرائم المرتكبة من أجل المساعدة في تحديد الجناة.

كما حثَّ التقرير السلطات العراقية على التحقيق في الإدعاءات بشأن الانتهاكات والإساءات لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية والقوات التابعة لها خلال العملية العسكرية. ووثَّق التقرير مقتل 461 مدنياً نتيجة الغارات الجوية خلال المرحلة الأكثر عنفاً من الهجوم الذي قادته قوات الأمن العراقية ابتداءً من 19 شباط/فبراير. وفي كل الحالات تقريباً، لم تستطع يونامي ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تحديد الطرف المسؤول عن تنفيذ الغارات الجوية، لكن التقرير حثَّ على إجراء تحقيق شامل بشأن كل إصابات المدنيين التي يُعنى بها المجتمع الدولي ونشر النتائج علناً.

ودعا التقرير أيضاً حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان إلى ضمان إخضاع الجرائم المرتكبة ذات الصلة بالنزاع المسلح لاختصاص المحاكم والهيئات القضائية الوطنية. وحثَّ العراق على إدخال بعض التعديلات على التشريعات الوطنية من أجل منح الاختصاص في ما يتعلق بالجرائم الدولية وقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة إلى الحالة المحددة التي يواجهها العراق، كخطوة فورية.

وبمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب “الجرائم الدولية” في الموصل، أفاد التقرير أن السلطات العراقية سترسل بذلك رسالة إلى الشعب العراقي الذي قاسى المعاناة، بغض النظر عن الزمان والمكان، مفادها أن العدالة قد تمَّ تأمينها أخيراً، مضيفاً أن ضمان العدالة سيكون ضرورياً لعملية إعادة بناء الثقة بين المجتمعات المحلية في العراق والعامل الرئيسي لتحقيق مصالحة طويلة الأمد في البلاد.

للاطّلاع على التقرير، اضغطوا على الرابط التاليّ:
http://www.uniraq.org/images/factsheets_reports/Mosul_report%2017Oct2016-10Jul201731%20October_2017.pdf

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم تعيين السيدة أليس وولبول، من المملكة المتحدة، نائباً جديداً لممثله الخاص للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).

وستباشر وولبول مهامها خلفاً للمجري السيد جورجي بوستين، والذي أعرب الأمين العام عن امتنانه له لتفانيه في عمله منذ عام 2011 في دعم دور الأمم المتحدة في العراق.

وسترفد السيدة وولبول هذا المنصب بثروة من الخبرة الدبلوماسية وغيرها من الخبرات ذات الصلة، بما في ذلك خدمتها لمدة عامين بمنصب القنصل العام البريطاني في البصرة جنوبي العراق. وقد شغلت مؤخراً منصب سفير بريطانيا لدى مالي، وقبل ذلك لدى لكسمبرغ. كما شغلت مناصب مختلفة في لندن ونيويورك وبروكسل ودار السلام في وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية.

تخرجت السيدة وولبول في جامعة كامبريدج بمرتبة الشرف في الأدب الإنجليزي.

ولدت اوولبول في عام 1963 ولديها ستة أبناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد