ضرب زلزال بقوة 5.0 درجة مدينة كشمار في مقاطعة رضوي خراسان شمال شرق إيران ظهر يوم الثلاثاء، مما أسفر عن سقوط 4 قتلى وعشرات المصابين.
وقال حاكم كشمار، حجة الله شريعتمداري، إن الزلزال الذي وقع يوم الثلاثاء في المدينة، أدى إلى إصابة 120 شخصًا، تم نقل 35 منهم إلى المستشفى.
وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، وقع الزلزال على بعد حوالي خمسة كيلومترات من موغان بمقاطعة خراسان الرضوية، بينما قالت تقريرات بأن قوة الزلزال بلغت 5.0 درجة، وحدث على عمق ستة كيلومترات.
وتشهد إيران، التي تقع على خطوط صدع كبيرة، نشاطًا زلزاليًا متكررًا. ومن الأمثلة البارزة على ذلك ما حدث في نوفمبر عندما ضرب زلزال قوي بلغت قوته 7.3 درجة بالقرب من الحدود العراقية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 530 شخصًا وإصابة الآلاف.
الدول العربية “الأكثر عرضة للنشاط الزلزالي”؟
عززت كارثة زلزال المغرب التي أودت بحياة ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص، بخلاف المصابين، مخاوف واسعة لدى شعوب المنطقة العربية من خطرٍ مماثل قد يضرب بلدانهم، لا سيما وأن زلزال الحوز جاء بُعيد أشهر قليلة من زلزال 6 فبراير الماضي، الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا، مخلفاً حصيلة مفجعة من الضحايا، وبما يعكس حركة نشاط زلزالي في منطقة الشرق الأوسط عموماً.
مع تلك المعطيات تُثار عديد من التساؤلات؛ على رأسها التساؤلات المرتبطة بالدول العربية الأكثر عرضة للنشاط الزلزالي من واقع الجغرافيا وكذلك سجلات الزلازل القديمة، علاوة على مدى الاستعداد الاستباقي داخل تلك الدول للتخفيف من مخاطر الزلازل وآثارها والتعامل معها، في ضوء الكلفة البشرية والمادية الواسعة لكارثة الزلازل العنيفة.
نظرياً ومن الناحية الجغرافية، تقع عدة دول في المنطقة العربية داخل أو بحدود ثلاثة أحزمة زلزالية رئيسية، وهي:
الحزام الزلزالي الأسيوي-الأوروبي (يبدأ من جبال الهيمالايا – سلسلة جبلية تقع في آسيا، وتفصل سهول شبه القارة الهندية عن هضبة التبت- مروراً بكل من إيران والعراق وحتى باكستان، وانتهاءً بالقارة الأوروبية.
الحزام العربي-الأفريقي: عبر البحر الأبيض المتوسط، مروراً بالسواحل التركية، وكل من لبنان وسوريا والأردن، ووصولاً إلى مصر، وبما قد يمتد إلى دول المغرب العربي.
حزام صدع شرق القارة الأفريقية: يمتد من لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، ويصل حتى سلاسل جبال غرب البحر الأحمر وحتى أديس أبابا.
لا توجد دولة بمنأى عن الزلزال
لا توجد دولة من الخليج العربي شرقاً حتى المغرب العربي غرباً “بمنأى عن الخطر الزلزالي في الوطن العربي”، طبقاً للمشرف على مركز الدراسات الزلزالية ورئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض، الدكتور عبدالله محمد العمري، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، والذي يشير إلى أن هناك صفائح تكتونية نشطة بين فترة وأخرى، وبما يسفر عن زلازل مختلفة القوة.
ويُشار إلى أن الصفائح التكتونية، تمثل الطبقة الخارجية من سطح الأرض (الغلاف الصخري الليثوسفير، والذي يتكون من القشرة وطبقة الوشاح الصلب).
وتتحرك تلك الصفائح ببطء بين الغلاف الصخري والغلاف المائع من 2 سم إلى 15 سم في العام، ويصاحب ذلك نشاط زلزالي وبركاني فضلا عن تشكل التضاريس (مثل الصدوع والجبال والفوالق وغير ذلك، في عملية قد تستغرق ملايين السنين). وهناك تسع صفائح رئيسية بحجم القارات، وصفائح أخرى ثانوية متوسطة وصغيرة.
ويقول العمري إن:
“الصفيحة العربية تحدها خمسة حدود حركية وفيها تتصادم الصفيحة العربية مع الأوراسية، وينتج عنها زلازل في إيران
كذلك الصفيحة العربية تتصادم مع الأوراسية من جهة الشمال وتحدث بين الفينة والأخرى زلازل في العراق.
تتصادم الصفيحة العربية مع الصفيحة الأوراسية والأفريقية وتحدث الزلازل في تركيا مثلما حدث في فبراير الماضي.
إذا اتجهنا غرباً نجد أن الصفيحة الأفريقية تصطدم مع الصفيحة الأورسية في الشمال في المناطق قبالة قبرص وما حولها، وتنتج عنها زلازل في اليونان وبحر إيجة.
وبخصوص المغرب الغربي، فإن منطقة النشاط الزلزالي تزداد من الجزائر اتجاها للغرب (..) وتتعرض المنطقة لعديد من الزلازل مثل الأصنام في الجزائر في العام 1980 وزلزال أغادير في 1960 وزلازل أخرى عبر التاريخ.. وبينما الزلازل في هذه المنطقة نادرة الحدوث، لكن إذا ما وقعت عادة ما تكون كارثية كما حدث في الزلازل المذكورة والزلزال الحالي.
بالنسبة لخليج السويس، فلا تحدث بتلك المنطقة زلازل كثيرة، مقارنة بخليج العقبة، لا سيما وأن العقبة يربط البحر الميت بالبحر الأحمر.
إذا اتجهنا جنوباً نجد خليج عدن، حيث ثلاثة أذرع زلزالية تلتقي عند هذه المنطقة.
خطر متوسط القوة.. قوي من حيث التأثير
ويوضح المشرف على مركز الدراسات الزلزالية ورئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الخطر الزلزالي في المنطقة العربية “متوسط الحدوث”، لكن تأثيراته عادة ما تكون قوية نظراً لعدم الاستعداد التام في الوطن العربي لهذه الكوارث وكيفية التعامل مع الخطر الزلزالي بالشكل المطلوب، وفي ضوء انعدام الثقافة لدى المجتمع، فضلاً عن عدم توافر كود البناء في كثير من الدول العربية التي لم تأخذ بعين الاعتبار معاملات الأمان الزلزالي بدقة عالية.
ويتابع: “لا توجد حقيقة صرامة كافية في تطبيق كود البناء في الدول العربية مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة من أجل تخفيف مستوى الخطر الزلزالي، داعياً في الوقت نفسه إلى ضرورة تنظيم مؤتمرات سنوية وورش عمل تتعلق بتخفيف المخاطر الزلزالية، تخرج تلك الملتقيات بتوصيات محددة في مسألة تبادل المعلومات وعمل خرائط زلزالية موحدة، بدلاً من أن تعمل كل دولة عربية على حدة وبمنأى عن الدول الأخرى بما يهدد بنقص البيانات والمعلومات.
الصفيحة العربية
وبحسب هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، فإن “الصفيحة العربية” هي إحدى الصفائح المكونة للقشرة الأرضية، وتتحرك باتجاه الشمال الشرقي نتيجة لاندفاع مواد من باطن الأرض على طول أخدود البحر الأحمر الذي يتسع سنوياً بمعدل (15) مليمتر تقريباً ما يتسبب في حدوث عديد من الزلازل حول حدودها مع الصفائح المحيطة بها، كما نشاهد على امتداد حوافها الشرقية والشمالية الشرقية المشكلة لجبال زاجروس في إيران أو على امتداد حوافها الشمالية في تركيا.
والصفيحة العربية (Arabian Plate) تمثل منطقة جغرافية تمتد في جزء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتمتد من منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي ومن شمال تركيا إلى جنوب السودان.
هذه المنطقة هي واحدة من المناطق الأكثر نشاطا من حيث الزلازل في العالم بسبب تصادم صفيحة العربية مع صفيحة الهند وصفيحة أفريقيا. يعتبر نظام الزلازل في الصفيحة العربية معقداً وقد يسبب زلازل كبيرة ومدمرة.
موقف البلدان العربية على خارطة الزلازل
أستاذ ، الدكتور عباس شراقي الجيولوجيا والموارد المائية ، يحدد في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، موقف مجموعة من الدول العربية على خارطة النشاط الزلزالي، سواء لارتباط تلك الدول بفوالق ونقاط تلاقي الصفائح (الطبقة الصخرية الصلبة التي تحيط بالكرة الأرضية)، على النحو التالي:
تأتي سوريا في مقدمة البلدان العربية من حيث النشاط الزلزالي، لا سيما أنها مجاورة لتركيا التي تلي من حيث النشاط الزلزالي الدول الواقعة في الحلقة الملتهبة في المحيط الهادئ (مثل إندونيسيا واليابان). وتقع تركيا بالقرب من خطوط الصدع الرئيسية، وتتأثر بها سوريا كما حدث في زلزال 6 فبراير الماضي. كما أن سوريا لديها بعض الفوالق، لكنها تتأثر بشكل كبير بتركيا أيضاً بحكم الجوار.
المغرب من الدول التي تدخل في خارطة النشاط الزلزالي، لا سيما لوقوعه على البحر المتوسط، وهناك فواصل بين الصفيحة الأفريقية والصفيحة الأوروآسيوية، ولذلك معظم الزلازل هناك تكون على السواحل.
مناطق أخرى في المغرب تتأثر بالفوالق بسبب التقاء وضغط الصفيحة على الأفريقية على العربية (وهو الضغط الذي تسبب في طي الأرض وتكون الجبال المغربية).
علاوة على أن هناك فالقاً كبيراً من جبال الأطلس يبدأ من أغادير ويمتد بالقرب من مراكش ويصل في الداخل المغربي، نحو الجزائر والمتوسط .. ويشار إلى أنه حدث زلزال على نفس الفالق في أغادير سنة 1960 بدرجة 6.8.. الزلزال الحالي نشأ على نفس الفالق، ولكن بعيد عن أغادير ومراكش بحوالي 100 كيلومتر.
دول عربية أخرى يمكن اعتبارها أكثر عرضة للنشاط الزلزالي، منها اليمن وجيبوتي والصومال، في منطقة خليج عدن، وهذه منطقة نشاط زلزال (أقل درجة من المغرب).
تعد مصر ولبنان وسوريا وفلسطين والأردن، بمنطقة حزام الزلازل. (بسبب خليج العقبة والسويس والبحر الأحمر).. ويعد خليجا العقبة والسويس أكثر نشاطاً في هذا السياق.
مدينتا شرم الشيخ والغردقة في مصر ومنطقة البحر الميت في الأردن ولبنان وفلسطين أكثر عرضة أيضاً، نظراً لأنهم على الفالق امتداد الأخدود الأفريقي العظيم.
ويلفت شراقي إلى أن الزلزال يمكن أن يحدث في أية دولة وأي مكان، لكن بنسبة 90 بالمئة عادة ما تحدث الزلازل في المناطق التي تشهد التقاء صفائح أو فوالق، مضيفاً لقائمة الدول العربية الأكثر عرضة للنشاط الزلزالي كل من (مصر وليبيا والجزائر وتونس) لوقوعهم على البحر المتوسط، والفاصل بين أوروبا وأفريقيا، موضحاً أن هذا الفاصل يقطع المغرب نفسه، على عكس الوضع بالنسبة لمصر التي يبعد الفاصل عنها حوالي 700 كيلومتر من الشواطئ المصرية.
أما بالنسبة للدول الخليجية، فيقول أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية ، في معرض حديثه إنها بحكم قربها النسبي من إيران (التي هي دولة نشاط زلزالي) تتأثر، كما أنها مشابهة للحالة بالنسبة للبنان وفلسطين والأردن على البحر الميت.
وإيران هي واحدة من أكثر الدول عرضة للزلازل فى العالم ولها تاريخ معها حيث كان أسوأها عام 1990 حيث قتل أكثر من 40 ألف شخص.
ويُشار إلى أن الفوالق هي تصدعات أو شقوق تحدث في الصخور في القشرة الأرضية بفعل حركة انزلاق نسبي للكتل المتاخمة من طبقات الصخور الموجودة على جانبيها، سواء كانت هذه الحركة في الاتجاه الرأسي (أعلى/أسفل) أو الأفقي (جانبًا إلى جانب). يمكن أن تكون هذه الحركة نتيجة للضغوط والقوى التي تؤثر على القشرة الأرضية بفعل تحركات الصفائح التكتونية وغيرها من العوامل الجيولوجية.
اليابان تتعرض لزلزال بقوة 5.9 درجات الاثنين