قدمت، أمس الجمعة، حركة النهضة الإسلامية الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية التونسية برنامج الحكم للخمس سنوات القادمة من خلال وثيقة عرضتها على الشركاء المحتملين لتشكيل الحكومة المرتقبة.
وتعد هذه الوثيقة التعاقدية التي تقدمت بها النهضة بمثابة عقد يجمع الأحزاب على أرضية برنامج حكومي مشترك يتم بمقتضاه تشكيل الحكومة الائتلافية.
ولئن يرتكز برنامج الحكم الذي تضمنته الوثيقة التعاقدية التي أعدتها النهضة على عدة محاور اقتصادية واجتماعية وسياسية أهمها مكافحة الفساد وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة ومقاومة الفقر ودعم الفئات الهشة ومتوسطة الدخل وتطوير التعليم و الصحة والمرافق العمومية والنهوض بنسق الاستثمار والتشغيل واستكمال مؤسسات الدولة وتركيز الحكم المحلي فإن تمسك النهضة بتعيين رئيس للحكومة يكون من صلبها وفق الشرعية التي يمنحها لها الدستور سيجعلها في تحد كبير مع الأحزاب التي تتحاور معها لتشكيل الحكومة.
الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري أكد في تصريح لـ”سبوتنيك” أنه تم جراء مفاوضات رسمية مع حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب حول برنامج عمل الحكومة من خلال عرض الوثيقة التعاقدية وتبيان وجهات النظر بشأن الأولويات، مشيرا إلى مفاوضات أخرى ستجمع قيادات حركة النهضة بإتلاف الكرامة وحزب تحيا تونس والحزب الجمهوري للحصول على توافق بشأن تشكيل الحكومة المرتقبة حتى تضمن حزام سياسي وبرلماني كبير يمنحها الأريحية في تسيير أعمالها.
وقال الخميري إن هناك مساع للاتفاق حول هيكلة الحكومة ودمج بعض الوزارات بوزارات أخرى حتى تكون الحكومة القادمة حكومة انجاز تستجيب لمطالب الشعب ويكون رئيسها من النهضة.
ونفى الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إمكانية التحالف مع حزبي قلب تونس والحزب الحر الدستوري التزاما بتعهدات النهضة تجاه ناخبيها.
التيار الديمقراطي ثالث أكبر كتلة برلمانية بمجلس نواب الشعب حسب نتائج الانتخابات التشريعية اشترط توفير ضمانات ثلاثة لنجاح عمل الحكومة وللتحالف مع حركة النهضة أولها يتعلق بتعيين رئيس حكومة مستقل ذو كفاءة ومشهود له بالنزاهة، ثانيا أن يكون برنامج الحكومة متفق عليه بين مختلف الأحزاب التي ستشكل ائتلاف حكومي يكون متكاملا ويتضمن أهداف وآليات تنفيذ وتمويل لمعالجة واقع البلاد بدقة اجتماعيا واقتصاديا، ثالثا أن يخصص للتيار الديمقراطي ثلاث حقائب وزارية تتضمن اصلاح المنظومة الأمنية والقضائية والإدارية ومقاومة الفساد.
وأكد القيادي بالتيار الديمقراطي رضا الزغمي في تصريح لـ”سبوتنيك” أن حزب التيار الديمقراطي لا يصادر حق النهضة الدستوري في تعيين رئيس حكومة غير أنه في تلك الحالة لن يكون معنيا بالتحالف معها.
وثيقة تعاقدية ذات عناوين فضفاضة
القيادي بالتيار الديمقراطي رضا الزغمي قال إن حركة النهضة عرضت الوثيقة التعاقدية التي تضمنت برنامج عمل الحكومة المقبلة على حزب التيار غير أنها كانت مجموعة من العناوين العامة التي تحتاج إلى عمل كبير ومزيد من التدقيق حتى لا تكون شبيهة بوثيقة قرطاج ذات عناوين فضفاضة ومصادر تمويلها غير مدققة ولا تتضمن برنامجا مشتركا ولم تكن واضحة والحزب مازال بصدد مناقشتها وسيبدي فيها رأيه الأسبوع القادم.
وشدد الزغمي على موقف التيار الداعي إلى أن يكون رئيس الحكومة المقبلة مستقلا مشيرا في ذات السياق أن الحزب لن يقف حجر عثرة أمام الحكومة المقبلة حتى وإن لم يكن طرفا فيها.
حكومة الرئيس
حركة الشعب الشريك المحتمل لحركة النهضة في الحكومة القادمة مازالت متمسكة بموقفها بشأن رئيس الحكومة حيث أفاد عضو المكتب التنفيذي لحركة الشعب حافظ السواري لـ”سبوتنيك” أن الحزب متمسك بحكومة الرئيس أو حكومة أغلبية سياسية أي أن يكون رئيس الحكومة شخصية وطنية جامعة و ليست من صلب حركة النهضة وهو شرط أساسي لدخول حركة الشعب في الائتلاف الحكومي وأشار السواري إلى أن هناك تباعد سياسي في هذا الإطار بين حركة الشعب وحركة النهضة.
أما عما تضمنته الوثيقة التعاقدية التي طرحتها النهضة وتتعلق ببرنامج عمل الحكومة فقد أوضح عضو المكتب التنفيذي لحركة الشعب حافظ السواري أن غياب مقاربة سياسية تجمع النهضة وحركة الشعب على أرضية توافق واحدة يلغي بدوره الحديث عن برنامج حكم حيث لم تناقش حركة الشعب برنامج الحكومة أصلا، مشبها الوثيقة التعاقدية بوثيقة قرطاج التي كانت بمثابة إعلان مبادئ لا تعالج قضايا الواقع ولم ترسم آليات تنفيذ البرنامج الذي أعدته الأحزاب وقد انتهت بالفشل بعد أن انسحب منها حزب حركة الشعب وعديد الأحزاب الأخرى والمنظمات الوطنية.
وفي ظل رفض كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب المشاركة في حكومة تترأسها أو تشكلها حركة النهضة يؤكد المهتمون بالشأن السياسي في تونس أن النهضة قد تلجأ إلى تقديم تنازلات سياسية كبرى أو التحالف مع حزب قلب تونس للحصول على حزام سياسي داعم للحكومة مستبعدين سيناريو انتخابات تشريعية مبكرة قد يكون وقعها وخيما على البلاد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.