في ظاهرة غريبة ومفزعة جنوبي العراق، ظهرت مجموعة يطلق عليها “جماعة القربان”، والتي أثارت استغراب السلطات والمواطنين في محافظة ذي قار.
ولم تكن “جماعة القربان” معروفة سابقا، وعُرفت من خلال هتافاتها بالزيارات الدينية بجملة “علي الله.. الله علي”، والتي يرفضها رجال الدين وفئة كبيرة من العراقيين.
جماعة القربان لن يعترفوا بالله سبحانه وتعالى
والمثير للجدل في تصرفات تلك جماعة القربان ، هو عبادتهم للإمام علي (عليه السلام)، وإجراء قرعة بين الحين والآخر فيما بينهم، ومن يظهر اسمه يذهب قرباناً للإمام.
وبحسب مصادر محلية روّت لمنصات التواصل الإجتماعي عن تفاصيل عن تلك جماعة القربان ، فإن “عملية الانتحار، تعد طقسا لجماعة القربان، وأحد أفراد المجموعة أقدم على الانتحار شنقاً مؤخراً بواسطة حبل داخل أحد المواكب الحسينية في قضاء الناصرية التابع لمحافظة ذي قار”.
وأضافوا أنه “لغاية الآن سُجلت ثلاث حالات انتحار في ذات المكان”، مشيرين إلى أن “أفكار هذه الجماعة أثارت الرعب بصفوف المجتمع المحلي في محافظة ذي قار جنوبي العراق .
ولم تعلق السلطات بعد على الانباء حول حالات الانتحار تلك، وكذلك على المجموعة التي لا يزال يلفها الغموض.
.
موقف رجال الدين من هذه الظاهرة ؟
اما رجل الدين منتظر المياحي من محافظة ذي قار يرى، أن “هذه المجموعة غير معروفة على نطاق واسع، والحديث عنها لا يتم باعتبارها معروفة، اذ لا يُعرف لغاية الآن رئيسها مثلاً أو المنظرين الخاصين بها، كما ان تجمعاتهم تكون في السر، باعتبارهم مخالفين للأعراف والقوانين والأديان”.
من جهته، قال سكرتير خلية ازمة الانتحار في محافظة ذي قار علي الناشي الذي يترأس ايضا منظمة التواصل والاخاء الإنسانية، إن “مخاطر ظاهرة الانتحار اخذت تتفاقم وترتفع اعداد ضحاياها بشكل مضطرد عاما بعد آخر”.
وأشار، إلى أنه “عام 2016 على سبيل المثال سجلنا 48 حالة انتحار، فيما ارتفعت خلال العام التالي إلى 53 حالة”.
وبين الناشي، حسبما افالد به لمنصات التواصل الإجتماعي على أن “الحالات انخفضت في عام 2018 لتسجل 51 حالة انتحار، وعام 2019 سجلت 55 حالة”، مؤكدا تسجيل “قفزة في حالات الانتحار خلال عام 2020 لتصل الى 80 حالة وارتفعت في عام 2021 لتبلغ 85 حالة”.
هذا ولفت سكرتير خلية ازمة الانتحار في ذي قار، إلى أن “أعداد النساء المنتحرات تفوق قليلا اعداد الرجال اذ سجل عام 2016 انتحار 28 امرأة و20 رجلا، فيما سجل العام الذي يليه انتحار 28 امرأة و25 رجلاً”.
ومن الجدير بالاشارة ، إلى أن “ارتفاع حالات لانتحار الى 102 حالة عام 2022 ينذر بالخطر”، مبينا ان “حالات الانتحار المسجلة تقابلها اعداد مضاعفة من محاولات الانتحار الفاشلة التي تخشى الاسر الكشف عنها لاعتبارات اجتماعية او قانونية”.
وأكد، أن “العوامل والامراض النفسية واحدة من أبرز اسباب ارتفاع معدلات الانتحار التي تتمثل بالبطالة والفقر والتفكك الاسري وتعاطي المخدرات والاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي فضلاً عن غياب الرقابة الاسرية والقدوة في المجتمع الذي يمكن ان يكون ملهما لغيره ويؤثر بالجيل الجديد”.
بسبب “ضعف او غياب ثقافة العلاج النفسي في المجتمع والعزوف عن مراجعة اطباء الامراض النفسية او المراكز المتخصصة في هذا المجال عن “تسجيل المنظمة أيضاً ارتفاعاً في حالات الاصابة بالأمراض النفسية بين اوساط الشباب”
عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي
من جانبه، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي، إنّ “الحكومة مطالبة بتشكيل لجان ومراكز متخصصة بهدف الحد من انتشار ظاهرة الانتحار، فضلًا عن تقديم المساعدة النفسية للمحتاجين والذين حاولوا أو يحاولون الانتحار”.
وكشف البياتي، عن وجود العديد من حالات القتل التي تسجل لدى وزارة الداخلية والجهات الأخرى على أنها حالات انتحار، مبينًا أنّ “هناك تفاوت كبير بين الأرقام التي تعلنها الداخلية والأرقام التي يعلنها مجلس القضاء الأعلى”.
نسب الانتحار في العراق: أسباب عديدة
قال عضو المفوضية، علي البياتي في تصريح خاص إن “العراق سجل منذ عام 2003 الى 2014، 3.6% حالات انتحار لكل 100 ألف نسمة، ولكن الارقام ارتفعت بعد 2014 الى 4.2% لكل 100 ألف نسمة، ومن ثم تقلص العدد الى أن وصل 3.8 % في عام 2019، ثم ارتفعت النسبة من جديد نتيجة المتغيرات التي حدثت”.
وأضاف إن “العراق يسجل سنوياً ما يقارب 600 – 700 حالة انتحار، وحسب المعدلات العالمية أن لكل حالة انتحار يقابلها 2 محاولة انتحار فاشلة”.
ولفت عضو مفوضية حقوق الانسان الى، أن “الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التي يمر بها المواطن قد تدفعه المواطنين الى الانتحار “، مبيناً: “في ظل الأزمات الحالية التي يعيشها العراق نعتقد ان نسب حالات الانتحار ارتفعت بشكل مخيف”.
وأكد البياتي، أن “نتيجة دخول داعش الى العراق وانتشار فيروس كورونا وارتفاع الاسعار قد ارتفعت معدلات القتل تحت عنوان الشرف والتي تسجل ايضاً كحالات انتحار”.
وسجّل العراق زيادة كبيرة في حالات الانتحار التي تنتشر بين شريحة الشباب خصوصا، وبينما عزا مختصون ذلك إلى انعكاسات الوضع غير المستقر في البلد، دعوا إلى وضع الحلول لهذه الظاهرة الخطيرة التي تفتك بالمجتمع.
كما أثرت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، أبرزها الفقر والبطالة وانعدام الأمل بوجود تغيير إيجابي، مع استمرار حالة الأزمات السياسية في البلاد، وتعثر الحكومة بمعالجة ملفات الخدمات والسيطرة على مستويات الفقر والبطالة بعموم مدن العراق أيضا.
لماذا الانتحار حرام في الإسلام ولماذا ينتحر الناس
الانتحار حرام في الإسلام، وهو من كبائر الذنوب حسب نصوص القران والحديث. وكلمة (حرام) في الإسلام والقرآن تشير إلى ما حرم الله تعالى بنص القرآن ونهى عنه نبيه.
وفي الإسلام فإن المنتحرون الذين ينتحرون عمدا يذهبون إلى جهنم ويعاقبهم الله في الاخرة. لأن المنتحر عمدا يكون قد أتى عملا حراما نهى عنه القرآن والعياد بالله.
فحِفْظُ النَّفسِ مِن المَقاصدِ العُليا للشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، وقَتلُ النَّفسِ بغيْرِ حَقٍّ مِن أكْبرِ الكَبائرِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَريصًا على زَجْرِ المُسلمِ عنْ قَتلِ نَفسِه.
فقد قال الله عز وجل: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء:29]، وفي أية أخرى يقول عز جل: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة:195]، والانتحار هو قتل النفس عمدا.
ويقول ابن باز في تفسيره للآية، لا يجوز للإنسان أن يلقي بيده إلى التهلكة كأن يلقي نفسه من شاهق ويقول: أتوكل على الله أني أسلم، أو يتناول السم ويقول: أتوكل على الله أني أسلم، أو يقتل نفسه بالسلاح ويقول: أنا أتوكل على الله أني أسلم، كل هذا لا يجوز، يجب عليه التباعد عن أسباب الهلكة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (… من قتل نفسه بشيء فإن الله يعاقبه بما قتل نفسه به يوم القيامة). (الترمذي: 2636)
فقد جاء في سنن الترمذي في من قتل نفسه عمدا، حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك عن النبي ﷺ قال:
ليس على العبد نذر فيما لا يملك ولا عن المؤمن كقاتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله بما قتل به نفسه يوم القيامة. (سنن الترمذي: 2636)