وبدعوة من المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، عقدت في اسطنبول، يوم 20 نسيان/ ابريل، 2018، ندوة مهمة لمناقشة أثر استخدام اجهزة العد والفرز الالكتروني في نتائج الانتخابات النيابية التي سيشهدها العراق في الثاني عشر من شهر آيار/ مايو القادم، وما قد يتصل بهذا الاستخدام من ابعاد ومآلات محتملة. وكان المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية قد حرص على تحقيق نجاح موضوعي عبر برنامج الندوة والمساهمات النوعية المتوقعة من نخبة السيدات والسادة المشاركات والمشاركين الذين تنوعت خبراتهم واهتماماتهم بين العمل النيابي المباشر منذ العام 2005، والعمل التنظيمي السياسي ضمن الاحزاب والكتل العاملة، والعمل القانوني والدستوري العراقي الى جانب خبرات اخرى في مجالات الاعلام والامن والدفاع والعلاقات الدولية وتكنولوجيا المعلومات.ونظرا لما يحمله عنوان الندوة وموضوعها من أهمية مثيرة للجدل والنقاش في ايام ما قبل الانتخابات، فقد حظيت الندوة باهتمام واضح من القيادات الرسمية في بغداد، إذ تلقت الندوة في جلستها الافتتاحية تحيات السيد رئيس مجلس النواب الذي ارسل كلمة خاصة القيت بالنيابة عنه. كما حضر السيد المتحدث الرسمي باسم رئيس مجلس الوزراء الدكتور سعد الحديثي الذي القى ورقة مهمة في الجلسة الختامية اكد فيها مساعي الحكومة وحرصها على توفير اسباب نزاهة ونجاح الانتخابات بما يحقق نقلة نوعية عن التجارب السابقة.
جدول اعمال الندوة:
ارتكز جدول اعمال الندوة الى ثلاثة محاور رئيسية عرضت للبحث والمناقشة في جلسات ثلاث، تناولت الاولى منها تشخيص “الدوافع والهواجس” المتصلة باستخدام اجهزة العد والفرز الالكتروني في الانتخابات، بينما خصصت الجلسة الثانية الى استعراض ومناقشة “مواقف القوى السياسية من استخدام التقنية الجديدة”. اما الجلسة الثالثة، فقد انطلقت من السؤال الايجابي: “ما العمل”، من اجل رؤية تتجاوز الاشكالات المحيطة بمشروع استخدام اجهزة العد والفرز الالكتروني وما تقوم به المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من اجراءات اخرى.
تضمنت الجلسات مساهمات من أحد عشر متحدثا من مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية والفكرية في العراق.
وعلى الرغم من التحفظات والهواجس الجدية التي اثيرت اثناء المناقشات حول التجربة الجديدة التي ستشهدها الانتخابات العراقية القادمة، وما عرضه البعض من انطباعات ومعلومات غير مشجعة عن شركة Miru Systems الكورية التي وصفت بانها شركة شبحية لا يسهل الوصول اليها او معرفة كيفية الاتصال بها او الاستدلال الى مقر عملها الحقيقي. كما أثير تساؤل حول مبررات توقيع العقد في تركيا (!؟) وليس في العراق (الطرف المستورد) او كوريا (الطرف المصدر).. وكأن هناك حرص على تجنب نشر معلومات عن العقد المذكور. هذا بالاضافة الى عدم وجود شركة فاحصة في هذا التعاقد او في التعاقد الخاص بشركة اندرا الاسبانية التي تشرف على النظام والوسط الناقل والذي يعتمد محطة ارضية خارج العراق وليس داخل حدوده، الى جانب ملاحظات تفصيلية عديدة ذكرت بهذا الشأن مما يجعل موضوع الاجهزة الجديدة مصدر قلق بدل من ان يكون مصدر تطمين على سلامة الانتخابات،في وقت تتبنى فيه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حالة انكار وتتحدث عن “خطة ب” التي لا يصعب فهمها.
يلاحظ انه على الرغم من كل ما ورد على من ملاحظات سلبية فقد كان رأي الاغلبية في الندوة يميل الى تجنب ترويج اية افكار تزيد في احباط موقف الناخب وتؤدي الى احجامه عن المشاركة في الانتخابات، بل على العكس كان علينا ان نتبنى موقفا مشجعا يحث على اكبر مشاركة ممكنة لضمان افضل النتائج واكثرها عدلا ونزاهة. وهو ما تم التعبير عنه من خلال مجموعة من التوصيات الواردة في ادناه والتي تتناول ليس فقط اجهزة العد والفرز وانما تتناول ايضا كل ما يتصل بموضوع الانتخابات و شؤون المفوضية العليا، وكما ياتي:
1/ من حيث التشريعات
أ/ توصي الندوة بان يجري عرض ومناقشة وتشريع قانون الانتخاب خلال السنة الاولى من الدورة الانتخابية لمجلس النواب القادم.
ب/ ان يقوم مجلس النواب بانتخاب مجلس المفوضين للموفوضية العليا المستقلة للانتخابات في وقت مبكر من دورته الانتخابية القادمة وبما لا يتجاوز باي شكل من الاشكال السنتين الاولى منها.
2/ التاكيد على متابعة عمل المفوضية من قبل مجلس النواب واجهزة الحكومة المعنية ومنظمات المجتمع المدني الرقابية المتخصصة بهذا الشأن ووسائل الاعلام والكيانات السياسية وذلك للمساهمة لكشف السلبيات وتشخيص الاخطاء في عمل المفوضية باسلوب بناء بقصد الاصلاح في مسارات العملية الانتخابية وليس بهدف التسقيط او الاستهداف او دفع الناخب الى حالة اليأس والقنوط وبالتالي الاحجام عن المشاركة في العملية الانتخابية.
3/ على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان تغادر اية نزعة نحو ابقاء الجمهور غير مطلع على المعلومات والتفاصيل المتصلة بشؤون الاحزاب السياسية المجازة والمسجلة والكيانات المتنافسة، وان تعرض التفاصيل عن المرشحين قبل وبعد كل عملية انتخابية. لان الشفافية في هذا الامر بالغة الاهمية.
4/ على المفوضية ان تحرص على الانتقال بشكل تدريجي من الاسلوب التقليدي الى اسلوب المعالجة الالكترونية في فرز الاصوات وعدها، كما ان عليها ان تحرص على ان تؤمن لنفسها ولكوادرها، قبل التعاقد على شراء التقنيات الحديثة، كل اسباب الكفاءة في الاداء بين كوادرها وفي ادارة العملية الانتخابية على اساس التعامل مع التقنيات الجديدة المتطورة.
5/ اعرب المشاركون عن قناعتهم بجدوى اعتماد اسلوب الجمع بين الطريقتين الورقية والرقمية في التصويت للانتخابات القادمة لكي تكون هذه المرحلة في الانتخابات تجربة عملية تضمن مزيدا من الطمئنان الى النتائج وامكانية تدقيقها مع الاختبار العملي للاجهزة ومن ثم زيادة الثقة في استخدامها وغلق الباب امام اية هواجس في العمليات الانتخابية اللاحقة.
6/ ان المفوضية مدعوة الان، وهي تقدم على استخدام اجهزة العد والفرز الالكترونية، ان تؤمن استمارات معدلة للشكوى الانتخابية بما يؤمن شمول الاخطاء المفترضة او المتوقعة لاجهزة وصنايق الاقتراع الالكتروني.
7/ المفوضية مدعوة الى ان يكون بين المراقبين على الانتخابات اشخاص من ذوي الاختصاص في تكنولوجيا المعلومات خاصة ونحن مقبلون على عملية العد والفرز الالكتروني، وان تنظم لهؤلاء دورات تدريبية خاصة تجعلهم اكثر قدرة على التعامل مع الطرق الجديدة المعتمدة في الانتخابات. هذا الى جانب الاهتمام بالاختيار النوعي والتدريب الصحيح لكل المراقبين الذين تستعين بهم المفوضية.
8/ ختاما، عبر المشاركون عن قناعتهم بضرورة تجنب التعامل مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على اساس الشك والاتهام الدائم وعلى نحو شمولي قاطع بل ان علينا ان ندعوا الى معالجة ما تسببه التركيبة السياسية للمفوضية القائمة على المحاصصة من تعقيدات ومناكفات معطلة في عملها.