هكذا تحول الصدر إلى شرطي لقمع الاحتجاجات المناهضة للفساد وإيران

قبل أن تتأكد الأنباء والتسريبات عن تكليف محمد توفيق علاوي برئاسة الحكومة، كان مقتدى الصدر يدفع باتجاه التصعيد في ساحات الاعتصام، ويقسم أكثر من مرة إنه “لن يتحالف مع الفاسدين والميليشيات”.

لكن اجتماعا في قم، غير المعادلة.

بعد مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بصاروخ أميركي، خلا مقعد المهندس في قيادة الحشد الشعبي والفصائل، اجتمعت الفصائل المسلحة للبحث عن “رد” على اغتيال زعيميها، واشترك الصدر في الاجتماع.

ووفقا لما نشره موقع فارارو الإيراني في 22 يناير “كان اهتمام طهران بالصدر واضحا في اجتماعه الأخير مع قادة الجماعات المسلحة العراقية في مدينة قم بإيران. ففي 13 يناير، عقد مقتدى الصدر اجتماعا مع بعض قادة الحشد الشعبي العراقي، بهدف وضع حد للوجود العسكري (الأجنبي) في العراق”.

بعد هذا الاجتماع أعلن مقتدى تشكيل “المقاومة الدولية” ودعا أنصاره لتظاهرة مليونية في الجادرية، بعيدا عن ساحة التحرير.

بعد ذلك، دعا أنصاره للخروج من الساحة، وقال “لن أتدخل في التظاهرات سلبا ولا إيجابا”، وفعلا رفع أنصار الصدر خيمهم، وبدأت هجمات على المتظاهرين في الناصرية وبغداد وكربلاء والبصرة من جهات “مجهولة”.

لكن آلاف المتظاهرين انضموا إلى الساحة لإعادة زخمها، وهتفوا “شلع قلع والقالها وياهم” في تنديد بمواقف مقتدى الصدر المتقلبة.

بعد خمسة أيام من تعهده بعدم التدخل في التظاهرات، أنزل الصدر ميليشيات القبعات الزرقاء مجددا في الساحة، لكن هذه المرة بمهمة محددة وهي القيام بدور الشرطي لقمع التظاهرات.

“قضينا ليلة صعبة جدا” يقول المتظاهر سجاد أحمد في حديث لموقع “الحرة”.

“كان أعضاء القبعات الزرقاء يجلسون مجموعات أمام أبواب خيم اعتصامنا، وهم يحملون الهراوات ويحدقون بالداخل والخارج، ويأتون لتفتيش الخيم كل فترة والسؤال عن الناشطين الذين وجهوا انتقادات لهم أمام وسائل الإعلام”.

في نفس الليلة، استولى عناصر ميليشيا القبعات الزرقاء على بناية المطعم التركي، أزالوا منها صور ضحايا التظاهرات والأعلام العراقية وصورا علقها المتظاهرون للمرجع السيستاني.

وعلى مواقع التواصل شنت الحسابات الصدرية هجمة كبيرة ضد المتظاهرين، “كان الأمر واضحا، مقتدى يأخذ بثأر كرامته التي هدرها صراخ المحتجين ضده” يقول سجاد.

طوال ثلاثة أشهر أسعف الممرض سعد خليل (اسم مستعار)، عشرات الجرحى، نقلهم إليه سائقو التك تك من مناطق التوتر في محيط ساحة التحرير إلى خيمته الطبية في حديقة الأمة.

طوال هذه الفترة نشأت لديه صداقة مع أحد هؤلاء السائقين “اسمه عباس، أو عبسكة كما يحب أن نناديه، كان شجاعا وطاقته هائلة، يعمل لساعات في نقل المحتجين والجرحى، وأحيانا جثث قتلى المتظاهرين”، يقول سعد.

“أحد الذين نقلناهم كان من مجموعة القبعات الزرق، قتل بهجوم للميليشيات على ساحة التحرير قبل أسابيع في ما صار يعرف بمجزرة السنك”.

“كان عباس يبكي بكاء مرا يومها”، يقول الممرض، “عرفت إن له أصدقاء من الصدريين أصيبوا في “مجزرة السنك”، مضيفا “عباس كان صدريا، يرفع صورة صغيرة لمقتدى الصدر على مقود تكتكه، ويرتدي قلادة فيها رأس مقتدى برونزي على رقبته”.

يقول الممرض سعد خليل، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الحقيقي إن “الجرحى والقتلى كانوا يصابون برصاص مكافحة الشغب ودخانياتهم، ورصاص الميليشيات، وأحيانا هراوات الجيش والشرطة”، وأضاف “الآن أصبحنا نعالج جرحى المصابين بهراوات القبعات الزرق”.

“سكتت الحسابات الموالية للميليشيات وإيران، وسكت مسلحوها عن الاغتيالات والقتل والهجوم عن المتظاهرين، وأصبح الصدر وحده في مواجهة المتظاهرين الذين نزف أنصاره دماء معهم قبل أيام، على يد نفس الميليشيات التي يدعمها الصدر الآن”، يقول المحلل السياسي يوسف التميمي.

“لابد أن المكسب كبير مقابل خسارة كهذه، لن ينجح أي انقلاب بتدمير شعبية الصدر كما فعلت مواقف الصدر الأخيرة”، يضيف التميمي لموقع “الحرة”.

وتابع التميمي، “يبدو أن الصدر تعهد بفض الاحتجاجات التي أحرجت الحكومة والميليشيات، وهو يفعلها ببراعة كعادته، من الداخل”.

وكان أصحاب القبعات الزرق التابعين للتيار الصدري قد حاولوا الاعتداء الأحد، على المتظاهرين في العاصمة بغداد، وقال ناشطون إن “عشرات من عناصر القبعات، تهجموا على متظاهري ساحة التحرير في العاصمة”.

وطرد متظاهرون في كربلاء والبصرة والناصرية أصحاب القبعات، بعد أن حاولوا السيطرة على ساحات التظاهر، مما أشعل اشتباكات بالعصي والهراوات.

والاثنين قتل أول متظاهر بسكاكين ميليشيا القبعات الزرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد