أعلن مدير مستشفى سوروكا الإسرائيلي في بئر السبع الأحد أن وضع الرهينة المسنّة التي أفرج عنها من قطاع غزة ونقلت إلى المستشفى هي في وضع حرج وأن هناك خطرا يهدّد حياتها.
وقال الدكتور شلومي كوديش مدير مستشفى سوروكا الطبي للصحافيين إن “إلما أبراهام (84 عاما) الرهينة التي أطلق سراحها ووصلت إلينا، هي لسوء الحظ في حالة خطر صحي يهدّد حياتها”.
وأضاف “وصلت أبراهام إلى المستشفى في حالة بدنيّة سيئة وخطيرة، وهي تتلقّى العلاج في قسم الطوارئ”، موضحا أنها في “حال حرجة بعد إهمال خطير خلال الأسابيع القليلة الماضية أثناء احتجازها لدى حماس”، حسبما نقلت “فرانس برس”.
وأُعلِن مساء الأحد وصول 13 رهينة إلى إسرائيل في إطار اتّفاق الهدنة الموقّتة مع حركة حماس، ضمنهم أبراهام التي نُقلت مباشرة إلى مستشفى سوروكا بمروحية.
وتابع كوديش “ستُنقل أبراهام إلى وحدة العناية الفائقة حيث ستُواصل تلقّي علاج ملائم، إلى أن يتحسّن حالها ويستقرّ وضعها. إنها امرأة مسنّة لم تُعالج على ما يبدو بالطريقة المناسبة، وهذا مروّع”.
وشدّد على “الحاجة الآن إلى رعاية المرضى المسنّين من الذين كانوا محتجزين في أنفاق تحت الأرض لمدة سبعة أسابيع وسط إهمال طبّي تام وتجاهل لرعايتهم”.
ومن بين الرهائن الـ13 الذين أطلِقوا الأحد، نساء وأطفال إسرائيليّون ورجل يحمل الجنسيتين الروسية والإسرائيلية وثلاثة مواطنين تايلانديين، وفق بيانات أصدرتها حكومات مختلفة معنية.
تسليم رهائن الدفعة الثالثة من قلب غزة.. ما هي رسائل “حماس”؟
أثار إعلان حركة حماس إطلاق سراح الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيليين في ساحة فلسطين بقلب مدينة غزة، تساؤلات بشأن مدى نجاح الجيش الإسرائيلي في إحكام سيطرته على شمال القطاع، بعد نحو 50 يوما من اندلاع الحرب.
ووفق وسائل إعلام فلسطينية، جرت عملية تسليم الدفعة الثالثة من المحتجزين لدى حماس وسط مدينة غزة في الشمال، على عكس اليومين الماضيين حين تم التسليم في جنوب القطاع.
وجاء ذلك بعدما شهدت غزة قبل 5 أيام، معارك ضارية بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، وحينها أشارت تل أبيب إلى إحكام السيطرة والحصار على مدن الشمال.
وقالت حركة حماس في وقت سابق إنها سلمت للصليب الأحمر 13 رهينة إسرائيلية وثلاثة تايلانديين ومواطنا روسيا، نُقلوا تباعا إلى إسرائيل مقابل إطلاق سراح 39 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
ويرى محللون عسكريون ومراقبون تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن مشهد تسليم أسرى الدفعة الثالثة أقرب إلى “استعراض عسكري” يُظهر عناصر حماس وسياراتهم أمام العديد من المواطنين الفلسطينيين، في دلالة على تواجدهم حتى الآن في الكثير من مناطق الشمال وعدم تركها للقوات الإسرائيلية حتى الآن.
مشهد غير متوقع
اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، أن اليوم الثالث لتسليم الأسرى كان “مشهدا غير متوقعا”، ويمثل رسالة معنوية للشعب الفلسطيني في خضم الحرب ضد إسرائيل.
وقال الرقب في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن حماس “قامت بتسليم هذه الدفعة من الأسرى بوسط مدينة غزة، وهي من المناطق التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي عدّة مرات لكنه لم يُسيطر عليها، وبالتالي فخروج الحركة من هذه المنطقة رسالة مباشرة للجيش الإسرائيلي بأنها لا تزال تنتشر في مناطق الشمال ولم تنسحب منها على الإطلاق”.
وأضاف: “رأينا استعراضا ورسالة مهمة لإسرائيل أن كل ما فعلته في غزة لم يؤثر على جاهزية فصائل المقاومة وإصرارها على استمرارها في القتال، وكذلك تأتي للتأكيد على أنها لا تزال في الميدان وتقرر ما يحدث، وأن كل ما فعلته تل أبيب لم يقض عليها رغم مرور 50 يوما من الحرب”.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أن القوات الإسرائيلية كانت تهتم للغاية بأماكن خروج الرهائن ورصد تمركز حماس، وبالتالي جرى إخراج الأسرى من عدة مناطق سواءً من أقصى الجنوب، ثم من خان يونس، ثم في اليوم الثالث من ساحة فلسطين بقلب غزة
رسائل “حماس”
نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن حركة حماس رغبت من خلال الاستعراض الذي قامت به مع تسليم الدفعة الثالثة من الأسرى، إظهار أن اتفاق الهدنة كان في صالحها.
وحدد ملروي الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، رسالة حماس من ذلك في عدد من النقاط قائلا:
تأكيد قدرة الحركة على إطلاق سراح العديد من المعتقلين الفلسطينيين، وإدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية.
وجود أعضاء كتائب القسام في شمال غزة يعني أن إسرائيل لم تسيطر بشكل كامل على تلك المنطقة حتى الآن.
طالبت حماس بعدم السماح للجيش الإسرائيلي بتحليق طائرات الاستطلاع بدون طيار لأوقات محددة كجزء من الاتفاق، وهذا يمنحهم القدرة على تحريك مراكز قيادتهم، وإعادة تمركز قواتهم للحصول على ميزة تكتيكية على القوات الإسرائيلية، وربما نقل بعض الرهائن الذين لا يعتزمون إطلاق سراحهم إلى مواقع أخرى.
ومع ذلك يرى ملروي، أنه سيكون هناك الكثير من الضغط لتمديد هذه الهدنة من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والإسرائيليين لاستعادة المزيد من الرهائن.
واختتم حديثه قائلا: “سيبقى ما بين 50 و60 امرأة وطفلا كرهائن في نهاية فترة الهدنة الراهنة، وقد يعني ذلك أنه سيتم تمديد الاتفاق لمدة 5 أو 6 أيام أخرى
نتنياهو يحارب على جبهتين.. الثانية مرتبطة بمستقبله السياسي
داخل مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية أشرف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على عملية إطلاق سراح رهائن ممن تحتجزهم حركة حماس، بينما في الخارج تجمعت عائلاتهم في ميدان بتل أبيب حول بيني غانتس المنافس الرئيسي لنتنياهو على المنصب الأبرز سياسيا.
وطالب غانتس، قائد الجيش السابق وزعيم المعارضة الذي انضم إلى حكومة الحرب بقيادة نتنياهو الشهر الماضي، بوضوح من طاقم تصويرتلفزيوني إبعاد الكاميرا وتركه مع العائلات.
وفي مواجهة موجة ضخمة من الانتقادات بسبب الفشل في منع التسلل الصادم لحماس إلى إسرائيل في 7 أكتوبر، تجنب نتنياهو إلى حد كبير الأضواء أثناء خوض حرب على جبهتين إحداهما في مواجهة حماس والأخرى من أجل بقائه السياسي.
واحتفظ نتنياهو (74 عاما) منذ فترة طويلة بصورة السياسي الصارم أمنيا الحازم في مواجهة إيران مع دعم من الجيش يضمن عدم تعرض اليهود أبدا لمحرقة مرة أخرى، إلا أن ولايته شهدت الحادث الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الذي يعود إلى 75 عاما مضت.
ونبذ الإسرائيليون بعض وزراء حكومة نتنياهو، إذ يتهمونهم بالفشل في منع مسلحي حماس من الدخول من غزة في هجوم أسفر عن مقتل1200 شخص واختطاف 240 آخرين والغرق في حالة الحرب.
وفي وقائع منفصلة تعرض 3 وزراء على الأقل للسخرية والإساءة عندما ظهروا علنا، مما يسلط الضوء على حجم الغضب الشعبيإزاء الإخفاقات التي سمحت لحماس بتنفيذ الهجوم
ومن المتوقع أن يستفيد نتنياهو المعروف بلقب “بيبي” من الحرب التي ستؤدي إلى مزيد من التأجيل لمحاكمة مستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف العام يخضع لها بتهم فساد وتأجيل إجراء تحقيق حكومي متوقع في مسببات الهجوم المباغت الذي تعرضت له إسرائيل تحت قيادته.
وربما يأمل نتنياهو أيضا من خلال اختلاطه بالجنرالات من إنقاذ سمعته عبر إدارته للحرب وإعادة الرهائن بينما رفض الاعتراف بالمسؤولية ورفض سؤالا في مؤتمر صحفي نادر ما إذا كان سيستقيل.
لكن أنشيل فيفر كاتب السيرة الذاتية لرئيس الوزراء قال “مهما تمكن نتنياهو من البقاء في السلطة لفترة طويلة، فإنه لن ينقذ سمعته”.
وقال: “إنه الآن موصوم بشكل لا رجعة فيه بالفشل في منع مذبحة السابع من أكتوبر، بسبب استراتيجية السماح لحماس بالاحتفاظ بالسيطرة في غزة مع ما تمتلكه من ترسانة عسكرية وبسبب جهود الإغاثة المدنية غير الملائمة على الإطلاق من جانب حكومته منذ السابع من أكتوبر”.
وأضاف مؤلف كتاب (بيبي: الحياة المضطربة وأوقات بنيامين نتنياهو) الصادر عام 2018، إن الاستطلاعات في الأسابيع القليلة الماضية أظهرت أن الإسرائيليين يثقون في المؤسسة الأمنية وليس في نتنياهو في قيادة الجهود الحربية.
وقال إن “فشل السابع من أكتوبر هو إرثه. ولن ينسب إليه أي نجاح ستحققه إسرائيل بعد ذلك مهما كان”.
وجود غانتس في الحكومة يوفر الاستقرار لنتنياهو
انضم غانتس إلى حكومة حرب إسرائيلية شكلها نتنياهو بعد أيام من هجوم حماس لتوحيد البلاد وراء حملة للقضاء على الحركة الفلسطينية واستعادة الرهائن.
ويوفر غانتس، الذي قضى 40 عاما تقريبا في الجيش وينتمي لتيار الوسط، لنتنياهو وحزبه الليكود اليميني حكومة أكثر استقرارا ويقلل من تأثير الشركاء من اليمين المتطرف والتيار الديني في الحكومة الائتلافية.
ورغم أنهما ربما يكونا متحدين في الحرب، إلا أنهما على خلاف سياسي.
وعقد غانتس ونتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت من حزب الليكود مؤتمرات صحفية معا.
وأظهرت صورة لإحدى هذه المؤتمرات، والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، نتنياهو بمفرده بينما وقف غالانت وغانتس سويا على الجانب.
وأظهر استطلاع للرأي أُجري في 16 نوفمبر أن الحكومة الائتلافية، التي يقودها نتنياهو وفازت 64 مقعدا في انتخابات نوفمبر 2022، ستحصل اليوم على 45 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 عضوا مقارنة بسبعين مقعدا للأحزاب التي يقودها حزب الوحدة الوطنية بزعامة غانتس، وهو ما يكفي لتوليه السلطة.
وغالبا ما يُنظر إلى غانتس على أنه متشدد تجاه الفلسطينيين مثل نتنياهو، ولم يصل إلى حد الالتزام بإقامة الدولة التي يسعون إليها، لكنه دعم في الماضي الجهود المبذولة لاستئناف محادثات السلام معهم.