يعود العراق إلى أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي رافقته منذ 20 عاماً، فمنذ اللحظة الأولى التي دخل فصل الصيف بها على البلد، تفاقمت “الأوضاع المعيشية” وعاد المعاناة الى العراقيين.
تجهيز التيار الكهربائي شهد تراجعاً ملحوظاً في الأيام الأخيرة بالتزامن مع ارتفاع في درجات الحرارة، وهو ما سبب معاناة كبيرة للشعب العراقي الذي انتظر أن يكون هذا الصيف مغاير للسنوات السابقة، الا أن الآمال تبخرت بـ”رمشة عين”.
وقال عضو اللجنة، هاتف الساعدي، في حديث خاص ، إن “العراق يمر بأزمة حقيقية وأزلية ولا يوجد حل لمسألة الكهرباء، كما أن ملف الغاز الإيراني يعتبر وسيلة ضغط على الحكومات المتعاقبة”، مبيناً أن “الحكومات التي توالت لم تستثمر الأموال الكبيرة التي خصصت للكهرباء حتى بقية المواطن يعاني من انعدام التيار”.
وأشار إلى أن “قضية الكهرباء هي سياسية وخارج إرادة الحكومة”، مضيفاً “إذا بقي العراق يعتمد على الغاز المستورد دول الجوار أو قطر أو روسيا فأنه سيبقى يعاني من أزمة الكهرباء”، مؤكداً أن “الحل يكمن بالاعتماد على الغاز المحلي”.
وتابع، أن “العراق يحرق غازه يومياً ويقوم باستيراده من إيران”، موضحاً أنه “إذا كانت هناك إرادة سياسية فإن أزمة الكهرباء ستحل في غضون سنتين”، معتبراً “غياب الإرادة السياسية سبب الأزمة الأساسي”.
وأردف: “إيران تحتاج الغاز حالياً وهناك طلب عليه في الداخل الإيراني؛ بسبب ارتفاع الحرارة، بالإضافة إلى أن الأموال العراقية لم تصل إيران بسبب العقوبات”.
ودعا الساعدي، رئيس الحكومة محمد السوداني إلى “محاسبة المسؤولين عن الفساد في ملف الكهرباء ليكونوا عبرة لغيرهم”.
ولفت إلى أنه “من حق الشعب العراقي الخروج بتظاهرات بسبب انعدام الكهرباء والماء”، مؤكداً أن “التظاهرات قد تعم البلاد حال استمرت الأزمة”.
وأوضح عضو لجنة الطاقة، أن “هناك خططاً واعدة وخلال عام 2027 سيرتفع إنتاج العراق من الطاقة”، مستدركاً: “الربط الخليجي قادم وسيخفف من الأزمة”.
*غضب شعبي واسع
يحدث ذلك وسط استياء مواطنين وقوى سياسية من سبب عدم تقليل اعتماد بلادهم على الغاز الإيراني، وبحث بدائل أخرى إذ تنتج بغداد كميات كبيرة من الغاز تصاحب عملية استخراج النفط.
ويعاني العراق أزمة كهرباء خانقة خلال العامين السابقين، وصلت لانقطاع التيار في البلاد -عدا إقليم كردستان- بينما استهدفت أبراج ومحطات الطاقة عمليات تفجير وُصفت بالإرهابية، لكن لم تحدد دوافعها.
وبسبب الأزمة، لجأ المواطنون إلى المولدات الكهربائية، التي انتعشت أسواقها، وسط فقدان الأمل في صيف بكهرباء.
*موقف الحكومة
رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وبعدما تصاعدات الأصوات الشعبية والسياسية ضد الكهرباء وسط مطالبات بحل الأزمة بصورة سريعة، عقد اجتماعاً مع الجهات المختصة.المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في بيان ورد خاص ذكر، ان “السوداني يواصل اجتماعاته لمتابعة واقع إنتاج الطاقة الكهربائية، ووضع الحلول للأزمة الطارئة في إمدادات الشبكة الوطنية، حيث ترأس، مساء أمس الاثنين، اجتماعاً ضمّ الكوادر المتقدمة في وزارتي الكهرباء والنفط، وعدداً من المستشارين، وشهد الاجتماع مراجعة الإجراءات المتخذة لإيجاد الحلول البديلة والسريعة لمواجهة أزمة انقطاع الغاز الإيراني المستورد”.
أكد رئيس مجلس الوزراء، بحسب البيان، أن “الحكومة الحالية شخّصت، منذ استلامها المسؤولية، الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء، وعملت على وضع الحلول بثلاثة مستويات؛ الحلول الآنية والمتوسطة والبعيدة، حيث تمثلت الحلول الآنية بإكمال مشاريع الصيانة واستكمال المحطّات وتفعيل منظومات التبريد، وتنفيذ مشاريع فكّ الاختناقات المتعلقة بتوزيع الطاقة الكهربائية”.
وبيّن أن “الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تكللت بإيصال إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 26 ألف ميغا واط، وهو الإنتاج الأعلى بتاريخ البلد، لكنّ استقرار هذا الإنتاج كان مرهوناً بشرط استمرار الغاز الإيراني”، مؤكداً أن “العقوبات الأمريكية وعدم الالتزام بآلية دفع مستحقات الغاز المتفق عليها عام 2018، تسببتا بخفض التجهيز من الغاز الإيراني إلى أكثر من النصف، ما انعكس سلباً على منظومة الإنتاج الوطنية”.
وأضاف السوداني، أن “الحكومة ماضية بخططها المتوسطة المتمثلة بتنفيذ العقود المبرمة مع شركة توتال، وأيضا عقود تراخيص الجولة الخامسة التي ستُسهم بإيجاد البدائل للغاز المستورد.”
ووجّه رئيس مجلس الوزراء، بـ”العمل على إنجاز البدائل والحلول السريعة وبحث تزويد المولدات الأهلية بالوقود مجاناً أو بأسعار رمزية، مع الاستمرار بالجهود التي بدأتها الحكومة لاستيراد الغاز من تركمانستان وقطر”.
كما وجّه وزارة النفط بـ”ضرورة حسم ما تبقى من تراخيص الجولة الخامسة، والعمل مع الشركات العالمية لتطوير حقول الطاقة”، مشددا على “أهمية إسراع وزارة الكهرباء بالمضي بالاستثمار في محطات التوليد والإنتاج، والعمل بشكل عاجل على مشاريع توليد الطاقة الشمسية”.
بدوره، قال وزير الكهرباء زياد علي فاضل، أمس الاثنين، ان “وزارة الكهرباء حققت إنتاج طاقة هو الأعلى بمعدل 26 ألف ميغاواط”، مبينا، أن “انخفاض معدلات التجهيز جاء بسبب انقطاع أكثر من نصف الغاز المستورد من إيران عن المحطات الإنتاجية والذي تسبب بفقدان 5 آلاف ميغاواط بالإضافة إلى فقدان ألف ميغاواط من خطوط الربط التي تعرضت للإطفاء أيضا بسبب تأخر دفع المستحقات”.
تأذ وتابع، أن “معدلات إنتاجنا الحالية هي 20 ألفا و600 ميغاواط”، موضحا، أنه” بمجرد عودة الغاز سيرتفع معدل الإنتاج وتعود ساعات التجهيز كما كانت قبل”.
وذكر فاضل، أن” مباحثات كبيرة مع الجانب الإيراني ستعقد خلال أيام بشأن ذلك، ونأمل تفهمهم الوضع بالعراق”، معربا عن أمله أن “يتفهموا وضع المنظومة وارتفاع درجات الحرارة ويعيدوا كميات الغاز المورد”.
وأكد وزير الكهرباء، أن “وضع الطاقة سيعود كما كان طبيعيا”، موضحا، أن” وزارة كهرباء سددت الديون بالكامل، إلا أن القضايا المتعلقة بين مصرف الـTBI بسبب العقوبات الأميركية تمنع من تحويل المبالغ، وهذه المشكلة تدفع ثمنها وزارة الكهرباء والمواطن”.
من جانبه، حمّل الإطار التنسيقي في بيان ورد لصحيفة العراق، الإدارة الأمريكية مسؤولية تراجع تجهيز الطاقة الكهربائية.
“تشهد البلاد أزمة باتت تثقل كاهل المواطن العراقي بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة”.
وأضاف: “بعد المتابعة والتقصي وتبيان الأسباب يدعو الإطار التنسيقي الحكومة العراقية ومن خلال وزارة الخارجية الى الاتصال بالجانب الامريكي وحمله على الاطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الايراني دون تأخير او مماطلة، وعدم استخدام هذا الملف سياسيا لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي”.
*رد إيران
الجانب الإيراني أعلن في وقت سابق تسلمه جميع الديون المترتبة بذمة وزارة الكهرباء العراقية.
وقال رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية يحيى آل إسحاق، في الثالث من تموز/ يوليو الجاري، إن العراق قام بسداد المستحقات الإيرانية البالغة 10 مليارات دولار.
وأضاف رئيس غرفة التجارة، في تصريحات نقلتها وكالة “إرنا”، أنه جرى إيداع هذه المبالغ في المصرف العراقي للتجارة، بعد الاتفاق على صرف هذه المبالغ لشراء السلع التي لم يشملها الحظر المفروض على إيران.
في المقابل، تشهد إيران خلال الفترة الراهنة نقصاً في إنتاج الغاز المحلي بحسب تصريحات لمسؤولين إيرانيين.
وعلق السفير الإيراني لدى العراق، محمد كاظم آل صادق، أمس الاثنين، على ارتفاع وتيرة الأصوات العراقية المطالبة بإخراج ورقة الكهرباء عن الحسابات السياسية للإدارة الأمريكية تجاه الجانب الإيراني.
وكتب آل صادق، في تغريدة له على تويتر: “ترتفع وتيرة الأصوات الوطنية المطالبة بإخراج ورقة الكهرباء من التعامل السياسي الأمريكي واستغلاله لضرب الشعوب مع تزايد درجات الحرارة”.
وأضاف السفير الإيراني، أن “المطالب بتحقيق السيادة الاقتصادية للعراق، تضع الإصبع على الجرح، وتعتبر تشخيصاً دقيقاً للأزمة تستحق الشكر”، موجهاً شكره للحكومة العراقية على جهدها لـ”تحقيق المصالح المشتركة”.
وفي وقت سابق، نفت وزارة الكهرباء العراقية، الأنباء التي تحدثت عن إيقاف إيران تصدير الغاز للعراق بشكل نهائي، دون إشعار مسبق.
تحرك نيابي لاستضافة وزير الكهرباء خلال الايام المقبلة
ما ان حل فصل الصيف حتى زادت معه ساعات انقطاع التيار الكهربائي، الامر الذي دفع الاوساط النيابية بالتحرك نحو استضافة وزير الكهرباء خلال الايام المقبلة.
مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وبلوغ ازمة الكهرباء ذروتها، الموقف في البيت التشريعي يشبه تماما موقف الشارع الرافض لوضع الكهرباء المتردي والذي تعهد رئيس الوزارء من جانبه، وقال في بادئ تسنمه دفة الحكم بان المواطن في هذا العام سوف يلتمس التحسن في هذا القطاع لكن الواقع يشي بغير ذلك.
لجنة الكهرباء والطاقة النيابية من جانبها طالبت الحكومة بالضغط على اميركا لاطلاق اموال الغاز الايراني كما تستعد لاستضافة وزير الكهرباء للوقوف على اسباب ضعف ساعات التجهيز، لكن بالمقابل يرى نواب بان الاسباب سياسية اكثر مما هي فنية .