قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في عدد يوم الثلاثاء، ان المئات من عناصر داعش المنشقين عن التنظيم تجمعوا قرب الحدود السورية التركية في محافظة إدلب، وذلك استعدادا للعودة إلى بلدانهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبحسب تقرير للصحيفة فان عشرات المقاتلين السابقين في التنظيم نجحوا فعلا بعبور الحدود السورية التركية المشددة، إلى مدنٍ وبلدات حدودية في الأسابيع الأخيرة، وأضاف أن أربعة من عناصر داعش المنشقين من الجنسية السعودية وصلوا إلى المناطق الحدودية في مطلع الشهر الجاري، وذلك بعد دفعهم ألفي دولار أميركي للمهربين مقابل تخطي حراس الحدود الذين قتلوا عشرات المتسللين هذا العام وحده.
وأوضحت الصحيفة أن نزوح مسلحي داعش استمر من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم إلى أجزاء أخرى من سوريا والعراق طوال العام الماضي 2016، إذ فقد داعش جزءاً كبيراً من أراضيه في هجومٍ شنته القوات العراقية والجيش السوري وحلفائه، بمساعدة ودعم من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ونقلت “الغارديان” عن مواطن سعودي كان يقاتل مع التنظيم في سوريا بأواخر شهر آب الماضي، قوله إن “ما يصل إلى 300 من عناصر داعش السابقين، والذين يعد كثير منهم من السعوديين، أنشأوا مجتمعاً شمال مدينة إدلب، التي تسيطر عليها حالياً جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة”.
وأضاف “أبو سعد” البالغ من العمر 26 عاماً أن ” معظم المقاتلين يريدون المغادرة مثلي، ويدرك الكثير منهم أنَّ التنظيم كان يخدعهم، فيما لا يثق آخرون في النصرة، أغلب المنتمين السابقين لداعش يرون الآن أنَّهم كانوا ينتمون للفئة الباطلة”.
وتابع أن “المواطنين السعوديين، وكذلك بعض الأوروبيين والمغاربة والمصريين، تجمعوا معاً كمصد ضد جبهة النصرة التي تمارس نفوذها عبر إدلب، والريف المحيط، حيث لم يكن لتنظيم داعش وجود منظم في المنطقة منذ أوائل عام 2014″، لافتا إلى أنه لن يعود إلى السعودية إذا كان ذلك يعني الحكم عليه بالسجن.
وعن كيفية انضمامه للتنظيم قال “لقد ذهبتُ إلى سوريا في وقتٍ ما عام 2012، ذهبتُ لدعم الشعب السوري، وفي الشهور القليلة الأولى كنت ضمن المهاجرين، وهي مجموعة فرعية تتكون من المقاتلين الأجانب في التنظيم، ولم تقم وحدتي بمبايعة داعش سوى في وقتٍ مبكر من العام التالي، ولم يكن ذلك هو ما توقَّعتُه”.
وأشار “أبو سعد” إلى أنه “مع تحوُّل مصير التنظيم إلى الأسوأ، تزايدت التوتُّرات داخل صفوفه، إذ نُفِذت إعدامات سريعة بإجراءات موجزة استناداً إلى ذرائع واهية على نحوٍ متزايد، مثل العصيان أو القيام باتصالات مع مجموعات المعارضة السورية على حد قوله. وبمرور الوقت، احتدَّت النقاشات بشأن الأيديولوجيا والعقيدة”.
وأفاد بأن “وظيفته كانت تفتيش السجناء، وفي حال وُجدت انتهاكات، أبلغ عنها، وفي إحدى المرات في منبج، ظلَّت سيدة في زنزانة لمدة 13 يوماً دون مرحاض أو مياه للتنظيف، وكانت هناك لأنَّها هدَّدت بقتل رجلٍ قَتَل زوجها، ومع ذلك، كان هناك ما هو أسوأ من ذلك؛ فقد كان هناك أشخاص في السجن لم يرتكبوا أي خطأ على الإطلاق”.
وختم قائلا “في إدلب، كان هناك نحو 300 شخص يحاولون الهرب، الكثيرون منهم سعوديون، والبعض كان يرغب في رؤية عائلته للمرة الأخيرة، وقالوا إنَّهم سيتقبَّلون أي شيءٍ يحدث لهم بعدها، لا أعرف أي أحدٍ منهم يؤمن بتنظيم داعش، لقد فرُّوا جميعهم لسببٍ ما”.
وبينت الصحيفة البريطانية أن أعضاء سابقين في التنظيم قد عادوا بصورة مطردة إلى إدلب وطلبوا اللجوء منذ أواخر عام 2015، حيث أفادت تقارير بان “عشرات الآلاف من مقاتلي داعش قُتِلوا خلال المعارك في سبيل الاحتفاظ بالأراضي التي استولوا عليها من منتصف عام 2014، كما أن الآلاف من المتطرفين المحليين عادوا إلى مجتمعاتهم المحلية”.
من جهة ثانية أكد مسؤولون فرنسيون سراً، إنَّهم “يفضلون لو أن مواطنيهم الذين سافروا للانضمام إلى داعش قد ماتوا في ساحات المعارك، وإنَّهم لا يعتزمون دعم أولئك الذين يرغبون بالعودة الآن”، وقد عبرت دول أوروبية أخرى عن مشاعر مشابهة، حيث أصبح المُنشقون عن داعش في مرحلةٍ ما ذوي أهمية كبيرة لوكالات الاستخبارات التي لم تحقق سوى نجاحٍ محدود في اختراق التنظيم.
وختمت الصحيفة أن جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6)، والمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية (DGSE)، ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، أصبحت لهم إمكانية أكبر للوصول إلى العملاء الذين التقوهم داخل مناطق السيطرة الكردية في شمال شرق سوريا وإقليم كردستان، وقد تركت إمكانية الوصول إلى هؤلاء العملاء ومعلوماتهم الفورية للمنشقين النازحين عن التنظيم نفوذاً أقل على الحكومات التي كانت لتوافق على الحديث معهم إذا ما كانت الظروف استمرت على حالها.
وكان مراقبون أشاروا في وقت سابق، إلى ان أعداداً كبيرة من المسلحين وأسرهم يحاولون الآن مغادرة الدول التي دمرتها الحروب تماماً، الأمر الذي يشكل تحديات كبيرة لمجتمع الاستخبارات العالمي، الذي ينظر إلى المنتمين السابقين لداعش باعتبارهم تهديداً معادياً لا يمكن التعامل معه، ويرى أنَّ إعادة إدماجهم بالمجتمع أمرٌ صعب.