في الأول من تموز، تحتفل أغلب العائلات العراقية بأعياد ميلاد آبائها وأجدادها، كما يحتفل أكثر من نصف العراقيين الذين ولدوا في هذا اليوم، وهو أول يوم من النصف الثاني للسنة.
قصة عيد ميلاد نصف العراقيين
كان العديد من العراقيين القدماء، لا سيما من مواليد الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات والستينيات، لا يبادرون لتسجيل أبنائهم الجدد في سجلات دوائر النفوس إلا بعد وقت طويل، فتراهم يُخمنون أعمار أولادهم عند تسجيلهم في دوائر النفوس لغرض إخراج شهادة ميلاد (تسمى الجنسية) إذا ما أرادوا الدخول إلى المدارس.
حكاية الأول من تموز
في عام 1957، أجرت دائرة الأحوال المدنية العراقية، عملية إحصاء للسكان، بعد أن استعانت بخبرات أميركية في حينها، وقتها ترك ملايين العراقيين خانة اليوم وشهر الميلاد فارغة، ما دفع دائرة الأحوال المدنية لتوحيد المواليد المجهولة تحت تاريخ الأول من تموز، واعتبرته يوم ميلاد كل عراقي لم يُسجل في دائرة النفوس العراقية قبل ذلك التاريخ.
لماذا اختارت دائرة الأحوال المدنية العراقية، تسجيل ميلاد العراقيين بتاريخ الأول من تموز؟ سبب ذلك يعود إلى أن يوم تسجيل العراقيين في إحصاء عام 1957 صادف في أول يوم من شهر تموز، لذلك اعتمدت الدائرة هذا اليوم لتسجيلهم كحل وسط، وذلك بحسب عالم الاجتماع العراقي المعروف، الراحل علي الوردي.
السؤال الآخر، هو لماذا كان العراقيون لا يسجّلون أولادهم عند ولادتهم آنذاك؟ لأن معظم العراقيين قبل إحصاء سجل الأحوال المدنية عام 1957 كانوا لا يسجلون مواليدهم، خاصة من الذكور خشية إلحاقهم بالخدمة الإلزامية، فكان يسجل أكثر من مولود باسم واحد ليؤدي أحدهم الخدمة الإلزامية بالنيابة عنهم جميعا، وفق المفكر وباحث الاجتماع العراقي، فالح عبد الجبار.
حتى بعد إجراء إحصاء عام 1957، استمر العديد من أبناء الشعب العراقي ، وخاصة ممن يسكنون بالأرياف والمناطق النائية بعدم تسجيل أولادهم في سجلات الدولة، واستمر هذا الأمر تقريبا حتى مطلع السبعينيات، وحينما كانوا يضطرون لتسجيل أولادهم، فإنه عندما فتتم مراجعة دائرة النفوس، يقدّر موظف النفوس يوم الميلاد، الأول من تموز، باعتباره اليوم الأول من نصف السنة أولا، وعطفا على قرار إحصاء عام 1957 ثانيا.
طرائف 1 تموز
طرائف عديدة حدثت مع مواليد الأول من تموز في العراق، واحدة منها، هي أن وفداً عراقياً رسمياً زار إحدى البلدان في تسعينيات القرن الماضي، وعندما وصلوا إلى المطار لتدقيق جوازات سفرهم، رفضت السلطات هناك إدخالهم بحجة “تزوير” جوازاتهم؛ لأن جميع أعضاء الوفد هم من مواليد الأول من تموز!
حينها لم يحل الأمر، إلا بعد تدخل السفارة العراقية في ذلك البلد، وتواصلها مع السلطات المعنية، إذ أوضحت لهم قصة مواليد الأول من تموز، لتوافق على دخولهم، كما يذكر الحكاية العديد من العراقيين، ناهيك عن تداولها في وسائل إعلام متعددة.
ثمة طرفة أخرى حصلت، وهي أن وفداً عراقياً زار اليابان، وبقيت جوازات سفرهم لدى الفندق الذي مكث فيه الوفد، وحين عاد الوفد إلى الفندق بعد انتهاء مهمته فوجئ بقيام إدارة الفندق بعمل عيد ميلاد للوفد الذي تبيّن أن جميع أعضاءه من مواليد الأول من تموز، وهو الأمر الذي فاجأ اليابانيين لتوافق ميلاد الوفد العراقي في يوم واحد، وفاجأ الوفد العراقي الذي لم يتوقع أن يقيم اليابانيون حفلا لذكرى ميلادهم.
وعادة ما تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، تهنئة جماعية بسبب كثرة من يحتفلون بعيد ميلادهم في هذا اليوم الأول من تموز، ما دفع بعض الناشطين المدنيين إلى تقديم مقترح لاعتبار هذا اليوم مناسبة وطنية يحتفل بها الجميع، لكن ذلك المقترح لم يلق أي تجاوب معه إلى الآن.