شهد الصومال مجزرة مروعة في هجوم لحركة “الشباب” الإرهابية على قاعدة عسكرية كبيرة تضم قوات الاتحاد الإفريقي، بينما تستغل الحركة المتطرفة الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد لأجل توسيع نفوذها.
ووفق وسائل إعلام محلية فإن مسلحين مدججين بالسلاح من حركة “الشباب” هاجموا القاعدة البوروندية في الباراف، على بعد حوالي 160 كيلومترًا شمال العاصمة مقديشو، من اتجاهات مختلفة فجر الثلاثاء.
وأشارت إلى أن انتحاريًا بسيارة ملغومة اقتحم البوابات الرئيسية للقاعدة، مما سمح لباقي العناصر بدخول المعسكر، حيث اشتبكوا في قتال عنيف مع جنود الاتحاد الإفريقي لمدة ساعة تقريبا.
وبينما كشف الجيش البوروندي عن مقتل عشرة جنود بورونديين وإصابة 25 بجروح وفقدان خمسة آخرين ومقتل 20 مهاجما، زعمت حركة “الشباب” في بيان نُشر على حساب تابعة لها، أن عناصرها قتلوا 59 جنديًا أثناء سيطرتهم على القاعدة، لكن السلطات لم تؤكد هذه المزاعم ولا عدد الضحايا المحتملين، وهذه هي المرة الثانية التي تنفذ فيها الحركة هجوما على المعسكر ذاته هذا العام.
وتعقيبا على الواقعة، قال الأكاديمي الصومالي، عبد الولي شيخ محمد، إن هناك عدة عوامل مجتمعة وراء تنامي إرهاب حركة “الشباب” الإرهابية بينها عوامل خارجية وأخرى داخلية.
وأضاف شيخ محمد، في تصريحات أن العوامل الخارجية، من بينها انسحاب القوات الأميركية، مثلت ضربة قاصمة في ظهر القوات الحكومية التي تقاتل عناصر “الشباب”، وكذلك انتهاء تفويض بعثة “أميصوم” وإحلال قوة جديدة وغيره من عدم الاستقرار، وقطع الاتحاد الأوروبي جزءا كبيرا من تمويله لبعثة الاتحاد الإفريقي.
وأشار إلى أن نجاح حركة طالبان في السيطرة على أفغانستان كان بمثابة محفز كبير لكافة الجماعات الإرهابية حول العالم وبينها الشباب في الصومال، مما أدى لتكثيف هجماتها وزيادة الضغط على الأجهزة الأمنية ومن ثم السيطرة على بعض المدن.
أما العوامل الداخلية، وفق شيخ محمد، فإنها تتمثل في الخلافات السياسية بين قادة الصومال ومحاولات رئيس البلاد، محمد عبد الله فرماجو، إلى تمديد ولايته بأي طريقة وهو ما استغلته الحركة الإرهابية في توسيع رقعة تواجدها، من جراء عدم الاستقرار السياسي.
وأوضح أن الحركة استغلت انشغال البلاد خلال الفترة الماضية بالانتخابات والخلافات حولها وما نتج عنه من فراغ أمني، حيث تركز مؤسسات الدولة على الأوضاع السياسية أكثر من تركيزها على تعزيز الوضع الأمني.
وجاء الهجوم في الوقت الذي أدى فيه الصومال اليمين الدستورية للبرلمان الجديد في 14 أبريل، ومن المتوقع إجراء انتخابات رئاسية في وقت لاحق من هذا العام، بعد أكثر من عام من التأخير بسبب الأزمة السياسية.
وأدان الاتحاد الإفريقي الهجوم الذي وصفه بالشنيع ضد قاعدة لقواته في الصومال من قبل عناصر حركة “الشباب” الإرهابية وأسفر عن مقتل جنود بورونديين، مشيدا بالدور الذي تقوم به قوات حفظ السلام البوروندية بالبعثة.
وجدد، في بيان، التأكيد على أن هذا “الهجوم الشنيع لن يقلل من تصميم قوات نظام بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال”، مشددا على “التزام التكتل المستمر والثابت بدعم الحكومة والشعب الصوماليين في سعيهم لتحقيق السلام والأمن المستدامين”.
كما دعا رئيس المفوضية، موسى فكي محمد، المجتمع الدولي إلى زيادة الدعم المقدم للأجهزة الأمنية الصومالية بما يتناسب مع التحديات الأمنية المطروحة.
“أتميس” بدلا من “أميصوم”
وفي مطلع أبريل الماضي، صوّت مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه على تشكيل قوة جديدة تابعة للاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال تتمثل مهمتها في مكافحة إرهاب حركة الشباب حتى نهاية 2024.
وحلتّ القوة الجديدة التي أُطلق عليها اسم “أتميس” محل القوة السابقة “أميصوم” (مهمة الاتحاد الإفريقي في الصومال)، ويبلغ عدد أفراد هذه القوة الجديدة 20 ألف عسكري وشرطي ومدني، سيخفض بشكل تدريجي إلى الصفر بحلول 31 ديسمبر 2024.
وسيتم في مرحلة أولى خفض العدد بمقدار 2000 جندي بحلول 31 ديسمبر 2022 ، ثم عمليات خفض متتالية في نهاية كل مرحلة (مارس 2023 وسبتمبر 2023 ويونيو 2024 وديسمبر 2024) وفقاً لنص القرار.